رواية حجر الشيطان الفصل التاسع عشر19العشرون20بقلم شاهنده


رواية حجر الشيطان 

الفصل التاسع عشر19العشرون20

بقلم شاهنده

فتحت زينة عينيها لترى أنها ليست بغرفتها..وإنما بغرفة أخرى تعرفها وتعرف صاحبها جيدا.. أغمضت عينيها مجددا بقوة وهي تتذكر كيف جاءت إلى تلك الغرفة..تشعر بالندم على ضعفها وخوفها واللذان أحضراها إليه..كما كانت تفعل بالماضى..ولكن بالماضى كانت تظن أنها تلجأ لحبيبها أما الآن فهي تدرك جيدا أنه ليس ذلك الحبيب..إذا لماذا بحق السماء لجأت إليه؟؟ترى إن استدارت الآن ستجده يطالعها بعشق كما كان يفعل بالماضى أم سترى عينين مليئتين بالسخرية؟
..يالسخافتها..بالطبع الاحتمال الأخير هو الأرجح..فتحت عينيها..واستدارت ببطئ لتتسع عينيها دهشة وهي ترى مكانه الخالى..ثم مالبثت أن تحولت دهشتها لخيبة أمل..تلعن قلبها الذى ظن للحظة أنه من الممكن أن يكون بجوارها ينظر إليها بعشق كما كان يفعل بالماضى..لابد من أنه عند استيقاظه ورؤيتها نائمة بجواره قد ظن أنها تريد أن توقعه مجددا بشباكها..كم هو مخطئا..ظلمها بالماضى ومازال يظلمها حتى الآن..
تأملت الوسادة التى كان ينام عليها بحنين لتمد يدها وتنتزعها برقة تضمها إليها وكأنها تضمه هو.. تستنشق رائحته العالقة بها وهي تغمض عينيها لتهمس بكلمة واحدة:
بحبك.
ثم فتحت عينيها تنظر إلى وسادته قائلة بعتاب وهي تشير إليها بإصبعها وكأنها تحادثه هو:
صحيح زعلانة منك ويمكن مش هقدر أسامحك بس من جوايا عارفة إنى لسة بحبك..كان نفسى تحبنى نص الحب اللى حبيتهولك يامروان..بس مع الأسف..مش كل اللى نفسنا فيه بيتحقق.
نظرت إلى الوسادة نظرة أخيرة قبل أن تعيدها إلى مكانها وهي تتنهد بحزن لتنزل من السرير وتتجه بخطوات حزينة مكسورة إلى خارج الغرفة.
******************
قال ياسين بقلق:
فيه إيه يامروان ؟قلقتنى مش عادتك يعنى تيجى الشركة وبدرى أوى كدة.
زفر مروان وهو يجلس على المقعد المواجه لياسين قائلا :
مش عارف ياياسين..حسيت انى مخنوق أوى ومضايق..وعايز أتكلم مع حد..وانت عارف إنى مليش حد غيرك أتكلم معاه.
قال ياسين ومازال القلق يغلف نبراته لرؤيته مروان القوي والذى لا يؤثر به شئ بذلك الضعف:
اتكلم يامروان ..فضفض باللى جواك ياأخويا..إيه اللى تاعبك بس؟
نظر مروان إليه قائلا:
لسة بحبها..ومبقتش قادر ياياسين أستحمل بعدها عنى.
تراجع ياسين قائﻻ فى هدوء:
عارف..شفت الحب فى عينيك ومن أول يوم..وحذرتك من قربها منك لإنك أكيد هتضعف..بس انت مسمعتش الكلام..وآدى النتيجة.
قال مروان بضيق:
أنا مش جايلك تأنبنى ياياسين ..أنا جايلك تشوفلى حل.
قال ياسين:
الحل فى ايديك ..خرجها برة حياتك..إبعدها عنك.
نظر مروان إليه يشعر بروحه تزهق وهو يفكر فى أنها من الممكن أن تتبعد عنه مجددا ليقول بحزم:
مش هقدر..مستحيل هعمل كدة.
مال ياسين شابكا اصابع يديه أمامه على طاولة المكتب قائلا:
يبقى مفيش حل تانى غير إنك تتجوزها..بس ياترى هتقدر تنسى هي عملت فيك إيه زمان..هتقدر تنسى هي كانت شغالة إيه عند عدنان؟هتقدر تنسى كل ده يامروان؟
هز مروان رأسه فى ألم قائلا:
لأ طبعا مش هقدر أنسى.
تراجع ياسين فى مقعده قائلا:
حيرتنى معاك ياصاحبى.
فرك مروان وجهه بيديه ثم قال:
أنا كمان محتار ومش عارف أعمل إيه..تعرف ..إنبارح جاتلى الأوضة زي زمان..ونامت جنبى..أكيد كانت خايفة ..بس كان لازم ما أضعفش ..كان لازم أطردها برة أوضتى ..بس مقدرتش..ومقدرتش أمنع إيدى وهي غصب عنى بتروحلها عشان تضمها جوة حضنى ولما صحيت الصبح..وشفتها نايمة جنبى بملامحها البريئة نسيت كل حاجة عملتها وافتكرت بس حبى ليها اللى مالى قلبى وقربت منها هصحيها واعترفلها إنى لسة بحبها وانى محتاجلها فى حياتى..أعترفلها إنى محسيتش إنى عايش من تانى غير بوجودها هي وفارس فى حياتى..لقيت حاجة جوايا بتمنعنى ..حاجة بتسألنى ..هتقدر يامروان تعيش مع واحدة مبتحبكش..هتقدر تعيش مع واحدة خايف فى يوم تتخلى عنك زي ما اتخلت عنك زمان..مقدرتش أتحمل دوامة الأسئلة واللى لقيتها بتلفنى بسرعة ..قمت علطول وجيتلك..ولقيت عندك نفس أسئلتى واللى ملهاش إجابة..وحقيقى مش عارف اعمل إيه ولا أتصرف إزاي؟
قال ياسين:
سافر.
عقد مروان حاجبيه ليستطرد ياسين قائلا:
أيوة سافر..روح مع فتون النهاردة بدالى سفرية بيروت وامضى العقد مع صاحب الشركة هناك..منها تبعد عنها شوية يمكن تلاقى إجابات أسئلتك ومنها.....
صمت ياسين وقد كاد يقول أنها فرصة لكي يبتعد هو أيضا عن فتون ولكنه تراجع قائلا:
ومنها أتابع أنا شغلنا هنا.
نظر إليه مروان نظرة متفحصة وهو يقول:
انت خايف من إيه ياياسين؟
قال ياسين بارتباك:
أنا..خايف؟هخاف من إيه بس؟
قال مروان بهدوء:
دى مش عشرة يوم ..دى عشرة سنين فى المعتقل..يعنى أنا عارف كويس ..امتى بتكون خايف وامتى بتكون قلقان أو العكس ياياسين.
زفر ياسين قائلا:
مش هكدب عليك ياصاحبى..زي ما انت خايف من قربك من زينة ..أنا كمان خايف من قربى من فتون واللى بيعلقنى بيها كل يوم أكتر من اليوم اللى قبله.
قال مروان فى دهشة:
طب وايه المشكلة؟ما تتعلق بيها؟
ظهر الحزن جليا على ملامح ياسين وهو يقول:
حاسس انى بخون ميسون بتعلقى بفتون يامروان..ده غير انى خايف أكتر أكون متعلق بفتون عشان بس فيها روح ميسون.
مال مروان للأمام يقول بحزم:
فتون مش ميسون ياياسين..أنا يمكن مشفتهاش بس وصفك ليها بيقوللى كدة..فتون شخصية قوية جدا مش زي المرحومة..اسمعنى وافتح قلبك ..مش معقول هتفضل عايش على أشباح الماضى وقافل قلبك..ومش راضى تدخل واحدة تانية حياتك عشان متظلمهاش معاك..صدقنى هينتهى بيك الأمر وانت عايش وحيد بتندم على إنك مفتحتش قلبك للحب من جديد.
أطرق ياسين برأسه للحظات ثم رفع رأسه يواجه بعينيه مروان وهو يزفر قائلا:
مش هقدر اوعدك إنى هقدر بس هوعدك إنى أحاول.
ليتراجع فى مقعده قائلا فى جدية:
المهم..سيبنا من فتون وزينة وخلينا فى عدنان وسوزى..مفيش أخبار جديدة؟
قست عينا مروان وظهر الكره فى نبراته وهو يقول:
صحيح عدنان شيطان بس سوزى طلعت حية..عمايلها السودا معايا زادت وحسابها تقل أوى ولازم أصفيه.
نظر إليه ياسين بدهشة قائلا:
ليه ..عملت إيه الحرباية دى تانى؟
تراجع مروان فى مقعده وهو يزفر قائلا:
هحكيلك ياياسين..هحكيلك.
*******************
كان مروان خارجا من حجرة مكتب ياسين فكاد ان يصطدم بفتاة ولكنه تفادى ذلك الاصطدام بأعجوبة لتتسع عينيه بدهشة حين تعرف على الفتاة وهو يقول:
مش معقول..دارين؟
ابتسمت دارين وهي تتأمله قائلة:
ازيك يامروان..أخبارك إيه؟
ابتسم مروان قائلا:
أنا كويس..انتى كمان اخبارك إيه..اختفيتى فجأة ومبقتش اشوفك ولا أسمع صوتك زي زمان..كنتى مسافرة ولا إيه؟
قالت دارين فى عتاب:
ما انت لو كنت بتسأل كنت عرفت اذا كنت مسافرة ولا لأ..عموما ياسيدى..أنا مكنتش مسافرة ولا حاجة.
لترفع ذلك الملف بيدها قائلة:
أنا بس اشتغلت هنا فى الشركة..وعشان كدة كنت مشغولة حبتين.
قال مروان بابتسامة :
بجد اشتغلتى هنا..ألف مبروك يادارين..طب مش كنتى تقوليلى ..كنت وصيت المدير عليكى ..أصله صاحبى الروح بالروح.
ابتسمت دارين قائلة:
لأ ياسيدى شكرا ..هو متوصى بية لوحده ومخلينى مش عارفة حتى أشرب فنجال قهوتى من كتر الشغل اللى حاطه فوق راسى.
قال مروان بابتسامة:
لأ اذا كان على فنجال القهوة فاسمحيلى أكلمهولك وأستأذنه نخرج فى أى كافيه نشرب أحلى قهوة لاتيه لأحلى دارين.
نظرت دارين إليه قائلة فى دهشة:
انت لسة فاكر انى بحب القهوة اللاتيه يامروان؟
قال مروان بإبتسامة:
أنا مبنساش حاجة ابدا يادارين..انتى متعرفنيش كويس ولا إيه؟
ابتسمت دارين قائلة:
لأ عارفاك كويس طبعا..انت اللى مبقيتش تعرفنى على فكرة ..أنا بشربها دلوقتى بلاك ومع الأسف كان نفسى أخرج معاك نشرب القهوة فى أي مكان بس فيه ميتنج مهم دلوقتى و مش هقدر أكنسله..فرصة تانية باذن الله.
ابتسم مروان قائلا:
أكيد..أنا همشى بقى عشان معطلكيش ..سلام.
أومأت براسها محيية بينما غادر مروان تتبعه عينا دارين التى مالبثت أن هزت رأسها بابتسامة وتابعت سيرها غافلة عن عيون اشتعلت غضبا وقلبا ثار من الغيرة ..ذلك القلب الذى كان شاهدا على هذا اللقاء والذى رأى أنه ليس لقاءا عاديا على الإطلاق.
*********************
كان ياسين يجلس على مقعد الطائرة المتجهة الى بيروت..يحاول التركيز على تفاصيل تلك الصفقة والتى تظهر بياناتها على شاشة اللاب الخاص به..ولكنه لم يستطع..فوجود فتون الى جواره يتسلل إليه عطرها الهادئ يفقده التركيز تماما..يسترق النظر إليها كل فترة ليراها تنظر الى الفضاء بالخارج فى شرود ليعاود النظر الى الشاشة والتركيز على عمله فلا يستطيع..إلى جانب مروان وما يمر به حيرة وألم ..يشابهان الى حد كبير ما يمر به هو شخصيا وان اختلفت الظروف بالطبع..أفاق من أفكاره على رأس فتون والذى مال على كتفه فجأة ليدرك أنها ذهبت فى سبات عميق..أغلق شاشة اللاب فى هدوء وعدل من وضع رأسها على كتفه حتى تشعر بالراحة أكثر ليتناثر شعرها ويخفى وجهها..مد يده الأخرى وأزاح شعرها ببطئ خلف أذنها لتلامس يديه نعومة بشرتها رغما عنه وينتفض قلبه بشدة داخل أضلعه..يستدعى كل قوته كي لا يميل على وجنتها يختطف قبلة ترضى بعضا من مشاعر قوية تجتاحه فى تلك اللحظة..ليجد نفسه يميل باتجاهها رغما عنه يحول افكاره إلى واقع..ليتوقف فى جمود حين سمعها تغمغم قائلة:
نبيل.
عقد حاجبيه وهو يتراجع برأسه يستند على المقعد خلفه يشعر بالغضب يسرى فى كيانه..تجتاحه غيرة قاتلة لنطقها اسمه فى منامها ..ليشعر بأن ما بين الشريكين مشاعر أكثر مما تعترف بها فتون..ليتساءل فى قلق عن صحة ظنونه..فلو كان ظنه صائبا..فجرح قلبه تلك المرة سيكون عميقا جدا ..فرغم تلك الفترة الصغيرة والتى عرف بها فتون..إلا أنها استطاعت ان تحتل جزءا كبيرا من قلبه..ان لم يكن قلبه بالكامل..والدليل على ذلك ما يشعر به الآن من غيرة تكاد تفتك به..نعم لابد ان يعترف بأنه وقع فى الحب وبشدة..ولكن يبدوا أن قدره يعانده مرة أخرى.
الفصل العشرون20

عاد مروان إلى المنزل فاستقبله فارس بأن جرى فورا إليه يضمه من خصره وهو يقول :
وحشتنى أوى ياآنكل مروان.
ابتسم مروان وهو يضمه ثم ينزل على ركبتيه ليصبح فى مواجهة فارس يقرصه بخفة فى وجنته قائلا بحنان:
انت كمان وحشتنى يافارس..عملت إيه فى غيابى؟
هز فارس كتفيه قائلا:
معملتش حاجة ..حتى ماما تعبانة ومرضتش تلعب معايا زي كل يوم.
ألقى مروان نظرة شاملة لمحيطه فلاحظ غيابها ليقول بصوت خفيض:
تعبانة مالها وهي فين دلوقتى؟
قال فارس:
قاعدة فى أوضتها طول النهار..بتقول عندها صداع.
أومأ مروان برأسه متفهما ..ثم قال :
تمام..طب انت اتغديت؟
أومأ فارس برأسه قائلا:
من زمان.
ليبتسم مروان قائلا:
طيب روح انت دلوقتى إلعب ع التاب وأنا هخلص شوية شغل وآجى ألعب معاك بلاي ستايشن..ماشى؟
صفق فارس بيديه جزلا قائلا:
ماشى ياآنكل هستناك.
وقف مروان واضعا يده على مقدمة شعر فارس يبعثر شعره بحنان ليغادر فارس مبتسما يتابعه مروان بعينيه بابتسامة مماثلة قبل أن يتجه إلى غرفة المكتب ليدلف إليها ويغلق بابها خلفه بهدوء.
********************
استيقظت فتون تشعر بالدفئ يحيطها لتجد نفسها مستندة برأسها على صدر رجل يحيطها بذراعه..لتحرك رأسها تشعر براحة غريبة..وكأنها تحلم..لتدرك فجأة انها لاتحلم وأن وجوها بين ذراعيه واقع..فقد عرفت هويته على الفور من عطره الذى تسلل إلى أنفها..اعتدلت على الفور فتركها تخرج من محيط ذراعه..استرقت النظر إليه تشعر بالخجل فوجدته لا ينظر إليها بل ينظر قبالته تبدو ملامحه جامدة لا تعكس أي شئ..قالت متلعثمة:
أنا..يعنى ..آسفة لو كنت ضايقتك.
لم ينظر إليها قائلا ببرود:
محصلش حاجة.
عقدت حاجبيها تتعجب من بروده وتباعده..تتساءل عن السبب..وما الذى حدث ما بين نومها واستيقاظها ليجعله على تلك الحالة الغريبة..هزت كتفيها فى حيرة لتنظر الى ساعتها ثم قالت:
لسة أدامنا ربع ساعة قبل ما نوصل بيروت..الوقت اتأخر أوى ياياسين..ومش هتلاقى حجز فى فندق كويس دلوقتى وانا شقتى فاضية ومحدش موجود فيها حتى دادة محسنة مبتجيش غير الصبح بس.. تروق البيت وتمشى.
نظر إليها قائلا فى جمود:
تفتكرى ياسين تاج الدين هيسافر من غير مايكون عامل حسابه ومجهز كل حاجة..أنا حجزت خلاص فى سيزر بارك.
رفعت فتون إحدى حاجبيها قائلة :
سيزر بارك مرة واحدة..ماشى ياسيدى..عموما أنا عرضى لسة موجود ولو مرتحتش ودى حاجة مستحيلة طبعا ..فشقتى موجودة وتحت أمرك فى أي وقت.
أومأ برأسه قائلا ببرود:
تمام..ياريت بقى نسيب موضوع الشقة والفندق على جنب ونركز فى الديل اللى احنا جايين عشانه..مش هنقبل بأقل من عشرين فى المية من نسبة الأرباح..وده شرطنا الوحيد وغير قابل للتفاوض.
تجاهلت فتون بروده وهي تومئ برأسها قائلة:
تمام ..متقلقش..وليد صاحب الشركة فريند لية من زمان وأكيد هيقبل بالديل اللى احنا هنقدمهوله.
جز ياسين على أسنانه فى غيرة قائلا:
هيقبل عشان ده ديل مناسب أوى بالنسبة له ..فرصة مش هتكرر..مش عشان سيادته صديق سعادتك..مفهوم؟
أومأت برأسها قائلة بهدوء :
أوكيه..تمام..انت متعصب كدة ليه بس؟
قال ياسين فى عصبية:
انا مش متعصب ولا حاجة انتى هتعصبينى بالعافية.
نظرت فتون حولها قائلة بصوت خافت:
تمام..خلاص ..اهدى..الناس بتبص علينا.
أشاح ياسين بوجهه بينما اعتدلت فتون ونظرت الى الفضاء بالخارج ترتسم على شفتيها ابتسامة منتصرة تخللتها مشاعر سعادة فعلية لشعورها بغيرته عليها..لتعقد حاجبيها وهي تنفض تلك المشاعر وتركز فقط على ما جاءت إلى بيروت كي تحققه..نعم عليها ان تفعل ذلك فقط.
********************
كان مروان يجلس عل مقعده شاردا بتلك التى تجلس فى غرفتها ..لا يدرى أتتظاهر بالمرض كي تتجنبه أم أنها فعلا مريضة؟..ليصاب بالقلق عند تفكيره بهذا الإحتمال..يود لو ذهب الآن ليراها ويطمأن عليها ولكنه قاوم تلك الرغبة فى قلبه..لتقع عيناه على اللاب توب الخاص به..ويظهر الحل فى عقله فجأة لتلتمع عيناه..وهو يسرع بفتح اللاب يبحث بين الملفات على تحميلات الكاميرات الخاصة بالفيلا..تردد لثوان يخشى ان تكون الآن تبدل ثيابها او أنه يخترق خصوصيتها بشكل ما..ولكنه أسكت ضميره بحجة انه حقا يود الاطمئنان عليها وبالفعل ألقى نظرة على تسجيل الكاميرا الخاص بحجرتها..ليجدها جالسة بسريرها شاردة فى أفكارها..تضع أصابعها فى فمها تقرض أظافرها كعادتها عندما تكون قلقة..ليبتسم وهو يدرك أنها لم تتغير ..مازالت هي كما هي..زينة عبد الكريم..تلك المرأة التى عشقها وعشق تفاصيلها..لينفض أفكاره بعنف وهو يوبخ نفسه مذكرا إياها بأن تلك المرأة ليست تلك البريئة التى أحبها بل إمرأة أخرى قامت بالتخلى عنه فى أزمته ثم باعت نفسها من أجل المال ..باعت جسدها لمن يدفع أكثر..لينتابه الغضب ويغلق شاشة اللاب بعنف..يغمض عينيه بألم لتمر صورتها الرقيقة بمخيلته ..تضعفه مجددا وتجبره على فتح شاشة اللاب مجددا و العودة إلى تسجيلاته..يتساءل عن رد فعلها اليوم حين استيقظت ولم تجده بجوارها..ترى هل حزنت أم لم تهتم؟بالطبع الاحتمال الأرجح أنها لم تهتم..ولكن كان لديه أملا صغيرا فى أن يجدها قد حزنت ولو قليلا..لتبحث أنامله بسرعة عن التسجيلات لحجرته فى ذلك الصباح..حتى وجده..لينظر إليها وهي تتململ فى نومها ثم تستيقظ وتظل هكذا لثوان مصابة بالجمود..أحس بخيبة الأمل وكاد أن يغلق الحاسوب مجددا ولكنه توقف حين رآها تتفقد مكانه بقلق ثم تظهر على ملامحها خيبة الأمل مغلفة بالحزن..انبثق الأمل داخل صدره خاصة وهو يراها تحمل وسادته تستنشق عطره فى حنين ظهر على ملامحها لتكون المفاجأة حين حركت شفتيها بكلمة أحبك..لتتسع عينا مروان بصدمة..يتساءل عن صحة تصريحها بحبه..فإن كانت حقا تحبه فلن يهمه سوى تلك الحقيقة..وليذهب كل شئ بعدها إلى الجحيم..ان كانت حقا تحبه فتبا لماض لن يهمه..فلن يهمه سوى أنها الآن تكن له تلك المشاعر الصادقة والتى رآها على وجهها..ليفيق من أفكاره على صوت طرقات على الباب ليأمر الطارق بالدخول وهو يغلق اللاب..دلفت دادة تحية قائلة:
سوزى هانم برة وطالبة تقابلك ياابنى.
قست عيناه حتى صارتا قاتمتين وهو يقول بوعيد:
دخليها يادادة..ومتخليش حد يقاطعنا.
أومأت تحية برأسها وهي تغادر ليقول مروان بقسوة:
جيتى لقضاكى ياسوزى..استعدى للضربة الجاية واللى هتكون أول مسمار فى نعشك.
*******************
دلفت دارين إلى حجرة مكتب نبيل بعد أن سمعته يسمح لها بالدخول.. لتظهر على شفتيها تلك الابتسامة الرائعة وهي تقول :
صباح الخير يامستر نبيل.
رمقها نبيل قائلا فى برود:
صباح الخير.
لاحظت دارين بروده على الفور..لتختفى ابتسامتها تدريجيا وهي تقول:
فيه ميتنج لحضرتك النهاردة مع مستر توفيق الساعة ٢ ..تحب الميتنج يكون فين؟
نظر إلى الأوراق أمامه يتظاهر بتفحصهم وهو يقول:
اتصلى بيه وخليه هو اللى يحدد المكان..بس ياريت المكان ده ميكونش بعيد عن الشركة.. واتفضلى دلوقتى على مكتبك ومتدخليش حد علية عشان براجع ورق مهم ومش عايز أي ازعاج ..مفهوم؟
اومأت برأسها قائلة فى خفوت:
مفهوم.
نبرة صوتها الضعيفة أجبرته على رفع عينيه إليها ليلمح لمعان عينيها قبل أن تلتفت مغادرة فى هدوء ليزفر وهو يترك الأوراق من يده ويمرر يده فى شعره بعصبية..يدرك أن لمعان عينيها من الدموع التى تمنعها عن النزول بصعوبة..ويدرك أنه السبب ..فهو يعاملها بجفاء منذ البارحة..وهي رقيقة لا تتحمل..ولكنه فقط يحمى قلبه الذى رأى أن لا مكان له فى قلبها وأن عليه أن لا ينجرف فى مشاعره تجاهها أكثر من ذلك بل عليه الابتعاد كلية عنها..حتى وان اضطر للسفر إلى لبنان وترك تلك الخطة الانتقامية بالكامل.
********************
قال هارون بهدوء:
زي ما قلت لحضرتك أخدها على الدكتور ورجعوا تانى..وتانى يوم راح لياسين الشركة ورجع الفيلا ومن ساعتها مخرجش .
عقد عدنان حاجبيه قائلا:
وسوزى فين؟مفيش أخبار عنها؟
قال هارون:
اللى عرفته من رجالتى .. إنها موجودة هناك دلوقتى ياباشا.
طرق عدنان على مكتبه بقوة قائلا بغضب:
ولما هي هناك دلوقتى ..مقلتليش من الأول ليه..ولا لازم اسألك بنفسى على كل حاجة ياهارون.
قال هارون بإرتباك:
لأ طبعا..أنا كنت هقول لحضرتك حالا..بس انت سألت الأول.
تراجع عدنان فى مكتبه قائلا:
انت جرالك إيه ياهارون؟..أنا منبه خمسين مرة..الأخبار توصلى أول بأول..أوامرى تتنفذ بالحرف..الشغل معايا حاجة تانية وانت عارف ..لو مش أدها سيبها وغيرك يمسكها..اللى احنا داخلين عليه مش سهل ولا قليل..ومينفعش فيه الاهمال أو اننا نغفل عن أي تفاصيل..مفهوم؟
قال هارون بضيق:
مفهوم يافندم.
قال عدنان بحزم:
أول ما سوزى تخرج من عنده تتصل بيها تجيلى حالا.
أومأ هارون برأسه قائلا:
حاضر ياباشا..أي أوامر تانية.
أشار له عدنان بالذهاب ليغادر هارون وعيناه تنطقان بالشر ليقول بهمس حاقد:
بعد السنين دى اللى قضيتها معاك وإخلاصى وشغلى اللى سندك وعلاك..وخلاك عدنان باشا المسيرى..بتقوللى لو مش أدها غيرك يمسكها..صدق من سماك شيطان..بس أنا برده مش قليل..وإذا كنت انت شيطان فأنا جنى..وهنشوف ياعدنان مين اللى هيسيبها وغيره هيمسكها..هنشوف ياعدنان.
تعليقات



<>