رواية حجر الشيطان الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14بقلم شاهنده


رواية حجر الشيطان 

الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14

بقلم شاهنده

اندفع مروان باتجاه دادة تحية التى جلست على مقعدها فى وهن..ليقول بقلق:
دادة تحية ..انتى كويسة؟
رفعت دادة تحية عينيها اليه قائلة :
أنا كويسة ياابنى..متقلقش.
ثم نظرت الى زينة التى وقفت بجوار مروان وهي تقول بعتاب:
ليه بس يابنتى قلتيله ؟..أنا مش قلتلك متقوليلوش.
قالت زينة بأسف:
والله يادادة غصب عنى....
قاطعها مروان وهو يجلس على ركبتيه يمسك بيدي تحية بين يديه قائلا فى عتاب:
ازاي بس مكنتيش عايزانى أعرف يادادة..انتى متعرفيش غلاوتك عندى ولا ايه؟انتى بقيتى فى مكانة أمى الله يرحمها..وقلقى عليكى وعلى صحتك زي ماتكونى هي تمام.
ابتسمت دادة تحية وهي تقول بحنان:
الله يرحمها يامروان..ربنا يعلم انك كمان بقيت ابنى اللى مخلفتوش..ربنا يخليك لية ياحبيبى ويباركلى فى عمرك.
نظرت زينة اليهما وقد اغروقت عيناها بالدموع..ترى معاملة مروان لدادة تحية لتدرك أن مروان من الممكن أن يحمل عاطفة لأحدهم ولكن بالتأكيد لم ولن يحملها لها..أفاقت من افكارها على صوت مروان يقول بحزم:
أنا هتصل بالدكتور سعد ييجى يطمنى عليكى يادادة.
قالت تحية بنفي:
ملوش لزوم يامروان..هي أيام بقضيها قبل ما أقابل رب كريم.
جلست زينة على ركبتيها بدورها تقول فى لهفة وهي تمسك يد تحية:
بعيد الشر عنك يادا.....
توقفت عن الكلام وهي تنظر بصدمة الى يدها التى بدلا من ان تضم يد دادة تحية وجدتها تضم يد مروان المتمسكة بيد الدادة..لتشعر بارتجافة هزت كيانها..تشعر بحرارة يديه التى انتقلت الى يديها ثم الى وجنتيها..و اللتان اشتعلتا وأصبحتا كالجمرة الحمراء.. وجدت نفسها ترنو بعينيها باتجاه مروان لتتوقف الثوانى وهي تجده قريبا منها يتأمل وجنتيها المشتعلتين بعيون غائمة بالمشاعر ثم يرمقها بنظرة طويلة حملت لها ذبذبات قوية هزت كيانها ..تاهت بين ثنايا تلك المشاعر التى حملتها عينيه إليها..كانت ظلال لمشاعر عديدة مضت..ذكرها هذا الرجل الغارق فى ملامحها الآن بذلك الرجل الذى وقعت فى حبه بالماضى..ظلا هكذا يتبادلان نظرات تحمل توقا وعشقا..ليتحول العشق فجأة ويصبح لوما ثم حنقا ليكون مروان هو أول من يشيح بنظراته عنها فأفاقت من سحر نظراته لترفع يدها ببطئ عن يده ..تشعر بالبرد فجأة وهي تنهض بسرعة قائلة بارتباك وموجهة حديثها إلى تحية:
أنا ..هطمن على فارس وأرجعلك علطول يادادة .
قالت دادة تحية بابتسامة حانية:
روحى يابنتى.
غادرت تتبعها عيون مروان ليفيق من شروده على صوت تحية وهي تقول بحنان:
هي دى زينة اللى حكيتلى عنها يامروان..صح؟
نكس مروان رأسه فى حزن قائلا:
أيوة هي.
مدت دادة تحية يدها لترفع بها ذقنه فتواجهها عيناه الحزينتين..لتقول بهدوء:
لسة بتحبها؟
نهض مروان فى عصبية وهو يمرر يده فى رأسه قائلا فى ضيق:
مش عارف يادادة ..المفروض ميبقاش فى قلبى غير مشاعر الكره من ناحيتها..بس غصب عنى بلاقى قلبى بيحنلها..كل ماعينى تيجى فى عنيها بلاقينى بشتاق لذكريات بحاول امحيها من قلبى وعقلى بس مش قادر..مش قادر يادادة.
حاولت دادة تحية النهوض فلم تستطع وكادت ان تسقط ليسرع مروان باسنادها مجددا كي تجلس على كرسيها..وهو يقول بقلق:
يادادة انتى شكلك تعبان أوى..انا هكلم الدكتور ييجى يطمنى عليكى.
كاد ان يغادر كي يحضر هاتفه من حجرة مكتبه ولكنها استوقفته وهى تمسك بذراعه قائلة فى ضعف:
استنى يامروان واسمعنى.
عاد اليها مروان يجلس مجددا على ركبتيه لتقول هي بهدوء:
اسمع يامروان من واحدة شافت كتير فى حياتها وعرفت اكتر..زينة اللى حكيتلى عنها مش زينة اللى عرفتها أنا..يمكن كانت كدة زمان بس اللى أنا متأكدة منه انها اتغيرت..زينة اللى حكيتلى عنها قاسية ومعندهاش قلب..انما زينة اللى عرفتها واللى أدامى دلوقتى طيبة وغلبانة أوى وكل اللى محتاجاه إيد تطبطب عليها..يمكن شافت كتير واللى شافته غيرها..بس اللى انا متأكدة منه كمان انها بتحبك.
نظر اليها مروان باستنكار لتقول بتأكيد:
زي ما بقولك كدة..بتحبك..وتعرف ايه الشئ الغريب فى قصتكم دى؟
عقد حاجبيه لتستطرد قائلة:
ان هي كمان بتقاوم حبها ليك..زي ما بتعمل بالظبط يامروان.
ظهر التفكير على وجه مروان لثوان ..يتساءل عن كلمات تحية والتى أثارت داخل عقله العديد من التساؤلات..والشكوك..لينفض أفكاره التى تضعفه مجددا وهو يدحض كل شكوكه فلو كانت تحبه ماتخلت عنه قط..لو كانت تحبه مافعلت ذلك مطلقا..ليأخذ نفسا عميقا وهو يهز رأسه قائلا فى حزم:
معتقدش يادادة..بس حتى لو كلامك صح رغم ان ده شئ عقلى مش قادر يصدقه..ففيه حواجز كتير عملت سد منيع بينى وبينها.. فمبقاش ينفع يكون بينى وبينها أي قصة..أنا مبقتش قادر أثق فيها تانى.. وغير كدة..فيه حاجة قضت على أي أمل انى أغفر لها غلطتها معايا زمان..دى واحدة نامت مع غيرى بدل المرة عشرة وعشرين..تفتكرى واحدة زي دى تنفعنى يادادة..مستحيل طبعا ..سيبك منها ومن سيرتها وخلينا فيكى دلوقتى..انا هروح اجيب التليفون عشان اكلم الدكتور..ثوانى وأرجعلك.
أسرعت زينة باتجاه حجرتها ..وهي تمسح دموعها المتساقطة بغزارة..لقد تعللت بالاطمئنان على فارس حتى تجد فرصة لتتمالك نفسها بعد تلك المشاعر التى غزت كيانها وعندما عادت لتطمئن على دادة تحية إستمعت اليه وهو يقول عبارته الأخيرة ..عبارته التى مزقت فؤادها..كلماته عن أنها غانية استسلمت للعشرات غيره..حقا كم آلمتها كلماته..وآلمها انه قالها لدادة تحية ..تلك السيدة الطيبة والتى تذكرها بدادة نجاة من جحر الشيطان..كليهما يتشابهان فى طيبة القلب والحنان والمشاعر الكثيرة والتى أغدقاها عليها..ترى فيم تفكر الآن دادة تحية ؟وكيف تراها؟؟..ثم حتى وان كانت كما وصفها مروان ..ألم يكن هو السبب فى كل ما حدث لها؟أينكر الآن أنه من ألقى بها الى المجهول لترى ألوانا من العذاب؟أيلقيها فى جحر الشيطان ثم يلومها على ما أصبحت عليه؟حقا ياله من مغرور لا قلب له ولا ضمير..ربما سيمنحها الله القوة يوما ما لتجعله يدفع ثمن ما فعله بها...نعم ربما.
**********************************
كانت فتون تجلس مع ياسين يتناقشان فى بنود الصفقة ..لتنظر فتون إلى ياسين وهو يتحدث بجدية وعملية وحرفية تليق برجل أعمال محنك.. لتبدو فى عينيها رغما عنها نظرة اعجاب شعرت بها فى أعماقها..توقف ياسين عن الحديث وهو يلتقط تلك النظرة ليشعر بقلبه تزداد نبضاته..ناداها قائلا:
فتون.
كانت فتون شاردة فلم تنتبه إلى ندائه..مد يده يلمس يدها القابعة على مكتبه قائلا:
فتون..روحتى فين؟
أصابتها صاعقة حين شعرت بيده تلمس يدها فانتفضت بقوة وهي تبعد يدها عن يده قائلة:
ها..لا..أبدا..أنا هنا أهو..بس..الظاهر منمتش كويس وفنجال القهوة مفوقنيش..أنا..أنا بقول كفاية كدة النهاردة ونكمل بكرة..عن إذنك.
ونهضت بسرعة تنوى المغادرة ليستوقفها صوت ياسين وهو ينادى باسمها قائلا:
فتون ..استنى.
التفتت إليه فى حيرة لتراه يتفحص ملامحها المضطربة فى هدوء قبل أن يقول:
نسيتى الفون بتاعك.
نظرت فتون إلى هاتفها الموضوع على المكتب لتضرب على رأسها بخفة قائلة:
شفت..مش قلتلك منمتش كويس.
لتتجه إليه تأخذ الهاتف ثم تقول:
سلام.
أومأ برأسه قائلا:
سلام.
غادرت الحجرة تتابعها عينا ياسين الذى قال فى همس قلق:
ياترى خوفك من لمستى وقلقك ده هو خوف من الرجالة عموما ؟..ياترى حصل فى ماضيكى حاجة خوفتك مننا ولا الخوف ده يخصنى أنا لوحدى يافتون؟
ليظل سؤاله عالقا بلا إجابة تريح قلبه المتخبط بين أضلعه.
********************
استمع نبيل الى طرقات خفيفة على الباب..ليأمر الطارق بالدخول وهو يخلع عن عينيه نظارته ويغمضها ممسكا ذلك الجسر بين عينييه بارهاق ليفتح عينيه على اتساعهما وهو يسمع صوتها الرقيق يسأله فى رقة:
انت كويس يامستر نبيل؟
نظر اليها يتأمل ملامحها الرقيقة فى دهشة..يتساءل هل وجودها حقيقة ام خيال؟ ليصيبها الارتباك والخجل من نظراته المتأملة لها ..تنحنحت قائلة:
احم..مستر نبيل؟ إنت كويس؟
افاق من صدمته وهو يعتدل لابسا نظارته مجددا وهو يقول :
احم..أيوة ..انا..كويس ياآنسة.....؟
ترك جملته معلقة يتظاهر بنسيان اسمها لتقول هي برقة:
دارين..اسمى دارين.
اومأ براسه قائلا:
تشرفنا ..خير ياآنسة دارين؟
قالت بهدوء:
مستر ياسين خلانى مديرة مكتبك من دلوقتى....
قاطعها قائلا:
هو مش ياسين أخوكى؟
نظرت اليه فى دهشة قائلة:
ايوة..ليه؟
نهض نبيل من مقعده ليقترب منها قائلا:
ابدا..استغربت بس عشان بتقوليله مستر.
ابتسمت دارين برقة قائلة:
احنا فى الشغل وده معناه منشيلش الرسميات ما بينا ..هو رئيس الشركة وانا موظفة عنده.
تاه نبيل فى ابتسامتها الساحرة ثم مالبث ان رنت كلماتها فى رأسه لينتبه لها قائلا وقد عقد حاجبيه فجأة:
انتى بتقولى ياسين خلاكى مديرة مكتبى؟
اومأت برأسها فى حيرة وهي تتعجب من تغير حالة ذلك المدعو نبيل ما بين الثانية والأخرى..تظن لبرهة انه سعيد لوجوده معها ليؤكد فى اللحظة التالية أنه لا يطيق وجودها بجواره.. بل يرفضه تماما..أفاقت على صوته وهو يسألها قائلا:
انا مطلبتش حاجة من ياسين..مين اللى قاله انى محتاج مديرة لمكتبى.
تأكد لدارين انه لايريدها ان تعمل معه لتقول فى كبرياء يليق بفتاة من عائلة تاج الدين:
آنسة فتون اللى قالتله بس لو حضرتك مش حابب إنى أشتغل معاك فأنا هبلغ مستر ياسين بالوضع حالا وأكيد هيلاقيلك حد تانى.
ثم التفتت مغادرة ليوقفها صوت نبيل الذى قال بلهفة ظهرت فى نبراته:
استنى يادارين.
التفتت تشعر بالدهشة من نبراته الملهوفة ونطقه اسمها دون ألقاب وبتلك الصورة التى شعرت بها تزيد من دقات قلبها ليشعر نبيل بأنه قد تسرع ليقول بهدوء:
أنا مقلتش انى مش عايز أشتغل معاكى..بالعكس ..أنا ..أنا آسف لو سؤالى وصلك الإحساس ده..بس اللى عايزك تكونى متأكدة منه إنى سعيد جدا بشغلك معايا.
ابتسمت وهي تشعر بالسعادة بداخلها لنظراته ونبرات صوته والتى استشعرت فيهم صدق كلماته..لتقول برقة:
تمام أوى..وأنا كمان...
لتشعر بالخجل ووجنتيها تشتعلان بالحمرة وهي تستطرد قائلة:
احممم..أنا كمان سعيدة بالشغل مع حضرتك..ثوانى وهجيب لحضرتك الورق وفنجال قهوة مظبوط.
أوما برأسه مبتسما..ثم غادرت تتبعها عيناه ..ليعقد حاجبيه يتساءل كيف عرفت نوع فنجال قهوته...
ليهز رأسه وهو يدرك الإجابة واضحة..فتون..لابد وأنها فتون مجددا..مرر يده فى رأسه بعصبية ..إنها تضعه امام الأمر الواقع..حسنا سيلعبها على طريقتها ولكنه أبدا لن يؤذى تلك الفتاة الرقيقة ..سيتأكد بنفسه ان تلك الفتاة لن ينالها أي أذى من خطتهم الانتقامية .. ولو اضطر لمواجهة فتون نفسها كي يفعل ذلك.
*******************
قال مروان موجها حديثه الى ياسين:
زي ما توقعت ..عمل ديل مع سوزى..وخرجها من القضية زي الشعرة من العجين..وكل ده عشان يلوى دراعها ويزقها علية تعرف أخبارى.
نظر اليه ياسين قائلا:
وعرفت منين؟
أمسك مروان بفلاشة صغيرة وهو يقول:
اجتماعهم كان متسجل صوت وصورة.
قال ياسين:
طب ما نقدم الفلاشة دى للبوليس يامروان ونخلص منهم بضربة واحدة.
قال مروان بصرامة:
يمكن يطلعوا منها زي ما ظبطها عدنان لسوزى..و لو اتسجنوا..هياخدوا كام سنة سجن؟..تعرف..لو هياخدو مؤبد ياياسين..مش هيشفى غليلى وغليلك..مش هيعوضنا العذاب اللى شفناه فى المعتقل..مش هيعوضنى موت بابا وانا بعيد عنه ولا موت جدك وانت فى المعتقل مش قادر تشوفه لآخر مرة..اللى هيشفى غليلى حاجة واحدة وبس..موتهم يا ياسين..موتهم.
ربت ياسين على يده قائلا:
معاك حق يا مروان..اهدى بس وأنا معاك فى اي حاجة هتعملها ..بس قوللى الأول هتعمل ايه فى الحرباية سوزى واللى هتجيلك ترسم عليك من تانى عشان تعرف أخبارك وتقولهاله؟
نظر مروان الى البعيد قائلا:
هخليها تفتكر انها نجحت وهديها بس اللى عايزه يوصل لعدنان..بس أهم حاجة دلوقتى انى أكلمه وأقوله على تفاصيل صفقة العمر..آخر صفقة هيقوم بيها عدنان المسيرى فى حياته كلها..وده وعد منى ياياسين.
نظر ياسين اليه ليتبادلا نظرة تصميم..تحمل قوة خرجت من رحم الظلم..فقد حان وقت الانتقام.
الفصل الرابع عشر14

قال عدنان بهدوء:
زي ما بقولك كدة ياهارون.
جلس هارون قائلا:
انت عارف لو الصفقة دى تمت ..مكسبها كام؟
نظر عدنان اليه قائلا فى تقرير:
عارف طبعا..مليارات.
عقد هارون حاجبيه قائلا:
طب ايه اللى يخلى مروان يشاركنا صفقة ارباحها بالمليارات..ماكان قام بيها لوحده والمكسب يتقسم عليه هو وشريكه وبس.
تراجع عدنان فى مقعده قائلا:
مش هيقدر..مروان صحيح اتغير بس لسة زي ما هو ملوش فى الشغل الشمال..ومحتاج حد معاه زينا يظبطله الدنيا.
ازداد انعقاد حاجبي هارون قائلا:
ولما مالوش فى شغل الشمال ..داخل صفقة زي دى ليه؟
أخرج عدنان غليونه وأشعله بهدوء..ثم أخذ منه نفسا عميقا ليطلقه ناظرا اليه وهو يقول بهدوء:
الاحتمال الأرجح هو ان اللى شافه فى المعتقل غير تفكيره خصوصا لما خرج ولقى ابوه اللى كان روحه فيه.. ميت ..وحارمه كمان من الميراث واللى كتبه لمراته وبس..ده فى حد ذاته يقتل مشاعر كتير جوة البنى آدم..صحيح كان ليه ميراثه من أمه وميراث مش قليل.. بس برده ده ميمنعش انها صدمة كبيرة خدها من ابوه تغير أي حد..والأغلب دلوقتى انه اكتشف أنه عشان يعيش فى الغابة اللى احنا عايشين فيها .. لازم يكون أسد..ولازم يكون معندوش رحمة ولا ضمير.
اومأ هارون برأسه قائلا:
احتمال فعلا..طيب واحنا هندخل الصفقة دى معاه كدة من غير ما نعمل احتياطاتنا.
ابتسم عدنان ابتسامة شيطانية وهو يقول:
متقلقش ..أنا عامل احتياطاتى..وهاخد إمضته على كل ورقة تخص الصفقة عشان لو فكر بس يغدر يعرف انه هيروح معانا فى ستين داهية.. ولإنى عارف برده ان مروان لو كبر هياكلنى زي ما هياكل غيرى..أول ما الصفقة دى تخلص ..هخليه يحصل أبوه.
نظر اليه هارون بدهشة لتتسع ابتسامة عدنان وتصبح ضحكة شيطانية..خشي منها هارون لأول مرة .
********************
سمعت دارين طرقا على الباب لتدرك من الطارق قبل أن ترى وجهها الحبيب وهي تطل من الباب تبتسم بحنان قائلة:
فاضية يادارين؟
أغلقت دارين شاشة اللاب توب ووضعته جانبا وهي تقول بابتسامة:
تعالى ياتيتة ..ده انا أفضالك مخصوص ياقمر.
اقتربت منها الجدة لتجلس بجوارها على السرير قائلة:
بس يابكاشة..ده انا مبقيتش اشوفك من يوم ما اشتغلتى مع أخوكى غير الصبح قبل ماتنزلى وبس..حتى الغدا.. بقيتى تتغدى فى المكتب.. والعشا تقوليلى تعبانة ياتيتة وعايزة أنام..الظاهر ان الشغل بتاعك ده هييجى على دماغى أنا وبس.
نهضت دارين وجلست على ركبتيها وهي تضم الجدة مقبلة اياها من وجنتها قائلة:
حقك علية ياتيتة..انتى معاكى حق تزعلى بس غصب عنى والله..انتى عارفة انى لسة فى البداية ومحتاجة أثبت للكل انى شاطرة ومجتهدة وانى متعينتش فى الشركة لمجرد انى أبقى أخت صاحبها وبس..ده غير ان ياسين خلانى مديرة مكتب شريكه الجديد نبيل.. فتلاقى الشغل كله فوق راسى.
عقدت الجدة حاجبيها قائلة:
شريك جديد..غريبة..اخوكى مجابليش سيرة عن الموضوع ده.
تراجعت دارين مكانها وهي تجلس متربعة القدمين عاقدة حاجبيها بدورها وهي تقول:
فعلا غريبة..بس زي ما انتى شايفة من يوم مامضوا العقود والشغل ما شاء الله فى الشركة مش ملاحقين عليه..لدرجة انى انا كمان مبقتش اشوفه ..أغلب الوقت برة الشركة فى اجتماعات مع العملا اللى جابتهم فتون للشركة.
ازداد انعقاد حاجبي الجدة وهي تقول :
فتون؟فتون مين يادارين؟
قالت دارين :
شريكتنا الجديدة ياتيتة.
قالت الجدة:
انتى مش بتقولى الشريك الجديد راجل واسمه نبيل.
ابتسمت دارين قائلة:
لأ ما هما اتنين..فتون ونبيل اصحاب شركة السلطانة للعطور فى لبنان ..واللى كنت بجيبلك منها البرفيوم بتاعك اللى بتحبيه.
قالت الجدة :
استنى كدة وبالراحة.. احكيلى اكتر عن الشركا دول وبالتفصيل يادارين.
ابتسمت دارين قائلة:
بس كدة..اسمعى ياستى.
********************
قال مروان بغضب:
انتى مش هتبطلى تعاندينى فى كل حاجة اقولهالك.
نظرت زينة اليه فى برود قائلة:
أنا مش بعاندك..انا كل اللى طالباه انى أخرج انا وابنى برة السجن اللى انت معيشنى فيه..أنا مخرجتش من سجن عشان اعيش فى سجن تانى.
اقترب منها يقول فى صرامة:
انا معيشك فى سجن؟
ليشير الى المنزل قائلا:
انتى بتسمى البيت ده سجن؟
قالت زينة فى مرارة لم تستطع اخفاءها:
أيوة سجن..يفرق ايه عن جحر الشيطان اللى كنت عايشة فيه؟
اقترب منها حتى أصبح قبالتها تماما ليميل بوجهه قائلا فى سخرية:
لأ يفرق كتير ..انتى وابنك هنا فى أمان بعيد عن عدنان ورجالته..ولو خرجتوا برة هتكونوا فى خطر كبير..ثم على الأقل هنا مبتبيعيش شرفك كل يوم .
أحست بعروقها تنتفض من الغضب لتصرخ قائلة فى مرارة:
كفاية بقى ظلم فية..انت ايه ياأخى؟ ..مش كفاية الظلم اللى ظلمتهولى زمان..لسة عايز تعمل ايه فية؟ ..انا تعبت..تعبت منك ومن ظلمك ..ارحمنى بقى..ارحمنى.
عقد حاجبيه وكاد أن يسألها عما تعنيه بكلماتها ولكن قاطعه صوت طرقات على الباب ثم دلوف صاحبة الطرقات وهي تنظر فى صدمة الى هذا الثنائي المتقارب ..نظر مروان إليها فى برود بينما اتسعت عينا زينة فى صدمة..تمالكت سوزى نفسها بسرعة وهي تقول :
هو انا جيت فى وقت مش مناسب ولا ايه؟
احتوى مروان كل الكره الذى يحمله بداخله لتلك المرأة وهو يتراجع متجها الى خلف مكتبه يجلس على مقعده قائلا بهدوء:
لأ طبعا ..اتفضلى ياسوزى.
نقلت زينة بصرها مابين مروان وسوزى بخيبة أمل قبل ان ترمق تلك الأخيرة بنظرة احتقار وتغادر المكان فى صمت..غافلة عن عيون التقطت نظراتها واحتارت فى تفسيرها ليفيق صاحب تلك العيون على صوت سوزى وهي تقول بنبرات خرجت منها حادة رغما عنها:
هي زينة ايه اللى جابها عندك يا مروان؟
قال مروان وهو ينظر اليها ببرود قائلا:
وده يخصك فى ايه ياسوزى؟
تظاهرت سوزى بعدم الاهتمام وهي تقول:
الحقيقة هي متهمنيش ومتخصنيش..من يوم مارميتها برة البيت ..اليوم ده شفتها مع باباك فى وضع يعنى ....إنت فاهم طبعا.
جز مروان على أسنانه يتساءل ..ترى هل ما تقوله سوزى حقيقة أم أن كلماتها تلك هي إحدى أكاذيبها؟هل وجدتها حقا مع أبيه؟؟؟؟؟
تبا..كم يؤلمه مجرد التخيل..ليعود وينفى ذلك الاحتمال فمهما كانت مساوئ زينة فلا يمكنها أبدا أن تكون حقيرة لتلك الدرجة..لابد وأنها احدى أكاذيب سوزى..لتنتابه الحيرة عن سبب اختراعها لتلك الكذبة؟التمعت الفكرة فى رأسه فجأة..الغيرة ..نعم..إنها الغيرة..حقا لم يعد يعرف إلى أي مدى قد تصل حقارة تلك المدعوة سوزى..أخذ نفسا عميقا وهو يقول بسخرية:
ولما هي متهمكيش زعلانة ليه إنها بتشتغل عندى ياسوزى؟
قالت سوزى بهدوء مفتعل:
أنا مش زعلانة ..انا بس خايفة عليك منها.
اتسعت ابتسامته الساخرة وهو يقول:
أهمك أوى ياسوزى؟
نظرت إلى ملامحه تتأمله بإعجاب أنثى ظهر جليا فى صوتها وهي تقول:
طول عمرك بتهمنى يامروان..انت نسيت ولا إيه؟
تراجع فى مقعده قائلا بهدوء:
أنا منستش حاجة بس الظاهر انتى اللى نسيتى.
ليحرك يده بلامبالاة مستطردا:
عموما ..زينة مش اكتر من خدامة هنا ياسوزى..لجأتلى عشان تشتغل وتصرف على إبنها..وأنا وافقت .
نظرت إليه تتفحص ملامحه وهي تقول:
بعد كل اللى عملته فيك؟برده بتساعدها.
قال فى برود:
متعودتش أرد حد طالب مساعدتى يا سوزى..وان مكنش عشانها يبقى عشان ابنها اللى ملوش ذنب فى اللى هي عملته فية زمان..وعموما أنا ميهمنيش حياتها الشخصية طول ما هي بعيد عن شغلها..المهم..ممكن أعرف سبب زيارتك الغريبة دى إيه؟
تنحنحت سوزى قائلة:
احمم..بما انك متعودتش ترد حد محتاج مساعدتك فأنا كمان محتاجة مساعدتك يامروان.
لم ينطق بحرف وهو يتأملها لتستطرد قائلة:
أنا عارفة إنك زعلان منى عشان موضوع الميراث..بس وحياتك عندى انا مكنتش اعرف ان باباك كتب الميراث لية غير بعد ما مات..ولو كنت اعرف قبلها كنت منعته.
تراجع مروان فى مقعده قائلا بسخرية:
ولما بعتلك المحامى عشان ترديلى حقى وطردتيه.
قالت بسرعة:
لو كنت انت اللى جيتلى مكنتش طبعا هعمل كدة..بس المحامى هددنى واستفزنى بكلامه.
اتسعت ابتسامته الساخرة وهو يقول:
عموما ياسوزى احنا لسة فيها..تقدرى ترجعيلى حقى فى ميراث ابويا.
تلعثمت سوزى قائلة:
أنا..أنا....
اتسعت ابتسامة مروان الساخرة حتى صارت ضحكة رنانة ليقول بعدها:
انتى إيه ياسوزى؟..عموما انا مش عايزه ولا محتاجه..وإنتى شايفة أهو بعنيكى أنا غنى أد إيه؟يعنى مش هبص لفلوس ..بابا قرر يحرمنى منها ويديهالك إنتى.
قالت سوزى بسرعة:
شايفة طبعا..وعشان أنا عارفة اد ايه انت ذكى وشاطر حابة ادخل معاك فى بيزنس..وجيتلك مخصوص عشان كدة..ها..إيه رأيك؟
تظاهر مروان بالتفكير لثوان ثم نظر اليها قائلا:
مع انى مبحبش يكون لية شركا فى الشغل بس نجرب وماله..ممكن أعرف بقى نوع البيزنس اللى حابة تدخلى فيه معايا وبفلوس أد إيه ياسوزى؟
التمعت عينا سوزى تظن أنها ربحت الجولة الأولى وهي تقول:
هقولك يامروان ..هقولك.
********************
جلست الجدة مطرقة الرأس تفكر فيما سمعته من دارين بهدوء لتحترم دارين صمتها حتى رفعت الجدة رأسها قائلة:
أنا عايزاكى تعزمى الشركا الجداد على العشا يادارين.
عقدت دارين حاجبيها قائلة:
وأعزمهم انا ليه؟..ما تخلى ياسين هو اللى يعزمهم.
قالت الجدة بهدوء:
ياسين مجبليش سيرة عنهم وممكن يتحجج بأي حجة عشان ميعزمهمش عندنا..فالأحسن أحطه أدام أمر واقع.
قالت دارين فى حيرة:
وهو ممكن يمانع ليه بس ياتيتة؟
قالت الجدة فى شرود:
مش عارفة يادارين..احساسى بيقولى ان أخوكى مخبى حاجة عنى ولازم أعرفها.
عقدت دارين حاجبيها قائلة:
حاجة زي ايه؟
افاقت الجدة من شرودها قائلة :
قلتلك مش عارفة يادارين بس لما أشوفهم ..أكيد هعرف..المهم تنفذى اللى قلتلك عليه..إعزميهم ع العشا بعد بكرة ومتقوليش لأخوكى..مفهوم؟
قالت دارين:
مفهوم ياتيتة.
نهضت الجدة وكادت أن تغادر لتتوقف وهي تلتفت الى دارين قائلة:
إلا قوليلى يادارين ..أخبار مروان ايه؟
هزت دارين كتفيها قائلة:
معرفش ياتيتة ..مشفتوش خالص فى الشركة ومعرفش عنه حاجة.
اومأت الجدة برأسها فى هدوء وهي تلتفت مغادرة ترتسم على وجهها ابتسامة راضية وقد أدركت من نبرات صوت حفيدتها الغير مهتمة.. بأن مروان أصبح من الماضى بالنسبة لها..بينما فتحت دارين شاشة اللاب توب لتظهر صورة نبيل عليها لتبتسم دارين قائلة:
حيرتنى معاك يانبيل..ياترى المشاعر اللى بحسها من ناحيتك حقيقية ولا انا شكلى بتعلق بأي حد بيهتم بية وخلاص..أكيد مع الأيام هعرف انت ايه بالنسبة لية يانبيل؟
******************************
كانت زينة تقف بالقرب من المكتب تشعر بالغليان..فبالداخل تقبع عدوتها اللدود..تلك العقربة المدعوة سوزى مع حبيبها مروان..تبا..أمازالت تدعوه حبيبها؟نعم..هو حبيبها مهما فعل..سيظل أول من دق القلب له وآخر من ستنطق نبضاتها بإسمه..
تساءلت بمرارة عن سبب وجودها فى منزله؟وماذا تريد منه؟فهي ترى نظراتها له.. وكأنثى تدرك كنه تلك النظرات أما كحبيبة فتود لو تقتلع عيون تلك الحية كي لاترمقه بنظراتها التى تكاد تلتهمه..ولكن هاهي مكبلة لا تستطيع فعل شئ سوى الوقوف بعيدا تتآكلها نيران الغيرة..انتفضت من أفكارها على صوت فارس وهو يقول :
واقفة كدة ليه ياماما؟
وضعت زينة يدها على قلبها متسارع النبضات وهي تقول:
خضيتنى يافارس.
نظر إليها فارس قائلا فى براءة:
أنا مكنتش بلعب معاكى ومقلتش عو ياماما.
رغما عنها وجدت ابتسامة تتسلل إلى شفتيها من كلمات إبنها البريئة لتقرصه من خده بخفة قائلة:
شكلك ملعبتش من زمان..وحابب تلعب معايا..صح؟
جعد فارس أنفه وهو يهز رأسه موافقا قائلا:
صح.
اتسعت ابتسامتها وهي تقول:
طب تعالى نلعب اللعبة اللى عمك مروان جابهالك وأهو بالمرة تعلمنى عليها شوية.
صفق فارس بجزل قائلا:
هيييه..يلا ياماما..دى لعبة سهلة أوى.
ليسبقها وهي تتبعه بنظراتها فى حنان..لتلقى نظرة أخيرة على باب الحجرة المغلق..مغلفة بالحزن..بالألم..وخيبة الأمل..قبل أن تغادر متجهة إلى حجرتها رغما عنها.
تعليقات



<>