رواية حجر الشيطان الفصل التاسع والعشرون29والثلاثون30بقلم شاهنده

رواية حجر الشيطان
الفصل التاسع والعشرون29والثلاثون30
بقلم شاهنده
نظرت فتون إلى ياسين فى صدمة قائلة:
انت بتقول إيه؟يعنى انت مقتلتش ميسون؟
هز ياسين رأسه نفيا قائلا:
طبعا لأ..إزاي بس هقتلها وأنا كنت بحبها ؟أنا موتها كان بالنسبة لى موت لروحى قبل روحها..أنا لما فقت لقيت نفسى فى مكان زي السجن..بعدها عرفت إنى فى معتقل خاص..معتقل للى عايزينه ميشوفش الدنيا برة تانى ولا حد فى العالم كله يقدر يوصله..معتقل لدفن الأسرار وأكل الحقوق..كان معتقل للموت يافتون.
كانت فتون تستمع إليه فى صدمة..تكتشف مفاجأة تلو الأخرى..حتى قال كلماته الأخيرة بصوت متهدج..ليدق قلبها بعنف وهي تدرك ماتعرض له داخل ذلك المعتقل..ليغمض عينيه المغروقتين بدموع الذكرى الأليمة ثم يفتحهما وكأنه ينفض عن عقله تلك الذكريات المريرة..مد يده يمسح دموعا خائنة سقطت من عينيه لتشعر فتون بروحها تسحب منها لمرأى دموعه الغالية..بينما قال هو بحزن:
وقتها مكنتش صورة ميسون بتروح عن بالى..كنت عايز اعرف مين اللى قتلها وأنتقم منه وأشفى غليلى..كنت هتجنن ..لولا عرفت واحد فى المعتقل إسمه مروان..شريكنا فى الشركة واللى أكيد سمعتى عنه.. لولاه فعلا كنت اتجننت أو جرالى حاجة..حكيتله قصتى وقعدنا نفكر مع بعض ونشوف مين اللى ممكن يكون قتلها وليه؟كل اللى كنت أعرفه وقتها هو اللى قالتهولى.. إن واحدة صاحبتها شغالة فى شركة كبيرة وان فيه ورق مهم وقع فى إيدها يضر صاحب الشركة وهي كانت خايفة لو عرف يإذيها ففضلت إن هي تدى الورق ده لميسون ووصتها لو جرالها حاجة تسلمه للبوليس..أنا خفت عليها وقلتلها تدينى الورق أحتفظ بيه وفعلا هي كانت هتديهولى يوم الحادثة..بس القدر كان ليه رأي تانى..وزي ما كنت شاكك..قاللى ان الوحيد اللى له المصلحة فى موتها هو صاحب الشركة اللى شغالة فيه صاحبتها وان هو اللى قتلها.
اتسعت عينا فتون فى تلك اللحظة..تشعر بالكون ينهار من حولها لتجلس على سريرها فلم تعد قدماها تحتملان تلك المفاجآت حول مقتل أختها.. نظر ياسين إلى لون وجهها الشاحب والذى أصبح يحاكى الموتى..ليقول فى قلق:
فتون ..انتى كويسة؟
لتقول بألم:
أنا كويسة ..
ثم نظرت إلى عينيه قائلة بمرارة:
مين صاحب الشركة ..اسمه إيه؟
تنهد قائلا بألم:
وقتها مكنتش اعرف لإنى مكنتش شفت الورق ولا هي كمان قالتلى غير إسم صاحبتها وبس..وبعدها هربنا من المعتقل زي ما كتير هربوا وقت الثورة..وطبعا لإننا معملناش حاجة واللى حبسونا حبسونا من غير تهمة ولا أوراق ..قدرنا نمارس حياتنا الطبيعية وبعلاقات مروان واتصالاته قدرت اعرف مين هو صاحب الشركة اللى كانت شغالة فيها صاحبتها عشان أنتقم منه بعد ما تأكدت ان هو اللى عملها لإنه زي ما أخت صاحبتها قالتلى..إنه قتل صاحبتها هي كمان بسبب الورق ده ..ولما لقيت انا ومروان ان عدونا واحد ..اتحدنا وعملنا الشركة دى أنا وهو ..وخططنا للانتقام منه لإنه كان السبب فى كل حاجة وحشة حصلت لنا..وضياع أغلى الناس من حياتنا.
لترتسم ملامح الارتياح على وجهه وهو يستطرد قائلا:
والحمد لله قدرنا نعمل كدة..ودلوقتى وأنا واقف بتكلم معاكى حالا..بيتم القبض عليه وبإذن الله هياخد إعدام ونرتاح منه.
قالت فتون وقد اغروقت عيناها بالدموع:
انت بتتكلم جد ياياسين..اللى قتل ميسون بيتقبض عليه؟
ظهر الحنان فى عينيه قائلا:
ورحمة ميسون أنا لسة جايلى التليفون حالا من مروان..بيهنينى فيه على يوم اترد فيه لكل مظلوم حقه..اليوم اللى انتى فكرتى فيه انك ضيعتى حق ميسون وانك مخدتيش بتارها هو اليوم اللى هترتاح فيه ميسون فى قبرها وتعرف ان احنا مسيبناش حقها وان اللى كان السبب فى موتها دارت عليه الدنيا وهيتحط فى القبر هو كمان بس فرق كبير ما بينه وبينها عشان هي هتكون فى الجنة بس هو هيعيش فى النار.
نهضت فتون لتقترب منه تقول فى رجاء:
مين ده ياياسين؟مين اللى قتل أختى وحرمنى منها وخلانى كنت .....كنت.....
شعرت بالخجل من نفسها لما كادت أن تفعله به وبأخته ليشعر بها على الفور ويمد يده إليها يمسك بيدها ناظرا إلى عينيها قائلا:
يعنى انتى مصدقانى يافتون؟مش عايزة اثباتات؟أو حاجة تأكدلك كلامى؟
نظرت إلى عمق عينيه وهي تقول:
مش محتاجة إثباتات ياياسين..أنا كنت دايما بسأل نفسى إزاي حبيتك وأنا عارفة انك انت اللى قتلت أختى ؟ازاي واحد فى أخلاقك يقتل؟ أتارى قلبى كان عنده شك وعشان كدة مقفلش بابه فى وشك..ماهو مستحيل حد بشخصيتك يعمل عملة وضيعة زي دى.. بس نفسى أروح للى عمل العملة السودة عشان أشوفه لأول ولآخر مرة فى حياتى..أشوف اللى حرمنى من أختى وعذبنى المدة اللى فاتت دى كلها..وأقوله داين تدان ياحقير وان السبب فى دخولك السجن هو قتلك لميسون وعمايلك السودة.
ضغط على يدها قائلا:
هنروح سوا وهنقوله الكلام ده سوا يافتون.
نظرت إليه فى تردد:
سوا..هو احنا لسة سوا ياياسين؟
نظر إليها فى حنان قائلا:
من يوم ما شفنا بعض واحنا اتكتبلنا نكون سوا يافتون..ربنا جعل ميسون سبب يجمعنا..واللى جمعهم ربنا مستحيل مخلوق يفرقهم.
قالت فى أمل:
يعنى انت سامحتنى؟
ابتسم قائلا:
أنا مسامحك من قبل ما أعرفك يافتون..وزي ماحبك لية غفر خطيئة كبيرة كنتى مفكرانى عملتها..حبى ليكى غفر حاجة بسيطة زي فكرة انتقام مكتملتش..بس اللى مستغربله إن ميسون عمرها ما كلمتنى عنك ولا قالت إن ليها إخوات.
قالت فتون فى خجل:
أنا أصلى ..كنت موصياها متجيبش سيرتى لأي حد هترتبط بيه..احنا اخوات صحيح من أم واحدة وأب مختلف بس كنا اكتر من الشققا..وكان عدم معرفة أي حد ارتبطت بيه ميسون بية بيسهل معرفتى كل حاجة عنه وبكتشف اسرع إذا كان طمعان فيها أو لأ.
ابتسم قائلا:
أكتر حاجة شدتنى ليكى ذكاءك..مش سهلة أبدا يافتون.
عقدت حاجبيها قائلة:
ودى حاجة تضايقك؟
اتسعت ابتسامته قائلة :
بالعكس..الراجل اللى يخاف من ذكاء المرأة وميقدروش يبقى راجل ضعيف ومش واثق فى نفسه.
ابتسمت فتون وهي تدرك أنها أحبت رجلا عظيما لتغمض عينيها تحمد الله عليه قبل أن تفتحهما مجددا قائلة بعشق ملأ قلبها:
على فكرة أنا بحبك اوى ياياسين.
قال بابتسامة حانية:
بحبك أكتر ياقلب ياسين..يلا بينا بقى نروح نفرح تيتة بإن حفيدها اللى كان مدوخها ورافض الارتباط قرر خلاص يكمل نص دينه مع أرق وأجمل إنسانة على وجه الأرض..أو اقولك استنى لما امهدلها الأول..الست مش هتستحمل كل الاخبار الحلوة دى فى يوم واحد.
ابتسمت بعشق لتقول فجأة وهي تعقد حاجبيها قائلة:
استنى هنا..مقلتليش اسم الحيوان اللى قتل أختى إيه؟
هز رأسه فى قلة حيلة ..يدرك ان هذه طبيعة فتون وهو يعشقها على طبيعتها ليقول فى ثبات:
الشيطان.
لتتسع عينيها فى صدمة وهي تدرك أن قاتل اختها هو من كان يريد أن يشركها معه فى أعماله..فرفضت لسوء سمعته وإدراكها طبيعة أعماله..قاتل اختها هو رجل الأعمال المشهور عدنان.......عدنان المسيرى
*******************
ابتسمت زينة وهي تدرك سر سعادة مروان البادية على وجهه لتقول بارتياح:
ألف مبروك ياحبيبى..يارب دايما أشوفك فرحان ومبسوط كدة طول العمر.
ابتسم مروان قائلا:
ياه يازينة لو تشوفيهم وهما مسحوبين زي الكلاب ع النيابة ..أد إيه ربنا عادل ومبيضيعش حق المظلوم..وأد إيه كنت خايف انى مش هعيش لغاية ما اشوف اليوم ده.
وضعت زينة يدها بسرعة على فمه قائلة بلهفة:
متقولش كدة يامروان..بعيد الشر عنك ياحبيبى.
أمسك مروان بيدها الموضوعة على شفتيه يقبلها برقة قبل أن يرفعها قائلا بتردد:
زينة ..أنا..أنا عايز أتكلم معاكى فى موضوع مهم.
عقدت زينة حاجبيها وظهر القلق على ملامحها من تردده ليتراجع فى قراره بعد أن كاد أن يخبرها بحالته الصحية..يشعر بأنه إن أخبرها فلن تستطيع الاحتمال.. لذا عليه أن لا يخبرها على الأقل فى الوقت الحالى ليقول بهدوء:
احنا كنا مأجلين الجواز لغاية ما عدنان يتقبض عليه وأهو خلاص..راح فى ستين داهية..وأظن كدة مفيش داعى للتأجيل..ها ..إيه رأيك ؟
نظرت إليه بفرحة ظهرت جلية على ملامحها لتومئ برأسها فى خجل فابتسم قائلا:
يعنى ابعت أجيب المأذون؟
عقدت حاجبيها قائلة:
دلوقتى؟
رفع حاجبه قائلا فى استنكار:
لأ السنة الجاية..دلوقتى طبعا أنا عايزك حالا...
وصمت لتنظر إليه قائلة:
عايزنى فى إيه؟؟
نظر مروان إلى السماء قائلا بفروغ صبر:
يعنى يارب يوم ما أقع فى الحب ..أقع فى حب واحدة عبيطة.
عقدت حاجبيها فى غضب قائلة:
بقى أنا عبيطة ..طب مش هتجوزك يامروان.
واستدارت لتغادر ليمسكها مروان من ذراعها قائلا بابتسامة:
خلاص ياستى ..تعالى بس..أنا بهزر..انتى ما صدقتى؟
ليقول مقلدا لهجتها:
مش هتجوزك يامروان..
ليعود لنبرة صوته العادية وهو يقول بمرح:
يابايرة وهو انتى كنتى تحلمى أصلا؟
ضربته زينة فى صدره قائلة فى غيظ:
مروان !
سعل مروان بشدة وشحب وجهه لتشعر زينة بالقلق وتسرع بإحضار كوب من الماء لتمنحه إياه فشربه على جرعات حتى أصبح بحالة أفضل لتقول زينة بندم:
أنا آسفة يامروان ..والله ما كان قصدى.
أمسك بيدها يطمئنها قائلا:
انا كويس ..متقلقيش.
تفحصت ملامحه الشاحبة والتى بدأ اللون يعود إليها تدريجيا لتقول بقلق:
إزاي بس مقلقش؟..مروان احنا لازم نسافر نشوف موضوع قلبك ده..مفهوم؟
ابتسم فى حنان قائلا:
هنسافر بس واحنا متجوزين..أنا هبعت أجيب المأذون حالا يازينة ..قلتى إيه؟
نظرت زينة إلى عينيه قائلة:
موافقة طبعا.
لتبتسم قائلة:
ده حلمى فعلا زي ماقلت.
ليبتسم بدوره قائلا:
وانت حلمى يازينة.
ليأخذها فجأة بين ذراعيه ويضمها بقوة إلى صدره لتزول الابتسامة وتظهر على ملامحه القلق من حرمانه منها يوما وهو يشعر بقرب ذلك اليوم كقرب الموت منه و القادم إليه لا محالة.
********************
دلف ياسين إلى المنزل ليجد جدته جالسة فى الردهة لتقف على الفور لدى رؤيته قائلة:
كدة برده ياياسين..تيجى من السفر النهاردة الصبح ومتجيش البيت غير دلوقت.
قبل يدها ثم اعتدل قائلا:
سامحينى ياتيتة..بس والله النهاردة كان يوم طويل ومليان احداث هاخد شاور ع السريع ولما هاجى من برة هحكيلك.
عقدت حاجبيها فى حيرة قائلة:
وهو انت نازل تانى؟
ابتسم قائلا:
هشهد على عقد جواز مروان..
اتسعت عينيها فى صدمة قائلة:
مروان هيتجوز..مين ؟
ابتسم ياسين قائلا:
قلتلك الأحداث كتيرة اوى النهاردة..ولما هرجع هحكيلك..مستعجل.
كاد أن يغادر عندما استوقفه صوتها قائلا:
بس فيه موضوع مينفعش يتأجل..يخصك انت واختك ..ويخص الشركا الجداد.
التفت إليها متأملا ملامحها للحظة ثم يقول فى هدوء:
يبقى انتى عرفتى.
عقدت حاجبيها قائلة:
عرفت؟؟
ليقترب منها قائلا:
ان فتون أخت ميسون ..وانهم جم مصر عشان ينتقموا منى لإنهم فكرونى قاتل ميسون.
نظرت إليه الجدة فى دهشة قائلة:
انت كنت عارف؟
اومأ برأسه فى هدوء قائلا:
مبقاش حفيد شريف تاج الدين..لو معرفتش حاجة زي دى ياتيتة..بس انا عايزك تتطمنى..كل شئ انكشف وكل شئ رجع لأصله..وكل اللى اقدر أقولهولك دلوقت ان أحفادك خلاص قلبهم ارتاح..وأوعدك اول ما هاجى هحكيلك على مفاجآت هتريح قلبك ياحبيبتى.
نظرت الجدة إلى ملامحه المشعة ليطمأن قلبها ويذهب القلق بعيدا ..لتشعر بالراحة وهي تبتسم قائلة :
روح ياابنى خليك جنب صاحبك..فرحه وافرح معاه..وأنا هستناك لما ترجع عشان تفرحنى أنا كمان.
ابتسم ياسين ثم قبلها من رأسها وغادر مسرعا إلى حجرته تتابعه عينا الجدة التى قالت بحنان:
ربنا يسعدكم ياحبايبى ويكفيكم شر أي حاجة ممكن تكسر قلوبكم..أو تزعلكم.
الفصل الثلاثون30

غمضى عنيكى بس ومتفتحهمش غير لما أقولك.
نطق نبيل بتلك العبارة وهو يسحب دارين من يديها وهي مغمضة العينين كما أمرها أن تفعل.. لتقول فى حيرة:
مودينى بس على فين يانبيل؟
سمعت همسته الحانية القريبة من أذنيها وهو يقول:
ع الجنة..افتحى عيونك يادارين.
فتحت دارين عينيها ببطئ لترى محيطها..اتسعت عينيها بصدمة.. وشعرت بالقلق وهي تتذكر ذلك الكابوس الذى طاردها منذ فترة..فها هو يتكرر بنفس التفاصيل فحولها تراصت مجموعة من البلالين الملونة الجميلة والتى تعشقها..وأمامها كتب على رمال الشاطئ بخط كبير (بحبك يادارين..تقبلى تتجوزينى؟)
نظرت إلى نبيل بعيون مصدومة ..ليبتسم نبيل قائلا:
من يوم ما شفتك وأنا بحبك..تقبلى يادارين..تقبلى تبقى حبيبتى ومراتى وأم عيالى.
قالت دارين هامسة :
لأ كدة كتير الصراحة..أنا بقول أمشى قبل ما تتحول.
عقد نبيل حاجبيه وهو يقول:
بتقولى حاجة يادارين؟
نظرت إليه قائلة فى ارتباك:
ها ..لأ مبقلش.
مال ينظر إلى عينيها الجميلتين قائلا فى عشق:
مقلتليش رأيك إيه؟
نظرت إلى عيونه الساحرة لتنسى كل القلق ويظل فقط العشق الخالص فى قلبها لتبتسم قائلة فى خجل:
موافقة طبعا.
شعت عيون نبيل بالسعادة ليحملها ويدور بها فى سعادة ..لتتناثر ضحكاتها تخترق سكون هذا المكان الساحر..لينزلها نبيل ببطئ يتأمل ملامحها الرقيقة ..ينظر إلى شفتيها بعشق..يقترب منهما ..ليتراءى لها هذا الكابوس من جديد..ترى تفاصيله تتكرر مجددا..لتضع هي يده على فمه قائلة بتوجس:
نبيل ..اوعى تتحول.
نظر إليها فى حيرة قائلا:
قصدك إيه؟
نظرت إلى عينيه الحائرتين لتلعن ولعها بأفلام الرعب والذى سيؤدى بها إلى الجنون..فكيف سيتحول نبيل إلى مصاص دماء..وهل هناك فى هذا الكون مصاصين دماء؟لقد جنت بالتأكيد..أفاقت على صوت نبيل يقول فى حيرة:
دارين انتى كويسة؟
نظرت إلى عمق عينيه الساحرتين لترفع يدها تضعها على وجنته قائلة بعشق:
أنا كويسة طول ما انت جنبى يانبيل.
ليبتسم بحنان وهو يميل يقبل يدها الرابضة على وجنته قبل أن يأخذها بين ذراعيه يضمها فى عشق نبض به خافقهم بقوة.
******************************
ظهرت الفرحة على الجميع وهم يهنأون مروان وزينة بعد عقد قرانهم ..لتقول فتون موجهة حديثها إلى مروان:
احنا صحيح شركا بس محصليش الشرف قبل كدة وقابلتك ياأستاذ مروان..ومش عارفة أشكرك إزاي انت وياسين على كل اللى عملتوه لينا أنا ونبيل ..وقعتوا الجانى وخليتوه ياخد جزاؤه.
ابتسم مروان قائلا:
أولا أنا مروان بس وبلاش أستاذ دى..احنا شركا زي ماقلتى وقريب هنبقى أهل زي ما فهمت من ياسين.
لتنظر فتون بخجل إلى ياسين الذى ابتسم لها بحنان ثم تنظر مجددا لمروان الذى استطرد قائلا:
ثانيا..مفيش داعى للشكر لإن تارك هو تارنا وعدونا كان واحد..ربنا قدرنا عليه والحمد لله هياخد جزاؤه على كل حاجة وحشة عملها فى حياته..ربنا بس يمد فى عمرى لغاية ما أشوفه متعلق على حبل المشنقة.
قال ياسين بسرعة:
هتعيش بإذن الله وهتشوفه ميت ياصاحبى.
نظر إليه مروان قائلا:
يارب ياياسين..يارب.
لم تستطع فتون فهم كلماتهم ولكنها أدركت ان هناك شيئا ما..فآثرت الابتعاد وتركهم يتحدثون بأريحية لتقول:
طيب أنا هروح أبارك لزينة ..عن إذنكم.
اومأوا برءوسهم وهما يتابعونها وهي تتجه إلى زينة التى تتحدث مع دادة تحية وفارس ثم استقبلت فتون بابتسامة رائعة لينظر ياسين إلى مروان ويجده ينظر إليها بدوره ليقول بهدوء:
مقلتلهاش..صح؟
تنهد مروان وهو ينظر إليه قائلا:
مقدرتش أصدمها..أقولها إيه بس..إنى ممكن فى أي لحظة أموت لإن قلبى ضعيف ولسة مش لاقيين متبرع ممكن قلبه يطابق قلبى..انى مستنى مكالمة من الدكتور يا يقوللى ان فيه أمل أعيش ياإما هموت وأنا مستنى المكالمة دى..لأ طبعا مقدرش أقولها كدة..اذا كنت انا مش قادر أستحمل فكرة إنى خلاص هبعد عنها ومبقاش موجود فى حياتها..هي ..زينة الرقيقة..هتستحمل ده ياياسين؟
قال ياسين بحزن:
لأ طبعا ..معاك حق..طب وهتعمل إيه يامروان..مينفعش تستسلم كدة وتستنى الموت.
تنهد مروان قائلا:
أنا مش مستسلم..يمكن قبل ما زينة ترجع لحياتى كانت حياتى نفسها متهمنيش بس دلوقتى وبعد ما رجعلتى هي وفارس..حياتى بقت مهمة أوى عندى ياياسين وباذن الله اول ما أطمن ان عدنان اتعدم..هسافر برة علطول.
أومأ ياسين قائلا:
خلاص يامروان هانت..أنا موصى عليه..قضيته هتتحدد بسرعة وهيتنطق فيها الحكم من أول جلسة.
قال مروان:
كدة تمام أوى بس هو وسوزى محتاجين زيارة فى النيابة عشان يعرفوا ان احنا اللى ورا كل حاجة بتحصلهم وعشان اشفى غليلى بكسرتهم.
قال ياسين:
متقلقش ..فتون كمان عايزة الزيارة دى وانا بحاول أرتبها..يومين بالكتير ونروح النيابة كلنا نزوره.
اومأ مروان برأسه قائلا:
كدة تمام أوى ..بالمناسبة ..ألف مبروك لدارين ونبيل..فرحت جدا عشانها.
ابتسم ياسين قائلا:
وحياتك انا فرحت أكتر..على أد ما كنت عارف أد إيه نبيل كويس ومحترم..على أد ما كنت بغير منه وأنا فاكر ان فتون بتحبه..بس النهاردة لما كلمنى وطلب منى إيدها وأنا قلتله انى هسألها ولقيت دارين بتاخد التليفون منه وبتقولى بفرحة الدنيا كلها انها موافقة..عرفت انهم بيحبوا بعض وانهم متفقين وأوهامى كلها ملهاش أي أساس..وخصوصا لما لقيت فتون ساعتها فرحانة جدا..ولما سألتها عن سر فرحتها قالتلى كلام صدمنى..تعرف قالتلى إيه؟
نظر إليه مروان قائلا:
قالتلك انه اخوها ولازم تفرحله.
نظر إليه ياسين فى صدمة قائلا:
وانت عرفت إزاي؟
ابتسم مروان قائلا:
ما هي باينة زي عين الشمس ياياسين..إيه اللى يخلى واحد فى مواصفات نبيل اللى قلتلى عليها ييجى مع فتون ويخططوا للانتقام منك مع بعض رغم خطورة الموضوع..حاجة من الاتنين ..يابيحبها ياعلاقتهم أخوة سواء فى الرضاعة أو كرابط فى التربية من صغرهم..وبما انه حب دارين يبقى مبيحبش فتون بالشكل اللى انت فهمته ويبقى أخوها..بس فى الرضاعة ولا التربية بقى..دى حاجة معرفهاش.
ابتسم ياسين قائلا:
يادماغك ياأخى..لأ فى الرضاعة..الحمد لله إنه أخوها ..كنت هبقى مقلق منه العمر كله..أصل الواد حليوة كدة وعيونه خضرا..وتحسه كدة إنه إيه ولا حسين فهمى فى زمانه.
قال مروان بسخرية:
وإيه كمان يابيضا؟
قال ياسين فى غيظ:
انت بتتريأ..بكرة تشوفه يااخويا ومش بعيد تغير على زينة منه.
قال مروان فى حدة:
زينة إيه انت كمان؟..أنا زينة دى تبقى مراتى..مرات مروان فياض..فاهم يعنى إيه مروان فياض؟
قال ياسين:
خلاص ياأخى ماكنتش كلمة..عارفين إنك مروان فياض ياسيدى..اهدى بقى أحسن جايين علينا.
ليلتفت مروان إليهم ويرى فاتنته تتهادى إليه فى ثوبها الذى اشتراه لها لتلك المناسبة السعيدة ..شعر بقلبه يذوب اكثر فى عشقها مع تلك الابتسامة الخلابة والتى منحتها إياه خصيصا..ليبتسم لها بدوره فى عشق..يدرك أنه الآن يتمنى لو كان هو وهي وحدهما فقط ليقترب منها ويقبلها.. لتنقل قبلته إليها تلك المشاعر التى تجول بكيانه فى تلك اللحظة.
********************
جلست زينة تفرك يدها تشعر بالخجل والتوتر وكأنها عروس لأول مرة بينما تأمل مروان ملامحها الرقيقة الخجولة فى عشق ليقول لها برقة:
مش هتقومى تغيرى يازينة؟
قالت فى ارتباك وهي تنهض :
آه..طبعا..هغير..ثوانى.
مرت بجواره ليمسكها من ذراعها يوقفها ثم يجعلها بمواجهته لتطرق برأسها فى خجل..ليمد اصبعه تحت ذقنها يرفعها قائلا بحنان:
انتى خايفة منى يازينة؟
نظرت إلى عمق عينيه قائلة:
أنا..أخاف منك انت يامروان؟..طب إزاي؟ ..ده انا مخفتش منك وانا فاكراك بعتنى هخاف منك وأنا عارفة انك بتحبنى وشارينى.
ابتسم قائلا:
أومال مالك كدة..مش على بعضك؟
قالت متلعثمة:
أنا..انا..بس مكسوفة منك شوية.
رفع احدى حاجبيه قائلا فى مرح :
مكسوفة منى أنا يازينة..زينة قلبى..إحنا بينا طفل..يعنى مش أول مرة نكون مع بعض..انتى هتستعبطى ولا إيه؟
ضربته بخفة على يده قائلة بغيظ:
انت قليل الأدب على فكرة.
ابتسم وهو ينظر إلى عينيها الجميلتين قائلا:
النهاردة بالذات ياحبيبتى لازم أكون قليل الأدب.
قالت زينة وقد أصبحت وجنتيها مشتعلتان من الخجل:
مروان !
قال فى حنان:
قلب مروان وعقله وحياته كلها.
قالت متلعثمة:
أنا..أنا..
ابتسم قائلا:
انتى إيه؟
قالت فى سرعة وهي تترك يده :
انا لازم اغير.
لتتجه إلى الحمام بسرعة تتبعها عيون مروان العاشقة..لتتذكر فجأة أنها لم تأخذ قميصها معها لتعود بسرعة تأخذه من على السرير وتجرى إلى الحمام مجددا لتتبعها فى تلك المرة ضحكاته التى زادت من خجلها.
********************
قال هارون فى برود:
أفندم..طلبتينى ليه؟
قالت سوزى فى رجاء:
مفيش أدامى غيرك ياهارون..أنا محتاجالك.
قال هارون:
آسف ..مفيش فى إيدى حاجة أقدمهالك.
قالت سوزى :
لأ فى إيدك..تهربنى من هنا.
مال ينظر مباشرة إلى عينيها قائلا:
وتفتكرى إيه اللى ممكن يخلينى أعمل كدة؟
قالت سوزى بتوسل:
عندى سر لو عرفته هتقدر تاخد فلوس مروان كلها وفى نفس الوقت ننتقم منه ومن اللى عمله فينا.
التمعت عينا هارون قائلا:
وإيه السر ده؟
قالت بحدة:
مش هقولهولك قبل ما تخرجنى من هنا.
قال فى لامبالاة :
ماهو ياتقوليهولى دلوقتى وأشوفه يستاهل المخاطرة ولا لأ..أو تحتفظى بيه لنفسك.. براحتك ياقطة..وياريت متضيعيش وقتى عشان ورايا حاجات كتير هظبطها بعد ما عدنان غار فى ستين داهية.
قالت سوزى بغل:
تربية الشيطان صحيح..ماشى ياهارون..هقولهولك وامرى لله.
نظر إليها منتظرا كلماتها لتقول مستطردة:
فارس ابن زينة.
عقد حاجبيه قائلا:
ماله؟
قالت فى غل:
يبقى ابن مروان كمان..انا لما جيبتهالكم كانت حامل منه..مش من الجناينى زي ما فهمت عدنان..ولا كنت اكتشفت انها مع جوزى زي ما قلتله..زينة كانت مرات مروان عرفى وقتها وحملت منه وده اللى خلانى طلبت من عدنان يبيعها ويسجنه ..لإنه فضل حتة الخدامة دى علية.
التمعت عينا هارون بشدة قائلا:
آه يابنت الأبالسة..كل ده يطلع منك انتى.
قالت سوزى بحدة:
ما تحترم نفسك ياهارون..انت اتجننت؟
ابتسم هارون ببرود متجاهلا كلماتها وهو يقول :
وانتى قصدك بقى نخطف فارس وناخد فلوس مروان عن طريق تهديده بقتله.
أخذت سوزى نفسا عميقا لتتمالك نفسها قائلة:
بالظبط.
قال هارون:
والله انا مش عارف أشكرك إزاي على المعلومات دى.
ثم نهض هارون مغادرا لتعقد سوزى حاجبيها قائلة:
انت رايح فين ياهارون..مقلتليش هتهربنى إزاي؟
التفت إليها هارون قائلا:
انا مقلتش إنى ههربك وحتى لو قلت اعتبرينى كنت بضحك عليكى..مش قلتى بنفسك انى تربية الشيطان..سلام ياقطة.
ليخرج من الغرفة متجاهلا صرخاتها بإسمه..لترتسم على شفتيه ابتسامة شيطانية مثله تماما.
*********************
خرجت زينة فجأة من الحمام لتجد مروان يلبس تيشيرته البيتى ولكن ليس قبل أن تلمح تلك العلامات فى ظهره لتسرع إليه قائلة فى قلق:
إيه العلامات دى يامروان؟
قال مروان فى لامبالاة:
دى آثار التعذيب فى المعتقل يازينة.
نظرت إلى عمق عينيه قائلة فى ألم:
ممكن أشوفها.
أحست بتردده لثوان قبل أن يومئ برأسه فى هدوء..لتلتفت خلفه وتمسك تيشيرته ترفعه ليفرد ذراعيه يسهل لها خلعه ..ليدق قلبها بعنف من مرأى تلك الآثار على جسده تشعر بالتحطم وهي تتخيله يتعرض لكل ذلك العذاب..تركت التيشيرت ليقع على الأرض..وهى تمد يدها تلمس تلك الآثار بتردد ليغمض عينيه بقوة..وتقول هي فى ألم:
لسة بيوجعوك؟
هز رأسه نفيا دون كلمة لتحيطه هي بذراعيها بقوة تضمه من ظهره إليها ليشعر هو بقلبه يتألم لحزنها حتى أصابه الجزع حين شعر بظهره يتندى بالمياه ليدرك أنها تبكى لأجله فتح عينيه وهو يسحبها من ذراعها لتواجهه ويرى دموعها الغالية تغرق وجهها ليمد يده يمسحهم فى حنان قائلا:
كل عذابى نسيته من يوم مارجعنا لبعض يازينة..وصدقينى مبقتش أحس بالمرارة زي زمان..رجوعك لية انتى وفارس كان أكبر هدية من ربنا كافئتى بيها على كل حاجة شفتها وأنا بعيد عنكم..بحمده ليل ونهار لإنه رجعكم لية من تانى..بس عمرى ماهرتاح غير لما أشوف اليوم اللى هيشنقوا فيه عدنان هو وسوزى..عشان يدفعوا تمن كل حاجة عملوها فينا..تمن سنين دقنا فيها احنا الاتنين عذاب ملوش آخر..هيدفعوا تمن كل لحظة ألم مريتى بيها وكل لحظة عذاب دوقوهالك وأنا بعيد عنك مش قادر أحميكى ..واليوم ده قرب اوى.
اومأت برأسها تأكيدا لينظر إلى عينيها قائلا:
وفيه حاجة كمان..
نظرت إلى عينيه متسائلة ليقول مستطردا:
بكرة لازم نقول لفارس إنى أبوه..لازم يعرف إنى مش عمه ولا جوز مامته زي ما هو فاهم..وان احنا أسرة واحدة بجد..لازم يازينة.
رفعت زينة يدها تضعها على وجنته قائلة بحنان:
حاضر ياقلب زينة وعمرها كله.
مال يقبل يدها الساكنة على وجنته..ثم نظر إلى عينيها قائلا:
زينة.. أنا لو مت قبل......
وضعت يدها على فمه على الفور وكلماته تؤكد مخاوفها ولكنها ابدا لن تستمع إلى كلماته اليائسة ستتمسك بالأمل حتى اللحظة الأخيرة فلم تجده لتفقده مجددا ..لتقول فى تصميم وهي تنظر إلى عينيه فى قوة:
هتعيش يامروان..عشان خاطرى وخاطر ابننا هتعيش..قلتلك قبل كدة..ربنا مجمعناش من تانى عشان يفرقنا..فاهم ولا لأ؟
قبل يدها الرابضة على شفتيه لتمتلئ عيونها بالدموع رغما عنها ..أدرك مروان ما تخفيه من ضعف وخوف خلف كلماتها القوية ليسرع بأخذها بين أحضانه ..يضمها بقوة فضمته بقوة بدورها ليدعها تفرغ دموعها داخل حضنه بينما أغمض هو عينيه على دمعتان سقطتا من عيونه رغما عنه.
********************
قال عدنان بهدوء:
خير ياشاويش محروس.
اقترب منه محروس قائلا:
حصل اللى قلتلى عليه ياباشا..هارون جه لسوزى..وقعدوا مع بعض وبعدين هارون مشى وسوزى فضلت تصرخ لغاية ما جالها انهيار عصبى ونقلوها المستشفى تحت الحراسة.
التمعت عينا عدنان قائلا:
والتسجيل.
منحه محروس هاتفه قائلا:
سجلتلك ياباشا كل اللى قالوه ع المحمول زي ما فهمتنى.
تناول عدنان الهاتف منه ليشغله ويستمع إلى حوارهما سويا..لتتسع عينيه فى صدمة ثم ترتسم على ملامحه علامات التفكير..ليقول بعدها لمحروس:
عفارم عليك يامحروس..ليك مكافأة عندى هتخليك متشتغلش بعدها ابدا.
التمعت عينا محروس فى جشع ليقول:
خدامك ياباشا.
قال عدنان :
طيب استنانى برة راقبلى الجو..هعمل مكالمة وبعدها هندهلك تاخد الموبايل.
اومأ محروس برأسه قائلا:
تحت أمرك ياباشا..
ليسرع بالخروج بينما اتصل عدنان برقم ..أجابه محدثه على الفور ليقول عدنان:
أنا عدنان ياناجى.
استمع إلى محدثه ليقول بنفاذ صبر:
مش وقته ياناجى..أنا عايزك فى شغل..ومش عايز أي غلطة..مفهوم؟
استمع إلى محدثه ليقول بعدها:
هارون المساعد بتاعى.. عايزه ميت قبل ما ييجى عليه الليل..وسوزى هتلاقيها فى المستشفى العام عندها انهيار عصبى عايزها ترتاح منه خالص..وبعدها تهربنى من هنا..عشان فيه مهمة أخيرة عايزك تعملهالى وكل اللى انت عايزه هديهولك..مفهوم يا ناجى؟
استمع إلى محدثه ليغلق هاتفه وعيونه تلمع بقوة لترتسم على شفتيه ابتسامة سرعان ما تحولت لضحكة شيطانية ......تليق بشيطان مثله.

    الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات