
رواية حرب سقطت راءها الفصل بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها الفصل التاسع عشر19 بقلم نور زيزو
بعنـــوان " أختبـــــــــــــــــار "
كانت الفوضي تعم غرفة العمليات والجميع فى هلع يحاولون إنقاذ التوأم بدأ طبيب التخدير فى تخديرهما والممرضات يحاولان السيطرة على نبضات القلب الضعيفة مع الطبيب المساعد ، وضعه الأكسجين على أنف "قُدس" فى حين أن الخطر كان يحيط بحياة "ليان" أكثر بسبب ضعف جسدها ومضاعفات مرضها، وضع الأطباء فى الجراحة التى أستغرقت الليل بأكمله ...
_________________________
دلف "كريم" على غرفة نوم " جلال" يقظه من نومه بذعر يحتل ملامحه فهمس بقرب الفراش:-
_ جلال بيه
ألتف "جلال" بأرهاق يحتضن وسادة بتذمر من يقظته فى الصباح مُتمتم بنبرة خانقة:-
_ بعدين يا كريم
أكمل نومه ويديه تحتضن الوسادة حتى قاطع هناء نومه جملة "كريم" الذي تفوه بها بنبرة متحجرة وخوف جعله صوته مبحوح:-
_ دكتورة ليان دخلت العمليات
فتح "جلال" عينيه بدهشة ونظر فى الساعة الموجودة بجوار الفراش وكانت السادسة ونصف صباحًا، شعر بغصة من القلق تقتحم قلبه فقال بتمتمة:-
_ دلوقت؟!!
تنحنح "كريم" بجدية يجمع قوة صوتها ليخرج بوضوح من الخوف ثم قال بحزم:-
_ حالتها ساءت جدًا بليل هى وأختها ودخلوا العمليات وحالتهم الأثنين فى خطر والدكاترة مش مبشرين بالخير أبدًا
أنتفض من مكانه بذعر من كلمات "كريم" وقال بفزع يحتله :-
_ ليه؟
سار نحو غرفة تبديل الملابس وأرتدي ثيابه مُستمع لحديث "كريم" من الخارج يقول:-
_ الدكاترة دخلوا الأوضة بليل كانت حالتهم سيئة جدًا وقلب أختها قُدس كان وقف عن النبض واللى وصلني من تحت أن الدكاترة شاكيين أن فى حد حاول يأذيهم لأن حالتهم مكانتش طبيعية بس هيتأكد شكوكهم من التحاليل
خرج "جلال" بفزع وغضب أحتله يفوق قلقه بعد ما سمعه وكان القميص فى يده وصدره عالي ليتحدث بنبرة غاضبة:-
_ شكوكهم وهيتأكدوا، أمال البهايم اللى سايبهم هناك لازمتهم أى وأنت واقف قصادى هنا بتعمل أى؟
أقترب خطوة من "كريم" الذى تحاشي النظر إليه من الخوف وطأطأ رأسه فمسك "جلال" ذقنه بقبضته ورفع رأسه إليه بغضب أكبر وقال بتهديد وعينيه يتطاير منها الشر:-
_ تتأكد قبل الدكاترة ولو حصل وكان فى حد أذى ليان عرف البهايم اللى مشغلهم أنى هدفنها فى أرضهم لو حصل
دفع رأس "كريم" بقوة جعلت "كريم" يفقد توازنه ويعود خطوة للخلف من شدة الدفع، مر "جلال" من جواره غاضبٍ وقدميه تطوى الأرض طيًا ليذهب إليها ، وصل للمستشفى وتحديدًا أمام باب غرفة العمليات وكان "هادى" يجلس منهارًا ووجهه شاحب ويديه ترتجف وبناته الأثنتين بالداخل يصارعان الموت، جالسًا يرتجف وبجواره "وصيفة" تربت على كتفه تحاول تهدأ خوفه وقلقه وجوارها "هدير" ، أما "ياسمين" منهارة من البكاء و"فتحي" يضم يديها ويربت عليها بعينيه الدامعة لكنه يحاول تمالك أعصابه، و"الجارحي" يقف بعيدًا مُتكأ على باب غرفة العمليات ويسند بذراعه على الحامل الحديدي لا يقوى على الوقوف ويفكر فى صغيرته والحالة التى وجدها بها، لا يُصدق أنه رأى قلبها توقف عن النبض أمام عينيه، شريط ذكرياته معها يمر أمام عينيه مُنذ نعومة أظافرها وكل مرة تبتسم فى وجهه وعنادها وحنانها، سقطت دمعة من عينيه أمام الجميع تشق طريقها على وجنته الباردة من القلق، تحدث "جلال" بغضب وعينيه تشتعل كالجمر من الغضب ويكز على أسنانه:-
_ غور شوف دا حصل أزاى؟
ذهب "كريم" بعيدًا ليرى ماذا حدث وكيف؟، سمع "الجارحي" صوته فرفع رأسه ليتطاير منه الغضب فأسرع نحوه بخطوات قوية وبمجرد وصله لكم "جلال" فى وجهه بقوة كاد أن يفقده توازنه وهو يصرخ:-
_ قُدس لو حصلها حاجة مش هيكفيني فيها روحك أنت واللى بلدك كلها
نظر الجميع نحوه بدهشة، مسك "جلال" وجهه بغضب، من البداية وهو يحمل فيضان من الغضب ليكمله ضرب "الجارحي" الآن ليرد اللكمة لأثنين فضربه "الجارحي" أكثر والأثنين بنفس الكفاءة والقوة فأبعدهما "فتحى" و"هادى" الذي صرخ بقوة بهم:-
_ أنا فيا اللى مكفيني مش ناقصكم أنتوا الجوز؟
صرخ "الجارحي" بينما "فتحى" يمسكه من خصره بأحكام قائلًا:-
_ ورب العرش لو مراتي جرالها حاجة لأقتلك ليان بأيدي ، كله بسببك
لم يتحمل "جلال" تهديده بقتل "ليان" فكاد أن يقترب ليمسكه "هادى" بقوة فقال بتهديد واضح وعينيه تلتهم "الجارحي" ولو كانت النظرات تقتل لسقط الجارحي" قتيلًا الآن من نظرته الحادة المُرعبة:-
_ جرب ترفع عينيك فيها وأنا همحيك من وجه الأرض أنت وعائلتك وكل اللى تشددلك
دفع "الجارحي" "فتحى" بعيدًا وأنقض عليه يلكمه بقوة أكثر وهكذا "جلال" وكأن الأثنين أتخذوا هذه المعركة لتفريغ الخوف والقلق الذي أستحوذ على قلبهما من فقد محبوبتهما ، تحدث "وصيفة" بفزع:-
_ قُدس
توقف الأثنين عن الحرب القائمة حين سمعه صوتها، ألتفوا ليروا باب غرفة العمليات فُتح وخرج التروالى الأولى فركض الجميع نحوه وكانت "قُدس" به فاقدة للوعي ، تحدث "الجارحي" بذعر وعينيه لا تصدق حالة صغيرته:-
_ قُدس
_ عن أذنكم
قالتهم الممرضة بتعجل وأخذت التروالى بسرعة تدفعه مع زميل لها إلى العناية المركزة فسأل "جلال" عن صغيرته العنيدة قائلًا:-
_ ليان فين؟
_ لسه العملية شغالة
قالتها الممرضة وركضت بعيدًا لتعود بأكياس دماء راكضة بتوتر ودلفت من جديد إلى غرفة العمليات ، طعن خنجر القلق قلبه بعمق أكثر من حديث الممرضة، جاء الطبيب إلى غرفة العمليات فسأل "هادى" بذعر:-
_ طمني يا دكتور على بناتي ؟
تنهد الطبيب بهدوء ثم قال:-
_ نخلص بس ونتكلم
صرخ "جلال" به بأنفعال يقول:-
_ هو إحنا بنقولك خرجها ، إحنا بنقول طمننا عليها ؟
تنهد الطبيب بهدوء يلتقط أنفاسه بقلق وهو يتذكر "جلال" جيدًا وكيف أقتحم المستشفى فجرًا برجاله وأسلحته فقال بتوتر:-
_ للأسف تحليل الدم أثبت ان فى سم دخل جسمهم وحاليًا بنحاول نعرف السم دا دخل أزاى ودا عرضهم لحالة التسمم اللى كانوا فيها، بالنسبة للمتبرعة حالتها خطيرة لأن نسبة السم كبيرة فى دمها أم أنسة ليان السم أثر على أعراض مرضها
مسكه "جلال" من البالطو الأبيض ودفعه بقوة فى الحائط من الغضب وقال:-
_ تسمم!! ، ليان لو جرالها حاجة أنا ههد المستشفى على رؤوسكم كلكم
لم يصدق "هادى" ما سمعه وأن أحدهم حاول قتل بناته وظل مصدومًا بينما الطبيب فر من يدي "جلال" بصعوبة ليدخل إلى غرفة العمليات، كان "الجارحي" واقفًا أمام غرفة "قُدس" وبجواره "وصيفة" و"هدير"، ظل يرمق صغيرته والطبيبة تضعها على الأجهزة ليرفع يده ووضعها على الزجاج يتمنى لو يمكنه لمس وجهها الآن فتمتم بضعف وصوت مبحوح:-
_ أجمدى يا قُدس
ربتت "هدير" على ظهره بلطف وقال:-
_ إن شاء الله تقوملك بالسلامة يا جارحي
هز رأسه بنعم وخمول فى جسده من التعب وكل ما يسيطر على عقله الآن أن لا تخذله الصغيرة وتغادر هذا العالم، تمنى لو أخبرها بحقيقة مشاعره قبل أن تصارع الموت، مسكت "وصيفة" يده بحنان وقال:-
_ وحد الله يا ابنى وادعلها تقوم بالسلامة يا جارحي
_ يارب
قالها بنبرة خافتة ولهجة واهنة، رأى التروالى الأخر يأتي وعليه "ليان" وحالتها لا تقل شيء عن صغيرته فأخذه إلى غرفة أخرى للحجر الصحى وبجوارها "هادى" ووالديها و"جلال" فتنهد بتعب وأغمض عينيه ، لا يستوعب ما حدث بين ليلة وضحاها فنظر " هادى" على الغرفتين المجاورتين وبناته بداخلهم كلا منهما تصارع الموت بطريقة مختلفة، نظر على وجه "الجارحي" بعقل شارد يفكر فى الفاعل؟ من المجرم الذى قرر قتل بناته؟ كان يحملق بوجه "الجارحي" رغم الكدمات التى تملأ وجهه من الصراع الذى دخله مع "جلال" وتورم شفتيه وتساءل أن كان السبب؟ لكن إذا كان المُنتقم يرغب بجرح "الجارحي" والأنتقام منه لأجل الورث فلما "ليان" طالها نار الأنتقام؟ أصبح عقله شاردًا وعالقًا بين أفكاره المُخيفة....
____________________________
خرجت "مديحة" من غرفتها مُرتدية عباءة سوداء من الحرير وتضع حجابها الأسود حول رأسها وتزيين بذهبها الذي يملأ ذراعيها بأساورها العريضة والكثيرة وثلاثة سلاسة تحيط عنقها وصدرها فرمقتها "آسيا" بدهشة وقالت:-
_ إنتِ خارجة يا ديحة؟
_ أه يا عيون ديحة؟ رايحة للمحامي أشوف مالى اللى أبوكِ سرقوا منى وراح رماه فى بطن جارحي
قالتها بضيق شديد فوقفت "آسيا" أمامها وعقدت ذراعيها أمام صدرها تتفحص والدتها من الرأس لأخمص القدم وقالت بحدة مُتعجبة هيئتها:-
_ هتخرجي بذهبك وإنتِ متزينة به كدة وجوزك لسه مربعناش حتى يا ديحة
تحدثت "مديحة" ببرود وقهرة تغمرها من الداخل قائلة:-
_ مربعناش !! أبوكِ دا يا آسيا ميتزعلش عليه وبعدين ما أنا متنيلة لألبس أسود أهو، وبعدين الحرامية اللى زي أبوكِ مبيتزعلش عليها
تأففت "آسيا" بضيق من حديث "مديحة" وقالت بعناد وحدة:-
_ جرا اى يا ديحة هى هتهب منك على أخر الزمن؟ أهدئي كدة وأعقلي وكني فى بيتك للأربعين ومتفرجيش الناس علينا، الورث مش هيطير
ربتت "مديحة" على كتف ابنتها بضيق وقالت بسخرية:-
_ ومقولتيش البوقين دول لحرمه المصون ست وصيفة ليه؟
ضربت "آسيا" كفيها ببعضهما من الغضب وتعجيز والدتها فى المقارنة حتى بعد وفأة زوجهما تضع المقارنة بينهما ثم قالت بغيظ:-
_ إنتِ عايزة تجنني، هى وصيفة خارجة بمزاجها دا ظرف طارئ رايحة لحفيدتها االلى بتموت فى المستشفى ومعها ابنها راجلها ، أمشي خشي جوا يا أما متفرجيش علينا الناس .... لا ناس أى دا شرع ربنا ، خشي الورث مش هيطير وجارحي مش فاضيلك دلوقت
_ طبعًا هو إنتِ هتجيبيه من برا ، ما إنتِ بنته الحرامي أبن الحرامية
قالتها بغيظ شديد وعادت لغرفتها غاضبة فتأففت "آسيا" بضيق من تصرفات والدتها ثم ألتفت لتذهب نحو غرفة ابنتها "ليل" وفتحت الباب لتسمع "ليل" تقول:-
_ يا عمران ما قُلتلك جارحي ورث كل حاجة وكلنا بقينا لا نملك شيء....
وقفت "آسيا" محلها قبل أن تفتح الباب بأكمله تسترق السمع لهذا الحديث فتابعت "ليل" الحديث قائلة:-
_ أيوة يعنى أعمل أى دلوقت ما أنا اللى فى أيدي عملته وبدلت الشبكة عشان تقدر تجيب الشقة، جاى دلوقت تقولى نأجل الجوازة عشان مفيش شقة
حكت "آسيا" ذقنها بتركيز وهى لا تستمع لحديث "عمران" لكن رد ابنتها جعلها تتوقع ما يلفظ به "عمران"، تأففت "ليل" بضيق وقالت:-
_ لا إنت مجنون بجد، عايزنى أروح لجارحي وأقوله يديني شقة فى العمارة أسكن فيها، دا لو ناوي يعملها بعد المشكلة اللى عملتها وحطت قُدس فيها مش هيقبل لو وقفت على رأسي
صرخت بأنفعال غاضبة جدًا من حدة "عمران" وقالت:-
_ يووووه أعمل اللى تعمله بقى أنا زهقت، تتجوز تأجل الجوازة أنت حر، دى بقيت حاجة تقرف
فتحت "آسيا" الباب وهى لا تتحمل التجسس أكثر من هذا وقالت بغضب:-
_ ليل
أغلقت "ليل" الهاتف وألتفت إلى والدتها التى قالت بحدة:-
_ مش دا اللى أنا قُلته ، المحروس عايزكِ تجيبله الشقة، ما نأخذه بشنطة هدومه بالمرة
تنهدت "ليل" بحزن وحرج من حديث والدتها ثم قالت بتوتر:-
_ لا يا ماما مش كدة هو بس الراجل اللى أشترى منه الشقة نصب عليه وطلع بايع الشقة لحد تاني
قهقهت " آسيا" بسخرية وعينيها ترمق صغيرتها التى تنكمش فى ذاتها على الفراش وطأطأ رأسها للأسفل وشعرها مسدول على الجانبين يخفى ملامح وجهها، تحدثت "آسيا" بنبرة غليظة:-
_ دا بيضحك عليكِ يا حبيبتي وبستغفلكِ ، الواد دا داخل على طمع وبكرة تقولى أمي قالت
تأففت "ليل" بضيق من حديث والدتها وهى تضغط عليها بهذا الحديث أكثر وقالت بحدة:-
_ يوووه أنا فيا اللى مكفيني يا ماما
_ أخره قومي نروح نزور قُدس فى المستشفى ويبقى لنا كلام تاني فى الموضوع دا
قالتها بجدية صارمة فأومأت "ليل" لها بنعم ووقفت من مكانها لتبدل ملابسها ....
______________________________
فى غرفة العناية المركزية كان "الجارحي" جالسًا مع زوجته ويمسك يدها الصغيرة فى قبضة يده والحزن أحتل ملامحه ليقول بخفوت شديد:-
_ أجمدى يا قُدس وقوميلي بالسلامة ، إنتِ وعدتني لو وافقت هتفضلي معايا
أنحنى ليضع قبلة على يدها فسقطت دمعته على أناملها الصغيرة وقال بهمس :-
_ أنا بحبك يا قُدس، بحبك اوى ومعرفتش كدة غير لما خوفت عليكِ وحسيت أن ممكن أخسرك، أرجوكِ متسبنيش لان ماليش غيرك، أوعي تسيبني وتمشي قبل ما أقولك أنى بحبك وأسعدك ، أوعي تخلفي وعدك معايا لأن مش هسامحك عمري كله لازم تكوني قد الوعد
تشبث بيديها بأحكام خائفٍ من خسارتها فخرج منها زفير قوي جعل صدرها ينتفض مما أفزعه ووقف بذعر ينادي للطبيب لكن قبل أن يتحرك توقف محله بدهشة عندما شعر بيدها تضغط على يده وتلفظ أسمه بصوت خافت وحروفها مُتلعثمة جدًا:-
_ جـ ـا ر حـ ـى
دمعت عينيه من الفرحة بيقظتها وجلس محله مرة أخرى ويده تتشبث بيدها بقوة ، فتحت عينيها ببطئ وظهرت خضراوتيها الجميلتين تحملق فى العدم باحثة بعينيها الساحرتين عن رجلها وتنادي عليه مرة أخرى :-
_ جا ر حي
_ أنا هنا
قالها بخفة لتُدير رأسها بتعب نحوه وحملقت به لترى دموعه وكدمات وجهه فقالت بصوت واهن:-
_ خوفت عليا؟
رفع يده الأخرى ليعانق يديها بأحكام أكثر وقرب يدها ليضع قبلة فوقها بحنان وعينيه على محبوبته لا تفارقها وتساقطت دموعه فتمتمت بضعف وصدرها يصعد ويهبط بقوة من التعب:-
_ متخافش أنا كويسة
هز رأسه بنعم فأغمض عينيها من الجديد من التعب وتبتلع لعابها بصعوبة والحديث يؤلمها ، سألت بقلق:-
_ ليان .. ليان عاملة اى؟
_ كويسة
قالها بخفوت ولا يهتم لهذه الأخت فتنهدت "قُدس" بأريحية وعادت لنومها العميق ويدها تحتضن يده ليغادر الغرفة بعد أن تسلل منها ليحضر الطبيب يفحصها وجاء معه "هادى" بسرعة البرق ، وقف ينتظر الطبيب بأريحية بعد أن أطمئن على زوجته لكن سعادته وأريحيته لم تدوم كثيرًا حين قاطعها الطبيب الذي خرج من الغرفة وقال:-
_ الحمد لله جسمها أستعاد صحته وتخلصت من كل السموم
أندهش "الجارحي" من كلمته الأخيرة وقال بتعجب:-
_ سموم!!
هز الطبيب رأسه بنعم وأخبره بما حدث ويجهل "الجارحي" عنه، حديثه كان كالرصاصة التى جاءت فى مقتل له لما تعرضت له زوجته، خرج من هناك كالمجنون وذهب إلى حيث "جلال" وكان يراجع كاميرات المراقبة الخاصة بالرواق الذي به غرفة "ليان" ولم يجد ى شخص غريب يدخل الغرفة وحتى طعام المستشفى لم يأتى قبلها، تنهد "جلال" حين فُتح الباب ورأى "الجارحي" يدخل الغرفة كالمجنون فصرخ بـ "كريم" غاضبٍ يقول:-
_ أنجز يا كريم ، السم دا دخل أزاى
تنحنح "كريم" بتوتر وضغط على زر اللاب بينما تراجع "الجارحي" عن خطواته السريعة بعد أن سمع جملة "جلال" يبحث عن االفاعل، تحدث "كريم" بتوتر:-
_ محدش دخل غير الممرضة دى وللأسف سألت موظفين المستشفى وقالوا أنهم أول مرة يشوفها ومبتشتغلش معهم
قذف "جلال" اللاب بغضب أكبر عن المكتب ليسقط تحت قدم "الجارحي" وصرخ برجاله الواقفين أمامه فى صمت:-
_ عشان أنا مشغل معايا شوية بهايم، أى حد داخل يسيبوا يدخل كدة عادى
_ يا جلال بيه مفيش دبانة دخلت أو خرجت من المكان ألا بأمرك ، والبنت دى وريتنا الكارنية بتاعها وعليه ختم المستشفى فى حاجة غلط وحضرتك ممكن تراجع الكاميرات هتلاقي معها كارنيه ، أكيد في حاجة غلط
كز على أسنانه فى صمت قاتل ليُشير "كريم" للرجال بأن يرحلوا قبل أن يقتلهم الآن، جلس "الجارحي" فى المقعد المقابل لـ "جلال" الذي رمقه بحدة صارمة قاتلة وقال:-
_ والله جايز ليه لا؟
تنهد "الجارحي" بهدوء ثم قال بغيظ مُستشيطٍ غضبٍ من هذا الرجل:-
_ هو أى؟
_ أن يكون اللى عاملها اللى حاول يقتل مراتك وسقطها، ليه لا
قالها بحدة صارمة فأجابه "الجارحي" بغضب أكبر كارهٍ وجوده أمام هذا الرجل:-
_ والله وقال يأخذ ليان فوق البيعة من باب المتعة يعنى
_ بغض النظر عن ظرافتك وتقل دمك، بس لا ، ليه متقولش أنه معرفش مين فيهم قُدس عشان يميزها فخد الأثنين يضمن موتها بدل ما يختار واحدة وتطلع ليان وبكدة يبقى خسر هدفه
قالها بضيق فصمت "الجارحي" قليلًا يفكر فى حديثه وربما هذا ما حدث وخصوصًا أن "ليان" طبق الأصل من "قُدس" فتابع "جلال" بنبرة حادة:-
_ أصلا مين اللى هيفكر يأذي ليان، ودى مالهاش أعداء لكن إنت ومراتك حصل بدل المرة ألف من أول محاولة قتلك لسقوط مراتك ، الخطر بيحوم حواليكم
رفع "الجارحي" ذراعه على المكتب بثقة وقال بحدة:-
_ بسيطة، ما دام دا الأحتمال الأمثل اللى وصلتله وحسب أتفاقنا قُدس أتبرعت لأختها ، سلمنى اللى عمل كدة فى مراتى مش دا أتفاقنا
هز "جلال" رأسه بنعم وعاد بظهره للخلف يسترخي ويضع يديه جانبًا على مقعده ثم قال بخفة :-
_ هتلاقيه فى شنطة عربيتك
غادر "الجارحي" المكتب بتعجل شديد ليعرف ماهية الفاعل الذي قتل أطفاله والآن ربما وضع جريمة أخرى فى دفتره وهى تسمم زوجته، ركض إلى مرأب السيارات ووقف أمام سيارته يحملق فى صندوقها بتوتر خائفٍ من معرفة القاتل؟ فتح صندوق السيارة وصُدم عندما رأى ما لم يتوقعه أبدًا ......