رواية ذئاب لاتعرف الحب الفصل التاسع والثلاثون39بقلم منال محمد

رواية ذئاب لاتعرف الحب 
الفصل التاسع والثلاثون39
بقلم منال محمد
وضــــع أوس كلتا يديه على رأسه ، وضغط عليها بقوة ، فهو لم يتخيل أن تقع أخته ضحية لأكذوبة حقيرة ، وتسلم عرضها دون أي مجهود يذكر .. 
راقب عدي ردود فعله بحــــذر ، وحـــاول أن يبرر له فعلتها بـ :
-هي برضوه صغيرة واتضحك عليها ، وكان ممكن آآ...
قاطعه هو بصوت آجش ومنفعل بـ :
-دي بنت ستين *** ، ملاقتش اللي يربيها 
-دي أختك يا أوس 
صــــر أوس على أسنانه ، وقال بسخرية مريرة : 
-أه اختي ، بس تربية ناريمان ، فهتطلع إزاي ..!
ثم صمت للحظة قبل أن يتسائل مجدداً بضيق بـ :
 وعرفت مين الـ ( وسخ ) اللي عمل كده معاها ؟
هـــز عدي رأسه بالنفي ، وأجابه بـ :
-لأ هي مقالتش عن اسمه ابن الـ *** ده 
نظـــر هو لنقطة ما بالفراغ أمامه ، ثم كور قبضة يده ، وتوعد بـ :
-أنا هاعرف هو مين وهافرمه ...!
نظر عدي له بتوجس ، وقال بهدوء حذر :
-اهدى بس ، الانفعال مش هايحل حاجة الوقتي ، وأنا قولتلك أنا هاحل الموضوع 
حدجه أوس بنظرات محذرة وهو يشير بإصبعه ، وهدر بـ :
-عدي ، إنسى الهبل ده 
نظر عدي له بنظرات جادة ، ونطق بـ :
-ده مش هبل ، ده جواز ، وليان موافقة على كده 
لوى هو زاوية فمه في عدم اقتناع ، وقال متهكماً :
-أه طبعاً لازم توافق عشان تداري على فضايحها النجسة 
-اللي حصل حصل ، وأنا موافق بها كده 
-يا سلام .. 
قالها أوس بسخرية واضحة .. في حين تابع عدي بنبرة جادة بـ :
-أوس فكر بالعقل ، انت فاهم كويس إن لو حد عرف بالكارثة اللي عملتها ، سيرتها هاتبقى على كل لسان وآآ..
قاطعه أوس بصوت صــــارم بـ : 
-تتحمل هي نتيجة غلطتها ، وأنا قسما بالله لهعرف أربيها
ابتسم عدي لنفسه بثقة ، وحدث نفسه بـ :
-سيب تربيتها عليا ، وأنا كفاءة بيها 
تنحنح عدي مجدداً ، وقال بصوت خشن :
-هي مالهاش ذنب .. اللوم على ابن الـ ***** اللي ضحك عليها 
طـــرق أوس على الجدار بعنف بقبضة يده ، وبنبرة تحمل الوعيد أردف
-أعرف بس هو مين ، وهامحيه من على وش الأرض ..!!!!!
هــز عدي رأسه ، ثم بصوت واثق تشدق بـ :
-هاتعرف ، وساعتها أنا بنفسي اللي هاجيبهولك تحت رجليك 
في مسجد الحـــــارة القريب ،،،،،
وقفت فردوس على مدخل المسجد ، وحــاولت أن تنظر داخله لتبحث عن الشيخ أحمد ، فلمحته يجلس وسط بعض الأشخاص ويتحدث معهم .. فترددت في الدخـــول إلى المسجد ، ثم رأت شخصاً ما يلج للداخل ، فطلبت منه برجــــاء :
-الله يكرمك يا بني تناديلي على الشيخ أحمد من جوا ، وتقوله كلم الست فردوس
-حاضر يا ست 
قالها الرجل وهو يخلع نعليه ، ثم دلف للداخــــل 
وبالفعل خــــرج لها الشيخ أحمد بعد لحظات ، وأخفض بصره ، وتسائل بصوت هاديء :
-خير يا ست فردوس 
مـــدت فردوس يدها لتمسك كف يده ، وتقبله ، ولكنه سحبه للخلف سريعاً ، ونظر لها بإندهاش أشـــد ، وقال محذراً
-استغفر الله العظيم ، جرى ايه يا ست فردوس 
نظرت هي له بأعين دامعة ، وبصوت منتحب توسلت بـ :
-شيخ أحمد أنا واقعة في عرضك 
-لا حول ولا قوة إلا بالله ،  قولي يا ست فردوس على اللي انتي عاوزاه 
-عاوزاك تساعدني أبرأ سمعة بنتي من الكلام اللي بيتقال عنها  ، هي معملتش حاجة ، أنا اللي اتسرعت وظلمتها 
-لله الأمر من قبل ومن بعد 
-يا ريت لساني كان اتقطع قبل ما يقول عنها كلمة ظلم ، ولا إيدي كانت اتشلت قبل ما أمدها عليها 
-قدر الله وماشاء فعل 
-إنت الوحيد يا شيخ أحمد اللي هاتقدر تساعدني 
-حاضر .. 
ثم صمت الشيخ أحمد للحظة قبل أن يتابع بـ :
-ست فردوس هاتعملي ايه مع جوزك عم عوض ؟
نظرت هي له بإنكسار ، وقالت بتلهف :
-دلني عليه وأنا أروحله هوا 
مط شفتيه للأمـــام ، وأجابها بهدوء بـ :
-طيب ، هاختم الدرس بس مع الناس الموجودين جوا ، وهاخدك ليه في المستشفى 
ارتسمت ابتسامة رضـــا على وجهها ، وأشارت بيدها للجاني ، وتابعت بحماس 
-ماشي يا شيخنا ، وأنا هاقعد هنا 
-طيب يا ست فردوس ، عن اذنك 
رفعت هي يديها بالدعــــاء ، وأضافت بصوت يحمل السعادة :
-اتفضل يا بركتنا ، ربنا يجازيك خير عنا ، ويجعلك في كل خطوة سلام 
في قصر عائلة الجندي ، 
تفاجئت ليــــان بأوس يقتحم غرفتها ، فإنتفضت فزعة من على فراشها ، ونظرت له بذعـــــر ، وقالت بنبرة مرتجفة :
-آآآ... أوس 
تحرك هو في اتجاهها حيث تقف ، وحدجها بنظرات متوعدة ومميتة ، ثم أمسك بها من ذراعها ، وضغط عليه ، وهدر عالياً فيها 
-عملتي كده ليه ؟
ثم باغتها بصفعة عنيفة على وجنتها ، فحاولت أن تحمي وجهها من بطشه ، ولكنه كان أقوى منها ، وتمكن من صفعها مجدداً.. 
تأوهت ليان من الآلم ، وصرخت فيه بـ :
-آآآآه .. سبني يا أوس ، كفاية
ضغط أكثر بيده على ذراعها ، وقال بصرامة وهو يرمقها بنظرات متأففة :
-مش قبل ما تقوليلي مين الوسخ اللي عملتي معاه كده 
صدر منها أنين مكتوم وهي تحاول أن تبدو قوية أمام أخيها ، فقالت بنزق :
-آآآآه .. معرفش 
هزها أوس بعنف ، وصرخ فيها غاضباً بـ : 
-إزاي متعرفيش ، مفكراني مختوم على قفايا 
بكت هي أمامه ببكاء حـــار ، فلم يعبأ بها ولم يرقْ قلبه لها ، فشعرت بالخزي منه ، وأخفضت رأسها للأسفل ،  وقالت بسخرية مريرة :
-يعني هاتفرق معاك
باغتها أوس بصفعة أخرى على وجهها ، فإكتست وجنتيها بحمرة الغضب ، وسقطت العبرات من طرفي عينيها ، فعضت على شفتها السفلى متألمة ، ونظرت لأخيها بحزن ، وقالت بنبرة معاتبة :
- اضربني ، ده اللي تقدر عليه ، بس خليك فاكر ان اللي اتعمل فيا كان بذنب اللي عملته في غيري 
-هــــاه 
قالها أوس بذهـــول عقب عبارته أخته الأخيرة ، في حين أكملت هي بصوت مبحوح ومختنق بـ :
-الكل جاي يلومني ويحاسبني ، وناسيين تحاسبوا نفسكم الأول ، سواء إنت ولا مامي .. أنا معملتش حاجة زيادة عنكم ، أنا عملت زيكم بالظبط ...!
أصغى هو لكل كلمة قالتها بإنصات ، ثم رمقها بنظرات استهجان ، وسألها بسخط بـ :
-إنتي بتربينا يعني ؟
حدجته ليان بنظراتها الحـــادة ، ووجدت القسوة في عيني أخيها ، فزمت شفتيها في إستنكار ، ثم قالت بضيق :
-لأ .. بس قبل ما تتكلم شوف إنت عملت إيه مع غيري 
كور قبضة يده في حنق ، وقال بنبرة مغلولة :
-مالكيش دعوة بيا ، ولا باللي بأعمله ، أنا راجل وده حقي 
-هـــه .. حقك
قالتها ليان بتهكم جلي ، وهي تحدج أخيها بنظرات ساخطة ..
تعجب أوس من حالة الجمود وعدم اللامبالاة التي أصابت إخته فجــــأة ، فهدر فيها بعصبية بـ :
-إنتي عارفة باللي عملتيه ده اسمك بقى ايه ؟ 
لوت هي شفتيها في عدم إكتراث ، وكفكفت دموعها بكف يدها ، ثم تشدقت بـ :
-مش فارقة ، أنا خلاص هاتجوز صاحبك 
حدجها بنظراته القاسية وهو يسألها بـ :
-ده على أساس إيه بالظبط ؟!!
عقدت ساعديها أمــام صدرها ، ومدت ساقها اليمنى للأمـــام ، وقالت ببرود قاسي :
-هو بيحبني وأنا بأحبه 
صــــر على أسنانه بشراسة ، وتسائل بنبرة مغتاظة :
-بجد ؟! وده من امتى إن شاء الله ؟
-أوس ... أنا خلاص معدتش يفرق معايا أي حاجة ، وسواء كنت هاتجوز صاحبك ولا غيره ، فكلهم واحد بالنسبالي 
-يا بنتي إنتي متعرفيش عنه حاجة 
-مش مهم ..!!
ثم صمتت لبرهة لتبتلع غصة مريرة ، ومن ثم أردفت بـ :
-يعني أنا كنت أعرف إيه عن اللي قبله ..!!!
دفعها أوس من كتفها للخلف ، فتألمت وكادت أن تسقط على ظهرها ، وأصدرت أنين مكتوم .. وصاح بها بـ :
-خلاص أولعي ، بس مترجعيش تلومي إلا نفسك 
إعتدلت هي في وقفتها .. ثم قالت بإصرار :
-أه هاتجوزه ، وهاعيش حياتي معاه 
نظر هو لها بسخرية ، ثم قال بإستهزاء :
-من ناحية هاتعيشي معاه حياتك ، فأنا .. آآآ... ماظنش 
زفرت هي في ضيق ، ومن ثم تابعت بإصرار بـ :
-أووف بقى ، أنا خدت قراري ، وهاعمل اللي شايفاه صح 
-ماشي .. بس أنا ماليش دعوة بيكي 
نظر هي شزراً له ، وقالت بتهكم :
-وإنت من امتى كان ليك دعوة بيا أصلاً ؟
أشـــار هو لها بإصبعه ، وتابع حديثه معها بتهكم بـ :
-صح .. إنتي بتتكلمي صح ، أنا أصلاً غلطان إني جاي أشوف وساختك هتوديكي لفين 
نظرت هي له ببرود ، وقالت بقسوة :
-حتى لو هتوديني في داهية فأنا راضية 
أخـــذ هو نفساً مطولاً محاولاً السيطرة على أعصابه كي لا ينفجر فيها ، ثم زفــره بغضب ، وسألها بـ :
-وأمك عارفة ده ؟
رمقته بنظراتها الساخطة وهي تجيبه بعدم إهتمام بـ :
- عادي ، أنا هاقولها
لوى فمه وهو ينطق بحنق بـ :
-ده إنتي مظبطة كل حاجة بقى 
هزت رأسها عدة مرات ، ثم ســــارت مبتعدة عنه ، وأولته ظهرها ، ونظرت له من زاوية عينها ، وقالت بصوت خافت :
-حاجة زي كده 
تحرك هو في اتجاهها ، ووقف قبالتها ، وأمسك بها من ذراعها لتنظر هي له بنظرات زائغة ، ثم سألها بحنق بـ :
-يعني من الأخـــر كلامي معاكي لا هيودي ولا هايجيب ؟!!
أشاحت هي بيدها لتتخلص من قبضته ، ثم لوت شفتيها وقالت بإستياء جلي :
-ده بإعتبار إنك قايم معايا بدور الأخ أصلاً ، كنت فين من زمان عشان تفهمني الصح من الغلط ؟ ماتجيش دلوقتي تحاسبني ولا حتى تنصحني ، أنا حرة في اللي هاعمله ، وده الحل المناسب ليا 
شعر هو بالضيق من عبارتها الأخيرة المصحوبة بنظرات اللوم والعتاب .. وأدرك أن حديثه معها لن يجدي ،فقد اتخذت قرارها ، وستتحمل وحدها اللوم والعتاب عليه ..
كور أوس قبضة يده ، وطرق بعنف على ضلفة خزانة ملابسها ، ثم صاح غاضباً 
-ماشي ، بكرة تشوفي هايتعمل فيكي إيه يا تقى ..!
ضيقت ليان عينيها ، ورمقته بنظرات حائرة قبل أن تنطق بـ :
-تقى ..!!!
اضطرب أوس على الفور ، وأدرك أن لسانه قد زل دون قصد منه حينما نطق بإسم من تشغل باله ، فحاول أن يتحدث بنبرة طبيعية ، ولكن خرج صوته يشوبه الإرتباك :
-إحم .. قصدي ليان 
-وماله 
قالتها ليان بطريقة متهكمة وهي تتفحصه بعينيها الحمراوتان ... في حين أبعد هو عينيه عنها ، وتنحنح بصوت خشن ، ثم تركها وإنصرف قبل أن تنهـــال عليه بأسئلتها الفضولية ويتحول الوضع برمته نحوه هو .... 
في منزل ممدوح بمصـــر الجديدة ،،،،،
خرجت ناريمان من المرحاض وهي تلف جسدها بمنشفة قطنية ، وتجفف شعرها بمنشة أخرى ، وتوجهت ناحية المرآة لتجلس على المقعد الصغير الموضوع أمامها ، ثم إستدارت برأسها نصف إستدارة لتنظر ناحية ممدوح الذي كان جسده ممدداً على الفراش ، ومثنياً لساقه قليلاً .. وينظر في شاشة هاتفه المحمول .. 
كانت ملامح وجهها جادة للغاية ، ونظراتها قوية نحوه ، ثم تشدقت
-ممدوح أنا هاطلق من مهاب 
انتبه هو لها ، وترك هاتفه من يده ، ونظر لها بإستغراب ، ثم سألها بهدوء بـ :
-ليه ؟
تنهدت هي في إستياء ، ثم أردفت بـ :
-خلاص أنا تعبت ، مش قادرة أستحمل ضغوط أكتر من كده 
زم شفتيه قليلاً ، ونظر لها بتمعن ، وسألها بحذر بـ :
-ممممم.. متأكدة من قرارك ده ؟
أومـــأت برأسها موافقة ، وأضافت :
-أيوه .. أنا هاطلق منه ، ونتجوز إحنا الاتنين 
-ربنا يسهل 
ثم نهضت عن المقعد ، وجلست على طرف الفراش ، ومدت يدها لتمسك بكف ممدوح ، ونظرت له بحنو ، وتسائلت بتوجس بـ :
-يعني انت هتدعمني في قراري ده ؟
ظهر شبح إبتسامة خبيثة من بين أسنانه ، وأجابها بثقة شديدة بـ :
-أكيد .. أنا معاكي للنهاية
                     الفصل الأربعون من هنا
تعليقات



<>