رواية حياة مهدورة الفصل الواحد والعشرون21 والاخيربقلم رشا عبد العزيز


رواية حياة مهدورة الفصل الواحد والعشرون21والاخير بقلم رشا عبد العزيز

اليوم كان مختلفًا ،مشاعرها متخبّطة تجهل كيف تحددها فقد امتزج فيها الخوف بالفرح. لكن كل ماهي متأكدة  منه ان حياتها ستتغير منذ هذا اليوم فسيشاركها قطعة منها لبقية حياتها.

 ورغم شوقها للقائه ،كانت خائفة تلوم  نفسها و تحادثها:

-مالك يا إيمان؟ مش عارفة تفرحي زي الخلق والناس لازم تخافي؟ خايفة من السعادة ليه هو انتي لازم تعيشي فى  نكد عشان ترتاحي ماتفرحي

أنهى حوارها مع نفسها صوت الممرضة وهي تحضر لها الزي الخاص بالعملية لتساعدها حنان التي رافقتها
 
في ارتدائه لكن عينيها كانت تبحثان عنه كطفلة تبحث عن والدها، فتسأل حنان بتوتر:

-هو يحيى فين؟

ابتسمت حنان على تعلق شقيقتها بزوجها و ردّت تطمئنها:

-زمانه جاي ياحبيبتي راح يخلص الإجراءات وجاي. 
وعلى ذكر الأخير وجدته يدخل الغرفة بابتسامته التي تعشقها،  لتناديه بلهفة :

-يحيى

-ايوه ياحبيبي

قالها وهو يقترب منها وقلبه يرتجف فقد تملك الخوف الذي أخفاه عنها وهو يراها بزي العمليات

تشبثت به وكأنه طوق نجاتها :

-خليك جنبي

قالتها بعين متوسلة ، ليحتوى  جسدها ويساعدها على الجلوس، ثم يجلس بجانبها وقال:
 
-ما أنا جنبك اهو هروح فين؟ تعالي

فتح ذراعيه وأراح رأسها على كتفه وضَمّ جسدها إليه ،ويده الأخرى  تمسح على رأسها وجسدها ولسانه يردد آيات قرآنية كي يطمئنها

اماهي فصوته الحنون منحها الأمان والراحة ، و ذكره لكلام الله منحها السكينة لترمي بثقل جسدها عليه 
ابتسمت وهي داخل احضانه وهي تسمع ضربات قلبه السريعة  تعلم انه قلق عليها ولكنه ينكر ذلك كي لايخيفها

انسحبت حنان تاركة  لهم الغرفة وهي تحمد الله في سرها ، ان منح شقيقتها زوجًا حنونًا مثله ، كان عوضًا عمّا قاسته

أما هى فاستكانت بين احضانه وتخلصت من خوفها قليلًا، حتى جاء صوت الممرضة يخبرهم ان غرفة  العمليات جاهزة،  وخلال عشر دقائق سوف  تبدأ  عمليتها فيجب ان تتهيأ.

حرّك يحيى يده على ذراعها بعد عدم إصدارها أي ردة فعل

-حبيبي لازم تستعدي

أخرجها من احضانه، يمسح على وجهها بحنو ويقول مبتسمًا:

-يلا ياحبيبتي

حدقت به قليلا ثم قالت له بصوت مهزوز:

-لوجرالي حاجة ...   أبقى خلي بالك من ابني واخواتي

مسح تلك الدموع التي فرت من عينيها وقال يطمئنها

-أن شاء الله مش هيجرالك حاجة  وهترجعيلي انتِ وعتريس بالسلامة

لتضحك على قوله ثم قرص وجنتها يداعبها:

-يلا يا إيمان وبطلي خوف نفسي أشوف ابني وحشني

تعالت ضحتها واستطاع إخراجها من هذا الخوف قليلًا ثم انحنى نحوها وقبل جبينها قائلا:

-استودعك الله الذي لاتضيع ودائعه  …يلا ياحبيبتي

حضر الممرضين واخذوها أفلتت يده التي كانت ممسكة  بيده ، وتبعها إلى باب غرفة  العمليات
 
وما ان دخلت حتى مسح تلك الدموع التي علقت بين أهدابه

كانت تلك المدة في غرفة  العمليات من أصعب الفترات التي عاشها ، نهش القلق  قلبه، حتى بدأت قدماه تهتز تلقائيًا
 
ويداه ترتعشان  بارتباك، لسانه لم يكف عن ترديد الدعاء ،وقلبه العاشق يرتجف خوفًا عليها
 
يمسك بيده السلسلة التي أهداها إياها في عيد زوجهم بعد أن منعها الممرضين من ارتداء الحُلي، لكنها أبت ان تفارقها تلك السلسلة حتى اللحظة الأخيرة، فأعطته إياها .
 رفع تلك السلسلة نحو فمه يقبّلها ويتذكر ذلك اليوم .....

عندما طلب منها ان تستعد حتى تخرج معه لأن صديقه قد دعاهم للعشاء، كانت متعجبة  من طلبه، وأحست بخيبة  لأنها كانت قد أعدّت له احتفال في المنزل وكانت تريد مفاجأته ،لكنها لبت رغبته واستعدت  وظلت تنتظره حتى طلب منها ان تنزل للسيارة

 استقلت السيارة معه فطالع هيئتها برضا واستحسان، ثم انطلق

حتى أوقف سيارتة قرب النيل، لتسأله  بحيرة:

-وقفت هنا ليه يا حبيبي هو بيت صاحبك فين؟

ضحك على دهشتها وأشار لها  قائلًا:

-انزلي ....هخطفك

رددت كلماته بأر تباك

-تخطفني ؟

لكنها نزلت توجهت نحوه ليمسك يدها ويسحبها خلفه حتى وصلا إلى احد الأرصفة ليقفا امام يخت.

لتسأله بدهشة :

-ايه دا يا حبيبي احنا هنا ليه ؟

اخرج من جيبه التذاكريحرّكها امام عينيها

-حجزت لينا رحلة على اليخت.

ابتهجت ملامحها وامسكت يده  بامتنان :

صعدا على اليخت ،لتقف على الحافة ونسائم النيل تداعب وجهها أغمضت عينيها تستشعر تلك اللحظة التي لطالما تمنتها وكانت حلمًا بالنسبة لها

  ابتسمت تتذكر انها أخبرته بهذا الحلم ذات مرة أخذت نفسًا عميقًا تعبئ رئتيها من هواء النيل الذي امتزجت فيه رائحة الماء والهواء معًا لتزفره بقوة وكأنها تطرد كل المشاعر السلبية التي علقت يومًا في ذاكرتها.

 ضمت يديها إلى صدرها، وظلت مغمضة العينين،  تستمع لصوت النيل واليخت يخترق أمواجه
التي تصطدم به وكأنها معزوفة  طبيعية تنقلها لعالم من  الخيال ، عالم  عزلها عن  كل ما حولها .

 حتى شعرت بيده تطوق جسدها، فابتسمت وهي لاتزال مغمضة  العينين ليرفع يده يحيط رقبتها بشئ ، ارتجف قلبها وهي تتلمس تلك السلسة التي أحاطت رقبتها و تسمعه يهمس بجانب أذنها:

-كل سنة وانتِ منورة  حياتي

تلألأت الدموع في عينيها وقلبها يصرخ بعشقه واستدارت نحوه تمسك يده وتخبره بصدق:

-انت الي نورت حياتي ... متشكرة ياحبيبي على المفاجأة والهدية بحبك يا أحلى هدية  من ربنا

أخرجه من ذكرياته صوت الباب يُفتح وتخرج له الممرضة  صغيره ملفوف بغطاء انتفض قلبه وهرول نحوها يلتقطه منها بلهفة

-ألف مبروك يافندم ولد زي القمر

ليسألها بعين خائفة  وصوت يغلفه القلق:

-ومامته بخير؟ ارجوكِ طمنيني

ابتسمت الممرضة وقالت بعملية:

-ماتخافش يافندم بخير هتخرج كمان شوية
 
اومأ لها وغادرت لتقترب منه حنان متشوقه  لرؤية الصغير:

-ألف مبروك يا أبيه

-الله يبارك فيكى
 
ابعد الغطاء عنه برفق ليرى ذلك الملاك الصغير ابتسم وهو يرى نسخة مصغرة  منه.مد يده  يلمس وجهه  بلطف ثم قربه من وجهه يستنشق رائحته ولم يستطع منع نفسه من تقبيل جبينه لتلمس شفتيه بشرته الناعمة

لمعت عينيه بالدموع واختنق صوته وهو يتمتم :

-ألف حمد وشكر ليك يارب

ثم بدأ يؤذّن في أذنه، وصوته يختنق بالدموع بين الحين والآخر

-ممكن أشيله يا أبيه؟

قالتها حنان وهي تمسح دموعها وتمسح أنفها تكتم شهقاتها ناولها يحيى الصغير

لتحمّله وتنظر له وهي لاتصدق انها تحمل ابن شقيقتها بل شقيقها لو صح التعبير ضمته لصدرها ورفعته تستنشق عطره وتقبّله بهدوء وحذر.

خرجت إيمان من غرفة العمليات إلى غرفة عادية  وبدأت تستفيق كانت تردد اسمه وحده وكانه عالمها الوحيد:

-يحيى… يحيى

امسك يديها بقوة يؤكد لها وجوده بجانبها ويمسح على وجهها بحنان :

-قلب يحيى وكل دنيته حمد الله على السلامة

بدأت تحاول فتح أجفانها بصعوبة  وتخرج لسانها بثقل ترطب شفتيها رفع يدها يقبّلها ويقول:

-فتحي عينك يانور عيني

كانت تصدر أنين متقطع ، تتنفس بتعب وصعوبة وتفتح عينيها وتغلقها حتى اتضحت الرؤية  لديها لترتسم شبح ابتسامة على وجهها

-يحيى.           (بقلم رشا عبد العزيز) 

-عيون يحيى حمد الله على السلامة

ثم انحنى نحوها يقبل وجنتها

-انتِ كويسة  ياقلبي؟

-ابني

ضحك ليقول لها مازحًا:

-كده يا إيمان عاوزة ابنك.... يعني أبوه ماينفعش بعتيني خلاص

ضغطت على يده التي يمسكها بقوة واجابته  بابتسامة متعبة ، وبصوت متألم

-انت روحي بس نفسي أشوفه

عاد يمسح على وجهها ويطمئنها

-حنان اخدته  عند دكتور الأطفال وزمانها راجعة

مر وقت استطاعت ان تفيق وساعدها يحيى على الاعتدال كانت تنتظر حنان التي دخلت توًا تحمل صغيرها

قرأت حنان لهفتها في عينيها لتتجه نحوها وتعطيها الصغير
 
-ألف مبروك يا منمن

التقط الصغير بشوق ورفق، لاتصدق انها تراه أخذت تمرر إصبعها على بشرته الناعمة  كانّها ترسمه لتتساقط دموعها رغمًا عنها ضمت الصغير بقوة  نحو صدرها تؤكد لنفسها ان الحلم قد تحقق ثم رفعته بحنان نحو  شفتيها تنثر قبلات  رقيقة على وجهه فدست أنفها  بين ثنايا عنقه الصغير بشرته الطرية  داعبت بشرتها بلقاء اول يحمل مشاعر الحنان والحب لتهمس له:

-انا ماما ياقلب ماما

أمسكت يده الصغيرة ، ليقبض الصغير على إصبعها ثم قربته تقبّل يده عادت تحدق به لتقول:

-ياروحي انت …شبهك اوى  يا يحيى
 
قالتها وهي تلتفت نحو يحيى ليقترب منها ويجلس بجانبها يضمها وصغيرها معا  رفعت نظرها إليه وقالت بفرح
-أنا بقيت أم يا يحيى
 
قبّلها على جبهتها قبلة طويلة ثم نظر إلى صغيره وهو يقول:

-وأحلى أم في الدنيا

مشاعر تجرّبها للمرة  الأولى تختلف عن كل المشاعر جبر بعد صبر طويل وعوض جميل بعد جرح كبير

التفّ حولها الجميع اخوتها ، وباسم وبسمة يهنئونها بقدوم صغيرها الذي كانت تحمله بين أحضانها كأنه كنز ثمين وتأبى تركه حتى فوجئت بآسر ياخذه منها ،ثم يسلمه لحنان التي بدورها سلمته، لإسلام الذي أعطاه ليحيى وهو يقول مبتسمًا:

-أتفضل يا أبيه ابن حضرتك احنا عاوزين امّنا لوسمحت

أنقضّوا على ايمان  يحتضنونها ويقبّلونها ضحكت ايمان على فعلتهم وهي تراهم يقبلون رأسها ووجها و يديها
وهم يرددون:

-حمد الله على السلامة يا أمي
 
ابتسم يحيى وهو ينظر لطفله ، ثم نظر إلى فرحتها بهم
حتى وجدو الباب يفتح فجأة وتدخل منه ليان مندفعة نحوها ابتعدوا عنها لتقترب منها وتعانقها

-إيمي …حبيبتي مش مصدقة  نفسي أنا بقيت خالتو  واخيرًا . حمد الله على السلامة ياحبيبتي

ظل إسلام وأسر ينظرون إلى بعضهم البعض  حتى انفجرت حنان بالضحك لتضرب كتفها بخفة  وهي تقول معترضة:

-لي لي هانم أنا اللي بقيت خالتو

لتقول بحنق و هي مستنكرة:

-أنا كمان بقيت خالتو  مش كده يا إيمي؟

قالتها وهي تحول نظرها من حنان لها لتهز ايمان رأسها مبتسمة وتقول:

-كده يا حبيبة  ايمان

-هو انتِ ليان؟

قالها إسلام بدهشة ، لتستدير ليان لمصدر الصوت،  لتجد شابًا وسيمًا بحسد رياضي لتعود بنظرها نحو إيمان وتسألها بهمس:

-هو مين الجان الكاريزما ده ؟

لتجيبها بذات الهمس :

-دا إسلام

رددت اسمه متعجبة :

-إسلام هو رجع ؟

-ايوه مش أنا قولتلك انه رجع

-ايوه بس ما قلتليش انه قمر  كده

وكزتها ايمان وهي تنظر لإسلام الذي يكتم ضحكته

-اتلمي يا بنت عيب

تحمحمت بعد ان وعت إلى موقفها لتقول بحرج وبصوت مرتفع:
 
-اهلا يا أستاذ إسلام حمد الله على السلامة

-اهلا يا آنسة ليان .....ايمان ديما بتذكرك بالخير

-إيمان دي اختي واعز صحابي

قالتها وهي تعود تقبّل وجنة  ايمان التي كانت سعيدة  بوجودها اليوم دليل على  صداقتها الحقيقية وقربها منها
لتنهض تبحث عن الصغير وعينيها تدور في الغرفة حتى وجدت يحيى يحمله لتقترب منه

-ممكن أشيله يا مستر

-اه أكيد
 
قالها يحيى وهو يناولها الصغير لتحمّله وتتلمسه  بحنان،  تحت نظرات إسلام الذي كان يراقب تصرفاتها الطفولية بإعجابٍ مكتوم

 
كانت إيمان سعيدة بذلك الجمع الذي التفّ حولها فوجود اخوتها، وليان وبسمة  وباسم الذان كانوا  فرحين بشقيقمها الصغير

**********************************
دخل عليها يحيى وجدها ترضع صغيرها الذي بلغ عمره اليوم شهرين وبدأ يحاول التركيز في الوجوه والتعرف عليها ليبتسم يحيى وهو يراها تنظر اليه بحب واتسعت ابتسامته وهو يسمع حوارها معه

-حبيب ماما شبعت ولا لسه ؟

ظل الصغير يحدق بها يرضع قليلًا ويتوقف لتكمل هي :

-مالك ياروحى عاوز تحفظ شكلي ؟

امسكت يده وانحنت تقبلها وهي تقول

-اه يا زيزو لو تعرف أنا بحبك إد أي أنا بحبك اكتر من روحي انت حلم واتحقق يا زيزو عمري ماكنت احلم اني أكون ام

لمعت الدموع بعينيها واختنق صوتها  لتسترسل بحرقه

-كنت بشوف بنات الجيران الي قدي عندهم العيل
 واتنين بتحسر على حالي تعرف يا زيزو كانوا بيعملو أي لما بيشوفوني

كانو بيخبو عيالهم بيخافوا لاحسدهم واللي كانت بتوريني عيالها كانت بتقول عقبالك يارب تتجوزي اهو تلحقيلك تخلفي عيل قبل ما يفوت الأوان

ثم هربت  دموعها حتى سقطت قطراتها على يده.
لتمسحها بسرعة وتكمل :

-كانو بيجرحوني يا زيزو وأفضل أعيط كل ليلة كانت دموعي تبلل مخدتي ومش بقدر اشكي لحد 
كنت بتكسف احكي لحنان.

ثم أبعدته ووضعته على كتفها لكي يتجشأ واحتضنته بقوة تكمل

-بس تعرف أنا شكيت للواحد الأحد والحمد الله اهو سمع شكوتي وعوضني احلى عوض

أعادته لأحضانها مرة أخرى لتجده ينظر اليها ويبتسم لتقبل وجنته وتقول :

-ماقولتليش يا زيزو ماما عجبتك ؟

-قمر وأحلى من القمر كمان احلى ام في الدنيا

قالها يحيى وهو يقترب منها ويجلس بجانبها لتبتسم بحب وتقول

-حبيبي ما حستش بيك جيت امتى

-من شوية ياروحي

ثم حمل منهاالصغير يقبله ويضعه بين احضانه

-أكيد مش هتحسي بيا إذا كان يزن باشا واخدك مني
أراحت رأسها على كتفه وتنهدت بارتياح
 
-محدش يقدر ياخدني منك ياحبيب روحي

أدار رأسه نحوها وقبل رأسها ثم رفع يده يمسح دموعها التي علقت بين أهدابها برفق وقال معاتبًا :

-إذا كنت سمحت ان الدموع دي تنزل فدا عشان تقفلي صفحة الماضي خالص وتنسيها لكن أنا مش هسمح ان الدموع دي تنزل تاني دموعك غالية عليا يا إيمان

لم تجد ماتجيبه به فنظرة عينه الحنونة وذلك الحب الذي ملئ صوته لن تكفيه كلماتها لترتمي بين احضانه تشارك صغيرها فأصبح يحتضنهما معًا ، دفئ أحضانه وأمانها جعلها تقول :

-بحبك يا يحيى انت العوض الجميل الي بشكر ربنا عليه
عاد يقبل رأسها ويضمها اليه بقوة قائلًا

-وأنا بموت فيكِ ياقلب يحيى

حتى سمعت رنين هاتفها ، ابتعدت عن احضانه تجيب على الهاتف لتجد شقيقها المتصل أجابت ليسمعها يحيى تقول.

-حاضر يا إسلام هكلمها متخافش بس انت متأكد من قرارك ياحبيبي لي لي غالية عليا يا إسلام مش ترضى تتجرح او تزعل طيب ياحبيبي خلاص مع السلامة

عادت تجلس بجانب يحيى وتزفر أنفاسها بحيرة التفت اليها يسألها ؛

-أي مالك يا إيمان ماله إسلام ؟

-عاوز يخطب لي لي

قطب يحيى حاجبيه وسألها مستفهمًا :

-ومالك متضايقه كده المفروض تفرحي

ابتسمت له تخبره :

-أصل عاوزني أكون خاطبة واكلم لي لي أنا خايفه يكون مش متأكد من قرار مش عاوزة حاجة تأثر على علاقتي بلي لي

-لا متخافيش متأكد ، مش أنا قولتلك ان نظرات اخوكي فيها حاجة حتى في سبوع يزن كان مركز معاها

ضحكت وربعت قدميها على السرير بجانبه وقالت :

-ايوه صحيح  قولتلي ، حبيبي لماح ، طب تفتكر لي لي توافق

ضيق عينه ثم قال مبتسمًا

-موافقة وقبل ما تتصلي حتى

رفعت حاجبيها مندهشة وقالت بتحدي :

خلينا نشوف كلامك هيطلع صح ولا ، لتتصل بها مباشرة

-آلو ازيك يا حبيبتي

-إيمي حبيبتي ازيك وحشاني وزوز حبيبي ازيه

-الحمد الله انت ازيك ؟

-الحمد الله بخير وعاطلة عن العمل

ضحكت ايمان ونظرت نحو يحيى الذي كان يتابع المكالمة بترقب

-طب مدام عاطلة عن العمل فيه حد سأل عليكِ
تنبهت حواس ليان لتسألها بتعجب :

-مين ؟
-إسلام.             (بقلم رشا عبد العزيز) 

بلعت ريقها ورددت اسمه بلهفة

-إسلام بجد يا إيمي ؟

-ايوه وسألني لو مرتبطة اصله عاوز يتقدملك وطلب مني اسألك لو موافقة عشان يتقدم

-موافقة طبعُا

قالتها ليان بسرعة ومن دون تردد مما جعل ضحكة تنفلت من ايمان التي تنظر ليحيى الذي يكتم ضحكته

لكنها قالت لها موبخة :

-يا بنتي اتقلي متبقيش مدلوقة كده خدي وقتك وفكري

-فكرت يا إيمان وموافقة

-لي لي فكري

-يا ايمان فكرت وموافقة اكلم بابا

لينفجر يحيى هنا ضاحكًا وهو يقول ساخرًا

-الجمعة كويس يا ايمان وخير البر عاجله

*************************************

ثمان شهور مرت وها هي لي لي تقف امامها بفستانها الأبيض  تنتظر إسلام ليصطحبها للقاعة التي سيقام فيها الزفاف  كانت سعيدة وهي ترى فرحة ليان تلك الصغيرة التي أحدثت فرقًا كبيرًا في حياتها اقتربت منها لتقول ليان لها وهي تمسح على ثوبها وتدور يمينًا ويسارًا

-أي رأيك يا إيمي حلو؟

أمسكت ايمان يديها وقالت :

-تجنني قمر ياحبيبتي

-تسلمي يا إيمي متشكرة

ثم شددت ايمان على يدها وقالت :

-مش هوصيكي على إسلام يا ليان دا الغالي

-إسلام في عنيا دا حبيبي يا إيمان
 
ابتعدت ايمان عنها عندما سمعت بحضور إسلام وابتعدت عنها تترك مجال له لكن عينها كانت تتابعه

بحب وسرورفصغيرها اليوم عريس ذالك الرجل الصغير الذي طالما سندها وكان عونًا لها
 
وقبل ان يخرج هو وليان التفت ليجدها أمامه اقترب منها يعانقها لتقول له

-ألف مبروك ياحبيبي ربنا يسعدك

خرج من أحضانها وأمسك يدها يقبلها

-الله يبارك فيك يا أمي

كان يعلم انها لطالماعشقت هذا اللقب منهم وهو على يقين انها تستحقه مسحت على ذراعه وهي توصيه

-خلي بالك من لي لي يا إسلام دي حبيبتي

-لي لي في عنيا متخافيش يا منمن

احتضنتها ليان بامتنان :

-ربنا يسعدك يا حبيبتي

ثم أخرجتها من أحضانها تحثها على الرحيل

-يلا روحي مع جوزك القمر دا قبل ما تتأخروا

رحلت ليان وإسلام لتقترب والدة ليان منها وتربت على ظهرها :

-متشكرة يا إيمان

ضمتها إيمان تخفف عنها فراق ابنتها الوحيدة وتمسح دموعها التي سالت رغما عنها

-على أي دي ليان حبيبتي وصدقيني إسلام راجل

 وهيحافظ عليها متخافيش

أومأت لها والدة ليان وهي تمسح دموعها

********************************"" "

في قاعة الزفاف كان الجميع يراقب العروسان وهما يرقصان رقصة السلو ليبدأ إسلام وليان بالرقص
أحاط خصرها وبدآ يتمايلان على أنغام الموسيقى انحنى يهمس لها

-من أول يوم شفتك فيه وانا متأكد أننا هنوصل للحظة دي وهتكوني عروستي وهنرقص سوا

تجمعت الدموع بعينها وقالت بنبره صوت عاشقه

-وانا من يوم ماعرفتك وانا بحلم باللحظه دي

رفع يده مسح دموعها  ويده الأخرى لا زالت تمسك بها بتملك وقال مستنكرًا

-بتعيطي ليه المفروض تكوني فرحانه

-دي دموع الفرح

-طب بلاش  دموع انت قمر النهاردة

-بجد يا إسلام ؟

-بجد ياروح إسلام بحبك يا لي لي

-وانا كمان بحبك ياقلب لي لي

انتهت رقصة العرسان لتطلب منظمة الحفل من كل زوجين بالرقص معا ليطلب يحيى منها الرقص  بعد ان أخذ منها يزن واعطاه لباسم

امسك يدها وبدأ الرقص معها لينظر اليها بندم ويقول

-إيمان.           (بقلم رشا عبد العزيز) 

-أيوه ياحبيبي

-أنا أسف معملتلكيش فرح وجوازنا كان بسيط انت كنتِ تستحقي حفله زي دي

-بس أنا مطلبتش حفلة

-بس المفروض يتعملك حفلة زي باقي البنات

رفعت يدها تداعب وجهه وتنظر له نظرات توقد فيها الحب

-مش مهم الفرح أنا بحس معاك انى عروسة كل يوم

 المهم اني معاك وانت معوضني بحبك

-ربنا يديم علينا السعادة يا أم عتريس

ضحكت ايمان وقالت :

-ويحفظك ليا يا أبو عتريس

******************************، 
كان يقف متذمرا وهو يحمل شقيقه الصغير الذي بلغ عمره عشرة اشهر  كان الصغير يرفع يده يتلمس لحيته
ويقبض على بعض الشعيرات ليمسك باسم يده يمنعه ويقول بحنق :

-يزن اقعد عاقل ياولد مش كفايه انت جايبلي الشبهه الي يشوفني يقول اني أبوك البنات هتبصلي ازاي دلوقت 
ليضحك الصغير ويهمهم بكلمات غير مفهومة

-بتضحك يا زيزو طبعا انت إيش همك فرحان باخوك 
ثم رفعه يقبله فباسم يعتبر يزن ولده دائمًا ما يلاعبه ويهتم به

-أبوك الباشا عايش حياته ايوه يا زيزو خلينا نسيبه يستمتع وأمك ترشينا بصنيه بسبوسة معتبرة زي بتاعة الأسبوع الي فات أي رايك؟

قالها باسم لشقيقه الذي كان يقهقه ضاحكًا كان يظن باسم انه يضحك معه لكنه انتبه انه توقف عن الكلام والصغير لازال يضحك

-أي دا انت بتضحك مع مين ؟

التفت باسم نحو ما ينظر له شقيقه ليجد فتاة جميلة جدًا تلاعبه من بعيد لينظر لها ببلاهة ويعود ينظر نحو شقيقه

-والله وطلعت بتعرف تشقط يا ابن يحيى !

لم يستطع منع نفسه من النظر اليها من جديد لكنها اخفضت عينها بحرج  فارتبك هو وعاد ينظر نحو شقيقه 
الذي عاود الضحك فعلم انها تنظر اليه ليتعمد الاقتراب منها دون النظر اليها لكنه دهش عندما وجدها تقترب منه وتقول

-لو سمحت ممكن أشيله ؟

تردد في البدايه لكنه أعطاها الصغير لتحمّله وتبدأ في مداعبتها اندمج معها الصغير لتسنح الفرصة له بالنظر اليها وهو معجب بجمالها الأخاذ لكنه انتبه لنفسه وأبعد نظره عنها واستغفر الله ثم قال بتلعثم :

-ممكن اخد يزن ؟

وأشار لها نحو الصغير لتنظر له بحزن وتقول :

-ممكن تخليه معايا شوية

ليجيب بحرج :

-آسف بس أنا عاوز امشي

-مش هو يزن ابن ايمان ؟

رفع حاجبيه باندهاش من معرفتها بالصغير وقال :

-ايوه صحيح وأنا اخوه

-طب خلاص خليه معايا وانا هخلي بالي منه
لتقرأ التردد والخوف في عينيه فتقول مطمئنة

-أنا نرجس أخت ياسمين مرات وليد اخو العروسة  وإيمان عرفاني متخافش عليه

وكأنها أعطته كل ما يريد معرفته عنها دون عناء منه ليهز رأسه بالموافقة ويبتعد وهو يردد اسمها بخفوت :

-نرجس

حتى التقى بإيمان ووالده لتسأله إيمان بقلق:

-امال يزن فين ؟

-نرجس أخدته

قالها هو يشير لها نحوها تنهدت ايمان بارتياح وهي تضع يدها على صدرها تهدئ ضربات قلبها

-خلاص مدام عند نرجس أمان

- انت تعرفيها كويس.      (بقلم رشا عبد العزيز) 

سألها باسم بترقب لتجيبه :

-ايوه دي نرجس أخت ياسمين مرات وليد

-يعني تعرفيها كويس ؟

قطبت حاجبيها وسألته مستفسرة:

-وانت بتسال ليه ؟

انتبه على نفسه وقال بتلعثم :

-لا أبدا مافيش حاجة

عادوا جميعًا ليجلسوا على طاولة واحدة يراقبون فقرات الحفل حتى انتبهت إيمان إلى عين باسم الي تتنقل مع حركة نرجس لتدنو منه وتسأله بصوت منخفض :

-على فكره نظراتك مفضوحة هي السنارة غمزت ؟

-شكلها كده يا مرات ابويا

التفت اليها يسألها :

-انت أي رايك؟

-بصراحه البنت قمر

-اه هي من ناحيه قمر فهي تجنن

ابتسمت إيمان واردفت :

-وكمان أخلاقها عالية ومن عيلة كويسة

-انت شايفة كده ؟

قالها باسم في حيرة

-تحب اكلمهم أنا عندي علاقة طيبه مع اختها ووالدتها
اتسعت ابتسامته وقاله في لهفة :

-بجد يا إيمان طب خديلنا ميعاد بالمرة

ضحكت ايمان وهي ترحل نحو مكان تواجد عائلة نرجس ظل باسم ينتظرها بتوتر حتى انتبه له والده :

-مالك يا باسم ؟

-هي مش ايمان اتاخرت !

-يا ابني اهدى زمانها جاية هي مش قالتلك عندي علاقة طيبة بيهم خلاص هي هتكلمهم متخافش 
ثم رفع ذقنه يشير له برأسه

-أهي جات.      (بقلم رشا عبد العزيز) 

ما أن اقتربت ايمان حتى استقبلها بقلق :

-ها يا إيمان عملت أي ؟

اشارت ايمان إلى نفسها بفخر وقالت :

-خلصتلك كل حاجة واخدتلك ميعاد وتقريبًا موافقة

-بجد ! يا حبيببتي يامرات ابويا

ضحك ايمان ويحيى على تصرف باسم وهو  ينتشل شقيقه من ذراع والده يحمل يقذفه عاليًا ثم ويمسكه يقبله قبلات متعددة

-يا حبيبي يا يزن مش هنسالك الجميل دا

درات عين إيمان تراقب من حولها لتصل عينيها إلى حنان وهي تجلس مع زوجها امجد وابنتها تضحك بسرور والى جانبهم والدة امجد التي تشاركم الفرحة لتحمد الله كم تغيرت تلك المرأة في معاملتها مع شقيقتها حتى امجد اصبح يعرف كيف يضع قيمة لها وحدود لحياتهم الشخصية

انتقلت عينها نحو آسر الذي يحمل ابنته ويراقصها وبجانبه مريم زوجته التي عرفت قيمة زوجها وتعلمت الدرس 
جيدًا حتى موقفها من إيمان تغير وهاهم اليوم يعيشون بحب وراحة بال

ثم وصلت أنظارها إلى العريس والعروس إسلام شقيقها الأقرب كم هي سعيدة انها وصلت للحظة التي رأته فيها عريس ومما زاد فرحتها انها نقلت الامانة من أكتافها إلى اكتاف ليان تلك الصغيرة التي تراها اليوم ناضجة بابتسامتها التي غمرها الحب تعلم ان الاثنين سيعيشون حياة سعيدة وسيكمل أحدهما الآخر إسلام بعقله وحكمته وليان بطيبتها وحنانها

ثم نظرت إلى بسمة التي حضرت منذ قليل و تشاركم الطاوله  كانت تلاعب صغيرها فادي وبجوارها زوجها 
فريد ابتسمت وهي تتذكر كيف تغيرت نظرة بسمة لها بعد ان تاكدت من أن إيمان لم تبعد والدهم عنهم بل العكس كانت تقربهم وتجمعهم به دائمًا وهي تدعوهم  للقاء كل أسبوع وكم اسعدها تقبلها لشقيقها بل وتعاملها معه .

تجلب له الهدايا والألعاب حمد الله انها لم تصبح سبب في إبعاد يحيى عن أولاده

ثم انتقلت عينها إلى باسم ذلك الذي أصبحت عينه تلاحق نرجس أينما ذهبت وابتسمت وهي تراه كيف اصبح يخطط ليوم الخطبة ويسأل والده بين الحين والآخر ماذا سيفعل في ذلك اليوم

ثم التفتت بجانبها تتطلع لمالك قلبها ذلك الذي اصبح حياتها بأكملها كم كانت سعيده وهي ترى فرحته بصغيرها وكيف يلاعبه وكم تعلق الصغير به تشعر كأنه عاد شابا من جديد يعيش حياة جديدة معها ومع صغيرهما
حمدت الله على هذا العوض الجميل حياة جديدة لم تكن تحلم بها أبدًا فبعد ان كان عنوان حياتها الوحدة والحزن

أصبحت اليوم حياة مليئة باصوات الفرح والحب
حاولت النهوض ليمسك يحيى يدها ويسألها :

-رايحة فين ؟

زمت شفتيها بدهشة وتعجبت من سؤاله

-رايحة عند حنان عاوزة اسألها عن حاجة تخص إسلام 

انحنى  منها يهمس لها

-متطوليش بتوحشيني حتى وانت جنبي

تحول عبوسها إلى بسمة ونسيت ما كانت تريد فعله لتجلس بجانبه متشبثة بذراعه تسند رأسها على كتفه
وتنسى العالم بقربه
***************************************

كانت الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل حين استيقظ صغيرها استفاقت على صوت بكائه واتجهت نحوه ترضعه وتهدهده حتى غفى من جديد لتعيده على فراشه وتدثره جيدا ثم عادت لتستلقي في فراشها ومان استلقت حتى وجدته يمد يده ويسحبها نحو احضانه

 يحيطها بذراعيه كما تعودت منذ بدايه زواجهم

لم تعلم لماذا ما مرت به اليوم جعلها تعيد شريط حياتها لتجتاحها مشاعر كثيرة ترجمتها هي بدموع انهمرت من عينيها لم تستطع كتمانها ، دفئ أنفاسها وسخونة دموعها على صدره أفزعته ليبتعد عنها ويسألها بقلق :

-مالك يا إيمان فيك أي يزن جراله حاجه انت كويسة اتكلمي ياحبيبتي

سيطر الرعب عليه يمسك وجهها بيديه ويزيح دموعها حتى استطاعه ان تتكلم من بين شهقاتها

-من فترة كنت فاكرة ان عمري ضاع وحياتي بقت مهدورة وكل شيء انتهى لحد ما ظهرت انت في حياتي 
وعرفت ان حياتي لسه بتبتدى مش مهم فاضل فيها قد أي بس المهم اني بعيش حياة سعيدة عوضتني عن كل جراحي ونستني كل همومي

ثم نظرت اليه بأعين يتوقد منها الحب وقالت :

-متشكرة يا حبيبي أنا معاك إنسانة تانية وحياة جديدة بحبك يايحيى بحبك يالي غيرت حياتي
ابتسم واقترب منها يقبل جبينها

-أنا الي بشكرك انك نورتي حياتي وخليتيني أعيش الحب من جديد أحييتي قلب مات ونسي الحب واتولد على أيدك من جديد

بحبك يا روح الروح

                    تمت
لقراءة باقي الفصول من هنا
 





تعليقات



<>