رواية وصمة قلب بقلم هاجر السيد
"أسرار لا تموت"
كانت الشمس تتسلل إلى غرفة "حلا"، لكن نورها لم يكن كافياً ليبدد الضباب المتراكم في عينيها. وقفت أمام الشباك، تحدق في اللاشيء، كأنها تبحث عن مخرج لا تراه، عن صوت لا يُسمع، أو ربما عن قلبٍ ضاع منها ذات خيانة.
دخل "مالك" الغرفة دون صوت، خطواته ثقيلة رغم هدوئها، اقترب منها حتى صار خلفها تماماً، لكن كلماته كانت كافية لتهز جدران الصمت:
"لسه بتفكري فيه؟"
ارتجفت للحظة، لكنها لم تلتفت.
همست (بصوت مرتجف):
"أنا مش بفكر في حد."
ضحك بسخرية، اقترب أكثر، ثم أمسك ذراعها بقسوة مما جعلها تتألم:
"طبعاً... عقلك في حتة، وقلبك في حتة، افتكري كويس... أنا اللي أنقذتك، وأنا اللي بحدد مصيرك، وهو... مالوش مكان في حياتك."
ترك يدها بعنف، وخرج تاركاً خلفه صدى كلماته يجلجل في أذنيها. جلست على الكرسي، أنفاسها متقطعة، وضعت يدها علي قلبها كأن الألم بدأ ينهشها من الداخل.
-------
[في مقهى شعبي]
كان "سيف" يجلس إلى طاولة خشبية بجوار
"فارس"، بينما البخار يتصاعد من كوبين شاي لم
يُلمس. كانت نظرات سيف معلقة على مجموعة
رجال يتحدثون على طاولة قريبة. بينهم رجل يدعي
"شاهين"، المعروف بصلاته المشبوهة مع مالك.
فارس (بتوتر):
"شاهين ده مش سهل... هتعمل إيه دلوقتي؟"
سيف( بثبات مريب):
"كله ليه نقطة ضعف... وأنا بعرف أمسكها كويس."
فارس(يحاول استدراك الامر):
"والناس البريئة اللي هتتأذي؟"
(رمقه سيف بنظرة جامدة ):
"مفيش حد بريء... الكل ليه يد في الحكاية دي."
نهض بعدها، تاركًا كوب الشاي دون أن يلمسه، خرج من المقهى بخطوات باردة وعينين لا ترى سوى هدفها
---
[في شارع قديم]
كانت تسير "حلا" وحدها، تلتفت كل بضع خطوات، كأن الظلال تلاحقها، أو كأن ذنبها صار كائناً يهمس
في أذنها. وفجأة، ظهر "سيف" أمامها من بين الظلال، كأنه خرج من العتمة نفسها. شهقت، وتراجعت خطوة.
حلا( بصوت مرتجف):
"إنت عايز مني إيه؟"
سيف (ابتسم ببرود):
"مش عايز منك حاجة... بس انتي هتقوليلي كل حاجة."
اقترب منها خطوة، عينيه مليئة بالغضب المكبوت:
"كان سهل عليكي تنسي؟ ولا مالك علمك تلبسي قناع البرود؟"
حلا(بصوت بالكاد مسموع):
"انت مش فاهم"
سيف (بعصبية):
"أنا فاهم كل حاجة... وبكرة هتفهمي يعني إيه قلبك يبقى في إيدي."
تركها وابتعد، وهي بقيت في مكانها، تنهار بصمت.
---
[في فيلا مالك عز الدين]
"مالك"، جلس مع "شاهين" وسط ملفات متراكمة على المكتب. الأجواء مشحونة بالقلق، والعيون تقرأ ما لا يُكتب.
شاهين:
"سيف رجع، وشكله ناوي يقلب الدنيا."
مالك( ابتسم ابتسامة باردة):
"ما تخافش... أنا عارف هو بيفكر في إيه."
شاهين (بعصبية):
"لو فتح بقه بالكلام اللي يعرفه، إحنا الاتنين هنروح في داهية!"
مالك (وهو يرفع كأس العصير إلى فمه، وينظر إلى شاهين كصياد يتأمل فريسته):
"سيبه يحفر قبره بإيده... ونهايته جاية أسرع مما هو متخيل."
---
[في غرفة أخرى من نفس الفيلا]
كانت "رغدة" والدة مالك، تراقب من النافذة خروج "شاهين"، وجهها لا يحمل أي مشاعر.
رغده وهي تفتح درجًا وتسحب ورقة تحمل نسخ
قديمة من عقود مشبوهة، مماثلة لما يمتلكه "سيف":
"رجعت تحفر بإيدك يا مالك... بس القبر مش لسيف لوحده."
---
[في ورشة فارس]
جلس سيف يتفحص مستندات خطيرة، وأسماء كبيرة... بينها اسم "شاهين" متصل بعقود لم توقع إلا في الظلام.
فارس( الذي كان يراقب بذهول):
"دي ورق يسجن أي حد... انت جبت ده منين؟"
سيف (وهو يبتسم بشر):
"دي مجرد البداية"
رفع ورقة فيها اسم مالك وشاهين،
سيف(بثبات قاتل):
"مش هفضحهم... هخليهم هما اللي ينهشوا بعض. وأنا أتفرج."
--------
[في بيت أهل "حلا"]
كانت الأم تدخل غرفة ابنتها لتجدها منهارة.
الأم جهاد (بقلق):
"مالك يا بنتي؟ قلبي واجعني عليكي."
حلا( بصوت مرتجف):
"هو ناوي يقتل سيف... وأنا مش قادرة أعمل حاجة."
الأم( ودموعها تنهمر):
"أنا اللي قولتلك تسيبيه... بس الظلم ما بيخلقش رجالة، بيخلق وحوش."
---
[في مكان مهجور، منتصف الليل]
سلّم "سيف" مفتاح USB لرجل مقنع، لم يظهر وجهه.
الرجل المقنع:
"دي النسخة التانية... لو مالك وصل للأولى، دي هتكون الخلاصه."
سيف(بتسأل):
"وأنت هتفضل في الظل لحد إمتى؟"
الرجل المقنع (بثبات):
"لحد ما تدفعوا تمن اللي حصل من 12 سنة."
---
[ فجر اليوم التالي]
كانت حلا واقفة أمام شباك غرفتها. الدموع جفت، لكن الصمت صار أثقل، سمعت صوت مالك يتحدث بهاتفه.
مالك (بصوت فيه شر):
"الليلة دي كل حاجة هتبدأ… سيف لازم يختفي، بأي تمن."
تجمدت حلا، تسقط دموعها على خدها و تهمس بصوت مكسور:
"يا رب… هتنتقم مني مرتين؟"
وصوت أنفاسها ظل يتردد في الفراغ، بين خوف لا ينتهي، وقلب لا يزال ينزف.
