رواية عزبة الدموع الفصل الثامن8 بقلم داليا السيد

رواية عزبة الدموع بقلم داليا السيد

رواية عزبة الدموع الفصل الثامن8 بقلم داليا السيد

امرأة
بركان من الغضب انفجر داخلها فرفعت رأسها لترد ولكنه كان أسرع بالرد وهو يقول "أميرة!؟ ما الذي نطقتِ به الآن؟ من أين أتيتِ بذلك الكلام؟"
كانت نبرته الغاضبة تثير الخوف في الجميع ولكن أميرة كانت هادئة وهي تقول "أهل العزبة، كنت أمر بينهم اليوم وعرفت منهم" 
نظر إليها بنفس العيون الغاضبة ثم نهض وقال "انهضي وتعالي معي إلى من أخبرك ذلك الآن"
ارتبكت أميرة ونظرت إليه ثم إلى أمها التي قالت "أنت تقول أنها كاذبة يا آدم؟" 
لم يعبأ لسميرة وهو يحدق في أميرة وعاد يقول وهو يجذبها من ذراعها
"هل سمعتِ؟ انهضي الآن" 
نهضت بخوف وهي تبعد يده وتنظر له بفزع وارتباك وقالت "آدم أنا أقصد أن، لقد قال أن، أحدهم كان عندها واحترق البيت وأنت أنقذتها"
أمسكها من ذراعها مرة أخرى وقال بغضب "أخبريني الحديث الذي سمعتيه جيدا وإلا أقسم ألا أترك الأمر يمر بسلام، هل تتحدثين الآن؟ هيا انطقي"
ارتجفت أميرة بين ذراعيه وقالت "آدم ذراع، إنه، لا أعلم، أقصد أن أحدهم دخل بيتها وأراد أن، آدم اتركني أنا لم أقصد شيء"
ولكنه لم يتركها وقال "لن أتركك إلا عندما تنطقين بالحقيقة التي سمعتيها هيا انطقي"
بدأت عيونها تدمع ثم قالت "حسنا لقد تهجم عليها أحدهم واحترق البيت وهي تدافع عن نفسها ثم أنت أنقذتها، هذا ما عرفته اتركني الآن"
ولكنه لم يفعل وإنما قال "إذن لم يكن الأمر كما ادعيتِ أنتِ؟" 
حاولت أن تخلص نفسها من يده وهي تقول بألم "انتهينا آدم، اتركني أنا لم أفعل شيء" 
ولكنه قال "اسمعيني جيدا أميرة، إياكي واللعب معي أو معها بألعابك القذرة هذه، تعلمين أني لست بالخصم الذي يستهان به ولابد أن تعرفي أن أعراض الناس لا يمكن الخوض فيها هل تفهمين؟ خاصة إذا كانت امرأة تحت حمايتي ومسؤليتي الشخصية وعليكِ أن تحاذري في كلماتك في المرة القادمة وإلا سأجعلك تندمين" 
ثم ترك ذراعها دافعا إياها بعيدا بقوة وكاد يتحرك مبتعدا لولا أن قالت أميرة بجرأة غريبة من بين دموعها "ولماذا أنت غاضب جدا من أجلها هكذا؟ هل هناك شيء بينكما أم"
لم تكمل حيث وقفت هي وقالت بقوة "اخرسي، كيف تقولين ذلك؟ كيف تسمحين لنفسك أن تدعي بالكذب على أشخاص أشرف منكِ مائة مرة؟" 
لم ترد أميرة لأن آدم عاد وقال "هل أصابك شيء بعقلك لتقولي ذلك الهراء؟ أنتِ نسيتِ من أنا؟ توقفي أميرة عن هذه التصرفات وإلا اقسم أن أخرجك من بيتي دون عودة هل تفهمين؟ هذه المرأة ضيفة في بيتي وتحت حمايتي والجميع يعلم من أنا وعمتي تعيش معي وأنا أقيم خارج الفيلا بالغرفة الخارجية، سُمك هذا لا تبثيه بيننا لأنه لن يجدي نفعا هل تفهمين؟ هذا آخر انذار لكِ"
ثم تركها وذهب إلى مكتبه وصفع الباب خلفه بقوة ارتج لها الجميع بينما نظرت رنين إلى أميرة بنفس الغضب فقالت اميرة "أنتِ سبب كل ذلك، لم لا ترحلين؟ لا أحد يريدك هنا ألا تفهمين؟ إن وجودك لا يثير إلا المشاكل" 
نظرت إليها ولم تعرف بماذا ترد لولا أن قالت فوقية "أميرة، توقفي ليس لكِ أي حق في أن تطلبي منها الرحيل، هذا بيتي وبيت آدم نحن فقط من يحق له أن يقول من يبقى ومن يرحل ورنين باقية شئتِ أم أبيتِ وإذا لم يعجبك الأمر يمكنك أنتِ الرحيل فأنتِ من تبغي المشاكل والخوض في الأعراض وأنا لن أقبل بذلك" 
نظرت أميرة إلى فوقية وقالت بدهشة من كلماتها "تطرديني من أجلها خالتي؟"
وقفت سميرة وقالت "خالتك على حق يا أميرة أنتِ لابد وأن تهدئي وتعتذري من خالتك وطبعا هي لا تقصد طردك ولا أي شيء، هي فقط تريد أن توقف المشاكل هيا كفانا ما حدث الآن اذهبي لآدم واعتذري منه هيا إنه لا يستطيع أن يغضب منكِ"
نظرت أميرة لرنين بغيظ ثم تحركت إلى مكتب آدم فشعرت رنين بغضب لا يوصف رغم أن العمة أعادت لها كرامتها 
قالت العمة "اذهبي يا فتاة واحصلي على الراحة لقد انتهى الأمر"
ولكن سميرة لم تصمت وقالت "يبدو أن أمرك يهمه يا فتاة لذلك ثار غاضبا"
قالت بغضب "ماذا تريدون مني أنتِ وابنتك؟" 
تفاجأت المرأة من كلامها بينما قالت فوقية "رنين هل يمكن أن تهدئي؟ سميرة رنين في حماية آدم منذ أن أنقذها وأي شيء يصيبها فهو الذي سيسأل عنه، أنتِ تعرفين آدم جيدا لا يقبل الظلم ولا الغدر ولا اللغو الكثير خاصة إذا لم يكن حقيقي وأعتقد أنني طالبت بإغلاق الموضوع فكفي عن الكلام"
زاد ضيقها وشعرت برغبة في البعد فلم تعد تتحمل اولئك الناس أكثر من ذلك فتحركت مبتعدة
 نظرت إليها العمة وقالت "إلى أين يا فتاة؟" 
لم تنظر إليها وقالت "سأرحل وأترك لكم البيت وأعود، لا مكان لي هنا" 
نهضت فوقية واتجهت إليها وقالت "كيى عن هذا الهراء، لن ترحلي عن هنا، هذا بيتك وهنا أرضك ومشروعك ولن يمنعك أحد من تنفيذه، هيا اذهبي لتهدئي" 
كانت نظرات الحنان بعيون المرأة تمنحها الهدوء والسكينة فأخفضت عيونها وتحركت فقالت العمة "إلى  أين؟"
نظرت إليها وقالت "سأخرج أحتاج لتغيير جو"
ولم تنتظر ردها، كانت تريد أن تبتعد قبل أن تخونها دموعها التي لا معنى لها، سارت كثيرا في العزبة والتقت ببعض الرجال الذين كانت تعمل معهم رحبوا بها جدا والتقت بزوجة الرجل التي كانت ترسل إليها الطعام شكرتها وأمضت معها ومع أولادها وقتا جميلا أعاد إليها هدوءها  
قررت أن تعود قبل الغروب وما أن دخلت الفيلا حتى رأته يخرج في طريقه لسيارته، لم تنظر إليه واتجهت إلى الداخل ولكنه اتجه إليها وأوقفها 
نظر إليها وقال بغضب مكبوت "أين كنتِ؟" 
نظرت إليه بغضب مماثل وقالت "وما شأنك؟"
لاح الغضب عليه وقال "ألم يصلك كلامي مسبقا؟ أنتِ ببيتي أي مسؤولة مني ومن حقي أن أعرف خطواتك" 
عقدت ذراعيها وقالت "أنا لست طفلة ولست مسؤلة من أحد ثم يمكنك إصلاح بيتي لأعود إليه وترتاح من مسؤوليتي وتتفرغ لمسؤولياتك"
ثم تحركت لتبتعد ولكنه أوقفها قائلا "لا داعي لإثارة غضبي، تعلمين أني لن أتركك وحدك مرة أخرى وكفي عن تصرفاتك هذه لن أتحملها كثيرا"
قالت بعناد "وماذا؟ ستعاقبني بماذا هذه المرة؟ لن أسمح لك ولن تفعل"
اتجه إليها ووقف أمامها وعيونه تلمع من الغضب وقال "لا تثيري غضبي أكثر من ذلك تعلمين أنني يمكنني أن أفعل الكثير فتوقفي عن العناد هل تفهمين؟" 
قال كلمته الأخيرة بصوت خشن بث فيه غضبه مما أثار رجفه في جسدها ولكنها لن تشعره بالخوف فتراجعت وقالت "لا لن أفعل إلا ما أريده وما أراه صواب ولم يعد يهمني ما تظنه بي من أنني تلك الفتاة المدللة التي لا تصلح لشيء وأنت الرجل المسؤول الذي يتولى وصايتي ولابد أن أطيعه أليس هذا ما تظنه بي؟" 
نظر بعيونها بقوة للحظة ثم قال "صح، من الجميل أنكِ تعرفين ذلك لذا عليكِ الالتزام بما يجعلكِ على قدر المسؤولية"
ثم تركها في غضب بينما قالت بنفس الغضب "ولكني لا أهتم بك وأنت لا تمثل لي أي شيء ولا أريد أن أبقى هنا، هل تسمعني؟ وأنت وعدتني أن تصلح بيتي هل تسمع؟" 
ولكنه لم ينظر إليها ولم يرد وركب سيارته ورحل دون أن يعبأ بدموعها التي انسابت في ضيق وألم فقلقه عليها ليس له مبرر وكلماتها له تعني أنه لا يهمها وربما لا اعتبار لوجوده ولكن لماذا يهتم؟ لابد أن يعيد التفكير في تصرفاته ولكن هل يمكنه ذلك؟  
في اليوم التالي اتفق مع صاحب الأرض وقرر السفر للإسكندرية وأثناء اتفاقه دخلت أميرة فأنهى اتصاله
نظرت إليه وقالت "حقا ستذهب إسكندرية" 
أشعل سيجارته وقال "نعم عندي عمل هناك" 
اقتربت منه وقالت "إذن خذني معك" 
نظر إليها وقال "أميرة أنا ذاهب في عمل"
قالت بدلال لم يخفى عليه والغريب أنه لم يعد يتأثر به "أعلم وأنا سآتي من أجل العمل ألن نذهب للمحامي من أجل قضية الطلاق؟ إنها فرصة" 
نفث الدخان بضيق شعر بها خلفه ويدها على كتفيه وقالت "بالتأكيد، أيضا أنت بحاجة للراحة من العمل فلم لا نقضي بعض الوقت و.." 
ابتعد وهو يقاطعها "أميرة أخبرتك أني ذاهب للعمل وليس للراحة فهل ننتهي من ذلك" 
قالت بضيق "ماذا بك؟ أنت تغيرت" 
قال بدون تراجع "بالتأكيد لا يمكن أن يظل المرء دون تغيير" 
قالت وعيونها تمتلئ بنظرات غريبة "وأنا؟ وحبنا؟" 
لم ينظر إليها وقال "تعلمين الرد فلا داعي للسؤال" 
قالت برجاء لا يعلم ما إذا كان كاذب أم صادق "ولكن أنا عدت وما زلت أحبك" 
قال بغضب "وأنا لم أكن اأتظرك طوال تلك السنوات، لقد انتهى كل شيء بيننا يوم وافقتِ على الزواج من رجل آخر وإنا إذا اتخذت قرار في شيء لا أتراجع فيه هل وصلت الرسالة؟" 
تراجعتمن غضبه الواضح وقالت "من أجلها أليس كذلك"
نظر إليها وقال "من أجل من؟"
قالت بغيظ "تلك الفتاة التي أحضرتها لبيتك، أكيد.." 
أوقفها بغضب "أميرة أنا لا أسمح لكِ لقد حذرتك من قبل ألا تتحدثي في هذا الأمر" 
تراجعت على الفور وقالت "حسنا حبيبي أنا آسفة لا أقصد شيء أنا فقط أغير عليك" 
كانت قد أحاطت عنقه بذراعيها ولكنه أبعد ذراعيها وقال وهو يبتعد "للمرة الأخيرة يا أميرة احذري فى كلامك معي فلن أرحمك مرة أخرى"
قالت بنفس الغيظ  "حسنا أدم دعنا من الأمر سآتي معك غدا من أجل المحامي" 
تحرك للخارج وقال "كما تشائين" 
بالطبع ما أن سافرت معه حتى تركها بالفندق وابتعد إلى عمله ولا يعلم لماذا كانت تلك العيون البنفسجية تطارده أينما يذهب وكلما زاد بعده زاد فضوله عنها وعما تفعله الآن؟ هل رأت هيثم أم تحدثت مع غيره أم ...
وقع العقود في مكتب سالم وانصرف الجميع وتبقى هو مع سالم فقال "شكرا سالم بيه على وقتك" 
ابتسم سالم وقال "أنا سعيد جدا بالتعامل معك حقا، كثيرا ما تحدثت عنك مع آسر ابني وأتمنى أن يكون العمل بيننا أكثر من ذلك"
قال "وأنا أيضا بالطبع فسمعتك معروفة للجميع هل ابنك محامي  ناجح مثلك؟" 
ضحك وقال "لا هو مهندس بشركة بترول كبيرة اسأل رنين عنه إنهم أصدقاء منذ الطفولة لا يفترقان إلا عندما كانت تسافر مع والدها ولكن عندما تعود لم يكن لها أصدقاء سواه وربما تكون بينهم قصة حب لا أعرفها" 
أشعل سيجارة وقد شعر بالضيق وربما الغضب يقتحم هدوء قلبه ويملؤ ضلوعه بالألم والغضب، إذن لها رجل يدق حياتها لذا هو لا يمثل لها أي شيء، كم ضايقته تلك الحقيقة وشعر أن الهواء لم يعد يكفيه
قام وقال "سعيد بمعرفتك سالم بيه، اسمح لي لابد أن اعود العزبة الليلة" 
صافحه المحامي وقال "أتمنى لكم النجاح والتوفيق"
رد باختصار "أشكرك" 
تحرك مبتعدا وكأن رغبته في البعد تدفعه إلى أقصى البلاد ..
تعليقات



<>