
رواية بعينيك اسير
الفصل العاشر10
بقلم شهد الشوري
ظنت كاميليا أنها قد نجحت في التأثير عليه، ولكن سرعان ما شهقت بألم عندما قام بثني ذراعها خلف ظهرها، ليجعلها تواجهه بظهرها، فصرخت في وجهه بحدة :رأفت انت اتجننت؟
دفعها بعيدًا عنه بازدراء قائلاً بصرامة:
المجنون هنا هو انتي، مفيش حد في الدنيا مجنون ومريض زيك يا كاميليا
أشار إليها من أعلى لأسفل، متابعًا بنبرة مليئة بالاحتقار :
السنين عدت، لكنك لسه زي ما انتي، نفس حركاتك الرخيصة، حركاتك اللي ما عرفتيش تعمليها زمان، بتحاولي تعمليها دلوقتي
نظرت إليه بغضب من إهانته، فتابع رأفت هو بغضب أكبر:
أختك اللي هي مراتي لحد دلوقتي، مش عارفة انك من زمان بتحاولي تسرقي جوزها منها وتدمري حياتها، وبعد كل السنين دي، رجعتي بنفس التفكير الرخيص اللي ما اتغيرش....كل حاجة في الدنيا اتغيرت إلا انتي!!!
ضحكت بخفوت، مبتلعة إهانتها، ثم قالت بتحدي:
ما تنكرش إني عجباك
ضحك بقوة قائلاً بقرف :
عمرك شوفتي حد بتعجبه الزبالة وبطالحاجات الرخيصة المكشوفة!!!
جزت على أسنانها بغل، لكنها صمتت ليكمل هو :
عشان كده أنا اتجوزت عليا زمان، وما قبلتش بيكي لما خيروني بينكم
رفعت يدها لتصفعه، لكنها توقفت في الهواء عندما قام رأفت بثني ذراعها بعنف مردداً بغضب :
لولا إنك ست، كنت كسرت عضمك، اللي مصبرني عليكي هي عليا، لو ما كانتش موجودة، ما كنتش خليتك تقعدي دقيقة واحدة في الشقة، ورميتك في الشارع
ثم تابع، وهو يضغط على ذراعها بقوة آلمتها :
انتي ماتستاهليش أخت زي عليا ولا ابن زي عمار مش هقول سفيان، لأنه طالع لسكي نسخة منك يا كاميليا حتى شريف الله يرحمه مكنتيش تستاهلي ضفره
غمغمت بغضب وهي تتوعد له :
صدقني، هتدفع ثمن كلامك ده غالي اوي يا رأفت
أستهزأ بها قائلاً بحدة :
أعلى ما في خيلك اركبيه....لكن حذاري يا كاميليا، تقربي من عيلتي أو تأذي حد فيهم، همحيكي من على وش الأرض
ضحكت عليه بتهكم، ثم قالت بغموض:
هو أنا لسه هقرب يا رأفت؟ ما أنا قربت خلاص!!!!
قطب جبينه بعدم فهم، قائلاً بحدة :
قصدك إيه؟
لوحت له بيدها قائلة بتحدي:
بكرة تعرف بس بلاش تهدد وتقول كلام مش هيحصل، كان غيرك أشطر يا..... يا جوز أختي
تجلس لينا مع ميان في شرفة غرفتها، تفرك يديها بتوتر بينما كانت ميان تراقب الشارع بتركيز، مصوبة عينيها نحو البناية المقابلة
دخلت عليهما همس فجأة تبتسم بتوسع ثم قالت :
لقيت نفسي فاضية، قولت أعدي عليكم واحكي ليكم الأكشن اللي حصل معايا كله
ثم جلست بجانب لينا، وضعت قدمًا فوق الأخرى مرددة بغرور زائف :
هاتيلي عصير فراولة
ردت عليها ميان بسخرية دون أن تلتفت إليها :
كان على رجلك نقش الحناء وأنا معرفش، قومي اعملي لنفسك، انتي عارفة طريق المطبخ
رددت همس بغيظ :
باردة
سألت لينا ميان بتردد :
ميان هو عمار ابن خالتك كويس
ردت ميان دون أن تنظر إليها :
آه بيتحسن الحمد لله
سألتها مجددًا بتوتر :
طب مش واجب تروحي تزوريه
التفتت لها ميان تلك المرة تسألها :
ليه ؟
غمزت همس بعينيها وقالت لها بمرح، مشاكسة إياها:
يا واد انت يا بتاع الواجب
ردت عليها لينا بضيق وغيظ :
أنا غلطانة، كنت عايزاها تعمل الواجب وتطمن على ابن خالتها
ضحكت همس ثم قالت بمرح :
تطمن عليه وتطمنك انتي كمان، مش كده
ثم تابعت بمشاكسة وهي تضع قدم فوق الأخرى :
الواد ده شكله وقعك خالص
صرخت عليها لينا بضيق:
ايه وقعك دي؟ هتعملوا عليا حفلة، لكن انا الغلطانة عشان اتكلمت ونصحتها
رددت همس بسخرية :
متغلطيش تاني بقى، ولو قلقانة عليه، انتي عارفة طريقه روحي اعملي الواجب انتي يا لينو
في تلك اللحظة، تغيرت ملامح ميان، فسألتها همس بفضول :
انتي مالك واقفة.عمالة تبصي للشارع كده ومش معبراني أنا وهي؟ مركزة مع ايه أوي كده؟
ردت عليها ميان بتوتر ملحوظ :
مفيش
سألتها لينا بشك :
معاها حق، أنا بردو من ساعة ما دخلت، وانتي واقفة كده ومركزة مع حاجة مش عارفة هي ايه....في إيه يا ميان؟
صرخت عليهم ميان بانفعال:
قولت مفيش حاجة، هي قصة
عنفتها همس بحدة :
بت انتي اتعدلي ومتعليش صوتك، وقولي اللي عندك أحسنلك، بلاش لف ودوران
رددت ميان بحدة مماثلة :
مش بلف وأدور، قولت مفيش حاجة
في تلك اللحظة، رن هاتف ميان أجابت على الفور بمجرد أن علمت اسم المتصل، وهو حارس البناية المقابلة لهم قائلاً بلهفة :
ست ميان، الست كاميليا لسه طالعة من العمارة دلوقتي، ووقفتلها تاكسي ومشيت خلاص
شكرته، ثم ركضت لداخل غرفتها، وحذبت صندوق صغير، وركضت للخارج، بينما تبعتها همس ولينا وهما لا تفهمان شيئًا
قطبت همس جبينها وهي ترى ميان تدخل الشقة، وتضع أجهزة تعرفها جيدًا من عمل والدها، إنها أجهزة تصنت صغيرة الحجم، وضعتها في أماكن مختلفة في الشقة كغرفة النوم، المطبخ، الصالون، والشرفة، لم تترك مكانًا إلا وضعتها فيه
سألتها لينا بضيق :
ميان انتي بتحطي إيه في بيت الست دي؟
سألت همس بعدم فهم :
ست مين؟
اجابتها لينا بضيق :
خالتها كاميليا.....أم سفيان وعمار!!!!
رددت ميان بضيق مماثل :
هفهمكم كل حاجة، بس مش وقته، خلينا نمشي من هنا بسرعة قبل ما ترجع
ثم عادت بهما إلى حيث كانتا في البداية، في غرفتها، وشرحت لهما ما حدث من البداية :
لما شوفت نرمين واتأكدت من فريدة، خليت الشغالة اللي بتنضف البيت عنده تعمل نفس اللي أنا عملته من شوية، حطت أجهزة تصنت في كل مكان سمعتهم بيتكلموا، وجابوا سيرة كاميليا!!!!!
ثم جعلتهما يستمعان للحوار الذي دار بين نرمين وزاهر وبعد أن انتهى، قالت بغضب :
كان لازم أراقب كاميليا هي كمان، بعتت حد يراقبها زي ما عملت مع نرمين واللي اسمه زاهر.....لازم يكونوا تحت عيني دلوقتي اتأكدت إن سفيان لسه بيحبني، وإنهم عملوا حاجة كبيرة أوي، خليتوا يبعد عني كده، هما السبب في عذابي السنين دي كلها
رددت همس بحزن :
ميان، سفيان بعد عنك قبل اللي عملوه اصلا، هو ما يستاهلكيش صدقيني
دافعت ميان عنه قائلة :
غصب عنه يا همس، اللي حصل مش سهل، أنا عذراه، وأكيد اللي عملوه التعابين دول كبير لدرجة تخليه يعاملني كده
عنفتها همس بغضب :
باقية عليه يا ميان ليه، ده لو مكتبك وصلات أمانة ومتبرعلك بكليته، مش هتعملي كده، ده مش بيفوتش فرصة إلا لما يسمعك كلام زي السم؟ ابعدي عنه يا ميان، واشتري كرامتك.....هو اللي هيجيلك زاحف والله
ثم تابعت همس بقرف :
اللي زي سفيان ده، طول ما انتي لازقة فيه هيشوف نفسه عليكي، لكن لما تتجاهليه وياخد بالجزمة، هيلف ويدور حوالين نفسه عشان يرجعك ليه زي ما كنتي، ويرضي غروره،. هو ما ينفعش معاه غير العقربة اللي متجوزها، طلعي نفسك من الليلة دي، يا ميان، بتتعبي نفسك على الفاضي، مش هيصدقك زي ما جدته قالت
رددت ميان بدموع مهددة بالنزول :
هيقضوا عليه، هو بيحبني بس محتاج اللي يشيل الغشاوة دي من على عينه
تنهدت لينا بحزن لأجلها ثم قالت :
همس معاها حق يا ميان، البعد عن اللي زي ده راحة، انتي تستاهلي الأحسن منه
نفت ميان برأسها وقالت بدموع :
مش بإيدي والله، مش قادرة أشوف غيره، مش قادرة أنساه، نفسي أطلعه من دماغي والله، مش عارفة، سفيان كويس مش وحش، هو بس محتاجني جنبه عشان آخذ بإيده وأطلعه من اللي هو فيه
تمتمت همس بضيق وحزن :
إحنا نبهناكي يا ميان، وإنتي حرة. بس هقولك حاجة أخيرة، إحنا مش عايزين غير مصلحتك، مراية الحب عامية، إحنا شايفين اللي إنتي مش شايفاه....اسمعي مننا، بيعيه مرة زي ما طول عمره بايعك، واشتري نفسك وكرامتك، بلاش تجري ورا وهم
ثم تابعت وهي تنظر إلى الساعة في هاتفها :
أنا لازم أمشي، هعدي على بابا عشان هيخرج من المستشفى كمان ساعة، يدوب الحق
قالت ميان وهمس معًا :
الف سلامة عليه، وحمد الله على سلامتك يا همس
أومأت لهم بابتسامة ثم غادرت،.فالتفتت لينا إلى ميان قائلة بتردد وتوتر ملحوظ :
ميان هو عمار مش شبه أخوه ، يعني مش نفس الطباع، صح مش كده؟
تنهدت ميان وقالت :
بتسألي ليه؟"
زفرت لينا بضيق ثم. قالت بحنق :
هو السؤال حرام؟ كل ما أتكلم تقولوا ليه، لو مش عايزة تجاوبي متجاوبيش، وبطلي تعملي عليا حفلة انتي وهمس بقى
رددت ميان بابتسامة خافتة :
خلاص متزعليش
ثم تابعت وهي تربت على يدها :
عمار مش زي سفيان خالص، متقلقيش منه، عمار طيب وبيعرف يحكم عقله كويس، ولين في المعاملة، وفي صفات كتير حلوة بس....بس عنده عيب واحد بس!!!
سألتهالينا بقلق :
إيه هو؟
زمت الأخرى شفتيها قائلة بغيظ :
بيقولي يا ميمونة
تمزح بينما لينا أصابها القلق مما قالت، فوكزتها بكتفها قائلة بضيق :
تصدقي إنك رخمة وباردة أوي
ضحكت ميان بخفوت قائلة :
بهزر، قومي يلا خلينا نمشي
سألتها لينا بعدم فهم : على فين؟!
ابتسمت ميان وهي تضبط خصلات شعرها قبل أن تغادر و وتجذب الأخرى معها :
نروح نطمن على الواد الغلبان ده، زمانه مشتاق هو كمان وقاعد على نار
رددت لينا بهدوء تخفي لهفتها :
معنديش حاجة، ممكن أروح معاكي عادي
شاكستها ميان قائلة :
يا واد يا تقيل
ارتدت سيلين ملابسها بإهمال، متجاهلة والدتها التي تحاول منعها قائلة بقلق:
رايحة فين يا بنتي؟ خليكي مرتاحة
أحكمت سيلين حجابها حول رأسها، فاقتربت منها سميحة قائلة بحزن:
حقك عليا يا بنتي....أنا عارفة إني قصرت في حقك وكنت قاسية عليكي، بس أنا ندمت، فوقت متأخر صحيح، بس عشمانة إنك تسامحيني
نظرت لها سيلين للحظات، ثم قالت بنبرة خاوية من المشاعر:
فوتتي متأخر أوي
بكت سميحة بندم بينما كان كمال يراقب ابنته بحزن وألم على حالتها التي وصلت إليها، لم تعد كما كانت في السابق، لا بهيئتها ولا بشخصيتها، سيلين التي أمامه ليست ابنته التي كبرت أمامه يوماً بعد يوم!
كانت ميان تقود سيارتها متجهة إلى منزل فريدة برفقة لينا سرعان ما توقفت بسيارتها عند إشارة المرور، وعندما نظرت لجانب الطريق، وقعت عيناها على "سيلين" لم تتعرف عليها في البداية ولكن عندما دققت النظر بها ابتسمت وصفت سيارتها على جانب الطريق ثم نزلت منها هي ولينا التي لم تفهم شيئًا وما إن اقتربت منها قالت بلهفة:
سيلين!!!
قطبت الأخرى جبينها قائلة بخفوت :
حضرتك تعرفيني؟
رددت ميان بابتسامة جميلة :
مش فكراني....أنا ميان بنت خالة عمار وسفيان، كنا بنلعب سوا وإحنا صغيرين، وكمان قصي ومروان أخويا اللي يرحمه
تذكرتها سيلين فابتسمت لها قائلة :
ميان....أخبارك إيه ليكي واحشة والله
جلست ميان بجانبها على المقعد الحجري الذي يطل على
البحر قائلة بابتسامة :
أهو عايشة، انتي أخبارك إيه؟
تنهدت سيلين بحزن ثم قالت :
عايشة برده
انسابت دموعها على وجنتيها بحزن، فسألتها ميان بقلق وهي تضع يدها على كتفها :
بتعيطي ليه يا سيلين، انتي كويسة؟
لم تجب سيلين، واكتفت لينا بمتابعة الحديث بصمت فتنهدت ميان بحزن قائلة :
انا عرفت اللي حصل زمان من فريدة، ليه عملتي كده في قصي؟ كلنا كنا عارفين إنه بيحبك
رددت سيلين بدموع وندم :
أنا الوحيدة اللي كنت غبية، كنت شايفة معاملته ليا معاملة أخ لأخته، كنت فاكراه بيتعامل معايا على الأساس ده، ومكنش في دماغي حاجة تانية، لما طلب مني الجواز وقالي إنه بيحبني، اتصدمت يا ميان واتلخبطت....أنا كمان يومها كنت رايحة أقوله إن معجبة بشاب معايا في الجامعة، اتعرفت عليه من سنة أولى وطلبني للجواز، أنا وافقت، لقيت نفسي يومها بقوله إني بحب راغب وهتجوزه، وسبيته ومشيت واتفاجأت بسفيان بعدها بكام يوم عندي، بيتهمني إن سبب حالة قصي إنه حابس نفسه، قال لي اني مسؤولة عن اللي هو فيه، وإنه لازم أعمل اللي هيقوله عشان قصي يقف على رجليه تاني ويبقى كويس
تنهدت ثم أكملت حديثها بحزن :
كنت يومها مصدومة يا ميان، مش قادرة أشوف قصي غير أخ زي كل السنين اللي فاتت، فاختارت راغب ورفضت قصي ساعتها سفيان قالي اعملي كل اللي عملته عشان يكرهني ويقف على رجليه تاني ويتخطاني ويكمل حياته
بكت أكثر ثم تابعت قائلة بحزن :
نفذت وعملت كل اللي طلبه، عارفة إنه غباء بس هتكلم مع مين وأخذ رأيه، وهو كان الوحيد اللي قريب مني، أقرب من أبويا وأمي اللي رمياني من سنين
سألتها ميان بصدمة :
سفيان!!!!!
أومأت لها سيلين بحزن، صمتت ميان للحظات ثم قالت :
قصي بيحبك
أومأت برأسها قائلة بندم وحزن :
بس مش هيقدر ينسى الكلام اللي قولته ليه يومها، صعب اصلا مفيش حد هيقبل على نفسه كده
رددت مين وهي تربت على يدها بحزن وشفقة :
طريقكم لسه مفتوح وفيه فرصة
نفت سيلين برأسها عدة مرات قائلة بدموع:
اترجيته بدل المرة ألف، مفيش فايدة كل اللي على لسانه انتي اللي وصلتنا لكده....ومش هيقدر ينسى
نطقت ميان بتلك الجملة التي لم تصدقها بالأساس :
الوقت بينسى كل حاجة
ثم سألتها لتغير مجرى الحديث :
انتي بتشتغلي إيه يا سيلين؟ وبتعملي إيه في حياتك؟
ردت عليها سيلين بدموع :
مش بعمل أي حاجة
سخرت منها ميان قائلة :
مقضياها بكى ليل نهار يعني
ثم تابعت بجدية :
كده غلط...ضعفك واستسلامك ده غلطؤ البكا هيعملك إيه يعني؟ ضعفك ده غلط يا سيلين، اشتغلي وكملي حياتك بلاش تخسري كله مش عشان خسرتي قصي....مع إنني متأكدة إنكم هترجعوا لبعض بس هي مسألة وقت توقفي حياتك عليه؟ الحياة فيها حاجات تانية لازم تعيشيها غير البكا والدموع
رددت سيلين بدموع وسخرية :
مكملتش آخر سنة في الجامعة، مين هيرضى يشغلني اصلا
شجعتها ميان قائلة :
أمرها سهل، إيه رأيك تشتغلي مع بابا...هو كان بيدور على سكرتيرة بقاله يومين، ومستحيل يرفض لما يعرف إنك انتي اللي هتشتغلي
صمتت سيلين تفكر بحيرة، أحست بانعدام رغبتها في فعل أي شيء، فعادت ميان تبث الحماس فيها :
فوقي يا سيلين، إنتي ليه ميتة في نفسك كده؟ فوقي وعيشي حياتك، اخرجي، اشتغلي، مارسي هواياتك، الحياة فيها حاجات جميلة أوي، أحسن من الدموع والبكاء، طب ما أنا كمان زيك، يمكن أكتر منك، بس مخلتش حزني يأثر على حياتي، كملت ولسه بكمل
تنهدت سيلين بحزن، وصمتت لدقائق، فتابعت ميان بهدوء :
هحاول أساعدك عشان يسامحك
سيلين بلهفة :
ازاي؟
رددت ميان بابتسامة صغيرة :
هقولك، بس تسمعي الكلام !
كالعادة اطمأنت ميان على عمار وتركته برفقة لينا التي لم يفوت عمار فرصة إلا وغازلها بطريقة جعلتها تخجل بشدة
في تلك الأثناء، وبينما كانت فريدة تؤدي فرضها، جلست ميان في الصالون تستمع للأصوات المنبعثة من جهاز التصنت الذي وضعته خفية في منزل كاميليا
على الجانب الآخر
أسفل البناية التي تقيم بها كاميليا، كانت فتاة منتقبة تدخل بخطوات حذرة إلى مدخل البناية، ثم استقلت المصعد وضغطت على زر الطابق المطلوب لحظات قليلة، وكانت تقف أمام باب الشقة، دخلت وأغلقت الأخرى الباب خلفها بقوة صارخة بغل :
بعد كل اللي عملته ليكي بتغدري بيا، نضفتك وخليتك هانم، وساعدتك تتجوزي سفيان، بتنكري جميلي عليكي وعايزة تلهفي كل العز ده لوحدك!!!!
أزالت نرمين النقاب عن وجهها قائلة بغضب :
عملتي ده كله لمصلحتك يا كاميليا، وزي ما كنت باخد كنت بديكي، نسيتي الفلوس اللي كنت بسحبها منه أيام الخطوبة واغرقك بيها
ثم تابعت بحدة :
"نسيتي اللي عملته عشان أبعد ميان عنه؟ ونسيتي اني كدبت عليه زمان عشان يكرهها ويطلعها من حياته؟ نسيتي راغب اللي عرفتك عليه عشان يوقع سيلين ويتجوزها عشان تنتقمي من اللي خطفت حبيب القلب.....بلاش أعدلك الباقي، اللي عملتيه ليا نقطة في بحر اللي عملته ليكي....يا حماتي !!!
رددت كاميليا بغل :
بتهدديني يا نرمين؟
زفرت نرمين قائلة بسخرية وغرور :
اللي أقصده، انط لا تعايريني ولا أعايرك، الفلوس اللي بتعوزيها بتاخديها على الجزمة، لكن إياك تطلبي مني أرجعك الفيلا تاني وافاتح سفيان في الموضوع ده
صفعتها كاميليا بقوة وهي تصرخ بغضب :
هقوله الحقيقة وهفضحك
ردت نرمين الصفعة بأقوى منها، وقالت ببرود وسخرية :
قوليله، أولاً هتخسري الفلوس اللي بتسحبيها مني، وانسي إنك تضحكي على ولادك أو حد منهم يصدقك، وقبل كل ده...
اقتربت منها قائلة بتحدي :
سفيان نفسه مش هيصدقك، احنا دافنينه سوا يا كاميليا وكله كان بتخطيطك، ازاي أسيطر عليه وأخليه ميصدقش غير اللي أنا أقوله، ازاي أفضل في نظره ملاك نازل من السما؟
جزت كاميليا على أسنانها بغل والآخرى تتابع بتهديد :
خليكي مطيعة وارضى باللي بتاخديه مني بدل ما أقطعه عنك وأروح لأختك وأقولها كل بلاويكي، وساعتها هتطردك من بيتها زي الكلاب
ثم ربتت على وجنتها باستهزاء قائلة :
في الآخر مش هيبقى ليكي غيري، وساعتها أنا اللي هقرر أساعدك أو لأ
اغلقت ميان هاتفها بصدمة مما سمعت دقائق، ودخلت عليها فريدة قائلة بلهفة :
فكرتي في اللي قولته يا ميان...موافقة مش كده؟
رددت ميان بصدمة وعدم تصديق :
سفيان وقع نفسه في إيه يا فريدة؟ كلهم عصابة عايزين يدمروا حياته، كل مرة أكتشف حاجة جديدة تصدمني فيهم، قد إيه هما أشرار وقلوبهم مليانة كره وغادا
سألتها فريدة بعدم فهم :
عرفتي ايه؟
قصت ميان عليها ما سمعته، لتُصدم الأخرى بدورها وتقول بغضب :
الوضع ده ما يتسكتش عليه، هقوله واللي يحصل يحصل
وبالفعل، حين أخبرته لم يصدقها كما توقعت قائلاً بغضب :
مستحيل أصدق الكلام الفارغ ده، ميان مين دي اللي ممكن أصدقها وأدمر بيتي بسبب غيرتها من مراتي عشان هي مش مكانها
صرخت عليه فريدة بغضب :
هي عملتلك إيه عشان تبقى معمي كده، فوق لنفسك، تمسكك بيها بيدمر حياتك، لو مش مصدقني، روح دور في تليفون مراتك، هتلاقيها مسجلة عشيقها باسم واحدة من صحابها، اسمها جيجي، يارب تفوق بقى، لأن محدش هيخسر غيرك
غادر سفيان بغضب، وما أن وصل للفيلا، ركض إلى غرفته
ليجد زوجته بالحمام، حاول أن يتمالك نفسه، لكنه لم يصمد طويلًا، التقط هاتفها وبدأ يبحث عن الاسم الذي أخبرته به جدته !!!!
لحظات مرت حتى وجد الاسم، واتصل به وما إن جاءه الرد اتسعت عيناه بصدمة