رواية مأساة حنين الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم أية الفرجاني

رواية مأساة حنين الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم أية الفرجاني
عينها مشوشة... دموع كتير ودماغها بتلف 
وفي لحظة وهي بتعدي البوابة، بتخبط في حد

صوت رجولي هادي:
خلي بالك...

حنين وقفت
رفعت راسها ببطىء 
عينها تقابلت معاه قالت بصدمه لا تقل عن صدمتة 

اس اسلام !!!!

إسلام وقف عيونه اتسعت بفرحه، قلبه بيدق بجنون
مدّ إيده من غير ما يحس...
حنين؟؟

اتراجعت خطوة... رجليها مش شايلينها من الصدمه 
كانت هتقع بس ايده سبقتها 
ومن غير ولا كلمه ضمّها جوّه حضنه

حضن عمره ما نسيه
حضن أخته اللي اتحرم منها 

حنين أول ما حسّت بيه انهارت
انهارت زي طفل صغير تايه من سنين
صرخة طلعت من صدرها مكتمومه بين ضلوعه 
بكت...
بكت بصوت عالي بوجع، بكسرة قلب
ضربت على صدره شقهقتها طلعه منها مش قادره تتكلم 
- لي ليه.... ات... أخرت ك... كده.... ان..... أنا استنيتك... أنا استنيتك كتي...ر... يا إسلام...

إسلام حاول يتماسك
لكن دموعه نزلت
صوته اتكسر:
- آسف... آسف يا حنين... عارف اني غلطت...كان..كان
..غصب عني سامحني.... آسف إني سببتلك ده كله 

لف إيده حواليها أكتر
كأنها هتضيع منه تاني
كأن الدنيا هتخطفها لو سابها لحظة

حنين فضلت تعيط، عن كل يوم وجع 
عن كل كلمة قاسية، عن كل خذلان، عن كل وحدة...
وهو معاها، سامع كل شهقه طالعه منها 
حاسس بكل حاجة
وبيرد بحضنه، بدفاه، بخوفه اللي اتأخر سنين

الحظة الي حضنوا فيها بعض...
زي ما يكون الوجع اتلم في حضن آمن 
وزي ما الزمن بيعترف إنه ظلمهم
يمكن أخيرًا
ابتدى يرجع لهم حقّهم

خرجها بره حضنه وهو بيبصلها 
وشه بيترعش من الفرحة والذهول 

مدّ إيده، مسك وشها اللي كله دموع
كأنه مش مصدّق إنها حقيقية قدامه

حنين كانت بتنهار...
كلماتها بتخرج متقطعة مش مفهومة

"أن ا... ك ن ت... ي... خ اي فة..."

بس هو مش محتاج يفهم
هو سامع قلبها، وواجعها، وأنفاسها المرتعشة

مسح دموعها بإيده بلُطف...
صوته متهدج وهو بيقول:

- أنا هنا... خلاص أنا جيت
مش هسيبك تاني أبداً ي عيوني 

ابتسم وهو بيعيط...
ابتسامة راحة بعد سنين من العجز
حاسس بنبضها الي رجع الروح ليه مره تانيه ...
سكتوا هما الاتنين...

حنين، بكل الوجع اللي عاشته
اتعلقت في حضنه تاني وهو ضمها ليه بقوة وكانه خايف يخسرها تاني عاوز يخبيها من العالم كله جواه
كأن الدنيا كلها كانت مستنية اللحظة دي...
لحظة الرجوع
لحظة الأمان
لحظة الحياة 
لحظات مرت عليهم متناسين العالم والي حواليهم 
صمت... ودفء... ودموع
زمن طويل من الفقدان واخيرًا اتجمعوا....

كريم خرج من البيت بيجري...

قلبه كان هيقف من الخوف عليها كان بيصرخ باسمها 

"حنين!"

لف برأسه يمين... شمال...
ولما شافها؟
وقف فجأة

اتجمد في مكانه

مراته... في حضن راجل
صدمه 
عينه وسعت...
وشه اتقلب في لحظة:
دهشة غيرة، غضب

قرب منهم بخطوات سريعة مش فاهم الي بيحصل شد حنين من دراعها بغضب وهو بيقول:

- إنتي بتعملي إيه؟!!

حنين اتفزعت!
وإسلام بصله بعصبيه وغضب 

كريم بص لإسلام بعين نارية: 

- إنت مين؟!

حنين بتشهق:

- كريم... استنى... ده...

بس كريم قاطعها بغضب ونسى هو كان خارج ليه واي الي حصل : 

- ده إيه؟!
- إنتي طلعتي برا البيت ذ... عشان ده؟!!

صوت كريم كان مليان كسره... مش غيرة وبس
ده كان انفجار مشاعر دفينة

حنين عينيها دمعت تاني، حاولت تتكلم، تتنفس... بس مخنوقة
وإسلام اتحرك خطوتين لقدّام وشد حنين من ايدها ورا ضهره ووقف قدامه بغضب وهو بيقول:
إنت مين!؟

كريم بحدة:
وانا برضو سألت نفس السؤال 
انت الي مين!؟

اسلام بعصبيه مكبوته:
أنا أخوها!!

كريم بسرعه:
وانا جوزها!!

لحظة صدمه 
الدنيا اتجمدت
الهوا وقف
العين في العين 

كريم عينه وسعت... وكأن صاعقة ضربته
إسلام اتصدم... قلبه دق ووشه شاحب

الاتنين بصوا على حنين...

كانت واقفة 
مابينهم...
جسمها بيرتعش
وإيديها بتتشنج على بعض
وشها شاحب... عينيها متلخبطة...
مش عارفة تبص لمين
ولا تبدأ منين
ولا تشرح إيه

كريم بصلها:
- حنين... ده... ده بجد؟ ده أخوكي؟

وإسلام بص لها بصوت مخنوق:
- إنتي... إنتي اتجوزتي؟!
- من غير ما تقوليلي؟!

حنين سكتت صوت شهقة هربت منها بالعافية
ماقدرتش ترد
قلبها بيصرخ
بس لسانها مربوط
وعنيها بترجّيهم يرحموها

كريم مش قادر يستوعب
وإسلام واقف مش مصدق، وكأنه حلم كابوسي...

حنين أخيرًا بصوت واطي مكسور: 
- كنت لوحدي...
- ومحدش كان جنبي...&&&

طارق وخالد كانوا واقفين عند البوابة، بيراقبوا المشهد من بعيد 
من لحظة ما حنين خرجت...
ولحد ما خبطت في إسلام...
وشافوا حضنه ليها، وانهيارها بين إيديه
وكل ده بعينيهم... ساكتين...
مبهورين من كمية المشاعر اللي انفجرت قدامهم مرة واحدة.

بس بعد ما كريم ظهر... وشدّها من حضن أخوها،
والأرض اتقلبت بين الثلاثة،
طارق بص لخالد وقال بهدوء فيه لمحة ارتياح:

طارق:
- أظن إحنا لازم نمشي... كده المهمة تمت.

خالد ابتسم، عينه ما زالت على المشهد، وقال وهو بيحرك راسه باحترام:

خالد:
- الفضل لربنا... ثم ليك يا طارق

ركبوا العربية، وسابوا المكان وراهم...
وسابوا قلوب مشتعلة، ومواجهة مفيش منها مفر

الجنينة كانت هادية... هدوء خانق، كأنه بيمتص كل الأصوات اللي جواهم

إسلام قاعد جنب حنين، اللي ما زالت ملامحها مضطربه دموع بتنزل من غير صوت
كريم قاعد قصادهم متوتر، مش عارف يبدأ منين وكأن الكلام وقف في زوره

إسلام بص لكريم بحدة صوته كان تقيل وحاد:

إسلام:
- ممكن أفهم؟ اتجوزتوا إزاي؟ وإمتى؟!

كريم عض شفايفه... بص لحنين
كان واضح إنه مستني منها تقول... تفتح السكة...
بس هي مكسورة، ضهرها محني ووشها في الأرض عيونها ما بتتحركش، دموعها بتنزل بهدوء وصمت 

كريم حاول يرد بس صوته كان واطي بيتلجلج وعيونه علي حنين:
- الموضوع.....هو....انو...

إسلام عض على سنانه وزفر بضيق وهو شايف عيون كريم اللي معلقة على حنين، وقال بانفجار حاد:

إسلام بزعيق:
- مش بكلمها... بكلمك إنت! رد عليا زي ما بتكلم 

الصوت كان كفيل يخلي حنين تتنفض من مكانها وكأنها فاقت من حلم وحش...
إيدها اتحركت لا إراديًا كأنها بتحمي نفسها، خوف قديم طالع من جواها، بيحاصرها 

كريم حسّ بيها نبرته اتغيرت وهو بيقول بهدوء وهو بيبص لإسلام:

- أنا اللي غلط...
أنا السبب في كل حاجة...
اتجوزتها لما... لما...
وسكت كان الكلام مش عاوزه يطلع منه

إسلام اتصدم... الجملة نزلت عليه زي الطلقة
بس سكت مفهمهوش او يمكن فهمه بس مش عاوز يصدق كان عاوزه يكمل 

إسلام بصوت واطي يشبه الغليان:
- لما... اي... كمل ...!

كريم قطع كلامه بهدوء مخنوق:
-غل... ط.. ت... معاها... انا السبب مش هيا...بس الظروف كانت أصعب مننا 

إسلام وقف عنيه مليانة غضب وصدمة 
الجو في الجنينة كان خانق...
الهدوء اللي سبق العاصفة اتكسر بصوت إسلام وهو بيقول بحدة:

إسلام:
- غلطت معاها؟!
انت بتقول اعتد*يت عليها....اغ....ت...مكملهاش؟!!
ده انت...!

ماكمّلش الجملة
إيده كانت أسرع من صوته
ضربة فجائية في وش كريم
جسمه اتزحزح من مكانه ووقع على الأرض

اتألم بس ما دافعش عن نفسه...
وكأنه بيقول: "استحقها"
بس الضرب ما وقفش
إسلام كان بيضربه كأنه بيطلّع سنين الغياب كلها
سنين الوجع
سنين القهر اللي عاشته أخته

حنين قامت صرخت بخوف:

- إسلاااااام!! كفايه!!! هتموته!!!

حريت عليه حاولت تبعده
بس مكنش شايف
كان شايف دموع أخته وهي بتقول "استنيتك"
كان شايف عزّة حنين وهي مكسورة في الأرض

إسلام بيزعق وهو بيضرب:

- دي أختي!!!
- هقتلك!!
- ازاي تعمل كده؟! ازاااااي؟!!

حنين بتحاول تبعده، بتنهار، بتعيط
- كفاية!!!
- كفايــــــــــة بالله عليك!!!

لكن إسلام كان غايب
مش سامع، مش شايف
مفيش قدامه غير وجه كريم والخذلان الي في قلبه

فجأة صوت خطوات جري
سماح ونادين خرجوا على الصريخ
هدي كمان وراهم، شايلة االطفل على إيدها

سماح جريت عليه بغضب:

- بتعمل إيييييه؟!!
- هتقتله؟!!
- اوعى ابعد عنده!
دموعها نزلت علي ابنها الي مرمي في الارض بيصارع انفاسه 

إسلام كأنه مش سامع، عيونه حمرا من الغضب
ما ردش
ما بصّش
ولا حتى سمع صوتهم حواليه

نادين جريت على كريم، بتحاول تساعده يقوم

هدي واقفه مصدومة مش فاهمه حاجه محمد في حضنها واقفه بيه بعيد عنهم 

حنين وقفت في النص...
دموعها على خدّها، عنيها بتتوسّل
رجليها بتترعش
قلبها هيقف من الخوف

إسلام أخيرًا...
وقف عن الضرب
وقف لأنه سمع صوت أخته بيتكسر
شاف شكلها وهي بتنهار
صوتها اللي مكنش طالع... 

بصله كريم...
بس عيونه كانت سودة وكانه بيقوله لسه معملتش فيك حاجه 
كريم وشه عليه آثار الضرب، نفسه متقطع
مش قادر يقوم
مش قادر يرد

إسلام لف على حنين، شدّها من إيدها وهو بيقول:

- يلا...
- تعالي معايا

حنين اتجمدت، عينيها بتدور حواليها كلهم بيبصولها 
كله بيبص عليها هي 
وهيا شايفه وجوهم كلهم 
سماح بتعيط
نادين بتساعد كريم
هدي واقفة مذهولة
كأن المشهد أكبر من التخيل

لكنها مشيت وراه 
رجليها ماشية بالعافيه 
مش قادرة تقاوم 

وصلوا للبوابة
إيده لسه ماسكها
بس فجأة...

صوت صغير جه من وراهم
هز كل حاجة وكانه اتكلم وبينادي عليها:

- مااااماااااا!!!

محمد
ابنها...
واقف بيعيط
إيده ممدودة ناحيتها
صوته مرعوب... مش فاهم هي ماشية ليه
كأنه بيقولها ما تسبنيش

حنين وقفت
زي تمثال
وإيدها مسكت في البوابة
جسمها ماتحركش
بس قلبها؟
بيصرخ

إسلام وقف...
بصلها باستغراب
- حنين؟

بس هي مش بترد
عينها مش علي البوابة بصت وراها
قلبها وقع
ابنها بيعيط، بيصرخ عاوزها ...

حاولت تشيل إيدها من إيد اسلام 
بتتسحب منه
بدموع
بكسرة
بكل الصراع اللي في الدنيا

إسلام بيشدها تاني:

- حنين! يلاااا!
- متخافيش، أنا معاكي!

بس هي بتبص على محمد
مش سامعة
مش شايفة غيره
ابنها...

إيدها بتتحرك
إسلام بيشد
وهي بتهرب
بتبعد عن إيده، وبتجري ناحية محمد وبتخطفه من هدي 

بتحضنه بكل كيانها
وبتعيط بس مش زي المرة الأولى...
المرة دي؟
وجعها من نوع تاني
وجع الأم
اللي كانت هتسيب ابنها وراها وتمشي.....

إسلام وقف مكانه...
بيكتم أنفاسه
عينه بتتحرك بين حنين، والطفل اللي حضناه بقوة...
ملامحه فيها استغراب، بس مشكوك فيه
قلبه بيقوله حاجة، وعقله بيرفض يصدقها

قرب منها بخطوات هادية
وهو بيبص على الطفل...
بيمد إيده بلُطف، حطها على راسها وقال بصوت هادي فيه رجاء:

- يلا يا حنين...
- ادّي الطفل لمامته... خلينا نمشي...

حنين رفعت عينيها ليه...
عيونها كانت بحر من الحزن
مليانة بكاء، ومفيش كلمة خارجة

اتجمدت
زي اللي مش سامعة
أو يمكن سامعة... بس مش قادرة ترد
مش قادرة تنطق

إسلام بص لها باستغراب أكبر...
اتوتر، وحاول يحافظ على هدوءه
مدّ إيده علشان ياخد الطفل منها
- يلا يا حنين... مامته مستنياه، وهي واقفة أهي

وأشار لهدى اللي كانت واقفة مش فاهمة أي حاجة
وشها شاحب... وعينيها بتدمع وهي شايفة المشهد بس مش قادرة توصل لمعناه

بس حنين؟
كانت ماسكة في ابنها
قافلة عليه بإيديها كأنها بتحميه من العالم
وشها مليان دموع، وجسمها بيرتعش

إسلام حاول يمد إيده تاني
لكنها اتراجعت
هزت راسها بنفي ضعيف
وعيونها بتتوسّل
مش هسيبه... مش هبعد عنه

إسلام وشه اتغير...
داخليًا اتعصّب
بس ملامحه لسه بتقاوم
هو مش فاهم... ليه بتعمل كده؟
ليه متمسكة بالطفل بالشكل ده؟

صوته نزل هادي بس فيه ضيق مكبوت:

- حنين... قلتلك ادّيه لمامته
- مفيش وقت... خلينا نمشي

بس مفيش رد
غير دموع بتنزف
وصدر بيعلو ويهبط، وأنفاس مخنوقة

حنين حضنته أكتر
كأنها بتصرخ من غير صوت
وإسلام حاسس بالحيرة بتخبط فيه

في اللحظة دي...

عينه راحت على كريم
قاعد، وساند على حضن أمه
ونادين جنبه بتسنده
وشه عليه آثار الضرب
بس ملامحه مش فيها غير الوجع
عينه بتدمع...
وقلبه بيتقطع وهو شايف مراته... وابنه
وهو مش قادر يتحرك، مش قادر يصرخ، ولا حتى يمنع اللي بيحصل

سماح قاعده ابنها في حضنها 
وشها قاسي، عينها كلها  دموع و غل
بتبص لحنين 

بس نادين؟
كانت عينها على حنين
فيها تعاطف... فيها كسر
كأنها فهمت الحالة الي هيا فيها قبل ما حنين تقول

إسلام، بدأ يحس إن في حاجة غلط
عينه نزلت على الطفل
وشافه ساكن في حضن حنين زي ما يكون بيقول "ماما"
زي ما يكون بيحتمي فيها

رجع يبص لها
صوتُه اتكسر:

- حنين...
- هو... هو ابنك؟!

حنين بصت له
نظرة واحدة كانت كفاية
عينيها قالت كل حاجة
هو ابنها...

إسلام رجع خطوة لورا
الصدمة الجمت في صدره
إيده وقعت جنب جسمه
ونفسه اتحبس

هو مش قادر يتكلم...
ولا هي

بس في الحظة دي 
كل حاجة كانت واضحة

- ابنها...

الكلمة اتقالت في عقله
ووجعته دخل قلبه
كان عايز ياخدها ويمشي
بس دلوقتي؟

بقى فيه روح صغيرة ماسكة فيهم هما الاتنين
روح اسمها محمد

والدنيا وقفت

هدى وقفه مكانها مش فاهمة...
بس الدموع نزلت على خدها من غير ما تحس
الجو كله اتقلب

والحقيقة؟
إنه مفيش حد لسه فاهم النهاية أي ...

الفصل السادس عشر16 
إسلام واقف مكانه متجمد من الي قدامه …
محمد لسه في حضن حنين بيشهق من العياط كانت لفه ايدها عليه بكل قوتها، كأنها لو سابته هيتسحب منها للأبد......

إسلام رفع عينه صوته مبحوح من الصدمة:

– هو… ابنك؟

حنين ما نطقتش، بس دموعها قالت كل حاجة

إسلام سكت لحظة، عينه راحت على الطفل، وبعدين على كريم اللي كان بيحاول يثبت نفسه على الكرسي اللي قعد عليه، ملامحه موجوعة، بيبص للمشهد بعجز

هدى واقفة مش فاهمة حاجة، عينيها رايحة جاية ما بين حنين وإسلام ومحمد

إسلام خد نفس طويل بس  القرار  الي مكنش  في رجعه  انو  هيخدها  معاه حتي لو عندها ابن مكنش لازم يبين كسرته قدمهم، قرب خطوة منها:

– حنين… يلا نمشي

حنين هزت راسها، صوتها طلع همس لكنه واضح:
– مش هسيبه

إسلام مد إيده ناحية محمد:
–  ماشى، هاتيه، أنا هشيله

حنين اتراجعت خطوتين، ضمته أكتر ليها، صوتها اتكسر:
– مش هسيبه…

محمد دفن وشه في رقبتها أكتر المشهد لوحده جارح وكأنه حاسس انو في خطر حواليه 

المنظر كان زي الطعنه ليهم الكل اتجمد من الي بيحصل كان الطفل حاسس بالي بيحصل حواليه 

إسلام وقف لحظة، ملامحه ظاهر عليها الحيرة اللي هو فيها…
بعدين بص حواليه، العيون كلها عليه، لكن محدش بيتكلم محدش فاهم هو مين ولا بيعمل كده ليه بس واضح انو الموضوع كبير 

خطوة صغيرة لقدام، صوته نزل أهدى لكنه حاد:

– إحنا هنمشي … وهو معانا مش هنسيبه 

مسك ايدها وشدها لكن المرة دي وهي ماسكة محمد 

الطريق للبوابة كان صامت…
كريم فضل قاعد مكانه، مش قادر يقوم، عينه بتلاحقهم، ودموعه بتنزل وحدة وحدة…
هدى بصت للباب وهما بيخرجوا، مش فاهمة إيه اللي بيحصل، قلبها بيتقبض من المنظر

حنين وهي خارجة، كانت حاسة كل خطوة زي الحجر بيتحط على قبلها وقبل ما تخرج عينها راحت علي كريم بس كانت  وصلت البوابه خلاص …
حضنها لابنها كان أمانها الوحيد وسط العاصفة دي كلها 
ركبت العربيه جنبه وكل واحد ساكت لا اسلام قادر يتكلم ولاهيا 
إسلام كان سايق العربيه وعينه بتبص لقدام، بس عقله شغال بأسئلة أكتر 
كل شوية يسرق نظرة لحنين…
شايلة الطفل في حضنها، عينيها شاخصة للفراغ وكأنها مش هنا…

كان نفسه يسألها عن كل حاجة …
مين؟ إمتى؟ إزاي؟ وليه ؟
لكن لسانه اتقل من انو يتكلم …
مش وقته… مش دلوقتي 
عقله كان بيردد بيهم 

لف راسه لها شوية نحيتها وقال:
– اسمه إيه بقى؟

حنين اتحركت بعينيها نحيته بصت له لحظة، وبعدين رجعت تبص للطفل
حضنته أكتر، وصوتها واطي لدرجة إنه بالكاد سمعه:
– محمد

إسلام حس الاسم دخل قلبه قبل ودنه…
– محمد…جميل 
بص للطفل وهو نايم على كتفها، نفسه يسأل عن حاجات كتير بس فضل السكوت اهم حاجه هيا معاه وعايشه مش مهم اي حاجه تانيه هتتحل 
بس الي هو كان متاكد منه انو يستحيل يسبها وهياخد حقها من اي حد فكر يديقها

رجع بعينه للطريق 

العربية فضلت ماشية،بس عقله كان مليان كلام مش قادر يقوله…
كل واحد فيهم كان غرقان في تفكيره عارف إن أي كلمة دلوقتي هتفتح أبواب مش هيعرفوا يقفلوها

$$$$$$$&&.......

كريم لسه قاعد مكانه، بيحاول يلم أنفاسه بعد اللي حصل
أمه ونادين واقفين حواليه، نادين بتحاول تسنده وأمه بتتكلم بغل واضح:
– إزاي يعمل فيك كده وانت واقف تتفرج عليه؟! مش فاهمة!
وبعدين مراتك راحت معاه… بأي حق؟!
ما هو زي ما بيقولوا…'تربية شوارع' هي اللي هتجيب لنا البلاوي!
جايبالك واحد ما نعرفش هو مين يضربك… وبعدين تروح معاه كمان!
والله لو اتلايمت عليها… لقطّعتها بسناني!

كريم رفع عينه بص لها  ملامحه كانت متغيرة، تعبه بقى غضب، وصوته طلع حاد:

– لآخر مرة… بقولهالك ما تتكلميش عن مراتي تاني!
عشان انت متعرفيش حاجه
وبالنسبة للي خدها… فده أخوها!
وملكيش أي حق تقولي عليها كلمة واحدة، فاهمة؟!

هو نفسه مش قادر يتحمل أكتر… زقها بخفة بعيد عنه وهو بيقوم 
خطواته تقيلة، ونادين واقفة مش فاهمة اللي بيحصل
لكن أمه لسه واقفة مكانها، ولسانها شغال بغل أكتر:

– ما طبيعي تدافع عنها… هستنى منك إيه!
أخوها؟! ههه… بتقول أخوها!
ما طبيعي… همجي زيها!
تربية شوارع هيجي من وراهم اي يعني 
بس اقول اي عليك 
ولا كمان وخدوا الولد معاهم… بكره يطلع زي أمه!

كريم وقف عند باب البيت…
ظهره ليها، بس عينه بتطلع شرار…
لف فجأة، وبص لها نظرة حادة  وبعدين وجه كلامه لهدى اللي لسه واقفة مذهولة:

– جهّزي للمدام شنطتها… عشان هتمشي النهارده

قالها بصوت ثابت، ودخل البيت

-$$$$$$&&&&

طلع كريم أوضته، قفل الباب وراه بقوة وهو بياخد نفسه 
دخل الحمّام يستحمي 
المية السخنة نازلة على وشه، بتحاول تمسح أثر الألم، بس الوجع مش من الضرب… الوجع في اللي شافه قدامه،قال الحقيقه عشان ميظلمش حنين اكتر من كده كان عارف انو كلام امه اثر فيها 
مكناش عاوز يخبي عليه لان باي حال اكيد الحقيقه هتتعرف بس حنين مكنش لازم تواجه اكتر من كده هو هيتحمل كل حاجه 
خرج بعد شوية، كان لابس حاجة بسيطة وقف قدام المراية بيتأمل وشه اللي لسه وارم، ضرب وجروح صغيرة 
=واضح انو ايدة تقيله بس يلا كله يهون عشان حنين ومحمد بس انا مش هسكت برضو 

مد إيده على الدرج، فتحه، طلع علبة الكريم، ضغط عليها وحط على الكدمات

لكن عقله؟
مش معاه
رجع بيه للمشهد اللي قلبه اتقبض فيه…
حنين وهي ماشية ورا إسلام، عينيها كان فيها نظرة مليانة كلام، نظرة وجع وحيرة، حاجة  فهمهاش وقتها
اتنهد و رمش بعينه، وحاول يبعد الفكرة…

لكن صورة تانية هاجمته فجأة: حنين وهي بتجري على محمد لما سمعت صوته
بتحضنه كأنها لقيت روحها في حضنه

ابتسامة صغيرة سرقت ملامحه… مشهد خلّى قلبه يدق بسرعة، لحظة حس فيها إنهم عيلته بجد

لكن الابتسامة دي اختفت أسرع ما ظهرت… لما وش إسلام وهو بيضربه طلع قدامه تاني

حط ايده علي الورم الي في وشه وأخد نفس عميق و قعد على طرف السرير، حط إيده على راسه وقال بصوت واطي:
– وده طلع منين ده كمان؟!
وبعدين… حنين عمرها ما جابت سيرة إن عندها أخ…
أكيد في حاجة ناقصة، أكيد خبت عني لسبب 

رفع راسه عينه فيها لمعة تحدي:
– بس مهما كان السبب… هو فاكر كده أخدها مني؟
ضحك بخبث وقال:
=شكلي… هرجع كريم بتاع زمان ولا اي نبقي نشوف بعدها 

اتمدد على السرير إيده تحت دماغه، عينه معلقة في السقف، عقله شغال بألف فكرة…
مش ناوي يسيبها، ولا يسيب اللي حصل يعدي كده هيرجعها ليه مهما كان التمن اي 

قطع تفكيره رنّة موبايله
بَصّ على الشاشة… الرقم ده هو عارفه كويس نفسه اتقبض
اتنهد بضيق، سحب الموبايل، وضغط على "رفض"
لكن الرنّة رجعت تاني
رفض
وتالت مرة… حس إن الصبر بدأ ينفذ عنده، ضغط على "رد" وصوته كان مليان غضب مكتوم:

– عاوزة إيه؟

صوت بنت ناعم ومليان دلع:

– إيه يا كيمو… مالك مدايق ليه بس؟

شدّ نبرته أكتر:
– أنا مش قلتلك مليون مرة ما ترنيش عليّ، ولا تقربي مني، ولا حتى أشوف وشك لا انتي ولا الي مشغلك ؟!

هي بدلعها المعتاد، وكأنها مش سامعة التحذير:

– مش عارفة أنت اتغيرت ليه كده…هيا البنت الجديدة عاجباك قوي كده؟

كريم صوته علي فجأة، والغضب ظهر علية :

– البنت اللي بتتكلمي عنها دي مراتي… ومسمعش سيرتها تاني على لسانك فاهمة؟!

هي بسرعة، وكأنها بتحاول تهدي الموقف:

– طب… أنا آسفة، بس مش كان في شغل المفروض إنك تعمله؟

كريم بنفس الحدة:
– قولي للي عندك… أنا ما بشتغلش حاجة شمال واللي عنده حاجة يعملها بنفسه ومشوفش رقمك تاني على تليفوني… فاهمة؟!

وقبل ما ترد، كان هو قافل الخط، رمى الموبايل على السرير، وتنفس بعمق بيحاول يطرد بيه الغضب اللي 
سببته المكالمه دي بعد دقايق قام 
نزل السلم بخطوات ثابتة والموبايل في إيده 
أول ما وصل تحت، شاف سماح واقفة جنب نادين… كل واحدة شايلة شنطتها
وقف قدامهم، وبص لنادين وقال بإحراج:

– أنا مكنتش عايز الأمور توصل لكده… بس غصب عني 

نادين قطعته بابتسامة صغيرة باهتة:

– أنا فاهمة كل حاجة يا كريم… وصدقني، أنا مش زعلانة وبعدين، هقعد إزاي وحنين مش موجودة؟

كريم أخد نفس قصير:
– وهترجعي تسافري تاني… ولا هتروحي فين؟

نادين هزت راسها:
– لا، هروح عند إخواتنا… قصدي أحمد وعمر
هما قاعدين في شقة جنب الكلية بتاعتهم… قريبة من هنا، مش بعيدة أكيد هشوفك يعني… وكمان عايزة أوصل لحنين برضو 

ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه، ك محاولة يخفف الجو بيها وبعدين بصل لأمه… نظرته اتغيرت وصوته بقى فيه مرارة:

– كان نفسي تبقي أحسن من كده… أديكي بسبب طبعك، خسرْتِ أهم حاجة في حياتك…هما ولادك.
مش بس أنا… دول حتى هما ماقدروش يقعدوا معاكي 
راجعي نفسك… عشان هتخسري كتير لو فضلت كده

ما استناش رد لف ودخل مكتبه، وقفل الباب وراه

سماح وقفت مكانها، عينيها لمعت بالدموع، كانت بتحاول تسيطر على نفسها 
بصت لنادين بنظرة ما بين الصدمة والكسره وبعدين مشيت بهدوء ناحية الباب 
ونادين مشيت وراها....
............&_
دخل مكتبه … ملامحه كلها تركيز وغضب مكتوم

رمى الموبايل على المكتب وبدأ يفتح الأدراج واحد واحد، الورق بيتناثر، وصوت الخشب بيحتك ببعضه بيكسر الصمت 
بيفتكر يوم ما حنين حكت الي عمتها عملته وطلب من حد يجبله عنوانهم كان عاوز يرجع ليها حقها بس ملحقش 
قلب الملفات والورق بسرعة عينه بتدور على حاجة واحدة بس…
عنوان بيتهم 
إيده وقفت فجأة على ورقة صغيرة في قلب الدرج…

مسكها وقربها منه… والعنوان مكتوب بخط واضح

ابتسامة قصيره، لكنها مليانة معنى، ظهرت على وشه

قفز من على الكرسي، مسك مفاتيحه والموبايل  وخرج بخطوات سريعة كأنه بيطارد الوقت وفكرة في دماغه ناوي عليها 

&____عندحنين واسلام _&____بقلم_____اية___الفرجاني&

وصلوا قدام باب الشقه حنين وقفت مكانها، إيدها على المقبض لكنها مش قادرة تتحرك مش  قادره  تدخل …

نفس اللحظة اللي كانت دايمًا بتخاف منها رجعت تاني للمكان اللي هربت منه بعد كل اللي شافته في 

إسلام لمح التردد في ملامحها قرب منها بهدوء وقال بصوت في حنيه:

– عارف كل اللي حصل معاك… وصدقيني، هما دلوقتي بيتعاقبوا على كل حاجة عملوها وكل حد أذاك هدفعه التمن غالي

فتح الباب ووقف على جنب كأنه بيحميها وهي داخلة
حنين خطت خطوة… ريحة البيت، صوت الصمت فيه، كل حاجة في مكانها كأن الزمن وقف

عينيها غرقت دموع وهي حاضنة ابنها، قلبها بيترجف بين فرحة ووجع

إسلام قفل الباب وراح وقف قدامها:
– هاتيه

مدت له الولد، ما سألتش ليه…
أخده بحرص، وفي حاجة غريبة بتتحرك جواه
فرحة إنه شايف دم من دمه، ووجع إنه شايفه في ظروف دي 
باسه من خدّه ودخله الأوضة، حطه على السرير برفق، وبعدين خرج 
حنين فضلت واقفة رجليها بتوديها لوحدها لأوضة مقفولة بقالها سنين… أوضة أهلها

فتحت الباب والغبار كان خفيف على الأثاث، لكن كل حاجة في مكانها
السرير، الصور كل حاجه 

قعدت على السرير، إيديها بتلمس الملاية كأنها بتلمسهم، عينيها شايفة صورهم في كل زاوية

إسلام دخل ووقف قريب منها وبعدين قعد جنبها وقال بهدوء:

=لما كنت مسافر

كنت كل يوم أقول:

إمتى هرجع عشان
أشوفك… ولما رجعت ملقتكيش، وعرفت إنك سبتِ البيت… كنت هتجنن 
من يومها وأنا بلف عليكي زي المجنون

لما كنت أنام كنت أشوفهم في أحلامي بيسألوني عنك، كأنهم عارفين إنك مش كويسة

بص لها وقال بنبرة فيها اسف:

– أنا آسف يا حنين… عارف إني السبب مكنتش السند الحقيقي ليكي لما كنتِ محتجاني فضلت واجب علي واجب تاني 

حنين كانت ساكتة بتسمعه وعنيها شاخصة في الفراغ
قالت بشرود وصوتها مبحوح:

– لما قعدت فترة أبعتلك وانت متردش… فكرت إنك… مقدرتش تكملها 

وقفت فجأة دموعها نزلت لكنها كملت:

حسيت إني بقيت وحيدة، وعايشة وأنا مش قادرة أتكلم ولا أقول عنك حاجة كنت حاطة أمل إنك بخير، فضلت شايلة السر جوايا لسنين… وكل يوم بدعي ربنا إنك ترجع

=كان غصب عني لاني كنت هموت فعلا

قالها بوجع وبعدين بصلها ملامحه كانت خليط بين الندم والحب والحماية… وفي اللحظة دي

إسلام مد إيده بهدوء وشدها في حضنه
حضن طويل مليان دفء وحنان، وكأنه بيحاول يلم كل السنين اللي راحت في اللحظة دي

حنين كانت  متجمدة في الأول، لكن مع أول لمسة منه حسّت وكأنها رجعت للحظة قديمة كانت فاكرها ضاعت… لحظة أمان حقيقي ما شافتهوش من زمان
قلبها دق بسرعة، مش من خوف… لكن من إحساس غريب إنها مش لوحدها أخيرًا

بعد ثواني، أخدت نفس عميق وبابتسامة باهتة مليانة دموع بعدت عنه شوية وقالت وهي بتحاول تضحك:
– أول مرة من سنين… أحس الإحساس ده

إسلام بصّلها وابتسم، ورجع حضنها من تاني وكأنه مش قادر يسيبها لحظة، وباس دماغها بحنان وقال بصوت منخفض لكنه ثابت:

– وأنا… أول مرة من سنين أحس إني رجعت مكاني الصح… المكان اللي عمري ما كان لازم أسيبه

عينيه كانت مليانة خليط من الفرح والندم، وكأنه بيعتذر عن كل لحظة غاب فيها عنها
غمضت عينيها، وسابت نفسها للحضن ده، عاوزه تحس بكل همسة أمان فيه، وبكل وعد صادق إنه المرة دي… مش هيسيبها تاني

كانوا لسه غرقانين في لحظة دافية، قلبها مليان مشاعر متلخبطة بين الأمان والراحة، لكن فجأة خبط جامد على الباب قطع اللحظه 
إسلام بعد عنها رفع حاجبه باستغراب وبص ناحية الباب، قام من جنبها وهو بيقول:
– مين اللي جاي  في الوقت ده؟

فتح الباب… وكانت المفاجأة

واقف ملامحه مش واضحه من الورم وفي إيده شنطة سفر صغيرة وابتسامة مستفزة مرسومة على وشه وكأن ولا حاجة حصلت

قال بنبرة فيها تهكم وابتسامه مستفزه:

– جيت أعيش معاكم
إسلام عينه ضاقت وهو بيقيس الموقف
أما حنين… قلبها اتقلب في لحظة، إيديها ارتجفت وهي حاسة الجو اتقلب برد فجأة
الهواء في البيت بقى تقيل، ومابين ابتسامة كريم المستفزة ونظرة إسلام الصارمة، المشهد بقى أشبه بقنبلة موقوتة… مستنية تنفجر 
تعليقات



<>