
رواية بعينيك اسير
الفصل الثامن والعشرون28
بقلم شهد الشوري
"بتعيطي ليه دلوقتي" قالتها ضحى لبسمة التي تنتحب بقوة متحسرة على ما حدث لها اليوملم تجيب عليها فسألتها مرة أخرى :
مش انتي اللي عملتي في نفسك كده، انتي اللي خليتي نفسك في نظره كده
صرخت عليها بسمة بغضب ودموع :
بس بقى كفاية لوم انتي مش مكاني ولا هما مكاني، محدش كان هيصدقني حتى يزن اهو أول ما عرف ماصدقنيش وأتخلى عني من غير ما يسمع مبرراتي
ردت عليها ضحى بصرامة:
وايه يعني، ما عنه ما صدق، هو اللي هيكون خسران واتكشف على حقيقته، انما دلوقتي انتي اللي ركبتي نفسك الغلط
ثم رفعت يدها تعد لها ما قامت بفعله :
عيشتيه في كدبة كبيرة وضيعتي من عمره سنين عايش بذنب موتك ووجع فراقك، وبدل ما تروحي تمثلي الحب عليه كان الصح انك تصارحيه بحقيقة الزبالة جوز اخته، وكان هيعرف يتصرف وقتها لأنهم عيلة كبيرة وايدها طايلة، وكنتي ساعتها هتكسبي حبه واحترامه، روحتي صلحتي غلط بغلط اكبر، وخسرتي كل حاجة في الآخر، سنين من عمرك عيشتيها ميتة في نظر الكل، وخسرتي حبه واحترامه هو واهله، ده غير انك شيلتي ذنب المسكينة اللي سابها يوم فرحها
نظرت لها بصدمة ما ان تحدثت عن همس، فتابعت ضحى بحدة :
نعم بتبصيلي كده ليه، ايوه انتي شاركتي في اللي حصل لهمس، شاركتي بسكوتك لما محاولتيش توقفيه عن اللي بيعمله وقتها، يزن ندل وجبان واناني، وبصراحة بقى رغم ان البنت صعبانة عليا لكن ربنا نجدها من واحد زيه، وانتي كمان المفروض تبعدي عنه، اللي زي يزن ملوش امان، واهم حاجة عنده نفسه، انتي وهو غلطوا اوي
صرخت عليها بسمة بقهر :
برده ده كله كلام مايضمنش ليا اني ماتفضحش، انا بنت، بنت افهمي بقى انتي زيي المفروض تحسي بيا، انا كنت بنت وعايشة لوحدي، ولو حد كان عرف من اهل المنطقة ماكنوش هيسموا عليا وهيموتوني، انا بنت وماليش الا شرفي، كان لازم احافظ عليه بأي طريقة، عملت وقتها اللي شوفته صح لأن الخوف جوايا كان أكبر من اي حاجة تانية
سألتها ضحى بحزن :
طب والعمل دلوقتي، نادر ربنا ينتقم منه مات وغار في داهية، وخلصنا منه، يعني اللي كان مسبب ليكي رعب في حياتك خلاص معدش ليه وجود، هتعملي ايه، هتجري ورا يزن عشان يرجعلك
ردت عليها بقهر:
يزن مش هيرجعلي، يزن نسيني أصلاً يا ضحى، انتي عارفة كام مرة غلط وقال اسم همس قدامي، يزن بيقنع نفسه انه لسه بيحبني بس هو خلاص....نسيني!!
ثم تنهدت بعمق وتابعت بألم :
ماقالهاش بس انا حسيتها، يزن اللي معايا دلوقتي مش يزن بتاع زمان، بُعدي عنه زمان هو سبب خسارتي ليه دلوقتي
بكت بقهر وهي تقول بصوت حزين يمزق القلوب :
قلبي واجعني اوي يا ضحى، ليه كل مرة اخسر حاجة، ليه حب غيري، ليه بيحصل معايا كده، انا تعبت....والله تعبت
احتضنتها الأخرى بحزن وأسف على حالها، متألمة لما وصلت إليه، تنهدت بعمق، عازمة على أن تفعل ما في وسعها، لعل ذلك ينفع بشيء!
على الناحية الأخرى، اقترب يزن من همس وقال بانكسار، وهو يتحاشى النظر في عينيها من شدة الخزي :
همس، انا اسف!!
في تلك اللحظة وصلت لينا الجامعة، ورأت الوضع ولأنها تعرف صديقتها تمام المعرفة، علمت أن ما سيحدث لن يمر مرور الكرام، ولكي ترد الإهانة ليزن، فتحت هاتفها على الفور، ثم دخلت على صفحة الجامعة، وبدأت بتصوير فيديو بث مباشر.....دقائق قليلة، وكان يشاهده عدد كبير من الناس
ردت عليه همس بسخرية وصوت عالي ليسمع الجميع : المفروض ده يترد عليه، يتقالوا ايه ؟
نظر الجميع لبعضهم، وبدأت الهمسات تتعالى، فتابعت مرة أخرى بسخرية وتعجب :
لأ بجد، حد يقولي ده يترد عليه، يتقالوا ايه
ثم صرخت بغضب، وعلو صوتها ملأ المكان :
المفروض السؤال يبقى للكل، انتوا يترد عليكم، يتقال ايه
أشارت لمجموعة من الفتيات بغضب وقالت بحدة :
لما حضرتك تبقي بنت زيي، وبدل ما تدافعي عني وتحطي نفسك مكاني، بتلوميني وبترمي عليا بالكلام وكأني انا اللي اذنبت مش هو، ساعتها يترد يتقال ايه؟
ثم أشارت لمجموعة من الشباب، وقالت بغضب وصوت عالي ليسمع الكل :
كل واحد فيكم بيرمي كلام زي الطوب، وكأنهم هيقولوا ده مش راجل عشان مجرحش شعور بنت بكلامه، وعيب فيها سواء من وراها او في وشها....والله دي ما كانت ولا عمرها هتكون رجولة
ثم أشارت ليزن، وقالت باحتقار ونظراتها مشتعلة بالغضب : لما واحد زي ده أقل كلمة تتقال ليه، إنه مش راجل ولا ينفع واحدة تأمن على نفسها معاه أو تثق فيه، يترد يتقال ايه؟
ضحكت بسخرية، ثم تابعت بحدة وسخرية مريرة:
بعد كل اللي عمله فيا ودمر أجمل يوم في حياتي، وخلاني أعيش كابوس، وكان ممكن أخسر حياتي بسببه، جاي يقولي بكل بساطة....آسف!!!
صرخت بغضب وهي تدفعه بكتفه بقوة، ارتد على إثرها للخلف :
يترد يتقال ايه!!!
انخفضت الهمسات، والجميع يتابع بصمت، حتى تعالت الشهقات من الصدمة عندما رددت همس بغضب، وهي تراه ينظر إليها بندم :
أقل حاجة يترد بيها على كلامه واللي عمله فيا، اني أخد حقي منه
صمتت لحظات، وهي تحك أصابع يديها ببعضها، ثم بلحظة، هوت بها على صدغه بقوة، مرددة بغل :
القلم ده لو كان حد من أهلك ضربوه ليك زمان، كنت اتعلمت إن بنات الناس مش لعبة، يوم ما تعوزها تقرب، ويوم ما تعوز تبعد، تبعد
ثم تابعت بصراخ عالي وازدراء :
اللي قدامكم ده، جالي وفضل يترجى فيا عشان أقبل بيه، وبعد ما قبلت، جاي يوم فرحنا يقولي آسف مش هقدر أتجوزك، ودلوقتي كمان جاي يعتذر تاني، ويقولي آسف على اللي عملته كأنه خبط فيا بالغلط، وماسببش ليا فضيحة بين الناس!!
ثم تابعت بحدة، وهي ترى الصدمة على وجهه بسبب فعلتها، وإحساس الإهانة الذي تملك منه :
يترد على كلمة آسف بتاعتك دي، إنك واطي وندل ومالكش أمان وأي واحدة تفكر ترتبط بيك، هتضرب نفسها بالجزمة ألف مرة بعدين عشان عملت في نفسها كده، اللي تقبل بيك هتعيش حياتها معاك كلها في خوف، هتبقى خايفة طول الوقت من ندالتك
ثم تابعت بغضب، وهي تشير له بيدها من أعلى لأسفل باحتقار :
اللي حصل مكسب ليا مش خسارة، ده من رحمة ربنا إنه حصل كده عشان اسمي ما يرتبطش باسم حيوان زيك، وأعيش حياتي كلها أندب حظي إني قبلت بيك
تدخل كارم قائلاً بتشفي وفخر بما فعلت :
خلاص يا همس، كفاية عليه لحد كده
نفت برأسها، وقالت بغضب :
لأ مش كفاية، شوف كام شهر فات على اللي حصل، وأنا بس اللي شيلت اللوم والعتاب من الكل، ودلوقتي جيه الوقت اللي كل واحد فيه يعرف مقامه والكل يعرف مين اللي غلطان، مع إنه معروف، بس احنا في مجتمع متخلف دايمًا اللوم على البنت، والراجل يا عيني ملاك نازل من السما، مش بيغلط
كانت ميان تتابع البث المباشر من المنزل وهي تضحك، قائلة بسعادة وفخر بصديقتها :
عاش يا أجدع وأجمل صاحبة في الدنيا
اقترب منها فارس وسألها بتعجب :
بتضحكي على ايه كده وبتسقفي
أشارت لشاشة هاتفها وقالت بفخر :
همس مسحت بكرامته الأرض، والله يستاهل أكتر من كده
لم يرد عليها، وبقى يشاهد الفيديو بصمت، فأغلقت شاشة هاتفها وسألته بحرج :
فارس انت زعلان مني؟
وقف ليغادر حتى يتجنب الحديث معها، قائلاً باقتضاب :
أنا عندي مشوار مهم ولازم أنزل
تمسكت بذراعه بسرعة قبل ان يغادر وقالت بتبرير، وهي تتجنب النظر إلى عينيه لأنها بداخلها تعلم انه يكذب :
فارس، انت فاهم غلط!!
أبعد يدها عنه برفق، وقال بتهكم قبل أن يغادر :
طالما بررتي ودماغك راحت للنقطة دي بالذات، يبقى أنا مش فاهم غلط ولا حاجة يا ميان
ثم غادر، وتركها تشعر بالندم على ما فعلت، لقد ظنت أنه سيثور ويغضب، لكنه لم يفعل، فقط عاتبها بعينيه وتصرفاته!
ما إن غادرت همس التجمع الكبير، حتى جذبها كارم نحو سيارته متجهًا إلى الشاطئ، حيث المكان كان خاليًا نوعًا ما من الناس، فردد بإعجاب وهو ينظر إليها :
هي دي همس اللي أنا أعرفها، انا فخور بيكي
ثم تابع بتحذير :
بس عارفة، لو في يوم فكرتي تسامحيه وترجعيله، والله انا اللي همسح بكرامتك الأرض
ردت عليه بصدق :
الصفحة دي اتقفلت خلاص يا كارم بعد اللي عمله، ولو روحي فيه حتى، مش هعبره تاني
أكمل بهدوء وهو يمشي بجانبها على الشاطئ :
تعرفي إن جوز أخته اتقبض عليه امبارح، والنهارده اتقتل في السجن!!
قص عليها ما حدث بالتفصيل، فعلقت قائلة باشمئزاز :
زبالة ويستاهل، والله ده خسارة فيه مراته
سألها بتعجب :
ليه قولتي عليه كده
ردت عليه بضيق :
عينه كانت زايغة، وضايقني قبل كده، وطبعا انا ما اتوصتش بيه، ما انت عارفني
ضحك بخفوت، ثم قال بغضب مكبوت :
عارفك طبعا انتي هتقوليلي.....ده ربنا رحمه انه مات
شبكت همس يديها ببعضها وقالت بسعادة :
اقولك على حاجة
أومأ لها، فتابعت بحماس :
بعد ما ضربته بالقلم، والكلام اللي قولته ليه، حاسة ان فيه طاقة دبت فيا مرة واحدة، حاسة اني ارتحت، وخدت جزء كبير من حقي
ابتسم كارم ثم سألها، وقد بدت عليه الجدية :
لسه بتحبيه؟
تنهدت بعمق، وردت عليه بصدق:
مقدرش أقول اني كنت بحبه، لاني اصلاً من الأول كنت عارفة إن مشاعري ناحيته مش الحب الجامد اللي بسمع عنه، انا ساعتها قولت طالما فيه إعجاب ومشاعر حتى لو بسيطة، يمكن مع الوقت تتحول لحب
ثم تابعت بعتاب ولوم لنفسها :
بس كنت غبية لما فكرت كده، بعد اللي حصل، بابا قعد معايا وفهمني حاجة مهمة كانت غايبة عني، قالي إن في الحب والجواز بالذات، ما ينفعش نختار بقلبنا ونسيب عقلنا، ولا بالعقل ونغفل عن القلب، لا لازم الاتنين يكونوا متفقين مع بعض
جلس على الرمال، فجلست بجانبهؤ تستمع له وهو يقول:
فكرت إنك لسه بتحبيه، لأن الأيام اللي فاتت....
فهمت ما سيقول، فقاطعته قائلة بصدق :
زعلي ووجعي ما كانش عليه، ولا منه، زعلي كان على نفسي، وعلى اختياري الغلط، انا اللي بإيدي وثقت فيه، وعملت في نفسي كده.....هو حتى مايستاهلش أزعل عليه
تنهدت بعمق، ثم تابعت بسعادة وحماس :
بس أنا مبسوطة أوي باللي عملته فيه النهارده، عارف لما الواحد يكون مبسوط وعايز يصرخ، أنا نفسي أعمل كده
ثم تابعت بشماتة، بينما كارم يتابعها بسعادة لسعادتها :
منظره وهو مكسور، ومش قادر يرفع عينه في عيني، فرحني اوي، لينا لسه بعتتلي رسالة من شوية بتقولي انه قدم استقالته من الجامعة لأنه مقدرش يستحمل الاهانة اللي شافها من الطلاب بعد ما مشيت، ده طبعًا غير ان لينا صورت كل اللي حصل لايف، والكل شافوه، اللي انا عيشته الفترة اللي فاتت بسببه، دلوقتي هو بيعيشه
ابتسم كارم، وقال بمرح :
انا لو كنت عارف انك هتنبسطي كده، والله كنت خليتك تضربيه وتفضحيه قدام الكل من زمان
نظرت إليه وقالت بامتنان :
لينا وميان قالولي انك جيت تاني يوم الحادثة وضربته قدام الكل
رد عليها بصرامة :
ده اللي كان لازم يحصل، لعب في عداد عمره لما فكر يأذيكي
نظرت إليه مطولًا، ثم ضحكت بخفوت، فسألها بتعجب :
بتضحكي على إيه؟
ردت عليه بحيرة :
عليك، أموت وأعرف حبيت فيا ايه بس يا كارم
ثم تابعت بجملة تذكرتها من مسلسل شهير:
اقسملك بالله أنا شخصية لا تُطاق
ضحك بقوة ثم قال بعشق ارهق قلبه وعقله:
يعني هو فيه حد غاوي عذاب، منه لله قلبي، اتعمى عشان يختارك انتي من باقي كل البنات اللي في الدنيا
ضحكت بخفوت، فتابع كارم بحب وهو ينظر في عينيها :
حبك على ايه معرفش، ده لا انتي عيونك حلوة وزرقا زي البحر كل اللي يبص فيها يتوه وما يرجع غير غرقان
توترت من كلماته، فتابع بهيام وهو يمرر يده على وجهها برقة :
ولا حتى ملامحك حلوة زي اللوحة كل تفصيلة فيها بتسحرني، ولا جدعة وبمية راجل، ولا لسانك طويل بس كل كلمة بتطلع منه بتخلي قلبي يدوب ويغرق فيكي اكتر
تنهد بعمق ثم تابع بعشق كبير خلق بقلها لها وحدها:
تفتكري حبك على ايه
انتفضت مكانها وقالت بتوتر، وخجل من كلماته ونظراته :
أنا لازم أمشي، عشان اتأخرت
أمسك بيدها مجددًا، ليجذبها نحوه، وكأنها قطعة من نفسه لا يمكنه أن يبتعد عنها، عيناهما التقتا في لحظة لا تُنسى، طويلة كالأبد، مليئة بكل ما لم يُقال، هو في تلك النظرة كان يعبّر عن حبٍ لا حدود له، عشق غمر كل جزء منه، مستعمرًا أعماقه بأوجاعه وفرحته، بكل ما يملكه من قوة وضعف، أما هي، فكانت في تلك اللحظة تشعر بالحيرة، لكنها كانت على يقين، أن كارم كان دائمًا لها، حاضرًا، وداعمًا، هو الأمان في كل مرة كانت تسقط، كان هو يدها الممدودة، هو من يرفعها، هو من يسندها في أسوء اللحظات، لطالما كانت مطمئنة لأن هناك شخصًا في هذا العالم يمكنه أن يحملها، حتى وإن كانت لا تستطيع حمل نفسها
لأول مرة، تشعر هكذا، لأول مرة ينبض قلبها بتلك الطريقة الغريبة، لتتفاجأ به يميل برأسه نحوها
ما أن دخل قصي من باب المنزل استوقفته والدته قائلة بصرامة:
المرة دي مش هتهرب مني يا قصي، حالًا تفهمني إيه اللي حصل ده وازاي تطلق مراتك؟
رد عليها بتهكم وهو يلقي بجسده على الأريكة:
يعني بسلامتها ما قالتش ليكي اللي حصل
عنفته قائلة بغضب :
اتكلم عن مراتك بأدب
رد عليها قصي بغضب شديد :
كل شوية مراتي....مراتي، مراتي اللي بتدافعي عنها دي اتهمت ابنك بالخيانة وفضحته قدام الموظفين في الشركة وقالت عني مش راجل وهي اللي طلبت الطلاق بلسانها كنتي مستنية مني اعمل ايه
رددت والدته صرامة :
كنت مستنية منك تتصرف بعقل مراتك غلطت آه، بس كل الستات في المواقف دي، الغيرة بتتحكم فيهم و...
قاطعها قائلاً بحدة :
المفروض تكون واثقة فيا، خصوصًا إننا اتعرضنا لمواقف زي دي وكل مرة كانت بتتصرف بنفس الطريقة الغبية دي، وترجع تندم، قولتلها اني زفت بريء، قولتلها اسمعيني، لكنها ماسمعتش وغلطت فيا وقالت كلام ميتقالش
رددت والدته بهدوء :
يا بني استهدى بالله، وهي هتراضيك وتبوس راسك كمان، ده أنتوا بقالكم كام شهر بس متجوزين، الناس هتقول إيه، مش كفاية كلامهم السم، زمان، ما بالك دلوقتي والجوازة مفاتش عليها غير كام شهر
رد عليها بقسوة وغضب :
ميخصنيش، صفحة سيلين اتقفلت خلاص ومعدتش هتتفتح تاني يا أمي
كاد أن يدخل لغرفته لكنها استوقفته قائلة ب:
حتى لو عرفت إن سيلين حامل، يا قصي
تصنم جسده في مكانه للحظات ثم التفت لها قائلاً بجمود :
حتى حملها مش هيغير حاجة، وكلمة زيادة كمان يا أمي، بدل ما أردها هطلقها بالتلاتة!
اقتربت ميان من فارس الذي كان يشاهد التلفاز باهتمام، وسألته وهي تريد فتح اي حديث معه، فهو منذ عاد من الخارج يتجاهلها تمامًا :
فارس، إحنا هننزل الشغل إمتى؟
سألها باهتمام وهو يغلق التلفاز عندما فتحت هذا الموضوع الذي كان يريد التحدث معها فيه :
انتي هتكملي تدريب في المستشفى؟
ردت عليه بتوتر :
انتت عندك مانع إني أكمل تدريب
نفى برأسه وقال :
لا، أبدًا بس الامتحانات قربت، وفكرتك هتقعدي من التدريب وتلتزمي بمحاضراتك عشان تلحقي تعوضي اللي فاتك
سألته بتوتر.:
طب، إيه رأيك انزل على الأقل يوم في الأسبوع، أصل الصراحة حبيت التدريب في المستشفى أوي
رد عليها بابتسامة :
اللي بقوله مش أمر يا ميان، أنا بقترح عليكي، وفي النهاية أنتِ اللي تقرري اللي حباه وعاوزاه حتى لو هتتدربي كل يوم، أنتي حره
أومأت له، فتابع بهدوء :
لكن لو محتاجة نصيحتي، الكلام اللي قولتيه في الآخر ممتاز كفاية يوم في الأسبوع وبعد الامتحانات ابقي اتدربي زي ما انتي عاوزة
أومأت له بنعم فتمسكت بيده قائلة باعتذار:
انا آسفة، متزعلش مني يا فارس
لم يرد عليها كالمعتاد، كلما فتحت ذلك الأمر. كاد أن يدخل لغرفته لكنها وقفت أمامه وقالت برجاء:
عشان خاطري، خلاص بقةغحقك عليا
نظر لها مطولاً ثم قال وهو يدخل لغرفته ويغلق الباب خلفه :
تصبحي على خير
وقفت أمام باب غرفته، والتي من المفترض أن تكون غرفتهما، لكنها لم تدخلها معه سوى مرات قليلة تعد على أصابع اليد، التفتت حولها باحثة عنه لتجده يقف بالقرب من خزانة الملابس، وقد تخلص من ملابسه العلوية فشهقت بقوة وخجل وهي تضع يدها على عينيها قائلة باعتذار:
أنا آسفة، ماكنتش أعرف إنك هتغير هدومك وبعدين، انت لحقت ده، أنت لسه داخل قدامي دلوقتي
رد عليها بسخرية :
لو كنتي قولتي انك داخلة ورايا كنت استنيت
ردت عليه بحرج :
طب يلا البس حاجة، مش هكلمك وانت واقف كده
اقترب منها وقال بهدوء:
افتحي عينك
أزاحت يدها عن عينيها ببطء وحرج، سرعان ما أعادتها مرة أخرى وقالت بغيظ :
انت لسه زي ما انت
اقترب منها اكثر حتى أصبح يقف أمامها مباشرة ثم رفع يده ليبعد يدها عن عينيها قائلاً برفق :
ما لبستش لأن المفروض إن حضرتك مراتي، وأنا جوزك، يعني مفيش داعي تغمضي عينك
أشاحت بوجهها بعيدًا وقالت بخجل وتوتر:
مايصحش برضو ألبس حاجة لو سمحت
ابتسم بزاوية شفتيه ثم انحنى بوجهه لاثمًا وجنتها، فابتعدت عنه سريعًا وخرجت من الغرفة بخطوات شبه راكضة
في صباح اليوم التالي، استيقظت ميان مفزوعة عندما شعرت بيد أحدهم تربت على كتفها، لتجد انه فارس يقف فوق رأسها ونصف العلوي بدون ملابس فسألته بفزع :
في إيه يا فارس....إنت بتعمل إيه هنا
رد عليها بسرعة :
قومي بسرعة، أهلي وأهلك على وصول
سألته بصدمة، والنعاس يغلب عليها :
ليه حصل إيه؟
رد عليها بسرعة وهو يلملم أغراضها في الغرفة وينقلها إلى غرفته :
هو ده وقته يا ميان، قومي، انقلي الحاجة بسرعة للاوضة التانية
أومأت له سريعاً، محاوِلة طرد النعاس بعيداً عنها، كانا يركضان من مكان لآخر بسرعة، حتى أعادوا كل شيء لمكانه، فجلست ميان على الأريكة، تلتقط أنفاسها بصعوبة، وكذلك هو، ثم سألته بزهول :
هما جاين ليه
رد عليها وهو يرتشف من زجاجة المياه التي أمامه :
معرفش، انا صحيت على مكالمتهم بيقولولي بعد ساعة وشوية هنكون عندكم نتغدى سوا ونقضي اليوم مع بعض، ويتطمنوا عليكي، انتي ناسية ان احنا قولنالهم انك جرحتي ايدك جامد امبارح
أخذت زجاجة المياه منه وارتشفت منها ثم قالت :
طيب، احنا الحمد لله خلصنا بسرعة، يدوب نجهز نفسنا
انتظرت منه إجابة، لكنه لم يرد، أبعدت الزجاجة عن شفتيها ونظرت له متعجبة من صمته، فوجدته في عالم آخر، ينظر إلى مكان معين، فنظرت هي بدورها إلى المكان الذي يحدق فيه، سرعان ما شهقت بصدمة وخجل عندما أدركت أنها ترتدي ثياب نومها والتي كشفت عن الكثير!!!!
فركضت بسرعة نحو الغرفة وأغلقت الباب خلفها، ضحك فارس بقوة، مردداً بصوت عالي مرح وهو يطرق الباب :
ليه قطع الأرزاق ده طيب، هو لا ده ولا ده
فهمت مغزاه الوقح، ولم تكن تتخيل أنه هكذا، فعنفته قائلة بحدة :
بطل قلة الأدب، يا قليل الأدب
ضحك قائلاً بمرح :
طب افتحي الباب
ردت عليه بحدة :
لأ
توسلها قائلاً بمكر :
طب هقابلهم إزاي، هو انتي لوحدك يعني اللي قالعة، ما انا كمان عاوز استر نفسي بحاجة
نفت برأسها وقالت بضيق :
قابلهم كده عشان تحرم تقل ادبك تاني!!
استند على الباب وقال بمكر وكلمات ذات مغزى:
والله لو عليا، أنا معنديش مانع، بس أنا عامل عليكي انتي لو شافوني كده هيقولوا قاعد كده ليه وكان بيعمل إيه، مع إنهم ميعرفوش اللي فيها
جزت على أسنانها وقالت بغضب :
فارس اسكت، أنا أصلاً غلطانة إني بحاول أصالحك، وانت أصلا طلعت قليل الأدب وماتستاهلش
ضحك بقوة، فتابعت ميان بضيق :
هجهز أنا، وبعدين أنت ادخل اجهز
بعد قليل، فتحت الباب له، فوقف يتأملها مطولاً بفستانها الزهري الطويل الذي غطى جسدها بالكامل، ابتسم بزاوية شفتيه وهو يراقبها تقف أمام المرآة، تصفف خصلات شعرها وتحاول جاهدة إغلاق سحاب فستانها من الخلف لآخره لأنها تستخدم يد واحدة
ظنت أنه دخل للحمام، لكن ما إن رأته يقف مكانه يطالعها من الخلف بابتسامة مشاكسة، حتى أعادت خصلات شعرها للخلف تغطي ظهرها به، ترمقه بنظرات حادة
اقترب منها، وأزاح خصلات شعرها برفق، ثم رفع السحاب بهدوء حتى أغلقه، بعدها اقترب أكثر ودفن أنفه بين خصلات شعرها، يستنشق عبيرها بهيام، فابتعدت ميان بسرعة، وقالت بتوتر وحرج :
شكراً، ادخل أجهز بقى، زمانهم على وصول
نظر لها مطولاً، ثم أومأ لها بصمت ودخل للمرحاض، وما إن أغلق الباب حتى تنهد بعمق يعلم الله وحده كم يجاهد لكي يضبط نفسه عنها، فكل ما فيها جميل عيناها فتنة، أما شفتيها، فحكاية أخرى.....يطوق لقراءتها بشفاهه، لم يسبق له أن رغب بفتاة هكذا حتى مع زوجته السابقة كان الأمر بالنسبة له عادياً، لكن مع ميان الأمر مختلف، لا يرغب بلمسها فقط، بل يرغب أيضاً بامتلاك قلبها وعقلها كما فعلت هي معه
بعد قليل، كان الاثنان يستقبلان الجميع بابتسامة جميلة، عانقت والدة فارس ميان وهي تقول بسعادة:
يا روحي عليكي، زي القمر
ضحكت ميان بخفوت، فاحتضن فارس والدته وقال بمرح :
إيه يا أمي، كل ما تشوفيها تفضلي تحضنيها كده وتقولي زي القمر....هتتفهمي غلط يا ست الكل
ضحك الجميع، فلكزته والدته بذراعها، قائلة بغيظ :
بس يا واد يا قليل الأدب، إنت
ردد فارس بتذمر وصوت خفيض سمعته ميان فقط :
هي إيه حكاية قليل الأدب اللي عمالة تتقالي النهارده دي، هو أنا فين في أدبي
بعد دقائق كان الجميع يجلسون سويًا، فسألت ميان والديه:
"هو فراس مجاش معاكم ليه؟
رد عليها والد فارس بهدوء:
عنده مدرسة، فسيبناه مع الداده بتاعته مضطرين، وقولنا نطمن عليكم ونرجع على طول
أومأت له ميان بصمت، بينما كان والداها يتابعان ابتسامتها الصادقة المرسومة على شفتيها بسعادة
لثمت والدة فارس ميان عدة مرات، فغمغم فارس بصوت خفيض مغتاظ، سمعته ميان:
يا بختك يا ست الكل
انفجرت ميان ضاحكة، وتبعها فارس، فسألتها والدتها بابتسامة :
ما تضحكونا معاكم!!
نفت ميان برأسها، وقال فارس بمرح :
مفيش يا ست الكل
رددت ميان بابتسامة صغيرة وهي تتوجه للمطبخ:
هقوم أعمل حاجة نشربها
لحق بها فارس بعد دقيقتين، ومال على اذنها وهو يراها تضع السكر في الأكواب قائلاً بغزل :
سكر بيحط سكر، يا ناس!!
ابتسمت ميان بزاوية شفتيها، فكل يوم تكتشف طبعًا جديدًا فيه، مرح جدًا، يستطيع أن يسرق منك ابتسامة أو ضحكة من القلب، تنهمت وسألته دون أن تلتفت إليه:
جيت ورايا ليه؟
استند بمرفقه على الثلاجة، وعبث بهاتفه للحظات وقال :
عشان نشوف هنطلب إيه من بره للغدا
اعطاها الهاتف المفتوح على صفحة خاصة بقائمة طعام، ثم قال بهدوء :
اختاري، مامتك وباباكي بيحبوا إيه
اختارت بعض الأصناف، وفعل هو المثل لوالديه، ثم قال بمشاكسة وهو يغمزها بعينيه:
ده إحنا النهارده هيجيلنا السكر بسببك يا سكر
ضحكت بخفوت ولكزته برفق قائلة :
بس يا فارس، إنت مالك النهارده
رفع حاجبه قائلاً وهو يخرج برفقتها من المطبخ يحمل الحلوى والمشروبات لهم :
يعني لو سكتنا مش عاجب، ولو اتكلمنا مش عاجب، اثبت على رأي بقى، يا سكر،الحق عليا إنك مهونتيش عليا وصالحتك
ضحكت بخفوت وقالت:
لأ، ارجع خاصمني تاني....أنا راضية، يا سيدي
ثم عادا إلى الجميع الذين كانوا يراقبون همساتهم بسعادة، خاصة والدي ميان، بعد قليل، جاء الطعام، فسألت والدة فارس ميان وهي على طاولة الطعام :
إنتي بتعرفي تطبخي يا ميان؟
نظرت ميان لها بتوجس، ثم إلى فارس الذي كان يتابع بصمت، وقالت بحذر :
يعني....مش أوي
صفقت والدته فجأة بيده وقالت لزوجها :
شوفت من تريقتك عليا زمان، ربنا رزق ابنك بزوجة مش بتعرف تطبخ، عشان تحرم تتريق عليا في حاجة تاني
علق زوجها وقال بسخرية :
حبيبتي، هي بتقولك بتعرف شوية، إنما إنتي لحد النهارده كل معلوماتك عن الطبخ تعملي بيضة
ضحكت ميان بخفوت قائلة بمرح :
انجاز برده يا عمي
ضحك وضرب كفه بكفها، فرددت الأخرى بغيظ :
كده يا ميان وأنا اللي قولت إنك هتكوني في صفي، بتتريقي عليا معاه
ضحك فارس ولثم يد والدته قائلاً بمرح :
شوفتي للي عمالة تحبي فيها من شوية باعتك وراحت لصف جوزك، عشان تعرفي إن مالكيش في الدنيا دي غير ابنك حبيبك
ابعدته والدته عنها وقالت بمرح :
ابعد عنب بلا هم
ضحكت ميان بقوة وقالت :
يلهوي على كسفتك يا حازم.....قصدي يا فارس
دفع فارس ميان برفق نحو والدها وقال :
خد بنتك وانت مروح يا عمي
دفعها والدها برفق هو الآخر وقال:
لأ انا كفاية عليا اوي كده، خليها عندك
نظرت ميان لوالدها وقالت بغيظ:
كده يا بابا، ماشي متشكرة اوي
علق والد فارس بابتسامة حنونة :
خلاص، لا انت ولا هو، احنا هناخدها معانا وإحنا ماشيين، تنورنا
ضحك الجميع وتناولوا الطعام في جوا أسري رائع، تناست فيه ميان كل ما حدث، وعاشت تلك اللحظات الجميلة بصدق
كان فارس يطعمها لأن يدها اليمنى مصابة، تتناولت منه ميان بحرج وخجل شديد من نظرات الجميع، والتي لم يهتم هو بها على الإطلاق، لقد وجد فرصة ليقترب منها، وسيستغلها، تعمد لمس شفتيها بيده، وكلما نظرت له بحدة، غمز لها بعينيه في الخفاء مشاكسًا
كانت ميان تنظر إليه من حين لآخر بشرود، فارس تغير كثيرًا، صمتت للحظات، وفكرت أنه ربما كان هكذا منذ البداية، وهي التي لا تعرفه جيدًا بسبب عزلتها طوال اليوم في غرفتها
قامت فريدة بدعوة لينا على الغداء في منزلها، وكذلك سفيان، لم تتوقف لينا عن النظر إليه باحتقار، ولولا إصرار عمار على حضورها، لما اهتمت وجاءت من الأساس
رن هاتفها فجأة، وكانت المتصلة ميان، وما ان ردت جاءها صوت ميان الهاديء :
كويس إنك رديتي عليا بسرعة، همس معاكي؟
ردت عليها لينا وهي تنظر إلى سفيان بتشفي :
لا يا ميان، مشوفتش همس النهارده
جزت فريدة على أسنانها بغضب، بينما صب سفيان كامل تركيزه على حديثها
سألتها ميان بقلق:
كلمتها بس تليفونها مقفول، كنت هقولك تجيبيها وتيجوا عندي نقعد سوا، الكل هنا متجمعين
ردت عليها لينا بتوتر :
مرة تانية إن شاء الله، أنا مع عمار دلوقتي
ثم تابعت بمكر :
هقفل دلوقتي وهكلمك بعدين، سلميلي على فارس يا عروسة
قبض سفيان على الشوكة التي في يده بغل، بينما فريدة صرخت علي لينا بغضب ما ان اغلقت الهاتف:
انتي لازم تقطعي علاقتك بميان دي بما إنك هتكوني واحدة من عيلة العزايزي
ردت لينا بهدوء :
أنا هبقى زوجة عمار العزايزي، وهو بس اللي من حقه يقولي اكلم مين واقطع علاقتي بمين، وطالما هو مش معترض، محدش ليه حق يقولي أعمل إيه وما أعملش، وبعدين ميان أختي، ومش من حق أي حد يطلب مني أقطع علاقتي بأختي
تنهد عمار وقال بحزم :
لينا، كفاية لحد كده
صمتت مجبرة، فتدخل سفيان وقال بهدوء زائف :
لينا معاها حق، مشكلتك مع ميان تخصك إنتي يا فريدة، لكن مش من حقك تفرضي على اي حد فينا يقاطعها
نظرت له فريدة بغضب، بينما عمار قال بحزم:
لينا انتي اتأخرتي، ولازم تمشي يلا هوصلك
غادر الاثنان، وما أن صعدت مع السيارة، عاتبها عمار بضيق :
إيه اللي حصل فوق ده يا لينا
سألته بمراوغة:
إيه اللي حصل؟
رد عليها عمار بغضب :
ماكنش فيه اي داعي للشو اللي عملتيه فوق، عشان تضايقي سفيان
تنهدت بعمق ثم ردت عليه بصدق :
لأ كان فيه داعي أنا متغاظة منه ومقهورة على ميان، أنا كنت بشوف ميان واقعد معاها اكتر منك، انت عارف ان في اول جوازه كان بيعمل كده كتير فيها، كنت انا وهمس نبقى قاعدين معاها وفجأة نلاقي رسايل من رقم غريب مبعوته ليها وكأن اللي باعتها قصده يقهرها، ولما كشفنا على الرقم عرفنا انه ليه
ثم تابعت بغضب :
الموقف اللي عملته فيه مش حاجة جنب اللي عمله فيها أنا كنت بحاول ارد جزء من حق اختي واقهره زي ما قهرها يا عمار و ما تلومنيش أنا عارفة انه اخوك الكبير بس ميان كمان اختي غضب عني بتطلع مني التصرفات دي !!
زفر عمار بضيق يلوم شقيقه الذي وضعه في هذه الدوامة، لا يستطيع أن يقف ضده مع الجميع، ولا يستطيع ان يدافع عنه!!
على الناحية الأخرى بمكان نذهب إليه لأول مرة، انه منزل نانسي التي تجلس الآن مع امل ابنة عمة سيلين تستمع لما تقوله لها بغرور :
عفارم عليكي يا بت يا نانسي، مكنتش متخيلة إنك هتنجحي في اللي قولتلك عليه بالسرعة دي
ردت عليها نانسي بسخرية :
من إمتى نانسي بتهزر في الشغل، طالما قبضت، بشتغل بضمير
ثم تابعت ببرود :
بس للأمانة، اللي حصل كان صدفة، شوفتها جاية من بعيد، قومت رميت نفسي عليه وطبعت روج على قميصه، وشوية حركات مني ولعت بيها الدنيا
ابتسمت امل وقالت بسعادة:
مع الرسايل اللي كنت ببعتهالها من أيام، والصراحة انا كمان كنت فقدت الأمل من موضوع الرسايل ده، بس قولت على الأقل تزرع الشك جواها
مضغت نانسي العلكة بطريقة مستفزة وقالت بنبرة ذات مغزى :
لولا الصور اللي مسكتها على المدير ده، مكنتيش هتعرفي تدخليني من باب الشركة
ردت عليها امل بملل :
جيبي من الآخر وقولي إنك عاوزة فلوس زيادة
ابتسمت نانسي ابتسامة صفراء وقالت:
كلك نظر يا أمولة
رمقتها امل باحتقار ثم أعطتها مبلغًا ماليًا كبيرًا وقالت:
امسكي، تستاهليهم بعد ما طلقها ورماها في الشارع، ده أنا لو اطول ازغرد كنت عملتها
ردت عليها نانسي بمكر :
دلوقتي بقى دورك، الواد يا قلب أمه هيحتاج اللي تطبطب عليه وتدلعه في عز احزانه
ضحك امل بسخرية ثم قالت :
مش قصي اللي يفكر كده، بس أنا عارفة هجيبه إزاي، وحياتك، في ظرف أسبوعين أو أقل كمان، هكون مراته
ردت عليها نانسي بمكر :
قادرة وتعمليها ياختي!
في المساء، كان فارس يجلس على الأرض، وبجانبه ميان ووالدته ووالدتها، يلعبون لعبة الورق، بينما كان والده، ووالدها
يلعبان الشطرنج بعيدًا عنهما ويتسامران
ردد فارس بمكر :
الدور ده هنلعب الشايب، واللي هيخسر هنحكم عليه
تحمست والدته وقالت بمرح:
هنحكم عليك انت إن شاء الله
تمتم فارس بحسرة :
الأمهات كلها تفرح لمكسب ولادها، إلا أمي، العكس
ضحكت ميان وبدأت في توزيع الأوراق، وبعد دقائق قليلة، كانت تسحب بغيظ ثلاث ورقات لتعرف كم حكمًا سيُفرض عليها
حصل فارس على ورقة بثمانية فقال بمكر :
حلاوتك يا سكر
ألقت والدته ووالدة ميان الور، وقالوا معًا بلا مبالاه :
مسامحين!!
ضحك فارس ثم قال بمرح :
سامحوا براحتكم، لكن أن قاسي وبحب اخد حقي بضمير
زفرت ميان وقال بغيظ :
احكم وخلصنا
سألها بمكر، بينما الاثنتان تراقبان بفضول ما سيفعل:
الورقة اللي في إيدك بكام
ردت عليه بضيق :
تمانية
أشار لوجنته وقال بمكر :
انقليهم هنا !!!!!
ضحكت والدة ميان بخجل، بينما والدته لكزته بذراعها وقالت بمرح:
اتأدب يا ولد، عيب احنا قاعدين معاكم
رد عليها فارس بمكر وهو ينظر إلى ميان:
عيب إيه يا ست الكل، دي مراتي
ضحكت الاثنتان، بينما ميان ردت عليه بحدة :
انا مستحيل أعمل كده
رفع حاجبه وقال بتحدي:
لأ احنت ما اتفقناش على لعب العيال ده اللي يخسر يتحكم عليه وينفذ من غير كلام
ضحكت والدته وقالت لميان :
اعملي اللي بيقولك عليه يا بنتي، مجنون ومش هيسكت، وبعدين ده جوزك مش غريب يعني
ردد فارس بكلمات ذات مغزى:
قوليلها والله يا ماما، أصلها بتنسى كتير
نظرت له ميان بحدة، فتدخلت والدتها وقالت بملل :
يلا يا بنتي، خلصينا عاوزين نبدأ دور جديد
اقتربت منه مرغمة، وفعلت ما طلب منها على استحياء مرة واحدة فقط ثم ابتعدت وقالت بحدة :
هو....بس كده
ضحكت الاثنتان على خجلها، بينما ميان وقفت وقالت بضيق :
أنا هروح أعمل حاجة نشربها
نهض فارس بعدها وقال مبتسمًا وهو يلحق بها :
هروح أساعدها،نسيت إن إيديها مجروحة
تبادلت الاثنتان النظرات بمكر، بينما فارس عندما دخل المطبخ، فوجئ بها تقابله بسكين وهي تقول بشراسة وخجل:
تاني مرة، إياك تعمل كده قدام حد
اقترب منها حتى اصطدمت بالثلاجة خلفها، قائلًا بمكر :
مكنتش أعرف إنك بخيلة كده، للدرجة دي زعلانة، بسيطة يا ستي ولا تزعلي نفسك....هرجعهالك حالاً!!
ثم مال برأسه ليلثم وجنتها، لكن فجاء جاء من خلفه صوت والدتها وهي تقول :
احم....اتأدب يا زفت، واحترم إننا لسه موجودين
ركضت ميان للخارج بخجل، سرعان ما تعالى صوتها تقول بحماس :
الدنيا بتمطر بره
ردد والد فارس بضيق :
هنروح إزاي كده
رد عليه فارس ببساطة :
خلاص، ناموا هنا الليلة
تمتم والده بجدية:
للأسف، مفيش حل غير كده
أشار فارس بهدوء نحو الغرف قائلاً :
طب، الأوض اهي اتفضلوا، هنجيب هدوم ليكم حالاً
دخلت ميان، وهو خلفها، تشعر بالتوتر الشديد، جذبت ملابس لوالدتها ووالدته، وأحضرت مناشف، وكذلك فعل هو
بعد وقت قصير، كان الجميع قد دخلوا لغرفهم، عدا فارس الذي كان يحضر الماء، وما إن دخل من باب الغرفة، بحث عنها، لكنه لم يجدها، توجه إلى الشرفة ليجدها تقف هناك عند حافة السور تضع يده تحت المطر كالأطفال الصغار، تلهو بقطراته
اقترب منها كالمغيب، وضع يده على خصرها، وأمسك بيدها التي تحت المطر، فشهقت ميان بفزع، لكنه طمأنها قائلاً بصوت دافئ وحنون :
ده أنا... متخافيش
ابتعدت عنه سريعاً، وقالت بتوتر :
انا هدخل أغير هدومي قب.....
شهقت بتفاجأ عندما جذبها من يدها لتصطدم بصدره، واحاط خصرها بذراعيه، هامساً لها بصوت هائم، مسحور بجمالها وحبها:
في جمالك...ماشوفتش وأنا امتى اصلاً قبلك كنت بشوف
رفع فارس يده ووضعها على وجنتيها بلطف، ثم اقترب منها ببطء كالمغيب، وكأنه مسحور بجمالها أما عن ميان تشعر نبضات قلبها تتسارع بشكل كبير، تشعر بتوتر شديد وخوف لا تستطيع تجاهله. وما إن اقترب منها فارس أخيرًا، حتى تذكرت تلك الليلة، وما فعله سفيان بها فدفعت فارس بعيدًا عنها فجأة، وقالت بحدة وغضب:
ماتلمسنيش