رواية بعينيك اسيرالفصل الثامن عشر18بقلم شهد الشوري

رواية بعينيك اسير
الفصل الثامن عشر18
بقلم شهد الشوري
كان عاصم وعائلته يقفون أمام منزل كارم في الميعاد المتفق عليه، تحمل همس بيدها باقة ورد جميلة، بينما والديها يحملان علب حلوى، فتح كارم الباب مبتسمًا وهو يقول :

أهلاً وسهلاً، نورتونا
ردت عليه "هبة" والدة همس بهدوء :
تسلم يا ابني
افسح لهم كارم المكان للدخول، فأتت والدته من الخلف، قائلة بابتسامة :
أهلاً وسهلاً، البيت نور والله
اقتربت هبة منها، معانقة إياها بود ومحبة :
منور، بصحابه ياحبيبتي، واحشاني يا فاطمة
ربتت "فاطمة" والدة كارم على كتفها مبتسمة :
انتي كمان والله وحشاني يا هبة
بعد الغداء، كانت همس تجلس برفقة كارم في حديقة الفيلا، شاردة في عالم آخر، فسألها بفضول :
مالك سرحانة كده، في ايه؟
نفت برأسها قائلة :
مفيش
لم يصدقها، فسألها مرة أخرى :
ايه اللي محيرك اوي كده، قوليلي، يمكن أعرف أساعدك
غيرت همس الموضوع، فما يشغل عقلها، كارم آخر شخص يمكن أن تخبره به، ليس لعدم ثقتها به، بل لأنها لا تريد أن تجرحه، فكيف تحدث رجلاً يحبها عن حيرتها بالموافقة على رجل آخر :
هو عمار أخباره إيه، ميان مجتش النهارده علشان تشوفه؟
تقبل كارم رغبتها في تغيير مجرى الحديث، وأجاب على سؤالها :
لأ، مجتش، بس أنا اتصلت بحد متخصص هيتابع حالته، وفي ممرضة هتكون ملازمة ليه على طول
رددت همس بتعجب :
غريبة، دي قالتلي انها هتعدي عليه
ثم تنهدت بعمق وقالت بحزن :
بس لينا صعبانة عليا اوي، حتى هو كمان صعبان عليا، نفسي أروح أطمن عليها، بس أنا عارفة نفسي، أول ما هشوف دموعها وزعلها هقول كل حاجة على طول، ساعتها هخلف بوعدي لميان
رد عليها كارم بهدوء :
هيخف إن شاء الله، وهتعرف ظروفه وهتسامحه، وكل حاجة هترجع زي ما كانت
أومأت همس برأسها وهي تتمنى فعلاً ذلك، بينما داخل المنزل، استأذن عاصم ليجيب على هاتف خاص بالعمل فسألتها هبة حينها :
خير يا فاطمة، ايه الموضوع اللي كنتي عاوزة تكلميني فيه
ردت عليها فاطمة بهدوء :
من غير لف ولا دوران، أنا عايزة نقرب بين كارم وهمس، هو بيحبها اوي، وهي رفضته لأنها شايفاه زي أخوها، لكن احنا مع بعض ممكن نحاول نخليها تشوفه بطريقة تانية، مش هنغلب، يعني تبقى محاولة أخيرة، والله يا هبة كارم بيحبها ولسه شاريها، وعنده أمل إنها تيجي يوم وتوافق
صمتت هبة بحرج ثم ردت بحزن على حال كارم :
مش عارفة أقولك إيه يا فاطمة، بس همس متقدملها عريس، وحاسة إنها هتوافق لو محصلش نصيب، معاكي في اللي بتقوليه، لكن لو حصل، كل الكلام اللي قولتيه ده هيفضل بيني وبينك
اختفت ابتسامة فاطمة تدريجيًا، وهي تدعو الله بداخلها أن ترفض همس، فهي لن تتحمل أن ينكسر قلب ابنها
"اللي حضرتك تشوفه يا بابا" قالتها همس بحرج وخجل، بعد أن أخبرها عاصم برغبة يزن في الزواج منها
ابتسمت هبة بتوسع وقالت بلهفة :
يعني نقول مبروك، موافقة عليه
أومأت همس برأسها بخجل، فأطلقت هبة الزغاريد على الفور، لكن عاصم اوقفها قائلاً :
استني بس يا هبة، ما يصحش كده
سألته هبة بضيق :
هو إيه اللي ما يصحش، ده أنا مستنية اليوم ده من زمان، أخيرًا بنتك عجبها حد ووافقت عليه، دي كانت بتقول لا للعرسان وكأنهم هدوم
استأذنت همس وغادرت من أمامهم سريعًا إلى غرفتها بخجل، وأعين عاصم تتابعها بضيق، لقد ظن أنها سترفض، تنهد بداخله وقرر ترك الأمر للأيام، لربما كان ظنه خطأ، فإن ثبت العكس، لن تكتمل تلك الزيجة أبدًا، ولن يعطيه غاليته !
بفيلا آل مهران
كان يزن يجلس بغرفته شاردًا، يشعر بثقل الذنب والخيانة، لقد أقدم على خطوة يراها خطأً فادحًا، شعور ينهش قلبه بلا رحمة، قطع شروده صوت طرقات خفيفة على باب الغرفة، سمح للطارق بالدخول، فإذا بها والدته التي جلست بجواره على السرير، قائلة بتردد :
فكرت في اللي قولتلك عليه يا يزن
تنهد بعمق، ثم قال بحزن :
روحت لوالد همس وطلبت ايديها منه
تهللت أسارير والدته وقالت بسعادة عارمة :
ألف مبروك يا ابني، والله انت عملت الصح، صدقني لو بسمة مكانك بعيد الشر عنك، كانت هتعمل زيك، الحياة مش بتقف على حد
رد عليها يزن بصرامة ممزوجة بحزن :
بسمة لو كانت مكاني، عمرها ما كانت هتعمل كده، انا حاسس بالخيانة.....حاسس اني بخونها
نظرت إليه والدته بجدية وسألته :
طيب كنت هترضى لها تعيش الوحدة من بعدك، لو كنت هترضى، يبقى انت أناني ومش بتحبها بجد، الحب تضحية يا يزن، انك تتمنى لحبيبك السعادة حتى لو بعيد عنك، الحياة افهم بقى يا ابني الحياة مش بتقف ولازم تمشي
ظل صامتًا، فتنهدت والدته وقالت بابتسامة صغيرة :
مع الوقت هتحب همس، أنا متأكدة، هي أصلاً تتحب، بس انت غلطت لما روحت لعاصم من غير ما ترجع لأبوك
أخفض رأسه وأجاب بضيق :
عارف، بس اللي حصل حصل، انا عملت اللي كنتوا عاوزينه مني، وأيًا كان إزاي، النتيجة واحدة
عاتبته والدته قائلة :
صح النتيجة واحدة، بس اللي بنعمله ده لمصلحتك، وبكره تفهم كلامي، المهم تروح لأبوك وتعتذر منه
قبل يديها وجبينها قائلًا بأسف :
حقك عليا يا أمي، أنا بس مضغوط ومش عارف أتصرف، هروح لبابا واعتذر منه على اللي حصل
أومأت له بصمت، ثم سألته :
عاصم رد قالك إيه؟
تنهد يزن وقال بضيق :
هيفكر وياخد رأيها، وهيرد عليا
سألته والدته بقلق.:
تفتكر هيرفضوا
حرك رأسه نافيًا وقال :
انا اتكلمت مع همس ووافقت، بس معرفش رأي والدها، لكن مفيش سبب عشان يرفضوا
دعَت له والدته بفرح :
ان شاء الله هيوافقوا، وهعملك فرح مصر كلها هتتكلم عنه
نظر يزن بحزن إلى صورة بسمة المعلقة على الجدار، كان من المفترض ان تكون هي العروس وليست همس!!
نظرت له والدته قائلة بحزم :
طالما قررت تبدأ من جديد، لازم تنزل صورتها من على الحيطة، وكل حاجة تخصها خرجها بره الاوضة دي، مش بقولك انساها بس على الأقل راعي مشاعر همس
أومأ برأسه بصمت، القهر والحزن يعتصران روحه، يا ليت الأمر بهذه البساطة التي تتحدث بها والدته، كلماتها بدت سهلة وخفيفة، لكنها ثقيلة على قلبه الممزق، كيف لهم أن يتحدثوا وكأنهم يفهمون، ولم يعش أحد منهم هذا الألم الذي ينهش أعماقه، لم يختبروا مرارة الفقد التي تبتلع كل لحظة أمل، هم في الخارج، يشاهدون المشهد من بعيد، يحكمون دون أن يشعروا بنيران الحزن التي تلتهمه بصمت
أي طريق مظلم سلكته هي؟
إلى أي مصير بائس أوقعت ذاتها؟
آه لو أنها أصغت لوالدها وتركته يفعل ما يريد، لعل الموت كان أهون من هذا الجرح العميق الذي لا يلتئم
لقد فضلت حياة فريدة على حياتها، وضحت بكل شيء من أجلها، ولكن ما النتيجة، غدرٌ قاسٍ وطعنة في أعماق الروح هي ليست غبية لتغيب عنها دوافع فريدة، كانت تلك المرأة تسعى بكل حيلة إلى تحطيمها، إلى كسرها بالكامل، أرادت أن تُغلق أمامها كل طريق، أن تدفعها إلى القبول بسفيان قسرًا، أن تُجبرها على الرضوخ لوضع لم تختره، أن تقتل رغبتها بالحرية، وتمنعها من طلب الطلاق مرة أخرى!!
لقد كان ما حدث أكبر من الخيانة...كان سحقًا لروحها، كأنها عُلقت على حافة الانهيار، وعجزت حتى عن السقوط
جلس سفيان وميان على طرفي السرير، وكل منهما يعطي ظهره للآخر، سفيان يضع رأسه بين يديه محاولًا السيطرة على غضبه، بينما ميان كانت تحدق في الفراغ، ودموعها تنساب بلا توقف، استدارت ببطء ونظرت إلى البقعة في منتصف السرير، والتي تحمل دليلًا صامتًا على فقدانها أعز ما تملك، برغبتها، ودون رغبتها في آنٍ واحد
التفت إليها سفيان بنظرة تجمع بين الغضب والشفقة، لكنه لم يجد المناسب من الكلمات ليقوله
قطع رنين هاتفها الصمت، ارتجفت ميان وهي ترى اسم والدها على الشاشة، انتزع سفيان الهاتف منها بلطف، قائلاً بجدية :
ماتخافيش، انا هتصرف
اجاب عليه سفيان قائلاً بهدوء زائف :
أنا سفيان، ميان معايا، كنا بنتغدى سوا والعربية عطلت بينا، وجاين في الطريق دلوقتي
رد عليه رأفت بقلق وضيق :
طيب، ماتتأخروش
أغلق الخط وأعاد الهاتف لميان، التي نظرت إليه بتشوش، لحظات، ودخلت فريدة للغرفة، ترتدي قناع الجمود، نظرت إليها ميان بغضب، وقالت بحدة :
عملتي كده عشان تكسريني، عشان تخليني أقبل بالوضع ده
ردت عليها فريدة ببرود :
عملت كده لمصلحتكم، وبكره يجي اليوم اللي تشكروني عليه
صرخت عليها ميان بغضب وقهر :
عمره ما هيجي...اليوم ده عمره ما هيجي يا فريدة، اللي عملتيه ده جريمة....جريمة في حقي، ضيعتي فرحة أبويا بيا، وكسرتيني، ياريت لساني كان اتقطع قبل ما أقول موافقة، عشان أنقذ حياتك من الموت، وياريتك قدرتي ده !!
كانت فريدة جامدة كالصخر، لم تهتز لكلمات ميان ولا لنبرتها المنكسرة، كانت ترى أنها فعلت الصواب، وأنه سيأتي اليوم الذي يُقدر فيه الاثنان ما فعلته من أجلهما
كادت ميان أن تغادر، لكن ما إن خطت بضع خطوات حتى شعرت بدوار مفاجئ وكادت أن تسقط، أسرع سفيان ليلحق بها، ممسكًا بها بقوة ليمنع سقوطها، كان وجهه يفيض بخيبة أمل لم يعهدها من قبل، وعيناه تُطلقان سهام النفور نحو فريدة لأول مرة بحياته، وقال بنبرة يكسوها الغضب :
اللي عملتيه ده هيفضل علامة سودة في حياتك يا فريدة، عمري ما هنسى اللي حصل، ولا هسامحك عليه، نزلتي من نظري أوي، ومستحيل توصلي تاني للمكانة اللي كنتي فيها عندي
لم تعبأ فريدة بكلماته، ولم تلتفت لهما، بل ظلت ثابتة مكانها، صامدة كأن شيئًا لم يكن
ساعد سفيان ميان على السير حتى وصلا إلى سيارته، صعدت دون أن تنبس بكلمة، واستندت برأسها على النافذة، كانت تبكي بصمت، تشعر بالخوف مما ينتظرها، ومما ستُقدم عليه!!
ما إن دخلت ميان من باب المنزل حتى تفاجأت بوجود جدها لوالدها "سالم" برفقة والديها، وما إن رأته ركضت إليه تعانقه قائلة بصوت مختنق :
وحشتني اوي يا جدو
ربت على خصلات شعرها برفق وحنان مرددًا باشتياق مماثل: انتي كمان وحشتيني اوي يا قلب جدك
أبعدها عنه قليلاً ليرى وجهها قائلًا بقلق :
ليه الدموع دي يا غالية، مين اللي مزعلك
نفت برأسها قائلة بابتسامة زائفة لم تصل لعينيها :
مفيش يا جدو، بس حضرتك كنت واحشني اوي
جذبها لأحضانه ولم يصدق ما قالت حتى والدها نفس الشيء، لكنه عاتبها قائلاً :
طب ماكنتيش بتيجي ليه، ده أنا قولت لأبوك يبعتك تقضي معانا كام يوم بس قال إن الامتحانات قربت، كلهم هناك نفسهم يشوفوكي، بس خلاص، أنا جيتلك وأول ما امتحاناتك تخلص هاخدك تقعدي معانا لحد ما تزهقي مننا
أرغمت نفسها على الابتسام فربت على خصلات شعرها بحنان، جاء صوت والدتها من خلفهم قائلة لسالم :
اتفضل يا عمي، أوضتك جاهزة عشان ترتاح من السفر، زمانك تعبان اوي
أومأ لها بابتسامة ثم صعد لأعلى برفقة عليا، بينما رأفت سأل ميان بحدة :
كنتي بتعملي إيه معاه لحد دلوقتي؟
تهربت من النظر إلى عينيه قائلة بكذب :
جالي على الجامعة وعزمني نتغدى سوا بس، واحنا راجعين العربية اتعطلت عشان كده اتأخرنا
جز على أسنانه قائلًا بغضب وصرامة :
مرة تانية ما تخرجيش معاه في أي مكان من غير ما تعرفيني، كتب كتابك انتي وهو مش معناه إنك تخرجي معاه في أي وقت من غير إذني، طول ما إنتي في بيت أبوكي تاخدي الإذن مني أنا
أومأت له بنعم واعتذرت قائلة بصوت مختنق :
حاضر، أنا آسفة، هطلع أرتاح، تصبح على خير
ثم صعدت لغرفتها، وما إن دخلت حتى ارتمت بجسدها على الفراش تبكي بقوة، وجسدها ينتفض من شدة البكاء حتى تعالت شهقاتها رويدًا رويدًا، ولم تشعر بباب الغرفة الذي فُتح ودخل منه جدها قائلًا بقلق وهو يربت على خصلات شعرها برفق :
مالك يا حبيبتي، بتعيطي ليه
ثم تابع بحدة :
اوعي يكون اللي اسمه سفيان ده عملك حاجة
اعتدلت جالسة والدموع تنهمر على وجنتها بغزارة، فتنهد سالم متابعًا بحزن وعتاب :
أبوكي حكالي وزعلت منك اوي يا بنتي، أيًا كان السبب مفيش حد بيتجوز بالطريقة دي، وأنتي الوحيدة اللي هتشيلي الليلة وهتطلعي خسرانة
ثم تابع بضيق :
لأنك ببساطة، مش هتكوني عند فريدة أغلى من حفيدها، ولو اتحطيتي في مقارنة معاه هتختاره هو، وهتيحي عليكي عشانه، فريدة مش حقانية، واللي يثبتلك ده إنها عارفة سوء طبع حفيدها، ومع ذلك قبلت تضحي بيكي، فريدة بتستخدمك كأداة عشان تصلح اللي هي وابنها ومرات ابنها فشلوا فيه....واللي هو التربية
تنهد بعمق واستكمل حديثه بآسى :
كتير من الناس فاكرين إن ابنهم اللي فشلوا في تربيته، هيجي يوم ويتغير لمجرد إنهم جوزوه من واحدة محترمة، وكأنها هتحل كل المشاكل اللي هم فشلوا فيها.
ثم تابع بسخرية:
على أساس إن بنات الناس مصحة! لكن ده تفكير غلط جدًا، لأن التغيير الحقيقي بيجي من الشخص نفسه، مش من بنات الناس اللي جابوها عشان تصلح اللي هم فشلوا فيه.
انسابت دموع ميان وهي تستمع لحديث جدها :
فريدة عملت معاكي كده بالضبط، اللي زي سفيان ده ناكر للعشرة يا بنتي، ابوكي بيحكيلي اللي بيعمله كله، اللي زيه ما يتعاشرش ولا يتوثق فيه، مش ده اللي الواحدة تأمن على نفسها معاه، باختصار كل اللي بيعمله ده مش من تصرفات الرجولة أبدًا، والله يا بنتي حبك كتير على واحد زيه
انفجرت باكية وارتمت بين أحضان جدها قائلة بقهر وندم :
انا غلطانة، ياريتني سمعت من بابا، أنا في مصيبة يا جدو
أبعدها عن أحضانه يسألها بقلق :
مصيبة ايه يا بنتي، ايه اللي حصل، قلقتيني
صمتت لعدة دقائق، والألم يعتصر قلبها، وكأن الكلمات عالقة في حلقها، ثم بدأت تقص عليه ما حدث، بتردد وحذر، حتى توقفت عند النهاية وقالت بصوت مكسور حزين :
ياريتني سبتها تموت يا جدو....أنا ضحيت وقبلت بيه عشانها هي، وفي الآخر تعمل فيا كده
ثم تابعت بصوت يرتجف من الخوف :
هتصرف إزاي دلوقتي، بابا لو عرف مش هيسامحني، هيلومني على اللي عملته، وهيقولي اني غلطت من البداية
قبض سالم على عصاه الخشبية بقوة، وصوته مليئًا بالغضب والصرامة :
سيبيلي فريدة....أنا هعرف أتصرف معاها، دلوقتي احكيلي كل حاجة حصلت من الأول، كل حاجة يا ميان، من غير ما تخبي ولا كلمة
مسحت دموعها بتردد، ثم بدأت تحكي له كل شيء من بداية رؤيتها لنرمين برفقة ذلك الرجل حتى ما حدث منذ قليل وهي تشعر بمرارته داخل قلبها، وما ان انتهت، كانت الصدمة على وجه سالم واضحة، وعينيه تتسعان بعدم تصديق :
كاميليا، قتلت مروان.....قاتلت حفيدي!!
أومأت له برأسها، وعيونها مليئة بالدموع، ثم قالت بصوت ضعيف، غارقًا في الألم :
عملت حاجات كتير اوي يا جدو....دي مش بني آدمه، ليه بتعمل كده، معقول الطمع يوصل الإنسان للدرجة دي، طيب ليه قتلت أخويا، ليه بتدمرنا، احنا ماذيناهاش في حاجة
نظر إليها سالم وقال بتهكم وغضب، وعيناه تشعان بالمرارة :
هستغرب ليه طبع سفيان....ما شاء الله، واخد من الست الوالدة وجدته كتير، اتربى وسط تعابين، المتوقع منه يطلع ايه، يا خسارة مطلعش لابوه الله يرحمه
ابتلعت ميان غصة في حلقها، ثم قالت بحزن :
عمار هو الوحيد اللي طالع لعمي شريف الله يرحمه، كاميليا ما رحمتش حتى ولادها، أذاها طالهم، عمار....صعبان عليا اوي
ثم تابعت بصوت يرتجف من الخوف :
أنا خايفة اوي يا جدو، قلبي بيقولي ان اللي بيحصل ده مجرد بداية لحاجات أسوأ
قبض سالم على عصاه بقوة، وصوته كان حازمًا، مليئًا بالعزيمة، وكأن المعركة بدأت الآن :
هنسرع في الجوازة على قد ما نقدر، حتى لو بعد امتحاناتك بيوم، ما بقاش ينفع تطلقي وانتي كده، أما فريدة خليها تحلم وتخطط، وفي الآخر تتصدم، كل واحد فيهم هيدفع التمن، بداية من فريدة لحد اللي اسمه زاهر ده !
ما إن قام بتوصيلها، عاد إلى الفيلا، وعندما دخل غرفته، اعتدلت نرمين وقالت بلهفة :
عملت ايه يا سفيان ، خدتلي حقي منها !!!
أومأ لها بصمت وشرود، وهو يتحاشى النظر إلى عينيها، فغادر الغرفة وتوجه للأسفل حيث بهو الفيلا وصدره يعلو ويهبط من شدة الغضب والانفعال
نظر إلى صورة كبيرة معلقة على الحائط، تجمعه مع شقيقه....وفريدة!!!!
التقط إحدى التحف من جانبه، وألقاها عليها، فوقعت متهشمة على الأرض وانكسرت إلى قطع صغيرة لا يمكن ترميمها بسهولة....كقلبه تماماً ثم جلس أرضًا، وضع رأسه بين يديه، وعقله لا يستوعب ما فعلته جدته وكيف أوصلت الأمور إلى ما هي عليه، صورتها وهي ترتجف وتبكي لا تفارق ذهنه، مشفقًا وحزينًا عليها وربما يشعر هكذا لأنه تأكد من....أنه الرجل الأول في حياتها !!
بعد يومين من العزلة في منزلها، قررت أخيرًا أن تخرج مما هي فيه، قالوقت ليس في يدها، وما وراءها كثير
يجب عليها الاطمئنان على عمار وعلاجه، فقد تواصلت في اليومين الماضيين مع كارم لمتابعة حالته عن بُعد
كان عليها أيضًا رؤية لينا والاطمئنان عليها، فهي اختفت منذ تلك الليلة التي أخبرها فيها عمار أنه لا يريدها
وعليها الالتقاء بهمس لمعرفة معلومات عن نرمين، فقد كلفتها بالبحث عنه، ويجب أن تعود لمراقبة كاميليا ونرمين، وكذلك المدعو زاهر.....فلابد لها أن تعرف من هو وما وراءه !!!!
تجهزت و نزلت للأسفل ما ان خرجت من البناية تفاجأت بلينا تدخلها فسألتها بابتسامة حزينة :
انتي كويسة!!!
نفت لينا برأسها عدة مرات ثم ألقت بنفسها في أحضانها قائلة بندم وألم:
ماكنش ينفع أثق فيه، طلع ما يستاهلش...بس هو اللي قرب الأول وقالي بيحبني، ليه ما قالش إنه مجرد إعجاب؟ ليه ماصارحنيش من الأول؟
ابتعدت لينا تمسح دموعها، فرددت ميان بحزن:
أنا متأكدة إن عمار بيحبك، مش جايز يكون في حاجة أجبرته يبعد عنك....اتمسكي بيه يا لينا، صدقيني هو يستاهل حبك، وأنا واثقة من كلامي، خدي بنصيحتي، محدش يعرف عمار أكتر مني
سخرت لينا وقالت بحدة، دون وعي، مفرغة كل غضبها في ميان :
كنتي انصحي نفسك الأول، وبعدين بشكي مين لمين؟ ليكي وأنتي بنت خالته، وهتكوني في صفه، و لازم تدافعي عنه وتبرري ليه عشان خاطر حبيب القلب
ميان بحدة:
أنا مش كده، وأنتي عارفة كويس، لو مكنش بيحبك بجد، عمري ما كنت هقولك الكلام ده....عمار بيحبك، روحي اسأليه عن سبب اللي عمله
صرخت عليها لينا بغضب :
أنا مش زيك يا ميان، هفضل أجري ورا واحد مش عايزني ورفضني صريح كده.....عايزاني أقتنع إنه بيحبني وأجري وراه.....مستحيل، أنا كرامتي فوق كل شيء، ولو حبي لعمار هيقل منها، يبقى يغور الحب ده، مش عاوزاه
كلمات لينا شقت قلب ميان لنصفين، لمعت عيناها بدموع كادت تنهمر، وقالت بصوت مختنق :
"عندك حق. إنتي مش زيي يا لينا."
ندمت لينا على ما تفوهت به من حماقة، قبل أن تعتذر لها، لكنها التفتت إلى ميان لتغادر، فوقع نظرها على همس التي كانت واقفة خلفها، والتي وصلت منذ لحظات لترى الاثنتين وتستمع لما قالته لينا أخيرًا
غادرت ميان، وتركتهما، وما أن أعطتهما ظهرها حتى انسابت دموعها على وجنتيها من الحزن والقهر
اقتربت همس من لينا قائلة بغضب وعتاب:
"جرالك إيه يا لينا؟ إزاي تكلميها كده؟ جرحتيها أوي أسلوبك كان وحش جدًا، وقولتي كلام ما يصحش يتقال.
لينا بغضب:
"إنتِي متعرفيش حاجة. هي بتدافع عنه، واقفة معاه. هو ومش شايفة وجعي، هو خان ثقتي، ومع ذلك بتقولي مجبور؟ قوليلي، إيه اللي يجبر واحد يعمل كده؟ ليه ماصارحنيش من الأول وقال إنه مجرد إعجاب؟ كنت ساعتها هتعامل على الأساس ده
ردت عليها همس بتوتر :
ما يمكن عندها حق يا لينا..بس إنتي أكتر واحدة تقدري تحددي إذا كان بيحبك بصدق أو بيخدعك، كل واحد يقدر يعرف إذا كان قدامه بيحب أو بيكره....
صمتت لينا للحظات، تسترجع بعقلها مواقفها معه، كلماته، ونظراته الهائمة لها كلما رآها....لكن قبل أن يلين قلبها، عصفت كلماته برأسها، خاصة حين أخبرها أنه لن يحارب لأجلها ويخسر شقيقه، فصرخت على همس بغضب ودموع:
حطاله عذر، وهي كمان حطاله عذر....فكرتوا فيه؟ هو طب وأنا إيه؟ هو أناني وما يستاهلش قرب لما كان عاوز وبعد عني وقت ما هو عاوز
ثم تابعت بقهر :
طب وأنا فين من ده كل ده...مافكرش فيا ليه....ليه ماصارحنيش من الأول، حتى إنه قالي أخويا مش موافق ومش هخسر أخويا عشانك
صمتت قليلا ثم قالت بخذلان :
حتى لو حبه لأخوه أجبره إنه يبعد عني، أثق فيه إزاي أنا، ده محاربش عشاني من أول موقف.... إزاي آمن على نفسي معاه.....يارتني ما شوفته ولا عرفته!!!!
ثم احتضنت همس وتابعت بدموع وألم :
"أنا تعبانة أوي يا همس، وموجوعة، حتى ميان قولتلها كلام يوجعها، وهي مش ناقصة أنا مش عارفة بقول إيه، مش طايقة نفسي ولا طايقة حد، ومش عارفة هقول لماما إيه لما يجي ميعاد زيارتهم عشان يطلبوا إيدي، أقولها رفض بنتك ورجع في كلامه وقال مش عايزها.....مش قادرة أقولها كده بعد ما شوفت فرحتها لما عرفت
ترددت همس لكنها حسمت أمرها وأبعدتها عنها قائلة بحزن:
لينا، عمار مظلوم... مش زي ما إنتي فاكرة
قطبت لينا جبينها بعدم فهم، فتنهدت همس بعمق ثم بدأت تقص عليها كل شيء أخبرتها به ميان، والأخرى تستمع لها بصدمة، والدموع تنساب من عينيها، وقد تضاعف شعورها بالخذلان منه !!
توقفت ميان بسيارتها وسط الطريق، ودموعها تسابق أنفاسها المتقطعة، غارقة في دوامة من الألم والحيرة بسبب كلمات لينا التي مزقت روحها وأثقلت صدرها، جلست عاجزة عن الحركة، مستسلمة لوجع قلبها الذي لا تعرف له دواء
لكن فجأة، انقطع شريط أفكارها عندما فتح باب السيارة بقوة، وذراعان قويان سحباها إلى الخارج دون رحمة، حاولت الصراخ، لكن لم تمضي لحظات حتى شعرت بوخزة باردة في عنقها، حاولت المقاومة، إلا أن المخدر بدأ يسري في عروقها، وسرعان ما خارت قواها، وسقطت بين يدي خاطفيها كدمية بلا حياة !!!
دخل كارم إلى مكتب عاصم ليأخذ توقيعه على بعض الأوراق، وما إن انتهى حتى قال عاصم بابتسامة هادئة :
لو في أي أوراق تانية محتاجة توقيع، هاتها، لأني بكرة إجازة يا كارم
عقد كارم حاجبيه، وسأله بفضول :
خير ان شاء الله، أصل مش من عوايدك يا سيادة اللوا تاخد اجازات في نص الأسبوع
رد عليه عاصم بتردد :
عقبالك يا سيدي، همس قراية فتحتها بكره
تجمد كارم في مكانه، وكأن الكلمات قد سقطت على مسامعه كالصاعقة، يترنح تحت تأثير وقعها، نظر إليه عاصم مشفقًا، عندما لاحظ الصدمة التي ارتسمت على ملامح وجهه الشاحب، فقال عاصم بحزن :
كارم، أنا مش هقولك انك زي ابني، لأ أنت ابني فعلاً، لو همس وافقت عليك، ماكنتش هتردد ثانية واحدة في الموافقة، بس زي ما انت عارف، كل شيء قسمة ونصيب، وربنا يرزقك بالأحسن منها
ابتلع كارم غصة مريرة في حلقه، وقال بصوت شبه خافت :
شرف ليا أن حضرتك بتعتبرني زي ابنك، وهمس زي أختي الصغيرة، ربنا يتمم لها على خير
أومأ له عاصم بحزن دفين، فاستأذن منه كارم قائلاً بصعوبة:
الف مبروك، وإن شاء الله لما أشوفها، أبارك لها بنفسي، عن إذن حضرتك
غادر كارم المكتب، بل ترك المكان بأسره، يشعر وكأن قلبه تعرض لطعنة مفاجئة، شعور مؤلم اجتاح صدره، كأن سكينًا غُرز في عمقه، جعل أنفاسه تتسارع بشدة، وكأنها آخر ما ستتنفسه روحه، قسوة اللحظة كانت لا تُحتمل، فكل ما تبقى له هو الحقيقة الواضحة....همس اختارته بإرادتها الحرة، وهذا يعني شيئًا واحدًا فقط.....أنها تحبه!!
كانت فريدة تجلس في منزلها تحاول التواصل مع عمار، لكنه كالعادة لا يجيب على هاتفه، حتى إنها اتصلت بقصي، لكنه ايضًا لا يعرف عنه شيئًا منذ يومين
تملك الخوف من قلبها، فارتدت ثيابها لتذهب لسفيان ليبحث عنه، فهو ايضًا لا يجيب على اتصالاتها، لكن ما إن فتحت الباب حتى تفاجأت أمامها بأخر شخص توقعت رؤيته!!
ابتلعت ريقها قائلة بتعجب :
سالم!
في تلك الغرفة التي تم تفريغها من كل شيء حاد، حتى تلائم غرف المستشفى، كان عمار يجلس على الأرض، يضم قدمه إلى صدره، ينظر للفراغ بشرود وحزن، كانت أفكاره مشغولة بها وحدها، من تشغل عقله وباله "لينا" يتساءل كيف حالها الآن؟ بماذا تشعر؟
فجأة، انتبه لصوت احدهم يفتح باب غرفته، ثم دخل ذلك الشاب المدعو "كارم" والذي رآه عدة مرات، كان حديثهما يقتصر على السؤال عن كيفية شعوره الآن
جلس كارم بجانبه على الأرض وسأله بهدوء :
بتحبها ؟
أومأ له عمار بصمت، فتابع كارم بهدوء :
تعرف إنك بتفكرني بواحد قريب اوي على قلبي، صاحب عمري، غدروا بيه برده، ودخلوه في الطريق ده غدر، لكنه ماكنش قوي كفاية، كان نفسه يتعالج، لكنه كان بيضعف ويرجع تاني للسم ده، لحد ما في يوم أخد جرعة كبيرة واتوفى، بس الفرق اللي بينك وبينه انه كان وحيد، عايش في الدنيا بطوله
صمت للحظات ثم نظر لعمار وتابع بتشجيع :
لكن أنت عندك اللي تحارب عشانه، عيلتك وحبيبتك وحياتك اللي لسه مبدأتش، اللي حصل ليك ده درس، عشان تتعلم ما تثقش في اي حد
أومأ له عمار بحزن وقال :
أنا قلقان عليها، جرحتها أوي، عمرها ما هتسامحني
ابتسم كارم وقال بهدوء :
طالما بتحبك، هتسامحك، في النهاية أنت عملت كده عشان مصلحتها، بصراحة، مش عارف لو مكانك وفي الموقف ده كنت هعمل ايه، يمكن كنت أتصرف زيك، أو العكس
ابتسم عمار بخفوت وسأله :
بتحب؟
تنهد كارم بعمق ثم قال بحزن :
بحب، لكن انا وهي ملناش نصيب مع بعض
سأله عمار بتعجب :
ليه؟
رد عليه كارم بحزن وألم يعتصر قلبه :
بتحب غيري!!
صمت عمار، مشفقًا عليه، وقبل أن يعلق، دخلت همس إلى الغرفة، وظهرت من خلفها آخر شخص يتوقعه عمار الذي انتفض واقفًا، مرددًا بصدمة وخزى من نفسه :
لينا !
غادر كارم الغرفة مشيرًا برأسه لهمس، لتتبعه خارج الغرفة، تاركين عمار ولينا معًا
ما ان أبصرته أمامها حتى بدأت تنظر إليه بعينين تلمعان بالدموع، تضغط على شفتيها بقوة حتى لا تبكي، وبعد صمت دام للحظات، سألها بصوت حزين متألم :
جيتي هنا ليه؟
ردت عليه بصعوبة وبصوت مختنق :
عايز تعرف أنا جيت ليه؟
أومأ لها بصمت، سرعان ما تحول إلى صدمة عندما هوت بيدها على صدغه وصفعته بقوة !
تنهد بعمق، مبتلعًا غصة مريرة في حلقه، ولم يعلق على ما فعلت، فسألته بدموع فشلت في كتمانها أكثر من ذلك :
مش عايز تعرف انا ضربتك ليه
كل ما خرج من شفتيه ثلاث كلمات :
اكيد عندك سبب
صرخت عليه بغضب وحزن :
أسباب مش سبب، عملت فيا كده ليه يا عمار
دفعته بصدره عدة مرات وهي تملي عليه أسئلتها بلا توقف، والدموع تغرق وجهها :
ليه اخترت الحل الأصعب، وليه رفضت تشاركني وجعك، ليه اتعاملت معايا كأني غريبة، وأنا اللي المفروض أكون أقرب ليك من اي حد، ليه لما قررت تبعد اخترت أكتر حاجة بتوجعني وعملتها
توقفت عن الحركة بجسد مرتجف، تنظر إلى داخل عينيه بينما هو ساكن تمامًا، يتقبل ضرباتها بصمت، وقلبه يتألم ويدمي لأجلها، فسألته بضعف وعتاب :
ليه يا عمار
نزلت دموعه بصمت، قائلاً بعذاب وقلب متألم:
غصب عني، مش بأيدي
ضحكت بسخرية مريرة، ثم مسحت دموعها بيدها، وقالت :
مش بأيدك، لأ، كان بأيدك يا عمار، كان بأيدك تيجي تحكيلي، كان بأيدك تحدد أنا إيه بالنسبة ليك، كان بأيدك تبعد بطريقة تانية من غير ما تعمل أكتر حاجة بتوجعني.....كان بأيدك تعمل حاجات كتير، بس إنت اختارت الأسهل
جذبها من كتفها لتصبح أمامه مباشرة، صارخًا عليها بقهر :
مين قالك إنه كان الأسهل، ده كان أصعب قرار فيهم، آه، كان فيه كذا زفت حل، بس أنا اخترت عذابي في بعدك، اخترت إنك تكوني مع واحد أنضف مني، واحد يستاهلك مش زيي، أنا كل اختياراتي كانت بس عشانك ولمصلحتك يا لينا
صرخت عليه هي بغضب وهي تدفع يده بعيدًا عنها :
ومين قالك تختارلي، مين قالك إني هبقى مبسوطة مع غيرك، مين قالك إني مصلحتي مش معاك، مين قالك إني مش شيفاك أنضف راجل في الدنيا، وإن ممكن غيرك يملا عيني
ثم تابعت بوجع :
كان ممكن تنهي كل ده وماتوجعناش إحنا الاتنين، كان ممكن بس تسألني، انتي عايزة إيه، هتختاريني ولا لأ، وكنت سيبني أنا أقرر وأختار
خفض وجهه بحزن ودموعه تنهمر على وجنتيه بصمت، وما إن أنهت حديثها، رفع رأسه قائلاً بألم :
واختارتي إيه؟
صمتت للحظات قبل أن تتراجع للخلف قائلة بدموع :
بعد اللي عملته ده.....مستحيل اختارك يا عمار !!
بعد ساعات قليلة، كانت ميان غافية على ذلك الفراش، لا حول لها ولا قوة، بينما تلك اليد تتلمس جسدها وتتحسس ملامح وجهها بهوس، وعيناه لامعتان بحب كبير
اقترب بوجهه منها، ممررًا أنفه على خصلات شعرها، يشتمها مرددًا بسعادة :
انتي في أمان معايا، مش هسمح ليهم يأذوكي، انتي أغلى حاجة في حياتي، مستحيل أخليكي تضيعي من إيدي، مش هخسرك زيهم !
تعليقات



<>