
رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الثاني والعشرون22الاخير بقلم صفاء حسني
مومن مسك الموبايل بإيد متوترة ومدّه للقاضي محمد، اللي أول ما قرأ الرسالة وشّو اتغير، وصوت أنفاسه بقى متقطع.
محمد بص لمومن وقال بصوت مخنوق:
ـ "هما عايزين يوجعونا من أقرب ناس لينا."
مومن حاول يسيطر على أعصابه، بس صوته خرج متشنج:
ـ "أنا مش هسيبهم... مش هسيبهم يلمسوا شعره من ماما."
القاضي محمد رفع عينه للجنود اللي حواليه وقال بسرعة وحزم:
ـ "زودوا التأمين... مفيش عربية ولا بني آدم يدخل أو يخرج من هنا من غير ما يتفتش كويس. عايز عيون في كل مكان."
الجنود اتحركوا فورًا، الجو بقى مليان حركة وصراخ أوامر. لكن رغم الزحمة، كان في خوف واضح في عيون مومن ومحمد... الخوف اللي ملوش علاقة بالشغل، الخوف على أهلهم، على الدم اللي بيجري في عروقهم.
وفجأة، رن موبايل القاضي محمد. الرقم كان غريب. قلبه وقع وهو بيرفع التليفون على ودنه:
ـ "ألو..."
وجاله صوت متحشرج مليان سخرية:
ـ "إزيك يا سيادة القاضي؟... اتأكدت دلوقتي إننا نقدر نوصل لأي حد؟"
محمد حاول يمسك نفسه وقال:
ـ "إنت مين؟ عايز إيه؟!"
الصوت ضحك وقال:
ـ "عايز أشوفك بتتوجع... وده مش بعيد يحصل قريب أوي."
المكالمة اتقفلت فجأة، وسابته واقف في نص المعركة دي مش قادر يحدد مين العدو الحقيقي ولا فين الضربة الجاية.
مومن ومحمد والناس اللي معاه كانوا مشغولين بالبحث عن أمه،
كان مؤمن ومحمد والرجالة اللي معاهم لسه غارقين في البحث عن الأم المفقودة، يفتشوا في الشوارع الضلمة وبين البيوت، لحد ما فجأة باب البيت اللي فيه إيمان اتخبط.
صوت راجل من برّه:
"السلام عليكم.. مؤمن بعت أكل ليكم وللعيال.. قال ما تنقصوش حاجة."
الظابط بصّ من الشباك، لقى شكل الراجل عادي، وورا منه شنطة مليانة أكل. فتحوا الباب وأخدوا الأكل، الأطفال فرحوا، الكل اتلم حوالين السفرة.
الظابط بنفسه قسّم الأكل عليهم وعلى اصدقاءها تحت وقال:
"كُلوا.. يمكن يدوّب التعب اللي فينا."
وبالفعل، الكل بدأ ياكل
: رهف، منى، سعاد، الدكتور، وحتى الأطفال. بس إيمان.. كانت قاعدة في ركن الأوضة، قلبها مش مطمّن، عينيها بتتحرك بقلق كأنها سامعة حاجة مش طبيعية.
بعد شوية، طرق الباب تاني. مفيش حد رد. إيمان قامت بحذر، رجّ قلبها، وفتحت الباب شويّة.. لكن الصدمة خنقتها: الكل نايم!
رهف ووشها مائل على كتف أمها، سعاد مرمية على الكرسي، الدكتور على الأرض، والأطفال مطروحين من التعب.
إيمان اتلخبطت، صوت أنفاسها يتسارع، جريت عليهم تحاول تفوّقهم:
"رهف.. رهف اصحي! يا دكتور.. ماما سعاد!"ماما منى
مفيش أي رد.
إيدها كانت بترتعش وهي طلع التليفون وبسرعة بعثت رسالة لمؤمن:
"الحق يا مؤمن، الأكل اللي أنت بعثته فيه حاجة، كلهم ناموا."
قبل ما تكمل الرسالة.. الباب اتفتح فجأة.
دخلوا رجالة ملثمين، واحد مسكها من دراعها بقوة، التليفون وقع من إيدها على الأرض. حاولت تصرخ، لكن واحد منهم سدّ بُقها، وخدوها بالعافية وقفلوا الباب وراهم.
في نفس اللحظة، كان مؤمن في نص الطريق، التليفون رنّ بالإشعار. فتح الرسالة، عينيه اتسعت، الدم جرى في عروقه.
مؤمن وهو بيصرخ:
"لاااا.. لازم نرجع حالاً! دي مش عملية خطف لماما.. ده فخ! إيمان في خطر."
بسرعة التفت على أبوه:
"بابا.. أوصل إنت البيت. أنا رايح لهم دلوقتي!"
الأب هز راسه بقلق وهو بيدي إشارة للدورية:
"على الموقع بسرعة.. الموضوع قلب!"
رجع مؤمن في اللحظة اللي كانوا بيشيلوها فيها ويحطوها في العربية.
استخبى من غير ما حد يحس، وبعت رسالة لصديقه:
"يجي على بيت إيمان يفوق الظابط والناس اللي فوق بسرعة، وأنا هلحق ايمان ."
مشت العربية، ووقف مؤمن عربية مالكي ماشي قدامه في الشارع:
"ممكن بعد إذنك تسلفني العربية، أنا الظابط مؤمن محمد، وحبيبتي مخطوفة ولازم ألحقها."
ابتسم الشاب:
"طبعا، عارفك، أنت غني عن التعريف. أنا زياد، كنت زميلك في المدرسة، تعال اركب وأنا معاك."
ركب مؤمن، وطلب منه يتابع العربية دي بسرعة قبل ما تتوه منهم.
بدأ يتابعهم، وفي مسافة بسيطة بينهم بعت مؤمن رسالة للشرطة:
"يبعت عربية تانية تتابع معهم عشان لو ضيعوها."
سأله زياد:
"مين حبيبتك اللي انخطفت؟"إيمان
نظر له مؤمن باستغراب وفضول:
"إزاي عرفت؟"
ابتسم زياد:
"عيب عليك، أنت زهمير على بدري. أنت ناسي كنت معاك وأنت واقف قدام مدرستها عشان تشوفها؟
وافتكرت إنك وراء نقلها للمدرسة عشان تكون قدام عينك، لكن بعد كده فوجئت إنك اتنقلت.
لكن يوم التخرج شوفتكم مع بعض وفرحت جدا إنكم اتقابلتوا."
تنهد مؤمن بوجع:
". وقتها ضاعت مني سنين للأسف وأنا زي الأعمى... ما عرفتش أفرق ما بينهم.
مجرد لبس خلاني اتخدع، وده النتيجة... بتضيع مني مرة تانية.
كل مرة كنت بشوفها فيها ما بعرفهاش، رغم بيني وبينها مسافات بسيطة، لكن كنت بضيعها."
هز رأسه زياد بحزن:
"هتلحقها، والمرة دي مش هتضيع منك. هي قصة حبكم عجيبة...
واحدة طول الوقت عاوزة تحميك من غير ما تعرفك، ويوم ما عرفتك... نزلت دموعك."
مؤمن (بحزن):
"حاولوا يبعدوني كتير، ووقعت في لعبتهم يا زياد.
رهف لعبت اللعبة وصدقتها، وقدرت تدمر حياتي وشغلي.
اتطردت منه، وحبيبتي اتحرمت منها وأنا فاكر إنها هي إلا معايا .
إزاي ما حسيتش؟... الإنسانة اللي حبيتها مستحيل تكون دي."
رد عليه زياد بوجع:
**"أكيد حبكوها صح يا صاحبي. أنت ناسي أنت ابن مين؟
هما كل همهم يكسروك عشان يكسروا أبوك.
لكن ما تخافش، اللي خلّى بنت صغيرة يسخرها ربنا ليك عشان تحميك من كل كارثة...
أنت كمان هتقدر تنقذها.
أنت فاكر إ إيمان اتقابلت معاك كام مرة وأنتم صغيرين؟"**
تنهد مؤمن مرتين...
ضحك زياد:
"لأ... أربع مرات.
أول مرة لما وقفت بابا."
استغرب مؤمن:
"باباك؟"
ابتسم زياد:
"آه، ما أنا ابن ظابط المرور اللي أنت وقفته لما كانت إيمان خايفة من الظباط.
وقتها كنت مع بابا، ويومها مسكت إيد إيمان وحميتك من عملية خطف.
بعد ما بابا اتكلم معاك وركبك العربية ووصلك، كان في ناس منتظرينك عشان يخطفوك... لكن فشلت خطتهم بفضلها."
أكمل زياد:
"والمرة التانية لما اتكعبلت وإنت ماسكتها. وانخفضت على الأرض تلم كتبها معها
كان في قناص على السطح موجه رصاص عليك... لكنك انخفضت في اللحظة دي بالصدفة.
الرصاصة طارت على شباك بيتنا وكسرت الزجاج. ودخلت على الحيطه
وقتها بابا اتصل بالشرطة وتم القبض على القناص، وإنت واقف بتتكلم معاها.
بعد ما مشيت، تابعتها لحد باب المدرسة."
مؤمن اتصدم... قلبه وجعه أكتر، كأنه بيتقطع من جوه.
زياد (مكمل):
"المرة التالتة اللي إنت ما تعرفهاش... لما سافرت مع وفد من النائب لتركيا.
وقتها أنا اللي بعتك هناك مخصوص... عشان تشوفها."
كان عندي امل تعرف ترجعها عشان كنا متابعينهم من زمان
مؤمن يبص له بدهشة، عينه مليانة صدمة ودموع بتنزل غصب عنه.
الطريق بيجري قدامهم، لكن في دماغه الصور بترجع: طفولته... وقفة المدرسة... رهف اللي لعبت بحياته... وإيمان اللي طول عمرها الحامي الخفي.
زياد (بيبتسم وفي عينه دموع):
"المرة التالتة يا صاحبي كانت في تركيا.
إنت فاكر الرحلة كانت صدفة؟ لأ... أنا اللي حطيت اسمك هناك.
كان في محاولة يغتالوك، وصدق أو لا تصدق... اللي أنقذك وقتها كانت برضه إيمان."
مؤمن (بصوت مبحوح):
"إيه اللي بتقوله ده يا زياد؟...
إنت عارف يعني إيه كل ده يحصل وأنا ما أخدتش بالي؟"
أكمل مؤمن (مذهول):
"حطيت اسمي؟ هو إنت شغال في أمن الدولة؟"
ابتسم زياد:
"آه... الفضل لولدك. بابا طلب منه يتوسط ليا في الشرطة.
كنت الدفعة اللي بعتك، وبعدها اختارونا في الجهاز.
ومن ساعتها عرفت من ولدك القصة."
تنهد زياد (مكمل):
"كانت إيمان هناك محبوسة، ما معهاش أي وثيقة تعرف ترجع بيها.
إنت كنت رايح تناقش مقارنة بين القضاء المصري والتركي، وكمان كان فى أقترح يتم تسليم الا خرجين عن القانون عندهم لكن ولاد الحرام عرفوا بوصولك.
الخطة كانت إنهم يقتلوا الوفد كله عشان تتوتر العلاقات بين مصر وتركيا.
إيمان لما عرفت بالخطة من جوزها الا عرف مكانها وجيه عشان يرجعها معه ويسافروا على بلد تأنى هى سياسته زى ما بتعمل كل مرة وبتاخد المعلومة منه وفعلا ... بلغت الأمن التركي بنفسها.
لحقوكم قبل ما توصلوا الأوتوبيس اللي هينقلكم من المؤتمر على الفندق.
وقتها عبد الله مات في الحادثة دي، لما زرع القنابل وهو بيهرب.
وأطلقوا النار عليها... ومن هنا بدأ تارهم الكبير معاها."
مؤمن عينه اتسعت... صوت قلبه بقى مسموع.
مؤمن (بصدمة):
"يعني طول الوقت ده... كانت حواليا... بتحميني...
وأنا الأعمى اللي مش شايف."
زياد (بصوت واثق):
"والمرة ده يا مؤمن... يمكن دي اللي هتنهي القصة.
المرة دي مش صدفة... المرة دي اختيار.
إنت هتختار تحارب عشانها، عشان حبها.
صدقني... إيمان عمرها ما كانت ضدك، بالعكس...
كانت السور اللي واقف بينك وبين نهايتك."
مؤمن بيكتم دموعه وهو يبص للطريق اللي ماشية فيه عربية الخاطفين.
قلبه بيولع، مش بس من القلق... لكن كمان من الندم.
كل مرة ضيع فيها إيمان... كل مرة صدّق الكذبة ومسك في الوهم.
مؤمن (بحزم، عينه بتلمع):
"المرة دي مش هسيبها.
المرة دي هحارب لآخر نفس... مش عشان أرجعها بس،
لأ... عشان أثبتلها إني أستاهل الحب اللي حاميني طول حياتي."
زياد (بيهز راسه ويشد على إيده):
"وأنا معاك يا صاحبي... لآخر لحظة."
خائنة خلف جدران الحب الكاتبه صفاء حسنى الفصل
إيمان (بغضب وعيونها مليانة دموع):
إنت ورا كل التهديدات اللي كانت بتوصلني؟ كنت عايز تبعدني عنهم صح؟ عشان تعرف تخلص مني براحتك!
الأب (يضحك بسخرية):
ما إنتي شاطرة أهو... وعارفة إنك كنتِ مطلوبة من زمان. راقبتك من بعيد... وافتكرتي إني مت؟ لا يا بنتي... إنتي النقطة السودة في حياتي.
تعملي كل ده عشان مؤمن؟! للدرجة دي حبيتيه يا فاجرة؟
إيمان (تصرخ بجرأة لأول مرة):
آه... بحبه! ومن زمان أوي... من يوم ما فهمت الدنيا، وفهمت إنكم غلط... وإن الظابط بيحمي البلد مش بيقتل أهلها!
بحبه... وكنت بشوفه وأتابعه في كل خطوة، غصب عنك. وحلفت إني أحميه.
سمعتك يوم نزلت المدرسة وكنت ناوي تبعتوا حد يقتله... عملت نفسي بقع عشان الرصاصة تيجي فيا وتبعد عنه.
إنت كنت مصر تدمر شاب صغير عشان تعاقب أبوه... لمجرد إنه بينفذ القانون.
لكن عندكم قانون واحد: القتل... إنتو بتعشقوا الدم!
اتجوزت عبد الله... وقلبي بيتقطع إني أبعد عن مؤمن.
بس كنت عارفة إن رهف بتحبه زَيّي، وهتحميه منك.
الأب (ساخر):
بس هي سمعت كلامنا... وخلته يترفد من الشرطة.
إيمان (تتنهد):
يمكن سمعت كلامكم مرة عشان تتجوزه... بس محدش فيكم قدر يقرب منه طول ما هي معاه.
ومقدرش أنكر... يوم ما عرفت إن فرحهم هيكون النهاردة، قلبي اتقطع... وعيطت ليلتها لحد ما صوتي اتكسر.
لكن وسط دموعي قلت: "مدام هيعيش مرتاح... كفاية عليا."
لما رهف... انقلبت عليكم... وقتها قررتوا تقتلوه تاني في تركيا. بس كان غيركم أشطر...
أنا روحت المؤتمر وشوفت مؤمن من بعيد... كنت مشتاقاله أوي... رغم إن صورة فرحه مع رهف كانت في إيدي، ودايمًا أنام وهي في حضني.
(الأب يقترب ويلطمها بالقلم بقسوة):
يعني مش بس خاينة لأبوك... كمان خُنتي جوزك في حب غيره؟!
إيمان (بصرخة ملتاعة):
أنا خائنة... آه! لكن خلف جدران الحب.
حبيته ما بين جدران ظلمك وقسوتك.
حبيته... وحلفت إني أحميه حتى لو ماليش نصيب.
الحب اللي ربنا زرعه في قلوبنا مش حرام... ربنا أمرنا بالحب والسلام!
الأب (يصرخ بغضب):
إنتي وصلت بفجورك إنك تعملي معاه علاقة يوم ما عرفتِ إن عبد الله مات!
دخلتيله أوضته في الفندق وهو تايه... وسكران... بكل بجاحة!
🔙 فلاش باك
إيمان راحت تقدمت على شغل في الفندق. الا نازل فى مومن
قالت لها السكرتيرة ببرود:
- مش محتاجين عاملين، تشتغلي أي حاجة؟
ردت السكرتيرة بعد لحظة:
- في نقص في عاملات نظافة الغرف.
إيمان هزت راسها وقالت بخضوع:
- موافقة.
بدأت في الشغل، وعينيها طول الوقت بتتابع "مؤمن" من بعيد.
👀 واحدة من العاملات اللي شغالين معاها لاحظت نظرتها واهتمامها بيه، قربت منها وسألتها بالتركي:
- إنتي عايزة تقضي معاه ليلة؟
إيمان ما فهمتش قصدها كويس، لأنها لسه بتلملم نفسها في اللغة التركية، وبتحاول تسلك أي جملة.
العاملة افتكرت إن إيمان موافقة على كلامها!
كنت متابعه من بعيد ومومن قاعد على الترابيزة بياكل كانت حاطة إيدها على قلبها من القلق. هي كانت شاكه إن ممكن يحصل حاجة غريبة.
مومن بدأ ياكل عادي، وبعدها شرب من العصير، ومع كل رشفة عينيه بدأت تزوغ وصوته يبقى متلخبط.
اقتربت إيمان منه (بصوت متوتر):
إنت كويس يا فندم؟!
بدأ مومن يضحك بس ضحكته كانت مكسورة، قام وهو ماسك الكرسي بالعافية، كأنه مش قادر يثبت على رجليه.
إيمان بسرعة، مسكته من دراعه وحطت إيده على كتفها وهي تحاول تسنده. في اللحظة دي واحد من صحابه شافهم من بعيد، ابتسم ابتسامة غريبة وسابهم ومشي.
دخلت إيمان بيه الأوضة، قلبها بيرقص من الرعب، قافلة الباب وراه وهي لسه ماسكاه. قربت منه وقالت بصوت متلخبط:
إنت بخير؟ قولّي!
مومن بصّ لها بعينين مشوشة لكن مليانة حنين:
كنت فين؟! بدوّر عليك من زمان... آخرين لاقيتك.
اتجمدت إيمان مكانها، قلبها وقع من الكلمة. للحظة حسّت إنه افتكرها. ابتسمت وهي بترد:
بدوّر عليا أنا؟ بجد؟
ضحك مومن بخفة، وهو يمد إيده ويلمس وشها:
آه... ريحتك مش ناسيها. ونظرتك... بلفّ الدنيا عشان أشوفها. من وقت ما افتكرت، حسيت إن عيني ضاعوا مني... ولقيتهم تاني.
حضنها فجأة، بكل شوق ودفا، وإيمان سابت نفسها للحضن، دموعها نزلت وهي بتحس إنها رجعت للحظة اللي اتحرمت منها سنين. في اللحظة دي نسيت خوفها، نسيت حرام أو حلال، نسيت الدنيا كلها.
الشيطان كان ثالثهم، لكن قلبها كان بيخفق باسم "مومن" بس.
باك
تهز إيمان راسها بندم ودموعها تنزل):
عارفة... عارفة إني غلطت.
الشيطان لعب بيا... والشوق والحب كان أقوى من أي حاجة.
يمكن كلام رهف وهي في حضنه وقلبي بيتقطع... خلاني أضعف.
كنت عايزة أجرب حضنه مرة واحدة في حياتي... حتى لو أموت بعدها.
وعشت معاه لحظات رومانسية... عمري ما سلمت نفسي لحد غيره. كنت وعد نفسي أن محدش يلمسنى غير شخص بحبه وقلبي محبش غير مومن
وتاني يوم خرجت من الغرفة من غير ما يحس بيا.
شكرت ربنا إنه يرجع مصر بسلام... رغم إني كنت في لحظة هكون أنانية وأقابله قبل ما يسافر.
وفعلاً... روحت المطار عشان أشوفه... بعد ما جربت الحب معاه كان صعب أسيبه.
بس... هو مكانش فاكر حاجة.
سمعته بيقول لواحد صاحبه:
"إيه اللي حصل امبارح؟ أنا صحيت لقيت نفسي على السرير... من غير هدوم... ومش فاكر حاجة!"
ضحك زميله وقال:
"أكيد البنت الا كانت ماسكك واضح قدمتلك مشروب وسكرت... وعشت معاها ليلة!"
وقتها... عرفت إن مفيش أمل.
وسافر.
---
إيمان (بألم وهي بتحكي ):
ولما رجعت مصر وقابلته في الجامعة... كنت هتجنن! عايزة أجري عليها وأحضنه ... وأقوله: حضنك الدافي هو اللي عشت عليه لحد النهاردة. بس وقفت عاجزة... ماقدرتش أتكلم.
ولما رهف طلبت مني أبقى خدامة في بيتها، على قد ما كسرتني... على قد ما كنت فرحانة إني أقرب من هدومك، أشم ريحتك اللي عمرها ما فارقتني.
الأب (بابتسامة ساخرة):
خدي المفاجأة... رهف عرفت باللي عملتيه. وكان لازم تتعاقبي إنك فكرتي في يوم تاخدي حضن جوزها. عارفة عقابك كان إيه؟
إيمان (بتحدي):
مش فارق... حبي لمومن لوحده عقاب يكفيني.
الأب (مكمل بسخريته):
فاكرة لما كنتي بترجعي من غير سبب، وتدوخي وا غمي عليكي... وانتى فى الشغل والبنت اللي معاك ودتك المستشفى؟ ساعتها اكتشفنا إنك حامل.
رهف كان لازم تعاقبك... فاتفقت مع ناس، ونقلوا الجنين اللي في بطنك... وزرعوه في رحمها. وضحكت على مومن، وقالتله إنها مسافرة مصيف مع أمها. أمها صدقت إنها مع أصحابها في الغردقة... ومومن صدقها. لان أهلها فى الساحل لكن الحقيقة إنها كانت هنا... وإنتي نايمة... لحد ما خلصوا العملية.
إيمان (مصدومة وبتشهق):
انت بتقول إيه؟! حياة ومراد... أولادي أنا ومومن؟!
الأب (بضحكة شيطانية):
أولاد في الحرام يا كافرة. ورجعناهم ليه... عشان كنت ازى تحمل اطفال في الحرام وكان لازم ترجع وننتقم منك على خيانتك ويتحرقي قلبك عليهم.
مومن في اللحظة دي كان واقف على الباب... سمع كل كلمة. قلبه وقع، ودموعه نزلت وهو فاكر أول مرة شاف إيمان في الجامعة. حس فعلاً إن في حاجة بتربطهم أقوى من مجرد طالبة عابرة.
إيمان (بصرخة):
يعني رهف جبارة للدرجة دي؟!
---
في بيت العيلة عند رهف، بعد ما فاقت وعرفت إن إيمان اتخطفت:
رهف بلعت ريقها وهي بتتجمع كل قوتها:
أنا لازم أعترف... على آخر حاجة عملتها... عشان أكيد دلوقتي هو قالها.
الدكتور مهاب ،و منى، سعاد، محمد،و مامت مومن، وحتى عماد... كلهم اتصدموا. الأطفال كانوا نايمين.
رهف (بدموع):
حياة ومراد... أولاد إيمان ومومن.
الكل صرخ في نفس واحد:
إنتي بتقولي إيه؟!
رهف (منهارة):
اعترفت من يوم الحقن... لحد ما رجعت وقلتلكم إني حامل... أنا كنت عايشة في ذنب كبير.
كنت أنانية... خايفة يضيع مني مومن. وقلت: حرام طفل إيمان يموت في بطنها. افتكرت إنه طفل واحد... لكن لما كبروا في بطني، حسيت بشعور غريب... شعور الأمومة.
وبعدها عرفت إني حامل في توأم... ساعتها ضميري أنبني. خليت إيمان تسميهم... وحاولت أعمل المستحيل عشان أرجعها.
وكنت كل مرة أشوف الأطفال... أبص في عينيهم... وأعيط.
---
كانت رهف واقفة ، ملامحها مشوّهة ما بين الغضب والخذلان، صوتها بيتقطع وهي بتصرخ:
"معرفتش أكون أم ليهم، ورجّعتهم لأمهم... قولت أكفّر عن ذنبي! لكن لما عرفت إنهم اتقابلوا في الجامعة... قلبي انكسر!"
عينيها دمعت منى ، لكن صوتها علي فجأة وهي بتوجّه كلامها ل رهف :
"زعقت فيها ، قررتِ تخلّصي عليها خالص! أنا مش عارفة إزاي كنتي بنتي... الحمد لله إنك مش بنتي!"
ووقعت ساجدة على الأرض، بتبكي بحرقة وهي بتقول:
"الحمد لله إنك مش من دمي... و حياة ومراد أحفادي من إيمان، ربنا خفّف عني... سنة كاملة وقلبي موجوع، بحب الأطفال دول رغم إنهم مش من دمي، ومعرفتش أكرههم بعد كل اللي عملتيه!"
رفعت وشها وهي بتبص ل رهف ، عينيها كلها كره ممزوج بالخوف:
"انتي جيتي ليه؟ عشان تكمّلي مهمتك وتخطفّي بنتي... صح؟!"
وفجأة هاجمتها ومدّت إيديها على رهف، لكن محمد وسعاد وعماد أسرعوا، مسكوها ومنعوها من التهور.
محمد بحزم:
"اهدّي يا ست منى... اهدّي واشكري ربنا، بنتك هترجع."
منى وقفت، جسدها بيرتعش، دموعها نازلة، لكن لسه جواها صرخة مكتومة.
مؤمن اقتحم المكان بكل قوته، عينيه بتدور على "إيمان" بجنون. أول ما لمحها، نسي الدنيا كلها.. نسي الخاطفين ونسي الرعب، وجري عليها واحتضنها بشوق مجنون، كأنه بيستعيد عمره اللي ضاع.
بصوت مبحوح ودموعه بتلمع قال:
ـ "أنا كمان بعشقك.. وكلامي وقتها وأنا مش في وعي كان طالع من قلبي.. قلبي هو اللي عرفك، وأنا الغبي اللي اتأخرت عليك."
ضمها أكتر، وهي ضمته بنفس الشوق، دموعها بتنزل بغزارة على كتفه، وصوتها بيرتعش وهي بتهمس:
ـ "حياة ومراد بخير.."
ابتسم "مؤمن" من وسط دموعه وقال:
ـ "الحمد لله.. انتي الثمرة.. حتى لو اتزرعوا في أرض تانية، بس إنتي الثمرة اللي ربيتها. بشكرك إنك طلعتِ إنتي أمهم. وثمرة حبّي اتزرعت فيك. والكل هيتحاسب على كل لحظة وجع عشتيها."
في اللحظة دي، كان "زياد" بلغ الشرطة، وتم القبض على كل الخاطفين. وقبل ما يتم القبض على الأب، كانت "إيمان" واقفة قدامه، عينيها كلها دموع وغضب.
قربت منه وقالت بصوت مليان وجع ومرارة:
ـ "بشكرك إنك محرمتنيش من ثمرة حبي.. حتى لو زرعتها في رحم رهف، لكن ماقدرتش تتخلص منهم. دي الحاجة الوحيدة اللي عملتها صح في حياتك. وعلى كل لحظة قهر عشتها.. منك لله، ربنا ينتقم منك."
إيمان شدت أنفاسها بصعوبة وقربت منه بخطوة وهي عينيها بتلمع بين الغضب والراحة:
- "عارف يا مؤمن؟ يمكن انت غلطت.. يمكن أنا اتعذبت.. بس الحاجة الوحيدة الصح اللي عملها إلا كنت فاكره أبويا إنه ما حرمنيش من ثمرة حبنا.. حتى لو حطها في رحم رهف. أنا هفضل أشكره على اللحظة دي بس.. وعلى باقي العمر كله؟ منه الله.. ربنا هو اللي هينتقم منه."
وفي اللحظة دي، صوت صفارات الشرطة دوّى في المكان، وصرخات الخاطفين وهما بيتقبض عليهم بقت بتتلاشى.
مؤمن شد إيدها وقال بحزم:
- "القصاص جاي يا إيمان.. كلهم هيتحاسبوا على كل لحظة وجع، على كل دمعة نزلت منك، على كل يوم اتسرق من عمرنا."
إيمان مسكت إيده بقوة، والدموع نازلة من غير ما توقف:
- "أنا مش عايزة غير إن ربنا يوريني فيهم يوم.. يوم يعوّضني عن كل قهرة عشتها."
مؤمن ضمها تاني، وأول مرة من سنين حسوا إن الوجع بدأ يتهزم.. وإن بداية جديدة بتتكتب لهم.
قام الدكتور مهاب من مكانه وهو متعصب وملامح الخذلان باينة في عينيه، بصّ لرهف بمرارة وقال بصوت بيرتعش:
ـ للدرجة دي؟! كنتي إنسانة بشعة كده؟! إنتي ضحكتي عليّا... أنا غفرتلك غيرتك، وضعفك، وخوفك إنك تخسري عيلتك... حتى تهديد عمتك عدّيته. بس توصلي إن نفسك تدفعك تسرقي جنين من رحم صحبتك وتحطيه جواكي؟! وتوهمي الكل إنك حامل؟! وتضحكي عليّا وتخليني أصدّق إنك مشتاقة لأولادك؟!
رهف اتخضّت من كلامه، ركعت على الأرض قدامه، دموعها بتنزل بغزارة، وصوتها بيتهز وهي بتقول:
ـ عندك حق تزعل منّي... بس والله كان صعب أقولك كل حاجة. هما آه مش ثمرة بطني... بس كانوا ثمرة قلبي! أنا ما استحملتش الفراغ... حسّيت إني بموووت من جوّا كل يوم...
مهاب رفع إيده على راسه، كأنه مش قادر يصدق اللي بيسمعه، صوته علي ودموعه مغلّية عينيه:
ـ رهف... إنتي قتلتيني وأنا عايش!
---
بدا مهاب ينسحب من الشقة ، فجأة وقعت رهف من طولها مغمى عليها. قلبه اتقبض، ورجع بسرعة شايلها بين إيديه، يجري بيها على المستشفى بخوف شديد، عقله بيصرخ: يمكن الأكل كان فيه حاجة أثّرت عليها!
الكل شك، واتفقوا يروحوا يكشفوا ويتأكدوا.
وبعد التحاليل، طلع الحمد لله مجرد نسبة منوم بسيط في الأكل. قدروا يفوقوا الأطفال من النوم، واتطمنوا عليهم.
أما رهف... بعد ما كشفوا عليها وعملوا التحاليل، خرجت الدكتورة بابتسامة هادية، سألت:
ـ فين جوزها؟
وقف مهاب قدامها متوتر:
ـ أنا... خير؟! عندها تسمم؟
ابتسمت الدكتورة بهدوء:
ـ لأ... مراتك حامل في شهر ونص.
تجمّد مهاب، مش عارف يفرح ولا يزعل، يصدّق ولا ينكر.
بص لرهف بجمود وقال بمرارة:
ـ يا ترى زرعة مين كمان؟
رهف اتصدمت من شكه، دموعها غرقت عينيها وقالت برجاء:
ـ زرعتك إنت... أقسم بالله العظيم المرة دي غير! أنا اتغيرت، إنت فهمتني الفرق بين الهوس والحب... أنا كنت مجنونة، لكن أول مرة أعرف الحب الحقيقي كان معاك إنت وبس.
وفي نفس الوقت، وصل خبر لمؤمن إن حياة ومراد في المستشفى. قلبه وقع، أخد إيمان وجريوا هناك.
أول ما وصلوا، اتلم الكل على إيمان، حضنوها بفرحة وطمنوها:
ـ الأطفال بخير، اللي حصل مجرد منوم... وفاقوا الحمد لله.
دخلت إيمان الغرفة، وقعت على الأرض وسط ولادها، تبوس إيدهم الصغيرة ورجليهم وهي بتبكي من الفرح:
ـ الحمد لله... الحمد لله إنكم بخير.
جلس مؤمن جنبهم، يضمهم بكل حب ويوعدهم:
ـ اللي جابه ربنا هيكون أحسن... مش هسيبكم لحظة تاني.
وبعد يومين، كان كتب كتاب مؤمن وإيمان وسط أجواء من السعادة والفرحة.
طلبت إيمان من الدكتور مهاب وقتها:
ـ سامحها يا دكتور... رهف اتغيرت بفضلك. إوعى تسيبها.
استغرب الكل من طيبة قلب إيمان رغم كل اللي عاشته، لكن هي ماكنتش عاوزة غير حضن مؤمن وأولادها.
مؤمن جهّز شقة جديدة مختلفة عن اللي عاشوا فيها عشان ينسوا كل الوجع ويبدأوا صفحة جديدة.
أما رهف، فسافرت مع مهاب لأمريكا تتابع حملها، لأن عندها مشاكل ولازم متابعة دقيقة. قبل ما تسافر، طلبت منهم السماح والمغفرة، وقالت:
ـ ادعولي أرجع بخير أنا وطفلي.
ودّعوها في المطار... إيمان، مؤمن، والأطفال.
ومرّت الأيام... في بيت مليان دفء وسعادة، وإيمان في وسط أهلها وأولادها، وبطنها الكبير بيظهر وهي في الشهر السادس... ابتسامة على وشها، قلبها مطمئن... وأخيرًا، القدر ابتسم لها.
كانت الدنيا ليل ساكن، والهوا البارد بيعدي من شباك الأوضة، وإيمان قاعدة على الكرسي قدام السرير، سايبة شعرها ينزل على كتفها ووشها باين عليه تعب الأيام اللي فاتت. مؤمن دخل بهدوء، وقف قدامها، عينه مليانة حنية وعتاب في نفس الوقت.
مد إيده ولمس خدها وقال بصوت واطي:
مؤمن: "إيمان... أنا مش عارف إزاي آخرين بقيت معايا ...
بس الحقيقة إني عمري ما قدرت أشوف حياتي من غيرك."
نزلت دمعة من عين إيمان، رفعت راسها تبصله وابتسامتها مكسورة:
إيمان: "وأنا... كل لحظة كنت بعيد عنك، كان قلبي بيتقطع. يمكن غلطت، يمكن اتجرحت، بس والله ما عرفت أحب غيرك."
قرب منها أكتر، مسك إيدها وشالها من الكرسي بخفة لحد ما وقفت قدامه. حضنها بقوة، كأنه خايف تضيع منه تاني.
مؤمن: "من النهاردة... مفيش خوف، مفيش حد يفرقنا، إنتي ليا وأنا ليكي."
إيمان (وهي بتدفن راسها في صدره): "كنت مستنيا اللحظة دي... يا أمان قلبي."
---
والليلة دي ما كانش فيها غير هدوء… دفا حضنهم… وإحساس إنهم لأول مرة بعد عواصف كتير رجعوا لبعض بسلام.
بعد شهور، رن تليفون مؤمن… رد وهو مبتسم، جهله خبر تعيينه في الشرطة، رجع أخيرًا لحلمه اللي حارب عشانه. راح يستلم شغله الجديد، وهناك استقبله صديقه الضابط كريم المختار بابتسامة واسعة:
– "ألف مبروك يا باشا، لازم نحتفل النهاردة!"
ضحك مؤمن وهو بيرد:
– "بالسرعة دي… طيب إستنى لما أفرح ؟"
رد كريم وهو بيطبطب على كتفه:
– "افرح براحتك، أنا منتظرك في مطعم على النيل … وهبعتلك الموقع."
وهنا…
تنتهي قصتنا. قصة صراع ووجع وخيانة وحب، لكن في الآخر الحب انتصر، والكل رفع إيديه للسماء يدعي ربنا يغفر ذنوبه ويبدّل المحن بنعم.
لكن… الحكايات عمرها ما بتنتهي.
فالقدر بيكتب سطور جديدة دومًا.
وبكده… نستعد مع بعض لقصة جديدة:
"عشقت فتاة المصنع"
بطولــة: زياد وفتاة المصنع.
وظهور مومن كدور ظابط
أما كريم المختار… فله حكاية أخرى بعنوان:
"ليلة المختار."
لكن … هنكمل مع رواية "عشقت بودي جارد – الفستان الأبيض."وبعد كده ليلة المختار
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
💚 مرحبا بكم ضيوفنا الكرام 💚
هنا في كرنفال الروايات ستجد كل ما هوا جديد
حصري ورومانسى وشيق فقط ابحث من جوجل باسم الروايه علي مدوانة كرنفال الروايات وايضاء اشتركو قناتنا👈علي التليجرام من هنا يصلك اشعار
بكل ما هوه جديد من اللينك الظاهر امامك
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تمت بحمد الله