
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
رواية خسوف القمر الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم نداء على
وغيرتي عليكِ ليس لها وطن ولا شاطئ ترسو عليه بل هي حائرة بين قلبي وعيناكِ..
كم أتوق الى اختطافك داخلي فلا يراكِ سواي...
ربما أفقد عقلي قليلاً وربما فقدته كلياً ولكن ما بقلبي حيلة ولا لعقلي دور عندما تأتين في مخيلتي
تحدث عثمان الى نادر بعنف غير مبرر فبادله نادر باستفزاز :
كيف حالك عريسنا الغالي..؟
عثمان بهدوء حذر : بخير.. وأنت الا ترغب في السفر مرة أخرى.. لقد أطلت البقاء بالبلدة تلك المرة..
نادر : لا.. لقد احببت العيش هنا ولا انتوي الرحيل...
عثمان : حسناً.. وما سر الزيارة؟؟
نهره والده قائلاً:
ما الذي تقول يا عثمان.. هل جننت؟
عثمان : لم اقصد يا أبي.. ومؤكد ان نادر يدرك انني امزح ليس إلا...
نادر : اطمأن يا عثمان فأنا أفهمك جيداً..
صمت قليلاً ليستطرد:
ما قولك يا عماه فيما طلبت إليك؟
أجابه عثمان بفضول : وما الذي طلبته إليه
نادر : اود الزواج
عثمان بغضب : وما شأننا عليك اللعنة أما تدري أن علياء قد تزوجت بي...
نادر ببرود : وما شأني وشأن زوجتك.. أنا راغب في نسمة.. أقصد راغب في الزواج بها...
عثمان : ما هذا الهراء.. تطلب علياء وبعدما تزوجت.. تطلب شقيقتها
نادر بهدوء : أنا!!!.. مطلقاً لم أتقدم الى علياء.. عليك بشرح ما حدث يا عمي..
تحدث والد عثمان بتوضيح:
نادر لم يتقدم الى علياء بل أنا من ادعيت ذلك كي احثك على أخذ خطوة جادة.. ونادر لم يخذلني بل ساعدني كثيراً
عثمان بغضب وغيظ : هكذا اذاً.. حسناً يا نادر نسمة لن تتزوج بك حتى ترى شحمة اذنيك أيها المغرور السمج...
ناظره نادر بتحدي قائلاً:
سأتزوجها وسترى...
بادله عثمان نظراته بأخرى غير مفهومة قائلاً:
ألقاك عما قريب يا صهرنا العزيز..
تركه وصعد الي شقته يبحث عن علياء.. وجدها غافية في صمت بغرفتهما التي لم ينعم بالنوم داخلها حتى الأن:
خلع عنه ثيابه والقى بجسده جوارها محتضناً اياها في تملك ليلحق بها في غفوتها مكتفياً بوجودها جواره عن العالم بأسره...
🔸🔸🔸🔸
لطمت خديها بقهر واهتياج وكأنها تحاول الخروج من واقعها المخيف.. هل فقدت اموالها التي سعت اليها سنوات.. وعلي يد من.. شقيقها.. اللص الذي لا أمان له
لقد اخذ سنوات اضاعتها في كنف رجل تزوجته طمعاً في ثروته تفننت في اغوائه وتدليله الي ان صار مغرماً بها
أجادت رسم قناع الصدق والوفاء وتمكنت من الايقاع به في شباكها ولم يستطع شئ ردعها...
وفي نهاية الأمر تخرج خالية الوفاض
كيف تحيا بعدما فقدت أموالها ولم يعد لديها مكان يؤيها...
ستصبح لقمة صائغة للجميع.. يكفها شماتة علياء ونسمة..
أخذت تولول في انهيار قائلة:
اللعنة عليك.. اللعنة عليكم جميعاً.. يا الهي ما الذي أصابني.. لا أستطيع ان احيا في فقر وحرمان من جديد..
دقائق من البكاء والعويل لتشهق بعدها بحقد قائلة لن اقضي باقي ايامي مشردة لا ملجأ لي..
صرخاتها ازدادت مستغيثة بجيرانها الذين هبوا مسرعين الى نجدتها
ألقت بنفسها الى بعض النسوة تبكي بقوة وتتحدث بخوف كاذب قائلة:
لقد سرقوا أموالي.. انتقموا مني أشد انتقام
تساءل البعض في تعجب:
من الذي سرقك يا سيدة تحية؟
تحية بكذب : بنات زوجي سامحهم الله.. لقد ربيتهما وعاملتهما كما ابنتاي.. اعطاهما والدهما ما يريدان وزيادة.. وعقب وفاته ساءت اخلاقهما كثيراً الي الحد الذي لم اسمح به.. ازداد نحيبها فتعاطف الحضور معها
لتستكمل ادعائها...
أرادت علياء طردي خارج البيت لكن زوجي رحمه الله كان يخشى من يوم كهذا فباعني البيت.. باعني إياه ولم يهملهما بل وضع لكل فتاة وديعة ضخمة
لكنهما لم يكتفيا.. انتظرا الي ان بعت البيت وأخذت الثمن وارسلا اليَ لصاً خدرني وسرق ما لدي.. لقد فقدت ما يعينني علي الحياة...
🔸🔸🔸🔸
تراجعت بضع خطوات وقلبها يتقافز في مسكنه لا يحتمل ما قاله يامن..
هل يكن لها بعض المشاعر أم انها تتوهم.. هل حقاً لم ينجرف بعيداً في عالمه المضاد كلياً لعالمها...
اقترب هو خطوتان وابتسامة رزينة تعلو وجهه
همس اليها مستطرداً:
ربما لا تصدقين ما أقول لكنني احتاج بعض الوقت.. امهليني قليلاً من الوقت
قمر بتلعثم : لا أفهم ما تريد.. أمهلك وقتاً لماذا ولمَ!؟
يامن بجدية:
وقتاً كي أساندك واجعلك تتخطين ما تمرين به من صعاب
هناك امور كثيرة يصعب علي البوح بها حالياً ولكن اعدك ان ابقى الى جوارك..
نظرت اليه لا تريد الرفض ولا تستطيع القبول.. ربما والدتها محقة ويسعى يامن الى بعض التسلية وربما كان صادقاً وتضيعه بصدها له...
وان كان صادقاً حقاً فما الذي جذبه اليها وان كان ساعياً الي التسلية فهل هي مطمع لمثله..
تنهدت في حزن وتحير قائلة:
عليك الرحيل الآن دكتور يامن فما تقوله لن يحدث.. فأنت غير مجبر على مساعدتي.. لقد تخلى من قبل الكثيرين وكأن بيننا ما يدفعهم الى البقاء..
ناظرها بغضب قائلاً:
الرجل لا يتخلى ولا يتحين الفرص.. الرجل يكن وقت الضعف قوة ووقت القوة دافعاً لا يقف عائقاً بوجه من يحب..
ثم اياك والمقارنة بيني وبين سواي..
قمر بتعجب : أنا لم أقصد ان أغضبك ولكن العقل والمنطق يجعلني أرفض التشبث بخيط من خيال وعندما ينقطع لن يتأذى أحد إلا أنا..
ربما هناك ما يدفعك للوقوف جانبي.. شفقة كانت أم إعجاباً وكلاهما سيزول مع الوقت لكنني لن أحتمل.. لم اعد قادرة على تلقي المزيد من الصفعات.. لقد أصابني الوهن...
يامن بجدية : هل ترفضين مساعدتي لك خوفاً أم...!!؟؟
ناظرته قمر بترقب قائلة:
أم ماذا!؟
يامن : هل مازال الماضي بداخلك.. تحبينه الى الآن!
قمر بنفي : بالطبع لا.. لم يعد بداخلي ما يخص جاسم سوى ذكريات مؤلمة.. لكنه نادم وراغب في البدء من جديد.. وأمي تراه مناسباً...
خفت صوتها الى حد بعيد لتكمل:
هو فرصة لن تتكرر.. لقد عرض عليَ الزواج ومساعدتي على اجراء تجميل لوجهي.. وهذا عرض سخي للغاية.. كما أن والدتي ستشعر بالرضا ان وافقت على زواجي منه
طالعها يامن بغموض وبعينيه وميض أخجلها كثيراً لكنه استدرك ما يحدث قائلاً:
سأنتظرك بالأسفل.. لا يجوز بقائي هنا أكثر من ذلك.. ارتدي نقابك والحقي بي
هناك الكثير لم نتحدث به بعد....
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
وعبرات العين أحرف لذاك الألم الذي طغى فوق جدران القلب وفاض عما نطيق...
تطلعت سميحة حولها فوجدت جوارها قمر..
نظرت اليها بحب وعتاب مما حدث بينهما فهرولت اليها قمر تحتضنها باكية تقبل رأسها ويديها وتبكي بسعادة قائلة:
أماه.. امي هل انتِ بخير.. اشتقت اليكِ كثيراً
سميحة بضعف : انا بخير لا تخافي
قمر بحزن : كيف لا أخاف ودونك لا أمان ولا سكينة.. انا دونك لا شئ يا أمي..
سامحيني ...
سميحة : أسامحك علة ماذا يا قلب امك..؟
بل سامحيني أنتِ فضعفي جعلني أقسو عليكِ
قمر بخفوت : دكتور يامن واقفاً بالخارج.. يود الاطمئنان عليكِ
صمتت سميحة لحظات لتجيبها في تأكيد
دعيه يأت أود التحدث إليه:
ناظرتها قمر بترجي فتحدثت سميحة بإجهاد.. لا تخافي فقط سأتحدث اليه قليلاً :
اومأت اليها وانصرفت اليه.. دلف يامن بعد قليل متحدثاً بتهذيب :
السلام عليكم.. كيف حالك الآن؟
سميحة بود : الحمد لله بخير..شكراً لك... أود التحدث اليكِ بشأن قمر ...
انتبه اليها كلياً لتستطرد هي :
أعلم ان ما أقوله قد يبدو غريباً لكن ثقة قمر بك دفعتني للحديث إليك...
يامن : لا داع للتردد.. أعدكِ أن انفذ ما تطلبين اليَ
سميحة : عدني أن تساند قمر بعد وفاتي ولا تتركها وحيدة.. أنا لن أرغمها على الزواج من جاسم ولكن اخشى عليها كثيراً
يامن : لا داع للقلق لقد أخبرنا الطبيب انكِ بخير حال
سميحة : لست قلقة ولا خائفة من الموت فهو حق ولا مفر منه.. ما أخشاه هو التخلي عن وحيدتي وتركها...
يامن : اذاً عليك الصمود والتحلي بالقوة من أجلها...
سميحة بصدق : لو ان الأمر بيدي ما تركتها لحظة واحدة.. لكن أعمارنا بين يدي الخالق يابني..
تنهدت في رضا قائلة:
علي كل ربما اكون مجهدة ويخيل اليَ اقتراب الأجل لكن دعني أطمأن وعدني ان تقف جوار ابنتي ..
يامن : أعدك انني لن أتخلى عنها ما حييت..
ورغم ما ترينه في قمر من ضعف إلا أنها قوية للغاية.. أقوى من أناس كثر ورجال ذو هيبة خارجية...
-اطمئني فقد أحسنت تربيتها
ابتسمت سميحة بخفوت قائلة :
سلمت يا ولدي.. حفظك الله
غادر يامن لتستوقفه قمر بلهفة ...
ماذا أخبرتك امي.. هل تشاجرتما !؟
ابتسم اليها نافياً : وهل ترين أمامك رجل عديم الخلق.. هل أتشاجر مع امرأة في مقام امي؟!
قمر بخجل : آسفة لم أقصد.. أرجو المعذرة فأنا متوترة ..
يامن بهدوء : والدتك قلقة من أجلك... وطلبت اليّ الاعتناء بك الي حين خروجها من هنا..
اتاه صوت جاسم الغاضب من خلفهما قائلاً :
ونحن في غنى عن خدماتك الجليلة ..
صوب جاسم نظراته الغاضبة الى قمر فأزاحها يامن خلف ظهره بخفة ورقة لتختبئ هي وراءه وكأنه سد منيع ..
تحدث يامن الى جاسم قائلاً:
ألم تأخذ من لقاءنا السابق درساً يجعلك تتجنب الحديث اليَ بشكل غير لائق !!؟؟
جاسم : بل أنت الذي لم تدرك بعد انك تنظر الى ما يخصني ..
تطلع يامن من حوله بأسلوب ساخر قائلاً:
حقاً.. أنا لا أجد بالمكان ما يخصك.. أم انك تتوهم...
جاسم بثقة : بل هناك.. تلك التي تقف خلف ظهرك ...
يامن : تقصد من تخليت عنها من قبل وتستغل احتياجها اليك الآن..!!
جاسم بغضب : يبدو انكما صديقان مقربان والأنسة أخبرتك بكل شئ ...
قمر باعتذار : اهدأ قليلاَ يا جاسم.. لمَ انت غاضب هكذا ...
جاسم : لقد أتيت اليك كي اصطحبك ورأيتكما تستقلان سيارته سوياً.. ما الذي كان يفعله بالبيت.. وكيف تجرؤين على فعل ذلك..
ناظرته بخوف فاستكمل..
هل تستغلين غياب والدتك وتسمحين له بالدلوف الى بيتك..؟؟!!
الفصل السادس عشر16
وعشقي لكَ احتل قلبي رغماً عني.. قاومته حتى خارت قواي الهشة ويأس القلب من صده.. صرت خائفة من تلك اللحظة التي تحررني فيها من غزوك وأغدو مستقلة وحيدة خربة كما كنت..
رمال ناعمة تحيا فوق بحور من ترقب لمجهول حياة يشوبها الفزع ولم أعد أعرف سواه فكيف تنتظر مني أن أستكين وأرتضى....
أنا خائفة.....
........................
ارتجافة جسدها وارتعابها البادي بمقلتيها.. صوتها المختنق بدموع الرهبة جعل يامن يفقد صوابه..
امسك بجاسم يزأر بوجهه:
توقف أيها الغبي.. أما ترى ماهي بصدده..
قرأ جاسم لهفة لا تخفي على مثله.. لهفة عاشق وخوف حقيقي..
وجه بصره الى قمر معاتباً إياها بكلماته:
(هل أخبرته أنني استغل حاجتك الى المال كي تعودين اليَ.. ؟؟
هل ترين ذلك ياقمر.. ؟
ألم يصل اليكِ ندمي وحبي لكِ...؟
قمر باعتذار : أنا آسفة يا جاسم.. أنا لم أقصد الإساءة إليك.. كما أن دكتور يامن لم يقصد ما بدر الى ذهنك...
تحدث يامن بتأكيد:
أنا اقصد ما أقول.. هو يتودد إليكِ مستغلاً ما تمرين به.. من يتخلى مرة يكررها ألف مرة...
جاسم : وما شأنك.. ما الذي تسعى إليه..
أخبرني الآن أنك تحبها وراغب بالزواج منها واعدك أن انسحب نهائياً.. سأعتبر قمر أختاً لي إن أرادت هي..
فقط حادثني دون مراوغة....
صمت.. وصمت وصمت قاتل يتخلله ترقب وانتظار.. عيون تطلع الى أخرى وارواح تهفو الى كلمة...
تحدث يامن برزانة:
ما بيني وبين قمر لا شأن لك به..
جاسم بسخرية : بالفعل لا شأن لي.. كل مافي الأمر أنني أردت أن تراك هي على حقيقتك.. رجل الأعمال وجد لعبة جديدة يرغب في تجربتها..
لكمه يامن بكره وبادله جاسم بغضب وكره أشد بينما قمر تطالعهما بضياع...
أحدهما قتلها في الماضي وعاد إليها راغباً في السماح والآخر يطلب اليها فرصة ولم يعطها فرصة للرد بل اختطف قلبها من بين أضلعها وها هو يخذلها مجدداً.. أبى الاعتراف ولو كذباً أنه محباً لها...
هي الساذجة وتستحق ما يحدث.. هل جاسم ويامن معتوهان..!! أصابهما مس من جنون ليقعا في حب مشوهة لا تمتلك ميزة واحدة...
ازداد صراعها وتغلبت عليها الآم الماضي والحاضر الذي لا ينذر بأمل فصاحب بهما قائلة:
توقفا... توقفا الآن...
ابتعد يامن أولاً بعدما مسه صوتها الباكي وناظرها جاسم بحزن وخجل من أفعالهما الصبيانية...
تحدثت اليهما بقوة وتحذير قائلة:
أشكر إليك صنيعك سيد جاسم.. لقد وقفت الى جَواري ولم تتخلّ عن مساندتني أنا وامي. لكنني آسفة لن أستطيع الوثوق بك مهما حدث ومهما فعلت.. عليك الانصراف
ظل واقفاً من فرط صدمته فوجهت بصرها الى يامن قائلة بقوة زائفة:
وأنت أيضاً دكتور يامن أعتقد أن وجودك هنا لا مبرر له.. لست في حاجة إليك..
يامن بترقب : قمر أعلم أنكِ غاضبة أنا لم أقصد الشجار معه بل هو من...
أشارت إليه منهية الحديث قائلة:
جاسم لم يخطئ في قوله.. بالفعل أنا أخطأت في القدوم معك الى هنا والسماح لك بالدلوف الى بيتي.. وهذا ليس انتقاصاً من شأنك مطلقاً بل هناك أصول وعادات لا يجب علينا تخطيها..
يامن بجدية : لن أتركك إلا بعد الاطمئنان على والدتك وخروجها
قمر باصرار : وأنا اطلب إليك الرحيل.. وأرجو ألا تعد الى هنا..
قالتها برجاء يشبه الاحتضار فنظر اليها يعاتبها لكنها أكدت قولها :
أرجو المعذرة لم أعد راغبة في رؤيتكما.. أنا لست دمية تتنازعان عليها..
انظرا حولكما وشاهدا كيف التم الناس من حولنا أنا في غنر عما تسببان لي من فضائح وتشهير..
جاسم : أعتذر إليكِ يا قمر.. سوف أذهب ولن أسبب لكِ مزيداً من المتاعب..
ابتسم اليها بحزن قائلاً :
ما تحتاج إليه الخالة سميحه أنا كفيل به... وقبل أن تسيء الظن بي... أنا لا أقعل ذلك طلباً لود أو زواج فقد أيقنت أن قلبك لم يعد لي.. لكن صدقيني أنا لن اتخلّ عنكِ ثانية.. على الأقل كصديق...
غادر جاسم دون الالتفات وراءه وهمت قمر بالرحيل متجاهلة يامن الذي أمسك بيدها ساحباً إياها خلفه....
دفعها يامن عنوة الى سيارته لتنظر اليه قمر بغضب ورفض قائلة:
هل جننت.. ألم أطلب إليك الرحيل.. ما الذي تريد ؟؟!
يامن : أريد الزواج بكِ... هل هذا ما تنتظرين مني أن أقوله.. أن أمسك بيدكِ واختطفك بعيداً ونحيا بسعادة كما الروايات
أجابته نظراتها الموجعة فتنهد بيأس قائلاً :
ربما أستطيع... لكنني لن أفعل.. أتدرين لمَ
لأنني لن أحميك.. لن أستطيع درأ الأذى عنك يا قمر.. حياتنا ليست هينة كما تعتقدين.. ليس الحب كافياً.. هناك ماهو أقوى..
هناك سلطة ونفوذ قادران على دهس قلوبنا ..صدقيني أنا لا أخشى شيئاً مطلقاً فمهما حدث أبي لن يؤذي ولده.. لكنه سيؤذيني فيك..
قمر : تخشى أن يصيبني أذى من والدك اذاً؟
يامن بصدق : بكل تأكيد ..
قمر : اذاً ابتعد عن دربي.. صدقني أنا أتألم بقربك ابتعد وعش كما تريد ولا تقلق..
أيام قليلة وستأخذك الأيام وأحلامها الوردية التي لم تخلق لمثلي بل هي خاصة بك.. ابتعد ولا تلتفت اليَ
يامن : لا أستطيع.. عليك الصمت والتوقف عما تقولين أنا لن أبتعد
صرخت بوجهه : إذاً ماذا أفعل أنا..!!!
اللعنة على اليوم الذي قابلتك به.. لقد اعتدت الوحدة واعتدت الاختباء.. اعتادت روحي على الخوف وصاحبت الحياة كما هي.. حياة قاسية بوجه عابس
لمَ التقيتك وأعدتني الى التمني.. إنه قاتل ومؤلم لقلبي.. وجع لن تدركه وأرجو ألا تعايشه...
حررني منك أنا لم أعد راغبة بذاك الأسر الذي تمنيته طويلاً...
🔸🔸🔸🔸
تحدث إليها الضابط بجدية وتحذير قائلاً:
اصمتي يا امرأة وكفي عن العويل لقد أصبتني بالصداع
تحية : أتوسل اليك سيدي.. لقد سرقوا اموالي
الضابط : هل لديك شهود؟
تحية بمكر : أجل لدي..
الضابط : حسناً سوف نبدأ في الاجراءات اللازمة..
تحية بانفعال : عليك القبض عليهما.. لمَ الانتظار؟
الضابط بحدة : لمَ لا تجلسين هنا بدلاً عني....وتقومين بعملي
تحية : عذراً سيدي لكن ما حدث ليس بالهين...
الضابط : إذاً دعينا نقم بعملنا وكفي عن تضييع الوقت بما تفعلين...
تحية : أمرك سيدي
تطلع اليها الضابط بامتعاض قائلاً :
عليكِ الانتظار خارجاً الى أن أطلب إليكِ المجيء...
وشرع في استكمال الأوراق الموضوعة أمامه...
تحركت بآلية تخشى الوقوف أمامه لتتنفس الصعداء عقب خروجها..
أمسكت هاتفها واجرت اتصالاً بشخص ما ليأتيه صوته بعد قليل قائلاً:
مرحباً بتحية الفاتنة...
اجابته باقتضاب : استمع اليَ أيها التعس.. أود منك تنفيذ ما أقول....
اجابها باهتمام : حسناً كلي آذان صاغية...
تحية : لقد تمت سرقتي ولم أرَ السارق لكنني اتهمت علياء وشقيقتها بما حدث
أجابها هو بتعجب : ولمَ فعلتِ..
؟؟
تحية بحقد : سوف أساومهمها.. لقد ترك لهما أبيهما وديعة نقدية ضخمة لا يعلمان بشأنها.. أريدهما أن يتقاسمانها معي..
فأنا لن أخرج خالية الوفاض ولن أعش باقي أيامي أتجرع الفقر وذله...
تساءل في فضول:
وما شأني أنا؟
تحية : أحضر لي بعض الشهود.. أريدك أن تلقنهم ما أقوله لك دون زيادة أو نقص
هو : كما تشاءين.. ولكن...!!!
تحية بثقة : لا تخف.. لن انسى لك صنيعك وسأدفع إليك ما تطلب
🔸🔸🔸🔸
تساءلت نسمة في خجل وتردد :
هل تريدني أن أتزوج الآن.. ؟؟
أجابها عمها بحب : لم أقصد ما فهمت يا حمقاء.. هل أزوجك وانتِ قصيرة هكذا
قهقت نسمة بطفولية فاحتضنها هو قائلاً:
نادر رجل شهم ذو أصل طيب ووالديه على خلق لا غبار عليهما.. وكما رأيت حورية بفضل الله قد أنعم الله عليها بزوج صالح.. واسرة حانية...
ونادر لا يقل عن شقيقه بل ربما يعلو عليه
اجابته بتوتر : إذاً ماذا أفعل...!!
تحدث بجدية : تصلين استخارة وتتريثين في قولك.. وان وافقت تتم خطبتكما الى أن تنهين عامك الأول بالجامعة.. فإن أردتِ الاستمرار معه عقدنا قرانكما ويتم الزواج بالوقت الذي تحددين وإن أردت إنهاء الخطبة فعلنا....
نسمة بتردد : ولكن لمَ التعجل.. أنا مازالت صغيرة...
العم بتعقل : أجل انتِ صغيرة ولكن لستِ بطفلة.. لقد صرتِ شابة جميلة وخطابك كثر.. أرغب في الاطمئنان عليك يا بنيتي...
نسمة بحزن : ولكني أخشى الزواج ومشاكله ..
العم بصدق : الحياة لا تخلو مطلقاً من الصعاب والمشكلات لكن العاقل يروضها ويتجنب منحدراتها الشاهقة قدر استطاعته وانتِ ذكية فطنة سوف تنجحين في الحفاظ على بيتك...
نسمة ببعض الارتياح : حسناً أبي كما تشاء.. سوف أستخير الله وأخبرك...
🔸🔸🔸🔸🔸
غفا سويعات قليلة ليفق بعدها يتطلع الى علياء.. تلك النجمة التي حرم منها وحرمت عليها سنوات فصارت حياته ليلاً متواصلاً.. ليلاً يأبى الرحيل
تأملها بعشق واقترب يشبع شوقه إليها فبادلته ولم تمتنع..
كانت تدعي النوم لكنها ومنذ دلوفه الى جوارها لم تستطع النوم.. لقد قضت سنواتها الماضية نائمة تهفو الى لقياه ولو بأحلامها لكنه كان قاسياً ولم يأتها سوى مرات قليلة لم ترو ظمأها اليه...
تساءل بخفوت : هل أيقظتك ؟
علياء : لا.. لم أكن نائمة ...
عثمان : أحبكِ.. أحبكِ ياعلياء
علياء : أعلم يا حبيب العمر.. أعلم يقيناً أنك تحبني
عثمان : إذاً لمَ الجفاء.. لقد أضنيتني بالهجر ...
ابتسمت بخجل : أمازالت تستمع الى فريد ؟!
عثمان : وكيف لا أستمع إليه وكل غنوة لها بيني وبينك ذكرى لا تنسى ...
تساءلت في دلال : إذاً هل استمعت إليه عندما قال.. لا وعينيك ...
عثمان : مراراً.. استمعت إليها وفي كل ليلة كنت أتخيلك جواري فأهمس إليك قائلاً :
مازالت بك هائماً.. فلا تصدقين ما أقول...
ابتعد عنها بعد قليل يرجوها أن تأذن له بالبقاء فتحدثت بصوت متعب قائلة:
لا تبتعد عثمان.. لا تترك يدي مهما حدث.. خذني إليك فقد اشتقت الى قربك..
ضمها اليه وانتهى ما كان.. انتهى العتاب على أعتاب نظرته العاشقة ورق القلب لمالكه الأوحد وصارت له زوجة....
وبعض القلوب قوية لا تسمح لساكنيها بالرحيل بل تحتويهم وتحميهم من ايادي الغدر الراغبة في انتزاعهم عنوة ...
تدافع عنهم وتدفع عنهم الأذى دون كلل الى أن يأتي اليوم الذي ينعم به القلب بالوصال...
🔸🔸🔸🔸
تركها تترجل من سيارته وبقى ساكناً.. سكون مخيف يهيئ لمن يراه أنه فاقد للحياة..
تابعها وهي تهرول بقهر تختبئ خلف أسوار المشفى الي اختفت عن ناظريه..
نعم هي محقة في ثورتها.. لكنه محق هو لن يتغافل عن واقع يعايشه..
ينبغي عليه التعقل من أجلها.. ربما كان قاسياً ولكن قسوته مهما بلغت لن تقارن بما يقدر عليه والده..
لقد عاد الي عرينه من أجلها هي.. فكيف يضحى بها الآن...
لمَ لم تتفهم مقصده!؟
ضحك ساخراً من نفسه قائلاً:
اي مقصد أيها الغبي.. أنت لم تفصح عن شئ لم تخبرها بالكلمة التي ترنو الى سماعها...
آه يا إلهي.. لقد تعبت.. سنوات أخشى ذاك الألم وأتجنبه.. أعلم أن آثامي لا حصر لها ومحال أن تنتهي.. لكنني متعب.. لمَ هي دون البشر...
لمَ الحب مؤلم هكذا...!!
لمَ الثبات هش مهدد دائماً!!
لمَ أنا خائف من الوقوع والزلل.. أنا إن وقعت مرة ثانية محال أن ابتعد...
ترى هل انتهينا هكذا..!! وهل بإمكاني النسيان مثلما قالت...
وكيف أنساكِ يا قمر.. أخبريني بالله كيف السبيل الى نسيانك وقد أفعل...
...........
دق باب والدته بقوة فأسرعت بقلق وترقب الى رؤية الطارق..
ألقى بروحه إليها يبحث عن إجابة لمَ يمر به فاحتضنته والدته باشتياق قائلة:
يامن.. اشتقت إليك كثيراً يابني...
باغتها بقوله:
لمَ ترفضين ارتباطي بقمر.. هل السبب كونها مشوهة فقط!!؟
ابتلعت والدته ريقها بتوتر قائلة:
أنت لم تفصح عن رغبتك بالارتباط بها..؟
ولكن أجل أنا رافضة للأمر فهي غير مناسبة لك..
تحدث بغضب : إذاً من المناسبة.. هل تأتين اليَ بعروس مناسبة ليامن رشدان..
الفاسق الثري سليل الحسب والنسب.. زير النساء الذي لا يهاب أحداَ ولا يلتفت الى تحد غير نفسه
هيا أمي.. احضري لي عروساً ترقى الى شرف الزواج بي...
نهال في حدة : كان ذلك فيما ماضي
يامن بقوة : لكنه لم يمض.. مازال عالقاً بذهني وقلبي.. مازالت مدمناً على الرجوع.. أقاوم نفسي كي لا أضعف... أنا ضعيف.. أشعر بالحنين الى ملذات ابتعدت عنها سنوات..
شهقت نهال قائلة:
إياك يا يامن...
يامن : لمَ.. تخافين عليَ من بعض المرح.. ما كنت أفعله لم يكن سوى نزوات.. طيش لشاب ثري.. حق مكتسب..
نهال : بالله عليك توقف.. اهدئ قليلاً وانظر اليَ...هل تحبها!!
يامن بخوف:
ربما .. لا أعلم لكن قلبي يؤلمني عندما تبتعد...أريدها جواري.. لكنني لا أستطيع..
نهال بحزن : وان كنت تحبها.. ما كان الحب يوماً كافياً لاستمرار الحياة.. هناك أشياء أهم وأقوى...
حياتنا تختلف عن حياتها.. أنا أحبك وأخشى عليك لكنني أخشى عليها.. هي لن تحتمل أن تخذلها...
🔸🔸🔸🔸🔸
في الصباح الذي أتى وكأنه وليد جديد لم ير من قبل.. كان جميل بكل ما فيه.. متناغم.. هادئ.. نسيمه عليل...
تبسمت في خجل الى عثمان فتحدث بسعادة
مبارك صباحك يا أجمل عروس...
تمتمت بخفوت : عثمان توقف عن التحديق اليَ هكذا..
عثمان برغبة : وهل أستطيع يا فاتنة..
علياء : علينا النزول الى والديك.. ترى ماذا يقولون؟؟
قهقه بمرح : لن يقولا شيئا.. سيدعوان لنا بالبنين والبنات عما قريب...
علياء بخجل : حسنا توقف عن وقاحتك...
عثمان : لم ولن افعل.. لقد بدأت رحلتي للتو يا نجمتي....
حلقا سوياً بعيداً عن هموم الماضي وتنعما بما صار محللاً لهما....
بينما والده ينظر الى ساعته بترقب يتمنى أن يتحقق مبتغاه وينعم ولده بمحبوبته وينتهى فراقهما الذي كان يؤلمه بقدر ما آلمهما وزيادة..