
رواية كبرياء رجل الفصل الثاني عشر12 بقلم داليا السيد
لفافة من القماش
وصل أوليفر ورجلين معه وقد كان الظلام قد وصل فنظر إليهم وقال "هل أحضرت ما أخبرتك به؟"
تحرك أحد الرجلين إلى حقيبة السيارة وأخرج منها عدة لحفر الأرض وقال أوليفر "هل أسأل مستر بدر؟"
تحرك إلى قبر أخيه وقال "لا تفعل لأني سأخبرك بنفسي"
وأخبره بالأمر دون أن يتراجع ولكن لم يخبرا الرجلان اللذان ما لبثا أن انشغلا بالحفر حتى علا الظلام حولهم وبالطبع لم يكن هناك غير المسؤول عن المقابر والذي تعامل معه بدر قبل أن يبدأ الحفر
سرعان ما وصلا إلى الجثة الملتفة بالأبيض وإن اهترأ قماشها من أثر الوقت وتحول اللحم إلى عظم تناثر دون ترتيب، تراجع الرجلان ببعض الفزع بينما نظر أوليفر إلى بدر الذي تحرك إلى الأسفل دون خوف أو تراجع وعبث بالمكان حتى توقفت يداه وهي تقبض على شيء غير التراب تحت العظام المغطى
جذب الشيء فبدا لفافة بقماش أبيض غليظ بدا ان عليها نقش غريب من الخارج، لم يفهم منه شيء ولم يفتحها وإنما تأكد من صحة رؤياه وما أخبره به باسم، ساعده أحد الرجال على الخروج ثم أعادوا التراب وأوليفر ينظر إليه ويقول
"وماذا الآن سيدي؟"
تأمل بدر لفافة القماش والنقوش الغريبة ثم قال "الشيخ محمود، لابد أن تعثر عليه وحتى تفعل سأنقل أنا المدام إلى البيت الشرقي وبمجرد وصولك إليه أحضره لي، ولا تتوقف عن البحث عن سلمى ولا تجعل الرجال تغفل عن الأولاد"
هز أوليفر رأسه وتحرك الجميع كلا إلى طريقه، بينما نظر هو إلى اللفافة وبدون تردد فتحها ليري ما بها، عندما تراجع وهو يري بها قطعة قطن مشبعة بالدماء وقطعة ورق محكمة الغلق وارتجف جسده قليلا عندما رأى خصلات من الشعر عرفها بالتأكيد فهو شعر زوجته وقطعة ورق أخرى كتب بها
“حبيسة حتى النهاية“
بالطبع فهم ما بيده فأطبق على الورقة بشدة من الغضب وهو يشعر برغبة قوية في قتل سلمى لكل ما فعلته بأخيه من قبل والآن زوجته والمرأة الوحيدة التي أرادها وتعلق بها ولم يعد يمكنه أن يبتعد عنها أو يخرجها من حياته مهما كان الثمن
عاد إلى المشفى وبعد تصميم شديد منه وقع على إخلاء مسؤولية بإخراجها وهو يحملها خارجا بها إلى سيارته وسط نظرات الدهشة والتعجب والرفض من الأطباء ولكنه لم يهتم وهو يقود السيارة مختلسا النظر إليها ما بين لحظة وأخرى وهو يتذكر كلمات باسم والأطباء من أن تلك الروح تمتص قوتها مرة وراء الأخرى حتى تصل بها إلى النهاية لكن لا شيء سيوقفه عن إنقاذها
هي الروح.. تسكن جنباته فكيف سيعود للحياة وهي ليست معه؟
انتزاع الرحمة من القلوب تجعل أصحابها تحرق، تدمر ، تدهس بلا رحمة وسلمي انعدمت من أي معالم للرحمة بل وربما ليس لديها قلب من الأساس بل مجرد شيطان تجسد بشكل امرأة
لن تنتصري سلمي، لن أرحمك، ستكونين أنت القربان الذي سنقدمه لروح الشيطان لو لم تتراجعي
عاد ينظر للجسد المتهالك بجواره بلا روح، ازرقت شفتاها وابيض وجهها وتحلقت عيونها بالسواد وهو يتألم من أجلها
سامحيني حبيبتي فأنا السبب، ليتني استجبت لرجائك وتركتك لكن لم أستطع أسيل، أنا لم أستطيع أن أرى الحياة إلا يوم عرفتك فكيف يمكنني تركك ترحلين؟
أنت نبض القلب الذي ولد ونمى وشاخ وبلا أي شعور بما يوجد بالدنيا من مشاعر وأحاسيس، أنت الشريان الذي تفجر بجسدي فأعاد له أنفاس تركته ورحلت مهاجرة في غيابات الزمن وأنت من أعادها
أنا لم أستطيع حمايتك، فشلت، غفلت عنك حتى ضعت مني ولكني أعدك ألا أتوقف عن محاولة إعادتك حتى آخر نفس من أنفاسي
قبض على يدها الباردة وهتف بألم وحزن "آسف أسيل، أقسم أن أخوض الجحيم حتى أستعيدك، لن يهمني أي شيء ولن يقف بطريقي شيء من أجلك"
****
كان البيت يقع بمنطقة جبلية منعزلة وقد كان الظلام يحيطه من كل جانب وانتهت السيارات والأنوار بل وأي معالم للحياة بمجرد أن انحرف إلى الطريق الجانبي المؤدي إلى تل مرتفع توسطه البيت الصغير، كان يعلم أنه بيت منعزل لا شيء يوجد بجواره، باسم اختاره ليكون مقره بعد أن هجر الجميع ولم يفهم أحد وقتها سبب اختياره له لكن الآن كل شيء أصبح له تفسير
تحرك بالطريق الذي أحيط بأراضي جرداء لا حياة بها ولا يسكنها سوى الظلام فلا يتضح ما وراءها، زاد من سرعته وكأنه لا يشعر بالراحة من هذا السكون الفظيع، سرعان ما أضاء ضوء قوي بعيونه فأغشى عينيه مما أربكه وانحرف بالسيارة بدون قصد ليجد السيارة تتحرك بقوة وسط الأرض القاحلة بلا هدى وترتطم بمطبات غير واضحة له وأدرك أنه فقد السيطرة على السيارة بتلك اللحظة والمقود يتحرك بين يديه بلا تحكم منه ولكنه استعاد نفسه وبدأ يقاوم حركة المقود بشدة ويسيطر عليه وقدمه تضغط على الفرامل حتى أوقف السيارة بطريقة قوية كادت تقلبها على جانبها ولكنه أجاد التحكم بها وهي تلف حول نفسها بسرعة عدة مرات إلى أن انتهت حركتها تماما وكأنها أخيرا قررت الاستسلام لقائدها والاعتراف بالهزيمة
انهار جسده للأمام رغم حزام الأمان الذي يقيده وللحظة ظل ساكنا يتنفس بسرعة وبلا انتظام حتى هدأ ونظم أنفاسه
رفع رأسه وعلى أضواء سيارته التي لم تنطفئ تأمل المكان من حوله ولكنه لم يرى إلا أرض واسعة فارغة ليس بها أي شيء، ظل يتجول بنظراته باحثا عن أي شيء لكن بلا فائدة فأدرك أن هناك شيء غير طبيعي
هدأ قليلا وتفقدها بجواره وبالطبع حزام الأمان احتفظ بها بلا أي إصابة، عاد للسيارة محاول أن يديرها ولكنها لم تستجب له ظل يحاول مرة وراء أخرى ولكن دون جدوى وكأنها ترفض مساعدته وتزيد العراقيل بطريقه وبدأ القلق يزداد داخله من كل ما يحدث له
توقف عن المحاولة عندما يأس من نجاحه، تراجع بمقعده ثم نظر إليها ورأسها يستند على النافذة مغلقة العيون وقد شحب وجهها أكثر ونحف جسدها فشعر بالغضب يزداد داخله وهو عاجز عن فعل أي شيء من أجلها
أغمض عيونه ليجيد التفكير قليلا قبل أن يعود وينزل من السيارة متجها إليها، حملها خارج السيارة وتحرك عائدا إلى الطريق لن يوقفه شيء الآن عن استعادتها، لن يهزمه الشر فالخير دائما يتربع على خط الفوز
تحرك بين الظلام وابتعد عن ضوء السيارة فاشتد الظلام وما زال يتحرك بها بلا تراجع حتى دفعه شيء قوي من الخلف جعله يفقد اتزانه فسقط على الأرض وتسرب جسدها من بين ذراعيه مصطدما بالأرض الترابية بجواره
اعتدل بسرعة ليعيدها إليه وعيونه تبحث عما دفعه ولكنه لم ير أي شيء سوى جسدها الملقى أمامه، تحرك إليها ولكنه لمح أخيرا ذلك الشبح الأسود يندفع بقوة وبسرعة شديدة باتجاهه فابتعد للجانب ليتفاداه واستدار ليواجه مرة أخرى ولا يعلم كيف يمكنه مواجهته ولكنه لن يفر أمامه ولن يتركها له
لكن الشبح كان أسرع عندما عاد بسرعة وانقض عليه بقوة أكثر بصدره مما جعله يرتد إلى الخلف وهو يقاومه ليسقط أرضا على ظهره، وضع يده على ذلك الجسد الأسود الذي يدفعه بصدره وهو يحاول أن يبعده ولكنه لم يتمكن من أن يتلمس منه إلا ملمس ناعم لا يمكن الإمساك به ولكن بلا أي مقدمات ظهرت عينان حمراوان تنتصفان السواد وتحدق به مما أربكه وربما لمس الخوف قلبه لحظة ولكنه تماسك والسواد يتسرب من بين أصابعه كالدخان ليلتف حول عنقه ربما يرغب بخنقه ولكن شيء ما هتف داخله استعن بالله، استعن بالله فهتف من بين أنفاسه المنقطعة
"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"
كانت هي الكلمات التي تذكرها وأخذ يرددها بقوة ويكررها وهو يشعر أن السواد بدأ يقاوم كلماته ولكنه زاد من ذكر الله لينتزع الشبح نفسه من جسد بدر متراجعا وربما اختفى وما زال بدر يردد كلمات ذكر الله
حاول بدر تنظيم أنفاسه المتقطعة والتي كادت تنتهي بفعل الشبح وما أن نهض حتى رأى جسد أسيل ينتفض ويرتفع عن الأرض وكأن هناك ما يجذبها لأعلى وكأنها معلقة بالهواء وجسدها يهتز بقوة، تملكه الفزع من رؤيتها بتلك الطريقة وانتفض ناهضا إليها وهو يردد آيات من القرآن وما أن وضع يده عليها كي يوقف ارتجافها وانتفاضها وليعيدها إلى الأرض حتى شعر بشحنة كهربائية تصعقه وتدفعه بقوة إلى الخلف وجسده يتلوى من الألم وشعر بأنه يحترق بكل جسده ودوار يضربه من شدة الصدمة
****
استسلمت لمصيرها دون أن يمكنها أن تفعل شيء وفجأة رأت ذلك الشبح يتسلل إليها مرة أخرى فتملكها الخوف مما يحدث لها ولكن هذه المرة رأت سلمى تتجسد لها مرة أخرى وهي تبتسم وتقول
"لقد تركك دون أن يحاول إنقاذك، هل أدركت أنه لن يكون لك؟ لن ينظر لجسد بدون روح فهو بدر المسيري الذي لا يحب إلا الكمال، لقد عاد لي أنا، زوجته وأم أولاده وأمس بات بفراشي وبين أحضاني ولم يذكر إلا إسمي"
شعرت بدموع تنساب على وجنتيها وهي تحاول ألا تصدق أن بدر يمكن أن يتركها ويتخلى عنها، حاولت أن ترد ولكن كالعادة لم يمكنها ولكن سلمى عادت تقول "من الجميل أن تظلي هكذا عالقة بين السماء والأرض، لا أنت على قيد الحياة لتفوزي بحياتك كما كنت ولا يمكنك أن تموتي وترتاحي وهذا ما تستحقينه"
وأطلقت ضحكتها الشيطانية ولكن فجأة التفتت سلمى واختفت معالمها لحظة قبل أن تستدير إليها وتقول بقوة "لا، لن يصل إليك أحد سأقتلك قبل أن يفعل أحد"
وهنا تحول شبحها إلى السواد واندفعت إلى جسد أسيل ليلتف حولها بقوة أكثر من كل مرة وربما شعرت هذه المرة أنها تكاد تنتهي من الحياة وقد غطى الدخان الأسود جسدها كله ولم تعد تجد مكان لتتنفس أي هواء
****
تألم من تلك الصاعقة التي أصابته وتلوي منها لحظة وشعور الاحتراق ينهشه بلا رحمة حتى فتح عيونه محاولا البحث عن أي شيء يساعده فلاحظ أن الشبح الأسود عاد ليلتف حول جسدها المعلق بالهواء
زاد جنونه بسبب ما يحدث لها وشعر بالقوة تعود له فعليه هو وهو فقط أن ينقذها فقاوم ألمه وهو يحاول أن ينهض بكل ما به من قوة باقية ليعود إليها مستعينا بيداه وأقدامه المتراخية ولكن خارت قواه ولم تساعده وكأن تلك الصاعقة امتصت منه كل قوته
لا يمكن أن يستسلم، رؤيتها بهذا الشكل يثير جنونه وخوفه عليها، هل ستضيع منه ويظل عمره كله يحمل ذنبها وأنه كان أضعف من إن ينقذها؟
لا، لن يكون، على ذلك الشيء أن يقتله أولا قبل إن ينالها، زحف بما لديه من عزم وإرادة حتى يعود إليها وما أن كاد يصل حتى التفت الشبح إليه وقد شعر به فاندفع إليه مرة أخرى ليعود ويلتف حول عنقه ولكن تلك المرة كان محكما الخناق حوله بشدة ومع ضعف بدر كانت للشبح الكلمة الأولى وهو يزيد قوته حول عنقه مانعا عنه الهواء بلا رحمة أو فرصة لأن يجد أي قدرة لإبعاده عنه..
فجأة ابتعد الشبح عنه وانحل من حول عنقه بلا أي مقدمات تاركا إياه يتهاوى وهو يسعل بشدة محاولا جذب الهواء لرئتيه اللتين كادتا يتوقفان عن العمل وقلبه يدق بقوة
بذات الوقت سقط جسد أسيل على الأرض وسمع هو صوت بشري قوي ينطق بآيات قرآنية متواصلة بدون توقف وقطرات مياه تتساقط حوله، أمسك عنقه وهو ما زال يسعل بقوة لإعادة الهواء إلى رئتيه حتى استعاد نفسه وشعر بيد وصوت أوليفر يسانده ويقول
"مستر بدر هل أنت بخير؟ سيدي كيف تشعر؟"
أبعده بلا تفكير وهو ينهض بصعوبة وهو يترنح متحركا لها وقد تملكه الفزع من أن تكون قد رحلت وعندما وصل لها كان جسدها كله بالون الأزرق القاتم وعندما أمسك يدها كانت قد فقدت حرارتها الطبيعية، جلس خلفها وهو يرفع رأسها بين ذراعيه ويناديها بفزع من حالتها التي جعلته يظن أنها رحلت وتركته فأخذ يناديها "أسيل، أسيل أفيقي، أسيل هل تسمعيني؟"
سمع صوت قارئ القرآن يقول "هي لا تسمع ولا تعي أي شيء"
التفت إلى صاحب الصوت ليجده رجلا قصيرا معتدل القوام وجه طويل لا تظهر ملامحه بالظلام فقط تلك الحية القصيرة هي كل ما رآه
اقترب منه الرجل وقال "أين ذلك البيت الذي أخبرك به أخيك؟"
نظر إلى أوليفر باستفسار فهز الأخير رأسه نفيا كي يخبره أنه لم يتحدث مع الرجل الذي عاد يقول "هيا يا بني ليس أمامنا وقت فهو يتمكن منها أكثر"
كان يعلم أنه على حق فهو رأى بنفسه لذا استعاد قوته ونهض ثم حملها بين ذراعيه ورأي سيارة أوليفر فتحرك لها ووضعها بالخلف وجلس بجوارها وقد أنهكه كل ما حدث وبدت حالته مزرية مثلها تماما خاصة ظهره
أضاء البيت بضوء باهت يكاد لا ينير أي شيء، نزل الجميع وهو يحملها مرة أخرى وأوليفر يفتح له الباب بينما توقف الشيخ أمام البيت لحظة قبل أن يتقدم إلى الداخل وقد بدا البيت هادئا ونظيفا
وضعها على أريكة انتصفت البهو ووقف أمامها يتأملها والألم يملأ قلبه عليها بينما ربت الشيخ على كتفيه وقال "هذا البيت غير مريح الأرواح تسكن جدرانه لكن هو المكان المطلوب، هيا لا وقت لابد من تحرير زوجتك والأرواح الحبيسة هنا فدعنا ننتهي بسرعة"
نظر إلى الشيخ بلا فهم فأدرك الرجل نظراته، تنهد وقال "لا مجال للشرح تلك الروح لن تتركنا نتصرف بحرية ولن تمنحنا حتى وقت لذا علينا أن نحتاط للأمر، اربطها جيدا بالأريكة كي لا يحصل على جسدها مرة أخرى أو ينقله من هنا لأنه لو فعل لانتهت إلى الأبد، أوليفر اجذب الأريكة إلى المنتصف هيا بسرعة"
نفذ الرجلان الأمر بينما أحاط محمود الأريكة بدائرة من مياه مقروء عليها قرآن وعلى نفس الدائرة شموع سميكة أضاءها كلها وقال "علينا أن نتماسك لأن تلك الروح قوية والشر يسيطر عليها، أين لفافة القماش"
حدق به بدر وقال "من أين عرفت كل ذلك؟"
نظر إليه الشيخ لحظة ثم قال "لقد أخبرني أخوك بكل شيء، لا تقلق لدي قدرة على التواصل مع الأرواح وباسم أخيك كان زائري بالأمس ولو لم يصل لي رجلك لكنت أنا وصلت إليك"
تراجع بدر لحظة وهو يحاول أن يستوعب ما يسمعه والرجل يناديه مرة أخرى "اللفافة يا بني"
تدارك نفسه واتخذ قراره فليس أمامه سواه، أخرج اللفافة ومنحها إلى الشيخ الذي أسرع يفك اللفافة وأخرج الورقة المغلقة ولكن بعد أن قال "ليدخل الجميع داخل الدائرة وما أن أبدأ الجلسة حتى يتشبث كلا منكما بالآخر لأننا لا ندري ماذا سيكون رد الروح بعد خروجها من جسد زوجتك"
لم تتبدل ملامح بدر ولكنه نظر إلى أوليفر وقال بجدية "يمكنك الذهاب لست ملزم بالبقاء"
ولكن أوليفر قال "لم أعتد أن أفر من أرض المعركة مستر بدر لست جبان ولن أتخلى عنك"
لم يرد وإنما عاد إلى الشيخ الذي أمسك بالورقة المغلقة وفتحها واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وقد بدأ يتلو آيات الذكر الحكيم وكلمات كثيرة لم يستوعبها بدر ولكنه فهم أن الشيخ يتحدث موجها كلامه إلى الروح التي لم تظهر ولكن سرعان ما اهتزت الأضواء من حولهم فلم يتراجع الشيخ وهو يكمل مناديا الروح ويسأل عن اسم صاحبها مرة وراء الأخرى دون جدوى
صمت الشيخ لحظة ثم أخرج قطعة القطن المغطاة بالدماء واقترب من جسد أسيل وقال "آخر فرصة لك وإن لم تخرج سأحرقك بنفس سلاحك، هل تسمع أيها اللعين؟ سأحرقك بنفس سلاحك"
ما أن وضع القطنة على جبين أسيل حتى انتفض جسدها بقوة ولم يتراجع الشيخ وهو يقول "أنت لا تسمع إذن تحمل وزر عملك أو اخرج بسلام"
ولكن لا شيء تبدل، أخرج الشيخ قطعة قماش أخرى من جيبه تأملها بدر ولا يعلم لماذا شعر أنه رأى مثلها من قبل ولكنه لم يذكرها، أشعل الشيخ النار بقطعة القماش فاهتزت اللوحات على الحائط وانفتحت النوافذ وانغلقت بقوة أكثر من مرة والنور يتلاعب والشيخ يهتف ويردد بقوة
"باسم اخرج من بين قيودك وانهض من رقدتك، باسم، باسم الله الواحد القهار أحررك، باسم الله أعيدك إلى حيث مثواك فاخرج وانتصر على الشر اللعين، ساعدنا يا بني"
عادت الأضواء تتلاعب مع أصوات النوافذ وارتفع صوت الرعد ليضفي جوا من الفزع أكثر على الموجودين وفجأة انفجرت اللمبات وانطفأ الضوء إلا من تلك الشموع التي كان لهيبها يتراقص من ريح هبت فجأة لا يعلم أحد مصدرها ليسمع الجميع صوت غليظ يقول
"لن يرحل أحد من هنا، هم لي ولن يكونوا لسواي"
دار الثلاثة حول أنفسهم بحثا عن مصدر الصوت ولكن ضوء الشموع لم يوضح أي شيء وتذكر بدر القماشة وأدرك أنها جزء من ملابس باسم أخيه، بينما قال الشيخ بقوة "أنت تعلم ماذا يمكنني أن أفعل بك فاترك ذلك الجسد بسلام لأتركك تذهب بسلام"
اهتز كل شيء حولهم بقوة مفزعة ونظراتهم تتجول بالمكان بدون فائدة عندما قال الصوت "وتظن أني أخشاك؟ أنت لا تعرف من أنا"
لم يرد الشيخ وهو يشعل النيران بالورقة التي كانت بقبر باسم وهنا انتفض جسد أسيل مرة أخرى وقد كانت الروح الممثلة في الشبح الأسود تتحرك إلى جسدها بسرعة ولكن الروح تقاوم وأسيل تسمع كلمات الروح وقد أدركت أن هناك من يحاول أن يساعدها وفجأة شعرت بمادة دافئة تسيل على جبينها وقد كانت تلك القطنة التي وضعها الشيخ على جبينها وللحظة هيأ لها أنها تحرك يداها وبالفعل حاولت أن ترفعها وقد نجحت وسمعت صوت يناديها
"أسيل امسحي يدك بالدماء التي على رأسك واقذفيها بذلك السواد"
مرة وراء الأخرى استطاعت تحريك يدها ولكن فجأة تغير اتجاه السواد إلى يدها التي تحركت إلى جبينها ليقبض على يدها ويدفعها إلى الأسفل بقوة ومرة أخرى تندفع الروح السوداء بقوة إلى جسد أسيل ولكنها لم توقف مقاومتها حتى حررت يدها وأسرعت تمسح يدها بتلك المادة التي غطت وجهها ثم قذفتها تجاه الروح السوداء التي كانت تحاول السيطرة عليها ككل مرة ولكنها ما أن أصيبت بالسائل حتى تلوت وأطلقت عواء قوي قبل أن تندفع بقوة داخل صدر أسيل التي شهقت بقوة وهي تشعر بنار تحرق صدرها وهي ترغب بان تصرخ من الألم ولكن بلا جدوى فقد تركها صوتها
وقتها اندفعت الروح السوداء خارجة من جسدها الحقيقي الى البهو الذي به الرجال الثلاثة في شكل سحابة سوداء تتحرك هنا وهناك بلا هدف وهي تتخبط فيمن حولها عندما تراجع الرجال ولكن الشيخ قال بسرعة "لا تخرجوا من الدائرة، لا تخرجوا"
انتفض جسد أسيل بقوة وشهقت بصوت مرتفع وكأنها تستعيد حياتها وهي بالفعل كانت تستعيد روحها المسروقة فأسرع إليها بدر فزعا فقال الشيخ "هي بخير لا تقلق لقد تحررت"
تأمل الشيخ المكان ولكن الصوت قال "لن أتركك، أنت لي"
رفع بدر نظره فرأى تلك الكتلة السوداء تنطلق بقوة تجاه الشيخ فأسرع للشيخ ودفعه بعيدا فسقط الشيخ ولكن كان بدر قد خرج دون قصد خارج الدائرة بسبب اندفاعه لإنقاذ الشيخ وما أن انتبه حتى نهض بسرعة كي يعود ولكن تلك الكتلة السوداء اندفعت لتحول بينه وبين العودة فتوقف بدر ليواجها للمرة الثالثة وقال بقوة
"الآن لا يعنيني شيء إلا أن أقضي عليك أيها اللعين دون خوف، الأمر أصبح بيننا هيا"
وبالفعل انقضت الروح مرة أخرى على بدر ولكن قبل أن تصل إليه كان ذلك الشبح الأبيض يصطدم بالكتلة السوداء جاذبا إياه إلى ركن بالحائط، بينما كان الشيخ يمسك كتاب القرآن ويقرأ بصوت مرتفع دون توقف والشبح الأبيض يحكم حبس الشبح الأسود بركن الحائط وهو يطلق أزير مرتفع صم أذن الحاضرين والشيخ لا يتراجع عن تلاوته ثم التفت إلى بدر وهتف
"بدر ألق تلك المياه عليه بسرعة"
وقذف الزجاجة لبدر الذي أسرع ليلتقطها وقد كادت تسقط على الأرض ولكنه التقطها بآخر لحظة قبل أن ترتطم بالأرض واعتدل وهو يفتحها وهو يتجه إلى الشبحين ولم يتردد وهو يقذف بكل ما بها على تلك الكتلة السوداء التي أطلقت أزير قوي جعل بدر يضع يده على أذنه قبل أن يرى الشبح يتحول إلى رماد أسود يتناثر بالهواء من فعل الرياح التي تندفع من النوافذ المفتوحة
وفجأة حل الصمت بالمكان ولم يعد هناك أي صوت سوى صوت المطر، بحث بدر حوله ولكنه سرعان ما رأي الشبح الأبيض يبتعد وهو يقول "والآن يمكنني أن أرحل بسلام يا أخي، لا تنسى أولادي فهم أولادك، أسيل امرأة جيدة وستكون أم رائعة لهم فحافظ عليها، إلى اللقاء يا أخي"
هتف بدر باسم أخيه مرارا وهو يحاول أن يتبعه ولكن الشيخ أمسكه وقال "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي، صدق الله العظيم، دعه يا بني فهو تحرر أخيرا"
هدأ بدر بين يدي الشيخ وقد تصلبت عيناه على المكان الذي اختفى به أخيه بدون رجعة وشعر بقلبه يتمزق لفراقه وكأنه اليوم الذي مات فيه، قاوم دموعه بصعوبة وهو يعلم أن أخيه أنقذه وأنقذ زوجته، سيظل بقلبه لنهاية العمر وهكذا قال
"مع السلامة يا أخي، سأفتقدك أكثر، أولادك هم أولادي ولن أتركهم مهما حدث، لا تقلق حبيبي وارقد بسلام، إلى اللقاء يا أعز الناس إلى قلبي"
عندما سعلت أسيل انتبه إليها وقد عاد إلى الواقع، مسح دمعته وأسرع إليها وهي تهتف بضعف شديد وألم بكل جسدها "بدر"
فك جسدها ورفعها إليه وهو يهتف بهلع "أسيل، أسيل هل أنت بخير؟ أسيل"
كانت تسمع صوته يناديها وربما لم تصدق أنه هنا، أتي من أجلها لينقذها، فتحت عيونها ربما تعود إلى الواقع وتتحرر من سجنها، ما أن فتحت عيونها حتى رأته ينظر إليها بعيون تملؤها الفزع والخوف وربما شيء من الأمل وهو يسمعها تنطق باسمه
هتف بلوعة كادت توقف أنفاسه عليها "أسيل، أسيل هل تسمعيني؟"
رأت وجهه وسمعت صوته فقالت بضعف "بدر، أين أنا؟"
ضمها إليه بقوة عندما سمع صوتها وأغلق عيونه وكأنه يحاول أن يضعها داخل عيونه ويحبسها بل يحمها بحياته وروحه وهتف "أنت معي أسيل، معي وبين أحضاني"
أغمضت عيونها وقالت بضعف "أنا متعبة بدر، متعبة جدا"
زاد من قبضته عليها وهو يشعر بالحزن من أجلها بينما ربت الشيخ على كتفه وقال "هي بحاجة إلى الراحة بمكان تثق به، ذلك الرجل لابد من إيقافه وتلك المرأة أيضا يا بدر"
هز رأسه ثم نظر إلى أوليفر وقال "ربما أفعل ولكن أولا أطمئن عليها"
****
لم تشعر بأي شيء لوقت كبير ولكن عندما استعادت نفسها وفتحت عيونها كانت بفراش وثير دافئ وغرفة واسعة لم تراها من قبل اعتدلت بصعوبة وهي تحاول أن تدرك أين هي وماذا حدث لها ولكنها لم تفهم شيء، شعرت بتلك الكانيولا التي بيدها تؤلمها ولكن جعلتها تخمن أنها مريضة و..
انفتح باب جانبي ورأته يخرج منه ملتفا بمنشفة على وسطه وأخرى يجفف بها شعره وما أن نظر إليها حتى هتفت بشوق "بدر"
أسرع إليها والتقط يدها بين يديه وقال بحنان "أسيل، هل أنت بخير؟ هل تشعرين بأي ألم أو تعب؟"
هزت رأسها وقالت "لا، أنا بخير، ماذا حدث؟"
أزاح شعرها من على وجهها ومرر يده على وجنتها وقال بابتسامة هادئة "لا شيء أسيل، لم يحدث شيء"
ولكنها قالت "لا، بل حدث، أنا أذكر أشياء مخيفة بدر، وألم، نعم ألم فظيع كان يعتصر جسدي، وسلمى نعم لقد رأيتها وأخبرتني أني سجينة وأنك لن تأتي لتنقذني"
جذبها إليه بحنان وقال "لقد انتهى كل شيء أسيل، انتهى ذلك الكابوس بدون عودة، صدقيني، أنا لم ولن أتخلى عنك أبدا، أسيل أنت زوجتي نصفي الآخر فكيف يمكنني أن أتخلى عن نصفي الآخر؟"
أغمضت عيونها بين أحضانه وقد عاد الأمان إليها فقالت "هي أخبرتني أنها هي من فعلت بي كل ذلك لتبعدني عنك، أخبرتني أنك تركتني وعدت إليها ونمت بفراشها"
أبعدها وأحاط وجهها بيديه ونظر بعيونها التي افتقدها وقال بنبرة حاسمة "أنا لم أنم لحظة واحدة منذ ضعتِ مني أسيل، لم يغفل لي جفن حتى استعدتك ولم أر سلمى حتى الآن"
كانت تحدق بعيونه حتى قربها منه والتقط شفتيها بقبلة طويلة أشعرته أنها بالفعل عادت إليه، أبعدها وهمس "أنا لم أنم بفراش أي امرأة سواك أسيل، ليس قبلك ولا بعدك ولن أفعل خاصة مع سلمى"
ابتسمت بسعادة من كلماته فجذبها إليه مرة أخرى إلى أن رن هاتفه فأبعدها برقة واتجه إلى هاتفه حيث أجاب أوليفر "مستر بدر لقد انتهت الجولة والأولاد بغرفهم مع المربية ومدام ماري"
هز رأسه وهو ينظر إليها وقال "حسنا أوليفر يمكنك أن ترتاح حتى العشاء ألا توجد أي أخبار من ميلانو؟"
أجاب "لا سيدي ما زال الاثنان مختفيان ولا أثر لهما ولكن رجالي ما زالت تبحث"
قال بهدوء "تمام"
عاد إليها بعد أن التقط سيجار وأشعله فقالت "أين نحن بدر؟ ألسنا بميلانو؟"
جلس أمامها وقال "لا، نحن بمصر رحلة ما بين الأقصر وأسوان حتى تكملين شفائك أتينا بطائرة خاصة وسيارة خاصة نقلتنا إلى هنا"
تراجعت بدهشة وهي تردد "مصر؟ رحلة؟ أنت تمزح؟"
نهض وهو يرتدي روبه وينزع المنشفة ويقول "تعلمين أني لا أمزح بتلك الأمور أسيل، كان لابد أن نترك ميلانو حتى تستعيدي قوتك وحماية للأولاد، لا يمكنني تركهم خلفي من بعد ما حدث"
لم تبعد عيونها عنه وقالت "الأولاد! هل هم معنا؟"
أبعد نظره إلى النافذة وقال "نعم، سيكونون معنا للأبد، لن تحصل عليهم سلمى، لقد انتهت إجراءات نقل الحضانة إلي فأنا عمهم وهي غير أهل لهم"
اختبرت نفسها عندما تحركت لطرف الفراش ووجدت نفسها بخير فنهضت رغم شعورها بالضعف ولكنها كانت قادرة على الحركة وهي تتجه إليه فشعر بها بجواره والتقطها بين ذراعيه وقال "لماذا نهضت؟ ما زلت ضعيفة"
استندت على ذراعيه وهو لفها بيده وهي تنظر بعيونه التي اشتاقت لها وشعرت بالأمان يعود لها وقالت "أنا بخير، وجودي بين ذراعيك هو كل ما تمنيته، هل ما زالت تمثل خطر علينا؟"
ظل ينظر بعينيها لحظة قبل أن يقول "ليس الآن أسيل، ما زلت متعبة"
قالت بجدية بلا اهتمام بكلماته عن تعبها "هل سنظل هاربين للأبد؟"
مرر يده على وجنتها وقال بحنان مختلط بالحزم "بدر المسيري لا يهرب أسيل، العالم كله يعرف أين أنا الآن"
أخفضت وجهها فعاد وقال "اهدئي أسيل، لقد طلب مني الشيخ الذي أعادك أن أبعدك عن ميلانو حتى تستعيدي قواكِ وبعدها يمكننا أن نعود وربما بتلك الفترة يتمكن رجالي من الوصول إليها"
قالت بضيق وخوف خفي يسكن قلبها وهي لا تنسى ما كان يحدث لها "وإن لم يحدث بدر هل سأظل مهددة بأن أعود لذلك السجن مرة أخرى، أنت لا تعرف ماذا عانيت به، أنا لا أرغب بالعودة لهناك مرة أخرى بدر، لقد كان أمر صعب وأنا تعبت جدا ولا أتخيل ذلك الأمر مرة أخرى"
هتف بقوة وهو يجذبها إلى أحضانه وهو غاضب، غاضب من سلمى ومن نفسه ومن كل شيء "لن يحدث أسيل، ما حدث لن يتكرر مرة أخرى أعدك بذلك، لن يأخذك أحد مني مرة أخرى أنت لا تعرفين ماذا أصابني بغيابك، كدت أصاب بالجنون وأنا أراك تضيعين مني ولن أسمح لذلك بأن يتكرر مرة أخرى، فقط الشيخ طلب مني أن نقوم بأشياء معينة للتحصين وكلها بالقرآن"
ابتعدت ونظرت إليه وقالت "لم أعرف أن لك دراية بالقرآن"
ابتسم وقال "أخبرتك من قبل أني مسلم وأعلم تعاليم ديني جيدا ومن سمات مدرستي السابقة أنها كانت توفر مدرسين دين لكل ديانة ومن علمني أجاد تعليمي عزيزتي"
ابتسمت وقالت "تلك المدرسة خيالية بدر وبدأت أشك بوجودها أصلا"
تراجع وقال بجدية "تعلمين أني لا أكذب أسيل"
ضحكت بصوتها الواهن وقالت "متى ستكف عن جديتك هذه بدر أنا أمزح معك"
ابتعد وتركها ولكنها أوقفته وقالت "أخبرتك من قبل أني لم أقابل رجلا مثلك فأنت مختلف"
عاد إلى عيونها فرفعت يدها إلى وجهه وقالت بصدق "وأنا أحسد نفسي لأني زوجتك"
وضع يده على يدها وقربها من شفتيه فقبل راحتها وقال "حقا أسيل؟ لم تعودي تكرهيني؟"
تمنت أن تشبع قلبها من وجوده معها فظلت تنظر إلى ملامحه بحنان وقالت "أكرهك؟ أنا لم أعرف تلك الكلمة من قبل بدر فهل سأعرفها معك أنت؟ زوجي؟ الرجل الوحيد الذي تمسك بي ولم يتركني وأنقذ حياتي، كيف أكرهك وأنت من ملأ حياتي التي كانت فارغة، أنت من وجدت معه الأمان والسعادة، كيف أكرهك بدر وأنا لا أتمنى من الدنيا غير أن أكون معك لنهاية العمر، أخبرني كيف؟"
عاد وقبل راحة يدها وجذبها لأحضانه وكلماتها بلسم ودواء لأي مخاوف كانت داخله تجاها ونبضت السعادة داخل قلبه الذي يملك الكثير تجاه تلك المرأة التي أرادها من أول نظرة وحصل عليها ولن يتركها ولم يندم
قال وهو يغرز أصابعه بين خصلات شعرها "ظننت أن ما حدث لوالدك سيظل حاجز بيننا"
أغمضت عيونها بين أحضانه وقد نست ذلك الأمر تماما فقالت بصدق "ولماذا يظل بيننا وأنت أخبرتني أن لا دخل لك به بدر وأنا أصدقك ونسيت الأمر من الأساس ولم يعد يهمني سوى أنك معي ولي وأنا بين ذراعيك حيث الحياة كلها"
أبعد وجهها بين راحتيه ليأخذ شفتيها بقوة معبرا عن سعادته بشيء آخر غير الكلمات فقبلة الحبيب أفضل من كلمات لا وقت لها، تلك المشاعر التي تنبعث بينهم الآن لا يمكن لأي كلمات أن تعبر عنها فكلاهم الآن يجذب الآخر إليه بقوة وكأنهما يخشيان من عودة الفراق الذي يؤلم قلوب العشاق فضمها إليه شوقا إليها وإلى أحضانها..