رواية كبرياء رجل الفصل العشرون20 الاخير بقلم داليا السيد


 
رواية كبرياء رجل الفصل العشرون20 الاخير بقلم داليا السيد
حيرة
لم تصدق أن تلك المرأة لديها من الوقاحة ما يمكنها من أني تأتي وتواجها لذا ما أن سمعتها حتى استدارت لتواجها وبدون أي تفكير كانت ترفع يدها وتصفعها بقوة كادت تسقطها وهي تهتف بها "كيف جرأت على أن تأتي هنا وتقفي أمامي بعد ما فعلتيه بي؟ كيف؟"
نظر كمال له وهو يبعدها عن سلمى التي تولاها أوليفر وكمال يقول "اهدئي أسيل لقد نالت جزائها"
رفعت وجهها الغاضب له وقالت "الموت هو جزاءها الوحيد على ما فعلته ولكنها ما زالت تعيش وتأتي لتخبرني أنها ما زالت زوجته"
أجابها "معك حق لكن حدث المثير بغيابك أسيل فاهدئي"
هتفت بقوة "أنا لا يهمني ما حدث بغيابي، الآن أنا هنا ولا أرغب برؤيتها، لن أتواجد مع قاتلة مثلها"
كاد كمال ينطق ولكن سلمى قالت "معك كل الحق أسيل، أنا بالفعل أستحق غضبك هذا ولا أحد يستطيع أن يلومك لكني تبت، أقسم أني فعلت وبدر يشهد على ذلك، صدقيني أسيل أنا انتهيت ولم أعد أرغب بأكثر مما حصلت عليه حتى بدر أنا لم أعد أنافسك عليه أسيل"
تراجع كمال وهي تهتف "ومن المفترض أن أصدق تلك التمثيلية؟ ألست أنت من كدت تقتليني بسبب زواجي منه؟ والآن وأنت تدركين انفصالنا تخبريني أنك لم تعودي منافس؟ أي جنون هذا الذي تنطقين به؟"
أخفضت سلمى وجهها وقالت "ليس جنون أسيل بل الحقيقة، أنا أخذت جزائي على ما فعلته بك، تدمرت كل حياتي وكدت أموت محروقة بسبب نفس الرجل الذي استأجرته ليقتلك، القدر يسقيني من نفس الكأس أسيل"
ظلت تحدق بها ولم يتدخل كمال ونظرات أسيل تعني عدم التصديق وهو ما قالته "لا، أنا لا أصدقك"
رفعت سلمى عيونها لتواجه عيون أسيل لكن دكتور محمد قاطعهم وهو يتحرك بينهم ويحدق بعيون أسيل ويقول "يطلبك مدام أسيل"
نظرت له ونست سلمى وكل ما كان يدور بينهم وقلبها يرفرف داخل صدرها وهي لا تصدق ما يقول
هل أفاق؟ هل يطلب رؤيتها حقا؟ نظراتها الضائعة كانت واضحة أمام محمد لذا رفع يده وأشار لغرفة العناية ليؤكد كلماته بإيماءة من رأسه فلم تفكر أكثر من ذلك وحبيبها خلف هذا الباب ينتظرها فلا وقت تضيعه بالتفكير فوجودها بجواره هو كل ما رغبت به 
اندفعت للداخل دون تردد وقلبها يسبقها بدقاته العنيفة من هول اللقاء الذي انتظرته طوال اليوم بشوق ولهفة و.. بعض الخوف.
رأته..
كان راقد على فراشه بين أسلاك وأجهزة كثيرة لا تعرف مكنونها ولا تهتم بها رغم أنها كانت تعزف أصوات متناغمة وثابتة لا تتغير، فقط وجهه هو الذي تركزت نظراتها عليه، شاحب، متعب، كل عضلات وجهه مشدودة بقوة، عيون مغمضة، فم مشدود كخط مرسوم وبالمجمل ما زال هو نفس الرجل الوسيم الذي عرفته وأحبته
بدر.. بدر المسيري
حبيبها.. الأول والأخير
توقفت بجواره وما زالت تحاول السيطرة على أنفاسها الغير منتظمة ودقات قلبها التي لا ترحمها وأفكارها المتشابكة بلا فرصة لأن تفهم أي منها حتى نطق لسانها أخيرا 
"بدر"
و-خيرا أتى صوتها من الخيال، لا بل الواقع، هو يعلم أنها كانت معه، يدها بيده حتى فصلهم ذلك الباب، قلبه أخبره أنها ستسامح غروره وأنانيته وكبريائه، قلبه الذي تمزق لفراقها عاد للسكينة برؤيتها
فتح عيونه على الفور باحثا عن عيونها وكأنه كان يخبر عقله أن قلبه يفوز لأنه كان متأكد من وجودها، عقله تلاعب به للحظة وهو يخبره أنها سترحل ولن تبقى مع رجل قاسي مثله لم يمنحها سوى الألم والجراح والإهانة لكن قلبه أخبره أن حبها أكبر من كل شيء وهي من قالت ذلك وهو صدقها لذا هو يفوز
وأخيرا بعيونها تحدق به وتنتظر عيونه، كانت تبتسم له رغم كل ما فعله بها، ورغم ابتسامتها إلا أنه رأى وجهها المجهد وعيونها التي تورمت من البكاء فرفع يده لها باحثا عن يدها 
أسقطت نظراتها على يده الممدودة لها وهي لا تعرف أين عقلها ليرشدها أو حتى قلبها يدلها، الكل هجرها وتركوها له وهي بلا تفكير بكل ذلك مدت يدها له وأمسكت بيده الدافئة وظلت تنظر ليداهم معا، يدها التي خلت من خاتم زواجهم هي التي تقبض على يده
بذل مجهود حتى يقول "ما زلت هنا؟"
هزت رأسها ولكن لم ترد، لم تجد ما تقوله فقلبها متعب وعقلها مشوش، لكنها لم تكن لتذهب لأي مكان سوى هنا، بجواره، معه.. هي أتت من أجل استعادة قلبها وقلبها معك أيها الرجل فكيف سأذهب بعيدا عنك وأنت قلبي؟ 
لا كلمات.. 
عفاها من أن البحث عن الكلمات الضائعة وهو يسأل بتعب واضح "لم تتزوجي؟"
تلك الذكرى تؤلمها، من أجل ليث الذي لا ذنب له سوى أنه أحبها وهي منحته الأمل ثم تخلت عنه وهو لا يستحق امرأة مخادعة مثلها
تلك الذكرى تؤلمها لأنها عرفت أنها أخطأت يوم ظنت أن بدر لم يعد بقلبها وأنها يمكن أن تكون لرجل سواه
تلك الذكرى تؤلمها لأنه عرف بذلك وتألم بسببها، لكن كان غصبا عنها كانت ضائعة، متألمة، فاقدة للأمل واليأس هو كل ما كان يسكن عقلها فوجهها للانتحار بالزواج من رجل لا تكن له أي حب فقط احترام ولكنها لم تستطع أن تكمل، وبمجرد أن واجهها محمد بالحقيقة استعادت وعيها من الغيبوبة التي سقطت بها وعادت للحياة وعرفت أين الطريق الصواب
هزت رأسها بالنفي وقالت بصوت مبحوح "لا، لا بدر لم أتزوج، لم أستطع أن أكون لرجل سواك"
أغمض عيونه وقلبه يرقص بسعادة ومع ذلك كان يشعر بصداع ووهن غريب عنه، سمعها تناديه، لا يمكن أن يصمت ويتركها هكذا
فتح عيونه وواجه عيونها الباكية وقال "لم يكن توقيعي أسيل، شركة والدك، لم أكن أنا كنت أكذب لأبعدك"
ابتسمت من بين الدموع وقالت "أعلم، أنت لست ذلك الرجل الذي حاولت أن تكونه أمامي فأنا أعرفك جيدا"
ظل يغرق بعيونها التي افتقدها وقال "قد لا تنجح الجراحة"
رفعت يدها الحرة لوجهه ومررتها على وجنته الخشنة حيث نبتت شعيرات ذقنه وقد اشتاقت له من أعماق قلبها وقالت "لا يهمني، المهم أنك معي وبخير"
أنا لا أستحق امرأة مثلك.. 
قال بألم لأجلها "أنا لا أستحقك أسيل، أنا أناني ومغرور ومتكبر وأنت أرق من أن تتألمي مرة أخرى بسببي"
مالت تجاهه وقالت بحنان "وجودي بحياتك لم يكن يؤلمني بدر، باب الألم انفتح يوم قررت أنت إخراجي من حيات بلا سبب"
أغمض عيونه وهو يذكر تلك الأيام ثم فتح عيونه وعاد يقول "لم أرغب بأن تعيشي مع رجل سيكون حبيس مقعد لعين ولا مع عجوز يكبرك ب.."
وصلت يدها لفمه ولمست شفاهه برقة لتوقفه وقالت "هل تعرف كم أعشق خصلاتك الفضية بدر؟"
أنت ملاك وليس بشر.. أنت قدري الذي عرفته منذ أول نظرة.. 
أنت من عشت عمري كله لا أرى حتى وجدت فتفتحت عيوني ورأيت النور والسعادة برؤيتك 
أنت الحب.. الحب الذي سكن قلبي وعقلي وسرى حتى مع دمائي
أنت الحياة.. 
جذب يدها التي تحتضن يده لصدره بالقرب من قلبه الذي دق بعنف مستسلما لحبه لتلك المرأة وقال "أنا حقا لا أستحق كل ذلك أسيل"
ضحكت من بين الدموع وقالت "هذا صحيح لأنك تستحق أشد عقاب ولكن هل تعرف شيء بدر المسيري؟ رغم كل ما فعلته إلا أني سامحتك"
أغمض عيونه للحظة وهو يذكر ما فعله بالفعل وأدرك قسوته وهو يدمرها ويدمر نفسه بلا ذرة عقل واحدة حتى عانى كلاهم الأمرين ولكنها الآن هنا وتمنحه السماح والغفران
عاد ينظر لها والألم يرتفع للعيون الزرقاء التي امتلأت أيضا بالندم وقال "كان بعدك أشد عقاب أسيل، خروجك من حياتي كان الموت بعينه"
وأخيرا كلمات تجبر القلب الحزين منك أيها الرجل العنيد.. 
لم تبعد يدها عن وجهه وقالت "لقد انتهى الماضي بدر فلا تفكر به، فقط أنا وأنت معا ولا شيء يمكن أن نفكر به سوى ذلك"
انقطع الحديث عندما ظهر محمد ومعه طبيب آخر وقال "يكفي ذلك مدام، قريبا سيخرج، هل تتركيه ليرتاح؟"
هزت رأسها وانحنت لتهمس له "حبيبي، أنتظرك بالخارج"
كلمة حبيبي كانت بلسم تطيب به جرحه من نفسه، هو لا يستحق ما تفعله معه هي ملاك والملائكة تعيش فقط بالجنة وهو عليه أن يمنحها الجنة ليعوضها عن الجحيم الذي أسكنها به
عيونها منحته أجمل نظرة فابتسم لها بتعب واضح وبصعوبة تخلى عن يدها وتابعها بنظراته حتى خرجت بينما نظر محمد له وقال "مبروك، الجراحة ناجحة"
قال بأمل "لن أسجن بمقعد متحرك؟"
ضحك محمد وقال "لا، دكتور ريتشارد قام بإنجاز رائع والفضل لله ثم له بنجاح الجراحة"
نظر لريتشارد وقال "كان الأمر أشبه بالمستحيل دكتور"
ابتسم ريتشارد وقال "مع العلم ليس هناك مستحيل سيد بدر فقط لا يحق لنا أن نفقد الأمل بأي يوم، كان من الخطر انتظار كل هذا الوقت لإجراء الجراحة مستر بدر"
لم يرد بينما قال محمد "كل شيء وله وقته دكتور، نتركك الآن لترتاح وغدا ستخرج من العناية ونبدأ أول اختبار لساقك"
لم يرد وقد دفعت الممرضة دواء بالمحلول جعله يذهب بالنوم ولا يشعر بأي شيء سوى السعادة لأنه مطمئن أنها عادت له ولقلبه ولن تفارقه بعد اليوم وبين نفسه كان يعلم أن عليه أن يرمم كل ما تهاوى بينهم ويعتذر عن كل ما بدر منه تجاهها وهو يعلم كيف سيعتذر منها..
يعلم كيف سيمنحها الجنة وهو معها ولن يفارقها لحظة بعد اليوم
كانت بجواره وهو ينتقل للفراش بتلك الغرفة وكمال يتابع من بعيد وأوليفر يقف عند الباب ودكتور محمد يتابع بنفسه
لم ترى سلمى مرة أخرى ولم يتحدث أحد عنها مرة أخرى وهي لم تسأل
خرجت الممرضات فقال محمد "ريتشارد سيصل خلال ساعة وبعدها سنجري الاختبار"
نظر لمحمد وقال "ربما لا يمكنني الوقوف"
ابتسم محمد وقال "أحيانا أظن أنك ستجبر ساقك على الحركة لو فكرت أن تعصيك بدر"
ضحك الجميع واعتذر محمد خارجا بينما قال كمال "الأولاد تسأل عنك بدر وعن أسيل"
قال بتعب ما زال يلاحقه "وأنا اشتقت لهم، يمكنك الذهاب لهم أسيل"
اقتربت من فراشه وقالت "هل تريدني أن أذهب؟"
نظر بعيونها نظرته التي عادت لعيونه لها هي وحدها وقال بصدق "تعلمين ما أريد"
ابتسمت بينما قال أوليفر "هل تأمرني بشيء مستر بدر"
نظر له وقال "لا"
كاد الرجل يذهب عندما ناداه بدر فالتفت له فقال بدر "شكرا أوليفر"
ابتسم الرجل ونظر لها ثم عاد لرئيسه وقال "على الرحب والسعة سيدي، الشكر حقا لوجود مسز مسيري"
ابتسمت له بامتنان وهو يخرج بينما اقترب كمال من فراشه وقال "سآخذ الأولاد برحلة لقضاء عطلة نهاية الاسبوع ويمكنكم الاستمتاع بالقصر بعد عودتك"
كادت تبتسم عندما قال "لا"
التفت له الاثنان والدهشة تقفز من عيونهم فقال "أريد رؤية الأولاد عند عودتي"
نظر كمال لأسيل التي أخفضت عيونها واحمر وجهها لقد ظنت أنه سيعيد زواجهم بأسرع وقت ولكن كلماته هذه تجعلها لا تفهم موقفه ولا بماذا يفكر بمستقبلهم سويا وتملكتها الحيرة بينما قال كمال 
"ظننت أنك بحاجة للانفراد بزوجتك"
لم ينظر لها وقال "هي لم تصبح زوجتي بعد بابا لذا لا نحتاج الانفراد بالقصر دون الجميع"
رفعت عيونها إليه وتذكرت بأوائل معرفتها به وكيف كان يصر على وجودها بالقصر رغم معارضتها، الآن ماذا تبدل؟ 
هو كان ينظر لكمال الذي قال "لتعقد قرانكم إذن فيم الانتظار؟"
قال بهدوئه الذي عاد إليه بعودتها "ليس الآن، هناك العديد من الأمور لابد من الانتهاء منها قبل اتخاذ قرار الزواج"
لم ترد وشعرت بأنها تريد الاختفاء من هنا فتحركت ولكنه أمسك يدها بسرعة وقال "إلى أين؟"
ارتجف جسدها ورفعت رموشها عن عيونها لتواجه نظراته وقالت بصعوبة "الحمام"
هز رأسه وتركها لتمر من أمام كمال الذي تابعها بنظراته حتى اختفت خارج الغرفة فعاد لابنه وقال بغضب مكتوم "هل أنت مجنون؟ هل أثر المخدر على عقلك؟ ظننت أنك لن تضيع الوقت بدر، الفتاة تحبك وأنت تحبها فلم التأخير؟"
لم تتبدل ملامحه وهو يقول "لا تقلق بابا، أخبرتك أن هناك أمور لابد من تسويتها قبل الزواج فلا تقلق"
كلمة بابا جعلت كمال يتوقف قليلا وهو يحدق بوجه ابنه ثم أشاح بيده وقال "الفتاة تحملت منك الكثير بدر فتوقف عن قسوتك هذه، متى ستضع كبرياءك جانبا؟"
أبعد وجهه عن والده وقال "أبعدته، صدقني أبعدته، فقط هي تستحق الأفضل وأنا لابد أن أمنحها إياه"
عاد الرجل ينظر له حتى قال "الذي هو ماذا بدر؟ ليس هناك أفضل من عودتكم؟"
ابتسم وقال "هذا أمر لا خلاف عليه، هي لي ولن تكون لسواي"
دق الباب وعادت هي وقد ظهرت بقايا دموع بعيونها تغاضى عنها الرجلان والممرضة تدخل وتنتهي المحادثة بغير حل لم يفكر به ذلك الرجل المجنون....
كان الاختبار متعب جدا بالنسبة له بسبب ألم جرحه وهو ينهض ليقف على ساقه التي كانت واهنة ولكن يدها التي أسندته منحته القوة على أن يكمل ويتحرك تحت رعاية الأطباء حتى عاد للفراش فابتسم ريتشارد وقال 
"الحركة هامة جدا مستر بدر، مسز مسيري يمكنك الاستمرار بتنفيذ التعليمات التي أخبرناك بها، غير ذلك يمكنك الخروج من المشفى مستر بدر وبالبيت مسز مسيري لديها الكثير لتفعله"
احمر وجهها وارتبكت نظرات الرجال ولكن أحدا لم يجرؤ على الحديث ولا أحد يذكر أنها لم تعد زوجته، هي زوجته ولن يكون أحد سواها بجواره
خرج الأطباء ورن هاتف كمال فخرج هو الآخر بينما ساعدته هي على الاستلقاء بالفراش وجذبت الغطاء عليه وهي تنحني قريبة منه ووجهها يقترب من وجهه فهمس 
"لست مجبرة على فعل كل ذلك"
التفتت ولم تبتعد وهي تواجهه وقالت "هل تعتقد ذلك؟"
رفع يده لوجنتها ولمسها وقال "تعلمين أني لا أعتقد أي شيء بما لا يخصني خاصة معك أنت، انا أعلم أنك تريدين ذلك كما أريده أنا أيضا ولن أقبل بسواه، وجودك بجواري هو الروح التي استعدتها بعودتك، اشتقت لك أسيل"
وجذب وجهها له فجأة ليأخذ شفتيها بين شفتيه ويستعيد مذاق قبلتها التي لم ينساها بأي يوم والتي تمنى أن يخبرها من خلالها كم افتقدها وكم تعذب بفراقها، اندهشت لأنها ما زالت تستجيب لقبلته وتنسى الدنيا معه ولكن فيما الدهشة وهي تعلم أنها تحبه؟ لا شيء تبدل وكأن تلك الأيام لم تمر بهم ولم يكن بينهم فراق بأي يوم
أبعدها قليلا ليتنفس كلاهم بعض الهواء وهو يهمس أمام شفتيها "كنت أحلم بقبلتك كل لحظة أسيل، لم أنساها لحظة واحدة"
تمنت لو تسأله إذن لماذا ترفض زواجنا مرة أخرى!؟ ولكنها قدمت تنازلات كثيرة حتى الآن ولن يمكنها أن تقدم أكثر من ذلك، لن تطلب منه أن يتزوجها 
أخفضت عيونها عندما دق الباب فتراجعت وقد عاد كمال وقال "ماريان بالبيت وسلمى أيضا هناك، أنا لابد أن أذهب هل تريد شيء؟"
هز رأسه وقال "لا شكرا على وجودك معي ربما لم أستحق"
ابتسم كمال وقال "أنت حقا لا تستحق ولكن بالنهاية أنت ابني وأنا سعيد لوجودي معك وسعيد لوجودك أسيل"
ابتسمت للرجل وهو يذهب ولم ترغب بذكر سلمى الآن، تذكرت أنها أم للطفلين وهما بحاجة لها ربما لذلك أعادها
شعرت بيده تمسك يدها فعادت له وهو يقول "اجلسي"
ظلت تنظر له وتركت يدها بيده وهي تجلس فطارد عيونها بنظراته وقال "سلمى تأتي مرة بالأسبوع لرؤية الأولاد، بعدما كادت تموت بحريق كبير بسبب ذلك الدجال الذي رغب بالانتقام منها، أصيبت بتشوهات كثيرة وخسرت كل شيء حتى دعم والدها وهاتفتني ورغب باتفاق، تتنازل لي عن الحضانة وكل حقوقها المالية وغيرها في سبيل أن أتوقف عن مطاردتها وتمكينها من رؤية الأولاد وعندما سألت الأولاد عن رغبتهم بها لم يرفضوا، هي بالنهاية والدتهم"
هو على حق ومعرفتها -ن الله اقتص من تلك المرأة أراح قلبها قليلا لكن ما زال هناك واقع لم يتغير لذا قالت "زواجكم!؟"
ابتسم وقال "ما زلت تغيرين؟"
أبعدت وجهها فأعاده لعيونه وقال "لم يهمني استمراره من عدمه، تعلمين أنها لا تمثل أي شيء بالنسبة لي"
لم تترك نظراته ولكن ذلك لم يمكنها منع قلبها من أن يغار لوجودها بحياته حتى ولو من بعيد فقالت "ما زالت أم الأولاد"
هز رأسه بالإيجاب وقال "صحيح، أرادوها لأني منعتك عنها ولكنهم يريدونك أنت"
نظراتها تبدلت للتساؤل فقال "نعم، كانت قسوة مني يوم فعلت بهم ذلك رغم أني كنت أعلم أنهم كانوا يشعرون معك بالحنان الذي لم تمنحه لهم سلمى ولا حتى أنا، هم ما زالوا غاضبين مني لأني أبعدتك عنهم، أنت فزت بما لم يمكنني أن أفوز به"
ابتسمت وقالت "هم لا يمكنهم الغضب منك أبدا، هم حقا يحبونك، أنت والدهم بدر"
رفع يدها لفمه وقبلها وقال "أحب اسمي من بين شفتيك أسيل"
احمر وجهها مرة أخرى فعاد يقول "بالفترة التي كنت بها بالمشفى وقت الحادث الذي أصابني. باسم عاد مصر وتولى إدارة الشركة وكمال تولى ميلانو وهي الفترة التي وقع بها أمر شركة والدك، التوقيع كان باسمي فعلا ولكن باسم هو من وضعه وليس أنا، الطرق غير الشرعية ليست طرقي أسيل لذا أنا فتحت لك حساب ووضعت لك تعويض بما قدره المختصين وعلى فكرة بحسابك أيضا مؤخر الصداق كما وأن الشركة بمصر ما زالت باسمك ولم أستردها أسيل"
تراجعت وقالت بصدق "لا بدر، أنا لا أريد كل ذلك، الأموال لا تعني لي أي شيء كان يكفيني وجودك"
أبعد وجهه لحظة ثم قال "كلمات أحمد لك من أنك تزوجت العجوز وأضيفي عليها ما حدث بنفس اليوم من تعب ظهري وكلمات محمد عن احتمال إصابتي بالشلل جعلني أثور من داخلي ويتملكني شيطان يخبرني أني لابد أن أخرجك من حياتي"
دمعت عيونها من الذكرى ولكنه رفع يده مرة أخرى لوجنتها وقال بحزن "أنا أيضا تمنيته أسيل، هو طفلنا، جزء مني كما هو جزء منك، صدقيني لقد تألم قلبي بشدة لفقدانه ويزداد ألمي كلما أدركت أني السبب بفقدانه، وربما لن يمكنني الحصول على سواه لأني أريده منك أنت وأنا كنت على وشك تدمير كل ما بيننا، لا تقاطعيني أسيل، أنا كنت السبب بكل شيء، لأول مرة بحياتي أترك الغضب يتملكني فقط لأن قضية الحضانة ومرض أبي كانوا يتملكون ذهني فأصبحت لا أرى شيء وانقدت وراء شيطان الغضب حتى فقدت ابننا وكدت أفقدك وأبى كبريائي أن أعترف بخطئي لذا لم أستطع مواجهتك والبقاء معك وأنا بكل لحظة أرى نظرات الاتهام بعيونك، كنت أتألم أضعاف ألمك لأني فقدته وفقدتك وخشيت أن أفقدك للأبد وهو ما حدث"
قالت بصعوبة من بين الدموع "قتلني ما فعلته بي بدر، مرة يوم رحلت وتركتني وأنا بأشد الاحتياج إليك وإلى أحضانك كي تواسيني على ما فقدت، ومرة يوم طلقتني بطريقة أهانتني وآلمتني بدرجة لن تتخيلها وبدون سبب، لم تأخذك بي أي رحمة بدر وأنت ترحل وتتركني وأنت تذكر المال والشركة فزدت من شعوري بالإهانة وكأنك تدفع ثمن الوقت الذي قضيته معك"
أغمض عيونه بألم مما تسبب لها به من حزن، تنفس بعمق وعاد يفتح عيونه وقال "لم أكن بوعيي أسيل، لقد فقدت كل ذرة عقل منذ عرفت بأمر ظهري واحتمالية الشلل وأمضيت الأيام بعذاب لا يمكنك تخيله"
قالت وهي تحدق بعيونه "بل أعرفه بدر لأني عشته بكل لحظة عشتها بعيدا عنك"
ظهرت غيرته وهو يذكر زواجها فقال من بين أسنانه "وليث؟"
لم تبعد عيونها عن مواجهته وقالت "عرفت من براء أنك عدت لسلمى وأنت لم تفكر حتى بأن تسأل عني ولو مرة بدر وكنت تعلم أن ليس لي أحد، أنا أيضا غضبت منك وليث كان تعبير عن غضبي"
لم يترك يدها وقال "كنت ستتزوجينه أسيل"
تألم قلبها للذكرى قالت "فقدت الوعي والإدراك بكل ما حولي ولكنك كنت بقلبي بدر وهو كان يعلم ذلك"
أبعد وجهه وقال "سلمى لا تتعدى كونها أم الأولاد أسيل، كان عليك تصديق ذلك من أول يوم ولولا ما أصابها والأولاد لما رحمتها، أنا حرمتها من كل شيء هي لا  تملك سوى بيت صغير لا يذكر ومصروف شهري يمكنها من أن تعيش غير ذلك لم تناله"
أخفضت وجهها "ومع ذلك لا يمكنني أن أنسى أنها هي أيضا من أرادت قتلي بدر وأنت سامحتها وأعدتها"
هز رأسه وقال "كان لابد أن أفعل من أجل الأولاد"
رفعت وجهها إليه فقال "أنا آسف أسيل، آسف ونادم على كل كلمة جرحتك بها بأي وقت، آسف على ضياع ابننا، آسف على فراقنا، آسف على ما قلته لك بالمكتب فلم أعني أي كلمة منه فقط كنت أريدك أن تكرهيني وأخرج من حياتك"
ابتسمت وكلمات الأسف تمحو كل ما كان، وجودها معه هو كل ما رغبت به فلم تعد تذكر أي شيء وقالت "لن يمكنك أن تخرج من حياتي بسهولة مهما حاولت بدر فأنت تسكن كل ذرة من خلايا جسدي"
قبل يدها مرة أخرى وابتسم بسعادة عندما دخلت الممرضة وابتعدت أسيل لتقوم الفتاة بعملها. 
مر اسبوع على الجراحة واستعاد قوته بسرعة وهي معه لا تفارقه إلا عند النوم عندما تتحرك لغرفتها تاركة إياه على مضض ولكنها لم تخفي حزنها ولا حيرتها لأنه لم يطلبها للزواج حتى الآن ولم تجد سبب لكل ذلك 
وفرت وقت للأولاد خاصة وأن باسل بدأ الدراسة واستعادته للحركة صنعت منه طفل رائع وتبدلت سلوكياته للأفضل وأصبح المرح من سماته..
دق باب غرفتها ففتحت عيونها وأبعدت شعرها وهي تعتدل وتأذن لتراه يفتح ويدخل وهو يرتدي ملابس الخروج فانتفضت جالسة وهتفت "أنت تمزح بدر؟"
ابتسم وتحرك تجاهها وجلس على طرف فراشها وقال "أصبحت بخير زهرتي، الطبيب اعترف بذلك"
حدقت به ثم قالت "ولكن ليس لدرجة الخروج وبالتأكيد أنت بطريقك للشركة ولن تعود قبل المساء وربما لا نراك لعدة أيام"
ضحك وقال "ألم تشعرين بالضجر من وجودي بالبيت لأسبوع أو أكثر؟ كل النساء لا تفضل وجود الرجال بالبيت"
قالت بضيق واضح "هذا ما يظنه الرجال ولكن وجود الرجل بالبيت يعني الحياة يعني أنه يريد التواجد مع زوجته و"
توقفت ولم تكمل وهي تنهض من أمامه وتبتعد لتقف أمام النافذة فتابعها بنظراته ثم نهض وتحرك تجاهها وقال "وماذا زهرتي؟ هل تراجعت عن رأيك؟"
التفت لتواجهه وفتحت فمها لتلقي كلماتها بوجهه ولكنها أغلقت فمها وابتعدت مرة أخرى فابتسم وعاد يتبعها حتى وقف أمامها وقال "أنت ترهقيني أسيل بالدوران بالغرفة هل تفتقدين كل جزء بها؟"
التفتت له بغضب وكادت تثور بوجهه ولكنه لم يمنحها الفرصة وقال "هل نتناول العشاء سويا الليلة؟"
ابتلعت كلماتها الغاضبة فأكمل "لن أقضي اليوم كله بالمكتب ولن أبيت خارج بيتي مرة أخرى وسأعود على السادسة لنخرج سويا"
ثم جذبها له دون أن يمنحها فرصة للرد وهو يضع قبلة على جبينها وتحرك للخارج دون أن تنطق بكلمة واحدة وهي تتبعه وهو يغلق الباب خلفه وتكاد لا تفهم ماذا يفعل بها؟ لماذا لا يتحدث عن الزواج؟ 
إلى متى ستبقى هكذا بلا صفة؟ عليه أن يضع حد لعلاقتهم وإلا لتعود كما أتت
أرسل لها فستان برونزي اللون كان يلقي ضي رائع على عيونها العسلية ارتدته دون تردد ووضعت مساحيق تجميل قليلة لتخفي ملامح التعب الواضحة على وجهها ورأت نفسها بالمرآة وقد استعادت أسيل التي ضاعت بالشهور السابقة وقررت أيضا أن الليلة عليه أن يحسم علاقتهم
دق الباب ورأته يدخل متأنقا بملابسه الفاخرة وقد استعاد نفسه وكأنه لم يجري جراحة خطيرة من اسبوع فقط، تقدم منها ونظراته تلمع ببريق الإعجاب 
توقف أمامها وتأملها وقال "سعيد أنك عدت لي أسيل"
عدت لي؟ 
هل حقا عادت له؟ بدون زواج؟ بلا صفة؟ 
ابتسمت رغما عنها لن تعرض نفسها عليه، ما زال لديها كرامة ولن تذل نفسها أكثر من ذلك
سألته بقلق "هل أنت متأكد أنك بخير؟ الجراحة؟"
قاطعها وهو يرفع خصلتها من على رموشها قائلا "مررت على محمد بالمشفى وأخبرني أني بخير والحركة لي أفضل بكثير والعلاج يمنحني تقدم ملحوظ فلا داعي للقلق الذي يتملكك هذا"
هزت رأسها وكادت تتحرك عندما لاحظت أنه كان يمسك علبة بيده رفعها وقال "هدية صغيرة من أجل عودتك لي أسيل"
تراجعت وقالت "لا بدر تعلم أني.."
قاطعها وقال "أعلم، وأنت أيضا تعلمين"
حدقت به وقالت رغما عنها "أعلم ما يخص زوجتك ولكني لست زوجتك"
لم تتبدل ملامحه ولم ينظر بعيونها وهو يخرج العقد الماسي الذي تلألأ تحت ضوء المصابيح وقال "ولكنك معي ولن تكوني مع سواي"
رفع يده ولكنها تراجعت من معنى كلماته وقالت "وماذا تعني بذلك؟"
زادت ابتسامته وهو يقول "بالتأكيد لا أعني الجنون الذي برأسك وعلى العشاء سأشرح لك كل شيء"
ظلت مترددة ولكنه لم يمهلها أي فرصة وهو يتحرك ليضع العقد حول عنقها وهمس بجوار أذنها "أتمنى لو أمنحك العالم كله ملاكي"
ثم عاد أمامها ورفع ذراعه فظلت تنظر له دون أن تفهمه ولكنها استسلمت ووضعت يدها بذراعه وتحركت معه للخارج، سيفسر لها الأمر الليلة ولو لم يعجبها التفسير سترحل.. 
الفندق خاصته كان أكثر من رائع تلك الليلة ووقف جميع العاملين باحترام وهو يتقدم بها للداخل وأدركت أن الفندق أكثر من رائع حقا ربما عشر نجوم ولم تندهش فهو كان يعشق ذلك.. الكمال.. 
لم يتحرك للمطعم فقالت بدهشة "أليس هذا هو المطعم بدر؟"
لم ينظر لها وهو يتحرك لمكان آخر وقال "تحسنت لغتك الإيطالية أسيل، لا لن نذهب للمطعم"
رأت رجلان يقفان أمام باب كبير انتبها لحضورهم ودفعا الباب لفتحه لهما وهو يقودها من خلاله لتتفاجأ بحفل كبير وكثير من المدعوين وتصفيق حاد لدخولهم فالتهب وجهها من الحرارة وهي تنظر بدهشة لكل ما حولها وتعرفت على أوليفر وزوجته وبعض رجال الأعمال وزوجاتهم الذين عرفتهم من قبل ثم رأت كمال وماريان يلقون لها بالتحية من مائدتهم 
تحرك بها إلى منتصف القاعة الرائعة وتوقف الضجيج وهو يقول "مساء الخير، بالطبع أشكر الجميع على تلبية دعوتي لهذا الحفل الذي تساءل الجميع عن سببه والآن فقط يمكنني أن أخبركم به"
التفت لها وهي تحاول التقاط أنفاسها من المفاجأة بذلك الحفل وتأملته وهو يقول "بوقت ما لم أكن أعرف أن هناك حياة خلف الحياة، حياة الأسرة والزوجة والأولاد خلف حياة العمل والنجاح والشهرة حتى عرفت تلك المرأة، أسيل"
احمر وجهها بشدة وتعالت دقات قلبها تعلو على صوت الجميع إلا صوت حبيبها الذي أكمل "انقدت لها دون أن أشعر وطاردتها بلا تراجع حتى تزوجتها دون أن أعرف لماذا فعلت ولكني لم أندم ولم أهتم بالسبب وقتها حتى هاجم حياتنا إعصار دمر كل جميل بيننا وفرقنا بلا هوادة، إعصار حمل معه كبرياء رجل يقف بينه وبين سعادته، كبرياء جعل أسمى شيء بالوجود يرحل، الحب، لكن زهرتي تنمو وسط الصخر لتملأ حياتي بكل ما هو جميل، لم تستسلم رغم غروري وقسوتي وعادت لي لتعيدني للحياة ولم تتخلى عني بأشد لحظات حياتي صعوبة رغم أني لا أستحق لذا سأظل مدين لها لنهاية العمر، واليوم أحضرتك أسيل أمام كل الناس لأخبرك شيء واحد"
ظلت جامدة، صدرها فقط ما كان يعلو ويهبط من قوة أنفاسها وهي تحدق بوجهه بقلب يعلو للسماء عندما قال "أحبك أسيل، لم ولن أحب امرأة سواك فهل تسعديني وتشرفيني وتقبلين بي زوج لك؟"
تعالت التصفيقات من حولهم ووجدت الدموع تنهار على وجهها وهي لا تصدق ما يفعله وهي التي ظنت -نه لم يعد يرعب بها زوجة، قلبها قد لا يتحمل كل ذلك، بدر المسيري يقف أمام هذا الملأ ويتحدث عن الندم بل ويعترف لها بحبه ويطلبها أمام الجميع لتكون زوجة له؟ 
هل الحب يفعل كل ذلك؟ 
هو حبها له، حبها الذي أعاد كل شيء لمكانه الصحيح
هي له وهو لها.. 
هدأت التصفيقات وصمت الجميع بانتظارها وهو يواجه نظراتها الدامعة وينتظر ردها بل الجميع ينتظر وهي تهز رأسها وتقول "نعم بدر، نعم أقبل بك زوج لي ولن أقبل بسواك"
تعالت التصفيقات مرة أخرى وهو يضع خاتم الزواج بيدها ثم رفعها لفمه ووضع قبلة رقيقة عليها ثم جذبها إليه ليحتضنها بين ذراعيه مغلقا عليها قلبه مدركا أنها الحياة، الحياة التي استعادها بعودتها وهو لن يفقد حياته مرة اخرى
أبعدها لينظر بعيونها وقال بحب وحنان وعيون واعدة "سيكون لك حفل زفاف وفستان أبيض كما وعدتك حبيبتي"
جذبها له وتعلقت به بقوة وهي تشعر بسعادة لم تعرفها من قبل، أخيرا نطق لسانه بالحب الذي تمنت أن تسمعه وليس بينهم وحدهم بل -مام كل هؤلاء الناس يعلنها بلا كبرياء أو غرور وكأن يسحق ما فعله بها ويدفنه بقعر الزمن ويبقى فقط حبهن يعلو ويعلو بلا نهاية
****
قبلها حماها بوجنتها وقال "وأخيرا أصبحت زوجته أسيل، ألف مبروك تبدين فاتنة بالفستان الأبيض"
ضحكت بسعادة ويداها تلمس الدانتيل الذي يغطي تنورة فستانها الأبيض الذي وعدها به من أفخم دور الأزياء بباريس، صمم مخصوص لأجلها 
قالت "شكرا عمي وشكرا على كل ما فعلته من أجلي"
ابتسم الرجل وقال "بل لابد أن أشكرك على ما فعلته بابني فقد تبدل لرجل آخر ولم يعد يكرهني"
تحركت عيونها لخلف كمال حيث كان زوجها الذي تحرك لها وأحاطها بذراعه وقال "أنا لم أكرهك بأي يوم، كنت فقط غاضب منك ومن تصرفاتك أنت لم تمنحني شيء لأحبك"
هي الحقيقة التي لم يخفيها وهو ما أخبرها به من قبل لذا هو لا يكذب
ضحك الرجل وقال "وانت لم تمنحني فرصة لأفعل، كيف تبدلت أحوالك؟"
نظر لها وشرد بعيونها التي تمنحه الحب والحنان وقال "لم أعد أهتم فقد بات هناك من يملأ حياتي بما يجعلني لا أحتاج لأي شيء أو ربما الحب الذي علمتني تلك المرأة إياه"
وقبل يدها وقد لمعت دبلة زواجهم تحت خاتم زواجهم بإصبعها بعد أن عقد المأذون قرانهم وعادت له ولن يفرقهم أي شيء بعد اليوم 
صوت سلمى انضم لهم وهي تقف بجوار كمال وقد تقبلتها -سيل رغما عنها فقط من أجل الأطفال وسمعتها تقول "لدي هدية لكما بدر"
نظر لها الاثنان وقال هو بهدوء "حقا؟"
ابتسمت وقالت "الدجال"
ضاقت عيونه دون أن يتحدث فأكملت "الشرطة عرفت طريقه وعندما ذهبت القوات للقبض عليه سقط قتيلا أثناء محاولته الهرب"
ارتجف جسد أسيل بين أحضانه فنظر لها وقال باهتمام "أنت بخير حبيبتي؟"
هزت رأسها وقالت "نعم، هل هو بالفعل نفس الرجل؟"
نظر بدر لسلمى بنظرة مخيفة وهي لم تنتبه لها بل قالت "نعم هو، لقد انتهت صفحته بدر"
قال بجدية "هدية غير محببة سلمى كان عليك اختيار بديل"
وافقه كمال فشحب وجه سلمى وقالت "أردت أن أطمئنك"
قال "لست بحاجة لتفعلي فأنا من أبلغ الشرطة عن مكانه سلمى، رجالي وصلت له أظن أن اسمه.. أليس كذلك؟"
احمر وجه سلمى ونظرت له أسيل بدهشة بينما ضحك كمال وقال "لا يمكنك التقليل منه يا سلمى تعرفين أنه لا يترك شيء ناقص دون أن يتمه وقد فعل"
ابتعدت سلمى من أمامهم فضحك كمال وقال "كيف وصلت له؟"
قال بلا اهتمام "الرجال تجيد العمل عندما تجزل لهم العطاء بابا"
نظرت له وقالت "ولكنها أخبرتك أنه ابتعد عنك وعني"
قال بجدية "لم ولن أثق يوما بسلمى أسيل ولا أنصحك بذلك"
قالت "ليس علي أن أفعل خاصة وأنها لم تعد زوجتك"
ضحك وقال "لن أنسى أنه كان شرطك لإتمام الزواج"
قالت بجدية "لم أكن أستطيع تحملها بحياتك مرة أخرى"
كانت عيونه مليئة بالحب للغيرة التي أبدتها زوجته عليه وهو يعني -ن حبها له يسكن قلبها ولن يتزعزع 
عاد لكلماتها وقال "هي فقط؟"
ضحك كمال ولكنها قالت "كف عن ذلك بدر أنت لم ولن تكون رجل نساء حبيبي"
عاد يضحك وهو يضمها له وهو يقول "من الجميل ثقتك بي كما أعشق غيرتك حبيبتي تجعلني أدرك أني أسكن قلبك"
ابتعد كمال بينما لانت نبرتها وقالت "هل لديك شك؟"
تأمل ملامحها الجميلة وطرحة الزفاف البيضاء تحيط بوجهها المشرق وقال "توقفت عن ذكر حبك لي أسيل فشعرت للحظة.."
وضعت يدها على فمه وقالت "لا تكمل بدر، لا يمكنك أن تشك لحظة بمشاعري تجاهك؟ لست بحاجة لأن أخبرك كم أحبك بدر ولن أحب سواك"
أحاطها بذراعيه وقال "ولكني أحتاج أن أسمعها منك بكل لحظة لنا سويا أسيل، أحتاج لحنانك وابتسامتك وكلماتك كي أظل أحيا بتلك السعادة، أريدك أن تخبريني بكل يوم أنك تحبيني ولست نادمة على زواجك مني"
أحاطت عنقه بيديها ورفعت وجهها لوجهه الذي انحنى ليقترب منها وقالت "أحبك بدر المسيري، لم ولن أحب رجل سواك، أعشق كل لحظة معك ولا أريدك أن تبتعد عني ولو لثانية ولم أندم يوما على أني لك بل بكل يوم كنت أتمنى أن أكون زوجتك أنت"
قبلها برقة دون اهتمام بالموجودين ثم ضمها له بقوة وهمس "أحبك أسيل ومهما قلت أو فعلت فلن أمنحك ما تستحقين فأنت الضوء الذي أنار ظلام حياتي وأعاد لي السعادة، أحبك ولا أريد إلا أن أعيش وأشيخ معك وأموت بين أحضانك وأنا أحبك"
لم تبتعد من بين ذراعيه وقالت "فداك روحي وحياتي حبيبي"
همس "دمت لي حبيبتي ودام لي قلبك"
وانتهت قصتي وصدق من قال أن الحب والكبرياء لا يجتمعان فلو دخل واحدا رحل الآخر باستسلام ولكن بالنهاية انتصر الحب وجمع القلبين ورحل الكبرياء

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
         💚 مرحبا بكم ضيوفنا الكرام 💚
هنا في كرنفال الروايات ستجد كل ما هوا جديد
 حصري ورومانسى وشيق فقط ابحث من جوجل باسم الروايه علي مدوانة كرنفال الروايات وايضاء اشتركو قناتنا👈علي التليجرام من هنا يصلك اشعار
 بكل ما هوه جديد من اللينك الظاهر امامك
 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
                  تمت بحمد الله           
لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>