
رواية رياح الالم ونسمات الحب
الفصل الثامن والعشرون28
بقلم سيمو
فاضت عيناه بالدموع وهو يتذكر حديث الطبيب معه ، فنظر للتقرير الطبي الذي معه بخصوص زوجته حتي قال بصوت يتخلله الألم : ازاي الحاله متأخره ، وازاي ان الامل ضعيففنظر اليه الطبيب بعدما ازاح نظارته الطبيه وظل للحظات يفرك في عينيه فقال : للاسف مستر يوسف من ساعة فحوصات مدام نيره اللي عملتها قبل الولاده كان المرض عندها بس كان لسا في بدايته ، والطبيبه اللي كانت مسئوله عن نتائج الفحوصات كانت شاكه في الامر بس اتلاهت عن الموضوع وكتبت التقرير بدون اي ملاحظه ، وللاسف بعد ماسافرت بلدها لظروف طارئه .. افتكرت الامر من جديد واكتشفت ان شكها كان صح .. بس مين قال الامل ضعيف لسا الامل موجود
فوقف يوسف والغضب يكاد يقتله حتي قال : يعني بسبب اهمال حتت دكتوره مراتي هتضيع مني ، بعد ايه حضرتها جايه تكتشف ان شكها صح .. بعد ما خلاص مافيش امل انا مش هسكت علي اهمالكم ده .. فعلا كلكم مُهملين وحيات المرضي مجرد تجارب بين ايديكم
فتنهد الطبيب وهو يشعر بما يدور بداخله وقال بلهجته السوريه بعدما اشفق عليه : ده امر ربنا ، ومحدش يقدر يعترض عليه
فجلس يوسف ثانية بعدما خارت قواه وهو يتنفس بصعوبه وبأعين دامعه : ديه حب عمري وحياتي كلها ، مش قادر اصدق ان حياتنا فجأه كده هتتغير وممكن افقدها في لحظه
فظل السكون يحاوطهم .. وصار شريط ذكرياتهم معاً أمام اعينه ، فتذكر ضحكاتها له وغيرتها التي تصل الي حد الجنون ، فسقطت دمعه قد سالت معها جميع الالم وهو يري معاها حياته بدونها فيقول بصوت ضعيف : لاء مش هتسبيني وتموتي يانيره ، هتعملي العمليه وهتخفي
كان وجهها الشاحب ونظرات اعينها المتعبه كفيله ان تجعلك تنظر اليها بأشفاق ، لتفتح جوليا عيناها وهي واضعه بيدها علي بطنها المنتفخه قائله بتعب : هو انا هفضل في المستشفي لحد امتا ياحسام
فتأملها حسام ببتسامه باهته حتي قال : ليه منزلتيش الطفل ياجوليا مدام قلبك ضعيف ومش هيستحمل
فأمتلئت عين جوليا بالدموع حتي ازداد احمرار جفونها وقالت بصوت مُشتاق : عشان جوليا كان نفسها في بيبي من هشام ، جوليا محبتش راجل غير هشام .. وأبتسمت وهي شارده في بعض ذكرياتهم معا وتذكرت تلك الليله التي عصفت بذلك الجنين ، فلمست بطنها وهي تقول : خلي بالك منها ياحسام ،لما اولدها واموت متسبهاش جوليا ملهاش حد هنا
فأبتسم حسام بألم وهو يشاهد ارتجافها هذا ، قائلا بعدما التف بوجهه بعيداً : ارتاحي انتي دلوقتي ، وان شاء الله انتي اللي هتربيها بنفسك ، ويخطوا بخطوات سريعه كي يغادر غرفتها عازما بأن يهاتف هشام ويخبره بكل شئ
ويذهب امام مرء عينيها ، لتنام علي وسادتها بتعب وهي تحدث طفلتها : عارفه بابا حلو اووي ياورد ، انتي لما هتكبري هتبقي نفسك تتجوزي واحد زيه ، بس مافيش غير هشام واحد وبس
وقفت نسرين خلفه تشُم رائحة عطره القويه ، وأغمضت عيناها وهي سارحه في كل تفاصيله ، فأنتبهت لصوته وهو يقول : في حاجه تانيه عايزه تتوقع يانسرين
فتنحنحت نسرين بستحياء مزيف حتي قالت : اه يافندم ، اتفضل الملف ده محتاج توقيعك
فظل فارس ينظر الي الملف دون النظر اليها ، لتعود هي للنظر اليه وهي تقول بداخل نفسها : مكنتش فاكراك حلو اووي كده ، لاء وشخصيه جذابه والاهم من ده كله فلوسك ، وعضت علي شفتيها وهي تتذكر هنا بكره .. وابتسمت وهي تقترب ثانية من اذنيه تتنفس رائحة شعره حتي افاقت علي حركته المفاجأه قائلا : كده كل الاوراق اتمضت اتفضلي علي مكتبك
فتأملت نسرين جموده وصارمته ، ومشيت امامه بخطي هادئه وزيها الذي لا يشبهها ابدا وقبل ان تغادر مكتبه التفت ثانية اليه بعد ان عاد هو بين ارواقه مرة اخري فقالت وهي تخفض برأسها : هو انا ممكن اروح حفلة افتتاح مستر محمود يافندم
فرفع فارس وجهه من بين اوراقه قائلا : مدام هو عزمك .. اكيد ليكي الحريه أنك توفقي او ترفضي ده شئ يرجعلك .. ومش معني ان انا رئيسك في العمل هتدخل في حياتك
فكان حديثه هذا معاها مثل كوب الماء المثلج الذي اسكبه عليها بكلماته، فنظرت اليه نسرين.. وهي تستشيط غضبا من حديثه معها فقالت : عن اذنك يافندم
نظرت اليها الخادمه بأشفاق علي حالها فقالت بأستحياء : هتفضلي كده ياهانم ديما في اوضتك ، وسايبه البيه لوحده
فنظرت اليها ريهام قليلا .. حتي قالت الخادمه وهي تُمد يدها لها بكوب الماء وحبوب علاجها : المُحاميه اللي اسمها هايدي ديه مستغله ديما وجود حضرتك في اوضتك وديما هنا قال ايه بتراجع مع مازن بيه بعض الملفات ، مع انه طول اليوم في الشركه بس تقولي ايه ما بيصدقوا يستغلوا اي خلافات بين الراجل والست بتاعته .. ستات عامله نفسها هوانم وهما خطافين الرجاله
فأبتسمت ريهام علي طيبة وتلقائية تلك الخادمه في الحديث ، لتقول الخادمه علي استحياء : معلشي ياهانم انا عارفه ان لساني متبر مني بس انتي طيبه اووي بحسك انك شبهنا وزينا ، ربنا يقومك لينا بالسلامه
ليفتح هو الباب .. ناظرا الي خادمتها قائلا : الهانم اخدت العلاج بتاعها
فنظرت اليه الخادمه.. محركة رأسها بالايجاب وذهبت تاركة لهم الغرفه بأستحياء
فأقترب مازن منها وجلس بجانبها ، فرأي نظرات الخوف في اعينها منه
مازن : مينفعش مطمنش عليكم ، عامله ايه النهارده .. ثم نظر الي بطنها التي تحمل جنينهم فقال : امتا الشهور تعدي ، ويجي يملي علينا البيت
فنظرت اليه ريهام قليلا .. حتي قال مازن ضاحكا : خلاص ياستي امتا تيجي مش يجي .. هو انا اطول يبقي عندي بنت حلوه كده زي مامتها
فأبتسمت ريهام رغماً عنها ليقول هو : مش ناويه تسامحيني بقي ، انا محتاجك اووي ياريهام معايا .. متعرفيش انا دلوقتي بقيت حابب الحياه ازاي لاول مره يبقي عندي عيله بحارب وبشتغل وبعمل كل حاجه عشانهم هما .. واقترب بكفه كي يمسك كفها .. فأرتجفت اناملها بخوف .. فأنحني بفمه كي يطبع عليهم قبله حانيه ناظرا لهاا بحب : مش هتصدقي احنا معزومين علي خطوبه مين بعد اسبوع ، صديقتك اللي جات زارتك من كام يوم ... اصل انا داخل صفقه كبيره اووي معاهم .. وطبعا هشام عزمني .. وبما ان المدام بتاعتي تبقي صاحبتها فأكيد هنروح عشان خاطر عيونها ..
فظل الصمت يحاوط نظراتها ، حتي نظر اليها مازن بأسي قائلا : تصبحي علي خير
وكادت ان تمسك يديه قبل ان ينهض من علي الفراش ويتركها ، ولكن ضمت كفيها النحيله بسرعه وهي حابسه دموعها لتقول بصوت يكاد ان يخرج : انا ليه حظي كده
وسقطت دموعها وهي تتذكر يوم انا جائت لها سميه وهنا لزيارتها بعدما علموا بزواجها ..فأبتسمت وهي تتذكر نظرة هنا العاشقه عندم تذكروا فارس ، وحديث سميه عن هشام .. اما هي فكانت كل ما تتذكره مافعله مازن معها وصدها له دائما .. فسقطت دموعها بغزاره وهي حزينه علي حياتها الجديده التي تعيشها بقلب مجروح وبصوت يكاد ان يخرج بصعوبه
وقفت ثريا جانبه بجسدها الممتلئ لتهندم له عبائته واساورها الذهبيه تتمايل يميناً ويساراً في ايديها قائله بصوت هادئ كي تجعله يلين معاها : هتجبلي امتا السلسله اللي طلبتها منك ياسي منصور
فنظر منصور الي اصابعها الممتله بالخواتم الذهبيه ، ثم تأمل ذراعيها الاثنان ناظراً الي صدرها الذي تملئوه السلاسل قائلا بتهكم : نفسي اعرف ايه سبب حبك للدهب ، هتلبسي اكتر من كده ايه تاني
فأبتعدت عنه ثريا قائله بغضب : اشمعنا بنت زينب بتعلمها زي بناتي، ماكان ابوها هو اللي خلاها تكمل تعليمها احنا مالنا نتبلي بيها هي وبنتها
فنظر اليها منصور بحده قائلا : بنتها اللي بتتكلمي عنها ديه بنتي ياثريا زي ما بناتك برضوه بناتي ، وهي مطلبتش حاجه غير انها تكمل تعليمها .. زي ما انتي برضوه مش بتطلبي حاجه غير المال .. وحسك عينك صوتك يعلا تاني عليا ولا خلاص رجلكي خدت علي بيت ابوكي يابنت شكري
فقتربت منه ثريا بعدما علمت بغلطتها وان كل ما تفعله لا يزيده غير نفوراً منها ناظرة الي عبائتها الحمراء المطرزه بكثره قائله : حلوه العبايه مش كده ياسي منصور .. ثم ذهبت الي دلابها وفتحت احد ادراجه ناظره لذلك القميص ذات اللون اللبني الذي اخرجته من درجها : شوفت انا جيبالك ايه عشان البسهولك مش ده اللون اللي بتحبه عليا
فضحك منصور بشده لما تفعله ، قائلا وهو يغادر حجرتها : ربنا يهديكي ياثريا
لتتطلع اليه ثريا بغضب وهو يغلق الباب خلفه ونظرت الي ذلك المظروف الذي أخرجته من جيب عبائتها، متأمله كلماته التي لا تعرف كيف تقرئها ولكن ما سمعته أذنيها من خادمتها عندما قرئته لها... كفيل بأن يخبرها عندما يقع بين يدي زوجها .. ستجعله يحقق ما تُريد مع تلك المسكينه
فأبتسمت بخبث متذكره وجود ذلك الشاب الدائم امام المنزل، وبالتأكيد كما صور لها عقلها بأنه لا يأتي الا اليها .. خارجه من غرفتها بأبتسامه خبيثه مصطدمه بوجهها قائله بحب مزيف : شكلك تعبانه ياسلمي ياحببتي من الحمل ، اقعدي ارتحي متعمليش حاجه خالص ، تحبي اخلي ام فتحي تعملك كوبايه لبن دافيه بالعسل .. وهاتي البت عنك اشيلها عشان متتعبيش
فتأملتها سلمي بغرابه ومدت لها ذراعيها بطفلتها الصغيره قائله : اتفضلي ياخالتي ثريا
فعضت ثريا علي شفتيها بقوه ، متحمله غلظت تلك الكلمه علي مسمعها ... ناظرة اليها نظرات تُريد ان تسحقها ولكن قالت بحنان مصطنع : اطلعي ارتحي انتي ، ولا اقولك البنات وقفين فوق سطح البيت بيشموا هوا روحي اتبسطي معاهم ، وشوفي الزرع من فوق البيت .. الجو هيعجبك اووي ..
فأبتسمت سلمي لذلك الاقتراح ، فدوماً تمنت مُنذ ان جائت لذلك البيت ، ان تصعد الي سطحه المملوء بأزهريات الزرع ومجلس مرتب للجلوس فيه .. ولكن دائما كانت ثريا تمنعها من ذلك لانها هي الوحيده من تحتل ذلك المجلس هي وبناتها
فصعدت سلمي بسعاده .. لتنده هي علي خادمتها الجديده التابعه لها قائله : خدي الجواب ده يابت ياشوق زي ما اتفقنا ، حطيه تحت مخدة الزفته ديه .. اللهي يطلقها وتغور من وشنا بقي
فتبتسم خادمتها وتذهب لتفعل ما تريد ثريا ، ناظرة ثريا الي الطفله التي تحملها قائله بصوت عالي : يا ام فتحي تعالي خدي البت ديه ، دماغي صدّعت من عياطها ، هو انا نقصاها هي وامها
وقف فارس يتأمل ابتسامتها الواسعه ونظرات اعينها اللامعه لملابس طفلهما القادم فأقترب منها ليضمها من خصرها قائلا بصوت يملئه الحب : بتعملي ايه ؟؟
فأبتسمت له هنا بعدما التفت اليه ومازالت تحمل في ايديها قطع الملابس قائله بصوت تتخلله السعاده : بتفرج علي هدوم ابننا او بنتنا يافارس ، شايف ماما امال جبتله ايه
فضمها فارس اليه بحب ، وانحني بجسده كي يقبلها علي شفتيها .. ولكن أبتعدت هي عنه .. لتبحث عن ذلك الفستان الصغير الوردي قائله : شايف الفستان ده حلو ازاي ، انا نفسي اجيب بنت والبسهولها ، لاء انا نفسي اجيب توأم ويكون ولد وبنت
فضحك فارس بشده علي حديثها ، واقترب منها ثانية ليعانقها قائلا : ياحببتي هو انتي هتقدري علي واحد ، عشان تقدري علي اتنين ... انا راضي بس بواحد عشان اعرف حتي اربيكم انتوا الاتنين
فأبتعدت هنا عنه بوجه عابس حتي داعب هو خصلات شعرها المتناثره علي وجهها قائلا بحالميه : مش عارف ليه كل يوم بحبك وبتعلق بيكي اكتر من الاول ، انتي عاملتي فيا ايه
فضحكت ثم ابتسمت علي حديثه الذي يعبر عن حبه القوي لها ، واقتربت منه لترفع اطراف اصابع قدميها لتعانقه واضعه قبله حانيه علي احد خديه ، مبتعدة عنه قليلاً ناظرة في عينيه العاشقة لها وبصوت هادئ بعدما امسكت بأحد كفيه الرجوليه ووضعتها علي بطنها التي لم تبدء في الظهور : قول لبابا ان احنا بنحبه اووي ،وهو كل حياتنا
فأبتسم فارس لها ابتسامة عاشقه وضمها الي صدره مقبلاً خصلات شعرها اللامعه التي يبعث بها بأيديه
نظريوسف اليها طويلا يتأمل شحوب وجهها الجميل ، حتي ابتسمت له بحب : انت ليه مصمم ، اني اكمل علاجي في المستشفي، ده شوية تعب عادي في معدتي وهيروحوا
فأقترب منها يوسف بحب ، وامسك كلتا ايديها التي ضعفت وظهرت عروقها من المرض وظل يقبلهما بأعين دامعه
فأبتسمت نيره لما يفعله وهي تقول بمرحها المعتاد : اكلت ايدي يايوسف ، وكمان متخفش انا مش هموت يعني ده شوية تعب وهيروحوا ... ثم نظرت الي الادويه التي بجانبها : خلي الدكتور يغيرلي الادويه ديه ، طول اليوم بتخليني نايمه ومبلحقش العب مع فارس واخلي بالي منه ... وتأملت زوجها بعشق قائله : ولا بقيت عارفه اقفشك وانت راجع من حفلاتك ياسيادة السفير
فأختلطت دموع حزنه ، بأبتسامته التي شقت وجهه رغماً عنه ، حاضناً ايها بقوه وبصوت هامس : انتي حياتي كلها يانيره ، من غيرك مش هقدر اعيش
فشعرت بسخونه دموعه علي كتفها العاري ..وأبعدته عنها برفق قائله : انت بتعيط ليه دلوقتي يايوسف ، ياحبيبي انا هروح اعمل فحوصات زي ما انت طلبت مني وهرجعلك متخافش .. عشان نكمل باقي عمرنا سوا
فأبتسم يوسف لها بعدما تمالك دموعه وبصوت يملئه الحب : توعديني اننا هنكمل عمرنا سوا ، ومش هتسبيني لوحدي يانيره
فنظرت اليه نيره بسعاده ، وابتسمت قائله بضحكتها التي تُنير وجهها : مين ديه اللي تسيبك ، انا اسيبك واخلي الزفته لارا تستفرد بيك .. انسوا انتوا الاتنين
فأبتسم علي حديثها بعدما غالب دموعه .. وظل يقبلها بعشق حتي خارت بين يديه ، شاعراً بضعفها .. فأبتعد عنها ليتحسس هو بكفيه وجهها الشاحب ناظراً لها بعشق سنون قد احبها فيها
اصبحت نظراتها الكارهه له .. نظرات شفقة... فأصبح هو يراها في عيونها ، ليغمض صالح عيناه من قوة المرض الذي انهكه وبصوت يكاد ان يُسمع : اطلعي بره يازينب وسبيني
فظلت زينب واقفه للحظات تنظر فيها اليه .. حتي قالت بعدما حبست دموعها : ياصالح تعالا نروح المستشفي بيقولوا في حكيم كويس ، طب اجبلك حكيم
فنظر اليها صالح بأعينه الحاده التي اهلكها المرض قائلا : ومين قال اني تعبان ، انا لسا بصحتي ..
فأقتربت منه زينب .. بخطوات مرتجفه واعين باكيه : ربنا يخليك لينا ياصالح
ففتح صالح جفونه المغمضه من كثرة التعب ونظر لها بنظرة تحمل سنون طويله قد قضتها معه وبصوت ضعيف : ضربتك وعيرتك وهينتك واتجوزت عليكي واستحملتيني .. عرفت ستات غيرك وصبرتي .. ظلمتك كتير وفضلتي تدعيلي .. ثم ابتسم وهو يقول : طول عمرك بنت اصول يازينب ..
فجلست بجانبه .. فأبعد وجهه عنها كي لا تشُم رائحه فمه الكريهه من كثرة القي
اطلعي بره يازينب وسبيني لوحدي
فأدمعت عيناها وهي تراه يتهرب منها بأعينه كي لا يشعرها بمرضه .. فحاول النهوض من علي الفراش كي يثبت لنفسه انه مازال بصحته ولكن .. سقط بجسده القوي الذي اصبح هشاً ثانية علي الفراش ناظرا لها ولنفسه بعجز
عجزت عيناه عن معرفه مايدور بداخلها .. فأقترب منها فارس بعدما احاطها بذراعيه : مالك ياهنا مش راضيه تدخلي الحفله ليه
فنظرت اليه طويلا .. وبعدما ابتلعت ريقها بصعوبه قالت وهي تتأمل عيناه : مبحبش الاجواء ديه ، مش متعوده عليها
فأبتسم هو علي تلقائيتها في الحديث معه واقترب من اذنيها وبصوته الحاني الذي تعشقه : مش هنقعد كتير ، عشان عندي ليكي مفاجأه هتعجبك
فأنصاعت لأمره وابتعدت عنه لتمسك يده بقوه .. حتي سقطت عيناه هو عليهم من بعيد فأقترب منهم بعدما انهي حديثه مع أحد رجالها وظل ينظر طويلا لها .. ثم اشاح بوجهه وهو يري يد فارس تُمد له : مبرووك يامحمود علي افتتاح فرع الشركه الجديده
فأبتسم محمود ابتسامه مزيفه .. ونظر الي هنا بعمق قائلا : نورتي حفلتي المتواضعه يامدام هنا
وكاد ان يمد يده كي يصافحها ولكن يد فارس قد ابتعدت بها وهو يقول بملاطفه : معلش بقي يامحمود انا راجل غيور ومبحبش حد يلمس مراتي غيري حتي لو بلمس الأيد
فأمتقع وجه محمود بقوه ونظر الي نظرات اعينها العاشقه له عندما سمعت كلماته التي تعبر عن غيرته القويه .. وبصوت يتخلله السخريه : اه طبعا عندك حق .. اتفضلوا
وظلت عيني محمود تلتهمها .. وهو يراه يمسك بيدها بقوه وكأنها ملكه هو وحده ..فقذف بسيجارته ارضاً ودهسها بقدميه بغضب وكأنه يريد أن يفرغ طاقته فيها ليسمع صوت نسرين من خلفه : متعرفش بيحبها علي ايه .. حتت بت جات من الريف بعد ماعمها باعها وعاشت معاهم .. وفجأه كده حبها ونسي العالم بيها .. بقي فارس مراد اللي مافيش ست كانت بتقدر انه تجذبه ليها .. جات هي وقدرت
فأبتعدت محمود عنها وعيناه الحارقه مازالت عليهم .. فضحكت نسرين بسخريه قائله : اعترف انك خسرت للمره التانيه وفارس اخد منك واحده عشقتها وعملت منها حاجه ، والتانيه فضلت تراقبها من بعيد .. وحبيتها من صورها .. صحيح هو في حب كده
وظلت تضحك نسرين علي حديثها الذي أثار غضبه ، حتي ألجمتها نظراته القويه التي سحقتها فصمتت وهي تتذكر بأن اللعب مع محمود الهواري لا يصلح
سقطت صفعه منصور علي وجهها الباكي وهي تتأمل ذلك الخطاب الذي قذفه بين ايديها لتقرء كلماته كما قرئها هو .. فجذبها منصور من ذراعيها بقوه ناظرا لها بغضب : من ساعة ما تجوزتك وانا مستحمل نفورك مني ، حقوقي مش باخدها منك غير بالغصب والضرب .. اتغيرت وبقيت حنين عشان اعوضك عن كل الظلم والأسي اللي شوفتيه في حياتك مطلبتش منك غير انك تجبيلي الولد .. حققتلك حلمك اللي عمر ماراجل ممكن يعمله ورجعتك تكملي تعليمك من تاني ... وكل ده وانتي في قلبك حد غيري وبتمنعي نفسك مني عشانه يابنت صالح ..
فسقطت يده مره ثانية علي وجهها وهو يقول بجمود : لدرجادي شيفاني راجل عجوز ومش طايقه العيشه معايا
فنظر اليها بقوه وبصوت يملئه الغضب : هتولدي وهتمشي من البيت ده .. وولادي انا اللي هربيهم ومن اليوم ده هتفضلي محبوسه في اوضتك وابقي وريني هتتقابلوا ازاي .. بتستغفليني ياسلمي
فسقطت بجسدها الضئيل تحت قدميه ، حتي اقترب فمها الذي اختلط بالدماء من حذائه قائله : ابوس رجلك متعملش فيا كده يامنصور ، والله انا مظلومه ومعرفش عن الجواب ده حاجه
فضحك منصور بسخريه : لاء والافندي كل يوم واقف تحت البيت .. عشان يستني نظره من عيونك السود ياهانم ..
انطقي اتقبلتوا واستغفلتوني كام مره .. ثم نظر لها بقوه : صحيح هستني من واحده ابوها بيبيع عياله ايه .. اكيد قلة الاصل داء فيكم
فنفضها من بين ذراعيه بقوة حتي ارتطمت في الحائط .. وكاد ان يركلها ببطنها ، ولكن عندما وجدها تضع يدها عليها لحماية جنينها من ركلته .. ابتعد عنها وهو يتصبب عرقاً : انتي ...........
وكادت ان تُنطق من لسانه تلك الكلمه ولكن بكائها واعينها الراجيه جعلته يتماسك بصعوبه وهو يضع بيده علي قلبه وبصوت متهدج : هتفضلي في الاوضه ديه مش هتطلعي منها ، هحبسك ياسلمي .. لحد ماتولدي
فزحفت بجانبه حتي وصلت الي طرف عبائته :متعملش فيا كده ربنا يخليك يامنصور .. انا محبتش ولا عرفت راجل غيرك انت كل حياتي ، متحرمنيش من حنانك وعطفك
فضعف وبكي وهو يراها مذلوله تحت قدميها .. فنفض عبائته قبل أن يستسلم لضعفه معه .. وذهب وتركها تنظر للأرض بأنكسار وهي تردد بوجع قد أنهكها : والله مظلومه يامنصور
وقفت ريهام تتأمله وهو جالس يقرء في أحد الكُتب وفنجان القهوة أمامه ، فأقتربت منه وهي تُلامس بقدميها الارض ببطئ ، لينظر لها هو بنصف عين حتي لا يري نفورها الدائم منه .. فظلت هي واقفه في تلك المسافه التي أتخذتها بينهم وبصوت متقطع : طب لو انا بدأت حياتي معاك زي اي زوج وزوجه .. تفتكر هقدر انسي اللي عملته
فأبتسم لسماع صوتها الذي حرمته منه طيلت الثلاث شهور التي قضوها سويا ..فنهض مازن من علي مقعده وضم وجهها بين كفيه : متنسيش ان انتي اللي خلتيني أفقد شعوري ، عارفه يعني أيه لحد دلوقتي يبقي صوتك وصورتك قدامي وانتي بتقوليلي بتحبي غيري .. انا كل يوم بفضل أفكر واقول ياتري ديه كانت حقيقه ولا كذبه .. بس لحد دلوقتي مش عارف اوصل لأجابه
فدمعت عيناها ، حتي خارت قواها بين يديه ,وبصوت يملئه الوجع : كل واحد فينا أكيد بيكون ليه عالم صنع فيه حياته اللي نفسه يعيشها ، وبيفضل يدور علي الأشخاص اللي نفسه يدخلهم جوا العالم ده عشان يعيشوا فيه معاه ، بس في شخص واحد هو اللي بيدخل بيه لعالم جوا العالم الاول اللي كان صنعه .. انا بقي فضلت ادخل كل الناس اللي نفسي يبقوا معايا في العالم ده .. بس الحقيقه اللي اكتشفتها ان العالم التاني بتاعي انا واميري الاسطوري لسا مدخلنهوش سوا .. أكيد اللي بقوله ده جنون .. بس انا بدور علي اميري وسط وشوش كتير بس مش قادره الاقيه ... ثم مدّت ريهام يديها اليه وهو مدمعة العينين : هتقدر تدخل معايا العالم ده ونبقي انا وانت فيه وبس
فلمعت عين مازن بالسعاده قبل أن تشق طريقها الي وجهه الذي قد أصبح مُشعاً بضوء الحب وبصوت يتخلله الامل : هقولهالك بغروري اللي ديما بتكرهيني بيه وانا بتصنعه ، هقدر وهكسب الفرصه ديه وبجداره كمان.. وهخليكي أسعد ست في الكون
فأبتسمت ريهام لأعترافه بغروره .. فضحك وهو يتأملها : فيكي جمال غريب اووي ، مشوفتهوش في أي ست قبل كده .. ولا الجمال ده هو جمال القدر عشان يجمع كل واحد بنصيبه
فرفعت ريهام عيناها كي تتأمله وبصوت يملئه الحنان قال : تحبي نتعشي بره سوا النهارده
فلمعت عيناها ،وهي تحرك رأسها بالموافقه متأمله زوجها لاول مره بأعين بدأت تحنّ وتعشق نصيبها .. فنظرت الي وسامته وجمال هيبته .. حتي أبتسمت ليبتسم لها هو بعدما قبل يديها بحنان
أغمض عيناها وصار بها وهو ممسك بيدها فدخل بها ذلك المكان الذي خُصص لهم وحدهم ، فوضعت هنا بيدها علي تلك العصبه التي يغمض بها عينيها وبصوت ضعيف سألته : فارس احنا فين ؟؟
فضحك فارس علي فضولها هذا وبصوت عاشق وهو يزيل عنها تلك العصبه : كل سنه وانتي طيبه ياطفلتي .. النهارده بقي عمرك واحد وعشرين سنه
فأبتسمت هنا له بعشق وهي تتأمل المكان حولها .. رغم الاضاءة الخافته ولكن جمال المكان قد ظهر في زينته وشموعه : النهارده عمري سنه .. عشان ديه اول سنه لينا مع بعض .. لتهبط دموعها وتزيلها سريعاً من علي وجنتيها وهي ناظرة له بأعين دامعه : تفتكر السعاده ديه هتدوم يافارس وهنفضل كده
فأبتسم فارس وهو حاضن وجهها بين كفيه ، ثم امسك ايديها ليُمدد اطراف اصابعها قائلا بحنان : شايفه صوابعك ديه شبه بعض ... فنظرت اليه هنا بغرابه حتي تابع حديثه وهو يبتسم : طبعا لاء في الطويل وفي القصير وفي المتوسط .. اهي الحياه كده ياحببتي يوم هتبقي السعاده كامله ويوم السعاده هتقل ويوم تاني هيبقي فيه حزن .. وبعدين ترجع السعاده لينا من تاني وهكذا ... ولا سعاده بتدوم ولا حزن بيدوم كل حاجه ليها مراحل من عمرنا ... بس اللي هيفضل هو حبنا وده اللي بأيدنا نزرعه ونكبره ..
فأبتسمت هنا عندما احست بكل كلمه من كلماته تسير في عروقها ، وبدأت انفاسه تقترب منها حتي قبلها بحنان علي احد خديها وضمها من خصرها كي تلتصق بصدره القوي... فأغمضت هنا عيناها وهي تاركة كل شئ وراء ظهرها لا تفكر بشئ سواه وفقط
لتنطق من بين شفتيها .. قبل ان يغيبوا معاً في تلك الرقصه الهادئه : بـــــحــــبـــــك يافارس
لتدق تلك الكلمه أجراسها وسط نغمات الموسيقي .. وتُلحن الغنوه لهم فقط وكأن الشاعر كان يعلم بمن سيهدي كلماته
فـــرق السنين بين أي اثنين مالـــوش مكـــان عنـــد العـــاشقين وبشوفني دايما جوا عينين في أحلى عمر عاشوه حبيبين دا العمر عندي ابتدا وياه عشان ما عشتش قبل لقاه وصحيح ما بينا سنين وسنين لكن ما حسيتش وأنا معاه
فرق السنين فرق السنين
تعبت ياما ورحت وجيت وشفت ياما عيون وهويت لكن ما حبيتش في عمري ومعاك وبس بقول حبيت أيوا السنين فاتت قبلك وعرفت ناس قبل ما أقابلك لكن كاني باستناك باستناك العمر كله كله بشتاقلكالحب خدنى فى شوق لياليه .. نسانى كنت انا قبلك أيه نسانى عمرى وادانى .. عمرى الجديد اللى بعيش فيه قدمتلى الدنيا فى حبك .. قربتلى الجنه بقربك كل اللى بتمناه أوفيك أوفيك على قد حنية قلبك
(ورده)