رواية عشقت فتاة المصنع الفصل السادس عشر16بقلم صفاء حسني

رواية عشقت فتاة المصنع بقلم صفاء حسني
رواية عشقت فتاة المصنع الفصل السادس عشر16بقلم صفاء حسني
في لحظة انفجار المشاعر، كان صوت مؤمن خارج عن هدوءه المعتاد، كل كلمة طالعة من قلبه كأنها نار:

مؤمن (بعصبية ووجع):
= للدرجة دي شايفاني وحش وقليل الأصل يا إيمان؟!
من قالك تضغطي على نفسك وتحميلي نفسك فوق طاقتك؟!

وقف قدامها، ملامحه اتبدلت من الغضب للحزن، صوته هدي شوية بس بقى أعمق:
= عشان عقلك دايمًا بيفتكر كلام رهف صح؟ بس للأسف… إنتِ مضحوك عليكي يا إيمان.
رهف سممت عقلك عشان مصلحتها مش أكتر. صورتلك إني راجل وحش وكل همّي معدتي وخلاص… صورتني قدام أمّي وأمّها وإنكِ صورة الراجل المعقد اللي ما يفهمش في هرمونات الست ولا يحس بتعبها… عشان تصعبوا عليها وتخدموها.
لكن أنا مش كده…

قرب منها خطوة، عنيه فيها وجع وصدق:
= ومنكرش إن كان في مشاكل مع رهف، بس مش عشان أكل أو شرب أو إهمال رغم إن ده حقي… مشكلتي الحقيقية إن قلبي حبك إنتِ. كنت بدوّر عليكي إنتِ.
ولما وقعتِ ما بين إيدي يوم الحفلة… ريحتك فضلت في عقلي… صوتك، نظرة عينك… فضلت أدور عليكي في المدرسة.

شد نفس طويل كأنه بيرجع شريط عمره:
= وقتها رهف كانت بترقب كل خطوة ليا.
أخدت لبسك وركبت عدسة نفس لون عينك، تقمّصت شخصيتك…
فضلت أربع سنين حاسس إن اللي قدامي مش إنتِ.

حط إيده على صدره وهو بيتكلم بوجع حقيقي:
= بس واجب الجميل إنها وقفت قدام الموت عشاني… ده اللي خلاني أقرب منها واتجوزتها.
لكن دايمًا كنت حاسس إن في حاجة غلط…
علشان كده كنت بتلكك ليها… لحد ما قلبي شافك قبل عيني…
وقتها رهف فهمت إني نهيتها معايا قربت فصورتلك كل حاجة وحشة عني…
سممت عقلك وعقل أمي ضدك وضدي.

إيمان كانت قاعده قدامه، الدموع محبوسة في عينيها، قلبها بيتخبط جوه صدرها. حسّت بكلامه زي سكاكين بتمزّقها من جوه، بين الشك والوجع، بين الخيانة والحب اللي مش عايزة تعترف بيه.

إيمان (بتصرخ والدموع نازلة):
= بس إنتِ سبتني أصدق! إنتِ واقف ساكت وسايبني أعيش في شك قاتل، كل يوم وكل لحظة! ليه يا مؤمن؟ ليه ما فتحتش قلبي من الأول؟ ليه خليتني أتعذب؟

قرب منها مؤمن بسرعة، صوته اتكسر وهو بيحاول يلمس إيدها:
= كنت مستنيكي إنتِ اللي تصدقي قلبك مش الناس، كنت عايزك تحسي بيا… أنا ما كنتش قادر أفتح كل الأوراق عشان رهف كانت لسه ماسكة خيوط اللعبة.

إيمان هزت راسها بعناد، قلبها بيتقطع، صرخت وهي بتبعد إيده عنها:
= لأ… إنت اخترت تسكت! اخترت تسيبني أتوجع! عشتني في رعب، وأنا كنت عايشة معاك ونص قلبي ميت خايفة اغلط خايفة اقصر الخوف كان مسيطر عليا 

مؤمن رفع صوته لأول مرة وهو عاجز يسيطر على نفسه:
= عشان بحبك يا إيمان! بحبك… وما كنتش عايز أخسرك زي ما خسرت نفسي أربع سنين!قولت العشرة هتعرفك مين انا 

سكتت فجأة، كأن الكلمات دي وقعت عليها زي صاعقة. الدموع نزلت أكتر، حاولت ترد، بس صوتها خرج هامس:
= بتحبني؟! بعد كل ده… بتحبني؟

مؤمن قرب منها، صوته هادي ومليان وجع وحب في نفس الوقت:
= بحبك من قبل ما أعرف اسمك… من أول مرة قلبي شافك، ولسه… ولسه يا إيمان. احبك ل آخر يوم في عمري 

كانت إيمان لسه في حالة تعب بعد الولادة، جسمها منهك وعقلها مشتت من الشك. فجأة لمحت إن بنتها مش موجودة حوالينها.
رفعت راسها بسرعة وبصوتها المرتجف قالت:
– فين بنتي؟ فين بنتي يا مومن؟

مومن انتبه لارتباكها، حاول يهدّيها وهو بيرفع إيده بهدوء:
– متخافيش يا إيمان… بنتك في أمان.

صرخت فيه إيمان وهي بتحاول تقوم من السرير رغم وجعها:
– أمان إزاي؟ وإنت تعرفها منين أصلاً؟ مين اللي قالك عنها؟

في اللحظة دي دخلت زينب بسرعة وهي ماسكة الطفلين علشان تهدي الجو، بصوت ثابت لكنها ناعمة قالت:
– حضرتك متخافيش يا إيمان. أنا مزروع في جسمي جهاز تتبع وكاميرا، يعني أي خطوة بنعملها متراقبة. زياد بيتابع كل حاجة من بعيد عشان أمانك وأمان ولادك. علشان كده خرجت بالطفلين من الأول… حضرتك بالوضع ده كنت لازم اخرج عشان متظهريش في الكاميرا  

إيمان بقت عينيها بين زينب ومومن، الدموع على خدودها والخوف باين على ملامحها:
– جهاز تتبع؟! يعني كل اللي بيحصل حواليا متصور؟!

............... 
كان سايق زياد وبدأ يفتكر كل حاجه 
 وقت التحقيق مع الشخص إلا كانت عايشة معه ايمان أبوها أو الا كانت فاكره أبوها وهو بيحقق معه 
فلاش باك 
الغرفة كانت ضيقة، نور النيون الأبيض بيعكس على وش زياد، وهو ماسك ملف قديم متاكل الأطراف.
صوت زياد كان حاد وهو بيقول:
= إنت فاكر إنك هتهرب بعمايلك؟ تزوير في أوراق رسمية باسم محمود عبد الحميد، مدير فرع في شركة بترول، وتاخد مكانه وتشتغل هناك وكمان تسكن في مجمع الشرطة لان الشركة ليها حصة فيه، وتعيش وسطهم عشان تخطف أولادهم وتقتلهم؟

زياد قرب منه، عينه فيها لهب وهو بيصرّ:
= انطق… اسمك الحقيقي إيه؟ وقول حياتك من يوم ما خرجت من بطن أمك… فاهم؟

الراجل ضحك بسخرية وهو راجع بكرسيه لورا، إيده مربوطة بس بيحاول يظهر إنه مسيطر:
– مش هتكلم… أنا فاهم هما ليه جابوني هنا، عشان أقرّ على كل حاجة. بس أنا بحري واسع… ولسه معايا خيوط للنجاة من الموت.

زياد دق بإيده على الترابيزة بقوة، صوته عليّ أكتر:
= ومدام بحرك واسع ومعاك خيوط اللعبة زي ما بتقول، ليه رافض تتعاون معانا؟ مكسبك إيه غير إنك تفضل مسجون؟ طيب ابنك حسن ذنبه إيه؟ وزوجتك اللي ضحكت عليها ببنت مش بنتها؟ كنت عارف إن إيمان مش بنتك، ورغم كده كملت في غشك!

الراجل شد نفسه لقدام، عينه فيها لمعة غضب وهو بيرد:
– لا طبعًا… أنا مكنتش أعرف إن إيمان مش بنتي. لكن كنت حاسس… لأنها كانت مختلفة عن كل اولاد وبنات التنظيم  . كانت دايمًا تخسرنا خططنا… وإنت عارف القصة من الأول… إنها كانت عايشة ما بين جدران الحب … وخانتني.

قال آخر كلمة ببطء، وصوته اتكسر:
– خائنة خلف جدران الحب.

زياد حس بالصدمة وهو بيسمع الجملة الأخيرة، وصدى الكلمة فضل يرن في ودانه…
دي كانت أول مرة يسمع التعبير ده من الشخص ده، واللي هيفتحله بعد كده خيط السر اللي هيوصل لزينب.

زياد فقد أعصابه، صرخ وصوته هزّ جدران غرفة التحقيق:
= يعني إنت أطلقت عليها الاسم ده؟! خائنة خلف جدران الحب… رغم إنها ما شافتش منكم أي حب، بالعكس… عاشت في خوف وقهر! وبجاحتك إنت ورهف، تسرقوا أطفالها وهما لسه أجنة في رحمها، وتزرعوهم في رحم رهف! فين الدين اللي بتنادوا بيه؟! فين الشعارات الكاذبة اللي كنتوا بتتاجروا بيها؟!

الراجل ابتسم بسخرية، ابتسامة باردة وجارحة، وقال بثبات:
– إنت عارف إن بسبب المقولة دي… اتدمرت حياة تلاتة أشخاص، مش شخص واحد.

زياد اتجمد لحظة، وبعدين صرخ تاني وهو بيخبط بإيده على الطاولة:
= طلع اللي عندك! إنت عايز تتكلم؟ اتكلم… واعتبرني هحسبك شاهد ملك. لكن لو عندك حاجة تتسمع… قولها دلوقتي، قبل ما تضيع آخر فرصة ليك.

الراجل ميل برأسه، كأنه بيوزن كلامه، وعينه لمعت بحاجة غامضة… وكأنه عارف إنه ماسك خيط خطير، خيط ممكن يقلب الطاولة على الكل.

محمود بصّ لزياد بابتسامة باهتة، وقال بهدوء خبيث:
– هقولك السر اللي يخليك تمسك الخيوط كلها ببعضها… بس عندي شرط.

زياد قرب بجسمه لقدام، صوته اتغير وبقى مليان قلق وغضب:
= شرط إيه؟!

محمود رفع حاجبه وقال ببرود:
– تخلي القاضي محمد، والنائب عماد، وصديقهم التالت فاروق… يعرفوا إن السبب في دمار حياتهم وخطف أولادهم هو نفس الكلمة اللي إنت بنفسك قلتها من شوية.

زياد اتلخبط، عيناه ضاقت وهو بيصرخ:
= إيه الكلام الفارغ ده؟! أوضح إزاي أولادهم التلاتة اتخطفوا؟! إحنا عارفين إن إيمان بنت عماد… بس!

ضحك محمود بسخرية خبيثة، وقال بصوت واطي تقيل:
– إيمان؟! دي آخر عقاب. لكن اللعبة أعمق من كده. القاضي محمد… كان المفروض يخسر أولاده الاتنين، لكن الحظ لعب معاه وانخطفت بنته بس. أما فاروق… فابنه اتخطف.

زياد حسّ بدقات قلبه بتخبط في صدره، اتصدم، صوته خرج متقطع:
= ب… بنته انخطفت؟! يعني… يعني مومن عنده أخت؟!

هزّ محمود رأسه ببطء، وعينه بتلمع كأنه بيستمتع بالوجع اللي زرعه:
– قول توأم. هما كانوا توأم يا حضرة الضابط… واحد عاش والتانية اتسرقت.

الصدمة شلت زياد مكانه، عقله بدأ يربط أجزاء الصورة، والعرق نزل من جبينه وهو فاقد القدرة على الكلام.

زياد خبط إيده على الطربيزة بقوة، صوته اتفجر في أوضة التحقيق:
= كمل قول! فين أخت مومن؟!

محمود اتكأ بظهره على الكرسي وابتسم ابتسامة باردة، فيها تحدي واستفزاز:
– كفاية عليك المعلومة دي دلوقتي. إنت مش بسم الله عليك ظابط كبير؟! دور وابحث… أكيد هتعرف توصل.

زياد عروقه كانت باينه من الغضب، عينيه متسعة وصوته بيرتجف:
= إنت بتلعب لعبة قذرة يا محمود، وإياك تفتكر إنك هتخرج منها سليم.

ضحك محمود بسخرية وهو يهز رأسه:
– بالعكس… أنا اللي ماسك الخيط. وقت ما توصل… ساعتها تجيب عماد، ومحمد، وفاروق قدامي هنا عشان أواجههم بكل حاجة.

زياد بص له بريبة:
= وده مقابل إيه؟

محمود غمض عينيه لحظة وقال بثقة:
– قبل ما أفتح بقي بالكلام كله… يضمنولي خروج من السجن، وسفر بره البلد مع مراتي وابني… وشغل ثابت في دولة عربية.

زياد اتجمد مكانه، حاسس إن محمود مسك ورقة ضغط خطيرة، وإن كل كلمة قالها ممكن تقلب الدنيا فوق دماغ الكل.
---

🔹 بعد أيام من البحث والتحقيق

مرت أيام تقيلة على زياد… غرق في ملفات، وأرشيف، وسؤال أطباء وممرضين قدام، وكل مرة يوصل لطريق مسدود يرجع يحاول من أول وجديد. الإرهاق بان على ملامحه، بس الأمل ما فارقوش لحظة إنه يوصل للحقيقة.

وفي يوم… دخل الضابط المسؤول عن المتابعة، سلّم التحية بجدية وقال:
– طلع فعلاً يا فندم… مدام ياسمين كانت حامل في توأم.

زياد اتجمد مكانه، قلبه دق بسرعة، عينيه فتحت أكتر:
= كمل الظابط .

– كان في محاولة خطف للطفلين… لكن اللي حصل إن تم خطف طفلة واحدة بس. وبعد كده، اتسلمت لواحد من الفيوم.

زياد قعد مستقيم على الكرسي، صوته فيه اهتمام وقلق:
= إيه علاقة الشخص ده بالممرضة؟

الظابط – فيه قرابة من بعيد يا فندم. وبعد البحث، اكتشفنا إن الشخص ده مات من فترة. والزوجة… اتسجنت في قضية خطف أطفال، وكان فيه شك إنها متورطة في تجارة أعضاء.

زياد اتصدم، ضرب المكتب بإيده وهو بيقول:
= إنت بتقول إيه؟! يعني الطفلة … أعضاها اتباعت؟!

الضابط بسرعة هز راسه نافياً:
– لا يا فندم. بعد التحريات، اتأكدنا إن الزوجة خدت الأطفال اللي كانوا في دار أيتام عشان تراعيهم، لما اكتشفت إن الدار دي نفسها متورطة في بيع أعضاء. وطبعا لما كشفتهم  هي اللي اتلبّست التهمة، وقضت كام سنة في السجن… لكن بعدها طلعت.

زياد نفخ بقهر، عينيه بتلمع بغضب وقلق:
= بالمختصر… الطفل فين؟!

الضابط تنهد وقال ببطء وكأنه عارف وقع الكلمة:
– هي بنت يا فندم… وعايشة في إسكندرية. هربت من الدار هي وباقي الأطفال بعد ما الست دي اتسجنت.
عاشوا فى اسكندريه واصبحت تشتغل في مصانع 
زياد اتسند على ظهر الكرسي، حس قلبه بيقع من مكانه. لمعة الأمل دخلت عينيه لأول مرة بجدية… بنته التانية موجودة ولسه عايشة.

--
أكمل الظابط 
البنت دي من وهي عندها 12 سنة وهي بتشتغل في مصانع.

لكن اليومين ده اتنقلت تشتغل في أتليه مع مصممة ملابس في القاهرة.

زياد اتصدم إنها  في القاهرة دلوقتي، وده قرب المسافة بينه وبين الحقيقة.

راح المعرض يتابعها كأنه زبون عادي 

بدأ يراقبها أيام طويلة وشاف مضيقتى جاسر وعمل تحرياتها  لحد ما عرف إنها راحت مطعم على النيل.

باك

كان زياد بيتكلم مع نفسه وهو قاعد في مكتبه، ملامحه كلها توتر وتركيز:

"وقتها طلبت منك يا مومن تيجي تقابلني هناك… ولما شافوني الخناقة، ساعدتني. كنت لازم أخليها تثق فيّ. وبعد كده فهمتها إنها هتشتغل معايا… وأنا في نفس الوقت كنت محتاج أحط ليها جهاز مراقبة. وفعلاً، حطيت الجهاز."

اتوقف لحظة وهو بيشعل سيجارة، ونبرته بقت أهدى لكن مليانة قلق:

"طلبت من الدكتور يسحب عينة دم عشان تحليل الـDNA… والأحداث كلها وصلت عندك. والغريب إن اللي ساعدني يكمل الخيوط هو صديقها… لما كشف موضوع خطفها. وده اللي محيرني."

رفع عينيه في الفراغ وكأنه بيكلم حد مش موجود:

"دلوقتي التحريات كلها عن عصام… ولو طلع شكي صح، هتكون الصدمة كبيرة. رغم إن كل الإشارات بتقول إنها… نفس القصة اللي قالتها رهف قبل كده… وقالها عصام… متشابهة لدرجة تخوف
تعليقات



<>