بعد فترة مسلم رجع البيت، وكله بيهتم بيه، حتي مرات عمي فاقت بعد ما مسلم فاق علطول الحمد لله، أنا حالي لسه واقف زي ما هو متغيرش مازلت تايهه وبتصرف بغباء دايمًا وكإني مش فاهمه الدنيا ماشية إزاي.
- سرحانة في إيه؟
- مفيش بس بحاول أفهم دماغي كدا.
- يا حبيبة محدش فاهم دماغك ماشية ازاي، فهميني اي اللي بيدور في عقلك طيب!
-نورا، الموضوع تافه جدًا بس دماغي متكركبة علي مفيش بجد.
- ليه بتكبري المواضيع يا حبيية؟
-دماغي كدا!
- من موضوع مسلم؟
- موضوع إني مش مرتاحة عمومًا مش فاهمة أنا عايزة إي ولا عارفة أقرر حاجة، بتضايق علي الفاضي، وبعمل مشاكل علي مفيش، الدنيا معقدة، مش عارفة موضوع مسلم ده أنا كبرته أوي؟!
نورا طبطبت علي ضهري- اهدي يا حبيبة، محتاجة تقعدي مع نفسك شوية تفهمي ليه بتعملي كدا، تحاولي توصلي لقرار وتتصالحي مع نفسك.
- إزاي؟
- إي الموضوع اللي شاغلك يا حبيبة؟
- مواضيع كتير..!
- ممكن نركز علي موضوع واحد بس.
قلت بسرعة- مسلم.
- طيب اي اللي شاغلك؟
- مش عارفة يا نورا، أنا متضايقة منه، وفي نفس الوقت صعبان عليا حالته ومشفقه عليه جدًا.
- طيب ما إحنا كلنا مشفقين عليه يا حبيبة.
- ماشي بس إنتِ ما اتجرحتيش منه زيي؟!
-بس إنتِ غلطتي برده.
- عندك حق وأنا معاكِ، بس ميلعبش عليا اللعبة دي!
-هو ملعبش هو اضطر.
- بس ما قاليش وده في حد ذاته يعتبر وكإني هامش في حياته.
- معاكِ حق، وليه منفكرش مثلًا إنه معاه أسباب تخليه ميقولكيش؟
- لأ معتقدش.
-التمس لأخيك سبعين عذر!؟
- طيب يا نورا، ايه اللي ممكن يخليه ميقوليش؟
- جنانك مثلًا!
- أنا مجنونة؟!
تمام هلتمس ليه عذر وده آخر عذر هلتمس له، قامت هي علشان تشوف هتعمل اي، وأنا نزلت عند عمي أشوف مرات عمي هتحتاج حاجة ولا إيه، مرات عمي بس.
- بقالك يومين منزلتيش يا حبيبة!
- معلش يا مرات عمي والله أنا مش قادرة أصلًا.
- مالك بس.
- مفيش بس هبطانه شوية.
-مش بتاكلي ليه!
- باكل والله بس نفسي بتتسد بسرعة.
مسلم كان قاعد في الصالة قاعد نايم يعني، ممد الرجل المكسورة ومشعلق الإيد المتجبسة في رقبته، ولافف راسه، شكله فعلًا غريب مش مسلم ده لأ.
- بتبصيلي كدا ليه؟
- ها!
- عاجبك وضعي يعني؟
- لأ طبعًا مش عاجبني.
حطيت إيدي علي بوقي بسرعة بعد ما قلتها- قصدي يعني أكيد مش هيعجبني منظر واحد متكسر يعني وبيتألم يعني.
- حبيبة أنا عايز أتكلم معاكِ في موضوع مهم.
- لأ مينفعش علشان حالًا وقت الغدا.
كنت عايزة أهرب بسرعة، رغم إن مامته قاعدة أصلًا بعد ما جابت الأكل وقعدت قدامه علشان هتأكله.
- هقولك الموضوع بإختصار.
- موضوع إي؟
- بطلي استعباط بقي!
- آه مسلم مفيش مواضيع خلاص بقي.
- اسمعي..
حطيت إيدي علي ودني- لأ مش هسمع حاجة.
- طب قومي من هنا.
قمت بسرعة علشان أنا مش حابة افتح الموضوع ده تاني هو ما زال مصر علي إنه يفهمني،لحظة يفهمني لالأ لازم أرجع.
- كنت بتقول إي؟
- في إي!
- الموضوع يعني المهم اللي كنت عايز تتكلم فيه.
- لا أعتقد نسيت.
- طيب براحتك أنا ماشية.
حس إني همشي فعلًا فنادي عليا تاني- اقعدي يا حبيبة خليني أفهمك.
- ماشي هه.
- من غير هبل وعبط اسمعي بس!
- هسمع بس حاضر.
- حكيتلك الموضوع كله تقريبًا..
قاطعته- انجزني وخلص..
- هو بصراحة يا حبيبة أنا مقولتلكيش علشان رده فعلك!
- نعم؟
- ردة فعلك يا حبيبة، كنت هقولك هتعاندي أكتر معايا.
- أنا؟!
- نعم يا أختي؟!
- أنا اصلًا كنت بقولك نفسخ الخطوبة أنتَ بتقول إيه؟
- وقت ساعتها يا حبيبة هتعاندي وتقولي لأ.
- مش معقول بجد، هو ده السبب يعني؟
- أيوا.
- ملكش حجة عندي مازلت مش شايفاك غير إنك ضحكت عليا.
- طب علشان أنا متكسر؟!
- فيروز مجاتش يعني؟
حسيت إنه اتضايق كدا- جات مرة وخلاص كتر خيرها.
- اتضايقت ليه يعني دي خطيبتك!
- قومي ياحبيبة إنتِ كمان كتر خيرك.
- معقد أوي.
ولا أنا فاهمة اي حاجة، والدنيا عمالة تتكركب فوقي، قمت طلعت ومازالت مش قادرة حاسة إني عايزة أترمي علي السرير.
- حبيبة براء سافر إن كنتِ هتروحي عند عمتك.
نطيت من علي السرير بسرعة ده هتبقي أحلي خروجة- حالًا هجهز شنطتي.
ضحك أنس عليا وهو واقف علي الباب- مجنونة بجد.
- طرقني بره علي ما أغير هدومي.
- هتروحلها المغرب؟؟؟
- مازلت مش فاهمة فين المشكلة.
- أنتِ لوحدك مشكلة يا حبيبة، ده بجد.
- اسكت واخرج بره.
قال أنا مشكلة قال، أنا مشكلة ده أنا بلسم ياني بجد، جهزت شنطتي وأنس نزل علشان يشغل العربية، وأنا بسلم علي ماما وبابا ونورا وكإني مسافرة بجد ونزلت سلمت علي عمي ومرات عمي، ومسلم كان مازال في الصالة قاعد نفس القاعدة.
- إنتِ يا اللي ماشية إنتِ.
بصيت لعمي- ها، هو بيكلمني أنا؟
مسلم اتضايق واتنرفز وقال بعصبية- أمال بكلم نفسي؟
اتكلمت ببرود وأنا بكلم عمي- ممكن يكون بيكلم نفسه يعمي، أما أروح علشان هتأخر علي أنس تحت.
- والله؟
- لا إله إلا الله، في إي؟
عمي اتدخل علشان يهديه- اسكت يا مسلم بقي سيبها تمشي.
- هي راحة فين؟
- رايحة عند عمتها يا مسلم.
- ليه؟
قلت بعصبية- هو تحقيق، أنا إي اللي موقفني هنا أصلًا يلا يا عمي مع السلامة.
نزلت علشان مسمعش حاجة من الزعيق اللي بيزعقه، وأنا بضحك بصراحة إني ضايقته، خليه يدوق شوية برود من اللي هو كان فيه.
- يعني إي هي ازاي تكلمني كدا؟
عمي بصله بضيق وهو بيقعد قصاده- في إي يا مسلم هي غلطت؟ إي حركات الاطفال دي؟!
- إنتم لسه شوفتو حركات أطفال، أما تيجي بس!
عمي قاله باستغراب- إنتَ بينك وبينها تار ولا إي، مش أنتَ خاطب ملكش دعوة بيها بقي!
مسلم علي صوته- يخربيت الخطوبة اللي إنتم ماسكين فيها دي، أنا مخطبتش وربنا!
- الله الله، بتعلي صوتك عليا يا محترم؟
- أنا آسف يا بابا بجد مقصدش، بس إنتَ عارف أني مخطبتهاش.
- أيوا عارف بس مش فاهم إي الحوار يعني؟!
- خلي كل حاجة لوقتها يا بابا أنا متجبس دلوقتي.
- يعني إنتَ مجبس بوقك ولا إي متنطق ياض! أنت هتكبر عليا؟
- طب بقولك إي، هات كوبايتن قهوة وتعالي أحكيلك.
مسلم طبعًا مكانش هيقول، بس أكيد بيهرب من الموضوع مش أكتر، لإن عمي حس إن فيه حاجة مستخبية.
لما وصلت عند عمتي، كنا بقينا بعد العشاء، الجو هناك جميل قصاد النيل وحاجة كدا تووحفة جدًا راحة نفسية عمومًا.
- خدي بالك منها يا هاجر دي ممكن تغفلك ومتاكلش.
ضحكت عمتي وقالت- لا متخافش يا أنس دي هشيلها في عيوني دي الغالية.
-والله إنتِ اللي غالية يا عمتو، بس قوليلي مليكة فين.
- هتلقيها في المطبخ يا حبيبتي ادخلي تعالي ليها.
- داخلة من غير ما تقولي يا عمتو، البيت بيتي.
المفروض العكس بس ماشي البيت بيتي فعلًا، دخلت لقيت مليكة بتحاول تعمل كيكة وكدا، ومكركبة الدنيا فعلًا حوليها.
-بتعملي اي كدا!؟
-أخيرًا يا أختي نورتي!
- معلش بقي كنت بتخانق شوية.
- مسلم أخباره إي بقي كويس؟
- أيوا بقي كويس.
- وإنتِ كويسة؟
- يختي ما أنا قدامك زي القردة أهو!
- شايفاكِ قردة فعلًا.
بصيت علي الكيكة اللي هي بتحاول تعملها، حاجة كدة في الصنية عجينة صفرا.
- ألا ده إي يا بنت عمتي؟
- شايفة إي يا بنت خالي!
-مش شايفة!
- اسكتي علشان منغلطش بقي.
- تعالي سيبي اللي بتعمليه وخلي أمك تعملها أفضل، وتعالي بره نقعد نرغي شوية.
وبالفعل، سابت المطبخ المتكركب وطلعنا فوق بقي لأوضتها لإن بيتهم ماشاء الله واسع ودورين متصلين ببعض بسلم.
- ها هنرغي في إي؟
- أي حاجة يا ستي.
- مش إنتِ اللي طلعتيني هنا علشان نرغي؟
- خلينا ساكتين ونتفرج علي المناظر التحفة.
الدنيا كانت ضلمة واحنا قاعدين في البلكونة، النور اللي في البر التاني منعكس علي النيل ف مخليه له منظر كويس وتحفة.
سكتت مليكة شوية وبعدها قالت- شايفة إنك متلغبطة بسبب موضوع مسلم.
