
رواية عزبة الدموع الفصل الثامن والعشرون28 بقلم داليا السيد
مجرمة
انتبهت إلى النيران التي أحاطت بها من كل جانب ولكن بعد أن وصلت إلى العامل الذي كان قد أصيب بقدمه، استند إليها وقالت وهي تتصبب عرقا من حرارة الجو والسعال من الدخان "علينا أن نجد أي مخرج من هنا"
تألم الرجل من قدمه وقال "اذهبي حضرتك واتركيني أنا لا أستطيع أن أتحرك"
ولكنها لم تتركه وهي تتلفت حولها وقادته إلى جانب بعيد شيئا ما عن النيران ولكن سرعان ما اقتربت النيران وأدركت أنها لن تفلت منها ولكن فى نفس اللحظ سمعت صوت آدم يناديها "رنين؟ رنين أين أنتِ"
صرخت بصوت مرتفع "آدم أنا هنا، آدم بسرعة النيران بكل مكان"
وبالفعل بلحظات كان قد وصل إليها والدخان والنيران تزداد، أمسكها وقال "هل أنتِ بخير؟"
هزت رأسها بالإيجاب وقالت "نعم ولكن الرجل مصاب"
ساعده آدم وقادهم من حيث أتى بعد أن أحاطهم بالبطاطين وما أن خرجوا حتى كانت المطافئ قد وصلت وبدأت في عملها والاسعاف أيضا وصلت لنقل أي مصاب ولكن لم يكن هناك سوى ذلك العامل الذي كان معها
انتهى من متابعة المطافئ وعاد إليها وقال "هل أصابك شيء؟"
هزت رأسها بالنفي وقالت "لا الحمد لله ولكن أنا أريد الشرطة، هذا الحريق بفعل فاعل أنا متأكدة أنها أميرة"
مرر يده بشعره وقال "الشرطة بالطريق وأميرة فاتورتها أصبحت كبيرة"
قالت بغضب "أنت السبب تركتها حتى أصبحت كالاخطبوط وتفرعت أياديها حتى وصلت لكل مكان"
أشعل سيجارته وقال "رنين اهدئي ودعيني أفكر جيدا، أميرة ليست معنا الآن وأنا أبحث عنها بكل مكان ولن أتركها"
كان الغيظ ي أكلها فقالت "وهي أيضا لن تتركنا"
وتركته وابتعدت وهي تعلم أن تلك المرأة هي سبب خراب حياتها وأحلامها
انتهى الضابط من التحقيق وسألها "هل تتهمين أحد؟"
نطق الاثنان في نفس الوقت هي قالت "نعم" وهو قال "لا"
نظر الضابط إلى كلا منهما بينما نظرت هي إليه نظرات غضب وهي لا تفهم أي شيء أبعد عيونه عنها إلى الضابط وقال
"لا ليس لدينا أي شك تجاه أحد، أكيد هناك خطأ ما"
أغلق الضابط التحقيق وانصرف، كادت تبتعد بغيظ ولكنه أمسكها وقال "رنين انتظري ولا تبدئي العناد مرة أخرى"
نفضت ذراعها منه وقالت "ابتعد عني واتركني الآن أنا لا أريد أن أتحدث"
تحركت فتبعها ووقف أمامها وقال "اسمعيني أولا ولا داعي لغضبك هذا الآن"
قالت بغضب "لا يوجد شيء يمكن أن تقوله سوى أنك ما زلت تخاف عليها ولا يهمك ما أصاب المزرعة"
قال بهدوء "اهدي واسمعيني جيدا، أنا لا أريد القبض عليها لمجرد حريق ستحبس شهرين أو ثلاثة ثم تخرج، لا، الأمر أكبر من ذلك أنا أريدها هي لي أنا، نعم أنا الذي لابد أن يغسل عاره بيده لن تكون للشرطة وستكون لي أنا"
تراجعت بخوف من كلماته ونظراته وقالت "آدم أنا لا أفهم شيء، ما فعلته محاولة قتلنا وذلك لا يستدعي كل ذلك"
ابتعد من أمامها وقال "لا الأمر يمس الشرف وأنا لن أترك عار عائلتنا، أميرة تتاجر بشرفها يا رنين هل فهمتِ الآن؟"
شهقت وهي تضع يدها على فمها وقالت بفزع "لا، لا يمكن أن تعني ما قلت"
أشعل سيجارته الثالثة وقال "للأسف أعنيه بكل كلمة ولكن ما لا أعرفه هو موقفها من زوجها، لقد بدء رجالي البحث وراؤه ولكنه غير موجود هنا اختفى بعد أن عرفت أنه أيضا كان في نفس الدائرة ورغم ذلك أرادت أميرة الطلاق منه لدرجة أني ظننت أنهم متفقين على ذلك"
اقتربت منه وقالت "نعم أظن ذلك، أعتقد أن موضوع الطلاق هذا لن يتم، كل ما في الأمر أنها كانت تريد أموالك أليس كذلك؟"
التفت إليها وقال "بالتأكيد، هذا شيء مفهوم منذ أول يوم عادت فيه وكل تصرفاتها كانت واضحة، المهم الآن أن أعرف طريقها ولن أتركها مهما حدث"
قالت بفزع "لا يا آدم، لن تضيع حياتك ومستقبلك من أجلها إنها لا تستحق"
حدق بعيونها وقال "وشرفي الذي ألقته بالأرض ودهسته بقدمها"
قالت برجاء "القانون أولى بها هي ليست أختك ولا زوجتك، لها أمها مسؤولة عنها وليس أنت، كل ما عليك أن تسلمها للقانون هذا هو أفضل انتقام لها، الفضيحة"
نظر إليها وقال "ولكن"
قاطعته بقوة "ليس هناك لكن، آدم لن تخسر حياتك بسببها، هل نسيت عمتي؟ لو أصابك شيء أو دخلت السجن عمتىدي لن تنجو من الحزن والعزبة والأرض كل هذا لم تفكر به"
أبعد خصلة شعرها وقال "وأنتِ؟"
أخفضت عيونها وقالت بصوت منخفض "أنا ماذا؟"
قال بأمل ب-ن يسمع كلمة واحدة منها "هل تخافين علي؟ أم ستتركيني لو دخلت السجن؟"
نظرت إليه وأجابت على الفور "لن أتركك، وأنت لن تدخل السجن، اتركها يا آدم، من فضلك اتركها للقانون جميعنا بحاجة إليك"
ابتسم وقال "على العموم هذا سابق لأوانه، هيا دعينا نذهب لقد حل الظلام"
مرت عدة أيام بدأت هي إعاة ترميم المبنى المحترق وأثبتت التحريات أن الحريق بفعل فاعل وبالطبع كان الجميع متأكد من أن أميرة وراء كل ذلك
بينما عاد هو إلى الأرض والعزبة واستقرت الأحوال ولكنه لم ينسى ما حدث
جلس في مكتبه بالفيلا في المساء ليراجع أعمال العزبة وفجأة رن هاتفه برقم غريب أجاب "نعم"
جائه صوت غريب يقول "مساء الخير يا باش مهندس كيف حالك؟"
أجاب بهدوء "مساء النور هل يمكن أن أعرف من حضرتك؟"
أجاب الرجل "آسر، آسر سالم إكيد لم تنساني"
ضغط آدم بيده على الهاتف قبل أن يقول "لا، لم أنساك، ترى هل من خدمة يمكن أن أقدمها لك؟"
قال آسر "أنا أعلم جيدا ماتكنه لي ولا أنكر أنني أبادلك إياه ولكن هذا لا يعني أني أتمنى لك أي سوء لأنك ستكون زوج رنين أقرب الناس إلى"
غضب آدم وقاطعه بحدة "كيف تجرؤ؟"
قاطعه آسر بحزم "اسمعني جيدا يا باش مهندس، أنت لن يمكنك أن تتحكم في قلبي أو مشاعري فهي تخصني أنا وحدي ولكن بالطبع أنا لي حدود أعلمها جيدا ولن أتجاوزها منذ أن عرفت بعلاقتك برنين وأنا أدركت أن علاقتى بها أصبحت أخوة وصداقة لا أكثر ولا أقل ولأنني لن أقبل أن يصيب أختي أي ضرر لذا أنا أتصل بك الآن فاسمعني وابعد غيرتك جانبا"
انتابه الصمت من كلمات آسر ولم يرد فعاد آسر يقول "أظن أن أميرة تهمك؟"
التفت آدم وانتبه إلى كلماته وقال "أميرة؟"
قال آسر "نعم تلك المرأة قريبتك، أنا عرفت من بابا أن الشرطة تبحث عنها وأنت أيضا لذا عندما رأيتها أمس بمكان غير جيد مع أحد الشخصيات المعروفة وهي تخرج معه من المكان ظننت أنك ربما تحب أن تعرف ذلك"
أشعل آدم سيجارة وقد اهتم بكلامه وقال "ولماذا يهمك الأمر؟"
أجاب آسر "لأني عرفت من أول نظرة لتلك المرأة أنها تريد تدمير رنين ولا أعتقد أنني يمكن أن أتركها تفعل ولكن ليس لي صفة في التدخل بالأمر لذا اتصلت بك فأنت أولى"
نفخ آدم الدخان ومرر يده بشعره الحالك وقال "نعم أنا أولى، هل تصف لي المكان وتذكر لي اسم الرجل؟ "
قال آسر "هذا الرجل ليس من الشخصيات العابرة وإنما رجل من ذوي الوزن الثقيل، ما يهمك هو أميرة فاهتم بأمرها، زوجتك وعمتك أولى بحياتك، أخبر الشرطة بما أخبرتك به واترك لهم الأمر أنا كان يمكنني أن أفعل ولكن كما أخبرتك لا صفة لي"
قال بهدوء "حسنا أعتقد أني لابد أن أشكرك"
قال آسر" لا شكر على واجب، هذا واجبي نحو رنين لأني أخشى عليها من تلك المرأة"
ورغم غيرة آدم إلا أنه كتمها وقال "نعم عندك حق، أشكرك مرة ثانية هل تعطيني العنوان؟"
كتب آدم العنوان وأنهى الرجلان المحادثة وظل آدم واقفا يفكر فيما حدث وما يجب أن يفعل وأخيرا فتح درج مكتبه وإخرج مسدسه واتخذ القرار واتجه إلى الخارج
إسرع بسيارته إلى تلك الفيلا بالعجمي، كانت بأحد الشواطئ الهادئة هناك، أوقف سيارته فقد كان المكان مظلملا، ظل قليلا بالسيارة يتطلع إلى الأنوار التي تطل من المكان وأخيرا نزل من السيارة واتجه إلى الداخل في هدوء
كان الباب مغلق ولكن الباب الخلفي للحديقة مفتوح فدخل منه على صالة كبيرة، كانت هناك أصوات خافتة غير واضحة من الدور العلوي ثم ضحكات نسائية مرتفعة، نظر لأعلى ثم قرر أن يصعد وما أن وصل حتى رأى ثلاثة أبواب مغلقة فاستمع إلى الأصوات ولم يتعرف على صوت أميرة ثم انتقل للغرفة الثانية وميز صوت أميرة، أخذ نفسا عميقا ثم فتح الباب وتقدم إلى الداخل
فزع الرجل والمرأة اللذان كانا بالفراش وأدرك آدم أنها أميرة التي صرخت "آدم!؟ ماذا تفعل هنا؟"
نظر إليها باشمئزاز وقال "جئت لأكشفك على حقيقتك وأغسل عاري"
جذبت أميرة الغطاء عليها وكاد الرجل الذب بجانبها أن ينهض ولكن آدم صوب إليه المسدس وقال "لا تفكر حتى في أن تتحرك أنا لن أضيع الوقت فلا داع لوجود أمثالكم بالحياة لذا لابد أن تموتوا ددونأن يحزن عليكم أحد وهذا ما سأفعله"
ثم جذب الأمان وصوب تجاه أميرة وضغط على الزر
اتجهت رنين إلى مكتبه لتخبره عن بعض الأعمال الخاصة بالمزرعة ولكنها سمعت صوته وهو يتحدث بغضب
"كيف تجرؤ؟"
فتوقفت واستمعت إلى المحادثة كلها وفهمت ما كان بينه وبين آسر ورأته من خلف الباب وهو يكتب العنوان ويأخذ المسدس وأدركت ما ينوي أن يفعل، تراجعت وهو يتقدم للخارج فلم يراها ثم أسرعت هي الأخرى إلى الجراج وأخذت سيارتها واتصلت بالرائد رفعت وحكت له ما حدث وطلب منها أن تترك هاتفها مفتوح كي يتابعها بالجي بي اس وسيرسل إليها الشرطة الخاصة بالعجمي حتى يلحق بهم وفعلت ما طلب وهي تتابع آدم بسيارتها من بعيد وبصعوبة لدرجة أنها كادت تفقده في الزحام لولا أن وفقها الله وأخيرا وصلا إلى الفيلا، لم تتبعه في الظلام وإنما انتظرت قليلا ونزلت من السيارة وسارت حتى وصلت إلى سيارته وأسرعت لتدخل كما دخل ووصلت إلى الأعلى في نفس الوقت الذي كاد يطلق فيه الرصاص وصرخت وهي تتقدم بسرعة إلى الداخل ورفعت يده إلى الأعلى وهي تصرخ
"آدم، لا"
وانطلقت الرصاصة ولكن لسقف الغرفة ولم تصب أحد
توالت صرختها مع صرخة أميرة ونظر هو إليها بدهشة وغضب بينما كادت أميرة تنهض هي والرجل الذي معها وحاول هو إبعادها وهو يقول بغضب
"ابتعدي من أمامي، لابد أن أقتلها لن أتركها تفلت"
وفي نفس التوقيت هجمت الشرطة على المكان وقبضت على الجميع ورأت هي تلك النساء الشبه عارية مع الرجال بنفس الوضع والشرطة تجذبهم إلى الخارج
وقفت أميرة أمامهم وقالت من بين دموع الخزي "لا تظني أنني سأتركك أنتِ أو هو، سأعود لكم وكما أحرقت مزرعتك سأحرق العزبة كلها والفيلا والأرض سأدمركم وأدمر حياتكم نهائيا، سأدمركم"
شعرت بذراع آدم تحيطها وكأنما شعر بتلك الرجفة التي سرت في جسدها، لم يرد أحد عليها وإنما جذبها الجنود إلى الخارج، اقترب أحد الضباط منهما وقال
"أستاذ آدم وجودكم الآن لم يعد له داع الرائد رفعت في الطريق فأميرة متهمة بأكثر من تهمة بالإضافة للدعارة طبعا وحضرتك والآنسة لا مكان لكم الآن"
نظر آدم إليه وهوينفث دخان سيجارته بغضب وقال "حسنا سنذهب الآن شكرا حضرة الضابط"
نظر إليها وقال "هل أنتِ بخير؟"
هزت رأسها فقال "حسنا هيا دعينا نذهب الآن"
وأخيرا عادا بسيارتهما إلى الفيلا كان الوقت قد تاخر وهم يدخلان إلى الفيلا، نظرت إليه وقالت "أنت لا تبدو بخير؟"
وقف لحظة ثم أغمض عيونه وقال "لا أصدق أن كل ذلك حدث لنا، وكأني بفيلم سينمائي"
وقفت أمامه وقالت "نعم ولكن بصراحة هي تستحق فما فعلته بنا نحن وحده كافي لحبسها"
نظر إليها بنفس الغضب وقال "كان لابد أن أقتلها"
ابتسمت وقالت "الموت راحة لأمثالها وشقاء لنا"
رفع يده لوجنتها وقال "شقاء لكم؟"
أخفضت عيونها من لمسته وقالت "نعم لو أنت قتلتها وسجنت"
أدرك معنى كلماتها فجذبها إليه واحتضنها بقوة وهمس إليها "أنا مدين لكِ بحياتي"
ابتسمت وهي تحيطه بذراعيها ولم ترد ثم أبعدها وأحاط وجهها براحتيه ونظر بعيونها بحنان وقال "الحياة تصبح جميلة عندما يكون بها من يخاف علينا ويضيء لنا الظلام"
ثم قبل جبينها بحنان وأبعدها وقال "هيا اذهبي لتنامي اليوم كان طويل طابت ليلتك"
ابتسمت وقالت "وليلتك"
عاد وقد تذكر فقال "آه على فكرة شهد ستأتي غدا لقضاء اليوم بالمزرعة واعتقد أنكِ ستقومين بواجب االضيافة أنا دعوتهم على الغداء هنا"
نظرت إليه وقالت "حقا لماذا لم تخبرني من قبل؟"
ابتسم وقال "ها أنا أخبرك، الفتاة لا تعرف أي شيء عنا وأعتقد أنكِ ستكونين خير معين لها ففي جميلة وهادئة ورقيقة وهيثم يريدها أن تعتاد المكان وتحبه"
شعرت بالغيظ فقالت "جميلة ورقيقة يبدو أنك أصبحت تعرفها جيدا"
اقترب منها مرة أخرى وقد أعجبه غيظها فقال "نعم أعرفها جيدا هل يضايقك الأمر"
ابتعدت وقالت بغيظ "لا أبدا ولكن لا تتحدث هكذا أمام زوجها لربما يضايقه كلامك"
اعادها أمامه ونظر بعيونها وقال "ولماذا أنتِ غاضبة هكذا؟"
تحررت منه وقالت "لا أبدا طابت ليلتك"
أمسكها من يدها ليوقفها وقال "لن أتواجد في الصباح، استقبليهم أنتِ كي لا يتضايق زوجها من كلامي"
لم تنظر إليه وابتعدت إلى غرفتها وهي لا تعلم إلى متى ستظل هذه العلاقة دون أي مسمى سوى خطوبة بين اثنين كانت بدايتها تمثيلية وانتهت الآن إلى حقيقة ولكن بلا معنى وبلا غاية محددة
استقبلت هي والعمة هيثم وشهد وترك هيثم شهد معها فجلستا قليلا مع العمة ثم انطلقت بها إلى الأرض والمزرعة وهناك قالت شهد "المكان رائع يا رنين أنا أحببته جدا منذ متى وأنتِ تقيمين هنا"
قالت بدون اهتمام "عدة شهور لا أعلم عددها"
هتفت شهد "لا، لقد ظننت أن لكِ أعوام فأنتِ تحبين وتحفظين المكان"
قالت بصدق "فعلا لأني اعتدت على مثل تلك الأماكن منذ أن كنت أسافر مع داد للريف الانجليزى أو الفرنسي، كنت أعشق حياة الزراعة وعندما أتيت هنا وجدت ما جعلني أشعر بالراحة بين الأهل الطيبين"
غمزت شهد وقالت "والحب؟ أليس كذلك؟"
نظرت لشهد ولم تعرف بماذا ترد ولكن عليها ألا تبدي أسرارها لأحد العمة فقط هي من تعيش داخلها
قالت بابتسامة رقيقة "وأنتِ أيضا، الحب هو من سيحضرك لهنا"
ضحكت الاثنتان وانطلقا يكملان جولتهما وعادا على موعد الغداء كانت سيارته قد عادت ابتسمت دون أن تعلم السبب وأخيرا تناولوا الغداء جميعا وعادا إلى الحديقة
قال هيثم "هل أعجبكِ المكان يا شهد؟"
قالت بسعادة "جدا رنين لم تترك مكان إلا وجعلتني أراه والأجمل أنني رأيته بعيونها هي مما جعلني أعشق كل مكان هنا"
تلاقت نظراتهم وقال هيثم "إذن أنا مدين للآنسة رنين الآن"
قالت هي بصدق "لا دين ولا شيء شهد أصلا تبالغ فهي تحب المكان من قبل أن تأتي وأكيد ستحبه أكثر بعد الزواج"
نظر هيثم لآدم وقال "صحيح متى زواجكم؟"
تلاقت عيونهم للحظة ثم قال "لم نحدد بعد وأنت؟"
قالت شهد "لم لا نجعل زفافنا سويا؟"
قال هيثم "فكرة رائعة ما رأيكم؟"
هزت كتفيها بلا مبالاة وقد دق قلبها بسرعة جارفة فقال آدم "ومتى سيكون فرحكم؟"
قال هيثم "أنا لا ينقصني شيء، البيت جاهز كما تعلم وشهد أيضا والدها مستعد في أي وقت، ما رأيكم بعد افتتاح المزرعة باسبوعين؟ فالمزرعة لم يتبق بها الكثير حتى المبنى المحترق لم يتلف كليا أليس كذلك يا باش مهندسة؟"
هزت رأسها وقالت "نعم أنا أعتقد أن الافتتاح ربما يكون بعد ثلاث أسابيع أو شهر بالكثير"
قال هيثم بسعادة "إذن ليكون الفرح بعد شهر ونصف أو شهرين نعم شهرين ليكون لدينا وقت أكثر ما رأيك يا آدم؟"
نظر إليها وقال "ما رأيك يا عزيزتي؟"
حدقت فيه ولم تعرف بماذا ترد فهزت كتفيها وقالت "كما تريد أنت"
كلاهم كان يخشى من رد الآخر ويخاف من القادم ومع ذلك لم يرفض أحدهم، ابتسم وقال "إذن سنكمل ترميمات الفيلا هنا ونختار الموبيليا وما الى ذلك أعتقد أن عمتي ستتولى هذه الأمور مع رنين"
تراجعت في مقعدها وشردت، الآن أصبح الأمر جاد، ستكون زوجته حقا بعد الزفاف ولم تعرف حقيقة مشاعره هل هي مجرد زوجة عادية بالنسبة له أو ربما صفقة رابحة؟ لم تعد تعرف أين الحقيقة
ودعتهم معه ودخل الاثنان فأخبرها أنه سيذهب لعمته واتجهت هي لغرفتها وذهنها ما زال مشغول بما وصلا إليه رن هاتفها فجأة باسم سالم فأجابت "أهلا عمو سالم كيف حالك؟"
أجاب بضيق واضح بصوته "بخير ولكن غاضب منكِ"
ابتسمت وقالت "ولماذا إذن الغضب؟"
قال "هل صحيح ستتزوجين ذلك المهندس رنين؟ أنا لا أصدق بالتأكيد يطمع بأموالك و.."
قاطعته "أي طمع يا عمو؟ آدم ليس بحاجة للأموال وحضرتك تعلم ذلك"
قال الرجل بنفس الغضب "وآسر؟ ألم يكن هو رجلك المفضل؟ تعلمين أنه يحبك ويريدك و.."
قاطعته بحزم "آسر صديق وأخ وهو يعلم ذلك ولم يعترض على زواجي من آدم فأرجو أن تتفهم حضرتك الأمر"
قال الرجل دون أن يذهب غضبه "لا، لن أتفهم، منذ صغرك ونحن نعلم أنكِ لآسر وآسر لكِ فكيف تغير الأمر؟ لابد أن ترجع الأمور لنصابها الصحيح"
قالت بضيق "أنا آسفة يا عمو ولكن هي حياتي وأنا أعلم ما هو الصواب وزواجي من آدم لن يتغير لأي سبب"
قال بإصرار غريب "سيتغير وأنا اؤكد ذلك"
ثم أغلق الهاتف فنظرت لهاتفها بدهشة ثم أبعدته
دق بابها ودخل هو وأغلق الباب واتجه إليها كانت تقف أمام النافذة فوقف أمامها وقال "عمتي ستتولى تجهيز البيت وما يلزمه وإذا أردتِ المشاركة فلتفعلي، أنا لا أملك وقت لذلك"
ابتسمت وقالت بتفهم "لا، يكفي أن تفعل عمتي كل شيء، أنا أيضا سأنشغل بالمزرعة الفترة القادمة"
اقترب منها وقال "رنين الأمر جاد وليس هزل"
ضاقت عيونها وقالت بتوتر "الذي هو ماذا؟"
قال بجدية "الزواج"
ابتعدت وقالت دون أن تنظر بعيونه "أعلم"
أعادها أمامه وقال وهو يتمنى أن ينساب داخلها ويعرف أين هو من قلبها "أي لن يمكنك التراجع"
نظرت إليه وقالت "ولا أنت أيضا"
مرر يده على وجنتها فقد اشتاق لأحضانها، قبلتها، دفء أنفاسها، قال بحنان "ومن قال أني سأتراجع؟ أنا الذي قررت وأنا الذي أردت، أنا فقط أخبرك أنه لم يعد للتراجع مكان"
نظرت لعيونه التي تأخذها إلى عالم الخيال، كم أنت وسيم يا زوجي العزيز! كم تأسرني عيونك التي تنسيني كل الدموع
شعرت به يقترب أكثر ولكنها ابتعدت وقالت "ألن ننتظر الزفاف؟"
جذبها إليه لتدخل بين أحضانه بقوة ويحيطها بذراعيه ونظر إلى عيونها التي نظرت إليه بدهشه وهمس "مازال الوقت طويل وأحضان تصيبني بالجنون وكأني كلما شربت منها أزداد عطشا إليه"
أعادتها كلماته طائعة إليه وكأنه يأسرها بين قفص صدره، سجينة مطيعة، عاشقة راضية، ثم انطلق إلى شفتيها لينهل من رحيقها الذي لم تستطع هي أن تمنعه عنه فسقته منه دون اعتراض وارتشفت منه بعض من عبرات العشق المغلفة بصمت الكبرياء وانطلقت ذراعيها حول عنقه لتوقع عقد الملكية لقلب رجل رفض بالحب الاعتراف والتفت ذراعاه حول خصرها كرسالة لقلبها أنتِ ملكي يا امرأة فلا تطلبي الفرار
وأخيرا أبعدها قليلا وهمس وما زال طعم قبلته على شفتيها وحرارة جسده تسري على وجنتيها "ستكونين لي بعد شهرين وقتها لن يوقفني عنكِ أي شيء