رواية لمست روح الفصل السادس6الاخير بقلم نورهان عبد العزيز

رواية لمست روح الفصل السادس6 الاخير بقلم نورهان عبد العزيز
بَيْنَ أَضْلُعِي

عندما نظرت هيام أمامها نطقت اسم (فارس) عندما رأته.
لم تستطع هيام السيطرة على نفسها، وبعدها سقطت من على الكرسي. ركض نحوها فارس ولكن يد خطيبها سبقته، ومن جانب آخر صرخت الأم: (حد يشوف دكتور!).
عندما نظر فارس إلى خطيب هيام وهو يحملها بين ذراعيه،
اشتعلت النيران في صدره، فظل واقفًا على باب الغرفة حتى جاء الطبيب.

الدكتور/ فين المريضة؟
فارس/ اتفضل يا دكتور الأوضة دي.
الدكتور/ إيه اللي حصل؟
الأم/ بنتي وقعت من على الكرسي مرة واحدة.
الدكتور/ اطمنوا، إن شاء الله تكون بخير.
الأم/ خير يا دكتور، طمّني بنتي مالها؟
الدكتور/ الضغط عندها منخفض جدًا، وإحنا محتاجين دلوقتي ننقلها المستشفى.
الأم/ مستشفى!! يا حبيبتي يا بنتي، دي ملحقتش تلبس دبلتها.
الدكتور/ إن شاء الله خير يا حاجة، أنا هطلب الإسعاف عشان هي محتاجة المحلول ضروري.

ثم بعد أن خرج الطبيب وحاسبه خطيب هيام، كان فارس ينتظره خارج المنزل على السلم.

فارس/ بعد إذنك يا دكتور، ممكن أطمن على هيام؟
الدكتور/ والله إحنا طلبنا لها الإسعاف عشان تعمل اللازم، الضغط منخفض جدًا والواضح إنها عاشت فترة صعبة ومكنتش بتاكل كويس، وده عمل لها مشكلة، عشان كدا لازم تتنقل المستشفى.
فارس/ طب هي هتبقى كويسة؟
الدكتور/ أيوة، أكيد طبعًا، بس هي محتاجة المحلول.
فارس/ شكرًا يا دكتور.
الدكتور/ العفو، عن إذنك.

وبعد أن ذهب الدكتور، وبعدها بنصف ساعة جاءت الإسعاف. أخذ فارس سيارته وتحرك وراء سيارة الإسعاف وبدأ يتابع حالة هيام من بعيد، وأعطى مبلغًا للممرضة من أجل أن تأتيه بالأخبار.
الدكتور/ مش هينفع تروح معاهم النهاردة، هي محتاجة تكون تحت الملاحظة والرعاية. ممكن بكرة لو بقت أحسن والضغط اتظبط تخرج بدون مشاكل إن شاء الله.
الأم/ أنا مقدرش أسيب بنتي وأمشي.
الدكتور/ مش هينفع يا حاجة، مفيش مرافقة. حضرتك ممكن تاخدي رقم المستشفى وتطمني، وإن شاء الله هتبقى كويسة.

وبعد مرور ساعة ذهبت الأم، ولكن فارس حاول أن يبقى في المستشفى، والممرضة أخبرته بأنه غير مسموح. فبعد تفكير طويل اتصل بعلي وأخبره بما حدث.

علي/ أنا هجيلك، بس استناني بره على أول الشارع.
فارس/ ليه؟
علي/ هتفهم لما أجي.
فارس/ إيه يا علي، كل ده تأخير؟
علي/ معلش، بس إنت دلوقتي هتشكرني.
فارس/ على إيه؟
علي/ خد وهتدعيلي.
فارس/ إيه كمية البرشام اللي في إيدك دي؟
علي/ آمال إنت فاكر هتدخل إزاي؟ لازم تبقى حالتك حرجة وصعبة زيها عشان يقبلوكم.
فارس/ أنا كدا مش هعرف آخد بالي منها.
علي/ لا، متقلقش، أنا هقعد بيكم إنتوا الاتنين.
فارس/ إنت بتقول إيه؟ ده ممنوع المرافق.
علي/ بس سيبها على الله. توكل وخد البرشام.
فارس/ شكلك هتموتني يا علي، نهايتي على إيدك.
علي/ يلا يا شهيد الحب.
فارس/ حاضر، بس أنا كان نفسي أسألها سؤال: هيام رسمت الصورة دي إمتى؟
علي/ هتفرق معاك إيه؟ مهي في الحالتين بتحبك.
فارس/ عايز أعرف هل هيام هي البنت اللي بتظهر في أحلامي ولا لأ. أمانة عليك، لو جرالي حاجة يا علي، رجّع الصورة دي لهيام.
علي/ يا حول الله يا رب، متقولش كدا.
فارس/ الصورة في درج المكتب عندي في الأوضة يا علي، دي أمانة.
علي/ حاضر.

أخذ فارس البرشام، ثم بدأ يشعر بهبوط شديد وغثيان. ثم أخذه عَلِيّ إلى المستشفى، ثم وقع فارس على الأرض، وأخذه الأطباء، وعلى الفور قاموا باللازم من فحوصات، ثم أخذوه إلى العناية. وعندما شعر عَلِيّ بالتوتر ذهب إلى الممرضة:

لو سمحتِ، عايز أعرف وضع فارس إيه، هل حالته خطيرة؟
الممرضة/ أستاذ فارس في الرعاية دلوقتي، اتعمل له غسيل معدة، والحالة هتفضل تحت الملاحظة.
علي/ طب أنا ينفع أشوفه؟
الممرضة/ دلوقتي صعب، حضرتك ممكن تيجي الصبح. هو دلوقتي في الرعاية. عن إذنك.

شعر عَلِيّ بحزن شديد وأسف، وحمّل نفسه مسئولية ما حدث مع فارس. فذهب إلى بيت فارس وطلب من خالته أن يدخل غرفة فارس لأن بها ورقًا يخصه. وبالفعل دخل عَلِيّ الغرفة وأخرج الرسمة من الدرج وجلس ينظر لها بعمق. وعندما انتهى من التحديق فيها، فتح الدرج، فإذا به يلمح صورة أخرى. أخرج الصورة من الدرج ونظر، فوجد تاريخًا مكتوبًا بخط صغير في أسفل الورقة:
٢٠٠٢/١/٥ وأسفل الورقة مكتوب الساعة ٧:١٥ م.
وقف علي مفزوعًا، ثم قرر أن يأخذ الرسمة ويخبر فارس بأن هيام قد رسمته قبل أن تلتقي به في تلك الليلة الممطرة.

في المستشفى، في حدود الساعة ٧ صباحًا:
فارس/ آه، آه.
تفيق هيام على الصوت، تحاول أن تفتح عينيها ببطء.
هيام/ أنا فين؟ آه رأسي.
تنظر هيام بجانبها، فتجد فارس.

هيام/ فارس! هو إنت بجد ولا أنا بحلم؟
ـ تأتي الممرضة: أستاذ فارس، إنت فوقت؟
هيام/ فارس! فارس مين؟
الممرضة/ إنتِ فوقتي كمان يا أستاذة هيام؟

تخرج الممرضة لتخبر الدكتور.
ثم يأتي الدكتور ويطمئن على حالتهما، ولكن فارس كان يحتاج إلى محلول وبعض الفحوصات.
هيام/ دكتور، هو فارس فيه إيه؟
الدكتور/ حضرتك تعرفيه يا آنسة هيام؟
هيام/ أيوة.
الدكتور/ كان آخد كمية من البرشام، واتعمل له غسيل معدة، وكنا حاطينه تحت الملاحظة.
هيام/ طب هو دلوقتي عامل إيه؟
الدكتور/ إنتِ رايحة فين؟ اقعدي، إنتِ كمان محتاجة محلول.
هيام/ أرجوك يا دكتور، خليني جنب فارس.
الدكتور/ حاضر. بعد إذنك يا أمينة (الممرضة) خلي أستاذة هيام مع أستاذ فارس في نفس الأوضة، ودي المحاليل المطلوبة ليهم.
الممرضة/ حاضر يا دكتور.

وبعد مرور ساعة، بدأ الاثنان يستعيدان وعيهما.

هيام/ فارس، إنت كويس؟
فارس/ هيا، إنتِ بخير؟
هيام/ أنا كويسة. إنت إيه حصلك؟ وإيه جابك هنا؟
فارس/ أنا جيت هنا عشانك.
هيام/ عشاني أنا؟
فارس/ أيوة. هيام، أنا مقدرش أعيش من غيرك. أنا اكتشفت خلال الفترة اللي فاتت دي إني بحبك. أيوة، بحبك.

تنظر له هيام وهي تبكي.
هيام/ اتأخرت قوي يا فارس.
فارس/ حقك عليا، كنت غبي مكنتش عارف أتصرف. أول مرة أحب وأعرف إيه هو الحب. إنتِ شفتي عَلِيّ ابن خالتي قبل ما أعرفك، كنت دايمًا بتريق عليه إنه بيحب وأقعد أضحك عليه. بعد ما قربت منك عرفت معاني كتير غايبة عني، خلتيني أعرف نفسي.
ثم يقطع حديثهما صوت ماما هيام وخطيبها حسام.

الأم/ حبيبتي بنتي، إنتِ كويسة؟
هيام/ أيوة يا ماما، أنا بخير.
حسام/ حمد الله على سلامتك يا هيام.
هيام/ شكرًا يا حسام.

لم تلاحظ الأم فارس، كان كل نظرها على هيام، وقد كتب الدكتور تصريحًا بالخروج لهيام. خرج حسام وخلفه الأم تمسك بيد هيام. استدارت برأسها لتلقي نظرة على فارس، ثم خرجت من الغرفة.

وبعد مرور نصف ساعة، جاء علي.

علي/ فارس، إنت بخير؟
فارس/ الحمد لله يا علي.
علي/ حقك عليا، أنا اللي عملت فيك كدا.
فارس/ متقولش كدا. المهم، إنت قولت لبابا إيه بخصوص إني مكنتش في البيت؟
علي/ قولت له إنك بايت معايا كالعادة، وإننا نازلين مشوار الصبح مهم ومش هنقدر نروح البنك كمان. متشغلش بالك إنت بس. إنت شوفت هيام؟ كلمتها طب؟
فارس/ أنا اعترفت لهيام بمشاعري.
علي/ بجد؟ وهي ردها كان إيه؟
فارس/ قالتلي إني اتأخرت قوي.
علي/ هي معاها حق بصراحة يا فارس، إنت اتأخرت قوي عليها. حتى محاولتش تروح لها بدري عن كدا. ويوم ما فكرت تروح لها كان يوم خطوبتها.
فارس/ طب أعمل إيه؟
علي/ تروح لها وتحاول تاني. وبالمناسبة، هيام بتحبك قبل ما تشوفك يا فارس.
فارس/ إزاي؟ اللي بتقوله ده إنت متأكد منه؟
علي/ شوف الصورة، هتلاقي التاريخ مكتوب، بس بخط مش واضح قوي، حتى الوقت مكتوب، بس هو زي ما إنت شايف بالرصاص.

ينظر فارس للصورة في حالة صدمة مرة أخرى، وتغمر عيناه بالدموع.
فارس/ مش عايز أضيع هيام من إيدي يا علي، أنا هروح لها دلوقتي.
علي/ استنى، طب لما تروح وتبقى كويس.
فارس/ مش هضيع وقت تاني.

يركب فارس السيارة مع علي ويتجه نحو منزل هيام، ويبقى علي في السيارة.
يرن جرس الباب، تفتح الأم.

الأم/ مين؟ فارس! أهلاً يا ابني، حقك عليا، مخدتش بالي إنك كنت مع هيام في نفس الأوضة. سلامتك.
فارس/ الله يسلمك يا ماما.
الأم/ اتفضل يا ابني.

يدخل فارس ويجلس في الصالون.
الأم/ تشرب إيه يا ابني؟
فارس/ أنا جيت في موضوع مهم، أرجوكِ يا ماما، وافقي على طلبي.
الأم/ اتفضل يا فارس.
فارس/ أنا عايز أتجوز هيام، ومش هتنازل عنها. أنا بحبها من كل قلبي، ومستعد أعمل كل اللي حضرتك تطلبيه مني.
الأم/ بس يا ابني، هيام مخطوبة.
فارس/ هيام ملبستش دبلتها، الخطوبة متمتش.
الأم/ بس يا ابني، قدام الناس.
فارس/ أنا بحبها، ومتأكد من حبها ليا. حضرتك يهمك سعادتها أكيد، وأنا أوعدك إنها هتكون أسعد إنسانة في الدنيا.

ـ تنادي الأم على هيام وتخبرها، ثم تتركهم يجلسان معًا.

فارس/ أنا بحبك يا هيام.
هيام/ من إمتى يا فارس؟
فارس/ يمكن أول ما شفتك، يمكن لما قربنا من بعض، بس مكتشفتش الحب ده إلا في بعدك عني.
هيام/ أنا بقى بحبك من قبل ما أشوفك، برسمك من زمان. شوف الصورة اللي على الفون دي، هي مش واضحة، بس ده إنت يا فارس. للأسف الرسمة الأصلية ضاعت، مش لاقياها.

ـ يخرج فارس الرسمة.
فارس/ تقصدي دي؟
هيام/ جبتها منين؟
فارس/ معايا من يوم ما جيت هنا أشوفك لما كنتِ تعبانة.
هيام/ يعني كل ده وإنت عارف إني بحبك وسبتني؟
فارس/ هيام، أنا كنت شخص من غيرك مستهتر وتايه. أول ما شفت الرسمة دي، حسيت بعجز، مش قادر أفكر. وكل يوم أسأل نفسي: إنتِ رسمتي الصورة دي إمتى؟ لحد ما عَلِيّ النهاردة حل اللغز ده، وعرفت من إمتى إنتِ بتحبيني.

ـ تبكي هيام بشدة، ثم يجلس فارس بجانبها ويعطي لها منديلاً.

فارس/ أنا طلبت إيدك من ماما.
تنظر له هيام وتبتسم.
فارس/ يعني كدا إنتِ موافقة؟
هيام/ تهز رأسها.
فارس/ بجد!
هيام/ أيوة.
فارس/ طب ماما لازم تكلم الشخص اللي كان متقدملك ده.

تدخل الأم.
الأم/ وإنت مين قالك إننا مكلمنهوش؟
ـ هيام أول ما خرجت من باب المستشفى قالت له: كل شيء نصيب، وحاجته أنا بعتها له كمان مع ابن أختي.

فارس/ يعني كدا خلاص، هنتجوز؟
تنظر له هيام وتبتسم.
الأم/ طب وأهلك يا ابني؟
فارس/ كلهم النهاردة هيجوا، وهجيب لهيام كل اللي هي عايزاه.

بالفعل، تتم الخطوبة، وبعد مرور شهرين من التجهيزات يتم الزفاف. وأخيرًا يُقفل عليهما باب غرفة واحدة.

فارس/ نورتي بيتك يا هيام.
هيام/ إنت نوره يا فارس.

ـ يحضن فارس هيام ويذكرها بيوم الطريق.
فارس/ فاكرة يا هيا اليوم اللي وصلتي فيه الشركة متأخرة؟
هيام/ إنت لسه فاكر؟
فارس/ مقدرش أنسى حاجة متعلقة بيكِ يا حبيبتي. فاكرة يومها وعدتك وعد؟
هيام/ وعد إيه؟
فارس/ طلبتي مني إني أقولك مقولة خاصة بفريدا كاهلو.
هيام/ ياه! إنت لسه فاكر يا فارس؟
فارس/ طبعًا يا حبيبتي.

ثم ضم فارس هيا بقوة إلى صدره، وقال لها الاقتباس الذي حفظه لماجدالينا كاهلو:
"أحبك أكثر من جلدي ذاته".

ثم يقبّل رأسها.
فتقول له هيا: أنا لا أعرف اقتباسًا يصف حبي لك، ولكن أتمنى أن ما بقلبي يصل إليك الآن. كل ما أستطيع قوله هو:
"أنني اليوم أحتضن القمر بين أضلعي".
                 تمت بحمد الله 
تعليقات



<>