
رواية عزبة الدموع الفصل الحادي والعشرون21 بقلم داليا السيد
لن ترحلي
تحركت بسيارتها دون أن يراها الرجل الذي يتبعها فلم يكن موجود، قرار الرحيل كان نابعا من حزنها وضعفها وعدم رغبتها في تحمل المزيد من الألم والدموع وإدراكها أنه لم يعد لها وأصبح جرح قلبها أقوى من أن تتحمل ألمه .
تحركت إلى المقابر أولا، توقفت أمام جيمي وقالت "كان لابد أن أودعك يا صديقي لم يعد لي مكان هنا، في بقائي ألم وحزن وأنا لم أعد أريد كل ذلك إلى اللقاء"
تحركت بسيارتها على الطريق، كان الظلام قد بدء ينسدل شردت فيما عاشته هنا ومرت على المزرعة حلمها الوحيد الذي عاشته وتمنته الآن يضيع منها، لن تستطيع أن تبقى وهي تراه مع امرأة أخرى سواها، لن تستطيع أن توقف الألم ليس ضعف ولا استسلام منها وإنما حفظ لكرامتها أو ما تبقى منها .
وأخيرا عادت لسيارتها ومسحت دموعها وانطلقت بها إلى الطريق ..وقبل أن تصل للطريق العام، تقريبا بنفس مكان الحادث، مالت سيارة مسرعة عليها ثم سبقتها وقطعت عليها الطريق فجأة فشعرت بالخوف وهي تضغط على الفرامل بصوت مرتفع لتتوقف قبل أن تصطدم بالسيارة الأخرى
هب من الفراش عندما سمع كلمات العمة وقال "رحلت!؟ ماذا تعنين؟ كيف؟ وإلى أين؟ أكيد لم تفعل"
ولكن العمة قالت "لقد أخذت كل أشيائها يا آدم، ما الذي حدث بينكما؟"
لم يرد عليها وهو يرتدي ملابسه، ليس من حقها أن ترحل، ما زالت زوجته، ولماذا ترحل إذا كانت لا تريده ولا تحبه فما الضرر من بقائها هنا؟
أوقفته العمة "أنت ما زلت مريض"
نظر بعيونها وقال "إنها رنين يا عمتي، رنين"
وانطلق إلى الخارج مناديا على رجله بغضب، أسرع الرجل إليه فقال "كيف خرجت الباش مهندسة دون أن تراها؟"
تراجع الرجل وهو يتبعه إلى سيارته وقال "لم تفعل يا باش مهندس و.."
لاحظ الرجل أن سيارتها غير موجودة فتراجع وقال "كنت بالحمام ولم أدرك الأمر"
تحرك آدم إلى سيارته وانطلق بها بقوة مخلفا وراءه سحابه من الغبار تعلن عن غضبه
سأل بعض المارة عنها فأشار أحدهم إليه أنها كانت بالمقابر فاتجه لهناك ولكنه لم يجدها، ضرب على مقدمة السيارة وقال بغضب
"لماذا ؟ لماذا الآن؟ حيرتيني يا امرأة ماذا تريدين؟ وكيف ترحلين هكذا وتتركيني؟ لا، لن تفعلي، لن أتركك أبدا"
عاد إلى السيارة وانطلق إلى المزرعة فلم يجدها فانطلق بسرعة إلى الطريق وأخيرا لمح سيارتها من بعيد فقاد بأقصى سرعة، لا، لن ترحل، لن تتركه هل يعيش السمك بدون الماء والإنسان بدون الهواء؟ مال عليها بالسيارة ثم قطع عليها الطريق وتوقف بقوة
عندما استعادت نفسها أدركت أنها سيارته، كانت دقات قلبها تؤلمها من شدتها وسرعتها والصداع أيضا يدق برأسها والتعب والإرهاق يتملك جسدها ..
رأته ينزل من السيارة ويتجه إليها وعندما اقترب رأت نظرات الغضب بعيونه، لم تشعر بالخوف وإنما بالحيرة من تصرفه
سمعته يهتف بها "إلى أين تظنين نفسك ذاهبة؟"
أبعدت عيونها عنه وقالت "شيء لا يخصك"
فتح الباب وجذبها من ذراعها فنزلت وهي تصرخ فيه "أنت مجنون؟ اتركني، اتركني"
أوقفها أمامه وقال "والآن ماذا تريدين بالضبط؟"
نفضت ذراعها منه وقالت "على أساس أنك لا ترى؟ أريد أن أرحل أخبرتك أنني لن أقف في طريقك ولن أبقى لم يعد لي مكان هنا"
حدق بعيونها وقال بنفس الغضب "إلى متى سأظل أتحمل جنانك هذا؟"
قالت بغضب "ليس عليك أن تفعل فقط دعني ارحل وسترتاح مني ومن جناني"
همس دون وعي "وتتركيني؟"
حدقت به بدون تصديق ولكنه ابتعد وقال "وتتركين المزرعة؟ حلمك؟ تعبك ومجهودك؟"
لم تعرف ما إذا كانت قد سمعت بحق كلماته ولكنه تراجع عنها، لم ترد فاقترب منها ووقف أمامها ولكنها أبعدت عيونها، لم تقو على مواجهته في عيونه ضعفها وفي قربه استسلامها وهي لن تفعل فقالت
"لم يعد يهمني أي شيء ولا أريد البقاء، لماذا أبقى وأتحمل كل ذلك؟"
لم يتحرك وقال "هناك الكثير لبقاءك فقط دعينا نعود ونتناقش بالبيت لا يجوز البقاء هنا كفانا نقاش بالطرق ألم تكتفي؟"
كان يقصد آخر مرة بالطبع ولكنها لم تهتم وقالت "لا، لن أعود"
قال بجدية واضحة "رنين أنتِ ما زلتِ زوجتي، ليس من حقك أن تتصرفي بدوني أنتِ تعلمين ذلك فلا تدفعيني لأن أتصرف بغضب"
ابتعدت من أمامه وقالت "حقا! زوجتك؟ هل ما زلت تصدق تلك التمثيلية؟ أنت نفسك قلت عنها ذلك وأنا لم أعد أريد كل ذلك، لذا طلقني لتنتهي تلك التمثيلية فأنا لم أعد أجيد التمثيل، آدم أرجوك طلقني واتركني أرحل أنا بحاجة لأن أكون بمفردي"
الكلمة هزته أي طلاق الذي تتحدث عنه؟ ردد "طلاق؟"
صمت مر بهما هي نفسها أدركت قوة الكلمة وما تخفي من معان كثيرة، ظل صامتا لحظة إلى أن عاد وقال بعيون محدقة بها
"هل حقا تريدين الطلاق؟"
لم تفر منه هي الأخرى وقالت "لأتركك تكمل حياتك مع حبيبتك، أنا لا أقبل أن أبقى زوجتك والجميع يعلم بعلاقتك بها أنت أهنتني مرة بسبب ذلك الأمر أم نسيت؟"
بدء يهدء ويفهم كلامها، ربما هي مجرد طريقة منها لإغضابه ولكنه لن يفعل فالغضب سيجعله يفقدها وهو لا يريد ذلك لذا قال "أميرة ليست حبيبتي أخبرتك ذلك مرارا ولكن عقلك لا يستوعب الأمر"
أشاحت بيداها بالهواء وقالت بغضب "عقلي أنا أم تصرفاتكم أنتم ودفاعك عنها؟ لقد كادت تقتلك أكثر من مرة وأنت صامت لا تتحرك، إذن أنت الذي تدفعني للجنون ولا نعلم من الذي عليه الدور"
كان يعلم أنها على حق فقال "حسنا ربما معكِ حق ولكن لابد أن تثقي بي وتعلمي أنني أعلم ماذا أفعل جيدا"
حدقت بعيونه ثم ابتعدت غير مقتنعة وقد أدرك ذلك فاقترب منها وقد بدء يشعر بتعب بصدره مرة أخرى وقال "رنين من فضلك اسمعيني جيدا أنتِ لا يمكن أن ترحلي، ليس فقط لأني زوجك ولا يمكنني أن أتركك، وإنما لأن العمة تحبك وتعتبرك ابنتها ولأن المزرعة لن تكمل إلا بوجودك أنتِ فقط من سيكملها"
نظرت له بعيون حزينة قتلته وقالت "لن أتحمل أكثر من ذلك لا أريد لن أتحمل"
ابتسم رغم ألم صدره وقد لانت نبرتها ونبرته وهدأ عاصفة الغضب بينهم وقال "أنتِ ماذا؟ يا الله! أنا لا أصدق أن هناك شي لا يمكنك تحمله أنتِ جبارة زوجتي المجنونة"
أخفضت عيونها وقد هدأ قلبها بوجوده وعدم تركه لها لترحل، تمسكه بها جعلها تستعيد الأمل، عاد وقال "والآن هل يمكن أن نعود؟ أنا ما زلت متعب ولن أتحمل جدالك هذا أكثر من ذلك"
تذكرت تعبه فجأة وشعرت بأنها كانت قاسية ومتهورة لأنها تركته هكذا فاستدارت إليه وقالت بغضب "حقا كيف تركت الفراش وأنت ما زلت متعب؟"
حدق في عيونها ثم ابتسم وقال "زوجتي امرأة مجنونة وستقودني إلى أحد أمرين أما الموت أو الجنون، هل نذهب؟"
أخفضت وجهها فرفع وجهها بإصبعه ليواجه عيونها وقال بحنان "هل نذهب؟"
ظل تتجول داخل عيونه، كم اشتاقت لعيونه؛ تلك هي النظرة التي تعشقها وتتمناها، لماذا لا تستطيع أن ترفض طلبه، يكفي أنه لم يتركها ترحل ..
وجدت نفسها تهز رأسها بالموافقة جذبها برقة إلى السيارة أركبها واتجه إلى سيارته وانتظرها حتى قادت أمامه وتبعها وهو يشعر بالراحة
كان عليها مواجهة العمة التي قالت "والآن ما تبريرك لما فعلتِ"
نظرت إليها وقالت "كنت بحاجة لأن أكون وحدي"
قال وهو يتحرك لغرفته "عمتي لقد انتهى الأمر وعادت"
نظرت إليه وهو يدخل غرفته فقالت "أنا آسفة عمتي، للحظة شعرت أن لا مكان لي هنا"
اقتربت منها المرأة وقالت "لابد أن تعرفي أنكِ صاحبة هذا المكان وتمتلكيه"
قالت ذلك وهي تشير إلى غرفة آدم وفهمت هي ما تعنيه المرأة التي أكملت "فقط دعي الوقت هو الذي يذيب الصعوبات ويكشف ما يخفيه القدر، ثقي به يا فتاة، ثقي به"
احتضنتها المرأة بحنان وكم كانت بحاجة فعلا لحضنها ثم أبعدتها وقالت "والآن اذهبي إليه هو بحاجة إليكِ يبدو متعبا"
ابتسمت وهزت رأسها وطبعت قبلة على خد العمة واتجهت إلى غرفته
نظر إليها بعد أن غير ملابسه وفي طريقه للفراش، جلس على طرف الفراش فأسرعت إليه لتعدل له الوسادة وما أن انتهت حتى أمسك يدها ونظر بعيونها وقال وهي تنظر إليه
"لن ترحلي مرة أخرى أليس كذلك؟"
قالت بضعف "لا تدفعني إليه"
زاد ضغطه على يدها وقال "حسنا والآن اذهبي وارتاحي، تبدين متعبة"
ابتسمت وقالت "سأبقى حتى تنام ثم أنت لم تتناول العشاء سأجهزه لك وإلا أيمن سيقول أنني ممرضة فاشلة"
قال وهو يشد على يدها "أيمن! ومنذ متى يهمك رأيه أم أنكِ تخشين من غضبه؟"
ابتسمت وقالت "أنا أخشى على صحتك أنا لا أعرف أيمن أصلا، رأيته فقط بالمشفى"
تنهد متى سيكف عن غيرت ؟ ترك يدها فذهبت لإعداد العشاء وهي سعيدة أنها عادت بل لأنه هو الذي أعادها لو لم يكن يريدها لتركها ترحل
عاد الصباح بيوم جديد قاضيا على ذكرى مؤلمة ماتت مع الأمس ورحلت مع الليل دخلت لغرفته مبكرا بالإفطار، لم يكن قد استيقظ بعد، وقفت أمامه وهي تتأمله كم أعشقك أيها الرجل ليتني أتجرأ وأخبرك بحبي، ليتني أفعل ..
فتح عيونه وكأه سمع كلمات قلبها ليجد عيونها تواجهه فابتسمت وقالت "تأخرت بالنوم اليوم هل ما زلت متعب؟"
اعتدل فساعدته وهو يقول "وهل يمكن أن أتعب وأنا أستيقظ على تلك العيون؟"
زادت ابتسامتها واحمر وجهها فأسرعت إلى الإفطار وقالت "أنا أموت من الجوع هيا تفضل معي"
تناولا الافطار في جو سعيد وما أن انتهيا حتى دخلت أميرة ورنين تمنحه الدواء، لم تتحرك رنين من جانبه بينما تقدمت أميرة وقالت "صباح الخير حبيبي، كيف حالك اليوم؟"
كان من الواضح أنها لم تشعر بما حدث أمس، نظر إلى رنين التي لم تنظر إليه ثم نظر لأميرة وقال "بخير"
انتهت رنين من الدواء ثم جلست بجانبه على طرف الفراش قريبة منه لدرجة أنها كادت تلامسه فاندهش من تصرفها ولكنه بالطبع لم يعلق
نظرات غريبة كانت بعيون أميرة التي قالت "يمكنكِ الذهاب لعملك سأبقى أنا معه لا تقلقي"
ولكن رنين ردت بهدوء يتناقض مع غيظها "أي عمل الذي أفكر به وزوجي حبيبي بحاجة إلي؟ بالطبع صحته أهم من أي شيء في الدنيا اذهبي أنتِ واهتمي بشعرك أو ماكياجك فلا تبدين متألقة اليوم كعادتك"
بالطبع كانت نظرات أميرة غاضبة وهي تعدل من شعرها بحركة تلقائية كاد آدم يضحك منها ولكنه تراجع بينما قالت أميرة "بل أنا في أفضل حالاتي واضح أنكِ تعانين من قصر النظر"
ضحكت رنين وقالت بسخرية "ربما"
ارتبكت أميرة للحظة وقالت "آدم أنا أقصد لو احتجت لشيء أنا بغرفتي"
ما أن خرجت حتى انفجر الاثنان بالضحك وما أن انتهيا حتى أدركت مكانها، كادت تنهض ولكنه أمسك ذراعها ليمنعها من الابتعاد فنظرت لعيونه التي كانت تحدق بعيونها ومرر يده على وجهها الذي ازداد احمرار من لمست يده، أبعدت وجهها وكادت تنهض مرة أخرى ولكنه أعادها مرة أخرى برقة ..
نظرت بعيونه القاتمة وقالت بضعف "آدم اتركني أنا، أقصد"
توقفت من اقتراب وجهه، كم افتقدها بالأيام الماضية كم تألم مما كان وكم يريد الآن أن يتأكد من أنها عادت ولم تتركه، تسربت يده إلى عنقها بين خصلات شعرها وفك دبوس شعرها فانسدل على كتفيها كالحرير همس
"هكذا أفضل تبدين أكثر رقة وجمال"
عادت الحرارة تسري بجسدها وما زالت يده تعبث بشعرها ثم جذبها إليه برقه والتقت الشفاه مرة أخرى في قبلة جديدة ولكنها كانت مختلفة كانت صلح أو اعتذار أو عودة إلى ما كان
تصريح مكتوم بالحب، رغبة صادقة بمشاعر محفورة بالقلوب ربما تنتظر فقط أن تخرج إلى النور أبعدها بعدما شعر أن أنفاسها انتهت ثم جذبها إلى أحضانه وقال بحنان "في قربك راحة من كل الآلام"
شعرت بسعادة لم تعرفها من قبل ثم أبعدها ونظر إليها وهو يحيط وجهها بيديه كانت تشعر بأن الدنيا تطير بها فوق السحاب بعيدا عن كل ما فات، نظرات عيونه تعني الحنان، حضنه يعني الأمان، قبلته، آه من قبلته إنها الأحلام
قال "أعتقد أنني لا أريد أن أنهض من ذلك المرض"
ضحكت وابتعدت وهي تقول "من هذا الذي يتحدث؟ هل أنت الباش مهندس آدم الذي لا يغيب عن الأرض يوما واحدا"
نهض واتجه إليها حتى وقف أمامها وقال "وهل يمكن أن أترك التدليل الذي تدلليني به وأرحل إلى العمل؟"
عادت وضحكت بدلال قتل مقاومته على جذبها الى احضانه مرة اخرى ولكنه تحكم فى نفسه فلو فعلها سيندم الاثنان
قالت "يبدو أنك تخدعيى فأنت بخير الآن"
ابتسم وقال وهو يخلع جاكتته "للأسف لم أنجح ولابد أن أعود للعمل لأبتعد من أمامك وإلا لا أعلم ماذا يمكن أن يحدث لو بقيت"
احمر وجهها وشعرت بالخجل فأسرعت إلى الخارج وسمعته يقول "اجهزي لو ستأتين معي"
ابتسمت وهي تغلق الباب وأخيرا تشعر ببعض السعادة، أخيرا عاد إليها الهدوء والراحة و..هو حبيب قلبها
وصلت معه إلى المزرعة وعادت إلى العمل بنشاط أكبر وحماس أكثر واندمجت في العمل ونست كل ما كان
اتجه إلى المركز ودخل إلى الرائد الذي نهض ورحب به "أهلا آدم بيه، كيف حالك تفضل"
جلس آدم وقال "الحمد لله بخير اليوم لكن منذ يومين كدت ألقى حتفي"
تراجع الرائد وهو يستمع إلى آدم وهو يحكي له وما أن انتهى حتى قال "هذا يعني أن ذلك الرجل أمدها بجرعة أخرى؟ آدم بيه أنا الآن أحذرك منها جديا، عمتك بل جميعكم بخطر"
أشعل آدم سيجارته وقال "أعلم ولكن لابد أن نجد حلا سريعا أميرة لم تتوقف رغم أني فعلت ما طلبته وكدت أفقد زوجتي"
وقف الرائد واتجه إليه وجلس أمامه وقال "وأين رجالك داخل الفيلا؟ ومن ذلك الرجل؟ وكيف لم نصل اليه؟"
تراجع آدم وقال "هذا ما يجب أن تجاوبني عليه أنت أليس هذا عملكم؟"
تراجع الرائد وقال "تعلم أنني لم أتهاون بالأمر ولكن ما يحدث داخل الفيلا مسؤوليتك أنت أم نسيت؟ عليك أن تشدد من مراقبتها لابد أن نصل لمن يساعدها وذلك الدواء لا تجعله يصل لعمتك أنت تعلم النتيجة"
هز رأسه وقال "سأفعل، ألم تصلك أي أخبار عن حسان؟"
قال الرائد "لا، بالطبع لو وصلت لشيء كنت أبلغتك"
نهض آدم وقال "وأنا أيضا لو وصلت لشيء سأبلغك اسمح لي"
عاد إلى عمله، رحب به الجميع بسعادة إلى أن انتصف النهار شعر برغبة في لقياها مرة أخرى وما أن قرر أن يذهب حتى رآها أمامه، ابتسم وقال "كنت أفكر بالذهاب إليكِ"
ضحكت وقالت وهي تنزل من العربة بمساعدته "جئت اطمئن عليك في أول يوم عمل"
حجزها بينه وبين العربة وقال "لم أكن بخير ولكن أنا الآن في أفضل حال، ما ر أيك لو أدعوكِ على سمك بالانفوشي؟"
حدقت فيه بدهشة وقالت "أنت مجنون!؟ نذهب اسكندرية وأنت ما زلت متعب"
قال وهو يجذبها من يدها إلى سيارته " إنها ساعة زمن هيا نحن بحاجة للتغيير"
جلست بجانبه وهي تندهش من أفعاله وتنظر إليه وهو ينطلق بالسيارة، نظر إليها وقال "والآن ماذا؟"
قالت بصدق "لا شيء فقط أرى أن ما نفعله جنون وأنا أخاف عليك من المجهود"
قال "أحيانا لا نشعر بأي مجهود في أفعالنا طالما نشعر فيها بالراحة"
لم ترد وإنما اكتفت بابتسامة هادئة أسرت قلبه المتعب وأراحته
تناولا الغداء في مطعم أسماك بالانفوشي ثم اتجها إلى السينما واقتنص يدها دون اعتراض منها وبعد فترة أحاطها بذراعه ولم تعترض بل كانت سعيدة خاصة وأن المشاهد الرومانسية كانت تجعلهم يزدادون قربا والنظرات تزداد قوة وتعبيرا عما بداخل قلوبهم
وأخيرا عادا إلى البحر، وقفا أمامه قليلا فقال "أعشقه منذ صغري"
ابتسمت وقالت "أنا أيضا، كنت كثيرا ما آتِ مع داد ونجلس على الرمل ويتركني ألعب عليها وحدي وأحيانا كان يجري خلفي ليلعب معي، داد كان كل حياتي"
نظر إليها بحنان ثم جذبها وقال "دعينا نعيد الذكريات على الرمال"
تفاجأت بما فعل ولم يمنحها فرصة للرفض وهو يجذبها إلى أسفل حيث الرمال، خلعا الأحذية وسارا في المياة الباردة، ضحكا كثيرا وهما يحفران بالرمال ويبنيان قلاعا صغيرة سرعان ما تهدمها الأمواج وأخيرا ابتعدا عن المياه وجلسا على الرمال يتأملان ظلام الليل بينما كان القمر يتملك السماء والنجوم كالخدم من حوله نظر إليها وقال
"سعيدة"
بادلته النظرة وقالت "سعادة لم أعيشها من قبل"
وضع جاكتته على كتفها وضمها إليه بحنان وقال "ليتنا نبقى هنا للأبد"
قالت وهي تنظر بعيونه الجميلة "نعم ليتنا نبقى هنا للأبد"
عندما عادا كان الوقت قد تأخر نزلت من السيارة وانتظرته إلى أن لحق بها أحاطها بذراعه وكادا يدخلان لولا أن أسرع أحد الرجال إليه وقال "آدم بيه هناك أمر ضرورب"
نظرت إليه بدهشة فأبعدها وقال "هل يمكن أن تذهبي وأنا سأرى ماذا هناك وأعود"
لم تذهب وقالت "لا، سآتب معك لن أتركك أنت .."
قاطعها بحزم "رنين، أنتِ لن تذهبي لأي مكان الآن، هيا ادخلي من فضلك"
كانت كلماته قاطعة وغير قابلة للنقاش، خلعت الجاكت وأعطته إليه وقالت "هل ترتديه من أجلي"
أخذه منها وهز رأسه وتابعها وهي تدخل وارتداه ثم التف إلى الرجل وقال "ماذا حدث؟ انطق"
قال الرجل "حسان بيه موجود الآن بمكان خارج العزبة ورجاله تحاوطه و.."
بالطبع لم يكمل انطلق لسيارته وقال "اركب ولا تضيع الوقت هل أخبرت عم صابر والرجال؟"
فتح هاتفه الذي كان مغلق واتصل بصابر الذي قال "نحن ننتظرك يا آدم هيا أسرع"
انطلق بأقصى سرعة إلى أن وصل للمكان وما أن نزل حتى كان رجاله حوله قال صابر "هو بالداخل ومعه الحاج منصور يبدو أن بينهم عمل فلننتظر حتى يخرج"
ولكن آدم أخرج سلاحه من السيارة وقال"لقد انتظرت كثيرا وإلى هنا وانتهيت"
لم ينتظر أحد وهو يتقدم إلى البيت وبالطبع بدء يصطاد رجال حسان بهدوء هو ورجاله وأخيرا وصل إلى البيت، دفع الباب ورأى حسان ومنصور وأربع رجال رفعوا أسلحتهم على الفور في وجه آدم ورجاله ولكن آدم ورجاله كانوا أسرع بإطلاق النار فأصابوا الرجال بينما كاد حسان يهرب فانطلق آدم إليه وأمسكه من جلبابه وقال بغضب
"إلى أين؟ هل ظننت أنني سأتركك تذهب بما فعلت؟"
حاول حسان أن يخلص نفسه فاشتبك مع آدم في قتال دامى تمكن آدم من أن يطرح حسان أرضا بقوة وينهال عليه باللكمات إلى أن وجد أحدهم يبعده بقوة ويهتف
"كفى يا آدم ستقتله أنه لا يستحق"
قال وهو يحاول أن يخلص نفسه ويعود إليه "اتركني يا صابر سأقتله إنه خائن، كلب، جبان يريد أن ينهش عرض أخيه"
ولكن صابر أوقفه بقوة وقال "لا يستحق أن تدخل السجن بسببه عمتك وزوجتك و أرضك وعزبتك كلهم بحاجة إليك، اهدء سلمه للشرطه ليأخذ القانون مجراه إنها ليست شروع في اغتصاب فقط ولكن تجارة مخدرات انظر حولك"
أدرك بالفعل أن حسان كان يقوم باستلام أو تسليم بضاعة فبصق عليه واتصل بالرائد رفعت
ما أن وصل رفعت وساعد العساكر حسان على أن ينهض وبينما آدم يقف ويتحدث مع رفعت إذا بعم صابر يصرخ وهو يندفع إلى آدم "آدم، احذر، لا"
وانطلقت الرصاصة لتصيب الهدف
الفصل الثاني والعشرون من هنا
لقراءة باقي الفصول من هنا