
في حي شعبي بسيط بالقاهرة، كان اليوم يبدو عاديًا ككل يوم ضجيج الأطفال في الشوارع، الباعة ينادون على بضائعهم، وزحام لا يهدأ داخل بيت صغير، جلست ندى أمام المرآة، ترتب شعرها الأسود الطويل بتوتر
غدًا يوم حفل زفافها على حب عمرها... مروان
_هتبقي أحلى عروسة يا ندى!
قالتها أمها بابتسامة حنونة وهي تدخل الغرفة.
ندى نظرت لوالدتها وعيناها تلمعان بالسعادة والقلق معًا
_يا رب يا ماما كل حاجة تمشي كويس... أنا خايفة قوي..
_خايفة من إيه يا بنتي؟
دا مروان ده راجل يتقال بالدهب و هيشيلك على راسه دا كفايه انو بيحبك بس وحبك باين في عيونه
في نفس اللحظة كان مروان يعمل في ورشته الصغيرة منهمكًا في إنهاء عمله قبل اليوم المنتظر كان يخطط لشراء هدية أخيرة لندى، شيئًا يعبر عن حبه الكبير لها فقرر الذهاب لاكبر مول لتجهيز الهديه
مروان لصاحبه:
حسن تعالي كمل الشغل دا مكاني عشان انا رايح مشوار قريب وراجع
حسن بدهشه:
مشوار اي يبني الي رايحه دلوقتي مش المفروض انهارده الحنه بتاعتك
مروان بشرود وحب :
وعدت ندي بهديه لازم اروح اجبها ليها عشان الحق احطها في الشقه قبل الفرح
حسن بغمزه:
ايوا بقى يعم الناس الي هتتجوز الي بتحبه دي ربنا يتمم عليكم بخير يارب
اتنهد وقال بمزاح:
مدام كده روح وانا هخلص واقفل واسبقك علي بيتكم
ابتسم مروان وحضن حسن بحب ورحل لجلب هديه لحبه الوحيد...
لكن قد يكون القدر قد خبأ له شيء اخر
مساءً الفرحه تعم المنزل واصوات الموسيقى تترتفع وندي تتمايل وسط اصحابها
الي حين سمعت صرخة أمها التي شقت الاجواء وسكت كل شيء، ندى هرعت للخارج وهي ترتجف:
في إيه يا ماما؟ مالك انت كويسه
امها بحزن والدموع تنهمر من عينها:
مروان... مروان يا ندى!
ندي بخوف:
ماله مروان ي ماما في اي
ردي عليا مروان حصله حاجه
امها ببكاء:
مروان في المستشفى
أمام باب غرفة الطوارئ تقف عيناها معلقتان بالباب الذي لم يفتح منذ ساعات خرج الطبيب أخيرًا، نظراته حزينة:
أنا آسف عملت الي عليا لكن... للاسف البقاء لله "
العالم توقف عند تلك اللحظة شعرت ندى وكأن روحها قد غادرت جسدها لم تكن تصدق أن حبيبها، الذي كان على وشك أن يصبح شريك حياتها، قد ذهب للأبد لم تدر ما حصل لها بعد ذلك الا بعد مرور اسبوع من هذه الواقعة التي دمرت حياتها
مرّت الأيام ببطء شديد، وكل يوم كان أصعب من سابقه ف ندى انغلقت على نفسها كانت ترفض الخروج، وتعيش على ذكريات مروان وصوره التي تملأ غرفتها
عام كامل مضى بدون اي تغيرات
أخيرًا قررت ندي أن تواجه الحياة لا شيء سيعيد مروان لكنها أدركت أنها لا تستطيع أن تترك حياتها تتوقف عند هذه النقطة ستسير الحياه وذكري مروان ترافقها ولن تسمح لاحد بأخد مكانه في يوم
بعدد الحاح الكثير من والدتها ان
تعمل في اي مجال لتبدأ في رحله جديده تغير من افكارها
ف
قدمت للعمل في شركة كبيرة بعد أن سمعت عنها من صديقة لها
في صباح يوم الانترفيو ارتدت ندى قميصًا بسيطًا وبنطالًا أسود
وذهبت الي مكان العمل وقفت أمام باب الشركة وهي تأخذ نفسًا عميقًا:
"يا رب كون معايا... خليني أقدر أكمل
دخلت الشركة، كانت ضخمة وفاخرة بشكل أرعبها تقدمت لمكتب الاستقبال وهناك طلبوا منها الانتظار في غرفة صغيرة
بعد دقائق ناداها السكرتير:
استاذه ندي السيد المدير مستني حضرتك في المكتب اتفضلي
دخلت ندى مكتب المدير بخطوات مترددة كان المكتب فخمًا جدًا، مع نوافذ زجاجية ضخمة تطل على المدينة خلف المكتب جلس رجل في منتصف الثلاثينيات، يرتدي بدلة رمادية، وعيناه مليئتان بالحدة
اتفضلي:
قالها آدم ببرود دون أن يرفع رأسه من الأوراق أمامه
جلست بصمت، تحاول السيطرة على توترها لكن ما إن رفع آدم رأسه لينظر إليها، حتى تغير كل شيء للحظة، توقف الزمن
قلبه دق بقوة لم يشعر بها منذ زمن بعيد حاول السيطره واخد الاوراق الخاصه بها
آدم بتوتر:
.. أنتِ اسمك ندي؟
ندى بصوت هادئ:
أيوة يا فندم
آدم شعر بشيء غريب جدًا لم تكن مجرد فتاة عادية كانت هناك طاقة غريبة جذبته نحوها شعور لم يعرفه من قبل
آدم بعد لحظة صمت: "أنتِ مقبولة"
ندى بدهشة:
"بس حضرتك لسه ماسمعتش مني أي حاجة! ولا حتي فتحت cv"
آدم (بهدوء غريب): "مش محتاج أسمع ابدأي شغل من بكرة
خرجت ندى من المكتب وهي لا تصدق ما حدث كيف قُبلت بهذه السهولة؟
أما عن آدم، فجلس مكانه يحاول فهم ما شعر به
ادم بستغراب :
إيه اللي حصل لي ده ؟ أنا مش كده... عمري ما كنت كده
ليه قلبي دق بالطريقه دي
كاني اعرفها من زمان
يتري وراكي اي ي ندي او انت مين عشان قلبي يكون عرفك بالرغم من اني عمري ما شفتك قبل كده
عاد الي منزله
ولكن لم يستطع النوم تلك الليلة كان قلبه يطرق بقوة كلما تذكر وجه ندى تذكر اللحظة التي غيّرت حياته قبل عام عندما كان بين الحياة والموت
حادث سيارة كاد ينهي حياته لكنه نجا بفضل زراعة قلب جديد الدكتور اخبره يومها ان المتبرع شاب توفي في حادث سيارة، لكن آدم لم يسأل عن التفاصيل
"ليه حاسس إن قلبي بيعرفها؟
.. هل ممكن يكون في حاجة أنا مش فاهمها؟ بقيت حاسس اني فى دوامه غريبه
في الأيام التالية، بدأ آدم يقترب من ندى أكثر، بحجة العمل كانت تشعر بتصرفاته الغريبة، لكنها لم تشتكِ أما هو، فبدأ في البحث عن ماضيها دون أن يخبرها
حتى اكتشف الحقيقة الصادمة:
القلب الذي ينبض في صدره يعود لخطيبها الراحل، مروان
مرت أسابيع، وكانت الأمور في الشركة تبدو طبيعية بالنسبة للجميع، إلا بالنسبة لآدم وندى آدم كان يشعر باضطراب داخلي كلما رآها، وندى كانت تتساءل عن السبب وراء تصرفاته المتناقضة: اهتمام زائد أحيانًا وبرود فجائي أحيانًا أخرى
في إحدى الأمسيات، وبينما كانت ندى تعمل متأخرة في المكتب، اقترب آدم منها فجأة
آدم بصوت منخفض: ندى... ممكن نتكلم شوية؟
ندى بتردد:
أكيد يا فندم خير؟
آدم ينظر في عينيها:
مش موضوع شغل... محتاج أقولك حاجة خاصة شويه
ندى شعرت بالتوتر كانت تعلم أن هناك شيئًا، لكن لم تتخيل أبدًا أن ما سيقوله سيقلب حياتها رأسًا على عقب
آدم تنفس بعمق كأن الكلام الذي يريد قوله ثقيل على قلبه جلس على كرسي قريب منها، وبدأ يحكي
آدم: "في حاجة لازم تعرفيها وكنت بحاول أأجلها عشان مش عارف أواجهك بيها... بس هو...... أنا عملت حادثة من سنة تقريبًا
ندى (طبتعاطف: "حادثة؟ يساتر يرب، ربنا ستر عليك
آدم بعيون حزينة:
ستر؟ أنا نجوت لكن اللي نجاني كان مات... وأنا عايش بفضله
ندى لم تفهم ما يقصده
ندى:
مش فاهمة قصدك، مين اللي مات؟"
آدم يتجنب النظر إليها: "القلب اللي بينبض في صدري ده... مش قلبي
أنا كنت بين الحياة والموت وزرعولي قلب الدكتور قال لي إن القلب ده لشاب توفى في نفس اليوم
ندى شعرت بشيء يتحرك بداخلها، كأن هناك شيئًا مألوفًا في كلامه، لكن عقلها رفض الفكرة قبل أن تنضج
ندى: "ليه بتحكيلي ده؟ إيه علاقتي؟"
آدم بصوت مكسور:
عشان القلب ده... كان قلب مروان
الكلمات سقطت عليها كالصاعقة نظرت إليه بذهول ثم تراجعت للخلف بخطوات سريعة كأنها تريد الهرب
ندى (تصرخ):
إنت بتقول إيه؟ إزاي يعني؟!
آدم:
"أنا مكنتش أعرف حاجة عنكِ لما شفتك، ولا عرفت مين هو مروان إلا بعدين لما دورت عليه لما اكتشفت إنك كنتي خطيبته، كل حاجة بقت منطقية... إحساسي لما شفتك لأول مرة، قلبي اللي دق كأنه بيعرفك، كله بسبب مروان"
ندى انهارت على الكرسي الدموع انهمرت من عينيها بلا توقف
ندى:
"ليه؟ ليه كل حاجة بتحصل لي أنا؟
مروان مات وخدوا حتى قلبه... مش كفاية اللي حصلي؟
آدم (يحاول تهدئتها):
"أنا آسف... لو كان بإيدي أغير ده، كنت عملت بس صدقيني وجودك في حياتي مبيحسسنيش إني عايش بالقلب ده... لأ، بحس إنه عايش عشاني
ندى رفعت رأسها، ونظرت له بنظرات مختلطة بين الحزن والغضب
ندى:
وإنت إيه؟ فاكر إني أقدر أبص في وشك بعد اللي عرفته؟ إنت بالنسبالي كل مرة هشوفك هفتكر إنك بتعيش بحاجة كانت بتخص مروان قلبه كان ليا، مش ليك
آدم شعر بطعنة عميقة في صدره، لكن لم يكن هناك ما يستطيع قوله ليخفف ألمها
آدم:
"أنا فاهم... بس لازم تعرفي حاجة واحدة أنا محستش بالحب، محستش بالحياة... إلا لما شوفتك يمكن قلبي مش بتاعي لكن إحساسي ليكي حقيقي
وقفت تمسح دموعها بعنف
ندى:
الحب؟ حب إيه؟ الحب ده مات مع مروان، وأنا مش عايزة أي حاجة منك سيبني في حالي
غادرت المكتب ذلك اليوم وهي تشعر بأنها لا تستطيع التنفس كل شيء أصبح أكثر تعقيدًا قضت الليل تبكي في غرفتها، تحتضن صورة مروان وكأنها تحاول أن تسترجع الذكريات التي سرقها الزمن
آدم، من ناحية أخرى، لم يستطع التوقف عن التفكير بها كان يعلم أن ما حدث ليس ذنبه، لكنه شعر بالذنب تجاهها، وكأنه سلبها شيئًا لا يمكن تعويضه
في الأيام التالية، كانت ندى تتجنب رؤيته بأي شكل حتى عندما تتحدث معه في العمل كانت كلماتها قليلة وباردة أما هو، فكان يحاول أن يترك لها مساحة لتقرر ما تريده
في يوم جمعة هادئ، خرجت ندى لتتنزه في الحديقة التي كانت تذهب إليها مع مروان جلست على المقعد نفسه، تتذكر لحظاتهما معًا فجأة، سمعت صوت خطوات خلفها
آدم:
كنت متأكد إني هلاقيك هنا من احساسي
ندى لم تلتفت له، لكنها لم تطلب منه أن يرحل
آدم:
"مش هحاول أقنعك بأي حاجة أنا عارف إني مش هقدر أعوضك عن اللي فقدتيه بس كنت عايز أقولك إن حياتي من غيرك ما بقتش حياة يمكن قلبي عمره ما كان ليّ، لكن وجودك في حياتي خلاني أقدر أشوف معنى للحياة
ندى تنهدت بعمق وقالت دون أن تنظر إليه:
ندى: "الحياة أحيانًا بتاخد مننا أكتر ما بتدي... وأنا تعبت من الأخد ده
آدم جلس بجوارها، لكنه لم يقل شيئًا فقط كان ينظر للسماء يفكر في كل ما حدث
ولكن ندي قالت شيء صدم ادم عندما سمعه.....
فما هي المفجأه التي ستفجرها له هل ستعطي له فرصه ام هناك شيء اخر
هل يمكن للحب أن ينبت في أرض دمرها الحزن؟ أم أن القدر كان قاسيًا ليجمعهما فقط ليجرح كلاهما مرة أخرى
يتبع