رواية مرايا الحب الفصل السابع عشر17 بقلم نورا عبد العزيز

رواية مرايا الحب الفصل السابع عشر17 بقلم نورا عبد العزيز 
بعنــــوان " مواجهـــــــة "

أوقف سيارته أمام بناية المنزل فترجل بصحبة "غزل" وكان مستمعًا بعودتها إليه بعد الكثير من الغياب وليالي من الأشتياق إليها، دلف إلى شقته ودُهش عندما رأي "قدر" جالسة على الأريكة أمامه وتضع قدم على الأخرى بغرور شديد لتقول:-
-حمد الله على السلامة، والله أنا كنت همشي من كتر ما أتاخرت

أقترب "يونس" منها بغضب سافر شديد وهو يكز على أسنانه بأقتضاب وقال:-
-أنتِ دخلتى هنا أزاى؟ فلك ... فلك

لم تُجيبه لتقف "قدر" بغرور شديد مستحوذ عليها وجزءًا من شخصيتها، أقتربت بخطواتها نحوه وصوت طقطقة حذاءها تخترق أذنيه حتى وقفت أمامه وقالت بلهجة حادة:-
-متتعبش نفسك، فلك مش هنا

ألتف لكى ينظر إليها بتعجب مُستغربة ثقتها هكذا ليقول:-
-أمال أنتِ دخلتي هنا ازاى؟

أخرج هاتفه لكي يتصل بها فتبسمت "قدر" بسخرية عليه وهو لا يفهم ما تلمح إليه وتركته يتصل بها لكنه ذهول عندما سمع رنين هاتف "فلك" لينظر إلى "قدر" وهى تحمل هاتفها لتقول بنبرة ساخرة باردة:-
-تؤتؤ... كان لازم ترد عليها لما أتصلت بيكي يا يونس

أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته من هذه المرأة لا يعلم كيف أخفت عنه كل قساوته ومكرها الخبيث طيلة هذه الفترة التى ظلت بها بجواره، مسكها من ذراعها بقوة غاضبًا وهو يقول:-
-فلك فين يا قدر؟

تبسمت بخبث شديد وعينيها تملأها الفرحة والسعادة ولأول مرة تشعر بأنها أنتصرت عليه وأصبحت تتحكم به، عينيه التى أرعبت خوفًا علي "فلك" والقلق الذي ظهر بعينيه جعلها تشعر بسعادة عامرة تغمر قلبها وعقلها الشيطاني فقالت بدلال تثير غضبه أكثر:-
-فلك معايا 

صاح بها بأنفعال شديد وغضب سافر وهو يقول:-
-بتنكشي على موتك يا قدر، كل مرة أقول أسيبك فى حالك لكن أنتِ لا مُصر على دمارك

ضحكت بسخرية تامة وهى تنظر إلي وجهه مباشرًا وعينيها تكاد تقتله فى الحالي:-
-وأهدي كدة وأسمع شروطي الأول ، ما أنا ما أخدتهاش عشان أختبرك وأشوفك بتحبها ولا لا، أنا عندي شروط

ضغط بقوة على ذراعها بقبضته وهو لا يصدق ما يسمعه وهذه المرآة التى تتحكم به ليقول:-
-شروط!! أنتِ مش هتخرج من هنا قبل ما تقوليلي فلك فين؟

ضحكت ساخرة على ثقته وقالت:-
-وأنت فاكر أنى مخبياها فى شنطتي، فلك مع ناس لو أنا مخرجتش من هنا وكلمتهم فى غصون ربع ساعة هيخلصوا عليها وبدل ما ترجعلك معززة مكرمة هترجعلك جثة، انا مش عبيطة عشان أقعد أستناك وأنا عارفة جنانك كدة من غير ما أمن نفسي

صمت وهو يرخي قبضته بخوف على "فلك" بعد أن سمع كلماتها ليقول بهدوء:-
-عايزة أيه يا قدر؟

تبسمت بأنتصار وهى تلحق به الهزيمة وترى الحُب بعينيه يُضعفه لتقول بسخرية:-
-شوفت أن الحب بيضعف ويذل، حبتيها وبقيت نقطة ضعفك زى العبيط، قبل فلك مكنتش عارفالك نقطة ضعف أنتقم منك بيها لكن بعدها بقي عندك يا يونس، أولاً تطلقني وتدينى كل حقوقي

قالتها بجدية صارمة ووجه خالي من أى مشاعر فقال "يونس" بسخرية وكأنه مُتشبثًا بها أو سيموت بدونها:-
-بس كدة روحي وأنتِ.....

وضعت سبابتها على شفتيه تمنعه من أستكمال كلمته فهل توقع أن هذا سبب لجعلها تأخذ "فلك"، هى تدرك جيدًا أنه لن يتشبث بها وبدون ان تأخذ "فلك" إذا كانت طلبت الطلاق لأعطاها حُريتها دون تفكير، تابعت بنبرة غليظة:-
-أستن كدة مستعجليش دى أولًا بس، وثانيًا الفيلا تتكتب بأسمى وتتسجل فى الشهر العقاري

نظر إليها بصدمة قاتلة ألجمته وعقله لم يستوعب ما تقول لتبتسم بخبث شديد وهى ترفع يديها إلى صدره تضعهما عليه بأسترخاء وبدأت تهندم رابطة عنقه بدلال تغيظه أكثر مُتابعة شروطها إليه:-
-وثالثًا وأخيرًا تدفعلي مبلغ 10 مليون جنيه كتعويض عن الجوازة المقرفة اللى وقعتنى فيها دى وخدعك ليا وكدبك أنك مريض 

كز على أسنانه بضيق شديد من كلماتها وقال:-
-مش عايزة الجرافتة اللى عليا  كمان

نظرت إليه من الرأس لأخمص القدم وقالت بسخرية:-
-مش عايزة من رايحتك حاجة تفكرني بقرفك، اول ما تنفذ شروطي هتلاقي حبيبة القلب عندك مكرمة 

مرت من أمامه لكى تغادر وهو واقفًا مصدومًا من شروطها التعجيزية فهو إذا واقف على الأول والثاني من أين له أن يحضر المبلغ المطلوب وكل أمواله دفعها لبناء شركته الجديدة مع أخاه، توقفت "قدر" بعد أن فتحت باب الشقة لتقول:-
-صحيح 

ألتف إليها بضعف مُنكسرًا لأول مرة تغلبه "قدر" ويشعر بقوتها تفوقه لكنها ليست الأولي فى إذلالها له، نظر إليها بصمت مُنتظرًا أستكمالها لما تريد قوله فتابعت بنبرة تهديد مُحذرة إياه:-
معاك ثلاث أيام بس يا يونس، وأوعي تنسي أنى دكتورة وأنها مريضة

تركت إليه بسمة مُخيفة أرعبته حقًا من أفعالها، كم قدر من الكره الذي تحمله "قدر" إليه وإلى "فلك" مُخيف ومرعبًا إليه، لن يضمن أبدًا سلامة "فلك" معها، جلس حزنًا مهمومًا على المقعد لتربت "غزل" على كتفه بحزن متعطفة معه بقدر كبير رغم كرهها هى الأخرى إلى "فلك" التى سلبته منها لكن ما يحدث مع حبيبها وحياته المليئة بالتعاسة والمشاكل جعلتها تشفق عليه، رفع نظره إلى "غزل" بحزن شديد وقال:-
-كان لازم أرد عليها لما اتصلت بيا، يمكن كنت لحقتها ...فلك مريضة يا عزل ممكن يجرالها حاجة من قبل ما تأذيها قدر، الخوف ممكن يموتها 

******************
دلفت "هالة" من الحديقة مُرتدية فستان أزرق بكم وتضع على أكتافها وظهرها شالًا من الصوف لترى "جميلة" تسرع للمكتب بقلق، صعدت للأعلي بلا مبالاة دون ان تهتم لما يحدث بالأسفل، دلفت إلى غرفتها وأتصلت برقم هاتف "فلك" ليُجيب عليها "يونس" ويخبرها بما حدث مما ذعرها بشدة ، لفت حجابها وأستعدت لذهاب إليه وقبل أن تنهي أستعداداتها فُتح باب الغرفة ودلفت "داليا" تقول:-
-مُتأسفة جدًا بس عايزة أخد حاجة من الحمام

أومأت "هالة" لها بنعم وهى تضع دبوسها الأخير فى حجابها لتراها بعد أن أستدارت تخرج حاملة بيدها صندوق أدوات الإسعافات الأولية ثم ترجلت للأسفل معها لتسمع "جميلة" تقول:-
-بسرعة يا داليا

نظرت "هالة" إلى حيث صوت "جميلة" لتراه جالسًا على الأريكة ورأسه تنزف دماء لا تفهم سبب هذا النزيف لكنها لا تهتم بهذا الأمر، فتح باب المنزل ودخل الحارس يقول:-
-حضرتك طلبت عربية أوبر يا أنس بيه

نظر "أنس" إليه بدهشة بينما "جميلة" تطهر جرحه وقال:-
-لا

أتاه صوت "هالة" الحاد تقول:-
-أنا طلبته

نظر "أنس" إليها بدهشة ليراها مُستعدة للرحيل فنظر إلى ساعة يده وكانت الواحدة بعد منتصف الليل ليبعد "جميلة" عنه بعد أن وضعت اللاصقة الطبية على رأسه وقال حينما يقف:-
-أنتِ خارجة؟

نظرت إليه بأشمئزاز وتقزز فحتى الرد عليه ثقيلًا على صدرها وعلى لسانها، مُخاطبته كصخرة تضغط على قلبها المفتت من الألم، لكنها حاولت كبح هذا الغضب لتقول بعناد:-
-وأنت مالك!!

سمع جوابها ونبرتها الحادة وهو يعلم بكرهها إليه لكنه شعر بالمهانة أكثر أمام مؤظفيه ليشير إليهم، غادر الجميع المكان بعد أن أشار إليهم بالرحيل وأقترب أكثر منها وهو يقول بحزم شديد:-
-مالي أيه؟ أنتِ مبصتيش فى ساعتك قبل ما تنزلي من فوق
 
ضحكت ساخرة عليه وقالت بعد ان رفعت حاجبها الأيسر إليه وقالت بإقتضاب:-
-أيه الخروج متأخر مضايقك وخايف عليا من كلاب السكك، طب ما هم قاعدين معايا فى البيت مش بس فى الشارع

أبتلع ريقه بضيق من كلماتها لتبتعد خطوة للخلف بخوف مُصطنع وتابعت بعيني ترمقه:-
-لتكون فاكر أن بيتك أمان ليا وأنت موجود، أنا بقفل عليا بالمفتاح وبحط الكرسي وراء الباب عشان كلاب السكك اللى بتتكلم عليهم، ولو خايف عليا متتعبش نفسك وتخاف مش هيجرالي أكتر من اللى جرالي على أيدك

ألتفت لتخرج من المنزل، تأفف بضيق من كلماتها وأستدار ليدخل إلى المكتب لكن أستوقفه "جميلة" عندما مسكت ذراعه بقوة وقالت بجدية:-
-رايح فين؟ وراءها يا أنس مهما كانت قسوتها هى مراتك وتحت مسئوليتك دلوقت والشوارع مليان بلاوى، متسبهاش لوحدها روح

تأفف بضيق ثم خرج من المنزل بسرعة ليري السيارة تغادر من بوابة الفيلا بعد أن صعدت "هالة" بها، ركب سيارته مُسرعًا وأنطلق خلفها بسرعة جنونية حتى يلحق بها، رأي السائق تسير خلفهما مباشرة فقال بهدوء:-
-تعرفي العربية دى

ألتفت للخلف ورأت سيارته وهى تعرفها جيدًا لتنظر إلى الأمام بضيق وقالت:-
-كمل طريقك ومالكش دعوة بيه

ظل يسير خلفها وهو يراقب السيارة بحذر حتى توقفت أمام منزل أخاه وفى الأصل هى شقة أهله، ترجلت "هالة" من السيارة بعد أن دفعت أجرتها وصعدت للأعلى، أقترب الحارس من سيارة "أنس" ليرحب به وبعد ترحيب طويل أخبره بأختطاف "فلك" فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته وكأن هذا الرجل صعقه بالكهرباء، ترجل من سيارته مسرعًا وصعد للأعلى لتفتح له "هالة" بأغتياظ من حضوره وقالت:-
-مش كفاية اللى سمعت جاي ورايا لحد هنا.....

بتر حديثها وهو يدخل للشقة مُتجهًا إلى أخاه بقلق شديد ليقول:-
-معقول اللى سمعته دا؟ فلك أتخطفت

رفع "يونس" عينيه إلى أخاه بغضب كبير ولا يعلم أهذا القلق الموجود فى عينيه سببه أخاه أم قلبه العاشق لزوجته فقال بسخرية بعد أن وقف ووضع يديه فى جيب سترته:-
  -ويا ترى الخوف دا على مرات أخوك ولا على فلك البنت اللى بتحبها

أتسعت عيني "هالة" على مصراعيها بسماعها لهذا الشيء لكنها لم تبالي بكونه يحب فتاة أخرى ام لا فهى من الأساس لا تكن له سوى الكره والحقد والغل، أجابه "أنس" بغضب شديد قائلًا:-
-أنا بطلت أحب فلك، من الأساس أنا بطلت أحب وبقيت شايل جوايا صخرة كبيرة مش قلب، أنا خايف عليها عشان عارف أنك بتحبها ومن غيرها هتتوجع زى ما بتتوجع، أنت الحب بيوجعك وأنا اللى بشيل الوجع دا معاك وعنك، خلاص بقيت شايفنى وحش لدرجة دى يا يونس، بعد كل اللى عملته معاك ووقوفي جنبك بقيت تكرهنى أنا

صمت "يونس" بضيق مُتحاشيًا النظر إليه، ضحك "أنس" ساخرًا من حياته والخسائر التى وقعت عليه فلم تكن "هالة" وحدها التى كرهته بل نظره الغضب والنفور التى رأها فى وجه أخاه للتو مثلها تمامًا، ألتف "أنس" حزينًا ثم رحل دون أن يهتم بوجود "هالة" ومتى ستعود للمنزل؟....

************************

نظرت "فلك" لأشعة الشمس التى تغلغلت من النافذة للغرفة بهدوء حتى فُتح الباب ودلفت "قدر" فرمقتها "فلك" ببرود شديد وتراقبها عن كثب وهى تجلس على المقعد وتضع قدم على الأخري، سألت "فلك" ببرود شديد:-
-أرتحتي كدة؟

تتطلعت "قدر" بها من الرأس لأخمص القدم ثم قالت بغرور شديد:-
-جدًا، عايزة اسألك سؤال واحد من يوم ما شوفتك، أنتِ فيكي أيه زيادة عني؟

جلست "فلك" على الفراش بهدوء وحدقت بوجه "قدر" ثم قالت:-
-فيا الحنية والطيبة، أنا مش شايفاكي وحشة بالعكس أنتِ أى راجل يتمناكي، وأنا لو كنت راجل كنت هتمنى أنى أتجوز دكتورة شاطرة وناجحة وجميلة وأنيقة ومتحضرة لكن رغم كل الجمال دا أنتِ اللى ناقصك الحنية، جبر الخاطر، يونس مريض بمرض نفسي مش كانسر لا قدر الله ولا مستنى الموت، عكسي أنا لما بيطلع عليا شمس يوم جديد بقول الحمد لله وبدعي يطول فى عمرى أشوف شمس بكرة، واحدة عايشة على حافة الموت وأحتمال الموت يكون واقف وسطنا دلوقت مش هقولك برا الباب دا، بس المريضة دى بقي طبطبت عليه وجبرت بخاطر بخلافك أنتِ يا دكتورة ، أه أنتِ مش دكتورة نفسية لكن تعرفي تتعاملي مع المريض ، أنا واثقة ومتأكدة لو كنت حنتي عليه شوية مكنش هيعشق ولا هيحب غيرك، لأن فعلًا أنتِ ما شاء الله ربنا مديكي كل حاجة يتمناها أى راجل فى ست

كانت "قدر" تستمع لحديثها وعقلها بدأ يستوعب كلمات "فلك" وربما التقصير من البداية كان منها هى أولًا فقالت بضيق:-
-ههههههه تفتكري محاولتش أكون طيبة معاه وأحبه

أجابتها "فلك" بنبرة خافتة هادئة:-
-يمكن حاولتي لكن زى مبتقولس مجرد محاولة واحدة، مأخدتيش بأيده وفضلتي معاه بالطريق، أنتِ أول واحدة سابت أيده فى طريقه الصعب، مستحملتيش وجود بنت فى خياله وبدأتي تحسسيه أنه بيخونك بجد وبرغبته، بدل ما تقدمي له الحب قدمتي الإهانة والذُل، مين فى الدنيا ممكن يقبل بذُل حد له، أنتِ مثلًا ممكن تقبل أن حد يذلك ويهينك كل ما يشوفك، معقول تحبي حد كل ما يشوفك يوجعك بكلامه، ليه محطتيش نفسك مكانه مرة واحدة فى كل المرات اللى وجعتيه فيها...

بدأت الدموع تنهمر من عيني "فلك" مع كلماتها دليلًا على ألم قلبها علي مأساته وما مر به من وجع بصبحة هذه المرأة، رأت "قدر" دموعها المُنهمرة ولم تستوعب سبب دموعها وألمها حتى نبرتها الثابتة تبدلت بخافتة مُنكسرة، رفعت "فلك" يدها تجفف الدموع بسبابتها بلطف وقالت:-
-عارفة أنا مكرهتكش رغم كل الأذي الى أذيتى ليونس، لأنى حاولت أحط نفسي مكانك مرة بس فشلت، فشلت فى أن يكون قلبي المريض قاسي على حد مهما كانت جريمته مع والله يونس ما أرتكبش أى جريمة فى حقك، بس أنا عارفة أنك مجروحة وكل اللى بتعمليه دا من ألمك، لكن قوليلي على حاجة واحدة هتستفاديها بخطفك ليا أو أذيتك ليا بأى طريقة، يونس هيرجع لك!! ، بلاش دى أنتِ نفسك هترجعي قدر الدكتورة المحترمة اللى كل الناس بتحترمها ولا هتتحول لمجرمة بتخطفي وتقتلي

صاحت "قدر" بها بانفعال شديد قائلة:-
-على الأقل هيتوجع زى ما أنا أتوجع

تبسمت "فلك" لها بعيني حزينة مُنكسرة تحمل الإشفاق عليها لتقول بلطف:-
-صدقينى يا قدر أى حاجة بتخسريها ممكن تتعوض، ربنا ممكن يعوضك براجل يحبك أحسن من يونس مية مرة ويحطك تاج على رأسه، أى حاجة بتتعوض إلا حاجة واحدة لو خسرتيها مستحيل تتعوض، أنتِ يا قدر... لو خسرتي نفسك ونقاك وأحترامك لنفسك مش هتعرف تعوضي نفسك 

غادرت "قدر" الغرفة غاضبة ومُنفعلة بحدة لتغلق الباب بقوة وكأنها تكسره بقبضتها وبعد أن أغلقت أنهارت فى البكاء بحزن على ما ألت إليها الأمور وما أرتكبته بحق نفسها، فى بداية الأمور أتفقت مع مجرمين لقتل "فلك" والآن خطفتها، جاءت الخادمة إليها لتراها على الأرض تبكي بأنهيار شديد فجلست بجوارها وبدأت تربت عليها بحنان......
 
*********************

كان "يونس" جالسًا بمكتبه حتى رن هاتفه برقم "فلك" فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة من رؤية اسمها وهاتفها بشقتهما، استقبل الأتصال بقلق ويدي مُرتعشة وهمس بنبرة خافتة قائلة:-
-ألو..

أتاه صوتها وهى تقول:-
-يونس

وقف من مقعده مُسرعًا وبجواره "غزل" تضع يديها على أكتافه ليقول:-
-فلك! أنتِ فين؟

أجابته بنبرة غليظة حادة ولم تنسي نهائيًا ما بدر منه قبل أختطافها قائلة:-
-أنا فى البيت، قدر رجعتني وقولت أطمنك رغم أن واضح أنك مش قلقان ولا حاجة

كاد أن يتحدث لكنها أنهت الأتصال بغضب وأسرع فى خطواته ليرحل لكنه صمع صوت صراخ "غزل" من الخلف فأستدار ليراها تقف بزواية الغرفة وتصرخ بهلع وقد بدأت فى التلاشي ليسرع نحوها بذعر خوفًا عليها وهو يراها تبكى بهلع شديد، بدأت تتحدث بأرتجاف شديد:-
-يونس، أنا مالي، فيا أيه يا يونس....

لمسها "يونس" بيديه بخوف من أن يكن هذا هو الوداع وتكن هذه مرته الأخيرة فى رؤيتها وقال:-
-متخافيش يا غزل أنا معاكي أهو ومش هسيبك

رغم تلاشي قدميها الأثنين إلا أنها تشبثت بيديه وقالت بعينى باكية:-
-قولي بحبك خليها أخر كلمة أسمعها منك، أنت خلاص أستغنيت عني وقررت تقتلني

ضمها إليه بقوة وهو يقول بحب شديد:-
-لا مقدرش والله، أنا بحبك يا غزل بحبك ومقدرش أعيش من غيرك، أنتِ حبيبتى وروحى وعقلي وصاحبتى وكل حاجة ليا

بدأت تشعر بأرتياح وقدميها تحملها جيدًا لتقول بلطف:-
-متسبنيش يا يونس متقتلنيش بأيدك 

قبل جبينها بحب وهو يحدق بها بإمتنان وشغف، أبتلعت ريقها بصعوبة بالغة توترًا من قُربه منها، رفعت عينيها به بخجل لتتقابل أعينهما فى نظرة مطولة، حدق بها ووجنتيها تتورد كحبتي الفراولة من شدة خجلها وهو يحاصرها فى الحائط بيده وتشعر بيديه تتسلل إلى خصرها كأنه لم يكتفى بربكتها وأرتفاع درجة حرارة جسدها فيزيدها خجلًا لاعبًا على أوتار قلبها العازف لضربات مُتسارعة أوشكت على قتل صاحبتها، أغمضت عينيها بهدوء وتمتمت بصوت خافت:-
-يونس 

وضع أصابعه على شفتيها فور لفظها لأسمه لتفتح عينيها وترفعهما به ليقول هامسًا لها:-
-اللعنة على سحرك يا غزل 

تبسمت "غزل" بغفوية على هذا العاشق لها رغم أنه يجهل هويتها وحقيقتها فرفعت يدها للأعلى تلفهما حول عنقه وقالت بهمس:-
-أنا معملتش حاجة غير لفظ أسمك يا حبيب قلبى

تبسم بسخرية على مكر هذه الثعلبة الجميلة ويرفع يديه إلى وجنتها يزيح شعرها عن أكتافها ويعود به لخلف ظهرها هائمًا فى عشق هذه الجميلة الساحرة وقال:-
-اسم وحده من بين شفايفك كفيل بإسقاط اللعنة عليا، لكن قوليلى يا غزل أى تعويذة حطتيها فى قلبى
 
تبسمت وهى تضع يدها على مؤخرة رأسه وجذبته إليها بقوة ليتلصق بها ثم همست فى أذنيه بنبرة مُثيرة:-
-العشق.. تعويذة عشقى يا يونس 

أبتعد قليلًا عنها لينظر إليها لتتابع "غزل" بنبرة قوية رغم نعومتها:-
-أوعدك بأن قلبك مش هيعرف يعشقي غيرى يا يونس وهتعبر جسور وأزمنة عشان غزل

مسكت لياقة قميصه لتجذبه بقوة إليه ثم قالت:-
-أنت ملكي أنا 

كان غارقًا عشقًا بها فى هذه اللحظة وكأنها أسقطت به تعويذة العشق حقًا، لم يقاومها أو يمنعها من الحديث بل جذبها من خصرها بقوة لتلتصق به فوضع قبلة على عينيها، فُتح باب المكتب ودلفت "قدر" زوجته ورأته يقف هناك فى زواية الغرفة فقالت:-
-بتعمل أيه يا يونس

ألتف لها غاضبًا من دخولها دون أذن منه وقال بحدة:-
-أنا كام مرة هفضل أقولك خبطى قبل ما تدخلى 

جلست "قدر" على المقعد بغرور وتجيبه:-
-أنا مراتك يا حبيبي مش موظفة عندك 

ضربته "غزل" على ظهره بقوة والغيرة تشتعل بها لتقول:-
-قول لست دى تحترم وجودى ومتقولكش يا حبيبي بدل ما أسخطها قرد 

ألتف إليها بقلق وهمس إليها:-
-أنتِ شايفة كلامك معقول يعنى، أقولها قدر لو سمحتى متثيرش غضب عفريتة محدش شايفاها غيري هتأخدنى على مستشفى المجانين حضرتك

عقدت "غزل" يديها أمام صدرها بغرور وقالت:-
-قولت جنية ومفيش حاجة اسمها عفريت وبعدين مش ذنبى أنى محدش بيشوفنى ولا يسمعنى غيرك
 
قطعته "قدر" بنبرة حادة تقول:-
-أنت بتكلم الحيط يا يونس، مش عيب عليك يا ابن القصور وسيد المال تكون مجنون 

كادت "غزل" أن تذهب إليها ليمنعها "يونس" قائلًا:-
-غزل... دى مراتى 

رفعت نظرها به بصدمة ألجمتها فهل منعها الآن وأختار صف هذه الزوجة الماكرة، تتطلع بنظرت غضبها بخوف وشعر بفراغ فى يديه لينظر إلى يده الماسكة بيديها وصُدم عندما رأى يدها تتبعثر فى الهواء كالدخان ويبث منها اللون البرتقالي كالنار وكأنها تحترق فرفع نظره بهلع إلى وجهها لكنها تبعثرت فى الهواء قبل أن يرأها......
نظر إلى "قدر" ولم ينسي نهائيًا ما فعلته ليقول:-
-جاية ليه؟

أجابته بأختناق سافر وهى تقف أمامه لترمقه بعينيها وكأنها تودعه للمرة الأخيرة وقالت:-
-فلك رجعت بيتها

قاطعها وهو يجلس على مقعده ببرود شديد قائلًا:-
-عرفت، اللى معرفتش أنتِ جاية ليه؟

تنهدت بحزن شديد وهي تحدق به بإنكسار وقالت:-
-طلقني يا يونس

نظر إليها ببرود شديد ولم يتخيل نهائيًا أن تطلب الطلاق بعد رجوعها لـ "فلك" فقال بهدوء:-

تعليقات



<>