رواية مرايا الحب الفصل الرابع عشر14 بقلم نورا عبد العزيز
بعنــــوان " مُحــاولـة إصــلاح
بعد اتصال طويل أغلق الهاتف نهائيًا مما جعله يذعر تمامًا وأسرع فى عودته للمنزل، رأى باب شقته مفتوحًا ليشعر بقلق شديد ودلف ورأى "سحر" تجلس على المقعد وعلى المقعد المجاور شاب يشبهها فى الملامح ليدرك بأنه أخاها بينما "فلك" كانت نائمة على الأريكة، وقفت "سحر" بضيق شديد وهى تقول:-
-أنا كنت جاية أقولها تقنعك تتنازل عن المحضر والقضية وأديك خدتها واتجوزتها وطلعت أخوها لكن أول ما شافتنا أغمي عليها بسبب قلبها الضعيف
شعر بسخرية فى كلماتها الأخيرة وكأنها تستهئز من زوجته لكونها مريضة بشيء خارج عن إرادتها ليقول بضيق شديد:-
-أطلعي برا يا حرباية أنت والنطع اللى معاكي دا
كاد أن يتحدث اخاها لكنها وضعت يدها تمنعه من الحديث ثم أخذت خطواتها إلى "يونس" بغرور شديد وقالت بسخرية:-
-أنت فاكر أنك هتعرف تتبسط مع واحدة زى دي، دا نص أيامها بتقضيها فى السرير بسبب قلبها المريض ومع ذلك دا شيء ميخصنيش خدها أنا اكتر واحدة مبسوطة أنك خدتها أصلًا دى كانت زى الهم على قلبي وبدعي أن يجي واحد غبي أعمى يأخذها رغم أنى كنت فقدت الأمل فى أن أخلص منها بس الحمد لله أدينى خلصت بس عشان أرتاح بقي وترتاح انت كمان منى ومن قرفي طلع ليا جوزى من السجن وأهو اخوه مراتك تخفف الهم عن قلبها التعبان يمكن يطول عمرها شوية كمان...
وضع "يونس" يديه فى جيوبه بغرور شديد ثم قال وعينيه ترمق "سحر" بقوة وتحدي:-
-ولا هيشوف نور الشمس ويطول حريته طول ما أنا عايش، أطلعي برا
فرت هاربة خوفًا منه مع أخاها ليجلس "يونس" بقلق شديد على ركبتيه أمامها تطلع بها وهى نائمة ليتذكر دواءها فأسرع لغرفتها وأعطاها الحقنة فى ذراعها زظل بجوارها مُتشبثًا بيديها خوفًا من رحيلها بعد حديث "سحر" الذي نشب بعقله نيران الخوف من فقدها ويعود من جديد إلى مرضه وعقلها الباطن يقتله هذه المرة، لم يتحمل فكرة فقدها أو أن يُسلبها الموت منه....
حملها "يونس" على ذراعيه بلطف ورفق ثم أخذها إلى غرفتها ووضعها بفراشها وهو يسمع صوت هاتفه يدق بداخل جيبه، وضع الغطاء عليها بحنان ويده الاخر تخرج الهاتف من جيبه وعندما نظر إلى شاشته كان اسم "قدر" يحتل الشاشة فتنهد بهدوء خافت وخرج من الغرفة بتسلل ليجيب عليها وهو يضع الهاتف على أذنيه:-
-أية يا قدر
أخبرته بشيء ليؤمأ إليها بنعم مُتذمرًا على هذه الفتاة وخرج من الشقة بهذا الوقت المتأخر بحلول منتصف الليل وأنطلق ذاهبًا إلى منزله بالشيخ زايد، دلف إلى الفيلا حيث تسكن "قدر" وترجل من سيارته ونوجه للداخل، قبل أن يخطو أكثر لداخل دُهش عندما أرتمت "قدر" بين ذراعيه تعانقه بقوة مُتشبثة به وتصطنع الخوف، لم يشعر "يونس" حينها بأى شيء أو رحب بعناقها ليقول بنبرة جافة خالية من أى مشاعر ويديه تبعدها عنه:-
-حصل أيه
كان يشعر ولأول مرة بأن هناك فتاة أخرى فى قلبه لا يمكن له خيانتها مع هذه المرأة حتى وأن كانت تلك زوجته وحلاله فـ "فلك" لم تكن زوجته فقط بل حبيبته وهذه المكانة كفيلة بأن تمنعه من التقرب أو النظر بعينيه لمرأة أخرى، تطلعت "قدر" بعينيه ببراءة مُصطنعة مُحاولة جاهدة أسترجاعه مرة أخرى إليها فهتفت بتلعثم تمثل الخوف والضعف أمامه قائلة:-
-بقولك خايفة يا أنس، سمعت صوت فى البارك وخايفة يكون حرامي
ترك يديها ببرود شديد من كلماتها وعينيه تحدق بها بل ترمقها بنظرة باردة متجمدة المشاعر وخالية العاطفة، لن يتأثر بحديثها ولا يهتم لكون هناك لص أو غيره فقال:-
-مش أنتِ اللى نقلت البيت وبعتي فيلا أكتوبر عشان تيجي هنا وقولتي هنا أمان أكتر وأنضف ومكان تتباهي به قدام صحابك وكمان عملتي كدة من غير ما ترجعيلي
وضعت يديها فوق صدره بإثارة وعينيها تبث نظرات دافئة مُشتاقة إليها بجنون وقالت بدلال مُفرط:-
-وأهون عليك يا يونس
كانت عينيها على وشك أن تقتله بجمالهما، دومًا ما كانت هاتان العينان سبب لهزيمته أمامها رفع يده إلى وجنتيها يلمسهما بأنامله وعينيه تحتضن عينيها الخضراء قبل ذراعيه، رسمت "قدر" بسمة ناعمة على شفتيها تكمل جريمتها فى كيانه لتكتمل تعويذة سحرها التى ألقتها عليه، رفع جسدها بلطف على أطراف أصابعها ويديها تتشبث بقميصه بقوة ثم وضعت قبلة على وجنته بدلال ويدها تتسلل إلى وجنته الأخرى تداعب لحيته بأغراء شديد حتى تهزمه تمامًا وتجعله دُمي بين يديها غارقة فى الهوى، رأته يقترب أكتر منها لتغمض عينيها مُستسلمة برحب لاستقبال قبلته لكنه توقف قبل أن يفعل وعينيه تحدق بملامحها وهى مغمضة العينين أمامه وقلبه يوخزه نبضاته الصارخة باسم "فلك"، وملامح وجهها وبسمتها لم تفارق عينيه وعقله أبدًا، مسك معصميها بقوة وأنزلهما بعيدًا عنه وهو يعود خطوة للخلف ويقول:-
-لا
فتحت "قدر" عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وجمدت قدميها وحركتها فى الأرض محلها وتساءلت بنبرة خافتة لم تستوعب كلمته ورفضه قائلة:-
-لا! .. قصدك أيه يا يونس
وضع يديه فى جيوبه ببرود شديد وهو يعود خطوة للخلف بعيدًا عنها وقال رافعًا رأسه بشموخ ونبرة قوية باردة:-
-يعنى مش هينفع
تحولت ملامحها وتوارت بسمتها عن شفتيها وبدأ الغضب يحتل عينيها الخضراء وعقدت حاجبيها بقوة لا تُصدق موقفه وأن من يقف أمامها هو "يونس" زوجها التى لطالما كان يُريدها بقوة ورغبته بها كانت تقتله دومًا والآن يرفضها بكل سهولة وقوة، قالت بغضب مكبوح بداخلها:-
-لا!! .. ومش هينفع.. ليه يا يونس عشان غزل... لا مش غزل ، غزل طول عمرها فى حياتك وعمرك ما قولت لا، أنا اللى كنت بقول لا...
أجابها ببرود شديد وهو يستدير مُتحاشيًا النظر إليها هاتفًا:-
-أديكى قولتى يا قدر طول عمرك بتقولى لا وحرمتى نفسك عليا ومنعتى عنى حقي الشرعي اللى حللهولي ربنا، والنهار دا انا اللى بقولك لا يا قدر
جذبته من قميصه بقوة لكى يلتف إليها وينظر إلى عينيها مواجهًا إياها دون حرج أو خوف صارخة به بقوة:-
-عشانها صح، فلك اللى غيرتك من ناحيتى وكرهتك فيا مش غزل
رمقها بعيني متحجرة وقلب مُفتتًا وبنبرة خافتة تحمل الكثير من اللوم والعتاب قال:-
-أنتِ يا قدر اللى غيرتني من ناحيتك بأفعالك، ليه مش مستوعبة أن أنا رد فعل ليكي ولأفعالك، وأن اللى كسر اللى بينا هو أنتِ، ذُلــك ليا وأستخفافك بمرضي ومُعريتك ليا، مفيش راجل فى الدنيا بقبل أن ست تعايره وتهينه ما بالك لما تكون الست بتاعته اللى المفروض أن الرجل بيبان قوي وصامد قدام كل الناس ويجي يترمي فى حضنها ويعيط، أنا بتعري قدامك عشان تسترينى لأنك مراتي حتة مني وشريكة حياتي لكن أنتِ ما شاء الله عليكي متوصتيش فى فضحي قدام الناس ودوسك عليا، مهمكش شكلى ورجولتي وأنتِ بتروحي تجرى على أخويا تحكيله تفاصيل بينا المفروض أنها تخصنا إحنا وتحترمى خصوصيتنا، أنا لو كرهتك يا قدر فأنا كرهتك من أفعالك ليا، مدخليش فلك فى الموضوع ولا تشيليها ذنب اللى أتكسر جوايا ليكي
أخذت يده بلطف بين راحتى يديها ونظر إليه بضعف تترجاه بنبرتها الناعمة:-
-طب خلاص يا يونس، تعالي نرجع زى الأول فى أول جوازنا من خمس شهور وأنا أوعدك مش هعمل حاجة تضايقك أو تزعلك وكل حاجة بتكرهها فيا هصلحها وهتغير والله
هز "يونس" رأسه بلا رافضًا طلبها بحزم شديد فقد حسم قلبه الأمر وقال بأستخفاف:-
-مبقاش ينفع.. فات الأوان يا قدر
أشار على قلبه بلطف وهو يقول بجدية حاسمة:-
-هنا بقي في واحدة تانية مخليني مش أقدر أبصلك أو ألمسك يا قدر حتى وأنتِ مراتي
ألتف لكي يخرج بعد أنهى جملته التى صدمتها فتوقف وهو يفتح الباب وقال بإقتضاب شديد:-
-شوفي جاهزة أمتى عشان ننفصل بهدوء يا قدر، أنتِ تشوفي حياتك وأنا أبدا من جديد وأرمم اللى كسرتيه فيا
أغلق الباب بعد أن خرج، ظلت "قدر" واقفة مكانها فى البهو مصدومة من كلمته وأتخذه قرار الأنفصال وإلى ما ألت إليه الأمور معهما فتمتمت بخوف شديد من الأنفصال عنه قائلة:-
-لا يا يونس، أنا مش هطلق منك ومش هسيبك لفلك ولا لغيرها...
**********************
جلست "هالة" فى غرفتها ليلًا تفكر فى حديثه وشاردة تمامًا فيما حدث مُنذ قليل...
أوقف سيارته على حافة جبل المقطم لتترجل "هالة" غاضبة تمامًا من وجودها معه بمكان واحد وتأففت بضيق شديد ليترجل "أنس" بهدوء وهو يسير خلفها بخوف من رد فعلها هنا وقال:-
-أنا أسف
دمعت عينيها قهرًا لا تُصدق أبدًا ما تسمعه وهل أعتذاره كافي ليصلح ما هدمه ودمره بها، ألتفت بأنفعال شديد على وشك الصراخ به لكنها دُهشت عندما رأته جالسًا على ركبتيه بالرمال راكعًا أمامها ويخفض رأسه فى الأرض بأنكسار وندم شديد، تحدثت "هالة" بنبرة قوية:-
-وتفتكر الأعتذار كافي عشان يصلح اللى دمرته، هو أنت تدمر حياتي وجاي بكل سهولة تقولي أسف ، دى بجاحة ونجاسة
وقف أمامها مُستقيمًا ليقول:-
-والله أبدًا ما بجاحة ربنا عالم، أنا معترف بغلطي بس قوليلي أكفر عن ذنبها أزاى وبأيه وأنا والله ما هتأخر ولا هرفضلك حاجة
ضحكت بسخرية شديدة وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها بقوة وقالت مُتحاشية النظر إليه:-
-ما هو مفيش حاجة هتصلح اللى عملته، خلاص أنت دمرت حياتى وأنتهى الأمر، أنا عاملة زى اللى مستني إعدامها ولا انت فاكر أن لما الناس تعرف هيقوله غصب عنها وحيوان زي هو المُذنب لا دول هيشيلوني أنا الذنب قبل منك، فاكر أهلى هسيبونى عايشة لما يعرفوا أن شرفها ضاع وعمومًا هى مجرد أيام والكل هيعرف باللى فى بطني دا
أخذ خطوة نحوها راجيًا أن تترك له مجال للحديث لتعود هى للخلف بخوف منه فنظر إليها بإستياء شديد من حاله ثم قال:-
-أنا عارف أن اللى عملته ميتصلحش وميتغفرش بس على الأقل خلينى أحاول أرفع عنك الإعدام لأن زى ما قولتي الذنب ذنب حيوان زي
رفعت حاجبها قليلًا وهى لا تفهم شيء من كلماته ليتابع حديثه بنبرة جادة واثقًا من كل كلماته وحاسمًا أمره:-
-خلينى أكتب عليكي يا هالة وأبقي جوزك قدام الناس كلها وبعدها أوعدك فى اللحظة اللى هتقوليلي طلقنى هطلقك بس على الأقل هتفضلي شريفة وطاهرة بعفتك قدام كل الناس وقدام أهالك ودى الحاجة الوحيدة اللى فى أعملها لك
صفعته بقوة على وجهه غاضبة من كلماته وعقلها لم يستوعب بأنه يفتح لها باب وكر شيطانًا مثله لتدخل إليه بقدميها هذه المرة وصرخت به بأنفعال شديد تقول:-
-أنت حيوان وزبالة، عايزنى أعيش تحت سقف واحد مع قاتل وذئب بشري زيك، أعيش معاك وأشوفك كل لحظة وأنت ذابحنى وقاتلنى بالحياة، أنا عايشة زى الميت بسببك وجاي تقولك أتجوزك... أنا بمسك نفسي قدر الإمكان يا أنس عشان ما أقتلكش بأيدي دى دلوقت وأخد حقي منك بأيدى
وضع "أنس" يده على وجنته بصدمة من صفعتها ولم يصدق بأنه يسمح لفتاة بلطمه لكنه يحاول قدر الإمكان التحكم فى أعصابه خصيصًا بعد ما فعله بها،كاد أن يتحدث ليراها تجلس كالقرفصاء أرضًا وتنهار باكية بضعف وأستسلام، كانت غاضبة للتو وكأنها على وشك قتله لكن بنهاية المطاف بطبيعتها التى خُلقت بها كابنة حواء أصبحت هشة ضعيفة لا تقوى على مواجهة قطة تموء أمامها، تنحنح بحرج من وجوده أمامها وهى تبكي هكذا دون أن تُحرج منه أو من أن يرى ضعفها، جلس على الأرض بجوارها فسمعها تقول بضعف مُتمتمة:-
-بس أنا هتفضح بسببك، أنا جايلي عريس وأخويا هيجوزني.. حسبي الله ونعم الوكيل، أنا نت هموت نفسي وأخلص من عذابي منك لله
بكت بضعف شديد من قدرها المُشحوم بالكثير من الألم والوجع، تحدث "أنس" بنبرة ترجي شديد قائلًا:-
-خلينى أتجوزك يا هالة وأنا أوعدك مش هقرب منك ولا هتشوفي وشي فى البيت نهائيًا بس أرفع عنك اللى هيحصل لأن للأسف وغصب عنى والله ومش بجاحة منى اللى حصل حصل، خليني أصلح اللى هيحصل وألحقه
رفعت عينيها إليه بضعف وهى تمسح دموعها عن وجنتيها بأناملها النحيفة وقالت بحزم شديد:-
-مش هتورينى وشك!
أومأ إليها بنعم مُتمنيًا أن تقبل لتؤمأ إليه بنعم بضيق شديد رغمًا عنها ثم قالت بضيق شديد:-
-شهر واحد بس وتطلقنى وخلال الشهر دا مشوفش وشك فيه
أومأ إليها بنعم بحماس شديد ومُمتنًا لموافقتها...
لا يعلم كيف مر شهرًا واحدًا فقط وجاء هذا اليوم الذي يعقد عليها، تعجبت "فلك" كثيرًا لقرار زواجهما معًا بل نفذه بدون حفل زفاف أكتفوا الأثنين بعقد قرانهما فى المنزل، على عكس "يونس" الذي تقبل الموضوع بصدر رحب لأجل "هالة" وحمايتها على الأقل من المستقبل، طيلة هذه المدة و"قدر" مُختفية تمامًا لم تخبره بموعد للطلاق بل أختفت تمامًا من حياته، خرج "يونس" بصحبة "فلك" من منزل "هالة" بعد أن رحل "أنس" بها زوجة له..
ولج "أنس" من باب الفيلا الخاصة به بعد أن فتحت له الخادمة امرأة فى بداية الخمسينات "جميلة" مُرتدية عباءة سوداء وحجاب أسود كبير، كان بجوارها فتاة عشرينية "داليا" ترتدي بنطلون ازرق وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها بكم وترفع شعرها الأسود للأعلى على هيئة كعكة دائرة، تبسمت "جميلة" بلطف شديد قائلة:-
-نورت بيتك يا بنتى
لم تُجيب "هالة" عليها بل ظلت واقفة تحدق بالمكان بضيق شديد وهى تشعر بحجر صخرى على صدرها يخنقها ويكتم أنفاسها حتى اوشكت على قطعها، أشار "أنس" على "جميلة" بهدوء وقال:-
-دادة جميلة، مسؤولة عن البيت هنا ولو أحتجتى حاجة أطلبيها منها و....
كاد أن يُقدم لها "داليا" لكن أستوقفه صوتها الحاد ونبرتها الغليظة وهى تقول:-
-أنا عايزة أطلع أوضتى
أخذتها "داليا" للأعلى بينما اقتربت "جميلة" منه تربت على كتفه بحنان وقالت ببسمة خافتة:-
-متقلقش يا ابنى، طول فترة وجودها هنا أنا هحطها جوا عيني
أومأ إليها بنعم وعينيه تراقب "هالة" أثناء صعودها الدرج حتى أختفت عن نظره ودلف للمكتب ليجد "جميلة" قد أعدت له مكانًا للنوم به على أريكة سرير وأحضرت له ملابسه التى سيرتديها غدًا من الأعلى حتى لا يضع قدمه على الدرج نهائيًا تنفيذًا لرغبة "هالة"، خرجت "داليا" من الغرفة بعد أن أغلقت الباب لتجلس "هالة" على الفراش بضيق ولم تعطي لنفسها مساحة لتجول بهذا المكان أو أستكشفه بل كانت واثقة تمامًا بأنها ضيف خفيف عابر سيقيم هنا قليلًا من الأيام وسترحل ربما يساعدها هذا القرار على التخلص من جزءًا من خوفها من الغد والبشر المُحيطين بها، ألقت بجسدها على الفراش بتعب شديد لكن عينيها لمحت صورته على الكمودينو المجاور للفراش لتعتدل فى جلستها سريعًا وأخذت الصورة وألقت بها خارج الغرفة من الشرفة بانفعال شديد ثم عادت لتغلق الباب من الداخل بمفتاحًا حتى لا يدخل عليها أحدًا من سُكان هذا المنزل....
************************
فى صباح اليوم التالي داخل الشركة، تبسم "يونس" بحماس شديد بعد مقابلته لهذا الشاب الذي سيُعين مكان "هالة" مؤقتًا ونظر إلى العقد بإرتياح وأخيرًا سيستطيع العمل فى بيئة جيدة دون حمل أى أعباء أو قلق مُحتم عليه، خرج مع الشاب من مكتبه مُبتسمًا وهو يُحدثه ليقول:-
-أن شاء الله تتبسط معانا هنا
أجابه الشاب بعفوية شديدة قائلًا:-
-إن شاء الله وأكون أنا عند حُسن ظنك يا .... فلك
توقف عن الحديث وأبتلع كلماته فور رؤيته إلى "فلك" ليفظ أسمها بعفوية وسعادة كبيرة من لقائها، ألتفت "فلك" فور سماع اسمها لتُدهش من رؤيته وهى تعود بخطواتها نحوه وتقول:-
-خالد... مش معقول
صافحته برحب وحماس يغمرها وهكذا الأخر الذي كان على وشك ألتهمها بعينيه من الفرحة التى تغمره، بينما كان هناك قلبًا يحترق من الغيرة والغضب معًا فقد تملكه الغضب وأوشك على قتل هذا الشاب وخصيصًا مع بسمتها المُشرقة التى رُسمت للتو لأجل هذا الرجل مُتناسية كونها امرأة متزوجة.......
