
البارت 5
مرت الأيام بين ليلى وغيث في حالة من التقارب المشحون بالحب والقلق.
بدأت ليلى تشعر بأن غيث يحمل في قلبه مشاعر لا يستطيع التعبير عنها بسهولة، بينما غيث كان يحاول أن يكون أقرب ما يكون لها، لكنه في الوقت نفسه يخشى من أن يظهر ضعفه أمامها.
في إحدى الليالي، وبعد محادثة طويلة عن حياتهما وأحلامهما، كتبت ليلى لغيث:
غيث، إيه أكتر حاجة بتحس إنها ناقصاك في حياتك دلوقتي؟
غيث استغرق بعض الوقت قبل أن يرد:
هممم ليلى، يمكن أكتر حاجة بحس إنها ناقصاني هي وجودك في حياتي بشكل حقيقي. بعيد عن الرسائل والكلام اللي بينا. عايز أشوفك، أسمع صوتك، وأعيش كل لحظة معاكي.
ليلى شعرت بكلمات غيث وكأنها لامست شيئا عميقا داخلها.
ليلى: غيث، أنا كمان نفسي أعيش اللحظة دي، لكن دايما بخاف من الواقع. بخاف إن الأحلام اللي بنعيشها تبقى مجرد أوهام لما نواجه الحقيقة.
غيث رد بحزم:
يا ليلى، مفيش حاجة اسمها أوهام بينا. إحنا بنحب بعض، والحب ده مش ممكن يبقى ضعيف قدام أي حاجة. لكن لازم نكون شجعان ونواجه أي صعوبات مع بعض.
الكلمات كانت كافية لتزرع في قلب ليلى بعض الطمأنينة، لكنها لم تخلو من القلق.
كانت تعرف أن اللقاء الحقيقي سيغير كل شيء، سواء للأفضل أو للأسوأ.
وفي يوم ما، تلقت ليلى رسالة من ريم.
ريم: بت يا ليلى، غيث عنده مفاجأة ليكي. هو متردد يحكيها، لكني شايفة إنه لازم تعرفي.
ليلى لم تفهم مغزى الرسالة، لكنها شعرت بالفضول. قررت أن تواجه غيث مباشرة:
غيث، ريم قالت لي إن عندك حاجة عايز تقولها.... وبتقول اني لازم اعرفها..
غيث شعر بالارتباك للحظة، لكنه قرر أن يكون صريحا.
غيث: بصي يا ليلى، أنا فكرت كتير. مش عايز حبنا يبقى مجرد كلام. أنا عايز أجي أشوفك، ونتقابل.
ليلى شعرت بالصدمة، لكنها لم تكن صدمة سلبية.
ليلى: ايييييه بتقول ايه يا غيث... أنت عارف إن ده مش سهل. إحنا في بلدين مختلفين، و...
قاطعها غيث بهدوء:
انا عارف كل حاجة، وعارف إن فيه صعوبات. بس أنا مش قادر أعيش أكتر من كده من غير ما أشوفك. عايز اللحظة دي تبقى حقيقية.
ليلى شعرت بأن الكلمات ثقيلة على قلبها، لكنها مليئة بالأمل.
ليلى: غيث، لو كنت فعلا ناوي تيجي، يبقى لازم نبقى مستعدين لكل حاجة ممكن تحصل.
غيث طمأنها:
أنا مستعد، يا ليلى. المهم إنك تكوني معايا..... واللى يحصل يحصل..
بدأت ليلى تفكر جديا في الأمر.
كانت تعرف أن لقاءهما سيغير كل شيء، لكنها لم تكن متأكدة من النتائج. هل سيقربهما اللقاء أكثر أم سيكشف نقاط ضعف لم تظهر في أحاديثهما؟
بعد أيام، أخبرها غيث أنه حجز تذكرة للسفر.
غيث: بقولك يا ليلى، عندي ليكي خبر حلو.... أنا هبقى عندك الأسبوع الجاي. مش قلقان، ومش عايزك تقلقي. انا من الفرحه مش قادر اصبر لحد الاسبوع ما يعدي...
ليلى: انت بتتكلم جد يا غيث.... اسبوع بجد.. طب... هنقول ايه.. هنعمل ايه... هعرفك ازاى... انا متوتره وخايفه اوي يا غيث....
غيث: معرفش اي حاجه.... كل اللى اعرفه انى متشوق لاشوفك بجد واسمع صوتك واقابلك خلي كل حاجه تطلع بتلقائيه وعفويه بلاش نفكر ونخطط...
الأسبوع مر ببطء شديد بالنسبة لليلى.
كانت مشاعرها متضاربة بين الحماس والخوف. هل سيكون غيث كما تخيلته؟ هل سيستطيعان التعامل مع الواقع بنفس القوة التي كانا يتحدثان بها؟
وجاء اليوم الموعود.
كانت ليلى تنتظر غيث في المطار. قلبها ينبض بسرعة، ويديها ترتجفان. لم تكن تعرف ماذا تتوقع.
وعندما ظهر غيث بين الحشود، شعرت ليلى وكأن الزمن توقف.
كان يشبه تماما الصورة التي رسمتها له في ذهنها، لكن رؤيته في الحقيقة أضافت له بعدا جديدا.
غيث، بدوره، شعر وكأنه يرى حلما يتحقق أمام عينيه. اقترب منها بابتسامة واسعة وقال:
أخيرا، اللحظة اللي استنيتها بقالها سنين..... هموت واقولك حاجه مش قادر امنعها اكتر.... وحشتيني اوي يا ليلي....
اللقاء كان مليئا بالمشاعر المكثفة.
جلسا معا في أحد المقاهي القريبة من المطار، يتحدثان عن كل شيء وكأنهما يعرفان بعضهما منذ الأزل.
غيث نظر إلى ليلى وقال بهدوء:
يا ليلى، وجودك قدامي دلوقتي هو أكتر حاجة كنت بحلم بيها. مهما حصل بعد كده، أنا مش ندمان إني خدت الخطوة دي.
ليلى شعرت بالدفء في كلماته.
غيث، أنا كمان كنت بخاف من اللحظة دي، لكن دلوقتي حاسة إن كل حاجة هتبقى أسهل طول ما إحنا مع بعض.
الأيام التالية كانت مليئة بالمغامرات الصغيرة.
أخذ غيث وليلى يكتشفان أماكن جديدة معا، ويتحدثان عن المستقبل. لكنهما كانا يعرفان أن اللقاء سيصل إلى نهايته قريبا، وكان عليهما أن يقررا كيف سيستمر حبهما.
غيث قال لها قبل رحيله:
ليلى، أنا مش هعتبر ده وداع. ده بداية لمرحلة جديدة. ومهما كانت المسافات، أنا هفضل معاكي.
ليلى شعرت بأن الحب الذي يجمعهما أقوى من أي شيء.
ودعته وعيناها تمتلئان بالدموع، لكنها كانت واثقة من أن حبهما سيستمر.
غيث، بعد أن عاد إلى بلده، شعر بأن جزءا من قلبه قد بقي مع ليلى.
بدأ يكتب لها يوميا، يصف كيف مرت عليه الأيام وكيف اشتاق إلى تلك اللحظات التي قضياها معا. لكنه أيضا كان يفكر في المستقبل:
غيث: ليلى، إزاي ممكن نخلي الحلم ده حقيقة؟ مش عايز أبقى مجرد ذكرى في حياتك.
ليلى كانت تفكر في الأمر نفسه، لكنها لم تملك الإجابة.
ليلى: غيث، أنا بحبك، وكل يوم بقضيه بعيد عنك بيخليني أحس إننا لازم ناخد خطوة أكبر، لكن الخطوة دي محتاجة شجاعة مش قليلة.
غيث رد بحسم:
الشجاعة اللي بتتكلمي عنها مش هتيجي غير لو كنا مع بعض. أنا بدأت أدور على شغل قريب منك. مش فارق معايا أسيب كل حاجة هنا، المهم أكون جنبك.
ليلى شعرت بمزيج من السعادة والخوف.
ليلى: غيث، مش عايزاك تضحي بكل حاجة عشاني. أنا مش عايزة أكون السبب في تغيير حياتك بالشكل ده.
غيث ضحك بهدوء:
ليلى، الحب الحقيقي مش تضحية، هو اختيار. وأنا اخترتك.
بينما كانا يتبادلان هذه المحادثات، كانت هناك تحديات أكبر تلوح في الأفق.
أحد أفراد عائلة ليلى، الذي لم يكن راضيا عن هذه العلاقة، بدأ في نشر الإشاعات عنها وعن غيث. وصل الأمر إلى أن والد ليلى بدأ يشك في نوايا غيث.
محمود (والد ليلى): مين ده اللي فجأة عايز يدخل حياتك؟ وإزاي تبقي متعلقة بواحد عمرك ما شوفتيه إلا مرة؟
ليلى، بحزم لم يتوقعه، ردت:
بابا، غيث مش زي ما أنت متخيل. هو بني آدم محترم، وبيحبني بجد. ولو أنت خايف على سمعتي، فأنا عارفة أقرر مين اللي يناسبني.
غيث، عندما عرف بما حدث، حاول أن يهدئ ليلى.
غيث: ليلى، أنا معاكي مهما حصل. ولو الموضوع محتاج إني أتكلم مع والدك وأثبتله إني جاد، أنا مستعد.
لكن ليلى لم تكن متأكدة من أن المواجهة ستكون الحل.
ليلى: غيث، يمكن الوقت مش مناسب دلوقتي. خلينا نثبت حبنا لبعض الأول، وبعدها يبقى نواجه أي حد يعترض.
الأيام التالية كانت مليئة بالاختبارات.
غيث بدأ العمل بجد لتوفير وسيلة تمكنه من الانتقال إلى بلد ليلى، بينما كانت ليلى تحاول الحفاظ على هدوء الأوضاع داخل منزلها.
وفي إحدى الليالي، كتبت ليلى لغيث:
غيث، مهما كانت الظروف، أنا عارفة إننا هنقدر نعدي كل حاجة مع بعض. الحب اللي بينا أقوى من أي كلام أو اعتراضات.
غيث رد عليها:
ليلى، الحب بتاعنا هو اللي بيخليني أقدر أواجه كل حاجة. وأنا بوعدك إن اليوم اللي نبقى فيه مع بعض بشكل حقيقي قرب أكتر مما تتخيلي.
هذا الإصرار كان وقودا لحبهما.
رغم المسافات والتحديات، ظل كل منهما يرى في الآخر الحلم الذي يستحق النضال من أجله. كانا يعلمان أن الطريق طويل، لكنه مليء بالأمل والفرص التي يمكنهما خلقها معا.
في النهاية، كان لديهما يقين بأن ما يجمعهما أقوى من أي مسافات أو عوائق.
اللقاء الأول بينهما كان مجرد بداية لرحلة مليئة بالتحديات والأمل.