
البارت 8
بعد عدة أيام من اللقاء العائلي، كانت ليلى تشعر بارتياح أكبر تجاه علاقتها مع غيث، رغم أنها كانت لا تزال مترددة في بعض الأمور.
كلما تعمق حديثهما عن المستقبل، كانت تتخوف من الانفتاح الكامل على شخص جديد، رغم أن غيث كان يظهر كل علامات الجدية والاحترام تجاهها. وفي كل مرة كانوا يتحدثون فيها عن خطواتهم المستقبلية، كان غيث يظل مخلصا لوعده أن يشاركها كل شيء ويعتبرها شريكته الحقيقية.
ليلى قررت أن تواجه مخاوفها، فاتفقت مع غيث على لقاء خاص في أحد المقاهي الصغيرة القريبة.
غيث، الذي كان قد انتهى للتو من اجتماع عمل مهم، كان في طريقه إليها عندما وصل إلى المكان. جلس بجانبها، وكان وجهه يعكس المزيج بين الإرهاق والترقب.
غيث: إزيك يا ليلى؟ وحشتني اوي
ليلى بابتسامة خفيفة: تمام، الحمد لله. إنت خلصت شغلك؟
غيث بتعب: آه، خلصت. شوية مشاغل على قد الحال، لكن كويس. وأنتي؟ طمنيني عليكي
ليلى، بوجهها الذي بدأ يتخذ ملامح الجدية: بص يا غيث عايزاك تسمعني كويس النهاردة.
غيث رفع حاجبيه، بينما بدأ يشعر بالتوتر.
غيث: سمعك، تمام. إيه اللي حصل؟
ليلى أخذت نفسا عميقا قبل أن تبدأ حديثها.
ليلى: أنا مترددة. مش عارفة إذا كان دا الوقت المناسب لي أنا ولا ليك، أو حتى لعيلتي. بتعرف إنك بالنسبة لي شخص جديد، ورغم إني واثقة فيك، لكنني محتاجة وقت أكتر لأتأكد إننا فعلا رايحين في نفس الاتجاه.
غيث شعر بمشاعر مختلطة، لكنه أراد أن يطمئنها.
غيث: أنا فاهمك يا ليلى. مش كل حاجة بتيجي بسهولة. لكن لو هنبني حاجة سوا، هنبنيها على الثقة والتفاهم. عايزك تكوني متأكدة إني معاكي في كل خطوة.
ليلى، وهي تنظر إليه بعينين مليئتين بالتساؤلات: لكن لو مرينا بتحديات؟ لو بعد فترة اكتشفنا إننا مش مناسبين لبعض؟
غيث بابتسامة مطمئنة: حياتنا كلها تحديات. كل الناس بتمر بحاجات مش سهلة، لكن أهم حاجة إننا نواجهها مع بعض. وأنا واثق إننا هنقدر نعدي كل حاجة سوا.
ليلى تنهدت، ولكن بدا عليها ارتياح بسيط.
ليلى: طيب، لو بنقول إننا هنواجه التحديات مع بعض، إزاي نبدأ؟
غيث: هنبدأ من هنا. هنتأكد إننا نبني أساسات قوية، وكل واحد فينا يكون جاهز يبذل جهده علشان العلاقة دي تنجح.
بينما كانوا في حديثهم، شعر غيث بأن هذه اللحظة هي لحظة حاسمة، وهي الفرصة التي يمكن أن تغير كل شيء بينهما.
غيث: أنا مش هوقف هنا، مش هأكتفي بالكلام. أنا عايز أوريك إزاي هقدر أكمل معاكي طول العمر.
ليلى، بعد لحظة صمت، أجابت: وأنا كمان عايزة أتأكد إن ده القرار الصح.
الوقت مر بسرعة في ذلك اليوم، وغادر غيث ليلى في نهاية اللقاء، لكنه كان يشعر بأن الأمور بدأت تأخذ منحنى جادا أكثر مما كان يتصور.
بينما كان في طريقه إلى منزله، تفكيره كان مشغولا بمستقبل لا يزال مليئا بالغموض، لكنه كان مقتنعا تماما أنه يريد أن يواجهه مع ليلى.
في اليوم التالي، غيث قرر أن يستغل الفرصة ويذهب لزيارة والدته. كانت هذه الزيارة خاصة له، لأنه كان يود أن يتحدث مع والدته عن التحديات التي يواجهها في علاقته مع ليلى.
غيث: ماما، أنا عايزك تعرفي حاجة مهمة.
علا بابتسامة هادئة: إيه يا حبيبي؟
غيث: أنا قررت أخطب ليلى، والدتها موافقة، لكن لسه والدها مش متأكد من القرار ده.
علا: ده طبيعي. أبوها لازم يتأكد إنك قد المسؤولية دي.
غيث: أنا عارف، لكن عايزك تطمنيني إني مش لوحدي في المعركة دي. محتاج دعمك.
علا نظرت إليه بتمعن، ثم ردت: أنت مش لوحدك، يا حبيبي. أنا دايما معاك، بس خلي بالك من كل خطوة هتاخدها.
بينما كان غيث يواجه التحديات في حياته الشخصية والمهنية، بدأ يفكر بجدية في خطوته التالية.
كان يعرف أنه إذا أراد أن يثبت نفسه لعائلة ليلى، يجب أن يكون مستعدا للوفاء بكل وعوده. وكانت ليلى، رغم أنها كانت مترددة في البداية، بدأت تفتح قلبها له ببطء.
وبينما كانت الأيام تمر، بدأت معالم المستقبل تنكشف أمامهم.
غيث كان يأخذ الأمور بجدية أكبر، وكان مستعدا لتحمل المسؤولية التي ستترتب على خطوبته من ليلى. كانت هناك أيام صعبة وأوقات مليئة بالتحديات، لكن غيث كان يعلم أن الحب والتفاهم سيكونان الأساس الذي سيبني عليه كل شيء.
الزيارة الرسمية لطلب يد ليلى كانت قد تمت بالفعل، وكانت كل التفاصيل تسير كما هو مخطط لها.
كان غيث قد طلب يد ليلى في أجواء مليئة بالتوتر والاحترام، وعائلتها رحبت به بكل ترحيب. لكن الآن، جاء الدور على زيارة عائلة ليلى لمنزل غيث لبدء الترتيبات الرسمية للخطوبة. كان غيث متحمسا لكن في الوقت ذاته قلقا من أن تكون الزيارة مختلفة عما توقع.
يوم الزيارة كان مشحونا بالتحضيرات، حيث كانت علا مشغولة بالترتيبات في المنزل، تحضير الطعام، وتنظيم كل شيء لتظهر الأمور بأفضل شكل.
غيث كان يقف بجانب والدته وهو يشعر بتوتر عميق، بينما كان يفكر في كيفية سير الأمور مع عائلة ليلى، وخاصة والدها الذي كان دائما يحاول الحفاظ على صورة محترمة لأسرته.
وفي الوقت نفسه، كانت ليلى وعائلتها يستعدون للذهاب إلى منزل غيث، وكانت ليلى في غرفة نومها ترتدي فستانا بسيطا لكنه أنيق، وهي تشعر بمزيج من التوتر والفرح.
كانت تنتظر تلك اللحظة منذ فترة، لكن التحدي الحقيقي بالنسبة لها كان في كيف ستتفاعل مع عائلة غيث وما إذا كانت الأمور ستسير كما كانت تأمل. كانت تود أن يكون الجميع في راحة وتوافق، وألا تكون هناك أي مشاكل.
عندما وصلوا إلى منزل غيث، استقبلتهم والدته بحفاوة وابتسامة عريضة.
كان الجو في المنزل دافئا، والكل شعر بالترحيب والراحة. بدأ الجميع يتحدثون بشكل طبيعي، يتبادلون الأحاديث عن العمل، الحياة اليومية، والذكريات القديمة، لكن غيث كان يراقب كل شيء بعناية، خصوصا ردود فعل والد ليلى.
والد ليلى كان أكثر تحفظا، وبدأ في الحديث عن العادات والتقاليد التي يجب أن يحترم في هذه الزيارات.
كان يريد التأكد من أن الأمور تتم بشكل صحيح وأن العائلة لم تخل بأي من التقاليد المعمول بها. غيث استمع باهتمام، ورد عليه بكل احترام قائلا: أنا فاهم تماما، وأعدك أنني سأحترم كل حاجه وأنني هنا بكل جدية.... وليلى كانت فهمتنى العادات والتقاليد بتاعتكم وانا فهمتها لوالدتي وان شاء الله هيتم كل حاجه مظبوطه وبالشكل اللى يليق بحضراتكم وبينا....
بعد قليل، انتقل الجميع إلى تناول الطعام، وكانت الأجواء قد بدأت في الهدوء.
ليلى كانت جالسة بجانب غيث، وكانت تشعر أن هناك تواصلا أكبر بين العائلتين. على الرغم من التوتر الذي شعرت به في البداية، إلا أنها بدأت تشعر براحة أكبر مع غيث وأسرته.
خلال العشاء، بدأ الجميع يتحدث عن مواقف قديمة وذكريات تربط عائلتي غيث وليلى، وقد كانت هذه اللحظات فرصة جيدة لتعميق العلاقات بين الطرفين.
أثناء الحديث، تبادل غيث ووالد ليلى بعض النقاط حول الحياة العملية، والآراء المختلفة حول العديد من المواضيع. كان يبدو أن الأمور تسير على ما يرام، لكن غيث شعر بشيء من القلق في صدره. كان يود أن يكون كل شيء مثاليا.
مع انتهاء الزيارة، قرر والد ليلى أن يعبر عن رأيه بشكل واضح.
قال لوالدة غيث، التي كانت تراقب الوضع بعينها،
محمد: أنا متشكر اووى على العزومه دى، وكان كل حاجه على اكمل وجه، ولكن نحتاج بعض الوقت للتفكير أكتر..... وهنرد عليكم بالرد عليكم فى اقرب وقت ان شاء الله.... واكيد دا مش هياثر على علاقتنا الاجتماعيه واننا كسبنا اصدقاء مثلكم مهما كان الرد ايه...
كانت تلك الكلمات تعني أن الأمور ما زالت تحت المراقبة، وأن قرار الخطوبة لم يحسم بعد.
غيث شعر ببعض القلق بعد تلك الكلمات، لكنه كان يعرف أنه لا شيء يأتي بسهولة.
كان يعلم أن كل شيء يحتاج إلى وقت، وأن هذه الزيارة لم تكن سوى خطوة صغيرة نحو قرار أكبر. لذلك، قرر أن يكون صبورا وأن يواصل تقديم نفسه بأفضل طريقة ممكنة.
في النهاية، بعد أن ودع الجميع بعضهم، شعر غيث بشيء من الارتياح.
على الرغم من كل التوتر الذي كان يشعر به، إلا أن الزيارة كانت ناجحة إلى حد كبير. كان يعرف أن الأمر الآن يعتمد على الوقت والمزيد من الخطوات القادمة.
في الأيام التي تلت تلك الزيارة، استمرت الأحاديث بين غيث وليلى، وكل منهما كان يعبر عن مشاعره بشكل أكثر وضوحا.
غيث كان يطمئن ليلى بأنه هنا ليبني معها حياة مليئة بالحب والدعم، بينما كانت هي تعبر عن قلقها من المستقبل، لكنها أيضا بدأت تشعر براحة أكبر في فكرة قضاء حياتها مع غيث.
ومع مرور الأيام، بدأ الجميع في الاستعداد لحفل الخطوبة، وكان الجميع يشعر بالترقب الشديد.
هذه اللحظات كانت بداية لحياة جديدة، لحياة مليئة بالتحديات والفرص، ولكن معا، كان كل شيء ممكنا.