رواية مرايا الحب الفصل الثامن عشر18 بقلم نورا عبد العزيز
بعنـــوان " هـــــروب "
فتح باب الشقة ودلف "يونس" مهرولًا إليها باحثًا عنها بقلق شديد ليراها جالسة على الأريكة بالصالون بعد أن أخذت حمام دافيء ويتساقط من شعرها قطرات المياه الباردة وهى منكمشة فى ذاتها هادئة تراجع بعقلها كل ما حدث من الأمس حتى الآن، أسرع نحوها بأرتياح بعد أن رأها سالمة وجلس أمامها بقلق ويقول:-
-عملتلك أيه ؟
رفعت "فلك" نظرها إليها بغضب سافر وهى تتذكر ما فعله معها قبل أن تأخذها "قدر" وقالت ببرود شديد:-
-مالكش دعوة ؟ ومتقربش منى تاني
دفعته بعيدًا عنها وهى تغادر المقعد بإستياء شديد منه،نظر إليها بحيرة شديد من أمرها وقال بهدوء:-
-أنتِ أتجننتي يا فلك؟ أنا قلقان عليكي وكنت هموت من الخوف عليكي وأنتِ جاية تقولي ليا مالكش دعوة
سارت بعيدًا عنه بأختناق شديد مُستاءة منه جدًاوبدأت تتحدث بتذمر شديد قائلة:-
-أعتقد أن اللى عملته قدر أرحم من اللى أنت عملته وكنت ناوي تعمله فيا، أنا لما قعدت فكرت شوية فى اللى حصل لأقيت أنك مختلفتش كتير عن سحر واللى عملته فيا، أنا من البداية وافقت أتجوزتك الجوازة دى وبطريقة دى عشان بس أخلص من سحر ومن كرهها وأبتزازها ليا لكن لما عاشرتك لاقيت أن الوضع معاك مختلفش كتير يا يونس، أنا لسه بتوجع ولسه قلبي بيوجعنى ولسه كل حاجة وحشة مستمرة معايا
أقترب "يونس" منها رغم ألتفافها كي ترحل من أمامه لكنه تشبث بمعصمها بقوة وجذبها نحوه بقوة أكثر حتى تلتف إليه وتتقابل أعينهما معًا لتقول بجدية:-
-أنا مختلفتش عنها، أذيتك فى أيه ولا وجعتك بأيه يا فلك، أنا حاطك جوا عينى عشان خرجت عن شعورى مرة طب وأنا خرجت عن شعورى من نفسي ولا من أستفزازك ليا ها، عايزاني أشوف واحد بيحب فى مراتي وبيعاكسها بكل بجاحة وأسكت
أجابته بغضب مُنفعلة من أفعاله قائلة:-
-لا تيجى تتهجم عليا أنا مش كدة، كدة هتبقي راجل صح
تتطلع بعينيها بصمت شديد لا يعلم ماذا يفعل لإرضاءها، كل ما فعله كان إخافتها بسبب كلماتها القاسية إليه لكن ما ألت إليه الأمور معها كان كارثي فقط صنع شقًا بينهما ليقول:-
-عندك حق كان لازم أقتله هو
ترك أسر يدها وألتف لتفزع من نظرة الغضب التى رأتها فى عينيها وتتطاير منها فتشبثت بذراعه بخوف شديد وسألت بخوف:-
-أنت رايح فين يا يونس؟
نظر إليها والخوف يسيطر عليها ليقول بنبرة هامسة إليها تُرعبها:-
-رايح أقتله وأعرفه أنك ملكي وبتاعتى أنا وبس
أزدردت لعابها الجاف بقلق ولم تترك ذراعه بل ظلت مُتشبثة به كالغراء وقالت:-
-أنت مجنون ولما تقتله هتروح السجن؟!
تبسم "يونس" إليها بخفوت شديد بسمة تميل إلى السخرية وحدق بعينيها العسليتين ورغم جمالهما إلا أنهما يحملان الخوف والذعر بداخلهما ليلوث هذا الخوف جمالهما، أخذ خطوة نحوها وكانت الفاصلة بينهما وبعد أخذها لم يكن يفصل بينهما شيئًا ليقول بنبرة هادئة ودافئة:-
-إذا كان أنتِ بتعاقبني يبقي أنا لازم أعاقبه يا فلك لأنه السبب الأساسي فى الفجوة اللى حصلت بينا وبُعدك عني حتى لو كان البُعد دا خطوة واحدة
تركت ذراعه شيء فشيء وببطيء شديد وظل ترمقه مباشرة وعينيه تعانقها بشدة، عناقًا كان يُريده مُنذ أن دلف ورأها لكنها منعته بكلماتها وعينيها القاسية بنظرتها، أبتلعت ريقها بأرتباك شديد من نظرته المليئة بالحب والإشتياق إليها لتقول بتلعثم شديد وتحاشت النظر إليه:-
-أحم أنت مش هتستفاد حاجة لو روحت له؟ تفتكر بعدها أنا هسامحك مثلًا أو ....
بتر كلماتها هذه المرة بقربه إليها حتى يتذوق قبلتها الناعمة لكن هذه المرة لم تستسلم إليه وتوافقه بل أدارت رأسها رافضة فعلته، رمقها "يونس" بدهشة من رد فعلها وقبل أن يعقب تحدثت "فلك" بقسوة حادة هاتفة:-
-أنا مسمحتلكش تكون جوزى يا يونس
أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة الجمته وظل ناظرًا إليها من صدمته من رفضها له، لأول مرة يشعر بأنه صنع فجوة كبيرة بينه وبين "فلك" ووخزات قلبه تؤلمه بقوة، أدارت رأسها مُجددًا لتنظر إليه بحزم ثم قالت:-
-مش دايمًا هكون مُطيعة ليك ولا أى فعل هينفع يتغفر، كان لازم تفهم أن مش دايمًا هكون مسامحاك ولا هقبل بأى قسوة منك
تركته ورحلت من امامه ثم دلفت إلى غرفتها باكية فى صمت بسبب ما الت إليه الأمور، ظل واقفًا مُندهشًا فى مكانه ثابتًا دون ان يتحرك له قدم، غادر المنزل بعد ان فاق من شروده وبهذه اللحظة لم يكن بحاجة شيء بقدر حاجته لـ "غزل" لتسانده وتواسيه، دمعت عيني "فلك" بحزن شديد ونبضات قلبها التى توخزها تسبب ألمًا إليها، فقد أعترفت أخيرًا بأنها تكن له المشاعر وقلبها حمل بذور حبه بداخلها حتى كبرت وكونت حبًا جميلًا، لكن قسوته وإخافته لها قد نجح بهما...
جلس "يونس" على درج العمارة بإستياء مما فعله لحظة غضب كسر بينهما شيئًا لا يعرف أسينجح فى أصلاحه أم لا......
********************************
أستيقظت "هالة" صباحًا على صوت شجار وضجة كبيرة قرب نافذة غرفتها لتترجل من الفراش بعيني شبه نائمة مُغمضتين ثم خرجت للتراس لترى "داليا" تتشاجر مع رجل شاب فى نهاية العشرينات تقريبًا وتفصل بينهما الخادمة الأخرى وحارس البواب لتفتح عينيها بحرص أكثر وتستمع لحديثهما حين قالت الخادمة:-
-خلاص يا داليا لمي الموضوع دلوقت، أنس بيه لو صحي بسبب صوتكم هتبقي كارثة
دفعتها "داليا" بغضب شديد وهى تلعن هذا الرجل قائلة:-
-ألم أيه، دا أنا هفضحه وهجرسه أبن ***، انت فاكرني أيه بروح أمك تمشي معايا شويتين ولما تلاقي اللى أحسن مني ترمينى كدة
دلفت "هالة" للغرفة وأخذت جاكيت بيجامتها وأرتدته وهى تغادر الغرفة وعندما مرت من أمام غرفة "أنس" رأت الباب مفتوح و"جميلة" تقف بالداخل فى أنتظاره وهو ساجدًا يُصلي الضحى لتندهش "هالة" من فعلته، كيف لذئب بشري مثلًا أن يكون مُنتظمًا على صلاته، ألم تكن العفة تلحقه أكثر من الوحشية، مرت فى طريقها حتى وصلت إلى الأسفل وخرجت إليهما وعندما رأوها لم يبالي أى شخص منهم بوجودها وكأنها لم توجد، كاد الشاب أن يضرب "داليا" لكن الحارس كان يقف بالمنتصف ويقول:-
-شوفي أخرت اللى بتعمليه دا برضو مش هوصلك للى انتِ عايزه يا داليا وبرضو هخطبها عارفة ليه، عشان هى محترمة ومتربية مبتمشيش مع كل راجل شوية ولا رخيصة يا رخيصة
أستشاطت "داليا" غضبًا منه أكثر فى حين ان "هالة" أقتربت منهما أكثر وقالت بنبرة هادئة:-
-فى أيه؟
لم يسمعها أى منهم بسبب صراخهما ونبرتهم المرتفعة العنيفة، لتقترب أكثر وهى تمسك يد "داليا" وتقول:-
-ممكن تفهمونى فى أيـــ...........
دفعتها "داليا" بقوة من غضبها بسبب حديث هذا الشاب الذي تلاعب بها وبمشاعرها لتسقط "هالة" أرضًا بسبب خفة وزنها وجسدها الضئيلة، أتسعت أعين الجميع على مصراعيها حين سقطت وخصيصًا عندما سمعه صوت "أنس" من الخلف يصرخ بهم جميعًا بعد أن رأها تسقط أرضًا منهما، ويقول:-
-داليــــا
أنتفض الجميع ذعرًا من نبرته وكلا منهم ترك الأخر ووقفوا أنتباه إليه فى صفًا واحدًا، أقترب "أنس" مع "جميلة" وعينيه ترمقهما بشر يتطاير منهما، وقف أمامهما فأنحني ليمد يده غليها كي يساعدها فى الوقوف لكنها نظرت إلي يده الممدودة بحرج ووقفت وحدها، شعر بحرج شديد من فعلتها لكن نظر إلى مؤظفينه وقال:-
-جميلة!!
نظرت لهما بحدة وبرود شديد وكأنها علمت جيدًا ما سيفعله وأى عقاب سيناله هؤلاء الحمقي فقال:-
-أديهم حسابهم وساعة وملاقيش حد منهم هنا
ألتف لكي يغادر بينما "هالة" تحدق به بدهشة من فعلته، أستوقفه صوت "الخادمة" تقول:-
-أنا عملت أيه يا بيه، هم اللى بيتخانقوا أنا ذنبي أيه عشان تقطع عيشي
أستدار إليهم بوجه حاد مُخيف ونظرة عينيه يتطاير منها الشر كأنه على وشك ألتهامهم جميعًا لتقول:-
-أنا مش عايز أعرف اللى حصل ولا عمدي وقت أسمع مبرراتكم التافهة لكن كفاية عندى أنكم محترمتوش ست البيت دا، ونسيتوا بجهلكم أن اللى واقفة قدامكم دى مراتي وست البيت دا وبكل غباء وحماقة منكم أهنتوها
كادت "داليا" أن تتحدث قائلة:-
-أنا مكنش قصدي إهانة
صرخ بهم بأنفعال شديد أرعبهم وأدهش "هالة" فهل هذا القدر من الغضب لأجلها هى؟ قائلًا:-
-بالنسبة لي مجرد ظهورها قدامكم وموقفتوش اللى بتعمله دا إهانة وبكل وضوح
غادر من أمامهم مُنفعلًا لتنظر "هالة" إلى "جميلة" التى تبسمت إليها بلطف ثم غادر خلفه، ظلت "هالة" تنظر إليهم بحرج مما حدث لهم بسببها وهربت من أمامهم وهى تشعر بالذنب بعد أن تسببت بقطع أرزاق هؤلاء، دلفت إلى المنزل ونزعت حجابها بضيق لترى "جميلة" تخرج من غرفة المكتب، أبتلعت ريقها بضيق فهى لا تفضل نهائيًا التعامل معه، سألت بتلعثم وتوتر ملحوظ:-
-هو جوا؟
أومأت "جميلة" له بنعم، تنهدت "هالة" بحيرة من امرها ثم دلفت إلى الغرفة ورأته يجمع أشياءه فى الحقيبة مُستعدًا للذهاب إلى العمل فقالت ببرود شديد:-
-أنت طردتهم ليه أنا مشتكيش من حد؟
أجابها دون أن يرفع نظره إليها وهو يراجع الأوراق قبل أن يضعها فى حقيبته:-
-لكن أنا أشتكيت واللى أتعمل دا إهانة وبكل وضوح وأن كان أنتِ مسامحة فأنا مش مسامحة وإهانتك من أهانتي، أنا وعدتك لما جبتك هنا ان محدش هيضايقك ولا هيهينك
تنحنحت بحرج شديد من كلماته ثم قالت بخفوت:-
-بس أنا محبش أكون سبب فى قطع عيش حد
حمل حقيبته وسار نحوها بتعجل بسبب تأخيره ثم قال عندما وصل إليها:-
-متخافيش أنتِ مش السبب أنا السبب خلاص
أبتلعت ريقيها بصعوبة من قربه هكذا منها لتقول:-
-أنت حر
ألتفت لكى تغادر المكتب لكنها وقفت أمام الباب وقالت:-
-على فكرة أنا هرجع شغلي فى الشركة
أومأ إليها بنعم لتتابع بتذمر شديد واضح بملامحها قائلة:-
-وياريت محدش فى الشركة يعرف أني مراتك
غادرت مُسرعة قبل أن يمانع رأيها، بدلت ملابسها وأرتدت بنطلون جينز وشميز أزرق فوقه سترة بيضاء ولفت حجابها ثم ترجلت من الأعلي مُسرعة فى خطواتها وترتدي بقدميها حذاء رياضي أبيض لترى واقفًا أمام سيارته لتتعجب من وجوده فمُنذ ساعة تقريبًا كان مُتعجلًا لموعده، تحدث بنبرة جادة قائلًا:-
-أركبي عشان أوصلك مش هتلاقي مواصلات هنا
سارت نحوه بتعجب شديد ثم قالت:-
-واضح أنك مسمعتنيش أنا مش عايزة حد فى الشغل يعرف أن فى أى علاقة تربطني بيك
ألتف ليصعد سيارته وهو يُجيبها قائلًا:-
-هبقي أنزلك قبل الشركة بشوية
تأففت بضيق وصعدت للمقعد المجاور له ...........
****************************
كانت "فلك" جالسة فى الشركة وغاضبة رغم قلقها الواضح فى ملامحها، من الأمس ولم يعد للمنزل وحتى الآن لم يأتي للشركة، ظلت جالسة على مكتبها وتمسك فى يدها قلم يطرق به على المكتب وعينيها على رواق الشركة ربما يدخل الآن وتطمئن عليه، كبريائها يمنعها من الآتصال به لكن قلبها على وشك الجنون من القلق من غياب حبيبه، رأت "هالة" تظهر فى الرواق لتسرع للخارج بعد أن تجمع حولها صديقاتها لترحب بعودة "هالة" للعمل، لتصل "فلك" إليها وعانقتها بقوة ورحب شديد وهى تدعمها على قرارها وتقول:-
-وأخيرًا قولتلك لازم ترجعي الشغل
دلف "أنس" أثناء حديثهما لتنظر "هالة" إليه ببرود فقالت "فلك" بجدية:-
-تعالي أنا عايزة أكلمك شوية
أخذتها إلى مكتبها وأغلقت الباب الزجاجي لتبدأ رحلة طويلة من الفضفضة بينهما وكلا منهن تحكي للأخر أوجاعها فقالت "فلك":-
-والله يا هالة من قبل اللى حصل معاكي، أنا كنت شايفة أن أنس أعقل من يونس وشخص كويس ومصدقتش اللى عمله معاكي
ضحكت "هالة" بسخرية وهى تقول:-
-دا وجه ملاكي مخبي وراه شيطانه
فتح باب المكتب يقطع حديثهما ودلف "خالد" حاملًا كوبين من القهوة ودهش بوجود "هالة" معها فقال بحرج:-
-أنا كنت جايبالك قهوة
تأففت "فلك" بأختناق شديد من وجوده وهى تعلم بأن سبب ما حدث بينها وبين "يونس" وكل ما مرت به بسببه هو فأجابته ببرود شديد قائلة:-
-أنا مبشربش قهوة وبعد أذنك ما دام أنا مطلبتش حاجة متقدمهاش، والرسايل اللى بتبعتها بلاش ودا أخر تحذير مني لك وأفتكر أنى مش فلك زميلتك فى الجامعة بالعكس أنا مرات مديرك وست متجوزة
تنحنح "خالد" بضيق من إحراجها له أمام صديقتها وغادر المكتب مُختنقًا منها، نظرت "فلك" إلى "هالة" وهى تقول:-
-أتفضلي يا ستى القرف والبلاوى اللى بتيجي للواحد وهو قاعد
نظرت "هالة" للخلف حيث ذهب "خالد" وقالت بأستغراب:-
-هو دا سبب المشاكل بينكم
أومأت "فلك" لها بنعم وعينيها لا تغادر أبدًا شاشة هاتفها المظلمة مُنتظرة أى رسالة منه أو أتصاله لكنه لم يفعل، رفعت نظرها إلى "هالة" لتراها مُتبسمة فسألتها بقلق:-
-فى أيه؟
ضحكت "هالة" بسخرية لتقول:-
-أصل واضح عليكي فعلًا أنك مش مهتمة بغياب يونس ولا عايزة تعرفي هو فين على الرغم من أن تصرفاتك عكس كدة تمامًا، واضح أوى أنك هتموت ويتصل
تتطلع "فلك" إليها بدهشة وأرتبكت من حديثها لتبتسم "هالة" أكثر وغادرت المكتب رغم سعادتها لصديقتها التى حصلت على الحُب الذي تستحقه إلا أن بداخلها جزءًا حزينًا على حالة فمثلها لن تحصل على الحُب أبدًا فمن سيُحب فتاة دهس شرفها بالوحل وتندس، مرت من أمام مكتب "أنس" لتنمقنه أكثر وهو سبب تدمير حياتها وسرقته لكل ما هو جميل فى مستقبلها، ذهبت إلى مكتبها وكان بجوار "خالد" الذي جاء للعمل بدلًا منها والآن ستعمل معه بمكانًا واحدًا.....
*********************************
عادت "قدر" من الخارج ودلفت إلى منزلها لترى حقائب السفر فى البهو والخادمة تنزل من الأعلى بحقيبة أصغر حجمًا وفور رؤيتها لـ "قدر" قالت:-
-أنا جهزت الشنط ولمت كل حاجة زى ما حضرتك أمرتي
أومأت "قدر" إليها بنعم ثم قالت وهى تخرج شيكًا من حقيبتها:-
-أحستني، خدي دول أعتبريهما مكافأة نهاية الخدمة
أخذته الخادمة منها ثم رحلت لتضع الحقائب فى السيارة ونظرت "قدر" مرة أخيرة على المنزل ودلفت إلى المكتب لتخرج منه ظرف بنى اللون وغادرت المنزل بسيارة مُتجهة إلى منزل والدها وبعد الترحيب، سأل والدها بحيرة:-
-أنتِ كدة مرتاحة يا قدر
دمعت عيني "قدر" بحزن شديد وقالت:-
-اه يا بابا، أنا ملاقتش غير الوجع والألم فى البلد دى، أنا أتعرفت على يونس فى لندن وحبته هناك ورجعت هنا عشانه وعشان أكون معاه ونعمل فرحنا ونعيش هنا وسط أهلنا، لكن كل دا كان فى أحلامي وبس، وخلاص يونس طلقنى وأنا قدمت أستقالتي من المستشفي ومكاني فى لندن لسه موجود أنا اتوصلت معاهم وهم رحبوا بوجودي
سألتها والدتها بقلق شديد قائلًا:-
-واللى فى بطنك يا قدر؟
رفعت "قدر" يدها تلمس بطنها بلطف وقلب أم دافيء لتقول:-
-دا عقاب يونس الوحيد اللى قدرت أنفذه فيه، يونس حتى محسش ولا أخذ باله مرة أن بطني بدأت تظهر، يمكن دا الحاجة الوحيدة اللى هتخفف عني الوحدة والغربة اللى هعيش فيها، على قد ما أنا كنت مش عايزه على قد ما كان عندك أنتِ وصفاء حق يمكن هو الحسنة الوحيدة اللى طلعت بيه من الجوازة دى، أنا هعيش معاه بعيد عن هنا وعن قسوة وفراق أبوه وبالنسبة ليونس هو ميت
فتحت حقيبتها وأخرجت منها الظرف لتقول بجدية وهى تمده إلى والدها:-
-أبقي أدي الظرف دا ليونس يا بابا هو فيه عقد الفيلًا والعربية اللى كتبت نصهم أنا مش عايزة منه حاجة ولا عايزة حاجة تربطنى بيه
قاطعتها والدتها بحزم شديد رافضة هروبها:-
-واللى فى بطنك مش هيربطك بيه، قدر أنتِ فى الخامس
قاطعتها "قدر" بغضب شديد وهى تنكر أمتلاك "يونس" لشيء بهذا الطفل صارخة:-
-دا ابنى لوحدي يا ماما، يونس مالهوش فيه حاجة، يونس مستحقش أنى أديته كمان أبن، كفاية أوى اللى أخده منى كفاية لحد كدة...
وقفت بحزن باكية وقد بدأت فى الأنهيار وغادرت المنزل مُتجهة للمطار تاركة البلد كاملة له وهاربة من قدر جمعها به، هربت من جحيمها وألمها الذي رأته وعاشته بهذه البلد معه، غادرت ربما تجد السعادة والحياة والسلام بمكان أخر لا صلة ولا أثر لـ "يونس" به، هاربة بطفل لا يعلم عنه وجود شخص غير والدها بعد أن أخبرت "يونس" بقتلها له ليصبح ملكًا لها وحدها وكأنها كانت تنوى من البداية الهرب به لكن بعد أن تحصل على أنتقامها لكن بنهاية المطاف غادرت بطفلها دون أن تنل انتقامها فقد أقتربت نيران الأنتقام على حرقها هى لكنها قررت إنقاذ نفسها هى وطفلها من هذه النيران قبل أن تلتهمها .......
