رواية مرايا الحب الفصل السادس عشر16 بقلم نورا عبد العزيز
بعنــــوان " شقًا بالقلب
ترجلت "فلك" من سيارتها أمام منزل "أنس" لتندهش من جماله والمكان الذي يعيش به و"يونس" يعيش معها بشقة صغيرة لتتساءل هل يملك مثل هذا المنزل وتركه لأجل البقاء جوارها، دلفت من الباب و "داليا" ترحب بها ببسمة خافتة ثم قالت:-
-الهانم فى أوضتها
صعدت "فلك" معها للأعلي حيث غرفة "هالة" ودلفت لتراها واقفة بالشرفة فألتفت إليها بهدوء وقالت:-
-متأخرتيش يعنى
تبسمت "فلك" برحب شديد وهى تقول:-
-اه ما صدقت أصلًا أنك كلمتيني
أقتربت "هالة" منها بحيرة شديد وتشعر بصخرة نارية مُتلهبة فوق قلبها وروحها المُسلوبة منها تخنقها حد الموت بضيق شديد، أسرعت نحو "فلك" ترتمي بين ذراعيها بضعف وحزن خيم على قلبها بدأت فى نوبة من البكاء والأنهيار لم تصدق "فلك" ما ألت إليه الأمور وأنهيار هذه الفتاة وهى ما زالت عروسة فى أول أيامها، ربتت عليها بلطف شديد وقالت:-
-حصل ايه يا حبيبتى، أهدي كدة
ظلت معها حتى هدأت تمامًا وتوقفت عن البكاء شيئًا فى شيء وجلسوا على الأريكة معًا لتقول "فلك" وهى تجفف دموع "هالة" بأناملها الناعمة قائلة:-
-حصل أيه يا حبيبتى؟ أحكي لي يا هالة أنا مش قادرة أشوفك فى الحالة دى ولا عارفة أساعدك نهائيًا
أومأت إليها بنعم ورجفتها المُلازمة لجسدها لم تتوقف نهائيًا لا تعلم كيف ستتفوه بهذه الكلمات أو تصف ما حدث لها لكنها بأمس الحاجة للحديث مع أحد قبل أن يغلبها الألم والحزن وتقتل نفسها، بدأت تقصي هعلى "فلك" ما حدث و"فلك" فى حالة صدمة لا تصدق ما تسمعه أذنيها وهذا الحديث، لا تصدق أن "أنس" ما تعرف أرتكب هذه الجريمة لتقول بصدمة ألجمتها وأستوقفت كل تفكيرها تمامًا:-
-أنس!! أنا مش مصدقة اللى بسمعه نهائيًا
كانت "هالة" تطأطأ رأسها تمامًا للأسفل بحزن شديد خجلًا من حالها وما أصبحت به، رفعت "فلك" يدها بحنان وإشفاق على هذه الفتاة ثم ربتت على كتفها بأحتواء ربما تساعدها فى التخفيف عما حدث لتقول:-
-إحنا نحمد ربنا أنه سترها معاكي ومفضحكيش يا هالة
جهشت باكية بأنهيار وطريقة هسترية تقول:-
-أنا هموت من الوجع والحزن، حاسة أنى مذبوحة وروحي أتسرقت مني، مبقتش قادرة أعمل حاجة غير البكاء وحتى الصراخ مبقتش قادرة عليه ولا عارفة أصرخ، أنا بقيت شخص ميت ماشية على الأرض، مش قادرة أخرج من أوضتى ولا قادرة أبلع لقمة، لحظات الليلة دى مبتقارفش خيالى، بقيت بخاف أغمض عيني عشان كل ما أغمض مشوفش غيره والليلة المُميتة دى
ضمتها "فلك" بإشفاق وهى تشعر بألم شديد على حالة صديقتها أكثر شخص عفوي ومُبتسمًا عرفته لكنها الآن أصبحت كالرماد بعد أن حرقها الزمن وقسي عليها القدر، حاولت "هالة" الصراخ وسط بكاءها ربما تستطيع التخفيف عما يُثقل قلبها لكنها لم حتى الصرخة كان يؤلمها ويمزج صدرها فلم تعد تقوى عليه، بعد نوبة طويلة من البكاء والأرتجاف فتحدثت "فلك" وهى تحدق بوجه "هالة":-
-هو محاولش يتكلم معاكي
عقدت "هالة" حاجبيها بغضب سافر وهى لا تستوعب كيف لها بأن تسمح لوحش مثله بأن يُحدثها أو يتطلع بها فقالت بعنف شديد قائلة:-
-أيه اللى بتقوليه دا يا فلك، أنا مش طايقة أشوفه ولا حتى أسمع صوته هسيبه يكلمنى كدة عادي، دا مستحيل أعملها نهائيًا، وهيتكلم يقول أيه... أسف ومكنش قصدي تفتكري دا هيصلح حاجة من اللى أتكسرت جوايا
أومأت "فلك" إليها بنعم وتمتمت بصوت خافت:-
-عندك حق
شعرت بألم فى قلبها ووغزات حادة كالسكين تطعن قلبها لكنها حاولت تتجاهل هذا الألم لكن سرعان ما بدأ يزيد أكثر وأكثر عليها فقالت بصوت مبحوح وقد بدأت ترتجف قائلة:-
-أنا همشي معلش وهجيلك تاني
وقفت "هالة" معها بأستغراب ووجه "فلك" الشاحب والتعب الذي بدأ يظهر عليها أثار قلقها لتقول بخوف:-
-أنتِ كويسة يا فلك؟
أومأت إليها بنعم وخرجت من الغرفة لتخرج "هالة" معها لأول مرة مُنذ أن دخلت هذا المنزل تغادر غرفتها، كادت "فلك" أن تسقط وجسدها يهتز قليلًا لتمسك "هالة" يدها بقلق عليها وهى لا تفهم ماذا أصاب صديقتها فجأة لتقول:-
-أيه دا أنتِ مال أيدك ساقعة كدة ليه؟
أجابتها "فلك" بتعب وأرهاق شديد وقد بدأت تضغط بيدها على صدرها المُتألم بحدة قائلة:-
-مفيش حاجة
تشبثت "هالة" بيدها بخوف شديد ثم قالت:-
-طب خلاص أستنى هنا وأنا هتصل بيونس يجي يأخدك
وصل "يونس" إلى منزل أخاه مُسرعة بلهفة وخوف شديد بعد أن أخبرته "هالة" بتعب زوجته وحبيبته، دلف للصالون ليراها جالسة على الأريكة وبجوارها "هالة" ليسرع نحوها وهو يجلس على ركبتيه أمامها بهلع شديد ويفحصها بعينيه بينما يقول:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم وهى تحدق بعينيه وقلق يفيض منهما، لا تصدق بأنها وأخيرًا رُزقت بشخص يرتعب خوفًا عليها ويقلق لأمر قلبها المريض، لم يعتنى بها أحد من قبل فحتى أخاها لم يهتم أبدًا لأمر مرضها وإذا كانت تواظب على علاجها ام تتركه، فحصها بعينيه جيدًا ويديه تحتضن يديها بحنان وكانت باردة كالثلج لينزع سترته الزرقاء ويضعها على أكتافها بحب خوفًا عليها من المرض وقال:-
-أنتِ بردانة كدة ليه؟
عاد للجلوس أمامها برفق ثم سألها بنبرة خافتة:-
-تحبى نروح للمستشفي
هزت رأسها بلا لينظر إلى "هالة" بإمتنان وقال:-
-أنا مُتشكر جدًا يا هالة أنك أتصلتي بيه، أنا واثق أنها كانت هتركب وتسوق بنفسها عادي حتى وهى تعبانة
تبسمت "هالة" بسمة مُنكسرة خافتة ثم قالت:-
-على أيه، أنا اكيد مش هيسيبها تسوق وهى تعبانة
تنحنح "يونس" بحرج شديد ثم بدأ بالحديث وهو يضع يديه فى جيوب بنطلونه وقال:-
-مش ناوية ترجعي بقي الشغل، صدقينى دا ممكن يساعدك فى اللى أنتِ فيه ويشغلك شوية عن التفكير اللى ممكن يموتك ويجيبلك أكتئاب
نظرت "فلك" إليه بدهشة فهل يعلم سر أخاه وما فعله، تطلعت "هالة" به بذهول تام من كلماته ثم نظرت إلى "فلك" بحزن وشعرت بالتعري أمامه وكأن ساترها رُفع عنها لتدمع عينيها بإنكسار أصابها ثم قال:-
-أنا مش قصدي أى إهانة أو إذلال ربنا يعلم، أنا قصدي أساعدك تخرجي من اللى أنتِ فيه وتعدي المحطة دى من حياتك بوحشها كله، مينفعش توقفي حياتك هنا حتى لو كان الوجع كبير وأنا عارف ومدرك أنه كبير أوى كمان وأكيد أكبر من طاقتك لكن حاولي تتغلبي عليه
لم تُجيبه بل صعدت للأعلى تاركة الأثنين فى الأسفل ليأخذ "فلك" من يدها ويذهب إلى منزلهم...
دلفت "فلك" للمطبخ تجهز العشاء بعد أن بدلت ملابسها وكانت تستمع إلى الموسيقي على هاتفها الموضوع على الطاولة، دلف "يونس" إليها بعفوية وسعادة تغمره ليقول:-
-أساعدك، أنا جوعت
تبسمت بخفوت وهى تضع السمك فى الأطباق مُجيبة عليه:-
-خلاص أهو
رن هاتفها قاطعًا أغنيتها لتنظر إلى الشاشة وهكذا "يونس" ليُصدم الأثنين عندما رأى اسم "خالد" على الشاشة فنظرت إليه وهى تنزع القفازات البلاستيكية من يدها وقالت بذعر:-
-أنا هرد وأقوله ميتصلش تاني
كادت أن تمر من أمامه الخوف من غضب سيطر عليها لكنه مسك معصمها وهو يغمض عينيه ويتأفف بضيق شديد ليقول:-
-فلك..
نظرت إليه بذعر وأبتلعت ريقها بصعوبة بالغة ثم قالت:-
-أنا...
قاطعها صوت الهاتف مُعلن عن أستسلم رسالة جديدة ليسرع "يونس" بأخذ الهاتف من فوق الطاولة قبل أن تأخذه "فلك" وفتح الرسالة لتتسع عينيه على مصراعيها بصدمة الجمته ليقول:-
-أيه دا
أدار الهاتف إليها بغضب سافر لترى رسالة "خالد" إليها وكان محتواها
-هجيبلك ماك معايا بكرة، أنا عارف أنك بتحبيه وبالمرة نفطر سوا زى زمان
رفعت "فلك" نظرها عن الهاتف إلى زوجها المُشتعل غضبًا وقالت بتلعثم :-
-أنا مطلبتش منه حاجة يا يونس متزعقليش أنا
نشبت بداخله للتو حربًا وهذا الرجل لا يتوقف عن التقرب إليها حتى بعد أن أخبره بكونها زوجة إليه ليقول بانفعال:-
-ما أنتِ لو كُنتِ صدتيه من اول مرة شوفتيه مكنش حصل دا كله، لكن لا أزاى حضرتك رحبتي بيه وضحكتي وهزرتي وخدتي راحتك كأنك مش على ذمة حمار
كانت تعلم أن أى كلمة ستتفوه بها الآن ربما تفقده أعصابه أكثر فألتزمت الصمت مما زاد غضبه أكثر كأنها تستفزه وتستنفد صبره وطاقته عليها أكثر، مسك معصمها بقوة وهو يسحبها إليه بعنف شديد ويقول:-
-متسكتيش وتفقدينى أعصابى عليكي، انا هاين عليا أفلقك نصين دلوقت....
قاطعه رسالة جديدة من هذا الرجل ليقرأ بلهفة وغضب سافر وهو يقرأ رسالة "خالد" الجديد:-
-تعرفي أن نفسي أيام زمان والجامعة ترجع تاني، كنتِ ملاكي يا فلك وما زالتي والله ملاك وجميلة تخطفي قلب أى حد
قذف الهاتف فى الحائط بقوة ليسقط أرضًا إلى أجزاء منثورة على الأرض لتشهق "فلك" ذعرًا من غضبه الذي فقدته للتو وخرج من المطبخ لتسرع خلفه بخوف وحزنًا على غضبه السافر بسببها وهى تلعن هذا الرجل الذي يُدمر لحظتهما دومًا، كلما صنعت ذكري جميلة معها ربما تكن ذكراها إليه إذا غلبها الموت، دمرها "خالد" لتمسك يده بحزن شديد وتقول:-
-أسمعنى بس يا يونس، إحنا أتفقنا نسمع بعض ونقرب من بعض أكتر مش نبعد ومنسمعش بعض، حقي عليك كخطيبي تسمعنى هى دى فترة الخطوبة اللى قولنا نعملها عشان نقرب لبعض أكثر ونكسر الحواجز بينا
كلماتها أثارت غضبه أكثر وكأنها اخذته لحافة الغضب وأنفجر بركانه الناري بداخله ليستدير إليها بأنفعال شديد وهو يمسك ذراعها بقوة، ارتعبت خوفًا منه وهى لأول مرة ترى "يونس" بهذا الغضب فأول شيء جذبها إليه كانت حنيته ودفئه عليها أم هذا الغضب ووجه المُخيف الذي جعلها ترتجف ذعرًا منه لم تستوعب أن تراه بـ "يونس"، صرخ بنبرة عالية مُرعبة وهى لم تراه غاضبًا هكذا من قبل قائلًا:-
-فوقي يا فلك، خطيبة مين يا بت أنتِ مراتي وحلالي وأنا لو سايبك فى دا بمزاجي مش خوف منك
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة خوفًا منه وعينيها تحدق بشرارة عينيه التى تتطاير منها ولا تصدق قسوته وغلاطته معها فقالت بنبرة حادة غليظة مُتحدية إياه:-
-أنت متقدرتش تعمل حاجة غصب عني
ضغط بقبضته على ذراعها أكثر وأكثر يعتصره بين أنامله لتتألم منه فقال بنبرة حادة أكثر قسوة وعنف:-
-عدي يومك يا فلك بدل ما ترجعي تندمي وتختبري صبري عليكي أكتر من كدة، عنادك معايا ممكن يلبسك فى حائط، قسمًا بالله أنا أقدر أندمك بس مش عاوز دا
ضربته بقبضتيها بقوة على صدره مُستشاطة غضبًا من قساوته وكلماته الحادة لتقول:-
-هتعمل ايه يا بونس، هتحصل جريمة أخوك لو فاكر أن دى رجولة فأحب أقولك أنك لا راجل ولا تعرف حاجة عن الرجولة
كز على اسنانه بانفعال شديد من كلماتها وشعر بإهانة كبري فى حديثها وقلبه المُشتعل بنار الغيرة كخنجر طعنه حينما رأها مع "خالد"، جذبها من معصمها بقوة للداخل نحو غرفة نومه لتفزع" فلك" رعبًا من هذه الأفكار التى راودتها للتو وأنتفض قلبها خوفًا مما تراه وما سيفعله بها داخل هذه الغرفة فقالت بهلع وهى تحاول جذب معصمها من يده بذعر شديد:-
-أنت هتعمل ايه!!!
توقف عن السير وهو يحكم قبضته على معصمها بقوة أكثر حتى لا تفر منه ويتحكم بها ثم حدق بها بغضب سافر وتحدث بنبرة مُخيفة جاحدة قائلًا:-
-هثبتلك أني راجل وأعرفك أني بعرف
دمعت عينيها ذعرًا وهى تقاومه ليحملها على ذراعه بانفعال حتى تتوقف عن مُحاولة الهرب منه وولج بها إلي الغرفة وقد بدأت "فلك" فى البكاء والأرتجاف خوفًا منه فألقاها على الفراش بقوة زادت من أرتعاشها فعادت للخلف بهلع منه وهى تقول بترجي:-
-والله مش قصدي يا يونس اللى قولته خالص والنبي
لم يبالي لحديثها وعيناها يتطاير منها الشر والغضب الذي تملك منه كالسحر وهو تحت رغبته، جذبها من قدميها إليه وهى تعود للخلف بدأت شهقاتها القوية تعلو شيئًا في شيء ولا تقوى على الصراخ مُستنجدة بأحد يخلصها من يديه فهو زوجها ويحق له هذا الشيء لكن ليس بهذه الطريقة، أصبحت أسفله منكمشة فى ذاتها وترتجف كانها تنتفض بقوة نتيجة صعقات كهربائية، تتطلع بدموعها المُنهمرة على وجنتيها ونفضتها ليقول بحدة:-
-عرفتي أني أقدر أعمل اللى عايزه يا فلك وأنتِ مش هتقدري تعملي حاجة غير أنك تعيطي، لكن أنا مش زى انس، مش مغتصب وحتى لو حلالي مش هعمل حاجة غصب عنك مش لأني ضعيف ولا خايف منك لا عشان رجولتي متسمحليش أعمل كدة
كانت تستمع لكلماته وهى تتوقف عن البكاء شيئًا فى شيء وترمقه بعينيها وفور أنهاء كلماته نبرة غليظة ابتعد عنها تاركة بمنتصف الفراش ضعيفة خائفة منه، وقف بمنتصف الغرفة غاضبًا ليقول بتحذير بنبرة أكثر حدة:-
- لأخر مرة يا فلك، أياك ألمحك بتبتسمي حتى فى وش راجل غيري، صدقينى هتندمي وهتشوفي مني وش متمناش أنك تشوفيه مني وأنا هعرف أتصرف مع الحيوان دا كويس وأمحيه من على وش الأرض
خرج من الغرفة لتلتف تختبيء بالفراش باكية وعقلها أوشك على الجنون من الصدمة لما فعله، لم تتخيل أبدًا بأنه سيعاملها بهذه القسوة المُميتة لقلبها....
********
كان "أنس" جالسًا فى الكافتريا بصحبة "يونس" ويراقبه بعينيه وهو على وشك الأنفجار ويتشاجر مع الجميع، وضع النادل فنجان القهوة الفرنساوي أمام "يونس"، نظر إلي الفنجان ليصرخ" يونس"به بأنفعال شديد قائلًا:-
-هى دى القهوة الاسبريسو
اجابه النادي بدهشة من صراخه قائلًا:-
-حضرتك طلبت قهوة فرنساوي زيادة
كاد "يونس" أن يصرخ به مرة اخري ليستوقفه صوت "أنس" وهو يقول:-
-روح أنت يا بني..... مالك يا يونس
نظر "يونس" إليه بضيق ووجه عابس ليقول:-
-مفيش
نظر "أنس" له بحيرة شديد ثم سأل:-
-أنت متخانق مع فلك
أومأ إليه "يونس" بحزن وبلهجة باردة قال:-
-مزعلها شوية... أنا همشي
خرج من المكان وصعد إلى سيارته لينطلق وهى لا يعرف إلى أين يذهب فأتاه صوته الغائب من فترة طويلة تقول:-
-وحشتني يا يونس
ضغط على المكابح بدهشة من ظهورها ونظر للمقعد المجاور وكانت "غزل" حقًا أمامه مبتسمة بإشراق وعفوية تأسره ليقول بتمتمة غير مُصدق رؤيتها وكونها أمامه:-
-غزل!!
أومأت إليه بنعم، تتطلع بها بأشتياق شديد وقال بشغف:-
-وحشتينى يا غزل، أنتِ فينك؟
تبسمت وهى تضع يدها على قلبه بدلال ثم قالت:-
-أنا هنا يا يونس بس أنت اللى أنشغلت عنى شوية
تبسم بحنان شديد وشعر كأن العالم أجمع توقف للتو فى هذه اللحظة وتلاشي الجميع منه ولم يبقي سواه معها، لمس يدها بحنان وقال:-
-مقدرش يا غزل، أنا دورت عليكي كتير يا حبيبتى وملاقتكيش
دمعت عينيها بحزن شديد من نطقه لهذه الكلمة وقالت بحزن:-
-أنا حبيبتك يا يونس!
أومأ إليها بنعم بحماس شديد وصدقًا فهى حبيبته الوهمية مُنذ سنوات كثيرة مرت لم يجد أحد بجواره غيرها فقال:-
-حبيبتى وروحي يا غزل .....
رن هاتفه باسم "فلك" ولم يجيبه بل وضعه على الصامت وألقي به فى درج السيارة لأول مرة يتجاهلها لأجل "غزل" وكأنه لا يقبل بشفائه ويتمنى أن يظل مريضًا عمره كاملًا على أن يُشفي منها وتغادره للأبد، ربما فراقها صعبًا عليه وهى من ظلت معه فى مشواره الطويل وخلال سنواته التى مرت والتنازل عنها كتنازله عن عمره كاملًا، بعد فعلته عانقته "غزل" بحب شديد ليتشبث بها بذراعيه بأشتياق سافر...
************************
تحدثت "قدر" فى الهاتف وهى تصعد الدرج قائلة:-
-أول ما أرن عليك تطلع ليا على طول
أنهت أتصالها ووضعت الهاتف فى حقيبتها وهى تقف أمام باب الشقة لتأخذ نفس عميق وهندمت ملابسها ثم ضغطت على زر الجرس وبعد ثواني معدودة فُتح الباب لتحدق "قدر" بوجه "فلك" الواقفة أمامها مُندهشة لزيارتها وترتدي فستان بيتى قصير يصل لركبتها وردى اللون وبنصف كم وشعرها الأسود مسدول على ذراعيها وظهرها، تحدثت "فلك" بنبرة غليظة قائلة:-
-يونس مش هنا
كادت أن تغلق الباب لتدفعه "قدر" بجدية ورسمت بسمة خبيثة على وجهها وهى تقول بنبرة خافتة مُخيفة:-
-أنا عارفة، أنا جاية لك أنتِ........
