رواية نبضات لاتعرف المستحيل الفصل الثالث عشر13بقلم اميرة احمد


رواية نبضات لاتعرف المستحيل الفصل الثالث عشر13بقلم اميرة احمد

جلست لارا في إحدى الكافيهات التي كانت اعتادت ان تلتقي بيوسف فيها، تنظر إلي خاتم الخطبة في يديها، تلفه حول اصبعها و هي شاردة تماما، حتى جاء يوسف وجلس إلى جوارها...

شعرت بوجوده، ابتسمت دون أن تلتفت له، لكنه اقترب منها أكثر وهمس: سرحانة في ايه؟

ابتسمت وهي تنظر إليه ثم قالت: هتصدقني لو قولتلك سرحانة فيك... مش قادرة اتخيل ازاى نسيت كل حاجة ليها علاقة بيك فجأة كده.

أمسك يوسف بيدها وأشار بيده إلي صدره: بس هنا فاكرني ..... صح؟ قلبك فاكرني يا لارا؟

اومأت رأسها بإيجاب وهمست: بس انا حاسة ان في تفاصيل بينا حلوة كتير انا مش فاكراها.

ازداد ضغطه على يديها: طول ما احنا مع بعض هيفضل في بينا ذكرايات حلوة وتفاصيل كتير نعملها سوا.

اضاء هاتفه الموضوع امامه علي الطاولة تنبيها لوجود رسالة، بتلقائية توجهت لارا بنظرها نحو الهاتف، لمعت عيناها و قالت بتردد: دي صورتنا؟

ناولها يوسف الهاتف بابتسامة: كنا هنا في نفس المكان من حوالي سنة.

نظرت لار إلي الصورة طويلا، و ترقرقت دمعة في عينيها: انا شاكلي مبسوطة أوي في الصوة... ضحكتي واضح انها من القلب.

ظهرت لمحة حزن في عيني يوسف: دايما كنتي سعيدة و احنا مع بعض يا لارا.

حاول يوسف ان يخفف وطأة المشاعر المشحونة التي ظهرت علي وجه لارا، فأردف بمرح: طيب قوليلي انتي فاكرة أصحابنا، ولا نسيتيني أنا بس؟

ابتسمت لارا: مين أصحابنا؟

يوسف: جميلة و حنين و ليلي و مالك ... و .. و شادي.

نظرت لارا إلي عيني يوسف: لو ده هيطمنك فانا مش فاكراهم كلهم.... انا فاكرة جميلة كويس... ومالك فكراه بس اعتقد ان جميلة كانت معجبة بيه و هي اللي عرفتنا عليه.... حنين انا فاكرة أني كنت أعرفها بس مش صحاب، هو احنا وحنين كنا أصحاب؟

تجهم وجه يوسف: فعلا أنتي كنتي صاحبة جميلة طول عمرك، بعدين جميلة اتعرفت علي مالك وانا، وعرفتنا علي بعض، و بعد شوية اتعرفنا علي حنين و شادي الله يرحمه.

همست لارا كما لو كانت تحدث نفسها: شادي ده اللي توفي في نفس الحادثة؟

يوسف: الله يرحمه.

رفعت لارا كتفيها باستنكار: بس انا مش فاكرة عنه حاجة خالص.... انت عارف يا يوسف... انا حتي نسيت ان بابا توفي....  متخيل صدمتي لما عرفت انه توفي من فترة..... عارف إني حزنت عليه مرتين.

دمعت عيني لارا رغما عنها، مرر يوسف يده على يديها بحنان: بكرة كل حاجة هتبقي كويسة يا حبيبتي.

صاح يوسف بمرحه المعتاد: طيب قوليلي اكتر حاجة نفسك تعمليها ونعملها دلوقتي.

ابتسمت لارا بحماس، أخذت تفكر قليلا ثم صاحت: نفسي أزور برج القاهرة أوي.... عمري ما روحته قبل كده، وبخاف من أي حاجة عالية بس نفسي أروحوا جدا.

لمعت عيني يوسف: خلاص يلا قومي هنروح البرج دلوقتي.

ضحكت لارا بمرح: دلوقتي!!

لم يعط يوسف لها فكرة للتفكير، جذبها من يدها واتجه بها نحو السيارة.
حين صف يوسف سيارته امام البرج وترجل منها..
وقف يوسف أمام السيارة، ينظر إلى لارا التي كانت تتأمل البرج بانبهار طفولي. التفتت إليه بعيون متحمسة وقالت: متحمسة جدًا... عمري ما جيت هنا قبل كده
 ابتسم يوسف بخفّة، يخفي وراء ابتسامته مشاعر متضاربة، فهي بالفعل وقفت في هذا المكان من قبل معه. لكنه لم يعلّق، فقط فتح لها باب السيارة قائلاً: جاهزة؟

دخلت المصعد بجواره، تنظر إلى الأرقام التي ترتفع بسرعة، لكن فجأة، حين اقتربوا من الطابق الأخير، شعرت بغصة خفيفة في حلقها، وظهرت علامات التوتر عليها واضحة

نظر إليها بحنان، ومد يده دون تردد ليحيط أصابعها بكفه الدافئ، همس لها بثقة: متخافيش... أحنا مع بعض.
 مع وصولهما إلى القمة، ترددت في الخروج من المصعد، لكنها شعرت بلمسته المطمئنة، فأخذت نفسًا عميقًا وخرجت. 

وقفت أمام السور الزجاجي، شهقت بانبهار، لكن فور أن نظرت للأسفل، عادت تتراجع خطوة إلي الخلف بخوف، و احكمت قبضتها علي يد يوسف و هي تقول بقلق: ده عالي اوي. 

ضحك يوسف و هو يشدد علي يديها أكثر: كنتي متوقعة أيه يعني.... طبعا لازم يبقي عالي كده.

نظر يوسف إلي عينيها المرتبكتين... و الطريقة التي تشبثت بها بكفه، و كأن قلبها يعلم جيدا أنه الحماية الوحيدة لها، تمني لو بإمكانه ان يضمها إلي صدره، ان يخبرها انها لم تكن خائفة حين أتت لأول مرة معه، بل كانت تهتف بحماس و تنظر للمدينة من أعلي بحب.

نظرت إلي المدينة من أعلي باستغراب، و نظرت إلي يوسف، شعرت بالألفة للمكان و كأنها كانت في نفس البقعة من قبل، أمسكت برأسها محاولة ان تتذكر لكن خانتها الذاكرة مرة أخري، نظرت إلي يوسف بحيرة و قالت: يوسف.... انا جيت هنا قبل كده؟

لمعت عيني يوسف وهو يجيبها بابتسامة: احنا جينا هنا قبل كده.... من سنتين

تأملت المكان حولها لفترة ثم همست بشرود: ايوه.. بس انا مش فاكرة.

أخرج يوسف هاتفه، أشار لها بصورة لهما في نفس المكان، كانت لارا تبتسم فيها بحماس، تسارعت أنفاسها، و شعرت بشىء يتحرك داخلها... شيء مألوف و كأن قلبها يتذكر كل تلك الاحداث لكن عقلها يأبي ان يوضح لها.

لم تعرف ماذا عليها ان تقول، فتحت فمها وهمست: يوسف... انا....

رفع يوسف كفها إلى شفتيه و طبع قبلة رقيقة و قال بصوت حنون: مش مهم تفتكري دلوقتي... كله هييجي مع الوقت.

  

ابتسمت له وهي تعلم من داخلها ان الشعور بالأمان مع يوسف هو بالتأكيد نابع من سنين من المشاعر بينهما.

  ————————-

دخلت حنين غرفة النوم تبحث عن هاتفها دون ان تنتبه، رفعت رأسها نظرت إليه وتجمدت مكانها قبل أن تطلق صرخة مدوية، ................ أمامها كان يقف عمر بجوار خزانة الملابس منشغلا بتنشيف شعره بمنشفة صغيرة عاري الصدر لا يرتدي سوي منشفة طويلة ملتفة حول خصره.

سريعا وضعت كفيها على وجهها تغطي عينيها، بينما انتفض عمر لصراخها، اقترب عليها بلهفة و صاح: حنين أنتي كويسة؟ حصلك حاجة.

هزت حنين رأسها بتوتر و قالت: انا... انا اسفة مكنتش أعرف انك في الحمام.

نظر إليها عمر باستغراب قبل ان يضحك: هو انتي بتصرخي علشان كده.

أقترب منها وازاح كفيها عن وجهها وقال بصوت دافئ: فتحي عينك يا حنين... انا جوزك على فكرة.

ابتعدت عنه خطوة وهي لاتزال مغمضة العينين حتى اصطدمت بالجدار خلفها وقالت بنبرة متوترة: البس هدومك يا عمر من فضلك.

أقترب منها أكثر، ألقي المنشقة الصغيرة على كتفها بإهمال قبل أن يقول: مش لازم تخافي مني... لازم تتعودي على وجودي معاكي.

لم تنطق حنين، فقط أصبحت أنفاسها أسرع وصدرها يعلو ويهبط بتوتر، أخيرا أبتعد عنها عمر، سمعت صوت خبط خفيف في أدراج الخزانة، وأخيرا هتف عمر: هتفضلي واقفة كده، فتحي عينك انا لبست خلاص.

ببطء فتحت جزء من عينيها، وجدت عمر يرتدي بنطال رياضي و عاري الصدر، يقف امام المرآة يرش عطره، أغلقت عينيها مجددا و صاحت: بجد يا عمر ألبس هدومك كلها.

اقترب منها عمر أكثر حتي شعرت بحرارة جسده، و ملأ صدرها عطره، لم يلمسها فقط حاصرها بذراعيه و هو يسندهما علي الحائط خلفها و همس: فتحي عينك يا حنين... انا مش هالبس أكتر من كده.

بتوتر اومأت رأسها بالنفي، اقترب أكثر وهمس عند أذنها: لو مفتحتيش عينك هاقلع اللي انا لبسته و هاخليكي تفتحي عينك.

أخيرا فتحت عينها ببطء، نظرت إلي عينيه بتوتر بدي واضح علي ملامحها ، لكنه نظر داخل عينيها بعمق و همس بصوت دافئ: حنين.... انا جوزك... عادي لو صدفة شوفتيني و انا في الحمام، ده بيتنا لازم نعيش فيه براحتنا، و لو فضلتي تتعاملي معايا كده عمرنا ما هنقرب من بعض.

أنزل عمر يديه وأمسك بكفها وهو يهمس: تعالي.

جلس على طرف السرير وأشار لها ان تجلس إلي جواره، ترددت في بادئ الأمر قبل ان تستلم و تجلس إلي جواره.

نظر لها عمر وقال بصوت هادئ: فاكرة زمان يا حنين.... لما كنا صغيرين وعمي كان يزعقلك، كنتي بتيجي تستخبي منه في أوضتي.

ابتسمت بخفوت وهمست: ايه فكرك بالحاجات دي دلوقتي.

ابتسم عمر: انا عمري ما نسيت... كنتي دايما بتتحامي فيا... بتلجأيلي في كل حاجة... ايه اتغير دلوقتي، أمتي بقيتي تخافي مني كده وتحطي حواجز بينا.

أطرقت برأسها وقالت بحزن: عمر... انا أحيانا بشعر أني بظلمك معايا... بظلمك أني مش عارفة أكون لك زوجة.

وضع يده علي كتفها و همس: حبيبتي... اللي عديتي بيه مش سهل...

 ثم نظر إلي عينيها بعمق و ابتسم: و انا مستعد استناكي العمر كله، بس انتي برضه لازم تكسري الحاجز اللي بتبنيه بينا.

اومأت رأسها بتفهم، اتسعت ابتسامته ولمعت عيناه وقال: خلاص طالما متفقين يبقي من النهاردة في قوانين جديدة في البيت ده.

نظرت إليه بعدم فهم فأردف: مش هتخافي مني تاني.... اتفقنا؟

ابتسمت باطمئنان: اتفقنا.

اتسعت ابتسامته وقال بنفس النبرة الهادئة: مش هتنامي على طرف السرير بعيد عني تاني.

حركت عيناها بتوتر، لكنها اومأت بإيجاب بعد ان احمرت وجنتيها.

بنفس الابتسامة أردف: احنا بناكل مع بعض ونخرج مع بعض ونتفرج على التليفزيون مع بعض، عادي يعني نبقي قريبين ... عادي يعني لما تقعدي جنبي أحط ايدي عليكي، لما أدخل البيت بعد يوم طويل في الشغل عادي لو استقبلتني بحضن.

نظر إلى التوتر الذي بدي واضح علي ملامحها و همس برقة: انا مش عايز أكتر من كده... علي الأقل دلوقتي.... و احنا على اتفاقنا.

تنهدت حنين وقالت بصوت ضعيف: حاضر يا عمر هحاول.

 ابتسم وهو يستلقي على السرير: انا كده هنام النهاردة وانا مرتاااح.

لم تستطع ان تمنع ابتسامة خفيفة ظهرت علي شفتيها، و هي تجذب الغطاء و تضعه فوق عمر بهدوء، لم يعقب فقط نظر إليها بامتنان و هو سعيد انها بعفوية بدأت تكسر الحواجز التي وضعتها هي بينهما.

استلقت إلي جواره و هي تنظر إلي سقف الغرفة، قبل ان تتنهد و تغمض عينيها باطمئنان.

                   الفصل الرابع عشر من هنا
تعليقات



<>