
رواية لكل منتقم ضحية لا ذنب لها الفصل الثاني والعشرون22بقلم جني محمد السمنودي
اقتربت منه بلهفة قائلة "الدكتور قال ايه "
كانت تحمل حياة النائمة على كتفها و تمسك بحقيبة يبدو أنها تحتوي على بعض الاطعمة
اقترب منها مارتن و حمل الصغيرة قائلا "طفلة رقيقة ما شاهدته في الآونة الأخيرة كثير عليها"
كعادة هشام تحدث مترجما"بيقولك أنها جميلة و ان اللي شافته الفترة الأخيرة كتير عليها"
تنهدت منكِسَة راسها في صمت
اما أسر فكان ينظر عليها يتفحص وجهها حركات جسدها و لأول مرة بلا مشاعر
يبدو أن الطريق إلى قلبه مرة أخرى قد صار وعرا
تعجب الجميع من سكوت الغير مألوف فتحدث هشام في محاولة منه ليذهب هو و البقية و يترك لهم مساحة قائلا
" طيب يا أسر احنا هنخرج شكل حياة جايبالك اكل و طالما انت مش عارف تحرك ايدك اليمين هي هتاكلك بقى"
كان كلامه كله جاد تماما حتى جاء في آخر ثلاث كلمات و تحولت نبرته إلى الضحك فجز أسر على أسنانه بغضب منها و من هشام و ما زاد غضبه احساسه بالضعف فقال "لو هموت مش هيحصل و بعدين انا مش عايز اكل "
لم تعد تعرف شعورها تائهة بين الحزن، الخذلان، الاحراج، الندم و الأسف و غيرهم كثيرا
علق هشام بجدية بعد أن لاحظ احمرار وجهها
"خلاص يا حياة شكرا هتولى انا المهمة"
خرجت من الغرفة بعد أن وضعت الطعام على الطاولة بجواره
و في هذا الوقت كان عاصم قد وصل إلى المشفى و بالطبع هو يفهم الاحاسيس جيدا فبمجرد ان رأى حياة بهذا الشكل دخل غرفة أسر بسرعة قائلا
"انتوا قولتلها ايه يخليها واقفة قدام الاوضة و كأن عقلها مش فيها كده "
تحولت أنظار الجميع إلى أسر بينما ظل مارتن واقفا يحمل الفتاة بحب و لا يكترث حتى ان يفهم ما يحدث
فامتعض وجه أسر مجيبا عاصم في رغبة منه بتغيير مسار الحوار
"سيبك يا عاصم المهم مريم عاملة ايه "
عاصم" مريم نايمة و مش فاهمة حاجة خالص بس كويسة يعني معرفتش برضه ايه اللي حصل مع حياة و الدكتور قال على حالتك ايه ها هتعرف هتخرج؟"
ضحك بسخرية على حالته يبدو انهم اعتادوا قوته و الآن هو يشعر بالعجز... العجز هذا هو الشعور الأسوأ ان تقف تشاهد ما تتمناه من بعيد و تعجز عن الاقتراب و هذا ما يشعر به الآن تجاه حياة لكنه تحدث بهدوء
" انا و حياة الدنيا بينا مش تمام و بالنسبة للدكتور فهنطول شوية في المستشفى ربنا يستر بس و ميقلبش بشلل"
عاصم "ايه اللي انت بتقوله ده بعد الشر ان شاء الله مش هيحصل حاجة بس هو ايه اللي حصل يعني"
هشام "ده بيتدلع الدكتور قاله ان العلاج الطبيعي هيخلص الموضوع"
كعادة هشام لا يحب الأجواء المتوترة و كعادته يزينها بمرحه فاكمل مبتسما
" مين الشطور اللي هأكله يلا يا حبيب هشام عشان تاكل لأن كلها كام ساعة و تلاقي عيلتك اللي ربنا يزيد و يبارك فيها مالية المستشفى"
ضحك عاصم ثم اقترب من مارتن و خرجا من الغرفة اما هشام فاقترب من أسر قائلا
"يلا عشان تاكل لأن كده مينفعش"
أسر "مش جعان"
هشام "هو انا بقولك تشبع ده مش بمزاجك علفكرة "
بعد عناء طويل امتثل لأمره و تناول الطعام
........
جلس عاصم مع مارتن في غرفة مجاورة و مازال مارتن يداعب الصغيرة بمشاعر جياشة ثم اقترب من عاصم و مدها إليه قائلا
" ألا تود أن تحملها "
عاصم" كلا لن أفعل ذلك انا لم احمل اي أطفال منذ سنوات و لن احمل أيضا"
مارتن "عاصم هل انت متأكد انه تم علاجك"
عاصم "الأمر لا علاقة له بالعلاج فقط هذه المشاعر التي اشعرها تزيد الندم في قلبي"
مارتن "حسنا حسنا دعنا من هذا الهراء اود ان اتعلم اللغة العربية و معرفة الفرق بينها و بين اللغة التي تتفوهون بها "
عاصم" ليس الآن الوقت غير مناسب "
مارتن" أيها الوغد أعني قريبا"
ابتسم عاصم ثم صمت بينما نظر مارتن إلى حياة و غاص في براءتها فتحدث عاصم معلقا
"طالما تحب الأطفال لماذا لا تتزوج إذا "
مارتن" دعنا نتفق اني العدو الأول لجميع أشرار ألمانيا و غيرها و مجرد زواجي يعني موت زوجتي و لو أنجبت فهذا يعني موت كلاهما "
عاصم" انت منطقي بطريقة مرعبة"
مارتن "كلا هذا تفكير دماغ الضابط لا أكثر... سأذهب لاعرف هل انتهوا من طهو الطعام تم لا هلا تأتي معي و تتحدث انت قد تعبت حقا "
عاصم" حسنا سآتي "
...............
بعد عدة دقائق من هذا الحوار كان أول من وصل المشفى هما چنى و جواد و إذ بها تدخل الغرفة بسرعة قائلة بقلق
" أسر انت كويس "
اما هو فيمكث في السرير دون حراك فقط شارد جلست جواره و أكملت
" اليوم امبارح صعب اوي انت عامل ايه "
أسر "متقلقيش انا كويس اخوكي ظابط يا بت"
چنى "طيب انا عايزة اعرف ايه اللي حصل بقالكم فترة كده مش مظبوطين و الغريب عرف و انا لأ"
أسر "طيب انتي نسيني الراجل اللي واقف برا ده علفكرة تعالى يا جواد"
جواد "لأ ما چنى عملت الواجب و زيادة "
چنى" بس انت و هو بقى عايزة اعرف ايه اللي حصل بالتفصيل الممل "
أسر "و بعد ما تعرفي هترجعي اللي اتكسر "
چنى" مش يمكن يكون مجرد ظن منك انه اتكسر بس هو محتاج ترميم بس "
جواد" بقولكم ايه جو الفلسفة ده بلاشه انت عامل ايه يا أسر و الدكتور قال ايه "
أسر" والله انا مكرهتش في حياتي قد السؤال ده النهاردة "
چنى" الله بقى ما تحكي يا عم انت "
اخذ أسر يقص عليها كل ما حدث منذ البداية
...........
غرفة بيضاء بالكامل بها سرير تنام عليه چاكلين و الاجهزة متصلة بكل جزء في جسدها الذي اختفى نتيجة كثيرة اللفائف التي تخفيه فمعطم عظامها تكسرت بالفعل
دخل مارتن الغرفة بابتسامة واسعة بعد أن أعطى الطفلة لوالدتها و الشر يلمع في عينيه رمق چاكلين بنظرة استحقار و اردف
"چاكي مجرد مافيا ضعيفة بضربة واحدة من قناصتي اطحت بك ارضا ما كل هذه القوة"
قهقه عاصم بصوت مرتفع بينما قالت بكره
"ساعود أيها الوغد"
اقترب منها اكثر و همس اذنها بشر
"تلك كلمتي و اقولها لامزح مع صديقي فقط لذا لا تتفوهي بها كي لا اعجزك عن النطق لبقية حياتك فأحبالك الصوتية تبدي مثيرة للحماسة بالنسبة لي "
صدمة عاصم تزداد، رعب چاكلين يكثر، ابتسامة مارتن تتسع ليكمل
"سأخبرك قصة قصيرة... كان هناك طفل ألماني بسيط شاهد والده يقتل على يد رجل و اخته يبدوا ان اصلهم مصري و قد فعلوا كل هذا فقط لطمعهم في قلبه لأن هناك رجل شهير سيبتاعه منهم هل علمتي من هم بعد أم لا "
الخوف هي علمت معنى الخوف الآن حرارة جسدها تنخفض و كأن الدماء تجمدت ثم تحدثت بتلعثم مخلوط بالرعب" اا أأنت حقا ولده "
مارتن" بحقك يا چاكلين ما سبب كرهي لك اجل انا ابنه و هو والدي و حقا اطمع في الانتقام "
خرج من الغرفة و نظر إلى الجنود امام بابها قائلا
" ان حدث و غادر أحدكم المكان فليعتبر نفسه غادر عمله"
عاد مارتن إلى الغرفة التي جلس بها و عاصم خلفه و مجرد أن جلسا اخذ عاصم نفسا عميقا و قال
" ما القصة يا مارتن لم أعرف عن هذا الأمر شيئ "
منذ أكثر من عشرين عاما
ينزوي مارتن في جانب من احد المخازن التي تعج بالثلاجات - بالطبع تعرفون استخدامها - و يشاهد والده الذي لا يمسك سوا سكين التقطه من على إحدى الطاولات محاولا الدفاع عن نفسه لكن لا جدوى مما يفعل ففي النهاية عددهم كثير و قوتهم أكثر
وقف بصمت يشاهد ما يحدث خائفا من إصدار اي صوت يجذب انتباههم حتى استطاع الهرب ظل يركض حتى ابتعد مجرد طفل في سن الخامسة من عمره وقف بعيدا يشاهد المخزن قائلا
"والله لانتقم منكم جميعا و سأصير ضابطا مشهورا و سأفعل كل ما يحلو لي"
........
اغمض عاصم عينيه بعد ما عرف ما حدث و عقب
"اذن هذا هو سبب رفضك لفكرة الإنجاب او الزواج"
مارتن "كل شيئ في حياتي سينقلب ضدي و انا احب ان اكون حرا بلا نقاط ضعف"
عاصم "و ماذا سنفعل بچاكلين "
مارتن" و هل سمعت عني سوا كل خير "
عاصم" اذن حضر قبرا مزينا بالشوك يا رجل"
مارتن " حسنا بكل تأكيد"
ظلا يمزحان سويا بينما يتحدث أسر و چنى و جواد سوا اما حياة مازالت تقف في الخارج محاولة التماسك فقد بدأت درجة حرارة جسدها بالانخفاض لاحظت چنى القريبة من الباب ما يحدث فاسرعت ناحيتها بسرعة قائلة "حياة انتي كويسة "
هزت راسها بالنفي فاخذتها چنى بسرعة إلى السرير الذي يمكث به أسر فكاد ان يقف لكن قاطعته چنى
"متتحركش من مكانك ده انا و انت حسابنا طويل مع بعض و مش انت رديتها خلاص هتقوم ليه