رواية قيود تنتظر الغفران الفصل الرابع4والاخيربقلم ايه طه
البيت هادي بعد دوشة الديوان.
هاجر قاعدة في الأوضة، عينيها مليانة دموع وهي بتفكر في اللي حصل.
يوسف واقف في الطرقة، مش عارف يدخل ولا يسيبها.
بعد لحظات، دخل بهدوء.
يوسف بصوت هادي: هاجر…ممكن ادخل... انتي زينه؟!
بصت له بخوف:ايوا... الناس كلها بتبصلي دلوك كأني عاملة مصيبة.... انا ازاى هوري وشي للناس.... ولا انت ازاى هتشوف مشاغلك بعد اكديه وتمشي وانت رافع راسك....
يوسف قعد جمبها: ملكيش صالح بالناس عاد. أنا مصدقك..... واللى يرفع عينه فيكي ولا يفتح خشمه بحرف عليكي هطلع روحو بيدي.....
كلمة "مصدقك" نزلت عليها زي الميه الباردة على نار.
ابتسمت ابتسامة صغيرة، لكنها مخنوقة.
الصبح بدري، هاجر بتعمل عيش في الفرن.
يوسف دخل يشوفها، لقاها عرقانة، بتلف العجين.
قال لها وهو بيضحك بخفة لأول مرة من شهور:
يوسف: واه واه إنتي بتعرفي تخبزي زي سلمى...... كانت بتبقى اكديه بس تعجن وتخبز...
هاجر وشها اتقفل فجأة، نزلت عينيها:
متقارنش يا يوسف… أنا عمري ما هبقى زيها.....
يوسف حس بالذنب. قرب وقال: آسف… أنا ما قصدتش أوجعك. إنتي هاجر… ليكي طبعك، ليكي قلبك...... انا بس قولت بحس نيه علشان اخوات اكيد فيكم من بعض يعني....
هاجر رفعت عينيها بتردد، ولقت صدق غريب في نظرته.
ولأول مرة، ابتسمت ابتسامة حقيقية.
وليد دخل يجري: ابوووووي! تعال العب معايا! الله يخليك يا ابوي اتوحشتك....
يوسف قعد يلعب معاه بالعصاية والكرة.
هاجر وقفت تتفرج من بعيد، وقلبها بيرقص فرح.
شافت صورة "الأب" اللي كانت نفسها تشوفها زمان، لقيتها دلوقتي في يوسف.
بعد ما خلص اللعب، يوسف رجع لقاها واقفة.
يوسف: مالك يا وليه.... بتبصي عليا اكديه ليه؟ خلصتي خبيز شكلك اكديه....
هاجر بخجل: ايه... ولا حاجة… بس شكلك… مختلف.... يعنى... يلا علشان نفطر..
يوسف باستغراب: واه واه استني اهنيه....مش بتحددت وياكي... شكلي مختلف إزاي يعني؟
هاجر بخجل ونزلت عيونها: يعنى شكلك راجل بيت..... بتلعب مع العيال وانا بخبز.. حسيت اننا عيله اكديه...
يوسف حس إن الكلمة دخلت قلبه زي سهم… لكنه حب السهم ده.
في الناحية التانية، حسين مولع من جوه.
قعد مع واحد من رجالة السوق وقال له:
أنا رايد أخلص من يوسف بأي طريقة.... مخبرش ليه بيفلت كل مره اكديه....
صاحبه: وبعدهالك عاد يا صحبي.... كفاياك عاد... انت ليه حاقد اكديه على ولد عمك... وبعدين انت رايد تعمل إيه يعني؟
حسين بشر: انت مخبرش انا بكره يوسف قد ايه.... ومش هرتاح غير لما اخرب حياته.... انما انا ف هولع النار تاني… بس المرة دي مش في الغيط. المرة دي في قلب بيته... لما نشوف هيفلت منها ازاى......
الليل ساكن، هاجر قاعدة تخيط هدوم وليد.
يوسف راجع من الغيط، تعبان، ريحته عرق وتراب.
بمجرد ما دخل، شافها قاعدة تحت الفانوس، شعرها سايب شوية من الطرحة.
اتسمر مكانه لحظة.
قال بهدوء: واه إنتي لسه صاحية يا هاجر؟ ليه اكديه انتى محتاجه راحه علشان العيال... ومتتعبيش نفسك
هاجر: ايوا.... بخلص الهدوم عشان الولاد... لا مفيش تعب ولا حاجه العيال زي النسمه على قلبي...
يوسف: لا كنتي نمتي احسن وسبتي الهدوم داي للصبح.
هاجر: واه ازاى بس..... اسيب الهدوم للصبح وأسيبهم يروحوا المدرسة بلبس مقطوع؟ تيجي ازاى داي.... واهو بتسلى كمان عقبال انت ما تيجي بالسلامه على البيت...
يوسف ابتسم ابتسامة صغيرة من قلبه.
لأول مرة، حس إن البيت ليه طعم.
الصبح يوسف خرج بدري على الغيط.
هاجر قاعدة تحضر الفطار للولاد.
حد خبط على الباب، وليد جري يفتحه.
لقى واحد واقف، إداه ظرف وقال له:
إدي ديه لأبوك.
وليد دخل الظرف، حطه على الطبليه.
هاجر استغربت: إيه ديه يا وليد؟
وليد: مخبرش يا امه واحد جه وادهولي وقالي اديه لابوي..... هعدي عليه فى الغيط وانا رايحه للمدرسه ادهولو....
هاجر: لاه يا حبيبي خليه اهنيه وانا لما يجي ابوك هديهولو..... يلا خلص وكل علشان متتاخرش على المدرسه....
بالليل، يوسف رجع، لقى الظرف.
فتح الرسالة، قلبه وقع.
مكتوب:
"يا حسين… انا مقدراش أعيش من غيرك. يوسف عمره ما هيعوضك. نفسي تبقى ليا وأبقى ليك."
الكلمات نازلة عليه زي السم.
وشه احمر، إيده رجت.
هاجر دخلت الأوضة في نفس اللحظة، شافت وشه متغير.
هاجر بقلق: يا ساتر يارب..... في ايه مالك؟
يوسف بعصبيه: مخبراش يعني.... الرسالة دي إيه؟
مد الورقة قدامها.
هاجر خدت الورقة، قرأت… جمدت في مكانها.
هاجر بدموع: يالهوي يالهوي ياواقعه مربره..... ديه… ديه مش خطي! والله العظيم مش خطي!
يوسف بص في عينيها بعنف: يا سلام وإنتي عايزة تقنعيني بإيه؟ الرسالة دي جت اهنيه إزاي؟ وايه المكتوب فيها ديه....
هاجر وقفت تبكي: والله العظيم وقسما بالله أنا مظلومة يا يوسف! دي خطة حسين. أنا عمري ما…
يوسف يقاطعها: خطه من حسين؟؟؟؟؟ بس الورقة بخط ست يا هانم! والناس كلها هتصدق.....هقولهم ايه عاد وانا في يدي ورقه فيها الحديت الماسخ ديه...
هاجر صوتها اتعالى: وانا ماليش صالح بالناس يا يوسف..... إنت مصدقني ولا لاه؟ ديه اللى بيفرق معايا....
يوسف صرخ: مخبرش مخبرش! بس الموضوع ديه مش هيعدي اكديه انتى سامعه.....
البيت اتقلب، الولاد صحيوا من صوتهم.
سليم بكى، وليد جري يحضن أمه.
وليد: ابوي متزعقش فى امه اكديه… أمي بريئة! عمو حسين الشرير هو اللى بيضايقها انا شفته وزعقت فيه.... امه زينه معملتش حاجه واصل.... متخلهاش تمشي زي ماما سلمى سيبها ويانا يا ابوي......
يوسف مسك راسه، قاعد على الأرض، صوته واطي: ياربي ياربي ديه لو اختبار ساعدني فيه.... أنا تايه… مش قادر أفرق بين الحق والكذب..... يارب دلني على الحق وقوي قلبي عليه....
هاجر وقفت قدامه، دموعها سايحة: انا هقولك الحق فين...... بص في عيني، يا يوسف. إنت أكتر واحد خابر هاجر وعرفها زين. تفتكر أبيعك اكديه؟
يوسف رفع راسه، شاف العيون اللي مليانة صدق.
فضل ساكت لحظة طويلة.
يوسف بتردد: …لو كنتي بتكذبي، يبقى أنا انتهيت. ولو كنتي صادقة، يبقى أنا أكتر راجل ظالم في الدنيا.....
هاجر قربت خطوة، مدت إيدها على كتفه:
صدقني يا يوسف… أنا ليك، ليك إنت بس... انا ماليش غيرك انت والعيال والبيت ديه...
يوسف بعد لحظة صمت، رمى الورقة في النار.
يوسف: ولو كان في لسه في قلبي شك… أنا اللي هولعه. من النهاردة، مش هسمع للناس. أنا هسمعلك إنتي بس.... انا خابرك زين انتى متعملهاش واصل..... انتى بنت عمى واللى مربيها على يدي وواثق منيها...
هاجر شهقت من المفاجأة، الدموع بقت فرحة.
هاجر: يعني… يعني.... إنت مصدقني صوح؟
يوسف: ايوا مصدقك… ودي آخر مرة أشك فيكي...... سامحيني يا هاجر....
قرب منها أكتر، صوته بيوصل همس: لو عشت بعد النهاردة… يبقى قلبي هيبقى ليكي.... وملكك يا.. يا مرتي......
هاجر قلبها اتنفض، أول مرة تسمع منه كلمة زي دي.
ولأول مرة، حست إنها مش مجرد "زوجة غصب"، لكنها ست ليها مكان في قلبه.
لكن حسين كان واقف من بعيد،
لما شاف يوسف ولع الورقة، ضحك بغضب: وبعدهالك عاد يا يوسف...... انت اكديه بيتحصن بيها… لاه، المرة الجاي مش هتكون ورقه.... هيكون دم و انت اللى اخترت اكديه....
البيت بقى مختلف بعد اللي حصل.
يوسف بقى بيقعد مع هاجر في الحوش، بيتكلم معاها، يسمع رأيها في حاجات صغيرة.
الولاد بقوا يضحكوا من قلبهم، خصوصا وليد اللي كان مفتقد الضحكة دي.
في ليلة هادية، هاجر قالت له: يوسف… أنا كنت فاكرة عمري ما هبقى غير ضيفه عندك.... ولا مكنش اكتر من واحده بتاخد بالها من الدار والعيال وبس.......
يوسف: واه ايه اللى بتقوليه ديه يا هاجر ضيفه إيه وتاخدي بالك من الدار ايه؟ انتى اتخبلطي فى عقلك عاد يا مره....
هاجر: لاه ماتخبلطش فى عقلي يا يوسف... بس ايوا ضيفه… قاعدة لحد ما تفوق من ذكرى سلمى.... وتشوفني انا هاجر مش اخت مرتك الصغيره اللى اتزوجتها غصب....
يوسف: لاه يا هاجر… إنتي بقيتي أصل البيت... وروحو ودفاه.... انا اسف لو كنت بعاملك اكديه بس انا كنت بين نارين..... انا كنت خايف لتكوني بس شايفاني اخوكي الكبير علشان فرق السن بينا... وكمان كنت جوز اختك.... والنار التانيه احساسي بالذنب انى بخون وعدي لسلمى.... بس دلوك انا مرتاح ومبسوط اكتر انك ويايا يا هاجر...
هاجر عينيها دمعت، سكتت من الفرحة.
الليل نزل، والدار ساكنة.
هاجر نايمة جنب الولاد، يوسف في الطرقة بره، قاعد يفكر.
فجأة، شم ريحة دخان.
قام بسرعة، لقى النار ماسكة في طرف المخزن الصغير اللي فيه الغله.
يوسف بلهفه: واه واه يا ساتر يا رب! الحقونا يا خلق..... حريقه... حريقه...
صوته صحى البيت.
هاجر جريت شايلة سليم، ووليد ماسك في إيدها.
يوسف حاول يطفي النار بالميه، صوته يعلو:
الحقونا يا خلق......يا عالم ياناس...... ولعوا فينا! ولاد الكلب.... والله مش هسيبهم.....
صوت الجيران جري على البيت.
الرجالة حاولوا يساعدوا بالمياه والتراب.
هاجر قاعدة تبكي، تحتضن الولاد.
يوسف بص حواليه، عينيه زي النار: حسييييييييييين! ورحمه ابوي وابوك مش هسيبك يا ابن الحرام...... انت زودتها كتير اكديه... وحذرتك كتير وقولتلك تبعد سمك عني وعن داري واهلي وانت مسمعتش مني...... والله لاخليك تتمنى الموت ومتلقهوش ياولد المركوب....
يوسف راح لحسين في السوق.
مسكه من صدره قدام الناس كلها.
يوسف بغضب: انا خابر زين انك إنت اللي عملتها يا حسين! والله لاقتلك واقطع حتت وارميك لديابه الجبل ياواكل ناسك يابن الكلب..... رايد تحرق داري ومرتي وعيالي نايمين جوا....
حسين ضحك بسخرية: اهدي اكديه يا يوسف.... في إيه يا ابن عمي… رايد تلبسني التهمة؟ النار دي بتاكل الكل..... ومش انا اللى بحرق وقول محرقتش يا ولد العم.... النار اللى جواك طلعت على الدار وحرقته انا مالي عاد.....
يوسف صرخ: انت اتخبلطت فى عقلك عاد يا ابن الحرام..... انت اللى حرقت داري.... لو قربت من داري تاني… هتكون نهايتك على إيديا...... احذر مني يا حسين لان صبري نفد وربنا يستر من الجاي....
بالليل، بعد ما النار اتطفت والجيران رجعوا، البيت كان مليان دخان يوسف قعد على الأرض، تعبان.
هاجر قربت منه، مدت إيدها على كتفه:
ما تضعفش يا يوسف. طول ما أنا والولاد جنبك، إحنا مش خايفين..... احنا بنستقوى بيك.... وحاسين بالامان لانك معانا وواقف جمبنا....
يوسف بص لها، عينيه دموع لأول مرة: مقدرش مقدرش.....انا مخبرش هو بيعمل معاي اكديه ليه......طول عمري شايفه اخوي وابن عمي وقلبي صافي من ناحيته....انما هو قلبه كله سواد وحقد عليا ومخبرش ليه.....تعرفي حاجه؟! إنتي اللي مخلياني واقف.... وقوي لحد دلوك...
قربت أكتر، وبصت له من غير ما تقول حاجة.
اللحظة كانت مليانة صدق ووجع، لكنها جمعت قلبين لأول مرة من غير حدود.
هاجر قاعدت قصاده، حاطة سليم في حضنها، ووليد نايم على حجرها.
هاجر بصوت واطي: وبعدين يا يوسف… هتعمل إيه دلوك؟
يوسف شد نفس طويل وقال: مخبرش يا وليه... بس اللي بدأ النار… لازم ينطفي بيها.... وانا مش هسكت تاني ولا هعمل حساب لحاجه واصل.... توصل لمرتي وعيالي يبقى لازم واقفه ورد فعل البلد كلها تتحدت فيه.....
هاجر قلبها وقع: تقصد حسين؟ بس يا يوسف مريداش يصيبك حاجه.... احنا ملناش غيرك يا اخوي.... بالله عليك متتهورش وتاذي نفسك معاه....
يوسف بعصبيه: ايوا ومين غيره؟ ديه ماشي في البلد يقول عليكي حديت يخلي الراس في الأرض… ولسه ما شبعش.
هاجر دمعت، قربت منه: بس أنا مش رايداك تخسر نفسك عشاني..... يوسف انا خايفه عليك...
يوسف بص لها نظرة عميقة، صوته هادي لكنه قاطع: إنتي والعيال… أنا ماليش غيركم. لو خسرتكم، يبقى أنا خلاص انتهيت..... ولو سكت على عملته الله العالم هيعمل ايه تاني....
يوسف خرج من بيته الصبح، شايل عصاية التقيلة اللي ورثها من أبوه.
قال لوليد قبل ما يسيبه: خليك راجل واحمي أمك وأخوك...... انت الكبير وراجل البيت وانا مش موجود....
وليد عيونه دمعت: متتأخرش يا ابوي.... وانا هحمي امي واخوي واضرب اللى يجي اهنيه زيك بالظبط.... بس انا خايف يا ابوي... انت هترجع مش اكديه..
يوسف مسح على شعره: ما تخافش إلا من ربنا.... وانا راجعلك يا بطل......
هاجر وقفت على الباب، قلبها بيرتعش: يوسف… أوعى ترجع لي وأنا لابسة أسود تاني..... ارجع بالف خير سلامه.... احنا ملناش غيرك دلوك....
يوسف وقف لحظة، بص فيها نظرة طويلة، وقال: متخافيش... انا مليش غيركم كمان... بس المرة دي… أنا راجع ليكي بالحياة.... ونعيش خلاص مفيش زعل ولا خوف تاني....
السوق كان زحمة، الشمس في نص السما.
يوسف دخل وسط الرجالة، رفع صوته:
يا ناس… أنا رايد كلمة قدام الكل.... واللى غلطان معايا هيتحاسب اهنيه قصاد الكل....
الناس التفتت له.
حسين قام، ضحك بسخرية: خير يا ولد العم..... جاي تعترف إنك ضعيف يا يوسف؟ مقدرش تحمي غيطك ولا بيتك ولا قادر حتى تسيطر على مرتك اللى ماشيه تغوي الرجاله وهى على زمتك وفى قلب دارك....
يوسف شد نفسه وقال: أنا ضعيف؟ أنا اللي شايل بيت وأولاد، وأنت اللي بتجري ورا الحريم بالكذب! وبتهد فى البيت والعيشه.... وبتضرب فى الضهر وبتغدر يا جبان...... انا اللى جاي قصاد الخلق والناس اتكلم واقول كل حاجه مش بضرب فى ضهرك يا خسيس.....
حسين وشه احمر: إخرس! والا هتندم على الحديت ديه كله.... روح وارجع لعيالك ولدارك وانت لسه واقف على رجليك بدل ما العيال تخسر ابوهم زي ماخسروا امهم....
يوسف رد: لاه...مش همشي من اهنيه غير وانا واخد حقي وحق ولادي وداري من حباب عينيك..... لو راجل… واجهني اهنيه قصاد الناس.
حسين مسك سكين صغيرة من وسط جلابيته: افتكر انى قولتلك بلاش وارجع لعيالك انت دلوك فى ناس متعلقين فى رقبتك.....بس إنت رايد أواجهك؟ يبقى حاضر ويلا نتواجه يابن احمد عبد الرحيم....
يوسف رفع عصايته: ملكش صالح بعيالى ولا بالناس اللى فى رقبتي.....لان دول بيقووني مش بيضعفوني.....يلا قرب يا حسين… وشوف آخرتك..... على نبوتي...
ضربة حسين جات سريعة، يوسف صدها بالعصاية، السكينة وقعت على الأرض.
الجميع شهقوا.
يوسف ضربه ضربة على كتفه، وقع حسين على الأرض،
حسين صرخ: آه دراعي! والله مش هسيبك ياولد المركوب......
يوسف وقف فوقيه، والعصاية مرفوعة.
هاجر كانت في السوق مع باقي الستات،
هاجر صرخت: لاااااه يا يوسف! بالله ما توسخش يدك بدمه! هملوا لربه والناس يحسابوه...... بالله عليك استهدى بالله وافتكر عيالك وانا مستنينك.... منقدرش نعيش من غيرك واصل.... ديه كلب ميستهلش تضيع نفسك علشانه....
يوسف بص لها من بعيد، عينه دموع، وصوته هز السوق: لاه انا مش هسيب حقي… بس حقي هيجي قدام الناس مش بالقتل.......
رمى العصاية على الأرض، مسك حسين من ياقة جلابيته: من النهاردة، كلمة منك عليا أو على مراتي، هتكون آخرتك. البلد كلها شاهدة.
الناس اتدخلت، شالوا حسين بعيد.
واحد من الكبار قال بصوت عالي: كفاية يا حسين! اللي عملته مش رجولة… دي نجاسة. يوسف طلع أنضف منك.
يوسف رجع البيت، العرق مغرقه، إيده بتترعش من الغضب.
هاجر مسكت إيده، بكت: حمد الله بسلامتك...... كنت خايفة ترجع لي جثة.
يوسف قرب منها، لأول مرة يحط إيده على خدها، مسح دموعها: بس كفاياك عاد يا هاجر.... من النهاردة، مفيش دموع..... مش رايد اشوف دموعك داي مره تانيه واصل......
الأيام عدت، وحسين اختفى من السوق فترة طويلة، مكسور ومعزول.
يوسف رجع لشغله، وللأرض اللي بتحبه.
البيت بقى دافي: ضحكة وليد وسليم، وهاجر اللي بقت مش مجرد زوجة غصب… بقت شريكة عمر.
في ليلة هادية، قاعدوا في الحوش.
هاجر قالت له: تفتكر يا يوسف… لو سلمى عايشة، كانت هترضى باللي بينا؟
يوسف بص للسما، وبعدها لها: سلمى كانت بتحبني… وأنا خابر إنها دلوك فرحانة عشان لقيت واحدة تحافظ عليا وعلى ولادها.
هاجر دمعت، لكن قلبها ارتاح.
يوسف مسك إيدها لأول مرة بإرادته، وقال: إنتي بقيتي قلبي… وأمان ولادي.
هاجر ابتسمت، والدمعة نزلت وهي مطمئنة.
والليل غطى الدار، لكن جواها كان في فجر جديد طالع… فجر مليان حب ورضا...
تمت
