روايةنبضات لاتعرف المستحيل الفصل التاسع9بقلم اميرة احمد


روايةنبضات لاتعرف المستحيل الفصل التاسع9بقلم اميرة احمد

في يوم حفلة الخطوبة... في داخل القاعة جلس زياد بجوار نور و همس: مش هتفردي وشك بقي ؟

قالت من بين اسنانها: شايف الخطوبة اللي ابنك عاملها لبنت سارة.... شايفة يا حياة يا حبيبتي... عارفة ان ماما متعملهاش حتى فرح.

رفع زياد يديه  في استسلام وهتف: والله يا بنتي ما عملت فرح لا ليها و لا لغيرها.

رفعت نور حاجبيها وعقدت جبينها ومالت على أذنه و همست: انت كنت عاوز تعملها فرح كمان؟

نظر زياد إلي عينيها و قال بمشاكسة: يعني يرضيكي جوازتين و معملش حتي فرح واحد.

اشاحت نور بوجهها عنه ولم تعقب، مال علي أذنها و هو يحاوطها بذراعه: يعني عاوزة تنكدي يوم خطوبة أبنك؟ 

ابتسمت نور وهي لاتزال تشيح بوجهها عنه، مال عليها وهمس: أنقذك مني أن طارق جه.

اقترب طارق وقام زياد يصافحه بحرارة، بينما أقترب فارس من حياة مد يده ليصافحها، مدت يدها فاحكم قبضته علي كفها بينما عينيه معلقتين علي عينيها: عاملة ايه دلوقتي يا حياة.

ابتسمت وأحمرت وجنتيها، وهي تحاول ان تسحب كفها من كفه الذي أحكم الضغط عليه ولازالت الابتسامة تعلو وجهه، وقالت: الحمد لله.... أزيك انت يا فارس.

أردف فارس: الحمد لله ..... متوترة ليه كده كأننا اول مرة نتكلم؟

همست بارتباك وهي تسحب يدها من يده أخيرا: يعني.... بس مش واخدة اننا نتكلم و احنا شايفين بعض كده.. كنا بنتكلم علي التليفون..

ترك يدها بابتسامة وجلس إلى جوارها وهو يهمس: بس برضه اتقابلنا قبل كده، ولا متوترة علشان أهلنا هنا؟

اخفضت رأسها وهمست: يعني.. ممكن يكون ده السبب.

بينما مال زياد علي أذن طارق: ابعد الواد أبو عنين ملونة ده عن البنت.

ضحك طارق: ما تسيبه يا عم... مش يمكن حظه يبقي أحسن من ابوه.

وكزه زياد فى كتفه: بعيد عن بنتي يا طارق.... 

ضحك طارق: انا ابني مش طالعلي يا زياد ما تخافش.... ملوش في الحاجات دي.

تغيرت ملامح زياد إلي الجدية: انا بيتي مش بعيد عنك انت وابنك يا طارق..... فاهمني.

ضحك طارق: انت هتعمل حما علي الواد من دلوقتي.... سيبه و هيجيلك لوحده.

دخلت جميلة إلي الحفل ترتدي فستان باللون الأحمر الناري يصل حتى ركبتيها ويظهر كتفيها المرمريتين وتركت شعرها الأسود منسدل خلف ظهرها بحرية .... التفتت اليها الأعين حين دخلت إلي القاعة... سلمت علي الجميع بابتسامة مرحة... كانت جميع الأعين تراقبها في إعجاب الا مالك، اعتري الضيق ملامحه حين رأها علي هذه الهيئة و اشاح بنظره عنها..... جلست إلي جواره في هدوء.... رفع عينيه اليها في ضيق وقال من بين اسنانه: ايه اللي انتي لابساه ده؟ 

ردت بتعجب: انا توقعت انه هيعجبك.

قال مالك بضيق واضح في نبرة صوته: انتي مش شايفة الناس بتبص عليكي ازاي؟

تغيرت ملامحها: انا مقصدش اضايقك.... بس توقعت ان شكلي هيعجبك النهاردة.

مال علي أذنها وهمس: انتي عارفة إنك جميلة من غير أي حاجة.... مش محتاجة تعملي كل ده.

ابتسمت في خجل وهمست: بجد؟

صمت مالك وابعد عينيه عنها.... همت جميلة بالوقوف لكن مالك امسك بمعصمها بقوة: رايحة فين؟ 

قالت بخضوع: كنت هاقوم اشوف لارا.

قال بضيق: ممكن تقعدي متتحركيش من هنا لحد اما اروحك.

همست: حاضر... بس ممكن أسلم بس علي لارا.

تنهد مالك وتغيرت نبرة صوته إلي اللين: ممكن تستني لحد اما أقوم معاكي.

ابتسمت له في حب: حاضر يا مالك.... بس ممكن اطلب منك طلب؟

مالك: اتفضلي.

قالت بصوت مرتبك: ممكن ترقص معايا ؟

تصنع مالك البرود: انا اسف يا جميلة مش هينفع.

تساءلت في حزن: ليه؟

اشاح بنظره بعيد عنها: انتي شايفة كل اللي بيرقصوا كابلز.

زفرت بضيق:ارقص معايا علي اننا أصحاب.

تنهد في ألم: معلش يا جميلة مش هينفع.... مفيش أصحاب بيرقصوا كده مع بعض

رفعت كتفيها: اعتبرنا اخوات.

ابتسك بألم: بس انتي مش اختي.

زفرت في ألم: طيب احنا ايه يا مالك؟

همس لها بحدة: صحاب يا جميلة.... صحاب وبس.

اشاحت بنظرها عنه في ضيق.

لم يتحمل مالك النظرات المحيطة بجميلة فخلع جاكيت بدلته ووضعه فوق كتفيها في هدوء... أحكمت غلق الجاكيت حول كتفيها واغمضت عينيها للحظة تستنشق عطره الذي ملأ صدرها، شعرت لثانية كأن ذراعي مالك تحاوطها، نظرت له بابتسامة وهي تشد من فستانها ليغطي ساقيها، هتف مالك في ضيق: انا مش عارف أغطى ايه و لا ايه.... كنتي بتفكري في ايه لما تنزلي من البيت كده.

قالت بضيق: انا اسفة يا مالك... خلاص هاقوم امشي.

تكلم بحزم: مش هتمشي لوحدك هاوصلك.... بس استني شوية.

ترقرقت دمعة في عينيها: خلاص يبقي مش كل شوية تلوم عليا.

زفر في ضيق مرة أخري: انا اسف... انتي عندك حق... انتي حرة تلبسي اللي انتي عايزاه

تركها مالك وقام قبل أن ترد عليه واتجه نحو يوسف.

ارتشف فارس رشفة من كوب العصير الموضوع امامه، ومال برأسه نحو حياة: حياة.... انتي ايه رأيك في السفر والعيشة بره؟ حاجة تحبي تعمليها في يوم من الأيام؟

ردت عليه وهي تتفادي ان يتلاقي أعينهما: أكتر حاجة باكرهها في حياتي.... مبحبش الغربة... هروب ملوش معني.... اللي عايز ينجح فعلا بينجح وهو وسط أهله.

تغيرت ملامح فارس واشاح بنظره بعيدا: بس مبقاش في مستقبل هنا.... 

ابتسمت بمرارة: احنا اللي بنعمل المستقبل... هنا او في أي مكان تاني.

نظر إلي عينيها: و مفيش حاجة تخليكي تغيري رأيك؟

اومأت رأسها بالنفي: انا بحس ان البلد دي جزء مني... مش سهل.

ابتسم بأمل: مش سهل بس مش مستحيل.

جذب زياد ذراع نور وهمس لها: تعرفي إني اكتشفت إني مرقصتش معاكي سلو ولا مرة من ساعة ما اتجوزنا يا ام العريس.

ضحكت بمرح: زياد انت هتعمل ايه؟؟

جذبها من خصرها وهو يتوجه نحو منتصف القاعة: هنرقص زي ما الناس بترقص.

حاوط خصرها بذراعيه وجذبها إلي صدره بينما حاوطت هي عنقه بذراعيها، احمرت وجنتيها و دفنت رأسها في صدره وهمست: الناس بتتفرج علينا يا زياد.... 

ابتسم لها بحنان: اللي يتفرج يتفرج، بعدين الناس كلها مركزة مع العروسة والعريس.

شرد زياد قليلا، ثم همس: صعبانة عليا سارة أوي.... شايفة واقفة لوحدها هناك ازاي؟

وكزته نور في صدره: أرقص معاها كمان ما ده اللي ناقص.

همس زياد وهو يضمها إلي صدره أكثر: انا برقص معاكي انتي و بس يا حبيبتي.

مال طارق علي أذن سما: ما تيجي نرقص احنا كمان.

رفعت حاجبها وهتفت: انت فاكرني مجنونة زي مرات صاحبك... عاوز الناس تتفرج علينا.

زفر طارق: ما يتفرجوا عادي يعني....

ابتسمت بخجل: لا انت عارف انا مبحبش الحاجات دي يا طارق.

زم طارق شفتيه: عارف يا سما.... بقالي 30 سنة عارف.

بينما في صدر القاعة، بين ذراعي يوسف كانت ترقص لارا بسعادة، حين توقف فجأة وقفت علي أطراف اصابعها لتصل إلي أذن يوسف و همست له: انا شكلي هاحبك يا يوسف.

تنهد يوسف وهو يحكم قبضته حول خصرها: أخيرا يا لارا.

ابتسمت وقلبها يخفق بسرعة بين صدرها: مش محتاجة أفتكر كل حاجة علشان افتكر مشاعري... اعتقد أني افتكرت كفاية.

همس لها يوسف بسعادة غامرة: وانا اوعدك أني هاعمل كل اللي أقدر عليه علشان أسعدك.

علي طاولة هادئة بزاوية القاعة، وقف مالك بجانب حنين التي كانت تجلس بشرود، همس لها: ممكن نتكلم شوية يا حنين.

اومأت حنين رأسها وتبعته إلي أحد اركان القاعة الهادئة، اقترب مالك بارتباك و هو يفرك في يديه و قال بصوت هادئ: انتي عاملة ايه دلوقتي يا حنين؟ أحسن؟.

اومأت حنين رأسها بهدوء: الحمد لله.

ازداد ارتباك مالك وقال بصوت يبدو عليه القلق: حنين... انا ... انتي عارفة اني بعاملك زي أختي... و بخاف عليكي زي أختي بالظبط.... حنين أنا.... أنا مستعد اتجوزك، مش عايز منك حاجة ........بس علشان يبقي معاكي ورقة بس تقدري ترفعي راسك بيها قدام الناس لو حبيتي تتجوزي في أي وقت..... أحنا ممكن نكتب الكتاب بس ونطلق بعديها حتي لو بكام يوم.

ابتسمت له حنين بألم: انا مقدرة مشاعرك دي يا مالك جدا، وشكرا إنك بتفكر فيا وعاوز مصلحتي... بس أنا خلاص هاتجوز عمر.... فرحنا في ميعاده.

ارتبك مالك وقال وهو يمرر أصابعه داخل خصلات شعره: طيب و.... و هتعملي ايه.... هو عمر ممكن يأذيكي؟

نظرت حنين أرضا وقالت بصوت خافت: انا قولت لعمر كل حاجة... وهو مصمم يكون الفرح في معاده.

لحظات من الصمت مرت، لم يكسرها سوي صوت مالك الذي جاء يحمل كثير من الدهشة: واضح ان عمر بيحبك بجد.... 

ابتسمت حنين: انا عارفة انه بيحبني... بس لحد دلوقتي مش مصدقة يا مالك انه فعلا هيعمل كده بعد اللي عرفه.

ربت مالك علي ذراعها: متقلقيش و متخافيش طالما بيحبك بجد..... ربنا يوفقكوا.

بعد انتهاء الحفل، جلست جميلة بجوار مالك في السيارة في طريقهم إلي منزلها..

كان مالك عاقدا حاجبيه بضيق، زفرت جميلة وهي تهتف بضيق: مالك انت بتعاملني كده ليه؟
 رد عليها بهدوء: بعاملك ازاي؟
 جميلة: انت عارف ازاي... بتعاملني عادي
 مالك بنفس الهدوء: و ايه المشكلة في العادي؟
 قالت جميلة بألم: مالك... انا متقدملي عريس، أحمد أبن خالتي، وبابا بيضغط عليا علشان أوافق..
 رد مالك بنفس الهدوء: اتجوزيه يا جميلة... لومناسب ليكي و بيحبك و بتحبيه.... اتجوزيه
........همست له بضعف: مالك انا مش بحبه انا ب
 قاطعها بحزم: جميلة من فضلك..... احنا وصلنا عند البيت اتفضلي.
 نظرت له بالم وصمتت.....
 اقترب منها وهمس في ضعف: عارفة يا جميلة.... لو كنا في زمان تاني او ظروف تانية كان اللي في بالك حصل من اول يوم شفتك فيه ... بس غصب عني....
 لم تمنع دمعة فرت هاربه غضبا من أثر كلماته فسقطت ثائره فوق خديها..... مد يده ومسح دمعتها... ربت بيده على خدها وهمس: ممكن متعيطيش.... انتي عارفة مبحبش اشوفك بتعيطي...

فتحت باب السيارة وهمت ان تترجل منها، لكنها توقفت فجأة كمن تذكر شيئا وعادت مرة أخري وأغلقت الباب خلفها، نظرت إلي مالك

بعينين حمراء تتراقص بها الدموع و بينما هو ينظر إليها بشرود ألقت قنبلة موقوته من الكلمات عليه حين هتفت: انت فعلا طلبت تتجوز حنين؟

أغمض عينيه للحظة، ثم همس بصوت حاول انا يبدو هادئا: الموضوع مش زي ما انتي فاهمة يا جميلة... انتي عارفة حنين زي أختي..... وعارفة اللي هي فيه بعد ما شادي مات.... انا لما قولتلها كده مكنتش عايز اتجوزها بجد.... مش عايز أعيش معاها.... بس بحاول اطلعها من المشكلة اللي هي فيها.... تنهد بحرارة ثم أردف: وكنت أنا السبب فيها.

فغرت جميلة فاها، وضعت يدها على فهمها تمنع شهقة كادت ان تخرج منها: طيب كنت أكذب عليا و قولي محصلش.

نظر لها مالك بعينين تحمل الكثير من المشاعر: جميلة افهمي.... انا بقولك بحاول الاقيلها مخرج من المصيبة اللي هي فيها خصوصا بعد موت شادي..... أرجع رأسه إلي الوراء حتي سند مؤخرة رأسه علي مقعد السيارة، أغمض عينيه و همس بصوت ضعيف: انا مش قادر اتخطي أني انا اللي كنت السبب في كل ده.

نظرت له جميلة بتعجب: ليه يا مالك بتقول إنك السبب؟ هو يعني انت اللي قولتله يعمل كده.... متحاولش تلاقي مبررات للي أنت عملته.

فتح مالك عينيه بألم، نظر على الطريق أمامه والسيارات تمضي مسرعة و قال: الرحلة كلها كانت فكرتي... انا اللي صممت ان شادي ييجي معانا الرحلة... حتي يوم ال..... انتي كنتي معايا ع البحر يا جميلة وحنين كانت لوحدها..... لو كنتي في أوضتك مكنش اتجرأ يعمل كده....  حتى شادي مات بسببي..... انا روحتله الاوضة بتاعته وضربته... لومته علي اللي عمله.... تخيلي ان أخر حاجة قولتها له انا مش عايز أعرفك تاني.

 وضعت جميلة يدها علي معصم مالك بلطف و همست: متلومش نفسك يا مالك... كل ده نصيب و انت مكنتش سبب في أي حاجة.. .. شادي غلط ومفيش أي مبرر لغلطته... و اللي أنت عملته مع حنين فا حقيقي انا مش عارفة دي حاجة مفروض تفرحني و لا تزعلني.

أطرقت جميلة برأسها لحظات، ثم رفعتها ونظرت له نظرة حادة: تعرف يا مالك رغم اننا أصحاب بقالنا سنين... بس كلامنا النهاردة خلاني أشوف حاجات انا عمري ما شوفتها قبل كده... انا كنت موقفة حياتي علي حاجة بس واضح كده اني كنت غلطانة.

تركته جميلة في السيارة يتجرع الآمه وحده وانطلقت هي حيث اختفت داخل مدخل العمارة.

بينما جلس مالك في السيارة يشاهدها تختفي من امامهببطء ويداه تضغط علي المقود بقوة، و حين اختفت بالكامل انطلق مالك بالسيارة بسرعة جنونية

                     الفصل العاشر من هنا
تعليقات



<>