
خطت اول خطواتها نحو الكليه.. هذا العالم الجديد و المجهول. بالنسبه لها
دخلت المدرجات بخطوات مضطربة وجلست في أقرب مكان... حركت أنظارها يمينا ويسارا
لتجد عالم.. مختلف...لم تره من قبل
لكنها كانت دائما تحدث نفسها.. انها هنا لهدف يجب تحقيقه مهما كلف الأمر... لن تقف بعد ان وصلت إلى هذه النقطه...
مرت أكثر من خمسه أشهر الان منذ هذا اليوم كان نظام حبيبه.. فيه الانعزال نعم الانعزال عن الجميع لم تختلط بأي احد ولم تكلم أحدا... كانت تقضي معظم وقتها في الدراسه
حتى عرفت بالدحيحه..فقد حصلت على تقديرات عاليه جدا.. في اختبارات الMid tearm... ورغم انعزالها عن التلاميذ لكنها لم تسلم من بعض النظرات المشمئزه..و المتطفله
ورغم محاولات بعض زملائها الاحتكاك بها لكنها رفضت.
حتى جائت... تلك اللحظه.. حين سمعت من يقول لها
السلام عليكم
رفعت حبيبه نظرها لتجد فتاه ذات بشره خمريه. تحمل ملامح رقيقه.. هي تعرف انها رأتها قبلا
..
حبيبه:... ردت بتعجب... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أنا نهى محسن.... زميلتك هنا في الكليه
حبيبه:اهلا يانهى أنا أسفه.... بس اصلي مابختلطش كثير عشان كده
ماعرفكيش
نهى :لا عادي ممكن اقعد؟
حبيبه :اه اكيد اتفضلي
جلست نهى على المقعد بجانبها ووجهها تزينه ابتسامه جميله
نهى:اسفه لو تطفلت عليكي.. بس
بصراحه... انا نفسي.. اتعرف عليكي واتكلم معاكي
تعجبت حبيبه ونظرت إليها وهي تعقد حاجبيها
حبيبه :تتكلمي معايا أنا؟ !!
نهى:بصراحه اه.. انت من زمان وأنت
شاده انتباهي.. حساكي شبهي أوي
مبتحبش جو التجمعات عايشه بهدوء
ومنعزله.. وانا بصراحه زيك كده..
حبيبه:. بتنهيده.... ان لسه مش واخذه على جو الكليه رغم المده دي حاسه اني غريبه.. يمكن عشان زي ماقلتي بحب الهدوء ويمكن عشان الناس هنا مش شبهي
نهى :عندك حق... طب.. ممكن نكون أصحاب ياحبيبه..؟ انا نفسي يكون عندي صاحبه زيك
أجابتها... حبيبه... بأبتسامه.وهي تمد لها يدها تصافحها
حبيبه :... حبيبه محمد..... هههه
نهى:. وهي تصافحها... نهى محسن... ههههه
كانت. هذه البدايه.. لصداقه. لم تتوقع حبيبه.. انها.. ستصل إلى هذا المرحله... فنهى لم تكن مجرد... صديقه لحبيبه...نهى كانت كشقيقتها المقربه... ساعدتها نهى كثيرا.. في توفير مراجع الكليه... و. توفير بعض الأدوات... والد نهى كان دكتور جامعي وكان استاذ.. حبيبه في الوقت.. نفسه واعتبرها.. كابنه له... وكان فرحا جدا.. لصداقتها مع نهى
أما عن حبيبه. فكانت طيله الست... سنوات.. تحصل على التقديرات النهائيه.. وبقيت هي من الأوائل... على اقرانها ....
وهاهي تجلس مع نهى.. في... الكليه وقد أصبحت في سنه التخرج...
نهى:يابنت أرحمينا احنا بقالنا ساعه بنذاكر... انا تعبت... انت مبتتعبيش
حبيبه :بطلي زن... مش عارفه أركز
نهى:نعم يا اختي.. كل دا ومش عارفه تركزي...
حبيبه:عاوزه اي يانهى من الاخر؟
نهى:عاوزه افطر جعانه ياناس... ارحميني... خلينا نروح الكافتيريا نفطر.. وانا عزماكي ياستي
حبيبه:نهى انت عارفه انا مبحبش اروح هناك... هند وشلتهااكيد هناك وانا مش عاوزه احتك بيها.. دا انا مشيت السنين الي فاتت معاها بالعافيه
نهى :يابنتي احنا مش هنحتك بيها احنا هنفطر... طب ياستي نشتري حاجه ونمشي...يلا ياحبيبه متبقيش رخمه
اقتنعت حبيبه بكلام نهى وذهبت معها... للكافتريا.. حبيبه كان تخشى الاحتكاك بهند زميلتها لان هناك منافسه في مابينهم... وهند شخصيه.. متعاليه تنظر لحبيبه نظره دونيه...
وصلت الاثنتان إلى الكافتيريا .. واختارت نهى طاوله... جلست. حبيبه... وذهبت... نهى..لتجلب الطعام
فتحت حبيبه كتابها.... وبدأت تدون بعض الملاحظات... حتى وجدت من تقف أمام طاولتها وتقول
هند:اي دا بياعه الشاي... موجوده هنا اي جايه تعرفي.. سر الوصفه..... ههههه
لترد عليها فتاه أخرى.... الظاهر بقى عندها قرشين وجايه. تترسم بيهم.. هههههه
لتجيب أخرى... الظاهر الزباين عندها
بيقلو عشان كدا عاوزه وصفه جديده
هههههه
كانت حبيبه... تستمع لهم بمنتهى البرود.. فقد تعودت على تنمرهم عليها
بعد ان.. عرف.. احد زملائها انها تعمل في بيع القهوه والشاي... في كشك على شاطئ البحر ذلك المشروع... الذي... شاركتها فيه نهى... لكي تتوقف حبيبيه عن البيع في الشارع
وتقف في هذا الكشك.. لم تشعر حبيبه بالعار يوما من عملها . فهي كانت دوما تعلم أن لا فائده من اخفاء الحقيقه...
حبيبه:والله انا مش محتاجه...وصفه جديده انا الشاي والقهوه الي بعملهم الكل بيشهد ليا..
لتنظر لها هند بشمئزاز وتقول
هند:طبعا... ناس من الشارع هتشهد لبياعه شارع
حبيبه:والله اهو الناس الي في الشارع... على الاقل قلبها نظيف
احسن بكتير من ناس تانيه
هند:بغظب.. ونبره صوت عاليه قليلا
تقصدي اي ياحبيبه بكلامك دا؟
قطع هذا الحوار.... وصول صهيب.. طالب. انتقل.. للكليه حديثا... شاب وسيم.. ومن عائله... كبيره... وكانت هند معجبه. به
صهيب:حبيبه انت هنا وانا بدور عليكي
هند:وانت بتدور عليها.. ليه... ياصهيب؟
صهيب:.. وهو. ينظر لها. بتعجب....... وانت مالك؟
استشاطت هند... غضبا... بعد جواب صهيب.. ونظراته لها.. فأحبت ان تجرح حبيبه..
هند:افتكرت. عاوز منها كوبايه شاي... ههههه
صهيب:علم ماترمي له هند.... فقال لها بنبره صوت فيها نبره غضب
هندانت بتقولي اي احترمي نفسك
هند:انا ياصهيب بتقولي احترمي نفسك وعشان مين عشان دي؟
قالت هذا وهي تشير إلى حبيبه. بغضب واشمئزار
صهيب:هند
حبيبه:خلاص ياصهيب... هند صهيب عاوز مني ملخص ارتحتي كده... اطمنتي..
كانت حبيبه تعرف.. ان هند معجبه بصهيب... وتعلم انها تضايقها.. بسبب ذلك... لكن مالم تكن تعلمه هند ان.. حبيبه... تعمل ملخصات لصهيب مقابل النقود..
رحلت هند من المكان....وهي تحمل حقد وكره أكبر لحبيبه. (بقلم رشا عبد العزيز)
صهيب:انا اسف ياحبيبه
حبيبه:لا عادي ولا يهمك... اتفضل..
صهيب:متشكر ياحبيبه... اتفضلي الفلوس. . واسف مره تانيه
اخذت حبيبه منه النقود... امام أنظار نهى التي وصلت منذ مده
نهى :انا.. اسفه ياحبيبه... كلو بسببي
لكن ماتسيك من صهيب.. هي بتعمل كل دا عشانه
حبيبه:يابنتي صهيب.. بيدفع كويس.. انا مالي تفكيرها خليها تفكر زي ماتفكر..
نهى :ياحبيبه اتقي شرها دي وحده
مش سهله
حبيبه:يابنتي هو انا جيت جنبها
انا محتاجه الفلوس يانهى.. الكشك لوحدو مش كفايه... السنه دي انا محتاجه حاجات كتير...
نهى :انا بس خايفه عليكي منها
حبيبه:خليها على الله
نهى: طب يلا بينا عشان محاضره
دكتور عمر هتبدأ
*************
دخلت حبيبه ونهى المدرجات... لتنظر لهم هند.. نظرات يملئووها الحقد..
تجاهلاها كلاهما.. ودخل دكتور عمر.. المحاضره... وبعد انتهائها
خرج دكتور عمر
فتبعتهه حبيبه... مهروله.. ونادت عليه
حبيبه:دكتور عمر.. دكتور عمر
دكتور عمر:بعد ان انتبه لها...
اهلا.. اهلا.. بالتلميذه المجتهده
ازيك ياحبيبه
حبيبه:الحمد الله يادكتور كنت عاوزه اسالك بس على البحث الي قدمته
لحضرتك... اي رأيك؟
دكتور عمر:ممتاز طبعا ياحبيبه ماشاء الله عليك بتبهريني كل مره
حبيبه:متشكره اوي يادكتور
دكتور عمر:حبيبه زي ما اتفقنا بعد التخرج هتشغلي عندي في المستشفى
لينظر إلى نهى ويقول
أوعي دكتور محسن يستخدم نهى
واسطه..و ياخدك عنده.... ههههه
حبيبه:لا أطمن يادكتور.. ان ان شاء الله معاك
لتسمع من يقول
وليه مش معايا انا... وكان هذا صوت دكتور.. كريم... استاذ اخر لحبيبه
دكتور عمر:اي دا ياكريم... انت عاوز تاخذ المساعدين بتوعي.. هههه
دكتور كريم:والله حبيبه..مكسب..للي تشتغل معاه..
حبيبه:.. وهي تشعر بسعاده والفخر من كلمات المدح و الإطراءمن اساتذتها
_ متشكره يادكتور.
دكتور عمر:والله عندك حق يادكتور
حبيبه.. مكسب.. طالبه مجتهده وطموحه... ربنا يوفقها.. خلاص ياكريم انا سبقتك... وعملت عليها عقد احتكار... هههه
دكتور كريم:بقى كده... خلاص ياحبيبه
هديكي ضعف المرتب.. وسيبي عمر وتعالي معايا... ههههه
أحرجت... حبيبه من كلام أستاذها... ظنا منها انه حقيقه... لتسمع
دكتور كريم:ربنا يوفقك... يابنتي انا وعمر.. واحد... لكن إذا احتجتي اي حاجه انا موجود يابنتي. (بقلم رشا عبد العزيز)
حبيبه:متشكره لحضراتكم..أوي
دكتور عمر :انت تستاهلي كل خير يابنتي
حبيبه:عن اذنكم
لترحل حبيبه مع نهى.... تحت أنظار الحقد.. المسلطه عليمها من هند بعد ان سمعت. اساتذتها وهم يمدحون غريمتها
يلا ياهند مالك واقفه كده ليه؟
هند:بقى انا بتاعه الشاي الهلفوته تنتصر عليه فرحانه.. بلمه الدكاتره
حوليها.... لكن لا.. مش هخليها تتهني
اما سحبت منها مرتبه الأوائل الي فرحانه بيها.. ما اكنش انا هند
_هتعملي اي يعني؟
هند:بكره تشوفي.. هند هتعمل اي
****************************
وعلى جانب اخر.... نجد حبيبه ونهى
نهى :يلا ياحبيبه... واوعي تقولي نسيت
عزومه الغداء دي كانت أمي تزعل منك
حبيببه:والله مالوش لزوم تتعب نفسها بعزومه كل أسبوع دي
نهى:يابنتي دول بيستنو.. يوم الاثنين عشان محضرات قليله... عشان تشوفك.. والا بابا موحشكيش
حبيبه:.. دكتور محسن.. والله وحشني كثير هو رجع من لندن امتى؟
ومقولتيش ليه؟
نظرت لها نهى وابتسمت
نهى :رجع امبارح كنت عاوزه اعملك مفاجأة... بس لساني الي مش عارفه امسكه.. بوظ كل حاجه... هههه. : (بقلم رشا عبد العزيز)
حبيبه:انت هتقوليلي على لسانك.. هههه
وصل الاثنتان...واستقبلت والده نهى حبيبه بحفاوه
_اهلا.. اهلا حبيبه قلبي... ازيك يابنتي عامله ايه
حبيبه :الحمد الله... يا ماما ناهد... انت إزيك... وحشاني
ناهد:بخير ياحبيبتي يلا تعالي اتفضلي
حبييه:دكتور محسن.. والله... واحشني كثير نهى بتقول رجع امبارح من السفر..
دكتور محسن:سمعت وحده قمر بتسأل عني.... ههه....
اهلا.. اهلا ياحبيبتي..
قال ذلك وهو يتجه نحوها
حبيبه:.. وهي تتجه بتجاهه. ايضا.. تظهر عليها علامات الفرح لرؤيته... دائما ماكان.. محسن.. له مكان كبيره لديها
_اهلا... اهلا يادكتور... ازيك وحشنا والله
محسن:والله انتو كمان وحشني بس اعمل اي.... المؤتمر طول.. وباسم.. ابني.. شبط فيا...
حبيببه:حقه و َالله... هو مش ناوي يرجع.. هنا اختصاصه.جميل ونادر
محسن:... وهو يتحدث بنبره حزن..
باسم عمره ماهيرجع ياحبيبه.... باسم استقر وكون عيله... وبيت وزوجه واولاد... وشغل.. وكمان متنسيش.
انه هناك.. ناس بتقدر الي هو بيعمله وبتقدر علمه وخبرته.. وجهوده
دا خلاه يتقدم أكتر ويجتهد أكتر.. لحد ماوصل للمركز الي هو وصله
حبيبه:ربنا يوفقه... فعلا الإنسان لما يلاقي مكان يرتاح فيه.. صعب انه يبعد عنه
نهى :اي دا هو احنا هنقضيها.. كلام
انا جعانه... فين الغدا؟
ناهد:هو دا الي انت فالحه فيه. .يلا تعالي ساعديني
نهى :يلا ياحبيبه
ناهد:سيبي حبييبه...دي ضيفه... تشغليها كمان
نهى :لا مش ضيفه.. دي صاحبه بيت
والا وقت العزايم حبيبه بنتنا ووقت الشغل. ضيفه.. يلا يابنتي.. يلا بلاش دلع... لتمسك يد حبيبه.. وتجرها خلفها نحو المطبخ.. وسط ضحكاتها
لينظر ناهد ومحسن.. لبعض ويبتسمون وهم يقولن....
_مفيش فايده... هههه
تناولت.... حبيبه.. الغداء معهم... وسط.. جواسري جميل كم تحب هذه الاسره.. التي دائما ما احتوتها و ساعدتها.
كانت.. نهى قد أخبرت والدها و والدتها... .بقصه حبيبه.. فتعاطفو معها.. جدا... ومنذ ذلك الحين وهم يعتبرونها جزء من العائله
وشجعو. نهى على مساعدتها.. في شراء ذلك الكشك
***************************
بعد الغداء مع عائله نهى وصلت حبيبه إلى الشاطئ حيث كشك الشاي والقهوه التي تعمل فيه
كانت تحمل.. كتبها وكراساتها.. اينما ذهبت فقد كانت تدرس.. كلما سمحت لها الفرصه
كانت فرحه بذلك الكشك الذي بدأت العمل فيه منذ عامين فأخيرا قد استقرت.. من المشي.. وبيع القرص.
كان كل من يعمل هناك يعرفها... ويعرف الطعم الجميل للشاي والقهوه التي تصنعها
جلست .. وهي تراقب.. رجل يلعب مع ابنته... كانت الفتاه صغيره.. يمكن انها ثمان اوعشره سنوات.. وكانت سعيد باللعب مع والدها َوصوت ضحكتها يصدح كأنه نغمات موسيقيه تطرب قلب والدها الذي كان يحتضنها ويقبلها بين الحين والآخر لتكتمل الصوره عندما جاءت ولدتها واعطتها بعض الطعام
ولا أراديا... ساقتها عينيها نحو. أثر ذلك الحرق الذي لم يمحوه الزمن كأنه وشم للألم يصر ان يرافقها مدى الحياه
اه...قويه خرجت من جوفها تحمل معها الام مدفونه وذكريات.. تجرح فؤادها كلما تذكرتها...
اخرجها من هذ الألم.. صوت. سمعته يقول
_السلام عليكم