
إيه اللي بتقوله ده؟ عيب كده.. انتَ عاوز تقول إني كنت بجري وراك؟
لا...
قالها بيهز راسه بنفي وابتسم ابتسامة سخيفة:
-توقعيني.. كنتِ قاصدة توقعيني.
رفعت صابعها في وشه بقوة مصطنعة:
-احترم نفسك وانتَ... ااااه..
صرخت بيها لما مسك صابعها وضغط عليه جامد لدرجة إنه كان هيتكسر, وهو قال بملامح باين عليها الشر:
-اخرسي... اخرسي وبطلي كدب عشان ورب العزة هنسى إنك ست وهدوس عليكِ بجزمتي...
وفعلاً كلامه خوفها وخلاها تسكت تمامًا وهي بصاله برعب, وهو كمل:
-هقولك عرفت منين...
------------
قبلها بيوم...
-يعني ماحدش بيضايقك في الحضانة؟
-لا ياعمو, كلهم كويسين معايا.
-طيب بصي يا ريم لو حد ضايقك او أي حاجة حصلت معاكي وزعلتك تعاليلي فورا, ماشي؟
-ماشي... عمو كنت عاوزة اسألك سؤال صغنون.
باسها في خدها وهو بيقول بابتسامة صغيرة مابتظهرش غير معاها:
-صغنون! اسألي يا ستي سؤال صغنون.
سألته ببراءة:
-هو انتَ وماما هتتجوزوا؟
بصلها بصدمة واختفت ابتسامته وهو بيسألها:
-مين قالك كده؟
-ماما كانت بتتكلم مع خالتو سحر وقالتلها كده.
غمض عينه بغيظ وغضب اكيد امه اللي عرضت عليها الموضوع..
--------------
-انتِ ليه بتتصرفي من ورايا؟ ليه مصممة تكملي الموضوع رغم إني قولتلك مش هتجوز لا مروة ولا غيرها.
قالها بعصبية فظيعة وامه واقفه قدامه مش فاهمه هو بيتكلم عن ايه, وسألته بخضه من عصيبته:
-يا بني في إيه؟ إيه اللي حصل فهمني؟
-بتروحي تقولي لمروة إني هتجوزها ليه؟ بتحطي في دماغها أوهام؟ حاجه مش هتحصل!
بصتله باستغراب:
-مين قالك كده؟ انا ماقولتش لمروة ولا فتحت معاها الموضوع!
نفخ بعصبية:
-ماما! انا مابحبش اللف والدوران.
اتعصبت هي كمان وقالت:
-وانا هلف وادور عليك ليه؟ هخف منك!؟ لو قولت هقولك قولت لكن ورحمة اخوك ماجبت لها سيرة لا من قريب ولا من بعيد.
-اومال هي عرفت ازاي؟
قالها بصدمة وعصبيته هديت, فسألته:
-عرفت إيه؟ فهمني يا مصطفى؟
حكالها اللي قالته ريم, فقالت باستغراب:
-وإيه يعرفها حاجه زي دي؟
سكتوا شوية بيفكروا لحد ما بصلها مصطفى وقال بشر:
-مش هتعرف حاجة زي دي الا لو هي اللي مدبراها ووصلت لها بتعمد.
-ازاي؟
-مش يمكن ماكنش في عريس ولا جواز, وقالت كده بترمي الموضوع في عبك عشان تقلقي وهي عارفة إنك اكيد هتفكري كده طبيعي, ولما حصل وسبت مها اتاكدت ان اللي كانت عوزاه وصلتله.
-لا يا بني, لا مانظلمهاش, وبعدين يا حبيبي ماحدش هييجي في باله كل ده!
رد باستهزاء:
-لا بيجي عادي, الناس مابقاش يتوثق فيها, بس انا هعرف ازاي اوقعها.
--------------
-إيه الخيال الواسع ده؟ انا اصلاً مايجيش في بالي كل ده, كل الفكرة إني سمعت امك وهي بتكلمك في مرة وكنت واقفة على باب الشقة.
ويمكن في اللحظة دي هي شافت انها تبان بتتصنت اكرم لها من انها قصدت توقعه عشان تتجوزه.
-انتِ كدابة, اليوم الوحيد اللي امي كلمتني فيه في الموضوع ده كنتِ عند اهلك بره البيت اصلاً.
بان التوتر والخوف على وشها ورجعت قالت:
-مها... مها كلمتني وحكتلي بس ماكنتش عاوزه اجيب سيرتها اصلها محلفاني.
ضحك ضحكة عالية وقال:
-العبي غيرها.. عشان مها مستحيل تكلمك لانها مش معاها رقمك اصلاً وانتِ ماعندكيش فيس من وقت حادثة اخويا والاكونت بتاعك اتقفل من على تليفونه اللي اتسرق في الحادثة, يعني الحالة الوحيدة اللي توصلك فيها هي إنها تجيلك هنا! واصلاً انتِ اخر واحدة مها هتفكر تكلمها.
-انتَ عاوز إيه دلوقتي؟
قالتها بعصبية بتغطي بيها على خوفها, فبصلها بقرف وقال:
-عاوز اقولك إنك ست خرابة بيوت وقليلة الأصل ومش متربية, وزيدي عليهم إنك من النهاردة مش هتقعدي في بيتنا, وبنت اخويا هعرف ازاي اشوفها واجبها عندنا وقت ماحب.
ورزع الباب ومشي, وانهارت هي على الكرسي بعد ما خسرت كل حاجة.. هتروح فين؟ أهلها مش هيستحملوها ببنتها وهم على قد حالهم, ماينفعش تخرج من البيت.
-----------------
-حقك عليا يا بني انا اللي سلمتلها ودني وخربت عليك.
-خلاص يا ماما اللي حصل حصل مافيش داعي للكلام.
قالها وهو قاعد قدامها وحاطط راسه بين ايديه وباين عليه الحزن, فهزت راسها بحسرة وجوه عقلها بتقول انها لازم تحاول تصلحله حياته زي ما خربتها.
----------------
-انا جيتلك وكلي كسوف ومش عارفه اودي وشي فين منك ومن اهلك, وكنت مستعدة لأي حاجة هتعملوها حتى لو هتطردوني.
رد أبو مها:
-احنا ما بنهينش حد في بيتنا يام مصطفى.
-ولاد اصل من يومكوا والله.
قالتها بكسفة واحراج رهيب, وكملت:
-انا كنت جايه ارجع الود... لو ينفع يعني... وتعذروني سبوني أتكلم واحكموا انتوا بعدها.
قالتها لما لاحظت ام أمها هتنطق وطبعًا هترفض.
اتملت عينيها دموع وقالت:
-يشهد ربنا اني بحب مها وعمري ما عصيت ابني عليها ولا جبت سيرتها بردي, واللي حصل مش كره فيها ابدًا والله, انا بس ام قلبها اتحرق على ضناها وربنا ما يوريكوا حرقة الضنا...
رد ابوها وامها بيأمنوا وراها.
وكملت بعياط:
-مصطفى ومحمد نور عيني اللي بشوف بيها, ولما محمد راح مني بقيت بطبش, ومش فارق معايا غير ان بنته تفضل في حضني اشم ريحته فيها, واحس بوجوده, ولما أمها اتكلمت انها لو جالها عريس هتتجوز وتقعد بنتها عند أمها, عقلي طار وبقيت عاوزه أي حاجه تخلي ريم معايا, عرضت على مصطفى يتجوزها.. رفض, ورحمة ابني رفض, وقالي ماتفتحيش الكلام ده تاني, بس معرفش عقلي كان فين وانا بفكر إني لو كلمت مها ووافقت تقدر هي تقنعه, وجيت كلمتها, ويوم ما رجعت طاح فيا وقالي فرحانة دلوقتي لما حياتي اتخربت, انا ماكنتش فرحانة.. بس كنت لسه مترددة, ولما قالي مش هتجوز خالص لا مروة ولا غيرها, قولت ساعة غضب ولما يهدى وينسى هيوافق... بس لاقيته عدى شهرين ولسه زي ماهو وبيدبل قصادي وحاله اتبدل, وقتها فوقت وقولت مابدهاش, معزة مصطفى من معزة ريم, ومش هقبل يعيش حياته تعيس, فجيتلكوا وكلي عشم تفهموا عذري وحرقة قلبي وتقبلوا انهم يرجعوا لبعض.
-يام مصطفى ميعاد الفرح عدى والوقت ا...
قالها ابوها فقاطعته بتقول:
-الوقت عمره ما يتأخر على النصيب, لو نصيبهم في بعض ولو بعد مية سنه هيكونوا لبعض.
-والله ده رأيها وقرارها ماحدش يقدر يتدخل فيه.
قالت أمها باعتراض:
-ازاي يعني دول بعد ما....
قاطعها بحدة:
-ام مها, بنتك مش صغيرة, دي 26 سنه, يعني تعرف تقرر هي عاوزه إيه وأي قرار هتاخده هنكون معاها فيه.
سكتت أمها مضطره وباين عليها انها مش عاجبها ابدًا الكلام, بصت ام مصطفى لمها برجاء:
-فكري يا بنتي, فكري وابعدي عن دماغك اللي حصل, فكري انتِ تقدري تكوني مع حد غير ابني؟ لسه عوزاه وبتحبيه ولا لأ؟ وحطي في بالك إنه والله والله ما كان له دخل ولا كان موافق على الموضوع, وانا عرفت انه حاول معاكي كتير اوي بعدها وانتِ اللي مدتيهوش فرصة.
-هفكر.
الكلمة الوحيدة اللي ردت بيها, وده خلى اليأس يظهر على وش الست وخوف من انها ترفض.
----------------------
-بس انا ماقولتش لهم عن اللي البت مروة عملته, مش عوزاهم يكرهوا بعض, وعشان مها ماتقلقش منها.
بصتله فلقته ساكت:
-انتَ ساكت ليه يا مصطفى؟
-هقولك إيه؟
سألها بسخرية وكمل:
-هقولك لامتى هتتصرفي في حياتي من ورا ضهري؟
-يا بني انا كنت بصلح غلطة انا اللي عملتها, وواجبي انا اللي اصلحها, لكن اول ما توافق بعد كده انتَ حر في حياتك, وعهد عليا ما اتدخل في أي حاجة تخصك.
-والبت اللي فوق دي هتفضل هنا؟
-وحياتي عندك تسيبها, أهلها مش هيتحملوها وممكن يأذوا بنتنا, سيبها ولو عملت أي حاجة انا اللي هجيبها من شعرها.
-اما نشوف.
--------------
بعد شهر كامل..
طول الشهر بيحاولوا يوصلوا لرد من مها وهي ردها لسه بفكر, لحد ما اخيرًا ابوها كلمه وقاله انها وافقت, وراح قعد معاها والفرحة مش مسايعاه ووشه رجع نور من تاني وده خلى امه تحس بالذنب اكتر انها عيشته أيام صعبة بسببها وبسبب اللي عملته.
-اطلبي اللي انتِ عوزاه يا ست البنات.
قالها برضا تام منه بعد ما مها بلغته ان ليها شروط.
-أولا مش هقعد مع ارملة اخوك في بيت واحد, يا تجبلي انا شقة بعيد يا تطلعوها هي من البيت.
-ليه؟
سألها باستغراب لانه عارف انها متعرفش اللي عملته مروة.
-مش هبقى مرتاحة وانتَ طول الوقت قدامها, وكلمة ولا وقفة ولا نظرة ليها هتجنني وهتحرق دمي, اصلاً كل ماتخيل ان امك كانت عوزاك تتجوزها بتجنن وضغطي بيعلى.
خلصت كلامها بعصبية فقال بيحاول يهديها:
-حاضر.. انا ماقدرش اطلعها من شقتها عشان البنت لازم تكون مع امي, لكن هجهز شقة اهلي اللي في بيتنا القديم ونقعد فيها, إيه رأيك؟
-المهم انه بعيد عنها... ومش عاوزه كلام بينك وبينها, في حاجة تبلغها لامك تبلغك مش استهبال بقى واصل ريم عاوزه وريم كذا وكذا, البنت على راسي وتعملها اللي تعوزه بس امك اللي تبلغك مش هي.
-حصل.
بصتله بابتسامة حاولت تداريها من رده وطريقته, وكملت:
-وبالنسبة لامك فسبني لحد ما هدى من ناحيتها, لا تقولي كلميها ولا روحيلها ولا اعملي ولا سوي... سبني لحد ما اهدي وانسى وانا هرجع اتعامل معاها زي الأول.
بصلها بضحكة وقال:
-مانا سايبك... بدليل عمالة تقوليلي امك امك وساكت.. مادام مش هتعملي اللي يهينها او يزعلها مش هتدخل.
رفعت راسها بغرور:
-اهلي ربوني اني ماتعاملش مع حد كبير بطريقة مش مناسبة, ولو عندك شك يبقى نفضها احسن.
-يا ستي ده انتِ متربية احسن مني, شك إيه بس!
فضحكت وضحك معاها وكان النصيب غلاب ورغم كل المعوقات في حكايتهم إلا انهم كملوا.
عزيزي القارئ.. النصيب ماحدش يقدر يوقف قدامه, رزقك سواء في شغل او زواج او أولاد او فلوس او أي شيء هتاخده ولو اهل الأرض كلهم وقفوا في وشك... مادام هو نصيبك ورزقك ومكتوبلك....
تمت بحمد الله