رواية ندبة روح الفصل الثلاثون 30 والاخير بقلم نانسي عاشور

         

رواية ندبة روح الفصل الثلاثون 30 والاخير بقلم نانسي عاشور

✦ الفصل الثلاثون: والاخير  صوت يعقوب – “إن تركتِني… أين أذهب؟”

“هي أمامي… بعد كل هذا.

وفي قلبي، ألف موت خضته كي أصل إلى عينيها.

الآن فقط أستطيع أن أتكلم… دون أن يحكم عليّ أحد،

دون أن يراني إلا هي.”


كلّ شيء سكن بعد العبور.

النجوم توقّفت عن الدوران، الزمن انكمش كأنه تنفّس آخر أنفاسه،

والأبواب أُغلقت كلها… إلا بابها.


كانت "روح" تقف أمام بحيرة من نور، ينعكس فيها وجهها كما لم تره من قبل.


اقتربتُ منها.


همستُ باسمها… لا كما يُنطق، بل كما يُنبَض:


"روح..."


استدارت إليّ ببطء، عيناها تلمعان كأنهما تسبحان في آخر غيمة.

لم تقل شيئًا. لكن قلبها كان يصرخ.


قلت لها:


"لو قُدّر لكِ الآن أن تعودي لعالم الإنس…

فأنا لن أكون فيه.

سيُسمح لكِ أن تنسي كل شيء…

حتى أنا."


نظرت إليّ… وعيناها تشكّلان سؤالًا دون كلمات.


فأكملت، بصوتي الذي لم أرفعه يومًا عليها:


"سيُمحى اسمي من ذاكرتك…

وسيُفتح لكِ الطريق،

وسيُسمَح لكِ… أن تتزوّجي،

وأن تعيشي كباقي البشر… بلا حرب، بلا جن، بلا ندبة."


صمتّ لحظة.


ثم سألتها:


"هل… تتركينني؟"


أقسم… أن كل الحروب التي خضتها،

كل الليالي التي راقبت فيها أنفاسها وهي تنام،

كل الصرخات التي منعت نفسي من إطلاقها حين غارت من النسيم الذي يلمسها…

لا شيء منها آلمني مثل هذا السؤال.


"هل تتركينني؟"


اقتربتْ مني… خطوة واحدة فقط.

رفعت يدها، ووضعتها على صدري، حيث ما زال القلب يحترق.


قالت بصوت ناعم… لكنه حاسم:


"أنا لا أعرف أن أحبّ غيرك.

وإن وُضعت أمامي كلّ الأرواح… لا يُريني قلبي إلا عينيك."


أردت أن أبتسم، لكنّي بكيت.

جنيٌّ يبكي؟ نعم…

لأنني الآن لستُ سلطان الجنّ.


أنا فقط رجل… كان ينتظر أن يُسمَح له أن يُحبّ.


جلستُ عند قدميها، كما كان يفعل عشّاق المعابد القديمة.

قبّلتُ أطراف يدها، وقلت:


"تدلّلي…

فإن عشقكِ خاطري،

وإن أمركِ دمي،

وإن حزنكِ بابي،

وإنكِ… يا روح، خاتمة أمري وبدايته."


أمسكت يدي، ورفعتها إلى شفتيها.


وقالت:


"تعال… فلنرحل.

ليس إلى زمنٍ جديد… بل إلى وطنٍ لا يحتاج إلى وقت.

وطنٌ اسمه أنا وأنت."


مشينا معًا نحو ضوء لا يشبه أي نور.


لم يكن هذا موتًا، ولا بعثًا، ولا خلودًا…


كان نجاة.


نجونا من اللعنة، من الظن، من الوحدة، من الخراب.

نجونا من أنفسنا القديمة.


وفي آخر سطر من الزمان، كُتب بخيوط الروح:


"حين تعبت الأرواح من العهد…

جاء يعقوب،

وقال: أُحبّها… ولو احترقت.

تمت بحمد الله 

لقراءه باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>