رواية ذكريات مجهولة الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم قوت القلوب

رواية ذكريات مجهولة بقلم قوت القلوب
رواية ذكريات مجهولة الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم قوت القلوب
« بعد الغياب »

الإمارات..
المستشفى ( حوريه) ....
بعد عدة محاولات فاشلة للإفاقة فكلما فتحت عيناها تشعر بثقلهم مرة أخرى لتفيق فى النهاية وهي تحاول الإعتدال قليلا مسنده رقبتها على الوسادة فى صمت ....
تابعت بعيناها أحد اللوحات الطبية المعلقة على الحائط تتمعن فى تفاصيلها بدون أى هدف ...
جالت بتفكيرها فى (عماد) وما سيفعله معها بعدما أمسك بها هاربة من بيته بهذه الصورة ...
أستعود لحياتها المُهينة الذليلة معه مرة أخرى ؟؟!! ... كيف ستتحمل كل تلك القسوة خاصة بعد مواجهتها الأخيرة معه ....؟!!
طرق الباب لتدلف الممرضه ترسم إبتسامة عملية تجاه (حوريه) وهى تتابع سير المغذي الذى يصل لكفها خارقًا إياه ليمدها بالتغذية والأدوية اللازمة لتحسن حالتها ...
الممرضه بتساؤل : أحسن شوى ..؟!
حوريه : الحمد لله ...
الممرضه : زوجك بالباب بده يدخل يتطمن عليكِ ... والله هادي أول مرة بشوف زوج بيستأذن يتطمن على زوجته ...!!؟
إرتعبت (حوريه) فور سماعها خبر وجود (عماد) واقفًا خارج الباب لتتسع عيناها برعب وقد بدأ جسدها يرتجف ، دوار رهيب إجتاح رأسها وشعور بالغثيان طغى على معدتها وهى تهمس بإرتعاش .....
حوريه: جـ ... جـ.... جوزي .... !!!
لحظات من الإرتجاف والخوف فصلت بين (حوريه) وبين طرقات متتالية على الباب شعرت بقلبها ينتفض مع كل طرقة بهم بألم ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه 
تعلق بصرها بباب الغرفة وهي تنتظر دخول (عماد) منه ، حاولت السماح له بالدخول لكن صوتها أخذ يتقطع لتشعر ببرودة تسير بأوصالها مسببه إرتجاف شديد بجسدها ، لتغثى نفسها ، أستفقد الوعي مرة أخرى أم ماذا !!! ....
الممرضه بقلق : اهدى شوى ... شو باك ...!!! تعبانة شي ...؟!! 
صمتت (حوريه) وهى مازالت تطالع الباب الذى عاد للطرق مرة أخرى لتسمح له الممرضة بالدخول وهى تزيد من جرعة المسكن ظنًا منها أن إنتفاضة (حوريه) بسبب ألم جرحها ....
الممرضه: إدخل ....
دلف (عبد الله) إلى الغرفة وهو ينكس عيناه بعيدًا عن (حوريه) الممدة فوق الفراش ....
الممرضه: ها ... كيفك الحين .... أحسن شوى ...؟!!
أومأت (حوريه) رأسها بصمت وهى تتفحص ذلك الشاب الذى دلف لغرفتها للتو ...
لحظات مرت وهى تحاول معرفة من هذا الشاب الذى يدعي أنه زوجها ريثما خرجت الممرضة من الغرفة مغلقة الباب من اثرها ..
حوريه بتساؤل : انت مين ...؟؟ وليه قلت إنك جوزي ....؟؟!
عبد الله: أنا (عبد الله) ... كنت شغال سواق عندكم من كام شهر ...
حوريه: مش عارفاك أوى .... طيب ليه قلت لهم إنك جوزي ...؟!!
عبد الله: لما رحت لكم البيت لقيتك واقعة فى الأرض ومغمى عليكِ ... جبتك هنا وهم إفتكروا إنى جوزك ....
حوريه بدهشة : انت اللي جبتني هنا ... مش (عماد) ...؟!!
عبد الله : إنتِ كنتِ فاكرة (عماد) هو اللي جابك ...؟!.
حوريه: أيوة .. لما قالولي جوزك جابك المستشفى إفتكرته هو اللي جابني هنا ... 
ثم أردفت مستكمله بحزن ...
حوريه: قال يعني ممكن يفكر فيا وفى صحتي ويلحقني على المستشفى قبل ما أموت ....!!!!
شعر (عبد الله) بالصدق بكلامها وأنها من الواضح أنها لا تعرف شيئًا عما حدث لزوجها وأن ظنه أنها هى من قتلته ظن خاطئ منه تمامًا ...
عبد الله: أنا آسف إنى أبلغك بالخبر دة .... بس ... (عماد) إتوفى ....
مفاجأه لا تصدق .. فغرت (حوريه) فاها لتعلو عيناها إندهاش واضح وعدم تصديق ..
هل يمكن أن يموت... !!! ... هل هو مثل كل البشر قهره الموت وإختفى من الوجود بهذه السهولة ،كم لله قدره ينساها المرء فيتجبر ويقسو ويظلم وينسى يوم لقائه برب العالمين الذى لا يغفل ولا ينام يرد حق المظلومين ويجبر المنكسرين ...
حاولت إستيعاب فكرة موته بغير تصديق أنها حررت من ذله بهذه السهولة ، ففى لحظة كان كل شي قد إنتهى ....
حوريه بعدم تصديق: لأ طبعًا .... (عماد) مات .... معقوله دى ؟! .... إزاى .... مش مصدقة ... مش مصدقة أبدًا .....!! 
عبد الله: تقريبًا كان فيه زيت واقع على السلم الرخام وإزاز مكسور وهو كان بيجري أو حاجة وشايل شنطته فإتزحلق ووقع ، إتخبط فى رأسه و نزف كتير وإنجرح من الإزاز فى جسمه كله كان بينزف ... ولأن مفيش حد فى البيت خالص محدش حس بيه وملحقناهوش ....
غمغمت (حوريه) بداخلها " يعنى رفضك تجيب حد يساعدني عشان تذلني سبب موتك ... كان زمان حد لحقك ... بس ربنا منتقم ... جاب لي حقي منك ...."
سقطت دمعه من عيني (حوريه) على خلاصها منه والنجاة بحياتها ...
توقع (عبد الله) أن دموع (حوريه) ما هي إلا حزنًا على فقدها زوجها ليفاجئ برفع يديها إلى السماء وسط بكائها لتتسع إبتسامتها قائله ....
حوريه : الحمد لله رب العالمين .... قد إيه انت رحيم بعبادك يا رب .... ألف حمد وشكر ليك يا رب .... ألف حمد وشكر ليك يا رب ...
اندهش (عبد الله) كثيرًا من رد فعلها وتردد فى سؤالها عن سبب فرحتها بدلاً من حزنها عليه ...
عبد الله بإندهاش : إنتِ مبسوطة ...؟!!.
حوريه مبرره : متفهمنيش غلط ... بس هو ظلمني وقهرني ... كان بيذلني ورفض يطلقني و أروح لحالي ... حسيت فجأة إن ربنا نصفني وجاب لي حقى منه ... أنا مش شمتانه فيه .... بس فرحانه إنى بقيت حره وهو مش فى حياتي ...
عبد الله: فاهمك كويس .... مش إنتِ لوحدك إللي ظلمك ....
حوريه بعدم فهم : قصدك إيه ..؟!
عبد الله: جوزك ظلمني وإتهمني زور ودخلني السجن .... وكنت جاي له إمبارح أصفي حسابي معاه وأنتقم منه .... لكن ربنا قادر وخلصنا منه ... ولو مكنتش ساعدتك وجينا هنا كان ممكن أتهم بقتله .... الحمد لله رب العالمين ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه 
___________________________________________
نيويورك...
مطار جون كينيدي ...
يومين قضاهم (هشام) مختبئًا عن الأنظار بداخل غرفة الفندق ليخرج بعدها متوجهًا إلى مطار جون كينيدي للحاق بطائرته المتجهة إلى القاهرة اليوم ....
أنهى كافه الإجراءات جالسًا بصالة الإنتظار مترقبًا لإعلان موعد إقلاع الطائرة ....
جلس يتأمل الدفتر الذى فتح له باب جديد وشغف للتعرف على هذه الفتاة فهو لا ينكر أنها أثرت فى نفسه من مجرد كلمات مكتوبة ... أصبح لديه شغف للتعرف عليها والتقرب منها .... شعر أنها شبيهه روحه كيفما كانت ملامحها ...
هشام " يا ترى شكلك إيه؟! .... مع أنه مش فارق معايا بس حاسس إنك إنسانة رقيقة أوى ... وبالرغم من أن الدنيا كانت قاسية معاكِ أوى كدة إلا إنك ولا كرهتي حد ولا حقدتي على حد .... كان كل إللى يهمك بس تخرجي من إللى إنتِ فيه .... أنا عارف أن المرض إللى جالك دة بيقضي على كل ملامح الأنوثة والجمال بس كل دة ميهمنيش .... المهم أشوفك وأقرب منك ...."
سمع (هشام) نداء برقم البوابة والرحلة التى سيسافر إليها فحمل حقيبته وضبط قبعته
وتوجه إليها لينتظر مرور الساعات الطويلة للوصول إلى أرض الوطن ...
__________________________________________
فى الصباح...
بعد مرور ساعات ثقال يأتى الصباح بنوره لتنقشع الغيوم وتسطع شمس الشتاء الدافئة لتغير بالنفوس وطأه حزنها وأخرى تتمنى مرور الساعات لإنتهاء اليوم ليمر يوم جديد بحياتها المتماثلة ....

مديريه الأمن ، مكتب طارق ...
حرك (طارق) أصابعه بتوتر فوق سطح المكتب ممسكًا بقلمه بطرف أصابعه ليديره عدة مرات ومازال مشهد الأمس مؤثرًا فى نفسه كلما إنشغل بأمر ما عاد إلى ذهنه صورتها الحزينة المعاتبة ....
طارق : كل دة عشان برطمان عسل ....؟؟!! للدرجة دى كان مأثر فيها أنه إنكسر ... طيب ما أنا دفعت تمنه .... كانت بتبص لي كدة ليه ....؟!! البنت دى فيها حاجة ... مش عارف إيه ... بس فيها حاجة ....
سامر : لا حول ولا قوه إلا بالله ... أنت بتكلم نفسك .... إتجننت من قبل ما تتجوز .. أمال سبت إيه للمتجوزين إللي ماشيين يكلموا نفسهم فى الشارع ...
طارق: اااه .... جاي أسليك أنا على الصبح ... بقولك إيه .... أنا كدة كدة ماشى بدري .... وخلصت الشغل ... خليك لوحدك بقى ... أنا رايح أستعد للخطوبة ... مستنيك أنت وأخوك متتأخروش ....
سامر مازحًا: مقبوله منك ... ماشي يا عريس ....
تناول (طارق) مفاتيحه من فوق سطح المكتب خارجًا من مكتبه متجهًا إلى البيت ليستعد لحفل خطوبته على (هايدى) بالمساء ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
________________________________________
مكتب الوزير....
تمم (علاء) على أوضاع جميع رجاله بالمجموعة ليدلف إلى مكتب الوزير الذى طلب حضوره بصورة عاجلة ....
علاء: صباح الخير يا فندم ...
الوزير: أهلاً يا (علاء) ... إتفضل أقعد ....
جلس (علاء) برسمية منتظرًا التوجيهات الجديدة التى سيطلبها منه الوزير فهذه الأيام له برنامج حافل بالزيارات الخاصة بالصناعة والمشروعات الجديدة ....
الوزير: خلال الأسبوع دة عايزك تجهز الرجاله بتوعك فى زيارات لأسوان والنوبة بعدها عندنا زيارة لتركيا الأسبوع الجاي ... حضر لها كويس ومدير مكتبي حديلك خط السير بالزيارات كاملة تطلع عليها عشان تجهز المجموعة إللى معاك وأى إحتياجات لازمه ....
علاء: تحت أمرك يا فندم .... كله تحت السيطرة إن شاء الله ...
الوزير: ثقتى دايمًا فيك فى محلها .... إتفضل انت ...
علاء: شكرًا يا فندم ... بعد إذنك ...
اكمل (علاء) عمله بالإطلاع على سجل الزيارات المرتقبه لتجهيز الترتيبات الخاصة بذلك .. ليكون ذلك سببًا فى إنغماسه بالعمل لربما يتناسى ما حدث وضياع الأمل ....
_________________________________________
هشام....
بقي بضعة ساعات قليلة ليصل إلى مطار القاهرة ليضع غطاء العينين فوق خاصته مستمتعًا ببعض الراحة قبل عودته إلى العمل مباشرة فور وصوله ..
___________________________________________
نهال...
مع إنقشاع الغيوم نظرت بصفاء من نافذتها تتنفس عبير الصباح قبل أن تبدأ بتصفح بقيه أجزاء الكورس الذى تدرسه قبل موعد إختبارها الاسبوع المقبل .....
________________________________________
أميمه....
كثفت عملها مع (سيلا) و(ضيا) لتوشك تصميماتها على الإنتهاء مع وضع الرتوش الأخيرة لإظهار عملهم قبل عرض عملهم على الشركة فهذه فرصة لن تعوض بالعمل معها فهى من أكبر الشركات بتركيا لتصميم الأزياء العالمية لما لها من إنتاج ضخم وإشتراك دائم فى معارض ومؤتمرات العالمية للإنتاج ... 
فرصة ستحدث نقلة نوعية كبيرة لها ولفريق عملها البسيط فى وضع أقدامهم بعمل الأزياء العالمي ...
_________________________________________
حوريه وعبد الله ....
طال حديث (حوريه) و(عبد الله) الذى قص على (حوريه) قصته الحزينة مع (عماد) وكيف أوقع به ظلمه وسواد قلبه ...
إستمعت إليه (حوريه) بإنصات مقدرة شعورة بالقهر من ذلك الطاغية ... كيف إستطاع أن يهنأ بحياته ومنامه وهو من أوقع ذلك الظلم والإفتراء على (عبد الله) بدون وجه حق ....
كان كل لفظ يتلفظ به (عبد الله) ليصف به معاناته وحرمانه من حريته التى سلبت منه عنوة بسبب (عماد) وكأنه يصف حالها معه ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
لقد إستطاع (عبد الله) وصف شعوره بدقة لـ(حوريه) لتبقى كلماته كمن يصف حالتها وحياتها البائسة معه ...
لم يكن لـ(حوريه) أى تعبير سوى إيماءات خفيفة وإبتسامات حزينة فمهما حاولت وصف ما حدث معها لن يظهر مدى قهره وذله لها ....
فضلت الصمت فهى لن تبحث الآن على نظرات الشفقة والتعاطف فلتداوي جراحها بنفسها فقد إستطاع (عماد) تحطيمها بالكامل قبل أن يرحل عن عالمها البغيض ....
عبد الله: لكن حقيقى ربنا بعتك ليا نجده ... لو كنت طاوعت الشيطان و قابلته الله أعلم كان حيبقى مكاني فين دلوقتِ .... كان زماني خسرت كل حاجة ...
حوريه: الحمد لله ... أستاذ (عبد الله)... ممكن أطلب منك طلب ....
عبد الله: أؤمرينى .... خير ...؟!
حوريه بأسى: رجعني مصر ...
عبد الله بتفهم: أكيد طبعًا ... تقومي بس بالسلامة ونرجع سوا .... 
حوريه: شكرًا يا أستاذ (عبد الله) على إللي عملته معايا ....
عبد الله: المهم صحتك وسلامتك ... أنا مش حسألك (عماد) عمل معاكِ إيه لأنه واضح من كسرتك والحزن إللي مالي عينك إن ظلمه ليكِ كان أقوى من ظلمه ليا بكتير ... لكن الأيام كفيلة تنسيكِ كل ده وترجعي لأهلك وحبايبك ...
حوريه: مش حقدر أنسى ... بس أنا محتاجه أسيب البلد دى ... أنا كرهتها ... حاسة كل حاجة فيها بتفكرنى بيه ...
عبد الله: شدى حيلك بس وإن شاء الله نرجع سوا ... أسيبك بقى ترتاحي وأستأذن أنا ....
حوريه: حقدر أوصل لك إزاى ... ؟!!
عبد الله: أنا للأسف مش معايا تليفون خالص ... بإذن الله حشتري تليفون جديد وأديكِ رقمه وأتصل بأهلي أطمنهم عليا ...
حوريه: إن شاء الله ...
عبد الله: أنا حمشي دلوقتِ وأجيلك بكرة إن شاء الله ...
إنصرف (عبد الله) و أصبح كل ما يفكر به الآن ويشغل تفكيره هو ما هو عذره الذى سيقدمه لوالديه عن هذا الغياب القصري الذى أجبر عليه طوال هذه الشهور الطويلة .....
__________________________________________
بيت رحمه.... 
"إنه اليوم".. قالتها بداخل نفسها فور أن فتحت عيناها ...
جلست للحظات بتجهم دون حراك تتمنى لو أن تقضي بقية يومها مغيبه بأى وسيلة .. فهذا اليوم لن يمر على قلبها بسلام ...
إنه يوم إعلان إسدال الستار عن حبها وأملها الذى كانت تعيش من أجله لكنها مجبرة على التماسك والإستكمال ، ليس ذلك فقط بل وبوجه بشوش غير مكترث أيضًا ...
رحمه: القوة من عندك يا رب ....
نهضت من فراشها لتعد الطعام قبل إستيقاظ الجميع كعادتها ...
خرجت نحو غرفة المعيشة لتجد والدتها متشبثه بالنافذة تتمعن فى الطريق ...
(رحمه) بإشفاق على والدتها وما أصابها بعد غياب (عبد الله) .. تتمنى أن يأتيها بأى خبر منه حتى ترتاح والدتها من هذا الشقاء وحسرة قلبها .....
رحمه: برضة يا ماما ...!!! 
ام رحمه: قلبي بيقولي جاي يا (رحمه) ... حلمت بيه إمبارح وهو بيضحك وفاتح لى دراعاته ....
رحمه بتمني : يا رب يا ماما .. يا رب يطمنا عليه عن قريب .... إدخلي بقى من البرد ...
ام رحمه: خليني شوية .... يمكن ييجي وأنا واقفه ....
رحمه : على راحتك يا ماما ... ححضر الفطار الأول وبعدين نتجمع كلنا ...
قاطع حديثهم رنين هاتف (رحمه) ، لتنظر نحو والدتها بقلق ...
رحمه: أستر يا رب ... مين إللى بيرن بدري أوى كدة ..؟!!
أمسكت (رحمه) بالهاتف لتجد رقمًا طويلاً غريبًا ...
رحمه: السلام عليكم ...
عبد الله: ياااااااه يا بنت اللذينة .. وحشني صوتك أوى ...
إمتلأت عينا (رحمه) بالدموع وإستدارت نحو والدتها بعيون باكيه وإبتسامة تتسع تدريجيًا لتنطق صارخة بفرحة ...
رحمه بقوة : (عبد الله) ......!!!!!!
لم تشعر (أم رحمه) بنفسها إلا وهى تتسابق مهرولة لتسحب الهاتف من يد (رحمه) لتتشنف مستمعه إلى صوت وأنفاس ولدها الذى كادت أن تموت شوقًا لسماع صوته والإطمئنان عليه .....
ام رحمه: إبنى .... حبيبي ... نور عيني ... انت فين يا (عبد الله) .... انت فين يا حبيبي ...؟!!
ولم تنتظر إجابه (عبد الله) بل إستمرت بالحديث والبكاء فى نفس الوقت ....
عبد الله: وحشاني أوى يا ماما ... 
ام رحمه: يا حبيبي يا إبنى ... وحشتني أوى ... وحشتنا كلنا .....
تفاجأت (أم رحمه) بسحب الهاتف من يدها بلهفه ملتفته بعيناها من ذا الذى يستطيع فعل هذا وجميعهم مدركون كيف تنتظر تلك اللحظة لتجد زوجها (إبراهيم) يضع الهاتف قرب أذنيه وقد إمتلئ وجهه بالدموع إشتياقًا لولدهم الغالي ذلك الشعور الذى واراه عنهم جميعًا متظاهرًا بالتماسك وفى داخله صراع يكاد ينهيه لكنه مجبر ليشد من أذرهم جميعًا بغياب ولده الكبير ....
ابراهيم: (عبد الله) ... غبت أوى يا (عبد الله) ....؟!!
عبد الله: بابا ...!!! انت بتعيط يا بابا .... !!!! حقك عليا .... 
إبراهيم: المهم إنك بخير يا إبنى ... المهم إنك بخير ...
عبد الله: أنا راجع يا بابا ... قريب أوى حرجع .. بس عندى شوية إجراءات بس أخلصها وآجى على طول ...
ابراهيم : تيجي بالسلامة يا إبنى ....
أم رحمه: هات بقى يا (إبراهيم) .... أنا ما صدقت سمعت صوته ...
وسحبت مرة أخرى (أم رحمه) الهاتف من يد زوجها وهى تستمع لـ(عبد الله) ناظرة نحو زوجها الذى خر ساجدًا شكرًا لله على سلامته ....
لتبتسم بسعادة مستكملة حديثها مع (عبد الله) متابعة فرحه (إبراهيم) بعيناها ...
ام رحمه: تيجي على طول ... أنا قلبي وجعني عليك ...
عبد الله: حاضر يا ست الكل .... أخلص أوراقي بس وحتلاقيني قدامك .... إديني بقى الأستاذة (رحمه) ...
(أم رحمه) وهى تشير لـ(رحمه) بالهاتف مردفه ..
ام رحمه: كلمي أخوكِ يا (رحمه) ....
تقدمت (رحمه) ممسكة بالهاتف فى فرحة أنستها سبب عبوسها منذ الصباح ...
رحمه: أيوة يا (عبد الله) ...
عبد الله: أمك وأبوكِ كويسين يا (رحمه) ... أنا قلقان عليهم أوى ...؟!!
رحمه : إطمن ... هم دلوقتِ بقوا كويسين أوى أوى الحمد لله ....
عبد الله: الحمد لله ... طيب اااا... كنت عايز أطمن ... عليكم يعني وعلى إخواتك والناس وكدة ....
بفراسة إستطاعت (رحمه) فهم مقصد (عبد الله) ورغبته فى الإطمئنان على (هاجر) وأحوالها بعد غيابه لتتحرك بالهاتف نحو غرفتها الصغيرة خافضة حدة صوتها قليلاً ..
رحمه: ااااه .... قصدك (هاجر) ....؟!!
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
دق قلب (عبد الله) فور سماع إسم محبوبته ليبتسم بسعادة ...
عبد الله: إنتِ عرفتي ...؟!!
رحمه: ولو أن دة مش وقت عتاب عشان خبيتوا عليا .. بس أطمن .. هى كويسة ... ومستنياك ... بس أنجز بقى أحسن مغصوبه على جوازها من إبن عمتها إللى إسمه (خالد) دة ..
إنتفض (عبد الله) بقلق ...
عبد الله: (خالد) مييين ... !!!! (هاجر) دى بتاعتي أنا ... 
رحمه : أيوة كدة ... هو دة أخويا حبيبي ....

عبد الله: بلغيها إنى راجع ... بس تصبر عليا شويه لأني راجع على الحميد المجيد .... مش معايا جنية واحد ...
رحمه: يا خبر يا (عبد الله) بعد الغياب دة كله .. !!!!
عبد الله: حبقى أحكي لك كل حاجة لما أرجع ... دة أنا إنكتب لى عمر جديد يا (رحمه) ....
رحمه: مش مهم الفلوس .. المهم إنك بخير .. وهى لو بتحبك حتصبر عليك متقلقش .. .
عبد الله: بلغيها سلامي .... ولإخواتك إللي أكيد نايمين دول ... سلام بقى أنا بتكلم دولي ..
رحمه ضاحكة: مع السلامة ... ترجع لنا بالسلامة يا (عبد الله) ....
عادت (رحمه) إلى والديها الفرحين بإطمئنانهم على (عبد الله) ...
ام رحمه: يلا نحضر الفطار وصحى إخواتك أنا حاسة إنى جعانة أوى ...
ابراهيم: ومين سمعك ... كأن صوته فتح نفسنا من تاني ....
إبتسمت (رحمه) فقد عادت البسمة والفرحة للبيت من جديد وذهبت لتجهز لهم
الإفطار ، تناولوا جميعًا الطعام وقد غمرتهم الطمأنينة والسعادة بعد غياب .....


الفصل السادس عشر16 
 « إشتياق... »

تركيا....
جهزت (أميمه) التصميمات بوضعهم داخل أحد المغلفات لتنتهي من الجزء الأول والصعب التحضير لهذا الإجتماع بعد أسبوع من الآن ..
تقدمت (توتشا) بإتجاه الباب لتفتحه بعدما دق جرس الباب منذ قليل ...
توتشا: دى أكيد (سيلا) ... ملحقتش تجيب البقالة زى عادتها ...
لتتسع إبتسامة (توتشا) برؤيتها لـ(ضيا) بدلاً من (سيلا) التى خرجت منذ فترة قصيرة لشراء بعض الإحتياجات من أحد محال البقالة القريبة من البيت ....
توتشا: (ضيا) .... صباح الخير ....
ضيا : صباح الخير أبله (توتشا) ....
توتشا: أدخل (أميمه) بتشتغل و(سيلا) زمانها جايه ....
(ضيا) وقد إرتسمت على وجهه السعادة فأخيرًا سينفرد بـ(أميمه) ولو لبعض الوقت قبل مجيء (سيلا) ....
تقدم (ضيا) نحو (أميمه) الغارقة بالعمل فلم تنتبه للقادم حين تقدم (ضيا) نحوها ودقات قلبه تتسارع بشدة كلما إقترب من تلك الجميلة معشوقة قلبه ...
تبًا لكل إنتظار يشق نفسه ... لا .. لن ينتظر أكثر من ذلك ... سيبوح لها بحبه ... فإن فى الإنتظار عذاب ومشقة ... لن يستطيع أن يتحمل أن تكون قريبة منه وبعيدة عنه فى نفس الوقت ....
وهذا هو الوقت المناسب ... فلن يتأخر بعد الآن ....
تقدم نحو (أميمه) المولية ظهرها إليه ليقترب هامسًا إلى جوار أذنها بهمسة أرجفتها إضطرابا وخوفًا...
ضيا: وحشتيني ....
إلتفتت (أميمه) نحو (ضيا) وقد إتسعت عيناها بشدة فاغره فاها بصدمة ....
لقد تفوه بها ولن يتوقف فليكمل ويكن ما يكون ... فأما قريب محب أو يبتعد نهائيًا فلن يتحمل هذا العذاب أكثر من ذلك ...
إبتلعت (أميمه) ريقها بتوتر وهى تنظر نحو (ضيا) المتفرس بوجهها بنظرة أربكتها ....
اميمه: اااا... (ضيا)...!!! انت جيت إمتى ...؟!!
ضيا: دلوقتِ .... أخيرًا جيت .. ومستنيكِ ....
اميمه: اا... قصدك إيه ...؟!
أعادت (أميمه) خصلة متمردة من شعرها خلف أذنها بتوتر زاد من جاذبيتها وهي تتهرب بعيناها بعيدًا عن نظرات (ضيا) المحدقة ....
ضيا: مش قادر أبقى بعيد عنك أكتر من كدة يا (أميمه) ... أنا .... أنا بحبك يا (أميمه) ....
صعقت (أميمه) من تصريحه لها .... نعم شعرت بمشاعره ، تهربت منها كلما حاول الإقتراب ، تصنعت عدم الفهم واللا مبالاة ، لكنه نطقها صريحة الآن ، ماذا تفعل ....؟!؟ وكيف تجيبه ...؟!!
إرتعشت يديها الباردة لتضم كفيها بعضهما ببعض بتوتر .. لا تريد .... لا تريد حبه ولا تريد أيضا أن تجيب  ... تود لو أن تنشق الأرض وتبلعها وكأن شيئًا لم يحدث ... 
تمنت لو أن أمر ما يحدث ينقذها من هذا الموقف السخيف ....
لتهل (سيلا) من خلف كتفي (ضيا) معلقة عيناها بـ(أميمه) وكأنها تكشفها أمام نفسها وأنها مازالت تحب (علاء) كما قالت لها ، كما أوضحت نظراتها وهى ترفع حاجبها بمعنى ألم أقل لك أنه يحبك .....
اميمه بإرتباك : (ضيا) .. إحنا ااااا .... أصل ....
ضيا: مالك يا (أميمه) ... إيه المشكلة ...؟!!
اميمه: لا ... بس ... ااه ... الشغل ... مش قلنا لما نقدم الشغل ..
ضيا: وإيه إللي يمنع الشغل فى كدة ....؟!
نظرت (أميمه) نحو (سيلا) وكأنها تتوسل إليها بالتدخل لإخراجها من هذا الموقف المحرج فهى لا تريد أن تكسر بقلب (ضيا) وفى نفس الوقت لا تشعر تجاهه بأى مشاعر إطلاقًا فهو أخ وصديق فقط ...
فهمت (سيلا) ما تقصده (أميمه) لتصيح بـ(ضيا) مفاجئة إياه ....
سيلا: إنت جيييت .... يلا يلا .... مش عاوزين خدماتك ... خلصنا الشغل ....
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
تفاجئ (ضيا) بوصول (سيلا) فقد كان كل تركيزه منصبا على (أميمه) ....
ضيا: إنتِ جيتي ...؟؟! 
سيلا: أيوة ... جيت ... 
ضيا: ما أنا جاي عشان الشغل إللى خلص دة ... وبقول يلا نخرج يوم نستريح شوية من الضغط إللى إحنا فيه ده وبكرة نكمل تحضير الباقي .....
سيلا: نخرج ... كلنا .... ؟!!
ضيا : أيوة ... عشان (مينو) كمان ...
أنهى جملته وهو ينظر نحو (أميمه) فهو يدرك تمامًا أن (يامن) هو نقطه ضعفها الوحيدة ....
إبتسمت (أميمه) بتوتر لتومئ لهما بالموافقة لأجل ذلك الصغير الذى أضطر للحبس بالمنزل خلال فترة عملهم وإنشغالها عنه ....
لكن (ضيا) لن يضيع هذه الفرصة بسهولة أقترب هامسًا لـ(أميمه) حتى لا تنتبه (سيلا) لحديثه قائلاً ...
ضيا: (أميمه) أنا بحبك وعايز أتجوزك ... وقبل ما تتسرعي فكري كويس لأن محدش حيحبك ولا حيحب (مينو) قدي ... حستنى ردك ...
رجفه إرتباك ونظرة قلق كانا ردًا على طلب (ضيا) دون أن ينتبه هو لذلك .....

لتستعد هي و(يامن) لقضاء يومهم برفقة (ضيا) و(سيلا) و(توتشا) محاوله الهرب فى كل فرصة حاول (ضيا) التحدث بها معها ..
___________________________________________
هايدى....
بعد إختيارها لفستان صارخ مكشوف باللون الأحمر حددت موعد مع أخصائية التجميل فهى نجمة حفل اليوم ويجب أن تكون متألقة فوق العادة ....
تركت والدتها وزوج والدتها ليقوموا بالإشراف على الطاقم الذى تم التعاقد معه لتجهيز البيت اليوم من تزيين وترتيب لظهوره بأفضل صورة تليق بحفل خطوبة (هايدى) مدللتهم اليوم بينما توجهت هي إلى صالون التجميل لتستعد بروية قبل حضور (طارق) لأصطحابها فى المساء ...
____________________________________________
الجامعة ....
تجمعت الفتيات بغياب (هايدى) اليوم ، لحضور محاضرتهم الوحيدة والتى إنتهت للتو ...
إلتفتت (رقيه) لتكمل بنفس العنجهية التى تتحلى بها (هايدى) وكأنها تركت اليوم مثيلتها لتكمل على (رحمه) و(هاجر) بتكبرها المبالغ فيه ....
رقيه: ها يا بنات .... حضرتوا نفسكوا لخطوبة (هايدى) ...؟!!
بسمله : أنا عن نفسي محضره كل حاجة وحطلع على البيوتي سنتر عشان أكون معاها زى ما إتفقنا ....
رقيه: وأنا كمان حخلي السواق يعدي عليكِ ونروح سوا ... وإنتوا ... برضه مش جايين الخطوبة ... ما تيجو تفرحوا وتاكلوا جاتوة ..
كادت (رحمه) أن تنفجر بتلك المتعجرفة لكنها لن تحط من قدرها مع أمثالهم فيكفى معرفتهم إلى هذا القدر فهم لم يتوانوا بأى فرصة حتى يحطوا من قدرها هي و(هاجر) ...
بالفعل هم فقراء لكن لديهم عزة نفس تغنيهم عن أموال وكنوز الدنيا ....
رحمه: أنا و(هاجر) عندنا شغل ... روحي إنتِ إلحقي لك حتة جاتوة .. ويا ريت تروحي بدري قبل ما المعازيم يخلصوه .... أنا مروحه يا (هاجر) ... جايه معايا ...
(هاجر) وهى ترمق (رقيه) بإشمئزاز من طريقتها المستفزة معهما لتتركان هؤلاء الفتيات لما يليق بهن وهن يكملوا بالطريق الذى يليق بهن ....
هاجر: جدعة .... كنت عايزة أقوم الطشها قلم ...
رحمه: ولا تستاهل على فكرة ولا هي ولا صاحبتها ....
(هاجر) مواسية (رحمه) فهى تدرك تمامًا كسرة قلبها ...
هاجر: متزعليش إنتِ بس ....
رحمه: متفكريش ... إلا قوليلي .... مفيش أحلام جديدة النهاردة ...؟!!
هاجر: (رحمه) .... وبعدين بقى .... كل شوية حتتريقي عليا ...
(رحمه) وهى تثير شوق (هاجر) لمعرفة آخر الأخبار فاليوم أتت كل منهما بمفردها إلى الجامعة ولم تخبر (هاجر) بعد بمكالمة (عبد الله) هذا الصباح ....
رحمه: أبدًا ... ولا بتريق ولا حاجة ... أصل يعنى فيه خبر كدة ...
(هاجر) بتلهف وهى تستدير لتوقف (رحمه) لمواجهتها للتأكد مما تشعر به وأن (رحمه) تحمل خبرًا عن أخيها وتخفيه عنها ....
هاجر: فيه خبر عن (عبد الله) ..؟! صح ...؟؟!
(رحمه) وهى تعبث بأصابعها مماطلة (هاجر) قليلاً ، والتى ثارت بحدة من طريقة (رحمه) ولعبها بأعصابها ....
رحمه: يعني ....!!
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
توجست (هاجر) من رد (رحمه) ولا تستطيع التنبؤ هل هو خير أم شر ...
هاجر: (رحمه) إنطقي أبوس إيدك بقى ...؟!
رحمه : (عبد الله) كلمنا الصبح وراجع قريب يا (هاجر) ....
رفعت (هاجر) رأسها بإرتياح متأوهه وهي تمسح وجهها الذى تبلل بدموع الفرح ....
هاجر: ياااااه .... أخيرًا .... ألف حمد وشكر ليك يا رب ....
ثم إعتدلت مستفهمه من (رحمه) عما حدث بالتفصيل فى مكالمة (عبد الله) ....
هاجر: إحكي لي المكالمة كلها بالتفصيل الممل ...
رحمه: مش تعرفى الرسالة إللى سليبهالك الأول ...
هاجر بإشتياق : رسالة ... ليا أنا ... هو قالك رسالة ليا ....!!!
رحمه: طبعًا .... بيقولك إستنيه هو راجع لك بس ظروفه وحشه شوية ومعهوش فلوس خالص ...
ثارت (هاجر) بوجه (رحمه) مردفه ...
هاجر: فلوس إيييييه .... مش مهم فلوس .... المهم انه راجع ... أى حاجة تانية مقدور عليها بس يرجع ...
لم تتوانى (رحمه) فى ضم (هاجر) إلى أحضانها فأخيها (عبد الله) محظوظ جدًا بهذه الفتاة ولن يستطيع إيجاد مثيله لها أبدًا فـ(هاجر) أختها التى لم تلدها أمها .....
___________________________________________
الإمارات ، المستشفى ....
ثلاث سنوات مرت عليها برفقة (عماد) ... ثلاث سنوات سجنت داخل هذا السجن المبهر ، لكنها لم تستطع النوم مثلما نامت بالمستشفى .... 
يالها من راحة وسكينة .... قلقت من نومها على إثر ضوء سطع فوق عينيها مباشرة لتفتح عيناها وهى تضع كفها أمام عينيها مباشرة لتمنع تسلط الضوء المزعج أمام مقلتيها الخضراوتين ....
شعرت بأن أحدهم إلى جوارها ... تشعر به وبأنفاسه القريبة ...
حاولت فتح عينيها أكثر لرؤيه هذا الشخص القريب منها تكاد حرارة أنفاسه تخترق وجنتيها ...
لتنتفض من شدة قربه بفزع وهى ترجف مذعورة ...
حوريه: عـ عـ (عمااااد)... إزاى .... أنت .... أنت ... مش ... مُت ...!!!
(عماد) بغضب وهو يقبض حاجبيه ناظرًا بحدة تكاد عيناه تشعان لهيبًا من حدة نظراته القوية التى تشعر وكأنها طلقات من الرصاص تخترقها وتقتلها ....
عماد: دة بُعدك ... إنتِ فاكرة إنك خلاص ... خلصتي مني ... أنا حفضل معاكِ ... مش حتقدري تخلصي مني .... أبدًا أبدًا .... وقبل ما تسيبيني حاخد روحك الأول ....
و للمرة الثانية تشعر بقبضتيه القويتين فوق عنقها محاولاً خنقها لدرجه أنها شعرت بأنه سيكسر عنقه بين يديه ...
شعرت بإحتباس أنفاسها وهى ترتجف ببرودة تسرى بجسدها لتدرك أنها نهايتها لتحاول الصراخ بـ(عماد) تستجديه أن يتركها ...
حوريه: لااا .... بالله عليك .... إبعد عني .... إبعد عني ... إبعد عنـــــــــي......!!!
أفاقت (حوريه) بإنتفاضه من نومتها لتتأكد أنها مازالت بالمستشفى وما رأته ما هو إلا مجرد كابوس مفزع أخر ... 
كذكراها معه مجرد كابوس مفزع ....
حوريه مغمغمه: لحد إمتى حتبقى كابوس فى حياتي ...إمتي حرتاح منك ...؟!!
بهذه اللحظه تأكدت (حوريه) أن (عماد) جرح لن يندمل وذكرى لن تمحى ... 
فقد وصمت بلعنة تسمى (عماد) حتى بعد مماته مازال رعبها منه متأصل بأوداجها .....
طرق الباب بطرقات خفيفه ....
حوريه: إتفضل ...
(عبد الله) وهو يفتح الباب بهدوء...
عبد الله: صباح الخير ...
حوريه : صباح الخير يا أستاذ (عبد الله)... إتفضل ....
عبد الله: أخبارك إيه النهاردة ....؟؟؟
إمتعضت (حوريه) إجابتها وهى تنطق بما لا تشعر به فلا داعى لإثارة الشفقة خاصة من هذا الشاب الذى أضاع (عماد) من عمره ما يقرب من عام بسبب ظلمه فهو ليس مطالب بحمل أثقالها هى أيضا فيكفيه ما مر به ..
حوريه: الحمد لله ....
(عبد الله) وهو يجلس على المقعد متابعًا رد فعل (حوريه) قبل نطقه بهذا الخبر ....
عبد الله: إنتِ عرفتي إن (عماد) كتب كل ثروته بإسمك .... ؟!!
حوريه بعدم تصديق : بإسمى أنا .... ليه .... وإشمعنى أنا .... أكيد فيه حاجة غلط طبعًا ..!!
عبد الله: لا فعلا هو عمل كدة ... يمكن كان بيهرب من الضرائب ....
حوريه بسخريه: مش بعيد ... وهو عمل إيه مظبوط ....!!!
عبد الله: هو إنتِ مكنتيش تعرفي ..؟؟!
حوريه: لأ ... أبدًا ... أول مرة أسمع منك الكلام ده ...
عبد الله : مفيش مرة مضيتي أى ورق مثلاً.... ؟!!
حوريه بتذكر : يمكن ااااا .... مرة واحدة قالي عشان ورق إقامتي هنا وجاب لى ورق مضيت عليه ... يمكن هو دة ....؟!
عبد الله بتفهم: أيوة ... أكيد هو ... عمل لنفسه توكيل سجل بيه كل أملاكه بإسمك عشا يتهرب من دفع الضرايب .... وكمان عشان المهربات اللي بيدخلها متبقاش بإسمه ويبقى مفيش عليه أى شبهه خالص ...
حوريه: بس أنا مش عاوزاها الفلوس دى ....
عبد الله: دى فلوسك ... مينفعش تسيبيها ... عمومًا أنا وصلت من شوية للمحامي وبلغني إن إجراءات البيع وتحويل الفلوس لمصر قدامها أسبوع على الأقل ..
حوريه: أنا مش عايزة الفلوس .. أنا عايزة أرجع لأهلي ....
عبد الله: أسبوع بس نخلص الإجراءات وتكونى بقيتي كويسة شويو وتقدري تسافري ....
حوريه : أسبوع بحاله أنا حاسة إن كل حاجة هنا بتخنقني ..... كل حاجة بتفكرني بيه ...
عبد الله: إللي خلاكي تصبري سنين ... أصبري كمان سبع أيام ....
حوريه: الأمر لله ...
_________________________________________
هشام...
ساعات طويله مرت وحان موعد هبوط الطائرة بمطار القاهرة بعد عناء رحلة طويلة إستغرقت عدة ساعات .....
هبطت الطائرة على المدرج وها هو يعود مشتاقًا إلى أرض الوطن غير مصدق لما أنجزه فى سفرته هذه .....
وغير مصدق أنه يفصله عن (نهال) مجرد شوارع وطرقات وساعات قليلة حتى يراها
فهو متلهف بشوق بالفعل لرؤيتها دون أن يدرك سبب حقيقى لذلك .... 
ربما يكون أشفق على حالها الذى كان أصعب من حاله فهو لديه أسرة لم يشعر بوجودها يوما فكان وحيدًا مثلها وكان يشعر بالفعل بكل كلمه كتبتها .....
خرج (هشام) من المطار بعدما أنهى إجراءات الخروج ....
إستقل سيارة أجرة متوجهًا إلى شقته التى يستاجرها بوسط البلد ....
لم يغب كثيرًا لكن كل شبر بها إشتاق إليه ....
ولأول مرة جلس صامتًا بالسيارة لا يتكلم أو يبدأ أى حوار فقط أراد الصمت ومشاهدة الطريق الذى يزدحم بالسيارات والمارة على الجانبين بهذا الوقت من النهار ...
وصل إلى البناية التى يسكن بها صاعدًا نحو شقته الصغيرة ...
دلف إلى داخل غرفة مكتبه واضعًا حقيبة أوراقه مخرجًا جهاز الحاسوب وبعض أقراص الكمبيوتر ليضع بعضها فوق مكتبه واضعًا البقيه بحقيبة أخرى صغيرة ...
لكنه قبل أن يخرج من الشقه متجهًا نحو الجريدة التى يعمل بها أخرج دفتر الذكريات الخاص بـ(نهال) واضعا إياه فوق سطح المكتب ممسكًا بقلمه وشرع بالكتابة بصفحة فارغه من الصفحات الكثيرة التى تركتها (نهال) دون تدوين بها أى ذكريات ليكتب ....
" لقد وصلت اليوم إلى القاهرة ربما لأول مره أكون مشتاق للعودة إلى هنا لمجرد فقط أن أراك يا (نهال) ....
أود بالفعل مقابلتك ...ترى ماذا سأفعل عندما أراك وماذا ستفعلي أنتِ ...؟؟
أسئلة كثيرة تجوب بذهني إجابتها فقط ستكون عندك فى القريب وسيشهد عليها هذا الدفتر ....(هشام)"
إنصرف (هشام) متوجها نحو مقر الجريده التى يعمل بها تاركا دفتر الذكريات ..
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
____________________________________________
حوريه...
نظرت (حوريه) بإمتنان وهى تمد يدها بإتجاه يد الممرضه الممتدة نحوها بهاتف صغير ...
حوريه: شكرًا بجد ...
الممرضه: ما فى داعي ... بتركك الحين وبرجع لك تاني ...
حوريه: تمام ...
خرجت الممرضة لتدق (حوريه) رقم حفظته عن ظهر قلب ، تمنت لو كانت واتتها الفرصة من قبل لدقه ....
لحظات تستمع لصوت الإتصال قبل أن يقطعه صوت والدتها التى إشتاقت إليها روحها بالفعل ...
أم حوريه: ألو ...
حوريه بهمس: ماما ... !!!
(أم حوريه) وقد أدركت أن إبنتها هي صاحبه هذا الإتصال الذى إشتاقت له منذ سنوات ...
أم حوريه: (حوريه)... بنتي .. وحشتيني يا بنتي ... كل دى غيبه ...!!
حوريه: غصب عني يا ماما .. مكنتش عارفه أتصل بيكم ... (عماد) .. ااا...
أم حوريه: عارفه يا بنتي ... جوزك كان دايمًا بيقولنا إنه من خوفه وغيرته عليكِ مش جايب لك تليفون ...
حوريه بدهشة : هو قال لكم كدة ...؟؟!
أم حوريه: أمال ... لما كنا نتصل عليه كان بيقول لنا كدة ... راجل ولا كل الرجاله صحيح ...
صمتت (حوريه) وهى تخفي بداخلها كذب (عماد) فلا داعى للحديث الآن عما كان يفعله معها ، وليس لديها قدرة على التحدث بل تفضل أن تبقى كل ما تشعر حبيس بداخلها ... 
أخذت (حوريه) نفس عميق قبل أن تحاول أن تخبر والدتها بأن (عماد) تعرض لحادث وتوفى وهى بالمستشفى الآن إثر خضوعها لعمليه استئصال الزائدة الدودية ....
حوريه : ماما ... كنت عايزة اقولكم إن .... إن .... 
حاولت (حوريه) النطق بهذه الكلمه التى مازالت غير مصدقة لها أبدًا ....
حوريه: ماما ... (عماد) مات ...
أم حوريه بصدمه : إيه ....!!
___________________________________________
فى المساء..
زفر (سامر) بنفاذ صبر وهو يدق على أخيه (علاء) محاولاً الإتصال به للمرة العشرون على التوالي ومازال هاتفه مغلق ليتجه مباشرة إلى مقر عمله لمقابلته فهو لا يترك العمل إلا للذهاب مباشرة إلى النوم وليس قبل ذلك ....
أوقف (سامر) سيارته ليُطلع أحد الضباط المكلفين بحراسة الوزير بأنه يريد مقابلة الضابط (علاء) لأمر هام ...
إنتظر (سامر) بضيق متكئًا على مقدمة سيارته ينظر نحو ساعته بتوتر فما بقى إلا القليل ويتحرك (طارق) بعروسته نحو بيت حماه لبداية الحفل ومازال (علاء) مختفي عن أنظاره منذ عودته من فرنسا ....
علاء متعجبًا : (سامر)... !!! خير .... جاي هنا ليه ...؟!!
سامر: لا يا شيخ .... دة أنا غُلبت أرن عليك تليفونك على طول مقفول ...
تذكر (علاء) تحطيمه للهاتف بعد مكالمته لـ(هند) والتى أغارت بها فوق جرحه لتضع نصب عيناه صورة يكرهها عن (أميمه) وبُعدها عنه ....
علاء بلا مبالاه: كسرته ...
سامر بصدمة : نعم ...!!! كسرته ....!!!
علاء بحدة : إللي حصل بقى .... ايه حتحاسبني ...؟؟؟
لاحظ (سامر) حزن أخيه وضيق صدره ليتأكد أن بالأمر شئ عن (أميمه)....
سامر: لا مش ححاسبك ولا حاجة .... بس انت نسيت إللي عليه ... !!!
هنا تذكر (علاء) ما حفظه على ذلك الهاتف كدليل قوي على إثبات حبه وإخلاصه لـ(أميمه) منتظرًا عودتها ليثبت لها إنه لم يخونها وأن قلبه لم يدق إلا لها ....
إتسعت عيناه مذهولاً ... كيف نسي ذلك ... لقد تحطم الهاتف بشدة من قوة إرتطامه بالأرض لحظة غضبه وإنفعاله من (هند) ....
علاء بتحسر: لاااااااااا .... أنا نسيت .... إزاى نسيت دة .... إزاى ..؟!!
سامر: بالراحة على نفسك طيب ... هات التليفون أحاول أوديه عند حد يصلحهولك ....
علاء برجاء: يا ريت يا (سامر) ... يا ريت ....
أسرع (علاء) راكضًا نحو سيارته المصفوفة بالجهه المقابلة ليحضر حطام الهاتف ليعطيها لـ(سامر) ربما يستطيع أحدهم إصلاحه ....
ليغمغم علاء بضيق: دة على أساس إنى حلاقيها وحشرح لها كل إللي حصل .. 
سامر بحنو: بإذن الله تلاقيها .... ربك كريم ...
علاء بإنتباه : انت جيت ليه .... ؟!؟
سامر: خطوبه (طارق) يا باشا ... انت نسيت ...!!!
تململ (علاء) من دوامته التى يعيش بها يكاد ينسي كل شي حوله تمامًا ....
علاء: أوووة ... نسيت خالص .... معملتش حسابي و(أحمد) كمان نزل راحة يعني مقدرش أمشي دلوقتِ ....
سامر بتفهم: خلاص حصل خير .. أنا حبلغ (طارق) ... وأروح أنا بقى أحسن كدة ولا أنا ولا أنت حنروح ...
علاء: عمومًا بارك له نيابة عنى لحد ما أشوفه ....
سامر : تمام .. يلا ألحق أنا أروح له .. سلام ..
علاء: سلام....
حمل (سامر) هاتف (علاء) المحطم متجهًا نحو سيارته التى إنطلق بها على الفور للحاق ب(طارق) ....
________________________________________
حوريه....
بعدما أنهت (حوريه) مكالمتها مع والديها وإخوانها بعد إجهاد كبير وهى تستمع بأذنيها لحزنهم جميعًا على فقدان (عماد) بهذه الصوره دون التفوه سوى بكلمات بسيطة مجاراة لهم برسمية .. 
هى تدرك عيوبهم جميعًا لكنهم فى النهاية أهلها وقد إشتاقت إليهم ....
إلتمست لهم العذر لحزنهم على وفاة (عماد) فهم ليس لديهم أدنى فكرة عن تعامل (عماد) معها ... كم كان قاسي القلب متعمد الإهانة والضرب ظالم إلى أبعد الحدود وأناني بكل شئ ....
لم يكن هذا وقت مناسب لتصف لهم معاملته معها ، ولا وقت عتاب عن تركهم لها بهذه الصورة طوال ثلاث سنوات ، فقط أخبرتهم بما حدث وأخبرتهم أنها مازالت بالمستشفى ، وإطمئنت عليهم بكلمات بسيطة مقتضبة لحين عودتها إليهم ....
___________________________________________
بأحد أحياء القاهرة ....
بإحدى البنايات الكبيرة ذات المدخل الرخامي الباهر ...
جلس شاب بأوائل الثلاثينيات يعبث بهاتفه غير مكترث بما يجول حول واضعًا قدميه فوق الطاولة الزجاجية التى تتوسط الغرفة لينتبه لصوت والدته الباكي .....
" إلحقني يا (إسلام) .... مصيبة .... مصيبة .."
إسلام: مالك يا ماما .... إيه إللي حصل ...؟!!
قالها (إسلام) وهو يلقى بالهاتف فوق الأريكة التى يجلس عليها منتفضًا بقلق ، هب واقفًا لمعرفة وقع تلك "المصيبة" التى تفوهت بها والدته للتو ....
هوت فوق أحد المقاعد وهى تبكي بحرقة ولوعة ....
أم عماد: أخوك (عماد) .... ماااااات ..... مات يا (إسلام) ....
جلس (إسلام) بصدمة على المقعد المجاور لها مردفًا....
إسلام: مات ...!! مات إزاى .... هو إيه الكلام دة .... مين قالك كدة ..؟!!
أم عماد: المحامي ..... المحامي بتاعه لسه قافل معايا دلوقتِ وقال لى الخبر الشؤم دة ... أخوك راح .... راح يا (إسلام) ....
إسلام بصدمة: مش قادر أصدق إللي بسمعه ... (عماد) .... (عماد) يموت كدة .. 

تعليقات



<>