رواية دعيني ابرئ اسقامك الجزء الثاني2 من لطيفها عاشق الفصل العشرون20والاخير بقلم سميه رشاد

رواية دعيني ابرئ اسقامك الجزء الثاني2 من لطيفها عاشق الفصل العشرون20والاخير بقلم سميه رشاد
قلبت عبير عيناها بعدم صبر، أيجرؤ على المجيء إلى بيتها بعدما حدث لها بسببه؟! نظرت إليه بضيق قبل أن تنطق :

- لو سمحت يا أستاذ أنا مش ناقصة مشاكل.. اتفضل امشي ومش عايزة أشوفك تاني.. 

تنهد بقوة وتبدلت تعابير وجهه إلى جديه تراها عليه للمرة الأولى بعد تاريخه الغير مشرف معها، ثم نطق وكأنه لا يعرفها:

- والد حضرتك هنا؟

كادت شفتاها أن تصلان إلى الأرض من فرط صدمتها، وكأنه الآن بات شخص آخر أكثر تعقلًا، واحترامًا، فتابع بتساؤل:

- حضرتك معايا؟

هزت رأسها عدة مرات وهي تدلف إلى الداخل وسرعان ما استقبله والدها ببشاشته المعروفة، وما لبث أن هلل بحفاوة:

- مين دا.. ناصر!! أهلًا يا حبيبي عاش من شافك تعالى اتفضل يا حبيبي اتفضل.. واقف على الباب ليه؟

ــــــــــــــــــــــــــ

ابتسمت شمس بخجل أثناء إعدادها الفطور الجاهز بالفعل ووضعه بالأطباق، لم يتركها مهدي بالليلة السابقة لتضيع عليه يومه، بل راضى قلبها وظل يدللها ويستقبل نوبات ضيقها منه حتى تعاتبا ولم يحمل أحدهما للآخر ذرة حقد ولا ضيق، وعندئذ بدأ حياته معها كزوجين طبيعيين.

شعرت بمن يقترب منها مرددًا بسعادة:

- حبيبي بيبتسم ليه؟

اتسعت ابتسامتها والتفتت إليه وأثناء التفاتها ارتطم ذراعها بكأس المياة فسقط متهشمًا بطريقة ارتجفت فيها شمس لخمس ثواني، انصدم مهدي من عدم صراخها وهو بالفعل قد انحنى سريعًا للملمة الزجاج وإخفاؤه من أمام أعينها.. 

نظر إليها مرة أخرى ليتيقن من أنها لم تبكِ، فوجدها هادئة لا تعاني من أي شيء وكأن الأمر طبيعي بالنسبة لها.

بعد دقيقة وقف أمامها يسألها بعدم فهم:

- ممكن أفهم إيه اللي حصل دلوقتي دا؟! 

تنهدت بقوة وقد فهمت ما يرمي إليه لتجيبه بهدوء:

- أنا بقالي أكتر من ست شهور متابعة مع دكتور نفسي والحمد لله الموضوع بقا أبسط من الأول بكتير.. 

حمد الله وما لبث أن عقد حاجبيه بتفكير قبل أن يسألها:

- دا عشان اللي أمي عملته صح؟!

توترت قليلًا قبل أن تجيبه:

- عشان نفسي وأولادي.. مش عايزة أي حاجة أثرت فيها ولا عانيت منها يبقى ليها علاقة بيهم.. 

تأملها قليلًا قبل أن يقترب ليضمها بذراعيه، يؤلمه كونها تجاهد لتخفيف ماضي ليس لها يد فيه، تحاول أن تمحي تبعات رجل لا يستحق أن يطلق عليه لفظ أب، تحاول وتحاول وكل هذا يرهقها ويؤلم قلبه لأجلها، يتمنى لو لم تعاني شمس أبدًا، لو أنها تعيش مرتاحة القلب والبال دون أي ضغوط نفسية، حتى لو كان سيحمل كل شيء على كاهله، الأهم أن تكون شمس بخير..

فكر قليلّا بما قالته الآن لتنقلب تعابير وجهه إلى الضيق والغضب ويبعدها مرددًا باستنكار:

- روحتِ لدكتور من غير ما تقولي لي؟! دا كله كنتِ بتروحي وأنا معرفش؟ وبتحكي لراجل على كل اللي حصل معاكي وهو بيسمع ومبسوط بالبطل اللي قاعدة تحكي له أحزانها.. 

فتحت عينيها على وسعها من تفكيره، لا تستعجبه، فهذا مهدي دائمًا ما يخرجها عن أعصابها ويجعلها تكاد تسبه بين الدقيقة والأخرى، تنهدت بقوة قبل أن تلتقط يده وتقبلها عدة مرات مرددة بتوسل أضحكهما معًا:

- أبوس إيدك.. أبوس إيدك يا أخي مش النهاردة.. 

صمت قليلًا قبل أن يهمس ماكرًا:

- تبوسي إيدي إيه؟ هو أنا أمك! 

احمرَّ وجهها خجلًا بعدما فهمت مقصده ورددت تسبه:

- قليل الأدب!

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فتحت ريهام الدرج الخاص بأواب والذي يحفظ فيه متعلقاته الشخصية بغية ترتيبه لتشهق بصدمة فور وقوع عينيها على شيء ما بداخله، تركته مفتوحًا كما هو وهرولت بغضب إلى هاتفها لتدق على رقم أواب الذي ذهب لرؤية معرضه قبل ساعات ولم يأتِ بعد..

استمعت إلى صوته الهادىء عبر الهاتف لتصيح بانفعال:

- تعال حالًا يا أواب..

اعتلاه القلق ليسألها:

- خير يا ريهام في إيه؟

لتتابع بانهيار:

- حالًا تكون هنا وإلا هتيجي مش هتلاقيني في البيت.. 

فتح عينيه على وسعهما من تهديدها لينطق بغضب مكتوم غير قابل للطريقة التي تحدثه بها:

- أدامي نصف ساعة وجاي.. وابقي اخرجي من البيت يا ريهام كدا!! 

لقد كان بالفعل يجمع متعلقاته الشخصية للعودة إليها، ولكن عدم احترامها له في الحديث وتهديدها الذي بطريقة ما طمئنه على عدم إصابتها بمكروه، جعله يتأخر قليلًا عقابًا له.

وليته ما فعل، فعندما عاد وجدها تجلس برفقة جده في منزله وعائلته تلتف حولها بينما تقبض بيديها على شيء ما أعلمه سبب ما حدث كله..

تقدم بغيظ من تصرفها الغير عقلاني ونطق بصوت بارد:

- خير.. بتبصوا لي كدا ليه

فكانت ريهام أول الناطقين وهي ترفع الشيء المعدني أمام عينه مرددة:

- مش خير أبدًا يا أواب.. معاك مطوة؟ شايل مطوة يا شيخ أواب؟

استفزته بطريقتها في الحديث معه، خاصة وجميع العائلة تتابعهما فحدجها بطريقة أخرستها، مما جعل الجد يسأله بتعقل وهدوء عالمًا بأن أواب إن شعر باستجوابه له كما فعلت زوجته فلن ينطق بشيء:

- مراتك قلقت يا حبيبي من وجود البتاع دي في البيت فجت حكت لي عشان أنتَ اتأخرت.. خير يا أواب شايلها ليه في قلق ولا إيه؟! 

هزَّ أواب رأسه نافيًا ليطمئن العجوز الذي يحاول أن يصلح ما فعلته زوجته فنطق بهدوء:

- كل الحكاية يا جدي إني لقيتها مع واحد من العمال في المعرض وكان بيتخانق مع صاحبه فخدتها منه عشان ميأذيهوش وجيت البيت بعدها فحطيتها في الدرج بتاعي على ما أعرف هوديها فين..

أومأ الجد مقتنعًا بعدما رمق بعتاب ريهام التي تهربت بنظرها منه ثم نطق موجهًا حديثه لأواب:

- طيب اطلع يا حبيبي اتغدى يلا وارتاح شوية..

أومأ دون النطق بشيء وصعد يتوعد لتلك التي تبعته بتردد تلعن غبائها الذي جعلها تضخم الأمر من لا شيء.. 

دلف إلى المنزل ولم يغلق الباب خلفه لعلمه أنها تتبعه فأغلقت الباب برفق شديد كي لا يشعر بعودتها، التفتت لتختبيء بالمطبخ بعيدًا عن مرمى عينيه وما لبثت أن شهقت بعنف وهي تجده يحاوطها بذراعيه بينه وبين الحائط مرددًا بغضب شديد بعدما عض شفتيه محاولًا كظمه:

- ممكن أفهم إيه العك اللي عملتيه دا؟

سألته بتلجلج متصنعة عدم الفهم:

- ع.. عملت إيه؟! 

تنهد بقوة وعدم صبر قبل أن يسألها:

- بتعرفي تعدي؟ طب عدي معايا في الأول اتصلتي عليا تعلي صوتك.. ثانيًا محترمتنيش وقللتي مني وأنتِ عارفة إني محذرك تعملي كدا.. نزلتي حكيتي للعيلة كلها من غير حتى ما تسأليني وإحنا متفقين مشاكلنا متخطيش عتبة الباب، رابعًا بتهدديني لو مجتش متقعديش في البيت..أعد ولا كفاية كدا؟

لكم الحائط خلفها مع آخر حديثه لتصرخ بخوف:

- في إيه يا أواب.. بتخوفني كدا ليه؟! 

تنهد بقوة ثم عض على شفتيه السفلى مرددًا وهو يبتعد عنهت غير قادرًا على متابعة ما يفعل أمام خوفها ودموعها التي بدأت في التساقط تلك:

- أستغفر الله العظيم يارب.. أستغر الله العظيم.. بصي متتكلميش معايا دلوقتي لمصلحتك.. 

ثم تركها ودلف إلى المرحاض يغتسل لعل نيران غضبه تهدأ قليلًا، صلى ركعتين قبل أن يجلس رافضًا الخروج لتناول طعامه فاقتربت منه تسأله بقلبٍ يستقر بين قدميها وقد أبدت له سبب ضيقها الحقيقي:

- والفيديو بتاعي وأنا مخطوفة.. ونسخة من الجواب اللي وصل لي بعد اللي حصل بكام يوم دول بردوا لقيتهم مع العمال اللي في المعرض يا أواب؟!

ـــــــــــــــــــــــــــ

كظمت عبير غيظها بشق الأنفس وهي تستمع إلى حديث ناصر بالخارج مع والدها، ذاك الذي اكتشفت أنه ابن صديق والدها المقرب رحمه الله، تستمع إلى حديثه الجاد والمتعقل مع والدها وهي تكاد تجذب شعرها من فرط الغيظ، ذاك المخادع! يمثل الجدية وهو لا يتحلى ولو بنسبة قليلة منها، استمعت إليه وهو يطلب يدها للزواج من والدها الذي رغم اندهاشه في البداية إلا أنه رحب بحفاوة وسعادة كبيرة وخاصة بعدما سأله عن الطريقة التي رأى ابنته بها فقص عليه رؤيته لها في المكتبة مع كلمات بسيطة من ذاك اليوم الذي كان مريضًا به جعلت ضحكات الرجل تعلو وتصدح في أرجاء البيت.

استدعاها والدها فخرجت إليهما دون أن تهتم بترتيب حجابها الذي وضعته على رأسها بإهمال فنطق والدها وهو ينهض واقفًا:

- تعالي يا عبير.. ناصر استأذني يتكلم معاكي شوية.. عشر دقائق وجاي..

ارتاحت لمغادرة والدها، فعلى الأقل ستتمكن من زجره دون نظرات والدها التحذيرية ولا كلماته الرادعة.. لتنطق فور تيقنها من مغادرة أبيها:

- إيه اللي أنتَ بتعمله دا يا بني آدم أنت؟! 

لينطق ناصر بلامبالاة:

- واحدة عجبتني اتقدمت لها.. وبعدين إيه بني آدم دي؟ اتكلمي معايا عدل فاهمة؟! 

فتحت عينيها على وسعهما من حدته وكادت أن تنطق بما هو أكثر ولكنه تابع بهدوء:

- أنا عرضت عرض وأنتِ ممكن تقبلي أو ترفضيي لكن إنك تحترميني فدا غصب عنك.. 

اغتاظت من حديثه لتقول: 

- وأنتِ بقا اتقدمت لي وأنت عارف كويس أبويا مين عشان كدا جيت.. طمعان يعني؟! 

- وأطمع ليه؟ أنتِ متعرفيش إن أبويا كان زي أبوكي بالضبط ولا إيه؟ وبالمناسبة أنا معرفتش إنه أبوكي غير بعد ما جيت مرة وصلت لك الكتب.. وكنت بالفعل بدأت أفكر فيكي..

حدجته باستنكار فتابع:

- على فكرة أنا حالتي مش سيئة زي ما مفكرة.. أنا أصلا داخل في مشاريع ودخلي كويس وأكتر من كويس منها.. بس أنا مبحبش أقعد عشان كدا بوزع كتب لأن دي الشغلانة اللي بدأت بيها حياتي فمفيش داعي للطمع يعني..

اعتراها بعض الخجل خاصة وقد دفعها حديثه لتأمله فوجدت بالفعل أن ثيابه لا تدل على شخص معسر الحال، زفر ناصر بهدوء قبل أن يتحدث:

- طيب ممكن تنسي كل اللي فات وتسمعيني دلوقتي؟! 

خجلت من التقاطه لتأملها إياه فأشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى مما شجعه ليتابع:

- أنا عارفك من وأنتِ متجوزة.. 

التفتت إليه بانتباه وقد اعتقدت أنه سيفر هاربًا فور أن يدرك أنها مطلقة فأكمل:

- أعجبت بيكِ وأثارتِ فضولي وأنتِ بتقرأي في المكتبة.. وبعدها اكتشفت إنك متجوزة.. حاولت أتجاهلك بس بالصدفة سمعت كلامك مع الإنسان اللي كان.. في حياتك وعرفت إنك اتطلقتي.. هنا ابتدى الأمل يرجع لي تاني وقررت إنك هتكوني ليا.. بس غصب عني مواقفنا اللي جمعتنا مش لطيفة.. على الأقل من ناحيتي.. 

صمتت تفكر في حديثه فاستغل هدوءها ليتابع:

- وبعتذر عن اللي حصل آخر مرة.. كانت حرارتي مرتفعة جدا وإما بيحصل معايا كدا بفقد وعيي وبهلوس.. 

ابتسمت وهي تتذكر منظره وحديثه ليبادلها الابتسام هو الآخر قبل أن يردف:

- وشكرًا على إنك مسبتنيش لواحدي واستنيتي إما عمرو جه.. 

اعتراها الشعور بالحياء خاصة وهي ترى الشخص الذي يحدثها الآن بعيد كل البعد عن ذاك الذي عرفته في المواقف القليلة التي جمعتهما فتابع:

-هستنى رأيك من والدك.. وبالمناسبة مجتش عشان قلتِ ليه إني خطيبك.. جيت عشان اللي حكيته ليكِ 

احمر وجهها خجلًا وهو يشير إلى إعجابه بها مرة أخرى، بالفعل فكرت أنه ربما تقدم لينقذها من طليقها ولكن ما قصه محى كل ما ظنته.. دلف والدها بعدما استشعر أنه تركهما وقتًا مناسبًا فاستأذن ناصر مغادرًا بعدما جلس برفقتها قليلًا بينما عبير قد ابتسمت بخجل، خاصة وهي تنفكر بالأمر من ناحية اخرى، تفكر بناصر الحقيقي الذي رأته الآن دون مواقف سيئة ولا هلوسة، وكم راقها هذا الناصر بملابسه المختارة بعناية، ونبرته الهادئة، ورائحته التي لا تزال تملأ أنفها..

استمعت إلى صوت أبيها الذي يقترب فاعتدلت في جلستها ليسألها والدها:

- إيه رأيك في ناصر؟! 

خجلت من سؤال والدها وكادت أن تنطق بشيء ولكنه لم يمهلها وهو يتحدث بوقار:

- بصي يا بنتي.. أنا خليتك تختاري اللي أنتِ عايزاه رغم اعتراضي بس اديتك فرصة وادي النتيجة.. مش بلومك.. بس لو عايزة رأيي المرة دي فناصر مناسب ليكِ وهو اللي هينفع معاكي والحقيقة أنا طاير بيه من الفرحة.. اسمعي كلام أبوكي العجوز المرة دي ومش هتندمي..أنت مش بجبرك.. أنا قلت لك رأيي وأنتِ حرة في اللي عايزاه أنا معاكي..

لينهض ويتركها وقد بدأت بالفعل تفكر فالموافقة بعد حديث والدها وأثر ناصر ما زال يضرب بعقلها ويجعلها تبتسم بخجل..

ـــــــــــــــــــــــــــــ

- بردوا قررتي من غير ما تسمعي؟ 

صاح بها أواب وقد فاجئته برؤيتها للأشياء الخاصة بها فأجابته:

- أنا مقررتش يا أواب.. أنا عملت الحوار دا كله عشان أداري على السبب الحقيقي.. أمك طلعت تسألني على حاجة وشافتني زعلانة وهي اللي خدتني عند جدك بالمناسبة.. وحكيت لهم على المطوة عشان أداري السبب الحقيقي.. ودلوقتي أنا عايزة أسمعك.. الحاجات دي جت في إيدك ازاي؟دا نفس الفيديو اللي وصل لي في طرد مع الجواب اللي شجعني أفضح فارس بعد ما كنت بالفعل هتجوزه..

- متقوليش كدا.. متربطيش نفسك بغيري ولا تنطقي اسمه تاني 

صاح بعنف وغيرة أعمته، اسم ذاك الحقير واعترافها بأنها كادت أن توافق على الزواج منه جعل عقله يجن وقلبه يتراقص على جمرات الغيرة .. 

صمتت دون حديث، لتتسع عيناها بإدراك وهي تسأله:

-أنت اللي وديتني المستشفى؟ أنت اللي بعت لي الأدلة والجواب؟ أيوة الكلام المكتوب زي كلامك أنت صح..

صمتت تفكر في ما قالت وهي تتذكر نص الجواب 

" دي أدلة تدين المجرم دا وتخليكي تعيشي مرفوعة الرأس.. أنتِ مأذنبتيش متخافيش من حاجة.. أنتِ بكل ثقة تقدري تسجنيه وتوديه في داهية.. متخافيش من حد أنتِ مظلومة وليكِ حق متضيعيش حقك وخلي ثقتك في الله كبيرة"

وصل مسامعها صوته الهادئ:

- أيوة أنا.. وعشان متبدأيش تقولي اتجوزتني عشان كدا.. أظن مشاعري ليكِ دلوقتي أقوى من إنك تفكري كدا.. مش من حقك تظلمي حبي ليكِ وتقولي كدا.. ولو بس فكرتي في كدا فدي مش هينة عندي يا ريهام..

كل هذا كبير عليها، كلما فكرت أنها قد ارتاحت من الأمر وبدأت تنساه جاء ما يذكرها به لتسأله بتشتت:

- طب ومقولتليش من الأول ليه؟

- وأقول من الأول ليه يا ريهام؟ ايه المهم في إني أقول؟ مكانش في داعي ومكانش هيسبب في البداية غير رفضك صح؟ لو كنت قلت لك كنت هتوافقي بيا؟

هزت رأسها بالنفي وقد أدركت الآن سبب ما فعل لتغمض عينيها بقوة قبل أن تهرول تجاهه وتحتضنه بامتنان مرددة بصوت ما زال غير متزن بسبب ما حدث:

- سامحني على اللي عملته تحت.. وكل اللي عملته النهاردة عمومًا.. مكانش قصدي أقلل من احترامك.. أنت خر واحد أعمل معاه كدا.. بس كل اللي حصل كبير عليا أنا آسفة..

تنهد بقوة قبل أن يشد على عناقها يدعمها بعد أن طبع على جبينها قبلة حانية ثم نطق بنبرة ناعسة:

- هشش.. متقوليش آسفة.. أنا مش زعلان أصلًا كان ليكِ حق تتضايقي.. وبعدين مرات الشيخ أواب متحنيش راسها ولا تعتذر حتى لو ليه..

وما لبث أن سألها بمرح:

- وفين الغدا اللي عملتيه بقا يا أستاذة ريهام؟ 

أشاحت بوجهها تهربًا فأدرك أنها لم تعد أي شيء فصاح مازحًا:

- عقابًا ليكِ هتاكلي بيتزا من إيدي.. يلا بينا على المطبخ..

تبعته وصارت خلفه ترى إن كان بالفعل قادرًا على صنعها أم لا، لتبتسم بإعجاب وهي تراه بالفعل قد أخرج جميع المكونات وهو يردد بمرح:

- أحلى حاجة في الجواز الجديد إنه كل الطلبات بيكون موجودة.. بيجهزوهم بأكل يفتح سوبر ماركت بحاله.. وكأنهم هيحرروا بلد..

ابتسمت على جملته ليتأملها قليلًا وهو يضع الدقيق في الطبق العجان الكهربائي وسرعان ما ظهر المكر على محياه مقتربًا منها يصيح وهو يطبع الدقيق على خديها:

- بيقولوا البهدلة واللعب في الدقيق بتخلي البيتزا حلوة..

ارتسم الغيظ على وجهها واقتربت منه لتأخذ حفنة من الدقيق وتلطخ بها ذقنه، فاغتاظ من فعلتها وسألها بخطر:

- أنتِ أد الحركة دي؟ 

هزت رأسها بإيجاب بعدما ابتلعت ريقها بتوتر فتابع بذات النبرة:

- الدقيق مش هيطلع من دقني وهيبقى عجين..

فتحت عينيها على وسعهما متخيلة ما يقول فارتفعت ضحكاتها مما جعله يجذبها من ثيابها بطريقة مضحكة وكأنه ممسكًا بحرامي الغسيل، ودفعها تجاه حوض المياة مرددًا:

- طب اتصرفي بقا يختي واغسليها..إلا أناقة دقني.. أنا أسامح في كله إلا دي.
                        تمت




تعليقات



<>