
رواية ذكريات مجهولة الفصل الثاني والثلاثون بقلم قوت القلوب
« لا تستحق .. »
مؤسسه معروف للتجارة ...
وضع الساعى صينيه القهوة فوق المكتب وإنصرف على الفور فى حين أكمل (معروف) بغبطه حديثه مع (شريف) ...
معروف: الصراحه يا أستاذ (شريف) العرض بتاع حضرتك مغرى جداً .. إستيراد البضايع دى وبالسعر دة فرصه لا تعوض بصراحه ...
شريف: طبعاً يا (معروف) بيه ... الصفقه دى كان لازم أعرضها عليك الأول بدل ما أعرضها على (شاكر الحسيني) ...
معروف بإنتفاضة: لا طبعاً (حسينى) مين إللى ياخد صفقه زى دى منى ... أنا خلاص موافق ...
شريف بإبتسامه: إتفقنا ....
معروف: تمام ممكن رقم حسابك فى البنك عشان أبعتلك فلوس الصفقه زى ما إتفقنا ...؟؟
شريف: ممكن عادى نكتب شيك وأبعت حد من الموظفين عندى بإيداعه فى البنك ... معلش بقى يا (معروف) بيه .. أصلى معايا شريك بيقسم الفلوس أول بأول ..
معروف: تمام ... مفيش مشكله ....
أخرج (معروف) دفتر الشيكات الخاص به ليدون به المبلغ المطلوب واضعاً إسم (شريف) كطرف المستفيد وقام بالإمضاء على هذا الشيك ....
ثم تابع كتابه شيك آخر بنفس القيمه وقبل أن يكتب إسم المستفيد رفع رأسه نحو (شريف) مستفسراً ...
معروف: أكتب الشيك التانى بإسم مين يا أستاذ (شريف) ...؟؟؟
شريف : لحامله .... إكتبه لحامله ... لأنى مش عارف مين إللى حيصرف الشيك ده من عند شريكى ...
معروف : مفيش مشكله ...
أكمل كتابه الشيك الثانى موقعا إياه ليمد يده بهما نحو (شريف) الذى إرتخت ملامح وجهه بسعاده إنتصار ....
شريف: ألف شكر يا (معروف) بيه ... بإذن الله حتصل بحضرتك أول ما البضاعه توصل الميناء عشان تستلمها ... بعد إذنك أستأذن أنا بقى ...
معروف: شرفت يا (شريف) بيه .. وإن شاء الله مش حيكون آخر تعامل ...
شريف: أكيد طبعاً ... سلاموا عليكوا...
معروف: وعليكم السلام ...
ليجلس بعد إنصرافه براحه وقد لمعت عينا معروف ببريق بهجه لما سيعود عليه من مكسب كبير بتلك الصفقه التى لم تكن فى الحسبان..
أفاق من خيالاته بدق هاتفه الصادح ليجيبه فوراً...
معروف: الو... أيوة يا (جيهان)...؟
جيهان: إحنا مستنيينك عشان نروح ل(طارق) المستشفى متتأخرش علينا ...
معروف: جاى لكم على طول اهو .. مسافه السكه...
جيهان : طيب... سلام...
__________________________________________
المستشفى....
فى غرفه طارق.....
تقدم الطبيب من (طارق) ليفحص معدل عملياته الحيويه ويطمئن على حالته بعدما أفاق من أثر المخدر التابع لعمليه الأمس منذ دقائق قليله ....
الطبيب: صباح الخير يا (طارق) باشا... أخبارك إيه دلوقتي ...؟؟!
طارق: الحمد لله يا دكتور ... بس .. رجلى حاسس إنها تقيله ومش قادر أحركها ....!!
الطبيب بتوجس: الصراحه يا (طارق) مش حخبى عليك الرصاصه جت فى مكان قريب أوى من مركز العصب ودة أمر كنت متوقعه ... عشان كدة لازم ااااا.....
طارق بتجهم : يعنى إيه يا دكتور ..؟!!
الطبيب بقلق : الصراحه يا (طارق) ... ممكن الرصاصه دى تأثر عليك ومتقدرش تمشى على رجلك تانى ... لكن ده أمر بدرى عن أوانه ... إحنا لازم نتابع العلاج واحده واحده وكمان العلاج الطبيعى .. بس قبل كل دة إن الجرح يلتئم عشان نقدر نحدد بالضبط مدى الضرر إللى سببته الرصاصه دى ....
طارق بإحباط : أنا مش فاهمك كويس ... إنت قصدك أنى ممكن أبقى عاجز ... ؟!!
أردف الطبيب محاولاً تجميل الموقف ل(طارق) منعاً للصدمات التى ممكن أن يتعرض لها إذا لم يستطع إستيعاب الأمر كما يجب ...
الطبيب: كل ده سابق لأوانه ... لكن ممكن يكون فيه ... ومفيش حاجه طبعاً تمنع إراده ربنا فى الشفا بإذن الله ...
طارق بتجهم : قولها صريحه يا دكتور ... أنا أقدر أتقبلها كويس ... بس أفهم وضعى صح الأول ...!!
الطبيب : تقريباً يا (طارق) .... بنسبه كبيرة أه ....
تجهم (طارق) بحزن فور سماعها ذلك الخبر الصادم بعجزه نتيجه إصابته لينظر بحزن نحو والدته التى أطلقت شهقه عاليه من الصدمه فور سماع كلمات الطبيب الأخيرة لتتدارك نفسها وتحمد الله على عوده (طارق) إلى الحياه وأنها لم تفقده .. وأن تلك الإصابه لن تنقص من قدره شيئاً فالطالما كان فارساً شجاعاً وهذا قدر محتوم وعليهما تقبله ....
ام طارق: لله الأمر من قبل ومن بعد ... المهم إنك بخير ووسطينا يا إبنى ....
لم يصدق (طارق) الخبر الذى ترددت صدى تلك الكلمات بأذنيه مردداً داخل نفسه ..
طارق " يعنى خلاص ... أنا بقيت عاجز ... قعيد ... وحلمى وشغلى إنتهوا خلاص .. الحمد لله .. أنا راضى بحُكمك يا رب ... "
لحظات فارقه على شفا الإنهيار لكنه حاول التماسك خاصه أمام والدته المتعبه ..
حاولت هى الأخرى إدعاء التماسك بعد هذا الخبر الصادم ليتركهم الطبيب بعد تفجيره لذلك الخبر المدوى وكأنه لم يفعل شيئاً تاركاً خلفه ألم قهر وإنكسار مغلفاً بشجاعه واهيه لكل منهما ...
___________________________________________
رحمه....
تحركت عيناها يمنه ويساراً لتتأكد أنها مازالت بالمستشفى وأنه ما رأته لم يكن حلماً ...
بل هو واقع مخيف .... قاسى ....
" طارق ... مات ... "
هكذا رددت (رحمه) بهمس حزين لنفسها قبل أن تتساقط دموعها بصمت حين طُرق الباب ناظره نحو عبد الله المتقدم نحوها بقلق ...
عبد الله: إيه يا (رحمه) ... لسه تعبانه ولا إيه ....؟؟!
رحمه بإنكسار : أنا عايزة أخرج من هنا يا (عبد الله) ... حاسه إن المكان هنا بيخنقنى ....
عبد الله: حاضر ... الدكتور أصلاً طمنى عليكى وقال إنك بقيتى كويسه أوى وممكن نخرج فى أى وقت ....
رحمه: أيوة ... خرجنى يا (عبد الله) ...
عبد الله: خلاص تمام ... حروح بس أبلغ الدكتور يعمل لنا خروج وأطمن بسرعه على (طارق) ووالدته وآجى أخدك على طول على البيت ...
تشبثت (رحمه) بذراع (عبد الله) بتلهف وهى غير مصدقه لما سمعته من (عبد الله) للتو ...
رحمه: أنت قلت إيه ..!؟؟ حتطمن على (طارق) ....!!!!! هو مش (طارق) مات ....؟!!
عبد الله: لا الحمد لله بقى كويس ... قلبه وقف ... بس عملوا له إنعاش وبقى كويس ... دة حتى أوضته قريبه منك هنا ...
لتعود الحياه بداخلها كما لو أن فؤادها إرتبط بإسمه ووجوده هو فقط لينبض ...
رحمه : خلاص ... خدنى معاك نطمن عليهم سوا ....
عبد الله: طيب وماله ... تعالى ...
شعرت (رحمه) بالدوار فور نهوضها من الفراش مصاحباً لهذا الألم المبرح برأسها لكنها لم تبين ذلك ل(عبد الله) فكل ما كانت تفكر به هو أن تطمئن على (طارق) فقط ...
خرج (عبد الله) و(رحمه) من غرفتها ليتجها نحو غرفه (طارق) بآخر الرواق ....
__________________________________________
بنفس الوقت...
وصلت (هايدى) تتوسط (جيهان) و(معروف) إلى المستشفى للإطمئنان على حاله (طارق) ، وفور إستعلامهم عن رقم غرفته وصعودهم إليها تقابلوا مع الطبيب أمام باب غرفه (طارق) أثناء خروجه منها بعدما أبلغه خبر عجزه ..
معروف : صباح الخير يا دكتور ... أخبار الرائد (طارق) إيه ...؟!
الطبيب: فاق أهو الحمد لله .. حضرتك تقرب له ...؟؟
معروف : أنا حماه ودى خطيبته ...
الطبيب: كويس أوى ... لأنه فى الفترة الجايه محتاج دعم نفسى كبير خصوصاً بعد ما عرف خبر إصابه رجله ومن الممكن أنه يصيبها عجز عن المشى لأن الإصابه كانت قريبه جداً من مركز العصب ....
هايدى بإستنكار: نننننعم ...!!! أنت قلت إيه ..؟!
أعاد الطبيب مرة أخرى ما قاله منذ قليل ثم إستأذن منهم منصرفاً لتنظر (هايدى) غير مصدقه لما ألقاه الطبيب على مسامعهم للتو ...
لتردف بصوت عالٍ أشبه بالصراخ رافضه رفض قاطع ما ستؤول إليه حياتها فيما بعد مع (طارق) ....
هايدى بإنفعال : ماما .... أنتى سمعتى قال إيه .... يعنى (طارق) بقى عاجز !!! .. معاق ... !!!! حيعيش طول عمره قاعد على كرسى مش حيمشى على رجله تانى !!!!! ... وأنا بقى المفروض منى أنى أبقى الخدامه بتاعته هو وأمه صح ... ؟؟؟؟؟!!!!
إقتربت (جيهان) من (هايدى) وهى تهمس بإنزعاج من صوت (هايدى) الصارخ بإحراج شديد ...
جيهان :اشششش .... وطى صوتك.... وبعدين يا (هايدى) ... مش وقته خالص الكلام دة ...!!
هايدى مستكمله : لاااااااا .... ده هوه ده وقته ونص ... أنا لا يمكن أرتبط بواحد بالشكل دة ... ده أنا ... (هايدى) .... إللى الناس كلها تستنى إشارة منى .... أتجوز واحد معاق .. لييييه؟!! ... إستحاله طبعاً .... إدخلوا أنتوا ....
خلعت (هايدى) محبسها الذهبى بعنف لتضعه بكف والدتها قائله بإشمئزاز ...
هايدى: أدى له ده ... أنا مينفعش أرتبط بواحد زيه ... أنا مش قليله ولا مش لاقيه إللى يقدرنى ...
كان كل ذلك أمام مرآى (عبد الله) و(رحمه) التى لم تستطع أن تتمالك أعصابها وأن تصمت لتلك المتعجرفه أكثر من ذلك ...
لتتقدم نحوها مهاجمه إياها بحده فهى لم تعد تتحمل سخافاتها ، والآن هى تحط من قدر (طارق) ... لا ...لن تصمت لها أبداً ...
رحمه بإحتقار : بذمتك ... مش مكسوفه من نفسك ولا من تصرفاتك دى ؟!!... معقول فيه واحده أصيله تسيب خطيبها فى شدته ومحنته بالصورة دى ... كنتى حتبقى زوجه إزاى ... ؟!! مش هو ده برضه نفس الشخص إللى كنتى بتتمنى ترتبطى بيه وتتمنى له الرضا يرضى .. حقيقى ... طلعتى أحقر من إللى كنت أتخيله عنك ... وعلى فكرة أنتى لا تستحقيه ولا وهو سليم ولا وهو تعبان ...
هايدى بتعجرف : أهو عندك أهو ... أشبعى بيه ... أنا ماشيه .. مش حعطل نفسى ولا عشانه ولا عشان واحدة زيك ....
لتتركها (هايدى) بغرور خارجه من المستشفى بأكملها ....
________________________________________
طارق.....
بعدما خرج الطبيب من الغرفه تلاقت النظرات بين (طارق) ووالدته أدرك وقتها (طارق) مقصدها جيداً ليبدأ (طارق) حواراً مع والدته لينسيها ما قاله لهم الطبيب عن حالته وعجزه فهو لن يتحمل رؤيتها تتأثر بما حدث له بهذه الصورة ....
طارق: صحيح ... مقولتليش يا ماما ... مين البنت إللى فدتك إمبارح دى ...؟!
ام طارق: والله يا أبنى ما أعرف أنا فجأة لقيتها قدامى فى البيت وأخدت الضربه على دماغها مكانى ...
طارق: وهى عامله إيه دلوقتى ...؟!!
ام طارق: الحمد لله كويسه ... فى أوضه قريبه منك أوى ... وحتخرج النهارده كمان ...
طارق: لازم أشكرها على إللى هى عملته عشانك يا أمى ...لولاها مكنتش عارف كان ممكن يحصل لك إيه ...؟!!
ام طارق: شد حيلك أنت بس وقوم بالسلامه وإن شاء الله نروح بيتهم ونشكرها أنا وأنت ...
قطع حديثهما أصوات عدة إستطاع (طارق) بالبدايه معرفه صاحبه هذا الصوت تلك الثائرة الغاضبه لترتسم على وجهه إبتسامه جانبيه ساخره متهكمه فماذا كان يتوقع منها غير ذلك ....
ما تعجب له حقاً هو تلك المدافعه عنه بإستماته ، والتى قالت ما كان يود قوله ل(هايدى) بالفعل وكأنها تخرج ما بعقله بلسانها هى ....
تابع سماع مشادتهما سوياً كيف تتحدث تلك الفتاه بحده وكيف تقابلها (هايدى) بمنتهى البرود ...
طارق : مين يا ماما إللى بتزعق ل(هايدى) دى ....؟!!
أم طارق: دى (رحمه) .... البنت إللى لسه كنا بنتكلم عنها إللى فادتنى إمبارح ربنا يحميها ويحرسها لشبابها يا رب ....
أومئ (طارق) برأسه متفهماً ليستمع للبقيه المشاده بإهتمام بالغ فقد كان الصوت واضحاً جداً ...
_________________________________________
إنتهت المشاده بين (رحمه) و(هايدى) برحيل الثانيه خارجه من المستشفى تنتظر (معروف) و(جيهان) لإنتهاءهم من تلك الزيارة السريعه بجلوسها بالسيارة خارج المستشفى بينما دلف (معروف) و(جيهان) لغرفه (طارق) يعتذران منه ويبلغانه بأسفهما لإنهاء تلك الخطبه بينه وبين (هايدى) واضعين محبسها الذهبى فوق الطاوله المجاورة له ليرحلا مسرعين بعدما أكل الخجل وجهيهما ....
_________________________________________
عبد الله....
أمسك (عبد الله) بذراع (رحمه) مبعدها عن تلك العيون المتابعه لأثر ما بعد تلك المشادة جانباً ليهمس لها بضيق من بين أسنانه ....
عبد الله: جرى إيه يا (رحمه) ... مالك طلعتى فيها كدة ليه .. وإحنا مالنا ومال خصوصياتهم بالشكل دة ..؟!!
رحمه : مقدرتش أستحمل بصراحه يا (عبد الله) ...
عبد الله بعتاب: ولو ... الناس دلوقتى يقولوا علينا إيه ... ؟؟ ناس حشريه بتتدخل فى إللى ملهاش فيه ...؟!.
رحمه بأسى : أسفه ... مفكرتش كدة ...
زفر (عبد الله) ليهدئ من نفسه فهو يعلم أن (رحمه) لا تقصد الإهانه ولكن إستفزها حديث تلك الفتاه ...
عبد الله: عموماً خليكى أنتى هنا أنا حدخل أعتذر لهم على تدخلك دة وأطمن على (طارق) ونمشى على طول ...
فزعت (رحمه) واتسعت عيناها تستجدى (عبد الله) أن يصطحبها معه ...
رحمه بتوسل : لا... بالله عليك يا (عبد الله) أدخل معاك ...
عبد الله: مفيش داعى يا (رحمه) ... خليكى هنا ... أنا أساساً محرج من إللى عملتيه مع خطيبته .. وأكيد هو متضايق دلوقتى ....
لتنتظر (رحمه) بإستسلام خارج الباب منصته تماماً لما يحدث بالداخل حينما طرق (عبد الله) الباب مستأذناً بالدخول...
________________________________________
بعد إنصراف (معروف) وزوجته مباشرة استمع (طارق) لطرقات خفيفه على الباب لتسمح لهم (أم طارق) بالدخول ....
أم طارق: أدخل ....
تقدم (عبد الله) بإحراج شديد بعد تلك المشاده بين أخته وخطيبه الضابط فما كان ل(رحمه) أن تتدخل بهذه الصورة ....
عبد الله: حمد الله على السلامه يا (طارق) بيه ... أنا آسف جداً على تدخل أختى مع خطيبتك بالشكل ده .. هى ملهاش حق تتدخل بس غصب عنها و....أنا آسف مرة تانيه ...
طارق: لا أبداً ... هى صح على فكرة ... هى فين؟!! ... كنت محتاج أشكرها فعلاً ... ومش مرة واحده ... لأ ... مرتين ... مرة عشان أمى و إللى عملته معاها ومرة تانيه عشان إللى عملته مع (هايدى) ....
عبد الله : هى بره .... ثوانى حناديها لأنها إتحرجت وأنا قلت لها تخليها بره ...
ثم إلتفت (عبد الله) تجاه باب الغرفه منادياً (رحمه) ...
عبد الله: (رحمه) ... تعالى ...
دلفت (رحمه) بإحراج شديد وإضطراب أشد .. أنها تقترب منه ... بعد كل هذا البعد ... تقترب منه ...
حاول (طارق) أن يستقيم دافعاً جسده بصعوبه وقد تسلطت عيناه عليها ... أنها هى (فتاه العسل ) ....
أدرك تماماً لم كانت (هايدى) تنظر بإشمئزاز وغِيره تجاه (رحمه) كلما رأتها ، تمعن (طارق) ب(رحمه) وكأنه أول مره يراها بها ، أول مره يرى جمالها المشع بهدوء ...
لطالما شعر بأن هناك شئ ما بتلك الفتاه يجذبه ، بها قوة ما أحبها (طارق) ..
تلك القوة التى كانت بدون غرور أو تعالى أو تبجح مثل (هايدى) ..
إبتسم طارق إبتسامه خفيفه فقد شعر بالسعاده لمجرد دفاع (رحمه) عنه ....
لكنه تراجع عن إبتسامته فوراً خوفاً من ألا يكون دفاعها عنه مجرد شفقه بحاله من قِبلها ....
رحمه بهمس : حمد الله على السلامه ...
طارق: الله يسلمك ...
عبد الله: إحنا بس حبينا نطمن عليك قبل ما نمشى ... يلا يا (رحمه) ...
رحمه : اه اه ... يلا يا (عبد الله) ... وحمد الله على سلامتك مرة تانيه ...
إلتفتا كلاً من (رحمه) و(عبد الله) ليخرجا من الباب حين توقفا لحظه سماعهما لصوت (طارق) ...
طارق: اااا... نسيت أشكرك على إللى عملتيه مع ماما ....
رحمه بإبتسامتها العذبه : مفيش داعى للشكر ... أنا إعتبرتها زى ماما بالضبط لو فى الموقف ده مكانش ينفع أسيبها ....
عبد الله: فعلاً ... هى قالتلى كدة فى التليفون ... قالتلى لو ماما ترضاها لها ....
طارق : مش أى حد يعمل كدة بالسهوله دى ... عشان كدة بشكرك ...
إكتفت (رحمه) بإبتسامتها البسيطه ليصطحبها (عبد الله) إلى البيت وفى داخلها سعاده لم تشعر بمثلها من قبل فحُبها بقربه مختلف عن حُبها ببُعده تماماً ...
يا لحظ الأحبه متقاربين ....
__________________________________________
بعد إنصراف رحمه وعبد الله....
ام طارق: متزعلش نفسك يا حبيبي ... و(هايدى) دى هى إللى خسرانه ....
أفاق (طارق) من شروده بفتاه العسل ....
طارق: ومين قالك أنى زعلان .. بالعكس أنا سعيد جداً أنى عرفت البنى آدمه دى على حقيقتها .. وفرحان أكتر إن إحنا حنسيب بعض ...
ام طارق: مكنتش أظن أبداً أنها بالشكل دة ...
طارق: الحمد لله ، يمكن إللى حصل لى ده ربنا جعله سبب عشان أعرفها على حقيقتها قبل ما نتجوز ...
ام طارق: بس شفت البنت ردت عليها إزاى ... ربنا يسلم لسانها ..
طارق:على فكرة أنا عارفها ...دى تقريباً زميلتها فى الجامعة ...
أم طارق: المهم دلوقتى ... إرتاح أنت شويه بقى .. كفايه التعب إللى أنت فيه ....
طارق: أمرك يا أمى ...
____________________________________________
بيت معروف....
طرق الباب عدة مرات وهو ينتظر بملل حتى فتح الباب أخيراً ...
شريف: صباح الخير يا سكر ... أمال فين ماما ...؟!
سمر بإشمئزاز : ماما .... خرجت ...
شريف بتأفف "وبعدين بقى ... أنا لازم أسافر دلوقتى قبل ما يكتشف (معروف) أى حاجه ..."
ثم أردف بابتسامه سمجه تجاه (سمر) التى تضايقت من وجود هذا الرجل الغير مريح بالنسبه لها إطلاقاً خاصه وهى لا تطيق من يطلق عليها كلمه (سكر) تلك ....
شريف : طيب بصى يا سكر ... لما تيجى ماما إديها الورقه دى ... ماشى....
سمر : طيب ...
أمسكت (سمر) بالورقه التى أعطاها لها (شريف) لتغلق الباب بوجهه بقوة ...
ليقف مصدوماً من رد فعل تلك الطفله التى لو لم يعذرها كونها صغيره ولا تعقل لظن بأنها تتقصد ذلك بالفعل ، ليهُم بالرحيل فوراً محاولاً الهروب لأى مكان حتى لا يستطيع (معروف) الوصول له بعدما أحكم تلك الخدعه عليه ...
صعدت (سمر) إلى غرفتها للعب مرة أخرى بجهاز البلاى استشن خاصتها ، بعدما قاطعها هذا الرجل السخيف لتضع الورقه التى أعطاها إياها بإحدى علب الإسطوانات الخاصه باللعبه حتى تعطيها لوالدتها عند عودتها ثم إستكملت لعبتها مرة أخرى ....
____________________________________
هايدى....
تقدمت والدتها و(معروف) غاضبه لا تتحمل كم اللوم الذى ألقاه عليها (معروف) طوال الطريق لتلقى بحقيبتها بعصبيه فوق مقعد الصالون وهى تلتفت نحو (معروف) بعجرفه ثائرة على تعليق (معروف) على أفعالها وإختياراتها ، لتستدير تجاهه بإنفعال قائله ...
هايدى : أظن كفايه لحد كدة .... !!! أنا مش عيله صغيرة ....!!! أنا فاهمه كويس بعمل إيه ...
معروف : يعنى عاجبك الوضع إللى كنا فيه ده .... عاجبك الإحراج والكسوف إللى كنا فيهم ...؟!!
هايدى بإستحقار : لا والله ... يعنى عشان أنت متتكسفش أتورط أنا فى جوازة زى دى ؟!! ... ليه ... كنت مين يعنى ؟!! .. أنت حايالله جوز ماما ....
ضربه صاعقه شعر بها (معروف) كمن سكب على رأسه ماء مثلج ليفيق من غفلته فقد ترك كل شئ لأجل تلك الفتاه وأمها ، أقصى ولده الوحيد لأجلها ، والآن هى تتنفر منه تنزعج وترفض لومه وتوبيخه لها على تصرفها الخاطئ المتسرع ...
حقاً من قال من يربى غير ولده كالبانى بغير أرضه .. أهذا جزاءه بعد كل ما فعله لها ودلاله له طوال تلك السنوات ليعتبرها هى إبنته بالفعل ....
ليستمع لرد (جيهان) الذى كان ولوهلته الأولى منصفاً له حتى أكملت ....
جيهان : بس يا (هايدى) ... خلاص ...!!! إطلعى أنتى على أوضتك ... وأنت يا (معروف) ... متضغطش عليها أكتر من كدة ... كفايه حرقه أعصابها النهارده ... خلاص ... كنت عايزها تعمل إيه ... ترمى نفسها فى جوازة باين إنها فاشله من أولها ...
معروف بحنق: دة إللى ربنا قدرك عليه ... دى طريقه تتكلم بيها معايا ... أنا عاوز إيه غير مصلحتها يعنى ...؟؟!
جيهان: على فكرة هى إتصرفت صح ... كنت عايزها تستحمل لحد إمتى .. كدة كدة الخطوبه دى كان لازم تنتهى ... وكويس أنها خلصت من أولها عشان منوجعش دماغنا ... وأنت كمان متفكرش ... هى واعيه وعارفه مصلحتها كويس .. روح أنت شغلك ...
معروف بذهول : أنتى شايفه كدة... ماشى ...
تركها (معروف) منصرفاً على الفور لتستعد (جيهان) بالذهاب إلى النادى مع إحدى صديقاتها لتتناسى أحداث اليوم المرهقه ....