رواية اقنعة بشرية الفصل السابع7والاخيربقلم سبأ النيل
صلوا على النبي..
جريت بسرعة على صوت الصرخة واول ما وصلت ليهم لقيتنسمة ماسكة راس خالها وبتبقي وبتحاول تصحي فيهو.
قلبي دق واتجمدت مكاني للحظة بس اول ما استوعبت الحاصل جريت قعدت جنبهم ومسكت يدو استشعر اذا في نبض أو لا والحمدلله كان في نبض لكن ضعييف، اتنفست بشوية ارتياح واتحسست اطرافو كانت باردة، عاينت لنسمة وقلت ليها اهدي كويس شكلو عندو هبوط، اديني قارورة الموية دي.
قامت بسرعة جابت قارورة الموية بينماانا رقدتو على ضهرو ورفعت رجلينو في حجر متوسط عشان احافظ على الدم يمشي للدماغ وشلت منها القارورة كبيت حبة شوية في يدي ورشيتو في وشو وبقيت بضرب على خدو بقوة شوية وبقوليهو "عم عادل، عم عادل سامعني".
مسكت يدينو فرحتها عشان الفيها ونعمة عملت نفس الشي ورجعت تاني رشيتو بشوية موية وضربت خدو بخفة وفعلا بدأ يتفاعل ويفتح عيونو، نسمة اول ما شفتو فكت يدو وجات مسكت راسو وهي بتقوليهو "خالو عادل انت كويس؟".
ردا عليها بصوت مرهق وقاليها كويس يا بتي.
انا عرفت انو عندو جفاف ف مديت ليهو القارورة وقلت ليهو هاك اشرب.
شرب ليهو كمية كويسة وخليناهو يرتاح شوية وبعد شوية زمن كدة قام شدا حيلو وقالينا ارح نواصل.
نسمة قالت ليهو لالا نقعد اليوم دة عشان يرتاح لكن اعترض وقاليها نحن قربنا خلاص ولو قعدنا يوم زيادة ح نموت جوع وعطش.
وافقت كلامو وقلت ليها اي معاهو حق، لازم نواصل بالبسيط الباقي من طاقتنا دة، هي اترددت للحظات بس لمن لقينا جادين ما لقت خيار غير توافق.
خلينا الشمس تطلع شوية عشان نعرف اتجاهنا على وين واتحركنا طوالي، كنا بنمشي تلت ساعة ونرتاح خمسة دقايق وتاني نقوم نمشي، بعد 3 ساعات من المشي المتواصل النهار بقا حار ف شفنا أقرب شجرة قعدنا تحتها نرتاح شوية، عم عادل قالينا بعد دة نحن نعتبر في السليم، المنطقة دي ما فيها د.عامة ولو مشينا قدام شوية احتمال نلاقي من الناس النزحو.
انا بعد كلمتو دي قلبي فرهد ونسيت الجوع والعطش، يعني خلاص تاني ما ح نصادف الأشكال ديك من جديد.
قعدنا شوية ولمن الشمس بردت قمنا واصلنا طريقنا، مشينا مسافة طويلة، كنت بعاين في الارض وانا ماشي وماسك يدي مكان الشاش وضربة الرصاصة بمسدس فيها لاني حسيتها عايزة تلتهب وفيها اكولة، انتبهت من سرحاني على صوت نسمة وهي بتقول بنبرة متحمسة "عاينو هنااااك"..
رفعت راسي عاينت ليها بإستغراب لقيتها مأشرة قدامها ف عاينت مكان ما بتأشر وانا عاقد حواجبي بي حيرة، اول ما شفت البتأشر عليهو فكيت يدي وبقيت بعاين معاهم، كان في مجموعة من الناس ماشين شايلين اكياسهم والشايل شوال والشايل جركانات والشايل مرتبة.
بقيت مبحلق فيهم وسمعت عم عادل وهو بقول " خلاص وصلنا".
عاينت ليهو بعدم تصديق وقلت ليهو وصلنا "طويلة"؟.
حرك راسو بنفي وقال لا، لكن ديل ماشيين عليها، بليل دة بنكون هناك ان شاء الله.
بقينا ساكتين ورجعنا نعاين ليهم وماف شي قادر يوصف اللحظة بصدق اكتر من الصمت.
اتحركنا عليهم طوالي، كانو بعيدين شديد مننا وماشين في خط عرضي قدامنا، بعد شوية وصلنا عندهم وهم استغربو وخافو شوية بس عم عادل مشى عليهم اتكلم معاهم شوية وسلم عليهم وانا كمان مشيت سلمت عليهم وتكلمنا شوية وعرفنا منهم انو في مخيم نازحين في طويلة بعد أربعة ساعات مشي، انا في نفسي ما كانت فارقة لانو الصعب فات وبقى الساهل بس 4 ساعات 10 المهم نوصل.
انا وعم عادل مشينا مع الرجال ونعمة مشت مع النسوان، بقيت بتلفت واللفت انتباهي انو ما كان في اطفال، اكيد، لو ما قتلوهم ف ماتو من الجوع.
واصلنا طريقنا معاهم بدون توقف، كنا بنقعد بس 10 دقايق بعد كب راس ساعة، المويس انو كان معاهم موية كويسة، وبعد مسيرة 4 ساعات متواصلة وبعد ما الليل دخل اخيرا بدينا نشوف انوار من بعيد، ابتسامة اترسمت على شفايفي غصبا عني، جا ولد جاري علينا واول ما شاف واحد من الرجال المعانا مسكو حضنو وبكى معاهو زييييين، شوية وجونة مجموعة من الناس وحصلت جوطة بسيطة، كأنو عايزين يعرفو هل طلع ليهم زول من أهلهم أو لا، وسط الجوطة دي رجعت لورا شوية وبقيت بفتش بعيوني على نسمة وعم عادل، لمحتهم واقفين بالطرف ف مشيت عليهم واول ما وصلتهم قلت ليهم حمدلله على السلامه.
عم عادل ابتسم وقال الحمدلله بينما نسمة كانت بتعاين في الناس وهم بتلاقو، عاينت ليهم شوية واتنهدت، جو علينا شباب من القايمين بالمخيم سلمو علينا وساقونا على مجموعات للخيم، كنت حاسي بأمان وراحة بعد تعب ومعاناة وموت محتم.
خدو لينا اكل اكلنا وكأننا بناكل في افخم وجبة في العالم، اتوجهنا على الخيمة بتاعة الدكاترة، فكو لي الشاش من يدي وعقمو لي الجرح ولفوهو من جديد.
عرفت الدكتور على نفسي واني انا دكتور برضو وطلبت منو تلفونو، ما كنت عايز انتظر اكتر، طلعت برا الخيمة واتصلت على رقم اخوي، بعد كم جرس ردا واول ما عرف انو دا انا ما صدق وما اداني فرصة اتكلم وعلى صوتو جو ناس امي واخواتي سامعهم بيتقالعو في التلفون بس اخوي حاتم شالو منهم واخيرا قرر يسمعني بعد سيل من الاسئلة وقالي انو بعد ما انقطعت اخباري واتصالاتي ومع الحاصل كل يوم مدورين بكا في البيت.
حكيت ليهو الحصل بإختصار وطلبت منو يجيني وطوالي طلع في ليلو داك رغم اعتراضي بس قال عشان ما يتأخر علي.
قفلت التلفون وابتسمت، رفعت راسي وبقيت بتلفت، مشيت قدام شوية لقيت نسمة قاعدة قدام خيمة مع مجموعة من النسوان متلحفة ليها بي دفاية، اتقدم وناديتها، استغربت وجات، مديت ليها التلفون وقلت ليها هاك اتصلي على أقاربك.
عاينت لي ثواني قبل ما تشيل التلفون وتمشي بعيد شوية، اتكلمت مسافة وبعد ما خلصت جات رجعتو لي وقالت لي شكرا.
شلتو منها وقلت ليها ان شاء الله ردو عليك؟.
قالت لي ايوا، طلعو في بورتسودان، اعتقد اننا ح نتحرك عليهم بكرة.
قلت ليها بورتسودان، بعيدة، خلاص شوفي انا اخزي مسافر جاي هنا يسوقني، استنوهو نقدمكم عشان ما تتلتلو في المواصلات، سكتت بتفكير وقالت لي " والله ما عارفة، شوف خالي عادل رأيو شنو".
قلت ليها خلاص يا زولة، مشيت رجعت التلفون للدكتور واتشكرتو ومشيت كلمت عم عادل وهو وافق على الفكرة.
فضلنا بعدها في المخيم لغاية ما حاتم اخيرا وصل وكان جاي بعربية ابوي، اول ما اتفاقنا حضنتو شديد وهو كذلك بادلني الحضن، كنت اخيرا حسيت بالأمان، اخيرا حسيت بالعائلة والسند، في اللحظة دي اتذكرت كل الناس الاهلهم ماتو لا اخوان لا ام لا اب، في لحظة في غصة وقفت في حلقي وحمدت ربنا على النعمة الانا فيها حاليا.
عرفتو بعدها على عم عادل ونسمة ووريتو انو لولا الله ثم هم كنت ح اكون ميت حاليا، سلم عليهم وبعدها ودعنا الناس الاتعرفنا عليهم في اليومين دي وركبنا العربية واتحركنا، كنت انا وهو قدام وعم عادل ونسمة ورا، كان قدامنا مشوار سفر طويل وظاهر علينا الإرهاق والتعب عشان مدة حاتم كان بقيف لينا في استراحات كتيرة وانا كلمتو انو يوصل ناس عم عادل لغاية البورت حتى بعدها يودينا البيت. عم عادل لمن عرف اعترض بس انا اصريت.
واصلنا طريقنا وانا اغلب الشارع كنت مقضيهو نوم، كنت بلاحظ لنسمة بتسرح كتير، كنت حاسي ب حزن تجاهها، على الاقل انا ماشي لاهلي، بس هي ما فضل من أهلها القراب غير فرد واحد، كنت بعدي ليهم في سري كتير، الرحلة طولت لغاية ما وصلنا بورتسودان في سلام، وصلناها لغاية الحي المقصود، نزلو ونزلنا معاهم، ودعت عم عادل وحضنتو وسجلت ليهو رقم حاتم ورقمي لغاية ما اجيب لي تلفون واتشكرت نسمة على انهم ساعدوني، ودعناهم وطلعنا على طول.
قضينا الشارع كلو ونسة وضحك وحاتم كان بحاول يحفف علي، كنت بحكي ليهو المريت بيهو وهو ما صدق ابدا اني قت.لت 5 دعامة وما اتوقع الحاجة دي ابدا ف قلت ليهو خاي دة سر بيناتنا لغاية ما اشوف ح احكيهو او لا.
لمن وصلنا البيت استقبلوني بالاحضان الدموع وانا ما قصرت ياداب دموعي جرت زي الناس بس كنت ماسك نفسي قدام أمي وابوي واخواتي، حسيت في نصهم اني في جنة، كونهم كلهم قدامي حاليا دي أكبر نعمة، واخيرا، المعاناة انتهت، منو الكان بصدق اني ح اقد اهرب من براثنهم، دي مشيئة ربنا.
بعدها بديت احاول اعيش حياتي طبيعي، قضيت اسبوع كامل لمن انوم بليل بتجيني كوابيس وكلها عن الد.عامة والموت والدهم، كنت طوالي بصحى مخلوع وبذكر ربنا بس تاني اسبوع الكوابيس خفت لغاية ما انتهت، قضيت اسبوعين في البيت، جرحي التأم وجسمي اتعافي وشديت حيلي ورجعت زي اول واحسن، بس قلبي كان لسة معلق بالنازحين الفي الفاشر، انا اصلا من سافرت من هنا للفاشر سافرت عشان المساكين ديل، بقو شاغلين بالي شديد لغاية ما الاسبوع التالت قررت قرار جديد، لازم ارجع المخيم بصفتي دكتور مع الطاقم الطبي واسعدهم.
امي اول ما عرفت بالحاجة دي اعترضت شديد وانا كنت مصر في نفس اللحظة وانا عاذرها، ابوي اتلكم معاها وفهمها انو المخيم ما في منطقة صراع وكدة، وبعد فهمها الحاصل حتى اتقبلت الفكرة، انا طوالي جهزت حاجاتي واشتريت لي تلفون وشلت لي شنطة صغيرة ، ودعت ناس البيت وسافرت من جديد.
اول ما وصلت اتصلت على الدكتور التعرفة عليهو وجا ساقني للخدمة بتاعتهم، اتعرفت على باقي الدكاترة والدكتورات، ارتحت شوية وقمت بعدها اشتغل بحماس شديد، مريت على الحالات الفي المخيم والأطفال الكانو بيتلقو العلاج هناك، قضيت اليوم كلو كدة وحماسي ابدا ما قلت لغاية ما اذن العصر، كنت في واحدة من الخيم البعيدة بفحص لي في عمك كبير كدة ولمن خلصت طلعت وانا معلق سماعاتي في اكتافي، بقيت بتمشى وبتفرج في المخيم والخير والأطفال اللافين وانا مبتسم، عارف انو في وجع كبير جدا داخل اي زول هنا.
جيت ماري بجنب المكان البطبخو فيهو المتطوعين والمتطوعات، كان في مجموعة كبيرة من الحلل المختوتة في النار، بقيت ماشي وبعاين ليهم وفجأة وقفت بتفاجؤ، بقيت بغالي في نفسي وانا مركز وبقول يا ربي دي هي؟، شكلها هي، معقولة؟، نسمة؟.
كانت واقفة مع المتطوعين بتشرف معاهم على تحضير الاكل ومندمجة، بقيت واقف متفاجئ وفي اللحظة دي هي التفتت وشافتني، ظهر التفاحؤ على ملامحها برضو ف لقيت نفسي بمشي عليها لغاية ما وقفت قدامها وقلت ليها "نسمة؟، كيفك؟".. قالتي لي "بخير الحمدلله، كيفك انت يا دكتور؟". قلت ليها الحمدلله كويس بس الجابر هنا شنو؟".. سكتت وعاينت حواليها ورجعت قالت لي " اعتقد ح يكون نفس السبب الجابك".
واصلت وقالت، خسرت كل حاجة، بس ديل بيفضلو اهلي، حابة اكرس نفسي لمساعدتهم، نحن الوحيدين العارفين الناس ديل مرت بشنو وعانت قدر شنو عشان تصل هنا، والا ما كنت انت رجعت صح؟.
سكتت ثواني وابتسمت وقلت ليها ايوا صح، العاش اللحظة ما زي السمع بيها بس.
قالت لي بالظبط، عشان كدة انا هنا، وانت هنا.
اتنهدت بهدوء وبعدها قلت ليها وعم عادل كيف ووين؟.
قالت لي قاعد في بورتسودان مع أهلنا ونزل شغل، ارقامكم راحت منو عشان كدة ما قدر يتصل ليكم.
قلت ليها ما شاء الله، عادي ما مشكلة عندك رقمو؟.
قالت لي اي، شلت منها رقمو وبعدها هي قالت لي عن اذنك عشان وراها شغل ف قلت ليها بإبتسامة "اتفضلي طوالي".
فاتت وبقيت انا واقف مكاني، بديت اتجول بنظراتي في المكان، منظر ما كنت متخيل اني اشوفو في بلدي ابدا، بس لله حكمة في كل شي، وزي ما بقولو العترة بتصلي المشية، وأنا بدعي، وبتمنى انو وطني يبقى اقوا وأفضل مما كان عليهو وانا موقن انو دة ح يحصل عاجلا ام آجلا بإذن الله وعارف انو ما خاب من ظن في الله خيرا، اتنهدت بقوة وعاينت بنظرة أخيرة للمكان قبل ما اتحرك راجع لشغلي.
