رواية في حد ساعات بيكون بيحبك ومبتشفهوش الفصل الثالث3 بقلم خديجه احمد

رواية في حد ساعات بيكون بيحبك ومبتشفهوش الفصل الثالث3 بقلم خديجه احمد
على السفرة الجو كان عادي، ضحك وكلام عادي بين القرايب.
محمود بين كل شوية يبص لبسمه، ولما عينه وقعت عليها ابتسم ابتسامة صغيرة. هي حسّت بحرارته في النظرة، واتكسفت بسرعة ونزلت عينيها في طبقها. قلبها كان بيرقص ومش عارفة تسيطر على وشها اللي أحمر من غير ما تحس.

بعد الأكل، قام محمود ووجّه كلامه بهدوء لأبو بسمه:
– كنت عايزك في موضوع يا عمي… لو ينفع على انفراد.

أبو بسمه استغرب شوية وقال:
– آه آه طبعًا، تعالى يا ابني.

خرجوا للبلكونة، والجو كان فيه هواء خفيف بيزق الكلام ويخليه أوضح.
محمود كان باين عليه متوتر، بس صوته ثابت:
– عمي… أنا عايز أطلب إيد بسمه.

وش أبو بسمه اتبدل، الصدمة غطّت ملامحه:
– بسمه؟! إنت متأكد يا محمود؟!
سكت لحظة، وبعدين كمل:
– إنت عارف إنها أكبر منك، و… اسمح لي في كلامي، مامتك أصلًا ما بتحبهاش ولا بتحب عمتك.

محمود خد نفس وقال بتفهم وإصرار في نفس الوقت:
– فاهم يا عمي. بس أنا بحب بسمه بجد، وأخلاقها وتربيت حضرتك ليها دليل إنها تنفع تبقى زوجة وأم… وتحافظ على بيتها.
أما موضوع أمي، فدا أنا مأمنه… أنا هسكن في شقة بعيد، بحيث ميبقاش فيه احتكاك بينهم كتير.

أبو بسمه فضّل ساكت لحظة، عينيه فيها تردد:
– طيب يا ابني… أنا هسألها الأول وأشوف رأيها.

محمود ابتسم ابتسامة مليانة احترام وقال:
– خد راحتك يا عمي… أهم حاجة رأيها.

وهما لسه واقفين، في الضهرية دي، سلمى اخت بسمه كانت معدية وسمعت كل كلمة. قلبها وقع من المفاجأة، جريت على أوضتها بسرعة، دخلت وهي بتلهث وقالت:
– بسممممه! محمود طلب إيدك من بابا!!!

بسمه كانت قاعدة في أوضتها، ماسكة كتاب قدامها بس عقلها مش حاضر. 

الكتاب وقع من إيد بسمه وهي اتجمدت مكانها. وشها سخن، قلبها بيخبط في صدرها كأنه هيقع.
– إيه؟! إنتي بتقولي إيه يا سلمى؟!

سلمى قعدت جنبها، بتضحك:
– زي ما بقولك كده… سمعته بعنيا وهو بيكلم بابا في البلكونة. قاله إنه بيحبك وعايز يتجوزك.

بسمه حطت إيديها ع وشها، مش مصدقة، صوتها واطي ومرعوش:
– معقولة… بجد قال كده؟

سلمى خبطتها بخفة:
– أيوه يا بنتي! دا واضح إنه جد جدًا… وبابا قال هيشاورك الأول.

بسمه قعدت ساكتة شوية، عينيها تلمع بين خوف وفرحة، وهي بتقول لنفسها:
"يعني بجد… هو واخدني بجدية كده؟ أنا خلاص… مش بحلم؟"
سلمى قاعدة على السرير، عينيها متسعة من الصدمة:
– رحتي فين يا بنتي؟! هتعملي إيه في المصيبة دي؟

بسمه رفعت حاجبها باستغراب:
– مصيبة ليه يعني؟

سلمى اتنهدت وقالت بسرعة:
– أنا وانتي عارفين إن الموضوع شبه مستحيل… أكبر منك وبعدين مرات خالك… الحرباية!

بسمه ضحكت بخفة، فيها شوية عصبية:
– يوه! هو كل شوية هتقولولي فرق السن فرق السن… أنا ومحمود الفرق بينا مش كبير أوي.

سلمى بصتلها بدقة، كأنها بتحاول تقرأ قلبها:
– أفهم من كده… إنك موافقة؟

وش بسمه احمر، وابتسامة صغيرة طلعت غصب عنها. قلبها بيرقص، بس لسه في جزء منها متلخبط.
– …أنا موافقة يا سلمى… بس خايفة.

باب الأوضة اتفتح فجأة، ودخل أبوهم ومعاه الأم. الجو اتغير في لحظة.

الأب بص لهم باستغراب:
– إيه يا بنات، بتتكلموا في إيه كده مهم؟

بسمه قامت بسرعة، مرتبكة:
– لا… لا يا بابا، كنا بنتكلم عادي.

الأوضة كانت ساكتة، والدنيا واقفة للحظة.
أبوهم بص لسلمى وقال بهدوء:
– طيب يا سلمى، ممكن تسيبينا مع أختك شوية؟

سلمى: حاضر يا بابا… وخرجت وهي عينيها لسه رايحة جاية بين بسمه وأبوها.

سكت أبو بسمه ثواني طويلة، وبعدين قال بنبرة واضحة:
– محمود طلب إيدك النهارده.

وش بسمه احمر، إيديها اتشابكت في بعض، بصت في الأرض وقالت بتلعثم:
– سلمى قالتلي…

أبوها حرك راسه وقال:
– طيب يا بسمه، انتي عارفة طبعًا الأسباب اللي تخلينا نتردد ونقول لأ… بس عايز أسمع منك. رأيك إيه؟

قلبها دق بسرعة، حسّت إن الفرصة ممكن تضيع منها، رفعت وشها وقالت بصدق:
– بابا… أنا موافقة. محمود شخص كويس، وانتوا عارفينه، وهيحافظ عليا.

الأم ماقدرتش تسكت أكتر، فقدت أعصابها وقالت:
– محمود آه… لكن أمه؟! يا بنتي أمه مش هتسيبكم في حالكم. دي هتتدخل في حياتكم يوم ورا يوم، وهتعمل عليكِ حما.

بسمه حاولت تفكر بعقل، صوتها هادي لكنه مليان إصرار:
– أنا عارفة يا ماما، بس محمود مش هيسيبني. هيحميني، ومش هيخليها تعملي حاجة. زي ما دايمًا بيدافع عني، هو هيكمل كده. مش كده يا ماما؟

الأم هزت راسها بوجع وقالت:
– بيدافع عنك أيوه… لكن قدام أمه؟! قدامها ما يعرفش يفتح بقه. يحميكي إزاي وهو نفسه معرفش يحمي نفسه منها زمان؟
سكتت بسمه، صوتها اختفى، وكأن الكلام اتسرق من على لسانها.
هي عارفة إن كل كلمة قالتها أمها صح… وعارفة قد إيه الموضوع صعب، بس في نفس الوقت قلبها بيصرخ باسم محمود، ومش مستعدة تسمح لحد يقف بين حبهم.

أبوها بصّ لها بنظرة هادية وحاسمة في نفس الوقت وقال:
– متستعجليش يا بسمه. فكّري كويس… قدامنا أسبوع كامل، وبعدها نقول رأينا. وربنا يعمل اللي فيه الخير. أنا مش هقف قدام سعادتك، بس لازم تفكري بعقلك. إحنا مش بنبص للوقت ده… إحنا بنبص للمستقبل، لما يبقى فيه بيت وجواز ومسؤوليات.

الكلمات نزلت تقيلة عليها… قلبها عايز يفرح، لكن عقلها بيشدها لواقع أصعب.
ولما خرجوا، وسابوها لوحدها… حسّت إنها غرقانة في بحر تفكير ملوش قرار.
قلبها بيتنازع بين الأمل والخوف… بين محمود اللي بتحبه، والواقع اللي بيخوفها.

الغرفة رجعت للسكوت، وعيون الكل رايحة ناحية بسمه، وهي لأول مرة حاسة إنها واقفة بين نارين… قلبها اللي عايز محمود، وعقل أهلها اللي شايف الخطر في أمه.

بعد ما خلص أبو بسمه كلامه مع بنته، قرروا يفتحوا موضوع محمود قدّام باقي العيلة.
اتجمعوا في الصالون، الجو كان فيه توتر واضح، وكل واحد مستني التاني يبدأ.

أبو بسمه قال بهدوء:
– محمود طلب إيد بسمه… وأنا قلت نفكر ونشوف.

سكتت الكلمة في الجو، وبدأت العيون تدور بين بعض.

عمها الكبير قال:
– محمود ولد كويس، وراجل من صغره… بس الفرق في السن يخلي الواحد يقلق شوية.

سلمى بسرعة:
– الفرق مش كبير أوي يعني، وبعدين إيه المشكلة لما يكونوا مستلطفين بعض؟

واحدة من الخالات علّقت:
– لا يا حبيبتي، الجواز مش حب وبس، دا مسؤولية، ومش أي كلام كده.

 مروان قال وهو متردد:
– أنا بحب محمود ومعتبره أخويا، بس خايف مامتُه تعمل مشاكل بعد الجواز…

الكلام فضل رايح جاي، في اللي شايف إن محمود ولد كويس ودي فرصة حلوة، وفي اللي متردد بسبب أم محمود أو فرق السن. الجو بقى خليط من الأصوات والآراء، وكل كلمة بتخلي بسمه قلبها يتقلب أكتر.

لما الأصوات هديت شوية بعد كلام مروان، ملك دخلت فجأة في النص بنبرة فيها خبث واضح:
– يعني معقول يا جماعة؟! محمود لسه متخرجش أصلاً، وكمان أصغر من بسمه… إيه اللي يخليها توافق عليه؟!
بعدين رفعت حواجبها وكملت:
– بسمه بنت جميلة ومتعلمة، ينفع تستنى حد أحسن كتير… مش تشيل هم مشاكل بيت تاني وخصوصًا مع أم محمود.

القاعة سكتت للحظة، كل واحد حس إن ملك بتتكلم من غيرة أكتر من إنها نصيحة.
سلمى ردت بسرعة بعصبية:
– إنتي مالك أصلاً يا ملك؟ إحنا كعيلة اللي نقول رأينا مش حد غريب عن الموضوع!

ملك اتنرفزت وقالت:
– أنا مش غريبة، أنا قريبتكو وبرضه ليا رأي…

لكن أبو بسمه أنهى النقاش بحزم:
– خلاص يا ملك، رأيك وصل… وكل واحد قال اللي عنده. القرار في الآخر راجع لبسمه.
بعد يوم طويل من نقاشات العيلة، بسمه كانت قاعدة في البلكونة لوحدها، الهوا بيحرك طرحتها الخفيفة، وعيونها سرحانة بعيد. قلبها مليان قلق… خايفة من كلام أم محمود، وخايفة من رفض أهلها، لكن جواها صوت صغير بيقول: هو دا الشخص اللي بتحبيه… ليه تخافي؟

فجأة، سمعت خطوات وراها. التفتت… لقت محمود واقف، ملامحه فيها إصرار لكنه برضه متوتر.
– "بسمه…" قالها بصوت هادي.

هي حاولت تبتسم، لكن عنيها كانت باينه قلقها.
– "محمود… إنت عارف إن الدنيا كلها مقلوبه علينا، صح؟"

محمود قرب منها خطوتين، وصوته مليان صدق:
– "عارف يا بسمتي، بس أنا مش داخل الحرب دي عشان أخسر. أنا عايزك، وهفضل أتمسك بيكي لآخر نفس."

دموعها لمعت وهي تبصله:
– "بس أمك… وأهلي مترددين… أنا مش عايزة أبقى سبب مشاكل بينك وبينهم."

مد محمود إيده وكأنه بيطمنها:
– "بسمه، مفيش حاجة في الدنيا تخليني أسيبك. الخلافات دي مش هتخليني أتراجع. أنا مش هخليكي لوحدك في وش أي حاجة… أنا معاكي، مهما حصل."

سكتت لحظة، قلبها بيرقص من كلامه، لكن عقلها لسه بيتصارع.
قالت بصوت متقطع:
– "طب لو رفضوا؟"

ابتسم محمود ابتسامة فيها قوة:
– "ساعتها هنثبتلهم إن حبنا أقوى من أي كلام… بس خليني أطلب منك حاجة."

– "إيه؟"

– "متتراجعيش. لو إنتي واثقة من اللي بينا… هنكمل سوا. أوعديني."

اترددت بسمه ثانية، لكن وهي تبص في عيونه، لقت الطمأنينة اللي بتدور عليها. هزت راسها ببطء:
– "بوعدك."

الجو كان ع الصبح مليان ريحة عيش سخن وضحك خفيف حوالين الصفرة، بس قلب بسمه كان مليان توتر. كل كلمة بتتقال كانت بتحرك جواها مشاعر متلخبطة…

الجد بصوت هادي لكن مليان هيبة:
– "عرفت إن محمود طالب إيد بسمه."

بسمه شرقت بالعصير، وسلمى ضربت على ضهرها بخفة وهي بتكتم ضحكة.
محمود ابتسم ابتسامة واثقة وقال:
– "أيوه يا جدي… ومستني ردها."

الكلام وقع زي الطبطبة على قلب بسمه، لكنها غرقانة في كسوف واضح، عينيها مثبتة في طبقها عشان متواجهش النظرات.
الجد قال وهو بيبص بين الاثنين:
– "خير إن شاء الله… انت وبسمه لايقين على بعض ما شاء الله."

محمود رفع عينه لبسمه بابتسامة كلها رضا وأمل، وهي قلبها بيرقص بس ملامحها باينة عليها الخجل.

لكن اللحظة الحلوة اتقطعت فجأة…
أم محمود اللي كانت قاعدة صامتة طول الوقت، مسكت الخيط وقالت بنبرة اعتراض واضحة:
– "والله يا حمايا أنا مش عاجبني الحوار كله من أوله."

الصفرة سكتت، والعيون كلها اتلفت ناحيتها.
أبو محمود رفع عينه وبصلها بنظرة تقيلة وقال بصرامة:
– "قلتلك متفتحيش الموضوع هنا."

بس هي شدت نفسها وقالت:
– "لأ… لازم أقول. الجوازة دي مفيهاش خير، بسمه زي أخت لمحمود، وبعدين هي أكبر منه، وكمان… أنا مش هقبل حد من ولاد أختك يدخل بيت ابني."

الكلام وقع تقيل على بسمه، حسّت كأنها بتتهز من جواها، لكن في نفس اللحظة شافت محمود، عينيه واقفة زي السند، مليانة دفاع وإصرار.

الصفرة اتحولت لساحة شد وجذب.
محمود وقف، صوته مليان حزم وإصرار:
– "أمي… كلامك مش هيفيد. أنا بحب بسمه وهتجوزها."

الكلمة نزلت زي الحجر، محدش قدر يرد في الأول.
أم بسمه، اللي قلبها كان مولّع من كلام أم محمود، انفجرت وقالت بصوت مليان كرامة وغضب:
– "ابنك يتشرف إنه هيتجوز بنت من بناتي."

بسمه اتوترت جدًا، وشعرت إن الكلمة خرجت من قلب أمها من غير حساب. بسرعة مدت إيدها، مسكت إيد مامتها تحت الصفرة وقالت بصوت واطي وهي بتحاول تهديها:
– "ماما بالله عليكي… هدي."

محمود بص لها، وشاف خوفها وتوترها وهي بتحاول تحافظ على الجو ما يتفجرش أكتر. عينيه قالت من غير كلام: "أنا هنا… ومش هسيبك."

الجو بقى تقيل… الكل ساكت، الجد بيبص للكل بعينه الحكيمة، وأبو محمود ماسك نفسه بالعافية عشان الموقف ما ينفجرش أكتر.

الصفرة كلها اتجمّدت بعد كلام أم محمود، والجو مليان صمت ثقيل.

الجد رفع صوته بنبرة فيها حزم:
– "هو مفيش احترام لوجودي ولا إيه؟ ي محمد… مش قادر تلم مراتك ولا إيه!"

أم محمود حاولت ترد بصوت متردد:
– "أنا… أنا قصدتش يا حمايا…"

لكن قبل ما تكمل، قاطعها الجد بحزم:
– "الكلام انتهى! لما تتعلمي تحترمي الكبير اللي قاعد قدامك، ساعتها تبقي ليك كلمة. يلا ي محمد، خد مراتك وروّحو على شقتكم."

محمود وقفت قدام الكل، عينيها كانت مليانة دهشة وحيرة من المشهد كله. أم محمود بصت لمحمود وقالت:
– "لو اتجوزتها… يبقى لا انت ابنّي ولا أنا هاعرفك."

وبعدها خرجت بسرعة من المكان، سايبة الكل في صمت تقيل، والصدمة واضحة على وجوههم، وبسمه واقفة تحاول تفهم الوضع، وهي حاسة خليط من الحزن والخوف لكنها عارفة إنها لازم تسيب المشاعر تتجمع قبل ما تاخد أي خطوة.

الجد رفع صوته بحزم:
– "اقعدوا وكملوا أكلكوا يلا!"

الكل رجع يقعد حوالين السفرة، لكن الجو لسه متوتر.
بسمه مسكت تليفونها، ولقت رسالة من محمود وهو قدامها على السفرة، بس عايز محدش يلاحظ:
"بعد كلام أمي… دا خلاني أتمسك بيكي أكتر."

بسمه بصت له بسرعة، قلبها دق، وبعد شوية كتبت له:
– "أنا خايفة."

محمود رد بسرعة وبصوت هادي بس مليان ثقة:
– "متخافيش… طول ما أنا معاكي. اعرفي إني دايمًا هختارك."

بسمه خدت نفس عميق، حست بشوية راحة، لأن كلماته خليتها تحس بالقوة وسط التوتر اللي حواليها.

بعد ما خلصوا الأكل والجميع رجع يتكلم عادي، محمود استجمع شجاعته وراح ناحية عمّه.
وقف قدامه وقال بصوت فيه إحراج واضح:
– "أنا آسف يا عمي على اللي حصل."

العم ابتسم ابتسامة هادية، وحط إيده على كتفه وقال:
– "متتأسفش يا محمود، إنت ملكش ذنب في اللي اتقال. لكن يا بني… اللي عملته أمك دا مش صح. ولو بسمه وافقت عليك، تبقى أنا سلّمتك بنتي أمانة. يعني لازم تحافظ عليها من أي أذى… حتى من أقرب الناس ليك."

محمود شدد كلامه وهو واقف بثبات:
– "طبعًا يا عمي. وأظن حضرتك شوفت أنا وقفت إزاي جنب بسمه لما اتقال عليها كلام مش في محله."

العم نظر له بنظرة فيها فخر وقال:
– "شوفت… وربنا يعلم إنت كبرت في نظري قد إيه في اللحظة دي. ربنا يحفظك ويهدي خطاك يا بني."

في الشقة بعد ما رجعوا من بيت العيلة، الجو كان مولّع.
محمد (أبو محمود) قاعد متعصب، صوته عالي:
– "يعني أنا كلامي مبيتسمعش؟!"

أم محمود ردت بنبرة متحدية:
– "لا يا محمد، بس اللي ابنك ناوي يعمله أنا مش موافقة عليه، ومش هسكت!"

محمد شدد صوته أكتر وهو متحكم بصعوبة في أعصابه:
– "انتي مش بس اعترضتي، انتي بوظتي شكلي قدام أبويا! وقالي إني مش عارف أسيطر على أهل بيتي. مش شايفة إن اللي عملتيه دا قلل مني؟!"

أم محمود برضه عليت صوتها:
– "قلل منك؟! طب ما تقلل… هتعمل إيه يعني؟!"

محمد سكت لحظة، الغضب مكمكم في صدره، وبعدين فجرها:
– "أنا هقولك… إنتي طالق!"

الكلمة وقعت في المكان زي الصاعقة. صوتها كان أعلى من أي خناقة، وأقوى من أي اعتراض.
أم محمود اتجمدت مكانها، ووشها اتبدل من الغضب للذهول… ومفيش غير صمت تقيل مالي الشقة.
وخرج محمد بعصبيه من الشقه ورزع الباب وراه 
محمود حس إن الدنيا اتشقلبت فوق دماغه، قاعد قدام أبوه ومش قادر يستوعب.
صوته كان متقطع وهو بيقول:
– "يعني إيه يا بابا؟ إزاي كدا فجأة؟!"

محمد حاول يبان ثابت لكن صوته فيه وجع:
– "يا ابني… أمك لسانها وجعني طول السنين، وكنت ساكت عشان البيت والعيال. بس النهارده زودتها… خلتني أبان صغير قدام أبويا وقدام العيلة كلها."

محمود بحيرة وغضب:
– "بس يا بابا دي أمي! إزاي يعني فجأة تقول خلص؟ طب أنا ولارا هنعيش إزاي؟ إيه نظامنا؟"

محمد شد نفسه وقال بهدوء مُر:
– "إنت راجل يا محمود، ولازم تفهم. في حاجات بتكسر جوانا ومينفعش تتصلح… واللي حصل النهارده كان النقطة اللي كسرتني. أنا وأمك خلصنا… وانتوا هتعرفوا تتأقلموا. إنت ولارا كبار كفاية إنكم تفهموا وتوقفوا على رجلكم."

محمود ساب الكلمة الأخيرة تدوي في ودنه… “خلصنا”.
كأنها سكين في قلبه. مش عارف يزعل على نفسه ولا على أمه ولا على أبوه… ولا يزعل على الحلم اللي كان بيبني بيه بيت مع بُسمة وسط عيلة متماسكة.

بعد شوية، الكلمة انتشرت في البيت أسرع من النار في الهشيم.
سلمى أول واحدة دخلت أوضة بُسمة وهي متوترة:
– "بُسمة… سمعتي؟"

بُسمة رفعت عينيها من الكتاب اللي قدامها، قلبها اتقبض وهي شايفة ملامح أختها:
– "سمعت إيه؟"

سلمى تنهدت وقالت بسرعة:
– "خالك… طلّق مراتُه."

الكتاب وقع من إيد بُسمة على طول، وشها شحب:
– "يعني إيه؟! إزاي فجأة كدا؟"

سلمى:
– "قدام العيلة كلها تقريبًا… بعد الخناقة الكبيرة. مامت محمود قالت كلمة وجده اتعصب… وخالك اتجنن وطلّقها."

بُسمة قعدت على طرف السرير، إيديها بتترعش:
– "يا نهار أبيض… طب ومحمود؟!"

سلمى:
– "لسه مش مستوعب زينا كدا… بس شكله مكسور أوي."

بُسمة حطت إيدها على قلبها، بتحس إن الصخرة اللي بينهم وبين حلمهم كبرت أكتر.
كل كلمة من أم محمود بقت خطر على علاقتهم… وده ممكن يخلي الدنيا أصعب من اللي كانت متخيلة.

قعدت تهمس لنفسها:
– "يا رب… قوّيه، قوّينا سوا. أنا مش هسيبه مهما حصل."

الليل كان ساكن، البيت كله متوتر بعد الخبر.
بُسمة كانت قاعدة في أوضتها، مش قادرة تفضل بعيدة… قلبها بيشدها ناحية محمود.
قامت، لبست طرحتها بسرعة وخرجت من أوضتها بخطوات مترددة لحد ما وصلت لشقته.

خبطت خبطات خفيفة…
فتح الباب، ظهر محمود، وشه باين عليه الانكسار والتعب، عينه حمرا من كتر التفكير.

وقفوا لحظة ساكتين، كل واحد مش عارف يبدأ منين.
هي قطعت الصمت وقالت بهدوء:
– "ممكن أدخل؟"

هز راسه ودخلها، وقفل الباب وراه.
قعدوا في الصالة، هو مرمي ع الكنبة وإيده ماسكة راسه.

بُسمة بصوت كله قلق:
– "أنا سمعت اللي حصل… إنت كويس؟"

محمود ضحكة صغيرة طالعة من وسط الوجع:
– "كويس؟… أمي بقت مش معانا، البيت اتشق نصين، وأنا تايه بين إن ده حقي… وإن اللي بيحصل أكبر مني."

بُسمة قربت منه، صوتها مرتعش بس قوي:
– "إنت مش لوحدك… أنا معاك. اللي حصل دا مش ذنبك، ولا هيسرق مننا اللي بنحلم بيه."

محمود رفع عينه وبصلها نظرة مليانة وجع وأمل في نفس الوقت:
– "بسمة… أنا خايف عليكِ من كل ده. خايف إنك تدفعي تمن وجودي."

هي مدت إيدها وغطت إيده بإيديها وقالت بكل يقين:
– "أنا اخترتك… قبل أي حاجة. حتى لو الدنيا كلها وقفت قصادنا، أنا ومحمود ضدهم."

الكلام دخل قلبه زي البلسم، لأول مرة من ساعة اللي حصل حس إنه مش وحيد.

محمود ساب نفسه للحظة في اللمسة دي، عينه لمعت ووشه ارتخى من التعب والضغط اللي جواه.
ابتسم ابتسامة صغيرة وقال بصوت مبحوح:
– وجودك في حياتي هو اللي مخليني مستحمل يا بسمتي… إنتي مش عارفة إنتي سند قد إيه.

بسمه قربت أكتر، كلامها طالع من قلبها:
– وأنا مش هسيبك أبدًا. طول ما أنا هنا، متشيلش هم لوحدك.

محمود أخد نفس عميق، وكأنه لقى الأمان اللي بيدور عليه من زمان. قال بحزم ممزوج بالحنان:
– خلاص، من النهاردة مفيش حاجة هنواجهها غير وإحنا مع بعض.

وبين اللحظة واللي بعدها، كان كل واحد فيهم عارف إن الكلام ده وعد، مش مجرد لحظة عاطفة.

اليوم ده كان تقيل على الكل… البيت كله كان ساكت بطريقة خانقة.
محمد (أبو محمود) قاعد متجهم، وصوته ناشف وهو بيرتب مع المأذون. أم محمود قاعدة ع الطرف، عنادها واضح في عينيها رغم إن قلبها بيتقطع، لكنها مكابرة ومش عايزة تورّي ضعفها.

محمود كان واقف في الركن، قلبه بيتخبط في صدره. لارا، أخته، عمالة تبكي من غير ما توقف، مش مستوعبة إزاي البيت بيتقسم قدام عينيها.

في وسط الجو ده، رن موبايل محمود. بصّ للشاشة… "بسمه".
اتردد لحظة، لكن رد.

صوتها كان مليان حنان وهدوء:
– "ربنا يخفف عنك يا محمود… أنا عارفة اليوم ده صعب، بس صدقني هتعدي، وهتكون أقوى بعدها."

ابتسم ابتسامة حزينة، وتنهد كأنه أخد نفس من ريحة أمان:
– "خير يا بسمتي…"

وبصوت منخفض قفل المكالمة، عشان يرجع للواقع اللي أصعب من أي حاجة عاشها قبل كده… جلسة الطلاق.

بعد ما المأذون مشي، البيت كان صامت بطريقة مخيفة.
محمود قاعد ع الكنبة، إيده ماسكة راسه، مش مستوعب إن الكلمة اتقالت رسمي خلاص.

لارا نزلت من أوضتها وهي عينيها متورمة من كتر العياط، وقعدت جنبه.
بصت له وقالت وهي بتحاول تتكلم وسط دموعها:
– "يعني خلاص؟ بقت مش معانا؟"

محمود حاول يثبت نفسه ويخلي صوته هادي رغم إن قلبه بيتوجع:
– "خلاص يا لارا… اللي بين بابا وماما انتهى. بس هي عمرها ما هتبطل تبقى أمنا."

لارا مسحت دموعها بسرعة، وقالت بانفعال:
– "أنا مش عارفة أعيش من غيرها يا محمود، هي مهما كانت بتزعق وبتخانق، بس وجودها كان مالي البيت… البيت دلوقتي فاضي."

محمود شدها جنبه، وحط إيده على كتفها:
– "اسمعيني… البيت مش فاضي طول ما إحنا مع بعض. أنا وانتي هنمسك في بعض أكتر من الأول، وهنتحمل. وإنتي مش لوحدك… طول ما أنا عايش عمرك ما هتتكسري."

لارا فضلت تبكي على صدره، وهو لأول مرة حس إنه مش مطالب بس يكون ابن، لكنه كمان لازم يكون السند لأخته… والاتنين دلوقتي محتاجين يشيلوا بعض.

 الأسبوع عدى ببطء خانق، كل يوم أثقل من اللي قبله. جو البيت كله كان متلبّد بالحزن بعد طلاق محمد وأم محمود… الكل مازال مش مستوعب إن بيت كبير اتقسم نصين.

بس محمود كان قلبه مشغول بحاجة واحدة: بسمه.
الحزن مشغله، لكن خوفه الأكبر كان إنه يخسرها. كان بيشوفها أمله الوحيد وسط الغيوم، وكان مصمم يعرف ردها بسرعة، كأنه بيتمسك بطوق نجاة في بحر متلاطم.

في اليوم الموعود، اتجمعت العيلة كالعادة. الجو مش فرح، لكنه مشتعِل بالترقّب.
الجد قعد في صدر القاعة وقال بهدوء جاد:
– "خلاص يا بسمه… جه وقت القرار. قولي كلمتك بصراحة. وإحنا راضين باللي تشوفيه فيه الخير."

بسمه قلبها كان بيدق بسرعة، عينيها اتحركت بين أبوها، وأمها، ومحمود اللي كان واقف بعيد شوية، عينه مثبتة عليها،.
هي خدت نفس عميق… حست إن كل أسبوع الحزن والقلق ده اختُصر في اللحظة دي.
قالت بصوت واضح، رغم رعشة بسيطة:
– "أنا… موافقة. موافقة إني أكون مع محمود."

القاعة كلها اتقلبت: أم بسمه دمعت، سلمى ضحكت من غير ما تاخد بالها، والجد هز راسه برضا.
أما محمود… ملامحه ارتخت فجأة، ابتسامة صافية طلعت من قلبه، كأنه اتحرر من قيد كان ماسكه.

قرب خطوتين وقال بصوت مسموع للجميع:
– "أنا أوعدك يا بسمه… أوعدك قدام الكل، إن عمري ما هخليكي تندمي على اختيارك."

ملك أول ما سمعت إن بسمه قالت الكلمة الفاصلة ووافقت على خطوبة محمود، عينيها اتسعت وصوتها طلع فيه غيظ مكتوم:

– "إيه؟! إنتي بتقولي إيه يا بسمه؟"

بسمه حاولت ترد بهدوء:
– "ملك… أنا بحبه ومش عايزه أسيبه."

ملك انفجرت:
– "إنتي مش فاهمة حاجة! هو صغير عليكي، وأمه مش طايقاكي، وانتي لسه بتقولي هتتجوزيه؟! إنتي كده بتدمّري نفسك بإيدك!"

محمود شد نفسه وقال بحزم:
– "ملك، كفاية. القرار قرار بسمه، مش قرارك."

ملك بصّت له بحدة، والدمعة في عينيها بين الغضب والكسرة، وقالت:
– "آه طبعًا، م انت عمرك ما شفتني ولا حسبتني… طول عمرك شايفها هي وبس."

سكت المكان لحظة، الجو كله اتوتر. بسمه قلبها وجعها من كلام ملك لأنها حست إن الغيرة هي اللي بتحركها، مش الخوف عليها.

ملك سابتهم وقامت، وقالت بصوت متكسر:
– "خلاص، اعملوا اللي انتو عايزينه… بس متلوموش غير نفسكم بعدين."

وخرجت، تاركة وراها صدى غيرة موجوعة وكلام يرن في ودان بسمه.

بعد شويه 

البيت اللي كان عايش في جو حزن بسبب الطلاق، دخل عليه نسمة فرح.
الجد ابتسم ابتسامة من قلبه وقال:
– "مبروك يا ولاد… ربنا يتمملكم على خير."

أبو بسمه مد إيده وصافح محمود:
– "من النهارده إنت مش بس ابن اخو مراتي  أختي… إنت بقيت رسميًا عريس بنتي."

محمود وشه منور، عينيه كلها فخر وسعادة، وهو يبص لبسمه اللي كسوفها كان واضح، بس جواها قلبها بيرقص.

أم بسمه رغم القلق اللي لسه جواها، ابتسمت وقالت:
– "ربنا يسعدكم ويحفظكم من كل شر."

سلمى أخت بسمه طارت من الفرحة:
– "الففف مبروووك ي بسمومههه!

العيلة كلها قامت تسلم وتبارك، الضحك والتهاني رجّعوا للبيت روحه. محمود ماكانش مصدق إن اللحظة دي وصلت فعلاً، مسك إيد بسمه بخفة تحت الترابيزة وهمس:
– "انتي بقيتي ليا."

بسمه اتكسفت، بس عينيها قالتله: "وأنا طول عمري ليك."

اليوم كان مليان فرحة في بيت العيلة، بالونات بيضا وفضي متوزعة في كل مكان، ورد طبيعي بيرش ريحته في القاعة، والزغاريد شغالة من أول ما الضيوف بدأوا يدخلوا.

بسمه نزلت لابسة فستان روز فاتح ناعم، واسع وأنيق، فيه تطريز خفيف عند الخصر وبينسدل لحد الأرض. طرحتها (الإيشارب) كانت ستان بنفس درجة الفستان، متزينة بدبوس لامع على الجنب، ومرفوعة بطريقة بسيطة وشيك، مديّاها شكل أميرة. مكياجها كان هادي جدًا: "روج" غامق فاتح، ورموش خفيفة، وكسوفها الطبيعي مكمل جمالها.

محمود كان واقف مستنيها ببدلته الرمادي الغامق على قميص أبيض وببيونة سودا. أول ما شافها داخلة، عينيه اتثبتت عليها، وابتسامة عريضة طلعت منه من غير ما يحس.

سلمى (أخت بسمه) لابسة فستان سماوي بسيط، وفرحانة أوي لأختها، بتبص عليها كل شوية وتقول لها "قمر يا بسمه".

ملك بقى، لابسة فستان أخضر غامق، ستايله ملفت، وقاعدة بتضحك ابتسامات مصطنعة، لكن عينيها كل شوية تروح على محمود وبسمه، والغيرة باينة مهما حاولت تخفيها.

الجد قال بصوت كله فخر:
– "ما شاء الله… العروسة محجبة زي القمر والعريس زي البدر، ربنا يتمملكم على خير."
والكل قال: "آمين."

الزغاريد عليت أكتر، ومحمود مد إيده بكل هدوء لبسمه عشان يلبسها الدبلة. إيده كانت ثابتة بس عينه مليانة فرحة.
هي بدورها لبسته الدبلة بإيدها المرتعشة من التوتر والفرحة، والقاعة كلها صفقت لهم.

محمود وهو ماسك إيدها بخفه وسط دوشة الزغاريد والضحك:
– "بحبك ي بسمتي…"

الكلمة خرجت من قلبه قبل لسانه، كأنها وعد قدام كل الدنيا.
بسمه اتكسفت، خدودها حمّرت وهي منزلة عينيها للأرض:
– "وأنا كمان…"

ابتسم محمود للحظة، بس ملامحه اتغيرت بعدها، صوته بقى أهدى ومليان وجع خفي:
– "عارفة… كنت بتمنى إن ماما تكون معايا النهارده."

بسمه رفعت عينيها له، لقت لمعة حزن مستخبية ورا ابتسامته. قلبها اتقبض عليه. قربت أكتر، بصوت واطي عشان محدش يسمع غيره:
– "متضايقش نفسك… انت عملت اللي عليك، عزمتها وهي اللي اختارت تبعد. ربنا معانا، ومع الوقت يمكن قلبها يلين."

محمود اتنهد، وحاول يخبي دمعة فضحت عينه بابتسامة صافية:
– "طول ما إنتي معايا… مش فارق معايا مين معانا ومين ضدنا."

وفي اللحظة دي، دخل صوت الجد بضحكة عالية:
– "يلا يا عرايس… ابتسموا للكاميرا!"

فاتصورت لقطة… محمود ماسك إيد بسمه، هو مبتسم ابتسامة واسعة وهي مكسوفة، لكن في عينيهم الاتنين كان باين إن اللحظة دي أكبر من مجرد خطوبة… دي بداية حكاية.

الأغاني عليت والأنوار بتلمع، العيله كلها واقفه في النص، ترقص وتزغرد وتضحك.
بسمه محاطة بالحب والفرحة، ومحمود مش شايف غيرها.

لكن على جنب… ملك كانت قاعدة في ركن بعيد، سايبة ضحكة باهتة على وشها بس عينيها مليانة غيرة ووجع، كأنها بتحاول تكتم نار جواها محدش حاسس بيها.

مروان لمحها من بعيد، استغرب ليه قاعدة لوحدها كدا، فقرر يقرب.
وقف قصادها وقال بابتسامة صغيرة:
– "مالك يا ملك؟ مش المفروض تكوني فرحانة زيهم؟"

ملك رفعت عينيها ليه بسرعة، وابتسمت ابتسامة ضعيفة وهي تهز كتافها:
– "أنا؟ فرحانة أوي… بس شكلي مش بعرف أفرح زي الباقيين."

مروان قعد جنبها وقال بنبرة جادة:
– "اللي في عيونك بيقول غير كدا… انتي مش مبسوطة بخطوبتهم، صح؟"

ملك اتحرجت، حاولت تخبي مشاعرها وقالت:
– "هو… يعني… كنت متوقعة حاجات غير كدا."

مروان فضل ساكت لحظة، وبعدها قال بهدوء:
– "أوقات اللي احنا عايزينه مش هو اللي مكتوب لينا… بس برضه، متخليش غيرتك تاكلك. لو بتحبي نفسك بجد، لازم تسيبي قلبك يلاقي طريقه بعيد عن اللي مش ليكي."

ملك بصت للأرض، دمعة صغيرة لمعت في عينها وهي تهمس:
– "يمكن معاك حق…"

مروان وهو بيبص لملك شاف إنها مش مجرد بنت غيورة… لأ، جواها كركبة كبيرة من مشاعر، ويمكن حاسة إنها اتكسرت.
هو مد إيده وادالها مناديل صغيرة وهو بيقول بابتسامة:
– "امسحي دموعك يا ملك، اللي يستاهل دموعك لسه مجاش."

ملك بصت له باستغراب:
– "إنت بتتكلم كأني طفلة."

ضحك مروان وقال:
– "أصل فعلاً ساعات بتتصرفي كدا، بس أنا شايف إن جواكي أطيب بكتير من اللي بتورّيه للناس."

هي سكتت للحظة، وعينيها وقعت في عينيه، كأنها لأول مرة تاخد بالها إن في حد شايفها بشكل مختلف.

مروان ضحك بخفة وهو بيقول:
– "طب إيه، مش هنقوم نرقص ولا إيه؟ ولا عشان محدش طلبك زعلتي؟"

ملك رفعت حاجبها وقالت بنبرة متحفزة:
– "يعني إنت شايفني واقفة مستنية حد يطلبني؟"

قرب مروان بخطوة وقال بنفس الضحكة:
– "أنا شايف إنك مستنية حد بالذات… وممكن يكون الحد دا واقف قدامك دلوقتي."

ملك اتفاجئت من صراحته، قلبها دق بسرعة غريبة، حاولت تداري وقالت:
– "طب إنت بتهزر صح؟"

مروان مد إيده قدامها وقال بثقة:
– "جربي، يمكن الهزار يطلع أحلى جد."

ملك بصت لإيده ثواني مترددة، وبعدين قامت وهي بتضحك بخجل وقالت:
– "ماشي… بس لو وقّعتني، هتبقى ليلة سودا."

ضحك مروان أكتر:
– "دي البداية بس يا ملك، واللي جاي أحلى."

ووسط دوشة الفرح والزغاريد، ملك لأول مرة طول الحفلة حست إنها مش لوحدها.

بسمه كانت قاعدة وسط القاعة، عينيها بتدور كده بالصدفة على ملك…
ولأول مرة شافت ملك واقفة في نص الدائرة، بترقص مع مروان!

بسمه اتفاجئت جدًا، عينها وسعت وقالت في سرها:
– "معقولة؟ ملك… بترقص ومبتسمة كدا؟"

محمود لاحظ شرودها، قرب منها وقال بهمس:
– "بصي لهم كويس… شكلك مش مصدقة."

بسمه ابتسمت بخفة وهي بتبص عليهم:
– "أنا عمري ما شوفت ملك كدا… يمكن دي أول مرة تبين إنها ممكن تبقى سعيدة."

محمود ابتسم وقال:
– "يمكن مروان هو اللي هيعرف يغيرها… زي ما إنتي غيرتيني."

بسمه قلبها دق من كلامه، حسّت إن الليلة مش فرحة ليهم بس… لأ، كأنها كانت بداية جديدة لحد تاني برضه.
وانتهى اليوم♥️..

تعليقات



<>