رواية ما خفي كان اعظم الفصل الثاني 2 والاخير بقلم اسماعيل موسي

      

رواية ما خفي كان اعظم 

الفصل الثاني 2 والاخير 

بقلم اسماعيل موسي 

الناس كلها هربت بعد الصرخة إلى طلعت من قبر والدى

إلا أنا، رغم الخوف والرعب كنت عايز اشوف بنفسى عقاب والدى بعينى ،قلبى كان مات بسبب قسوتة وعصبيته

قربت من القبر، الدخان مكنش مجرد دخان

كان دخان اسود لزج بيندفع فى شقوق القبر كأنه بيحاول يشق طريق للخروج، قربت من الدخان اللزج ومديت ايدى المسة فجأه اختفى كل شيء.

ووقفت دقيقه مبلم، الناس كلها كانت مشيت حتى عيلتى كلها رجعت على البيت وانا فى الطريق إلى البيت عرفت ان فيه شخص عمل بلاغ للبوليس عن إلى حصل وان الشرطه

قررت تعمل تشريح للجثه واعادة معاينة ،مكنتش مهتم، وصلت البيت ولأول مره ناكل بسلام.

القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى 

كان الصمت في تلك الليلة أعمق من أن يوصف،جلسنا حول المائدة لأول مرة بلا خوف، نأكل بلا تعليقات مهينة أو نظرات تحذير،كنت أشعر كأن الجدران نفسها ترتاح، يومها، لم أفكر في والدي إلا جملة واحدة:، "أخيرًا انتهى."


بعد السهرة دخلت غرفتى انام، الوقت كان واحده الصبح تقريبآ، كنت تعبان وغفيت بسرعه، بعد شويه حسيت طرف السرير نزل، ذى ما يكون شخص قعد عليه، فتحت عنيه لكن وانا نعسان، لقيت والدى قاعد على طرف السرير بيبص ناحيتى، جسمى كله ارتعش، انتفض ،والدى كان وشه مسالم جادآ وقال كلمه واحده، قلتلك تعبان ليه مجيتش تبص علية ؟

اختفى والدى بعد ما قال كلمته، قعدت على السرير مرعوب

كنت عارف والدى يقصد ايه، اخر ليلة يوم وفاته لما خبط على غرفتى وقالى انا تعبان وانا رفضت اصدقه.

مقلتش لحد اى حاجه، مرضتش افتح موضوع ما صدقت انه خلص.

تانى يوم الصبح صحيت على صراخ اختى جاى من الحمام

كانت بتصرخ ومرعوبه بتقول انها شافت دماغ والدى داخل حوض الاستحمام من غير جسد.


انا اخدت نفسى على جنب مرضتش اتكلم معاهم سبتهم يهدو اختى وفى بالى صورة والدى لما جانى فى النوم

هو الراجل دا مش عايز يسيبنا فى حالنا لا ميت ولا حى؟


تكرر حضور والدى إلى غرفتى بعد نومى كل ليله

نفس الكلام مش بيتغير، قلتلك تعبان ومرضتش تبص عليه


بعد اربع ايام طلع تقرير الطب الشرعي إلى صدمنا كلنا


وضعه الطبيب على الطاولة بعصبية، وكأنه يتخلص من شيء يلوث يديه،قرأناه، وكل كلمة فيه كانت مطرقة على رؤوسنا:

سبب الوفاة الحقيقي: اختناق بسبب نقص الأكسجين،

المتوفي لم يمت داخل المنزل، كان فاقدًا للوعي فقط،استعاد وعيه داخل القبر.

توقفت القراءة هنا، لكنني لم أحتج لبقية السطور،كل تفاصيل الأيام الأخيرة قفزت إلى رأسي:

– نداؤه لي أمام غرفتي– تجاهلي له– جملتي الأخيرة:

"يارب تموت دلوقتي"ولقد مات،بعدما تمنيت له ذلك.

مات مختنقًا… وحيدًا… مدفونًا حيًا ،لكن مكنتش مستعد اتقبل النهايه دى مقدرتش اتحمل ان والدى مات مظلوم


اسرتى خرجت عشان ترد على اسئلة الشرطه وانا فضلت مع الدكتور اترجاه يشرحلى اكتر ايه إلى حصل ايه إلى كان عند والدى ؟ وسعمت الحقيقة المرة 


_لم يكن أبي وحشًا كما ظننا طوال حياتنا، كنا نراه كصوت مرتفع، يد لا تعرف الرحمة، ولسان لا يجيد سوى القسوة. لم يفوت يومًا دون أن يصرخ أو يهين أحدًا،حتى أننا كنا نعد الدقائق التي يقضيها خارج البيت لنرتاح من وجوده.


أما أنا؟

كنت أكرهه بوعي كامل، أتمنى موته كأنه الخلاص الوحيد من حياة اختُزلت إلى خوف دائم.

لكن أحدًا لم يكن يعرف أن النداءات التي كان يطلقها، الشتائم التي يقذفها، والانفجارات الغاضبة التي نعيش وسطها… لم تكن سوى قشرة الألم.


أبي لم يكن غاضبًا علينا ،كان يحتضر كان آبى يحتضر منذ سنوات بسبب السرطان 


قبل موته بأسابيع، بدأ يتغير، لم يعد صوته بالقوة نفسها، وصارت خطواته بطيئة، وأنفاسه قصيرة كمن يحارب الهواء ظنناه يكبر… لكن الحقيقة لم تكن العمر، كانت الخلايا.

كان السرطان ينهش رئتيه كوحش جائع، يلتهمه ببطء، دون أن يترك أثرًا ظاهرًا، لم يخبر أحدًا،لم يقل كلمة واحدة، لم يطلب علاجًا أو يشكو ألمًا،اختار أن يواجه نهايته وحده، ونحن نظنه يتلذذ بإيذائنا.

اسماعيل موسى 

المفارقة المؤلمة؟ كل صراخه لم يكن قسوة،كان محاولة تنفس، كل انفجار غضب لم يكن جنونًا،كان وجعًا يسري في عظامه،لكننا لم نفهم، لم نقترب، لم نسأل

كنا مشغولين بكرهه.


في يومه الأخير، جلس معنا صامتًا على المائدة لم يصرخ، لم يعلق، لم يتذمر،مجرد رجل يراقب أبناءه كأن ذهنه يسجل وجوههم للمرة الأخيرة، تناول لقيمات قليلة، ثم قال بصوت مكسور لم نفهمه وقتها:

– تعبان، لم نكترث،لم يشفق أحد علية 


بعدها اختفى في غرفته، وصوت سعاله الجاف كان يخترق الجدران، كان يحتاج لمن يفتح الباب، لمن يضع يده على ظهره. لمن يسأله:

"أنت بخير؟" لكنه لم يجد أحدًا


مقدرتش استحمل كل ده،كان اكبر من طاقتى خرجت من غرفة الدكتور أجرى ذى المجنون ، سبت والدتى وعائلتى والشرطه ورجعت على شقتنا مخنوق مش قادر اتنفس وفى دماغى سؤال واحد ليه قبر والدى كان بيدخن ؟

لما وصلت الشقه لقيت حاجه مرميه قدام باب غرفة والدى

ولما روحت انقلها شفت خزانة الملابس بتاعته مفتوحه 

وانا ببكى دخلت الاوضة بتاعته

 ولما بصيت فى الدولاب لقيت ورقة مطوية بخيط أحمر، عليها كلمات غريبة:

"يهدأ الصوت… ينكسر القلب… لا يموت إلا مختنقًا."

ليس تهديدًا، ولا دعاءً، الورقه ملطخه بالدم.


عرفت انه عمل سحرى، مقدرتش استحمل كلمت امى واتهمتها بقتل والدى لأنها اكتر من مره صرخت وفى وقت غضبها انها هتقتله ،والدتى انهارت اعترفت انها عملت العمل مش عشان يموت عشان يهدى ويبطل يضربها ويشتمها ويشتمنا كلنا....


مات والدى مختنقًا تحت التراب، يحارب آخر ذرة هواء، يحاول أن يصرخ…ونحن… كنا نضحك في الأعلى.

لم أعد أتذكر وجهه كما كان حيًا،بل كما تخيلت صوته الأخير:


الصوت الذي سمعناه جميعًا يوم دفنه، ولم نفهم معناه…

كانت صرخته الأخيرة في الحياة

تمت بحمد الله 

لقراءه باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>