رواية صرخات انثى الفصل المائة واربعة والعشرون124 بقلم ايه محمد رفعت

رواية صرخات انثى الفصل المائة واربعة والعشرون124 بقلم ايه محمد رفعت
إلتف الشباب حول علي وآدهم، كلاهما يحملان فيروزة والصغير الذي شرف الاجواء للتو، سلم علي الصغير إلى جمال الذي تلقفه بسعادةٍ، وكان أول ما قاله: 
_حاسس إنه شكل عُمران جدًا! 

أجابه سيف وهو يفحصه بشكلٍ ظاهري: 
_مش بيبان على طول كده يا بشمهندس. 

صاح به آيوب بمشاكسة: 
_لا بيبان أنت مدينلك الشهادة بالرشوة، متعرفش بطب الاطفال حاجة. 

اندهش جمال من اندفاع آيوب، الشاب الطيب البشوش، فمال عليه إيثان ضاحكًا: 
_الادوار اتقلبت بين الزغاليل، ملناش دعوة بيهم احنا يا هندسة، ركز في الخواجة المستقبلي. 

اعترض سيف قائلًا وهو يقبل وجنة فيروزة: 
_ما شاء الله على القمراية دي، سكر ياخواتي. 

حاول آيوب رؤية وجهها، فانبهر هو الاخر وقال: 
_ما شاء الله ولا قوة الا بالله! 

ضحكوا معًا وتفحصوه كأنه قطعة من الآثار الهاربة من المتحف الكبير، فقال آدهم: 
_أنا حاسس إن عُمران لو قفشنا هيبقى رد فعله مش لطيف. 

ضحك علي وقال مازحًا: 
_متقلقش يا آدهم، أنا مخلي عمي يراقب الاجزاء بره أول ما يقرب هيديني رنة. 

وقد أتته الرنة تحذره من اقتراب عُمران، الذي ما أن ولج صاح بخشونة: 
_أنا ميهمنيش مين فيكوا شال ابني، مهما كان ده شاب زيه زينا، لكن اللي مش هتهاون فيه هو إن حد فيكم يحط ايده على أختي، فبهدوء كده أختي كانت مع مين فيكم! 

هزوا رؤؤسهم، ومازال الفتاة قيد ذراعي سيف، الذي أسرع يضعها بين يديه، فالتقطها عُمران وقال بوجومٍ شديد: 
_العيب مش عليك يا سرنجة، العيب على أخوها الكبير اللي شكله فرحته بالواد نسيته يعني أيه نخوة. 

ذهل الجميع، بينما ضحك سيف وقال: 
_مش متفاجئ أنا، ما طلع عين أمي لحد ما سلكت زينب من عندهم،  حتى حضرة الظابط مازال بيعاني. 

أضاف يوسف مازحًا: 
_يا ويله وويل ويله اللي هيقع في حب فيروزة هانم. 

انطلقت ضحكات الشباب تجلجل بينهم، وجلسوا برفقته لقليل من الوقت، يسود بينهم المزح والمرح، والحديث الجاد حول الفترة التي قضاها عُمران بالمسجد، ومدحه بالشيوخ الذي استمع لهم بتلك المدة، واذا به يتطلع صوب جمال ويهتف بخبث: 
_نسيت احكيلكم على حاجة غريبة حصلت بالمسجد هناك. 

سأله آيوب بفضولٍ: 
_حاجة أيه؟ 

قال ومازال يراقب جمال المرتبك: 
_كل يوم كان في شخص ابن حلال بيجي عند المسجد وبيوزع واجبات وعصاير للناس اللي بره وجوه المسجد. 

وأضاف ومُقلتيه تضيقان بخبث: 
_لا وسبحان الله كل الاكل اللي كان بيتوزع كان أكلاتي المفضلة، لا ونفس العصير الغالي اللي بحبه!! 

ابتلع جمال ريقه بارتباك، وقد انتقلت جميع الاعين له، والابتسامة والاعجاب بعلاقتهما تزداد، بينما يستهزأ عُمران: 
_قال قولي يا جيمي هي شوشو لسه بتزعل لما حد بيقول على الحاج إنه اتكل على الله،  أصلى أنا الوحيد اللي أحب أدلعها وأمشي معاها في سكة إنه حي يرزق، ساعتها تطبخ بمزاج وتأكل من ايدها شوية ملوخية ومحاشي عجب. 

وأضاف باسلوبٍ ملتوي: 
_ويا سبحان الله الواجبات اللي كانت بتوصلني كان نفس أكلها ونفسها في الأكل تخيل؟! 

أسرع يدافع عن ذاته قائلًا: 
_كنت بجيب الواجبات وبمشي تاني والله ما دخلت ولا قطعت اعتكافك!! 

ضحك عمران والشباب، بينما يهتف آدهم ضاحكًا: 
_مش محتاج لاي وسائل تعذيب يا بشمهندس، كله طالع تصاريحك يا صريح!! 

نهض إيثان يشير للشباب: 
_طيب بينا يا شباب، بلاش نتقل على الجماعه أكتر من كده،  أنا وعدت يونس اني مش هتأخر، هو مشغول مع جماعته شوية وبيعتذرلك يا خواجه انه معرفش يجي. 

ربت على كتفه بتفهمٍ، وبدأ الشباب بالمغادرة، فقال آدهم ليوسف: 
_ورانا قعدة عرب، هخدهم وأطلع بيهم على أقرب كافيه، هتيجي معانا. 

قال بانهاكٍ: 
_هبص على مدام مايا، وهحصلكم على طول، ابعتلي اللوكيشين. 

هز رأسه بخفة، وغادر رفقتهم، ولم يتبقى الا علي وأحمد الذي ولج للتو يصيح: 
_أشوفه، يا تدوني بنتي، ادوني أي حد. 

قدم له عُمران الفتاة، وقال يحذره: 
_لم البطانية عليها الجو مش مظبط. 

ومال يلتقط الصغير من أخيه، يحمله ويضمه بسعادة، ثم رفعه لاحمد الذي قبله وقال بصوت حفزته العاطفة: 
_شبهك انت وعلي وأنت مولودين يا عُمران. 

استدار تجاه علي وقال بابتسامة جذابة: 
_يا رب يكون زي علي يا عمي، يارب. 

ربت على كتفه وقال بجدية تامة: 
_يا رب يكون زيه وزيك في حنية قلبك وطيبتك يابني. 

ابتسم عُمران، وخرج به، فاذا بشمس تهرول له بلهفة: 
_أنا مشفتوش يا عُمران، كده ظلم على فكرة، بقالكم ساعة واخدينه جوه. 

منحه لها وهو يضمها قائلًا بمزح: 
_الواد وأبوه تحت أمر جنابك يا شمس هانم، المهم متتعصبيش عشان البرنس اللي جوه ميكرهنيش. 

قبلت الصغير بفرحة وانبهار، وركضت صوب فاطمة وفريدة تخبرهما بسعادة: 
_بصوا الجمال، جميل جدا ما شاء الله. 

انتبه عمران لاشارة يوسف له، فعلم بأنه يود أن يفسح له مجال الولوج لغرفة مايا، منحه ما أراد حتى ولج لها. 

بينما اقترب علي منهم وأشار لفاطمة قائلًا: 
_فاطمة هاتي شمس و تعالوا نروح نطعمه  . 

حملته بحرص واتجهت برفقته هي وشمس، بينما جلس أحمد برفقة فريدة التي هدهدت الصغيرة حتى غفت. 
                            *****
دموعها إنسابت على وجهها، بينما تجاهد لفتح مُقلتيها، أزعجها الضوء بالبداية ومع ذلك حاولت، حتى تسرب إليها الضوء، وبدأت تراقب المحاوطون لفراشها، واحدًا تلو الأخر، ومازالت في رحلةٍ بحثها عمن تركته بالخارج، فاخترق مسمعها صوته الهامس بجوارها: 
_أنـا هنـــــا! 

قالها بنبرة دافئة، داثرت جسدها البارد، فمنحته ابتسامة خرجت بكل تلقائية، مع نداء خافت:
_عُمران!

أنزاح عنه القلق أخيرًا، وتنهد يجيبها بهمسٍ متعب: 
_حبيب قلبه وروحه وعمره إنتِ، خضتيني عليكي يا مايا. 

أشرقت إبتسامتها من جديدٍ، ثم ما لبست حتى عاد العبوس لوجهها، تحررت عنها أحبالها المتحشرجة، فهمست بكلماتٍ لم تكن مفهومة بالمرة له، فنهض عن مقعده، ومال ينحني تجاهها متسائلًا بفضولٍ: 
_بتقولي أيه؟! 

عادت تهمس له مجددًا، فالتقطت آذنيه لأخر كلماتها وبدايته لم تكن واضحة له؟ 
_فين؟؟

رد عليها بابتسامة حنونة: 
_ تقصدي ابننا!  متقلقيش علي أخده لدكتور الأطفال يديله التطعيمه وزمانه جاي بيه. 

هزت رأسها برفضٍ لما قال، وعادت تكرر سؤالها بوضوحٍ أكثر، وصراخًا فزع الممرضة و"يوسف"الذي يدون لها ما ستفعله: 
_بقولك رجليـــــا فيـــــن؟؟؟ 

رمش بعدم استيعاب لما تقوله، بينما تشرأب بعنقها، في محاولةٍ لرؤية أن كانت ساقيها موجودة بالفعل أم لأ، وبنفس الاصرار صرخت: 
_وديتوا رجلي فين؟؟ 

انتقل عُمران ببصره نحو يوسف، الذي رفع يديه قائلًا: 
_الحمد لله إني محضرتش الولادة دي، فبالتالي أنا براءة من أي سرقة أعضاء هتتهم المركز بيه، وأقولك عايز تبلغ عن دكتور علي بلغ كده كده إنت أول واحد هتتشيع وراه! 

عادت مايا تميل برأسها على الوسادة، والبكاء يتلبسها بينما تهتف بكل عدائية: 
_إنت إزاي تفتكر الحرباية ألكس ومتفتكرنيش أنا، لا وبأي عين تطلب مني أصبغ شعري زيها، عُمران يابن فريدة هانم الغرباوي إنت خايــــــــن!! 

اندهش من تلك الحالة التي سيطرت عليها فجأة، وخاصة حينما بدأت بالبوح بالأعمق من ذلك،وما لم يكن بالحسبان دخول فريدة وأحمد، فلم يملك عُمران خيارًا أخرًا ومال يكمم فمها، ليوقف وابل الفضائح والاعترافات التي ستلقيها، فاذا بفريدة تهدر فيه غاضبة من تصرفاته: 
_إنت بتعمل أيه للبنت، إبعد ايدك عنها!! 

هز عُمران رأسه، وقال متصطنعًا ابتسامة باردة: 
_دي تمارين يوسف قالي أعملهالها. 

استنكرت فريدة قوله، واستدارت تجاه يوسف الذي عدل من نظارته بصدمة مما يحدث قبالته، وأشار ببسمة واسعة: 
_أنا ورايا حالة حرجة في الولادات، آآ.. أقصد في العمليات، بالسلامة أنا بقى. 

وزع أحمد نظراته الحائرة بين يوسف وعُمران، وقد انتباه قلقًا مما يحاول عُمران منع حدوثه، فحاول التدخل حينما قال مبتسمًا: 
_ما تيجي ننزل الكافيه تحت نشرب قهوة يا فيري! 

منحته نظرة محتقرة، جعلته ينسحب للخلف بهدوس مضحك، بينما تلكم عُمران بحقيبتها الكلاسكية وهي تأمره بصرامة: 
_إبعد عنها وحالًا. 

رفع يده عن فمها، فاذا بها تستدير تجاهها مبتسمة ابتسامة نثرت القلق على الوجوه، وتضاعفت فور أن نطقت بكل حبور: 
_عقربة هانم إزيــــك!

رفرفت فريدة بعينيها، وتساءلت: 
_هي بتقول أيه؟! 

رسم عُمران بسمة بلهاء وقال: 
_بتقولك فريدة هانم. 

هزت رأسها بشكٍ، بينما تعود مايا للحديث بتيهة: 
_بقى أنا بعد كل البهدالة دي وفي الآخر تعمل فيا كده،  إنت قضيت على مشاعري وقلبي، إنت حقيقي قليل عليك رفعة الشوز، أنت كنت عايز كـ.... 

كبت عُمران فمها بصدمةٍ، وصرخ في يوسف الذي طل من خلف الباب له: 
_انت عارف لو مجتش فوقتها هطلع بروح أمك!! 

جحظت عيني فريدة صدمة، ومالت تضربه بحقيبة يدها بعصبية: 
_أيه الالفاظ المتدنية دي يا قليل التربية. 

أجابها ومازال يسيطر على زوجته: 
_ده أنا رحمك من اللي ممكن تسمعيه،  صدقيني أنا خايف عليكي. 

ومال يهز رأس زوجته صارخًا بها: 
_مايـــــــا فوقـــي، فريــــدة هانم بنفسها جايلك تتطمن عليكي يا بيبي. 

قالها وهو يضغط على إسم فريدة عساها تسترد وعيها، فمالت برأسها تهمس: 
_بكيزة هانم وصلت!! 

صعقت فريدة وكممت فمها بيدها، هادرة بصدمة: 
_مين بكيزة!!   أنا بكيزة!! 

هز أحمد رأسه وقال موضحًا: 
_بتقول فريدة. 

صاحت نافية: 
_No  بتقول بكيزة انا سمعتها

تنحنح يوسف وهو يسيطر بصعوبة على ذاته: 
_لا يا فريدة هانم بتقول فريدة. 

وأضاف لينجد عُمران الذي تورمت يده من قرصها عليه باسنانها: 
_لو ينفع تستنوا بره بس هبص على الجرح. 
هزوا رؤؤسهم بتفهمٍ، وخرج أحمد برفقة فريدة للخارج، وحينها سحب عُمران يده وهو يزفر براحة، بينما تميل مايا تجاهه، فتحت عينيها وقالت باكية: 
_إنت عايز تبعد عني تاني يا عُمران، حرام عليك؟! 
أغلق عينيه يحجب كل ما يمكن أن ينطق به وقاحته في تلك اللحظة، بينما يردد يوسف شامتًا: 
_أخليهم يجبولك عصير ليمون
تعليقات



<>