
﷽
بمنزل طوفان
بغرفة وجدان كانت سجى تضع رأسها على صدرها تبكي بألم فى قلبها وهي تشكوا لها بأسها:
هي ليه ماما مش زيك قلبها حنون، المفروض إنكم تربية واحدة، ليه هي قلبها قاسي ودايمًا مفيش حاجه بتعجبها، أنا بعذر بابا إنه دايمًا معظم الوقت بعيد عن الدار، عشان يتجنب الخناق معاها، هو خايف لحظة غضب تسيطر عليه ويطلـ...
توقفت سجى عند تلك الكلمة الفاصلة .. تنهدت وجدان بأسي وآسف، على حال شقيقتها التي كانت أفضل حظً منها حين رزقها الله بزوج عطوف ومُتحمل، لو غيره ما كان أبقي وإختار الإنفصال وماعلى مصلحة بناته،لكن هو أهتم لمصيرهن معها وحدهن،كان هو الصدر الحاني...
تذكرت والدتها كم كانت صاحبة شخصية ضعيفة أمام زوجها، حديثه أمر بلا اي جدال...هي كانت تتضايق من ذلك الضعف الذي جعلهم متمردين،كل منهم بطريقته...
هي تمردت على القسوة وإنتزعتها من قلبها
كوثر تمردت أيضًا لكن سكن الجشع والبطر فى قلبها
كذالك عزمي تمرد لكن بشخصية تميل الى السطوة والسُلطة والتباهي بأنه ذو رأي رغم أنه عكس ذلك،شخص بلا وضوح ... بلا عمق، يُردد كلمات لا يُدرك معناها، فقط ليُثبت لنفسه أنه الأفضل، حتى لو على حساب مشاعر غيره.
تنهدت وجدان بإحتواء وهي تُربت على ظهر سجى بحنان، قائله بنبرة هادئة وحنونة:
عارفه يا حبيبتي، مش دايمًا التربية الواحدة تطلع نفس النتيجة، ممكن نعيش تحت سقف واحد وكل واحد فينا يطلع بشخصية مختلفة تمامًا. قلبك حساس، وده مش ضعف، ده قوة، اللي بيحس بيوجع أكتر، بس كمان بيحب أكتر.
رفعت سجى عينيها المغرورقتين بالدموع وقالت بانكسار:
نفسي ماما تحبني أنا وأخواتي، نفسي مره أشوف في عنيها نظرة رضا... حتى وأحنا ناجحين... أحنا دايمًا بنحاول نرضيها،لكن دايمًا فينا نقص مش عاجبينها.
احتضنتها وجدان قائلة بمواساة:
هي أكيد بتحبكم،بس مش بتعرف تعبر، هي تبان قاسية من غير ما تحس...بس أكيد بتحبكم... بس إوعي تخلي أي حاجة تكسرك...أبقي زي إنتِ عاوزه..
سكنت الغرفة فى صمت للحظة، قبل أن تهمس وجدان لنفسها:
وأنا كمان كنت زيك يا سجى... كنت بدور على حب أمي، على كلمة رضا، وللآسف عشت كتير من حياتي بدور عالحب والاحتواء، ربنا رزقني بقلب "طوفان" حنون.
رفعت سجى رأسها وسألت بفضول مكسور:
هو جدو كان قاسي أوي كده.
ابتسمت وجدان بمرارة وصمتت تهمس لنفسها:
كان جبروت... بس ربنا علمني أكون الرحمة اللي هو عمره ما عرفها... علمني أكون اللي محتاجاه، مش اللي اتربيت عليه.
سادت لحظات صمت، كأن الغرفة ضمّت وجعيهما معًا، قبل أن تهمس سجى بخجل:
انا بحبك يا خالتو وكنت أتمنى تكوني مامتي.
ضحكت وجدان وهي تُقبل جبينها:
وأنا أكتر، إنتِ بنت قلبي مش بس بنت أختي.
ساد بينهم حديث رغم وجع قلب وجدان لكن طيبت قلب سجى البرئ كذالك ضمدت جزءًا من وجعها.
بعد قليل
خرجت سجى ووجدان من الغرفة بعدما مسحت كل واحدة دموع الأخرى بصمتٍ دافئ، كأن الصمت أحنّ من أي مواساة.
سارتا معًا في الردهة، خطواتهما متباطئة، وكل اصبح بؤس قلبها أخف قليلًا بعد لحظات صدق واحتواء
لكن ها هي الصدفة...
بنفس الوقت دلف باسل الى المنزل، تبسمت له وجدان بترحيب... كذالك سجى تبسمت له بصمت، لمعت أعين الإثنين بوميض خاص، مشاعر غير معروفة، بسمه تنشق من قلب كليهما للآخر...
تنحنح باسل قائلًا:
دُرة كانت كلمتني من كام يوم إن نفسها رايحة لل؟
وكنت بتكلم مع تاجر فواكهه وسألته ولقيته لها لسه التاجر جايه النهاردة هي فين.
ضحكن وجدان وسجى، وضحت وجدان ذلك قائلة:
أكيد ده بسبب الوحم... درة لسه موصلتش، تعالي نقعد مع بعض هي زمانها على وصول.
ابتسم باسل وجلس معهن ينتظر، حتى صدح هاتف وجدان، نهضت وإستأذنت للخروج للرد على الهاتف... ظل باسل وسجى، ساد الصمت قليلًا حتى تنحنح باسل وسألها:
أخبارك فى الكلية ايه، اللى أعرفه كلية الطب كلية عملية وأكيد مُجهدة، تعرفي أنا كنت جايب مجموع يدخلني كلية الطب، بس أن مكنتش هاوي أبقي دكتور، زي درة.
إتسعت عينيها بذهول سائلة:
وليه مكنتش هاوي تبقى دكتور.
لوهلة شعر بغصة فى قلبه وتذكر والده الذي كان ومازال قدوته، تفوه بذاك:
انا بحب الزراعة والأرض الزراعية وفى رأيي الأرض أغلى كنز، زي بابا وكنت متأثر بيه وعشان كده حبيت أبقي زيه وأدرس زراعة وعندي مشروع فى دماغي بعد ما اتخرج.
لمعت عينيها بإعجاب سائلة:
إيه هو المشروع ده.
شعرت انها تسرعت بفضولها وأخفضت وجهها بحياء فأجابها بنبرة تحدي:
ناوي أستصلح للأراضي الصحراوية القريبة مننا...فى كذا مكان اخدت من الرمل بتاعه عينات واكتشف ان بسهولة ممكن أستصلحها وأخضرها،بدل ما أهي مقالب للمخلافات ومشوهه الطُرق، ممكن تبقي مزارع لفواكه كتير بتحب التربة الرملية ومش بتشرب ماية كتير.
زاد إعجابها وهنالك خفقان بدأ يدُق قلبها... وعينيها تُطلق فى قلبه نسمات هادئة.
انهت وجدان المكالمة وعادت نحو الغرفة لكن توقف على جانب الغرفة تنظر للإثنين،رغم انها تسمع حديثهم البعيد عن المشاعر،لكن نظرت لهما بحالمية وتمنت أمنية أن تتحقق،فتنال سجى تعويضً عن قسوة والدتها،بقلب ذلك الـ باسل العقلاني.
❈-❈-❈
على الطريق
تجنبت درة لتلك السيارة التى أصبحت مجاورة لها، كاد سائق تلك السيارة أن ينال هدفه ويغتال دُرة، بالفعل فتح صمام الأمام للسلاح ورفع يده نحو شباك سيارة درة، لكن سُرعان ما أخفض السلاح
حين سمع زامور سيارة من خلفه، كذالك سيارة أخرى مقابله على نفس الطريق تقترب حتى توقف صاحبها وترجل منها وتوجه نحو سيارة درة...
درة التى تبسمت وهي تُخفض زجاج شباك السيارة، لـ طوفان الذي فتح باب السيارة قائلًا:
إنزلي من العربية وتعالي معايا أوصلك أنا رايح البيت.
كادت تعترض لكن جذبها طوفان برفق قائلًا:
سيبي المفاتيح فى العربية، هخلي عالسواق اللى معايا ياخدها فورًا.
تنهدت بإستسلام وترجلت من السيارة ذهبت معه نحو سيارته، بالفعل ترجل سائق سيارة الحراسه وذهب نحو سيارة دُرة وقادها للأمام لإفساح مكان لمرور سيارة طوفان ودرة
درة التى نظرت نحو طوفان سائلة:
جاي منين دلوقتي... مش عوايدك ترجع للبيت فى الوقت ده.
إبتسم وأجابها:
قررت أغير عوايدي، في عندك مانع.
هزت رأسها ببسمة
بعد قليل دخلا الإثنين الى المنزل ترجل طوفان وإنتظر حتى أقتربت منه درة وأشار بيده لها لتسبقه بالهدوء، بالفعل سبقته، دلف خلفها مُبتسمً إنشرح قلب وجدان لـ بسمة طوفان بعد أيام من عبوس ملامح وجهه، درة هي بسمة طوفان... رحبت بهما قائلة:
من شوية شكرية كانت بتقولى أجهز الغدا قولت لها نستني رجوع درة، وأهو طوفان كام وصل، يلا خلونا نتغدا سوا، حتى باسل أخو درة كان هنا ولما إستغيبها مشي.
ابتسمت درة قائلة:
هو كان اتصل عليا وأنا فى المستشفى وكنت مشغولة مع مريض ومردتش عليه، وكنت هروح عند ماما، بس طوفان قابلني فى السكة وجينا لهنا، شوية وأبقي اتصل عليه.
ابتسمت وجدان قائلة:
ربنا يخليكم لبعض، يلا خلونا ندخل للسفرة شكل شكرية شافت دخولكم وحضرت الغدا وكمان جود نزلت أهي.
إبتسم طوفان لـ جود التى إقتربت منهم وذهبوا جميعًا لغرفة السفرة، عم الصمت قليلًا، ثم قطع الصمت جود حين قالت:
أنا أتصلت على واحدة زميلتي فى الجامعه وقولت لها تبعت لى المحاضرات اللى فاتتني، كمان محاضرات العملي اللى غبتها، الحمد لله مفتنيش كتير.
رغم غصة قلب طوفان لكن تبسم لها يشعر بسعادة من قوة جود التى لن تترك نفسها للإنهزام... نظر نحو وجدان وابتسم، إبتسمت له هي الاخري وتلاقت نظرات أﻋينهم كأنهما يتحدثان بتوافق.
❈-❈-❈
بمصنع خاص بصناعة المواد الكيماوية الزراعية...
دلف ذلك العامل قدم التحية لـ عزمي الجالس على مقعد الإدارة... ثم أعطى له مُغلفًا مُغلق.
نظر عزمي اللى المُغلف سائلًا بإستفسار :
إيه الجواب ده.
أجابه العامل:
ده جواب من وزارة الزراعة.
زفر نفسه بضجر وهو يفتح المُغلف، ثم قرأ تلك الورقة الموجودة بداخله، ثم زفر مره أخري بغضب قائلًا:
ده تحذير من وزارة الزراعة إن المصنع بيسرب مُخلفات كيماوية فى الترعة اللى ورا المصنع، وبيلوث ماية الترعة.
تسائل الموظف قائلًا:
التحذير ده إتكرر أكتر من مرة،حضرتك هتعمل إيه،كده ممكن الوزارة تاخد قرار وتقفل المصنع..حضرتك ممكن تتكلم مع أي مسؤول كبير فى الوزارة.
تنفس بعصبية وغضب قائلًا:
الموظف اللى كان مسؤول بالوزارة طلع معاش و"حسام" لما كان عايش وبيشتغل فى الجمعية الزراعية كان بيشيل عننا المخالفات دي،لكن زيدان جوز أختى ماسك فى راية الشرف ولو إتكلمت معاه مش بعيد بسبب كوثر يضغط عليهم يقفلوا المصنع،أنا هشوف حل،والفترة دي وقف تسريب مخالفات المصنع فى الترعة دي على ما اكلم أخو المدام أهو عضو فى المجلس نستفيد منه بأي خدمة.
❈-❈-❈
ليلًا
إبتسم طوفان حين سمع همهمات دُرة حين إبتعد عنها وتركها بالفراش نظر لها مازالت غافية، جذب مِعطفً حريري خاص بالمنزل وإرتداه،ثم جذب علبة السجائر والقداحة وتسلل الى شُرفة الغرفة.. جذب مقعدًا وجلس يُشعل إحد السجائر، نفث دخانها وهو يتكئ على المقعد ينظر أمامه للظلام البعيد لتلك الأراضي الزراعية الخاصة بهم... نفث الدخان مرة أخرى
« عقله يستعيد قبل ساعات
حين كان يجلس بمكتبه بالمصنع صدح رنين هاتفه، نظر الى شاشة، تبسم وقام بالرد ليسمع:
روزان عندك فى المنيا.
نهض واقفً يود أن يتأكد حين عاود السؤال:
متأكد إنها هنا فى المنيا.
أجابه الآخر بتأكيد:
أيوه متأكد كمان نازلة فى أوتيل.
تنفس طوفان بقوة حين أخبره الآخر بإسم الفندق... أغلق الهاتف، خرج سريعًا من المصنع، دقائق وكان يقف ببهو ذلك الفندق، يسأل عن رقم غرفة روزان، أخبره العامل رقم الجناح الخاص بها، بعد قليل كان أمام الجناح ينتظر أن تفتح له
بينما بالجناج إستعدت روزان وهييئت نفسها، فتحت حقيبتها تأكدت من وجود تلك الورقة البرهان أن طوفان كان زوجها...
تذكرت قبل عِدة شهور
بأحد المطاعم
كان غداء عمل ثلاثي بينها وبين طوفان وعميل آخر...
كان طوفان يتحدث مع العميل بنبرة إحترافية،الى أن رفع وجهه ونظر أمامه لوهله عاد ينظر نحو العميل،لكن سرعان ما عاد ينظر أمامه، تأكد أنه لا يتخيل سُرعان ما ارتسمت بسمة على شفاه ونهض واقفً يعتذر قائلًا:
ثواني وراجع.
رافقت عيناها طوفان الى أن توقف أمام أحد الطاولات
عيناه تسلطت على دُرة الجالسة، وهو يُصافح شاهر الذي سأله:
إنت هنا فى المطعم بتعمل إيه.
مازالت عيناه مُسلطة على درة التى تهربت من النظر له وهي تدعي قراءة كُتيب الطعام،غص قلبه على ملامحها الحزينة،كذالك من تعمدها عدم الإنتباة له،كذالك لاحظ رعشة يدها وهي تُمسك ذلك الكُتيب،تغاضي عن ذلك وأجاب شاهر:
غدا عمل مع عملاء،كان نفسي أقعد معاكم بس لازم أرجع لهم.
ابتسم شاهر،قائلًا:
بالتوفيق.
بينما ظلت درة صامته،حتى انها لم ترفع رأسها تنظر له...عاد طوفان الى الطاولة مرة أخرى ولكن عيناه لم تفارق النظر نحوها...وعقله بالكامل مشغول بـ درة....
أغمض عينيه لثانية كأنه يُعيد ترتيب أفكاره قبل أن يقول بنبرة هادئة:
خلونا نرجع للعرض… في نقطة مهمة في التسعير أحب أوضحها.
بدأ يشرح بثبات، بينما كانت عيناه يختلس النظرة نحوها…
وهي كذالك إن كانت تعمدت عدم النظر له لكنها تشعر أن نظراته لها تُربكها، وهنالك شعور آخر حين رأت تلك الجالسة، شعرت بغِيرة، رغم أن لا شئ يدعي ذلك...
لكن لاحظت روزان نظرات طوفان ولمعة عيناه، كذالك تسرعه أن ينهي اللقاء، تعمدت رفع يدها ولامست يد طوفان الذي سحب يده سريعًا، لكن درة لاحظت ذلك وزاد شعور الغِيرة
حاولت السيطرة على ذلك الشعور،الذي كان من المفترض ألا تشعر به فكل منهما ذهب بطريق،كما أنه هو الذي أضاع حق والدها،رغم مرور شهور على ذلك لكن مازالت تكن البُغض الواهي لـ طوفان،
طوفان الذي كان ينظر لها يتمني لو يذهب نحوها ويجذبها ويذهبان الى أي مكان آخر، ربما بعتابهم يزول ذلك الجفاء بينهما.
لكن مجرد الإقتراب منها الآن عاصفة ستقوم ولن تهدأ
استكمل العمل معهما، لاحظ نهوض درة وخلفها شاهر، ثم غادرا
إنتبه الى العمل، بالتأكيد درة لا تريد رؤيته وهي من طلبت من شاهر المغادرة.
إنتبهت روزان من ذلك الموقف على صوت باب الغرفة نهضت تفتح
بينما زفر طوفان نفسه برتابه رغم أنه
لم ينتظر كثيرًا،وإنفتح الباب...كان يُعطي ظهره ناحية الباب،بمجرد أن سمع صوت فتح الباب استدار نحوها
تسمرت روزان مكانها حين لاحظت نظرة طوفان الباردة،
إبتلعت ريقها بصعوبة وهو تقول أسمه بصوت منخفض ومحشرج:
طوفان!.
نظر لها بإستهزاء خالية من المشاعر دلف الى الغرفة دون مقدمات... تفوه صوته حاد وعاصف:
أيوة طوفان،مش كنت تتصلي عليا عشان حتي أحجزلك فى أوتيل أ فخم من ده، ولا كنت مفكرة إنك هتقدري توصلي لهنا بدون ما أعرف، جاية ليه يا روزان، سبق وقولتلك كل اللى بينا إنتهى ومعتقدش فى حد منا خسران.
لو طلب منها الركوع له ستفعل مقابل أن يعود لها،لكنه تنرفز حين حاولت أن تحتضنه لكنه إبتعد عنها،قائلًا بغضب:
كان بينا إتفاق إننا وقت ما نزهق من بعض ننفصل بهدوء،وإنتِ..
قاطعته وهي تقترب منه بلهفه قائلة بتوسل:
بس انا بحبك يا طوفان،و...
قاطعها بغضب قائلًا:
سبق وقولتلك إن جوازنا كان له أسبابه وإنتهت خلاص.
بدموع عينيها سألته:
وإيه هي الأسباب دي، وإشمعنا إنتهت دلوقتي.
صمت طوفان، بينما عاودت روزان قولها تشعر:
كان السبب مراتك اللى إنت إتجوزتها فى العلن بفرح كبير،كنت بتحبها بس هي فضلت غيرك عليك، أنا كنت محطة مؤقتة فى خياتك تنسي بها، بس مش بالسهولة دي يا طوفان،أنا مش علاقة عابرة او نزوة انا كنت مراتك.
تنرفز طوفان قائلًا:
قولتيها "كنت"وإنتهي،أوعي تفكري إني خايف إن مراتي تعرف إني كنت متجوز قبلها...
قاطعته بغضب وضحكة سخرية:
ولما إنت مش خايف ليه جيت لى هنا...و..
قاطعها بغلظة:
عشان فعلًا خايف على مشاعرها وكمان منظرك لما تعرف ان الجواز كان عرفي مش بس هتنزلي من نظرها صدقينى، هتتأكد إنك كنتِ نزوة رخيصة.
كلماته اصابت فى عقلها بشدة، لكن سرعان ما تماسكت، وردّت بصوت متهدج بين الألم والكرامة:
النزوة الوحيدة اللي حصلت في حياتي... كانت إني صدّقت إنك ممكن تحبني.
صمت طوفان لحظات ثم أجابها:
عمرى ما وهمتك بأي مشاعر كنت واضح معاكِ.
صمتت وهي تجلس على أحد مقاعد الغرفة تنظر له بدموع... بينما لم يتأثر طوفان للحظات قبل أن يقول:
فى عربية تحت هتوصلك للقاهرة، وياريت تقتنعي يا روزان إن علاقتنا انتهت، ولو عاوزة علاقتنا العمليه كمان أنا مش هتردد.
خسرت ووصلت النهاية معه، غصبً إمتثلت ربما أختارت وقت خطأ لتؤجل ذلك، لن تخسر وحدها لكن لا مانع من انتظار فرصة أفضل.
على لسعة عُقب السيجارة ليده عاد من ذلك، ألقي العُقب ونهض بعدما شعر بنسمة هواء باردة، عاد يدخل الى الغرفة.. خلع ثيابه وعاد ينضم الي درة بالفراش، ضمها، إبتسم حين تفوهت وهي ناعسه:
ريحتك سجاير فاقعه.
ضمها أكثر
وهو وقتها كان داخليًا يشعر مهزوم فى معركة لم يختارها كان يائسًا بائسًا،
❈-❈-❈
بعد ﻤرور أسبوعين
بمنزل والد حاتم
ذُهل والديه حين أخبرهما:
أنا أتنقلت من الخدمة هنا.
سأله والده:
إتنقلت لفين.
أجابه:
مرسي مطروح.
سريعًا تفوهت والدته بقين وإستهجان:
أكيد طوفان هو السبب هو اللى يقدر يعمل كده.
صمت حاتم يشعر بضياع بينما تحدث والده قائلًا:
كان لازم تتوقع طوفان...مش هيعدي كسرتك لقلب جود بالساهل...
طبعًا، ياما حذرتك وقولت لك فى إيدك نسمة رقيقة ضمها في قلبك ... لكن مشيت ورا غباء دماغك وضيعت كل حاجة بإيدك.
نظر له حاتم بعيون تائهة، أصبحت الحقيقة واضحة تضرب كيانه... قلبه يصرخ بينما لسانه عاجز... بينما عاودت بدريه الحديث بإستهجان وذم:
هو طوفان اللى دايمًا كده بيستقوي بـ سلطته وقوته و علاقاته....
قاطعها والد حاتم بحدة تخفي خلفها مرارة:
طوفان... طوفان... كل ما يحصل حاجة تقولي طوفان، طوفان يمكن مش ملاك، بس على الأقل راجل... وقف جنب جود وقت ما أنتِ ابنك إفترتوا عليها بأفعالكم الخبيثة...إبنك إختار ينتقم عشان يثبت إنه راجل...الرجولةمش فى الانتقام يا حاتم... الرجولة أحتواء مش جحود وأنانية وإنتقام من بريئه للآسف حبتك وإستحملتك للآخر وإنت كنت قاسي،دلوقتي دوق من نفس الكاس ولسه.
ضغط حاتم على قبضته، يشعر بوجع قهر وإعترف بمرارة :
بس أنا حبتها... والله بحبها...وحاولت أقنعها نبدأ من جديد رفضت.
تهكم والده بضحكة سخريه موجوعة قائلًا:
تقنعها بإيه... وبعد إيه
الحب لوحده مش كفاية... النسمة اللى كانت فى إيدك اتحولت دلوقتي عاصفة زلزلت كيانك وللآسف كُل شئ إنهار وبدأ الحساب.
رفع حاتم راسه وسأل بصوت مبحوح:
انا مش زعلان إني إتنقلت لأن شغلي متعود على الخدمة فى أي مكان بس الفترة دي بالذات كنت محتاج أبقي هنا،عندى أمل أسترد جود من تاني.
كا. والده أن يصدمه بأنه خسرها،لكن تحدث بتحفيز له:
لو قلبها لسه بيدق ليك، يمكن... بس إنسى إنها هتسامح بسهولة، إنت كسرت حاجة جواها، ولما الست تتكسر من جواها، بتقوم بس بشكل تاني، بشكل ما تعرفوش.
للآسف أيقن حاتم فداحة خسارته والآن يخشي ابتعاده عن هنا.
❈-❈-❈
ليلًا
بمنزل طوفان
كل ليلة تنزوي على حالها، رغم محاولات والدتها وطوفان في انتشالها من حزنها، في جرها للحياة مجددًا، لكن هل النسيان سهل
هل يُمكن محو أول دقة قلب خفق بها صدرها لأجل رجلٍ تبين أنه مجرد وهم
كيف تنسى جنينًا نبض يومًا بداخلها، تشكل من لحمها ودمها، ثم اختفى فجأة، وكأن شيئًا لم يكن
لم يكن مجرد حُبٍّ، بل كانت حياةً بدأت ثم انتُزعت منها بالقوة...
صوت ضحكته ما زال عالقًا في أذنها، وصورة ذاك السونار ما زالت محفورة في عينها، وكل ليلة... كانت تتساءل:
هل الألم يُنسى فعلًا، أم فقط يتعلّم الإنسان كيف يختبئ خلف ابتسامة...
لكن بقلبها بعضً من اليأس تنظر حولها بالغرفة
ها هي تعود وتتأقلم مرة أخرى بين جدران غرفتها التي شهدت على أحلامها الوردية، أحلامًا وُلدت في ربيع قلبها لكن قُتلت في خريف الخيبة...
كل زاوية تحمل ذكرى تهمس لها بما كانت تحلم به، وكل ركن يُعيد بث مشاهد الفرح الذي لم يكتمل....
كانت غرفتها هي عالمها مساحتها الخاصة للحلم والطمأنينة، لكنها الآن تشعر بأنها قفص... يحتضنها كل مساء كي تُصارع وحدها طيف ايام إبتعدت فيها عن تلك الغرفة....
عاشت خداعً ...كانت مُفرطة في العطاء، حلمت وتمنت أن تكون زهرة ربيع لكن فاقت وعلمت أن
الخريف لا يُنبت وردًا، ... واليوم ها هي أمام مرآتها، لا ترى إلا فتاة أرهقها والخذلان.
نهضت فجأة من فوق فراشها، تنفض ذلك الشعور بالهزيمة، بإصرار... هي لا يليق بها أن تستسلم
لن تعيش منزوية
جذبت كراسة رسم وفرشاة وضعتها وجلست خلفها، فى البداية كانت يديها ترتعش وسقطت الفرشاة من يدها وصورة الورقة البيضاء أمامها
...تشعرها بالعجز... وكأنها مرآة أخرى، تُعيد لها صورة الفراغ في روحها.
حدقت طويلًا في تلك الورقة، تتنفس ببطء، تستجمع شتاتها... جذبت الفرشاة وتمسكت بها بقوة بدأت ترسم خطوط مُبهمه كأن يديها أنفصلت عن جسدها بلا وعي ترسم، رغم جفاف دموعها، لكن توقفت عن الرسم تنظر الى اللوحه التى رسمتها
كأنها رسمت نفسها أمامها صورة
امرأة تبكي حلمً ضاع منها بمهده... وبقايا أزهار الخريف حولها... لكن هنالك زهرة فى مكان بعيد تختبئ أسفل أحد الأغصان كأنه يحميها من الرياح... تبسمت غصبً، فا هو جود تعود ولن تنهزم وتنحني للخريف يُسقط أوراقها.
❈-❈-❈
بعد مرور عِدة شهور
رغم شعورها ببعض الألم لكن صرفت عن نفسها ذلك بإستسلامها للنوم
بينما قبل قليل عاد طوفان الى المنزل، صعد الى الغرفة تبسم حين وجد دُرة غافيه... ذهب نحو الفراش يُشاغبها بقبلاته على وجهها، تنفست درة وفتحت عينيها قائلة:
ريحتك سجاير.
ضحك قائلًا:
إنتِ حاسة الشم عندك وقفت عند ريحة السجاير.
تملمت فى الفراش، لوهلة شعرت بألم ثم زال، لم تُظهر ذلك، بينما طوفان تمدد لجوارها يضمها، وضعت يدها على صدره قائلة:
إنت هتنام بهدومك.
ضحك وهو يغمز بعينيه قائلًا بإيحاء:
إنتِ عاوزة إيه بالظبط
تثائبت قائلة:
أنا مفيش فيا حيل للى فى دماغك.
ضحك بغمز قائلًا:
وإنت عارفه إيه فى دماغي.
هزت رأسها فضحك، وهو يُقبلها.. يضمها له وهي تعود للغفيان مرة أخرى بين أحضانه
لكن فتحت عينيها بعد وقت قليل تشعر بألم طفيف... يصحبه حرارة فى جسدها... تسللت من جوار طوفان تسير بخطوات بطيئه حتى دخلت الى الحمام
وقفت لحظات قبل أن تحسم قرارها وفتحت الصنبور ملأت حوض الإستحمام بمياة دافئه، بصعوبه ...خلعت ملابسها وجلست في الحوض ببطء، أغمضت عينيها تحاول تهدئة ذاك الألم المجهول الذي يتسلل عبر جسدها كتيار خفي...
لم تكن تعلم إن كان ما يؤلمها ليست حرارة جسدها بل ألم آخر إشتد فجأة، جعلها صرخت
من ذلك الالم
بالغرفة تململ طوفان شعر بخواء بين يديه نظر جواره لم يجد دُرة قبل ان ينطق إسمها سمع صرختها الآتيه من الحمام، ذهب مُسرعً نحو الحمام، وجدها بالحوض تتألم وجهها متعرق لا يعلم ان كان من سخونة المياة أم من سبب آخر... صرخت مره اخري تستنجد به قائلة بألم:
طوفان إلحقني أنا بولد.
وقف مُتصنمً لحظات قبل ان يقول بذهول:
هتولدي فى البانيو
بمنزل طوفان
بغرفة وجدان كانت سجى تضع رأسها على صدرها تبكي بألم فى قلبها وهي تشكوا لها بأسها:
هي ليه ماما مش زيك قلبها حنون، المفروض إنكم تربية واحدة، ليه هي قلبها قاسي ودايمًا مفيش حاجه بتعجبها، أنا بعذر بابا إنه دايمًا معظم الوقت بعيد عن الدار، عشان يتجنب الخناق معاها، هو خايف لحظة غضب تسيطر عليه ويطلـ...
توقفت سجى عند تلك الكلمة الفاصلة .. تنهدت وجدان بأسي وآسف، على حال شقيقتها التي كانت أفضل حظً منها حين رزقها الله بزوج عطوف ومُتحمل، لو غيره ما كان أبقي وإختار الإنفصال وماعلى مصلحة بناته،لكن هو أهتم لمصيرهن معها وحدهن،كان هو الصدر الحاني...
تذكرت والدتها كم كانت صاحبة شخصية ضعيفة أمام زوجها، حديثه أمر بلا اي جدال...هي كانت تتضايق من ذلك الضعف الذي جعلهم متمردين،كل منهم بطريقته...
هي تمردت على القسوة وإنتزعتها من قلبها
كوثر تمردت أيضًا لكن سكن الجشع والبطر فى قلبها
كذالك عزمي تمرد لكن بشخصية تميل الى السطوة والسُلطة والتباهي بأنه ذو رأي رغم أنه عكس ذلك،شخص بلا وضوح ... بلا عمق، يُردد كلمات لا يُدرك معناها، فقط ليُثبت لنفسه أنه الأفضل، حتى لو على حساب مشاعر غيره.
تنهدت وجدان بإحتواء وهي تُربت على ظهر سجى بحنان، قائله بنبرة هادئة وحنونة:
عارفه يا حبيبتي، مش دايمًا التربية الواحدة تطلع نفس النتيجة، ممكن نعيش تحت سقف واحد وكل واحد فينا يطلع بشخصية مختلفة تمامًا. قلبك حساس، وده مش ضعف، ده قوة، اللي بيحس بيوجع أكتر، بس كمان بيحب أكتر.
رفعت سجى عينيها المغرورقتين بالدموع وقالت بانكسار:
نفسي ماما تحبني أنا وأخواتي، نفسي مره أشوف في عنيها نظرة رضا... حتى وأحنا ناجحين... أحنا دايمًا بنحاول نرضيها،لكن دايمًا فينا نقص مش عاجبينها.
احتضنتها وجدان قائلة بمواساة:
هي أكيد بتحبكم،بس مش بتعرف تعبر، هي تبان قاسية من غير ما تحس...بس أكيد بتحبكم... بس إوعي تخلي أي حاجة تكسرك...أبقي زي إنتِ عاوزه..
سكنت الغرفة فى صمت للحظة، قبل أن تهمس وجدان لنفسها:
وأنا كمان كنت زيك يا سجى... كنت بدور على حب أمي، على كلمة رضا، وللآسف عشت كتير من حياتي بدور عالحب والاحتواء، ربنا رزقني بقلب "طوفان" حنون.
رفعت سجى رأسها وسألت بفضول مكسور:
هو جدو كان قاسي أوي كده.
ابتسمت وجدان بمرارة وصمتت تهمس لنفسها:
كان جبروت... بس ربنا علمني أكون الرحمة اللي هو عمره ما عرفها... علمني أكون اللي محتاجاه، مش اللي اتربيت عليه.
سادت لحظات صمت، كأن الغرفة ضمّت وجعيهما معًا، قبل أن تهمس سجى بخجل:
انا بحبك يا خالتو وكنت أتمنى تكوني مامتي.
ضحكت وجدان وهي تُقبل جبينها:
وأنا أكتر، إنتِ بنت قلبي مش بس بنت أختي.
ساد بينهم حديث رغم وجع قلب وجدان لكن طيبت قلب سجى البرئ كذالك ضمدت جزءًا من وجعها.
بعد قليل
خرجت سجى ووجدان من الغرفة بعدما مسحت كل واحدة دموع الأخرى بصمتٍ دافئ، كأن الصمت أحنّ من أي مواساة.
سارتا معًا في الردهة، خطواتهما متباطئة، وكل اصبح بؤس قلبها أخف قليلًا بعد لحظات صدق واحتواء
لكن ها هي الصدفة...
بنفس الوقت دلف باسل الى المنزل، تبسمت له وجدان بترحيب... كذالك سجى تبسمت له بصمت، لمعت أعين الإثنين بوميض خاص، مشاعر غير معروفة، بسمه تنشق من قلب كليهما للآخر...
تنحنح باسل قائلًا:
دُرة كانت كلمتني من كام يوم إن نفسها رايحة لل؟
وكنت بتكلم مع تاجر فواكهه وسألته ولقيته لها لسه التاجر جايه النهاردة هي فين.
ضحكن وجدان وسجى، وضحت وجدان ذلك قائلة:
أكيد ده بسبب الوحم... درة لسه موصلتش، تعالي نقعد مع بعض هي زمانها على وصول.
ابتسم باسل وجلس معهن ينتظر، حتى صدح هاتف وجدان، نهضت وإستأذنت للخروج للرد على الهاتف... ظل باسل وسجى، ساد الصمت قليلًا حتى تنحنح باسل وسألها:
أخبارك فى الكلية ايه، اللى أعرفه كلية الطب كلية عملية وأكيد مُجهدة، تعرفي أنا كنت جايب مجموع يدخلني كلية الطب، بس أن مكنتش هاوي أبقي دكتور، زي درة.
إتسعت عينيها بذهول سائلة:
وليه مكنتش هاوي تبقى دكتور.
لوهلة شعر بغصة فى قلبه وتذكر والده الذي كان ومازال قدوته، تفوه بذاك:
انا بحب الزراعة والأرض الزراعية وفى رأيي الأرض أغلى كنز، زي بابا وكنت متأثر بيه وعشان كده حبيت أبقي زيه وأدرس زراعة وعندي مشروع فى دماغي بعد ما اتخرج.
لمعت عينيها بإعجاب سائلة:
إيه هو المشروع ده.
شعرت انها تسرعت بفضولها وأخفضت وجهها بحياء فأجابها بنبرة تحدي:
ناوي أستصلح للأراضي الصحراوية القريبة مننا...فى كذا مكان اخدت من الرمل بتاعه عينات واكتشف ان بسهولة ممكن أستصلحها وأخضرها،بدل ما أهي مقالب للمخلافات ومشوهه الطُرق، ممكن تبقي مزارع لفواكه كتير بتحب التربة الرملية ومش بتشرب ماية كتير.
زاد إعجابها وهنالك خفقان بدأ يدُق قلبها... وعينيها تُطلق فى قلبه نسمات هادئة.
انهت وجدان المكالمة وعادت نحو الغرفة لكن توقف على جانب الغرفة تنظر للإثنين،رغم انها تسمع حديثهم البعيد عن المشاعر،لكن نظرت لهما بحالمية وتمنت أمنية أن تتحقق،فتنال سجى تعويضً عن قسوة والدتها،بقلب ذلك الـ باسل العقلاني.
❈-❈-❈
على الطريق
تجنبت درة لتلك السيارة التى أصبحت مجاورة لها، كاد سائق تلك السيارة أن ينال هدفه ويغتال دُرة، بالفعل فتح صمام الأمام للسلاح ورفع يده نحو شباك سيارة درة، لكن سُرعان ما أخفض السلاح
حين سمع زامور سيارة من خلفه، كذالك سيارة أخرى مقابله على نفس الطريق تقترب حتى توقف صاحبها وترجل منها وتوجه نحو سيارة درة...
درة التى تبسمت وهي تُخفض زجاج شباك السيارة، لـ طوفان الذي فتح باب السيارة قائلًا:
إنزلي من العربية وتعالي معايا أوصلك أنا رايح البيت.
كادت تعترض لكن جذبها طوفان برفق قائلًا:
سيبي المفاتيح فى العربية، هخلي عالسواق اللى معايا ياخدها فورًا.
تنهدت بإستسلام وترجلت من السيارة ذهبت معه نحو سيارته، بالفعل ترجل سائق سيارة الحراسه وذهب نحو سيارة دُرة وقادها للأمام لإفساح مكان لمرور سيارة طوفان ودرة
درة التى نظرت نحو طوفان سائلة:
جاي منين دلوقتي... مش عوايدك ترجع للبيت فى الوقت ده.
إبتسم وأجابها:
قررت أغير عوايدي، في عندك مانع.
هزت رأسها ببسمة
بعد قليل دخلا الإثنين الى المنزل ترجل طوفان وإنتظر حتى أقتربت منه درة وأشار بيده لها لتسبقه بالهدوء، بالفعل سبقته، دلف خلفها مُبتسمً إنشرح قلب وجدان لـ بسمة طوفان بعد أيام من عبوس ملامح وجهه، درة هي بسمة طوفان... رحبت بهما قائلة:
من شوية شكرية كانت بتقولى أجهز الغدا قولت لها نستني رجوع درة، وأهو طوفان كام وصل، يلا خلونا نتغدا سوا، حتى باسل أخو درة كان هنا ولما إستغيبها مشي.
ابتسمت درة قائلة:
هو كان اتصل عليا وأنا فى المستشفى وكنت مشغولة مع مريض ومردتش عليه، وكنت هروح عند ماما، بس طوفان قابلني فى السكة وجينا لهنا، شوية وأبقي اتصل عليه.
ابتسمت وجدان قائلة:
ربنا يخليكم لبعض، يلا خلونا ندخل للسفرة شكل شكرية شافت دخولكم وحضرت الغدا وكمان جود نزلت أهي.
إبتسم طوفان لـ جود التى إقتربت منهم وذهبوا جميعًا لغرفة السفرة، عم الصمت قليلًا، ثم قطع الصمت جود حين قالت:
أنا أتصلت على واحدة زميلتي فى الجامعه وقولت لها تبعت لى المحاضرات اللى فاتتني، كمان محاضرات العملي اللى غبتها، الحمد لله مفتنيش كتير.
رغم غصة قلب طوفان لكن تبسم لها يشعر بسعادة من قوة جود التى لن تترك نفسها للإنهزام... نظر نحو وجدان وابتسم، إبتسمت له هي الاخري وتلاقت نظرات أﻋينهم كأنهما يتحدثان بتوافق.
❈-❈-❈
بمصنع خاص بصناعة المواد الكيماوية الزراعية...
دلف ذلك العامل قدم التحية لـ عزمي الجالس على مقعد الإدارة... ثم أعطى له مُغلفًا مُغلق.
نظر عزمي اللى المُغلف سائلًا بإستفسار :
إيه الجواب ده.
أجابه العامل:
ده جواب من وزارة الزراعة.
زفر نفسه بضجر وهو يفتح المُغلف، ثم قرأ تلك الورقة الموجودة بداخله، ثم زفر مره أخري بغضب قائلًا:
ده تحذير من وزارة الزراعة إن المصنع بيسرب مُخلفات كيماوية فى الترعة اللى ورا المصنع، وبيلوث ماية الترعة.
تسائل الموظف قائلًا:
التحذير ده إتكرر أكتر من مرة،حضرتك هتعمل إيه،كده ممكن الوزارة تاخد قرار وتقفل المصنع..حضرتك ممكن تتكلم مع أي مسؤول كبير فى الوزارة.
تنفس بعصبية وغضب قائلًا:
الموظف اللى كان مسؤول بالوزارة طلع معاش و"حسام" لما كان عايش وبيشتغل فى الجمعية الزراعية كان بيشيل عننا المخالفات دي،لكن زيدان جوز أختى ماسك فى راية الشرف ولو إتكلمت معاه مش بعيد بسبب كوثر يضغط عليهم يقفلوا المصنع،أنا هشوف حل،والفترة دي وقف تسريب مخالفات المصنع فى الترعة دي على ما اكلم أخو المدام أهو عضو فى المجلس نستفيد منه بأي خدمة.
❈-❈-❈
ليلًا
إبتسم طوفان حين سمع همهمات دُرة حين إبتعد عنها وتركها بالفراش نظر لها مازالت غافية، جذب مِعطفً حريري خاص بالمنزل وإرتداه،ثم جذب علبة السجائر والقداحة وتسلل الى شُرفة الغرفة.. جذب مقعدًا وجلس يُشعل إحد السجائر، نفث دخانها وهو يتكئ على المقعد ينظر أمامه للظلام البعيد لتلك الأراضي الزراعية الخاصة بهم... نفث الدخان مرة أخرى
« عقله يستعيد قبل ساعات
حين كان يجلس بمكتبه بالمصنع صدح رنين هاتفه، نظر الى شاشة، تبسم وقام بالرد ليسمع:
روزان عندك فى المنيا.
نهض واقفً يود أن يتأكد حين عاود السؤال:
متأكد إنها هنا فى المنيا.
أجابه الآخر بتأكيد:
أيوه متأكد كمان نازلة فى أوتيل.
تنفس طوفان بقوة حين أخبره الآخر بإسم الفندق... أغلق الهاتف، خرج سريعًا من المصنع، دقائق وكان يقف ببهو ذلك الفندق، يسأل عن رقم غرفة روزان، أخبره العامل رقم الجناح الخاص بها، بعد قليل كان أمام الجناح ينتظر أن تفتح له
بينما بالجناج إستعدت روزان وهييئت نفسها، فتحت حقيبتها تأكدت من وجود تلك الورقة البرهان أن طوفان كان زوجها...
تذكرت قبل عِدة شهور
بأحد المطاعم
كان غداء عمل ثلاثي بينها وبين طوفان وعميل آخر...
كان طوفان يتحدث مع العميل بنبرة إحترافية،الى أن رفع وجهه ونظر أمامه لوهله عاد ينظر نحو العميل،لكن سرعان ما عاد ينظر أمامه، تأكد أنه لا يتخيل سُرعان ما ارتسمت بسمة على شفاه ونهض واقفً يعتذر قائلًا:
ثواني وراجع.
رافقت عيناها طوفان الى أن توقف أمام أحد الطاولات
عيناه تسلطت على دُرة الجالسة، وهو يُصافح شاهر الذي سأله:
إنت هنا فى المطعم بتعمل إيه.
مازالت عيناه مُسلطة على درة التى تهربت من النظر له وهي تدعي قراءة كُتيب الطعام،غص قلبه على ملامحها الحزينة،كذالك من تعمدها عدم الإنتباة له،كذالك لاحظ رعشة يدها وهي تُمسك ذلك الكُتيب،تغاضي عن ذلك وأجاب شاهر:
غدا عمل مع عملاء،كان نفسي أقعد معاكم بس لازم أرجع لهم.
ابتسم شاهر،قائلًا:
بالتوفيق.
بينما ظلت درة صامته،حتى انها لم ترفع رأسها تنظر له...عاد طوفان الى الطاولة مرة أخرى ولكن عيناه لم تفارق النظر نحوها...وعقله بالكامل مشغول بـ درة....
أغمض عينيه لثانية كأنه يُعيد ترتيب أفكاره قبل أن يقول بنبرة هادئة:
خلونا نرجع للعرض… في نقطة مهمة في التسعير أحب أوضحها.
بدأ يشرح بثبات، بينما كانت عيناه يختلس النظرة نحوها…
وهي كذالك إن كانت تعمدت عدم النظر له لكنها تشعر أن نظراته لها تُربكها، وهنالك شعور آخر حين رأت تلك الجالسة، شعرت بغِيرة، رغم أن لا شئ يدعي ذلك...
لكن لاحظت روزان نظرات طوفان ولمعة عيناه، كذالك تسرعه أن ينهي اللقاء، تعمدت رفع يدها ولامست يد طوفان الذي سحب يده سريعًا، لكن درة لاحظت ذلك وزاد شعور الغِيرة
حاولت السيطرة على ذلك الشعور،الذي كان من المفترض ألا تشعر به فكل منهما ذهب بطريق،كما أنه هو الذي أضاع حق والدها،رغم مرور شهور على ذلك لكن مازالت تكن البُغض الواهي لـ طوفان،
طوفان الذي كان ينظر لها يتمني لو يذهب نحوها ويجذبها ويذهبان الى أي مكان آخر، ربما بعتابهم يزول ذلك الجفاء بينهما.
لكن مجرد الإقتراب منها الآن عاصفة ستقوم ولن تهدأ
استكمل العمل معهما، لاحظ نهوض درة وخلفها شاهر، ثم غادرا
إنتبه الى العمل، بالتأكيد درة لا تريد رؤيته وهي من طلبت من شاهر المغادرة.
إنتبهت روزان من ذلك الموقف على صوت باب الغرفة نهضت تفتح
بينما زفر طوفان نفسه برتابه رغم أنه
لم ينتظر كثيرًا،وإنفتح الباب...كان يُعطي ظهره ناحية الباب،بمجرد أن سمع صوت فتح الباب استدار نحوها
تسمرت روزان مكانها حين لاحظت نظرة طوفان الباردة،
إبتلعت ريقها بصعوبة وهو تقول أسمه بصوت منخفض ومحشرج:
طوفان!.
نظر لها بإستهزاء خالية من المشاعر دلف الى الغرفة دون مقدمات... تفوه صوته حاد وعاصف:
أيوة طوفان،مش كنت تتصلي عليا عشان حتي أحجزلك فى أوتيل أ فخم من ده، ولا كنت مفكرة إنك هتقدري توصلي لهنا بدون ما أعرف، جاية ليه يا روزان، سبق وقولتلك كل اللى بينا إنتهى ومعتقدش فى حد منا خسران.
لو طلب منها الركوع له ستفعل مقابل أن يعود لها،لكنه تنرفز حين حاولت أن تحتضنه لكنه إبتعد عنها،قائلًا بغضب:
كان بينا إتفاق إننا وقت ما نزهق من بعض ننفصل بهدوء،وإنتِ..
قاطعته وهي تقترب منه بلهفه قائلة بتوسل:
بس انا بحبك يا طوفان،و...
قاطعها بغضب قائلًا:
سبق وقولتلك إن جوازنا كان له أسبابه وإنتهت خلاص.
بدموع عينيها سألته:
وإيه هي الأسباب دي، وإشمعنا إنتهت دلوقتي.
صمت طوفان، بينما عاودت روزان قولها تشعر:
كان السبب مراتك اللى إنت إتجوزتها فى العلن بفرح كبير،كنت بتحبها بس هي فضلت غيرك عليك، أنا كنت محطة مؤقتة فى خياتك تنسي بها، بس مش بالسهولة دي يا طوفان،أنا مش علاقة عابرة او نزوة انا كنت مراتك.
تنرفز طوفان قائلًا:
قولتيها "كنت"وإنتهي،أوعي تفكري إني خايف إن مراتي تعرف إني كنت متجوز قبلها...
قاطعته بغضب وضحكة سخرية:
ولما إنت مش خايف ليه جيت لى هنا...و..
قاطعها بغلظة:
عشان فعلًا خايف على مشاعرها وكمان منظرك لما تعرف ان الجواز كان عرفي مش بس هتنزلي من نظرها صدقينى، هتتأكد إنك كنتِ نزوة رخيصة.
كلماته اصابت فى عقلها بشدة، لكن سرعان ما تماسكت، وردّت بصوت متهدج بين الألم والكرامة:
النزوة الوحيدة اللي حصلت في حياتي... كانت إني صدّقت إنك ممكن تحبني.
صمت طوفان لحظات ثم أجابها:
عمرى ما وهمتك بأي مشاعر كنت واضح معاكِ.
صمتت وهي تجلس على أحد مقاعد الغرفة تنظر له بدموع... بينما لم يتأثر طوفان للحظات قبل أن يقول:
فى عربية تحت هتوصلك للقاهرة، وياريت تقتنعي يا روزان إن علاقتنا انتهت، ولو عاوزة علاقتنا العمليه كمان أنا مش هتردد.
خسرت ووصلت النهاية معه، غصبً إمتثلت ربما أختارت وقت خطأ لتؤجل ذلك، لن تخسر وحدها لكن لا مانع من انتظار فرصة أفضل.
على لسعة عُقب السيجارة ليده عاد من ذلك، ألقي العُقب ونهض بعدما شعر بنسمة هواء باردة، عاد يدخل الى الغرفة.. خلع ثيابه وعاد ينضم الي درة بالفراش، ضمها، إبتسم حين تفوهت وهي ناعسه:
ريحتك سجاير فاقعه.
ضمها أكثر
وهو وقتها كان داخليًا يشعر مهزوم فى معركة لم يختارها كان يائسًا بائسًا،
❈-❈-❈
بعد ﻤرور أسبوعين
بمنزل والد حاتم
ذُهل والديه حين أخبرهما:
أنا أتنقلت من الخدمة هنا.
سأله والده:
إتنقلت لفين.
أجابه:
مرسي مطروح.
سريعًا تفوهت والدته بقين وإستهجان:
أكيد طوفان هو السبب هو اللى يقدر يعمل كده.
صمت حاتم يشعر بضياع بينما تحدث والده قائلًا:
كان لازم تتوقع طوفان...مش هيعدي كسرتك لقلب جود بالساهل...
طبعًا، ياما حذرتك وقولت لك فى إيدك نسمة رقيقة ضمها في قلبك ... لكن مشيت ورا غباء دماغك وضيعت كل حاجة بإيدك.
نظر له حاتم بعيون تائهة، أصبحت الحقيقة واضحة تضرب كيانه... قلبه يصرخ بينما لسانه عاجز... بينما عاودت بدريه الحديث بإستهجان وذم:
هو طوفان اللى دايمًا كده بيستقوي بـ سلطته وقوته و علاقاته....
قاطعها والد حاتم بحدة تخفي خلفها مرارة:
طوفان... طوفان... كل ما يحصل حاجة تقولي طوفان، طوفان يمكن مش ملاك، بس على الأقل راجل... وقف جنب جود وقت ما أنتِ ابنك إفترتوا عليها بأفعالكم الخبيثة...إبنك إختار ينتقم عشان يثبت إنه راجل...الرجولةمش فى الانتقام يا حاتم... الرجولة أحتواء مش جحود وأنانية وإنتقام من بريئه للآسف حبتك وإستحملتك للآخر وإنت كنت قاسي،دلوقتي دوق من نفس الكاس ولسه.
ضغط حاتم على قبضته، يشعر بوجع قهر وإعترف بمرارة :
بس أنا حبتها... والله بحبها...وحاولت أقنعها نبدأ من جديد رفضت.
تهكم والده بضحكة سخريه موجوعة قائلًا:
تقنعها بإيه... وبعد إيه
الحب لوحده مش كفاية... النسمة اللى كانت فى إيدك اتحولت دلوقتي عاصفة زلزلت كيانك وللآسف كُل شئ إنهار وبدأ الحساب.
رفع حاتم راسه وسأل بصوت مبحوح:
انا مش زعلان إني إتنقلت لأن شغلي متعود على الخدمة فى أي مكان بس الفترة دي بالذات كنت محتاج أبقي هنا،عندى أمل أسترد جود من تاني.
كا. والده أن يصدمه بأنه خسرها،لكن تحدث بتحفيز له:
لو قلبها لسه بيدق ليك، يمكن... بس إنسى إنها هتسامح بسهولة، إنت كسرت حاجة جواها، ولما الست تتكسر من جواها، بتقوم بس بشكل تاني، بشكل ما تعرفوش.
للآسف أيقن حاتم فداحة خسارته والآن يخشي ابتعاده عن هنا.
❈-❈-❈
ليلًا
بمنزل طوفان
كل ليلة تنزوي على حالها، رغم محاولات والدتها وطوفان في انتشالها من حزنها، في جرها للحياة مجددًا، لكن هل النسيان سهل
هل يُمكن محو أول دقة قلب خفق بها صدرها لأجل رجلٍ تبين أنه مجرد وهم
كيف تنسى جنينًا نبض يومًا بداخلها، تشكل من لحمها ودمها، ثم اختفى فجأة، وكأن شيئًا لم يكن
لم يكن مجرد حُبٍّ، بل كانت حياةً بدأت ثم انتُزعت منها بالقوة...
صوت ضحكته ما زال عالقًا في أذنها، وصورة ذاك السونار ما زالت محفورة في عينها، وكل ليلة... كانت تتساءل:
هل الألم يُنسى فعلًا، أم فقط يتعلّم الإنسان كيف يختبئ خلف ابتسامة...
لكن بقلبها بعضً من اليأس تنظر حولها بالغرفة
ها هي تعود وتتأقلم مرة أخرى بين جدران غرفتها التي شهدت على أحلامها الوردية، أحلامًا وُلدت في ربيع قلبها لكن قُتلت في خريف الخيبة...
كل زاوية تحمل ذكرى تهمس لها بما كانت تحلم به، وكل ركن يُعيد بث مشاهد الفرح الذي لم يكتمل....
كانت غرفتها هي عالمها مساحتها الخاصة للحلم والطمأنينة، لكنها الآن تشعر بأنها قفص... يحتضنها كل مساء كي تُصارع وحدها طيف ايام إبتعدت فيها عن تلك الغرفة....
عاشت خداعً ...كانت مُفرطة في العطاء، حلمت وتمنت أن تكون زهرة ربيع لكن فاقت وعلمت أن
الخريف لا يُنبت وردًا، ... واليوم ها هي أمام مرآتها، لا ترى إلا فتاة أرهقها والخذلان.
نهضت فجأة من فوق فراشها، تنفض ذلك الشعور بالهزيمة، بإصرار... هي لا يليق بها أن تستسلم
لن تعيش منزوية
جذبت كراسة رسم وفرشاة وضعتها وجلست خلفها، فى البداية كانت يديها ترتعش وسقطت الفرشاة من يدها وصورة الورقة البيضاء أمامها
...تشعرها بالعجز... وكأنها مرآة أخرى، تُعيد لها صورة الفراغ في روحها.
حدقت طويلًا في تلك الورقة، تتنفس ببطء، تستجمع شتاتها... جذبت الفرشاة وتمسكت بها بقوة بدأت ترسم خطوط مُبهمه كأن يديها أنفصلت عن جسدها بلا وعي ترسم، رغم جفاف دموعها، لكن توقفت عن الرسم تنظر الى اللوحه التى رسمتها
كأنها رسمت نفسها أمامها صورة
امرأة تبكي حلمً ضاع منها بمهده... وبقايا أزهار الخريف حولها... لكن هنالك زهرة فى مكان بعيد تختبئ أسفل أحد الأغصان كأنه يحميها من الرياح... تبسمت غصبً، فا هو جود تعود ولن تنهزم وتنحني للخريف يُسقط أوراقها.
❈-❈-❈
بعد مرور عِدة شهور
رغم شعورها ببعض الألم لكن صرفت عن نفسها ذلك بإستسلامها للنوم
بينما قبل قليل عاد طوفان الى المنزل، صعد الى الغرفة تبسم حين وجد دُرة غافيه... ذهب نحو الفراش يُشاغبها بقبلاته على وجهها، تنفست درة وفتحت عينيها قائلة:
ريحتك سجاير.
ضحك قائلًا:
إنتِ حاسة الشم عندك وقفت عند ريحة السجاير.
تملمت فى الفراش، لوهلة شعرت بألم ثم زال، لم تُظهر ذلك، بينما طوفان تمدد لجوارها يضمها، وضعت يدها على صدره قائلة:
إنت هتنام بهدومك.
ضحك وهو يغمز بعينيه قائلًا بإيحاء:
إنتِ عاوزة إيه بالظبط
تثائبت قائلة:
أنا مفيش فيا حيل للى فى دماغك.
ضحك بغمز قائلًا:
وإنت عارفه إيه فى دماغي.
هزت رأسها فضحك، وهو يُقبلها.. يضمها له وهي تعود للغفيان مرة أخرى بين أحضانه
لكن فتحت عينيها بعد وقت قليل تشعر بألم طفيف... يصحبه حرارة فى جسدها... تسللت من جوار طوفان تسير بخطوات بطيئه حتى دخلت الى الحمام
وقفت لحظات قبل أن تحسم قرارها وفتحت الصنبور ملأت حوض الإستحمام بمياة دافئه، بصعوبه ...خلعت ملابسها وجلست في الحوض ببطء، أغمضت عينيها تحاول تهدئة ذاك الألم المجهول الذي يتسلل عبر جسدها كتيار خفي...
لم تكن تعلم إن كان ما يؤلمها ليست حرارة جسدها بل ألم آخر إشتد فجأة، جعلها صرخت
من ذلك الالم
بالغرفة تململ طوفان شعر بخواء بين يديه نظر جواره لم يجد دُرة قبل ان ينطق إسمها سمع صرختها الآتيه من الحمام، ذهب مُسرعً نحو الحمام، وجدها بالحوض تتألم وجهها متعرق لا يعلم ان كان من سخونة المياة أم من سبب آخر... صرخت مره اخري تستنجد به قائلة بألم:
طوفان إلحقني أنا بولد.
وقف مُتصنمً لحظات قبل ان يقول بذهول:
هتولدي فى البانيو.