رواية عشق يحيي الفصل العاشر10بقلم سلمي جاد
ـ "مين حضرتك؟"
رد بصوت واطي، بيحاول يمسك نفسه:
ـ "أنا… النقيب يحيى الصياد."
سكت لحظة، والهواء تقل حواليهم، وقال بنبرة فيها وجع وحنين سنين:
ـ "ابن عمّك ............
************************
ليلى مشيت بخطوات بطيئة،
ولما قربت، مدّ إيده المرتجفة ولمس كفها:
ـ "كنت فاقد الأمل أشوفك قبل ما أموت… بس ربنا كبير."
وفجأة شدها بقوة في حضنه والدموع بتجري زي الشلال على وشه ..رغم هيبته إلا إن اللحظه دي كل الهيبة راحت أول ما حضن حفيدته
************************
ماخدتش بالها من المسدس الصغير اللي كان محطوط عالمكتب،
عينها اتشدت أكتر للتسريحة الكبيرة اللي قدامها.
كانت مليانة عطور مرتبة على صفين،
أسماء عالمية، ريحتها مالية الجو حتى من غير ما تفتحها.
وفوقها مشطين معدنيين، كل حاجة في مكانها كأن صاحب الأوضة منظم جدًا.
قربت بخطوات فضولية، مدت إيدها تلمس غطا برفان،
بس فجأة...
باب الحمّام اتفتح!
وخرج يحيى، شعره مبلول،
لابس بنطلون تريننج غامق وصدره العريض العاري باين،
وبيبص لها بدهشة ،صوته جه حاد لكنه مش عالي.
ـ " ليلى ! انتي بتعملي ايه هنا؟"
هي اتجمدت في مكانها، جسمها اتصنم من الصدمة أول ما سمعت صوته ..........
هي اتجمدت في مكانها، وشها احمر فجأة وهي بتهته:
ـ "أنا... أنا كنت بدوّر على حاجة... افتكرت إنها هنا... خبطت ومحدش ردّ فـ... فـ دخلت..."
مسك الفوطة من على الكرسي وحطها على كتفه
عينه لسه عليها بس صوته بقى أهدى شوية:
ـ "كنتِ فاكرة الأوضة دي فاضية؟"
ـ "أيوه... آسفة جدًا، والله ما كنت أعرف إنها أوضتك."
اتنفس بعمق وهو بيحاول يمسك أعصابه:
ـ "تمام، بس المرة الجاية متدخليش أي أوضة من غير ما تتأكدي."
**********************
_أيوه يا ليلى.
إيه يا بنتي انت فين اتصلت بيكي كتير ومش بتردي
أنا كويسه يا ليلى .. أنا في المستشفى عشان عملت حادثة بسيطه
عين ليلى اتسعت بخضة، وصوتها خرج بسرعة وهي بتكلمها:
ـ إيه؟! مستشفى إيه يا ضحى؟! إنتِ كويسة؟
ضحى بصوت مطمن:
_ بسيطة والله، بس رجلي اتكسرت
_ طيب اسم المستشفى إيه
_ مستشفى *****
قفلت الخط بسرعة وهي بتقول لنفسها بقلق:
ـ أنا لازم أروحلها.
كانت خارجة من أوضتها بسرعة، ويحيى لمحها وهي مخضوضة.
ـ في إيه يا ليلى؟ حصل حاجة؟
ـ صاحبتي ضحى اتخبطت بالعربية وأنا رايحة المستشفى.
ـ تمام، هوصلك أنا.
ـ لا لا خلاص، ممكن أروح لوحدي…
ـ قلت هوصلك. (قالها بنبرة حاسمة)
سكتت لحظة وبعدين هزت راسها بموافقة.
**********************
ليلى ردت وهي تبتسم:
ـ مفيش تعب ولا حاجة... وبعدين ابن عمي هو اللي موصلني.
ضحى بفرحة قالت بسرعة:
ـ إيه ده! الظبوطه ..
ليلى على طول حطت إيدها على بُقّها وقالت بهمس متوتر:
ـ ايوه ياختي، هو واقف بره!
الشاب وجه كلامه لليلى وقال بودّ:
ـ حضرتك صاحبة ضحى؟
ـ أيوه.
ـ اسمك إيه؟
بس قبل ما يكمل، الباب اتفتح فجأة ودخل يحيى بسرعة، ملامحه متغيرة ومشدودة.
هو في الأول كان واقف برا، على أساس إن ضحى لوحدها في الأوضة،
بس أول ما سمع صوت راجل جوه بيسأل ليلى عن اسمها، الدم غلى في عروقه ودخل فورًا.
الكل اتفاجئ، وضحى بصتله باندهاش، لكن قبل ما تتكلم، يحيى وقف متجمد لحظة وقال باستغراب:
ـ زين؟! إنت هنا بتعمل إيه؟
ضحى وليلى بصوا لبعض مش فاهمين، وزين قال وهو مش مصدق:
ـ يحيى! إنت عرفت إنّي هنا إزاي؟
وبعدين لمّ الموقف بسرعة، وبنظرة واحدة فهم إن ليلى بنت عمه اللي كان بيحكي عنها.
ليلى باستغراب:
ـ إنتو تعرفوا بعض؟
يحيى رد بابتسامة بسيطة:
ـ أيوه... زين نقيب في القوات الخاصة زيي، وصاحبي من أيام الكلية .
ضحى بصت لزين بانبهار وقالت بخفة دمها المعتادة:
ـ يعني انت ظابط بجد؟ طب ما قلتش ليه من الأول بس.
****************
نزلت بسرعة، لقت يحيى مستنيها بالعربية، لابس نضارة شمس وساند ضهره عليها.
ركبت وقالت وهي بتحاول تلحق نفسها:
ـ معلش، اتأخرت.
ـ ولا يهمك.
الطريق كان هادي في الأول، لحد ما بدأت تحكيله عن الشركة.
ـ اسمها "الشريف جروب".
ـ الشريف جروب؟ مين صاحبها؟
ـ أظن اسمه آدم الشريف.
سكت لحظة وقال بنبرة حازمة:
ـ قبل ما تبدأي، هعمل تحريات عن الشركة دي.
ليلى بصّت له باستغراب:
ـ تحريات؟ ليه يعني؟
ـ عشان أطمن.
ـ يا يحيى، ده تدريب بسيط تبع الكلية، مش عملية أمنية!
اتنهد وقال بجدية:
ـ أنا ابن عمك ومسؤول عنك، ومش هسيبك تروحي مكان مش عارف مين اللي فيه.
هي توترت وردّت بعفوية:
ـ بس جدو هو اللي مسؤول عني، وهو وافق، يعني خلاص
سكت لحظة... وبعدين ضغط على الفرامل فجأة.
العربية وقفت قدام باب الكلية، وصوته طلع جامد، أول مرة ليلى تسمعه كده:
ـ انزلي.
ـ يحيى... أنا ما...
ـ قلتلك انزلي يا ليلى.
نزلت فعلًا، وقفت جنب العربية وهي بتحاول تلمّ شتات نفسها،
العربية اتحركت وسابت وراها دوشة الشارع ونبضها اللي بيجري.
ليلى بصّت لورا، مسحت دموعها بسرعة قبل ما حد يشوفها
*************************
ليندا بصت لها بخوف:
ـ وهنعمل إيه؟
ـ العصير اللي بيشربه بعد العشا... هنحط فيه شوية منشّط خفيف، يخليه مش متزن.
وانتِ هتروحيله على أوضته كإنك بتسأليه عن حاجة ولما مفعول المنشط يشتغل ساعتها هتكون العيلة وصلت القصر ويفهموا إنه بيحاول يتهجم عليكي ،وساعتها الجد أكيد هيجبر يحيى إنه يصلح غلطته ويتجوزك ويحصل اللي إحنا عايزينه.
ليندا شهقت وقالت بارتباك:
ـ ماما إنتِ سامعة نفسك؟!
*******************
ـ ضحى؟ أنا زين.
ابتسمت بخفة وقالت:
ـ آه، زين... إزيك؟
ـ تمام الحمد لله، بس قوليلي الأول... رجلك عاملة إيه دلوقتي؟
ـ الحمد لله، لسه بتوجع شوية، بس بقيت أحسن.
ـ كويس... لو وراكي أي مشاوير عرفيني هجيلك أوصلك الحته اللي عايزاها.
ـ إيه؟ لا لا يا زين، مش لازم تتعب نفسك.
ـ تعب إيه بس؟ ما أنا اللي خبطتك أصلاً، يعني قانونًا أنا المسؤول عن تحركاتك لحد ما تفكي الجبس
ضحكت وقالت بخجل:
ـ يا راجل سيبك من القوانين دي.
ـ لأ، دي أهم من الدستور كمان. خلصت...
ضحكت وقالت بتفكير :
ـ النهارده عندي عيد ميلاد بنت خالتي.
زين سكت لحظة، وبعدين قال بنبرة فيها اهتمام واضح:
ـ طب خلاص، أنا هعدي أوصلك.
ضحكت وهي تهز رأسها، بس جواها كانت حاسة بحاجة غريبة... أول مرة تحس إن قلبها بيتحرك بالشكل ده.
**********************
رفع الكوباية وشربها كلها دفعة واحدة.
عدّت دقايق... وبدأ يحس إن في حاجة غريبة.
طلع السلم بخطوات بطيئة، ماسك الحيطة بإيده، بيحاول يوازن نفسه.
خبط على باب أوضة ليلى.
ومن جوه اتسمع صوتها الناعس:
ـ مين؟
ـ أنا... يحيى.
فتحت الباب وهي لابسة إسدالها، وشها باين عليه التعب.
حمحم بتوتر وقال:
ـ عاملة إيه دلوقتي؟ ماما قالتي إنك تعبانه
ليلى كانت لسه زعلانه من اللي حصل الصبح، من طريقته وزعيقه ليها في العربية،
بس ردّت ببرود، ومعالم الإرهاق واضحة عليها:
ـ الحمد لله... أحسن شوية.
يحيى تنهد وقال بخشونة هادية:
ـ أنا مش عايزك تزعلي من اللي حصل الصبح... أنا بس كنت خايف عليكي،
إنتي مسؤولة مني وأنا...
قبل ما يكمل، صوته بدأ يتلخبط، ملامحه اتغيرت فجأة،
مدّ إيده كأنه بيدوّر على حاجة يسند نفسه عليها.
قال بصوت متقطع:
ـ ليلى...
ليلى بصّت له باستغراب وهي شايفة وشه بيشحب قدامها،
ونَفَسه متقطع .
ـ يحيى... مالك؟
ـ مش عارف... في حاجة غريبه ..
قرب منها بخطوة، وبعدين وقف مكانه،
كأنه بيحاول يقاوم حاجة جواه.
إيده شدت على جنب الباب، عروقه كانت باينة، وعينيه مضطربة.
ـ ليلى... اقفلي الباب على نفسك من جوا ومتفتحيش... حتي لو أنا اللي قولتلك.
ـ لأ، إنت مش كويس، استنى أجيبلك مية ولا...
ـ قلتلك ادخلي واقفلي الباب!!
صوته كان مليان توتر، مش غضب.
ليلى اتخضّت، بس رغم خوفها، رفضت تسيبه كده.
ـ لأ، أنا مش هسيبك كده.
دخلته الأوضة وسندته يقعد على الكرسي،
بس أول ما لمست دراعه، جسمه كله اتشنج فجأة.
ـ متلمسينيش... بالله عليكي متلمسينيش يا ليلى!
ـ طب في إيه؟ واتكلمت بخوف:
انت شارب حاجة؟
ما ردش، قام بصعوبة من عالكُرسي،
العرق مغرق وشه، وأنفاسه سريعة.
ـ أنا... أنا حران أوي...
ليلى استغربت وقالت:
ـ حران إزاي؟ ده الجو سَقعة!
لكن اتصنمت مكانها لما شافته بيفك أزرار قميصه بسرعة،
لدرجة إنه قطعها من شدة توتره، والأزرار وقعت على الأرض.
ـ يحيى... إنت بتعمل إيه؟
بصّ لها بعينين متوهجة ومليانة ارتباك،
قرب منها فجأة، وصوته مبحوح ومختنق:
ـ ليلى... أرجوكي... متبعديش عني...
شدها في حضنه بقوة، كأنه بيحتمي بيها من حاجة مش فاهمها،
وقال بصوت مبحوح:
ـ أنا مش ضامن نفسي لو بعدتِ...
في نفس اللحظة، ليندا كانت واقفة على الباب
شايفة كل اللي بيحصل
عينها متسعة من الصدمة، وإيديها بتترعش.
وجريت بسرعة لما حست إن باب القصر اتفتح وقفلت الباب بإيدها وهي بتترعش،
وفي نفس التوقيت، باب القصر كان بيتفتح...
وصوت الجد سمع وهو داخل ومعاه باقي العيلة.
ـ أومال الولاد فين؟
منال ابتسمت بخفة
ـ يمكن فوق يا بابا .
الجد:
ـ أنا هاطلع أطمن على ليلى.
ـ وأنا هاجي معاك، يا بابا.
قالتها منال، ولحقت بيه على السلم،
ووراهم بخطوات متحمسه كانت ميادة طالعة برضه ومتعرفش اللي مستنيها
لما وصلوا أول الدور، الجد لاحظ باب أوضة ليلى مفتوح.
ـ هو إيه ده؟ باب أوضة ليلى مفتوح ليه؟
منال باستغراب: معرفش يابابا يمكن نسيته مفتوح
الجد دخل الأوضة أول واحد...
وساعتها الكل اتجمد في مكانه.
المنظر قدامهم خلّا منال تكتم شهقتها بإيدها،
ميادة مصدومه، والجد وشه اتبدل صدمة وغضب في نفس اللحظة...
***********************
الليلة كتب كتاب يحيى وليلى
الصدمة سكنت المكان.
ليلى اتجمدت مكانها، عينيها اتسعت بصدمه،
ويحيى بص بذهول مش قادر ينطق.
ميادة شهقت، وليندا حطت إيدها على بقها
**********************
يحيى اتنفس بعمق، بيحاول يمسك أعصابه:
ـ بس يا جدي... دي مش طريقة، أنا...
الجد قاطعه بهدوء غريب، نبرة صوته فيها حنين قديم:
ـ تفتكر أنا نسيت يا يحيى؟
اللي حصل من خمستاشر سنة بعد الحادثة
انت فضلت ساكت شهور، لا بتضحك ولا بتتكلم؟
كنت صغير، بس الوجع اللي شوفته في عينيك وقتها ما يروحش من بالي.
هي كانت السبب في إنك ترجع زي زمان
ترجع للحياة بعد ما كنت غرقان في صمتك.
يحيى بص له بدهشة، صوته واطي:
ـ جدي...
ـ آه يا يحيى، أنا عارف كل حاجة.
وعشان كده بقولك،
جوازك منها مش بس هيحفظ الكرامة...
ده فرصتك،
فرصتك إنك تكون معاها بصدق، تقربها منك، تخليها تحبك زي ما أنت بتحبها.
*****************
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير."
القصر اتملأ بالزغاريد...
منال بتزغرط بفرحة،
وضحى بتحاول تقلدها وسط ضحك زين على عبطها،
أما ميادة... كانت قاعدة في الركن،
وشها مش قادر يخبي الحقد اللي جواها،بعد ما كل حاجه خططت ليها اتدمرت
*************************
منال حطت إيدها على كتفها بلُطف وقالت بابتسامة دافية:
ـ يا بنتي إنتي دلوقتي بقيتي زوجة يحيى على سنة الله ورسوله،
ومن النهارده طبيعي تعيشي معاه في أوضته...
زي أي اتنين متجوزين.
ليلى اتجمدت مكانها، قلبها بدأ يدق بسرعة،
الواقع اللي كانت بتحاول تتجاهله طول اليوم
دلوقتي بقى حقيقي... ومفيش مفر.
***********************
يحيى بصّ لها للحظة،
اتنهد وقال بلُطف وهو بيشير على الكنبة:
ـ تعالي، عايز أتكلم معاكي شوية.
قعدوا جنب بعض،
بس بينهم مسافة صغيرة .
بدأ يحيى كلامه بنبرة صريحة وهادية:
ـ بصي يا ليلى...
أنا عارف إن جوازنا ده جيه بسرعة،
وإحنا الاتنين اتحطينا في موقف صعب.
مكنش في وقت نستوعب ولا نقرر بإرادتنا.
بصّ ناحيتها، عينيه فيها صدق واضح:
ـ بس أنا مش ناوي أضغط عليكي ولا أزعلك.
اللي حصل خلاص حصل...
ليلى فضلت ساكتة، نظراتها نازلة على الأرض،
صوتها واطي وهي بتقول:
ـ أنا بس... مش مصدقة إن كل ده حصل في يوم واحد.
ابتسم ابتسامة خفيفة وقال بهدوء:
ـ ولا أنا... بس يمكن ربنا كاتب كده لسبب.
سكت لحظة... أخد نفس طويل،
حاول يختار كلماته بعناية وهو بيبص في عينيها بثبات،
صوته كان هادي ومليان صدق:
ـ بصي يا ليلى… قبل ما أبقى جوزك، أنا ابن عمك، انتي من دمي
واللي بينا أكبر من ورقة أو عقد.
أنا مش عايز أضغط عليكي ولا أطلب منك حاجة مش جاهزة ليها.
سكت لحظة وهو بيحاول يبتسم،
ـ عشان كده فكرت إننا نعمل اتفاق بسيط بينا،
ردت باستغراب: اتفاق ايه ..؟
ـ نعتبر إننا… مخطوبين صالونات،
يعني ناخد وقتنا، نعرف بعض أكتر،
نفهم بعض من غير توتر ولا خوف.
************************
لينا شهقت، ، بسرعة كانت فتحت الباب ونزلت، والغضب سبقها قبل أي تفكير.
ـ "إنت أعمى يا جدع؟! مش شايف ولا إيه؟!"
من العربية التانية نزل شاب طويل، وسيم، ملامحه حادة وغضبة، لابس قميص اسود مفتوح أول زرارين ونظارة شمس على شعره الأسود اللي الهوا لعب فيه.
قال بصوت عالي:
ـ "أنا اللي أعمى؟! دي انتي اللي سايقه زي القطر من غير ما تبصي قدامك"
الصوتين طلعوا مع بعض، وكل واحد بيحاول يعلّي على التاني.
الناس بدأت تتجمع حواليهم، واحد من اللي واقفين قال :
ـ "اهدوا يا جماعة، حصل خير."
بس محدش فيهم سامع.
لينا كانت منفعلة جدًا، عينيها بتلمع من الغضب، وقالت بنبرة حادة:
ـ "ما أنت لو كنت راجل محترم كنت اعتذرت وخلاص "
ابتسم بسخرية وهو بيقول:
ـ "اعتذر؟ عن إيه بالضبط؟ عن إنك مش عارفة تسوقي؟"
الناس بدأت تضحك، وده زود غليان لينا أكتر.
قربت منه خطوة وقالت:
ـ "أنا اللي مش عارفة أسوق؟ ده أنا اللي هعلّمك الأدب "
وركبت عربيتها بسرعة وداست بنزين بكل عنف.
ولفت بسرعة وعدّت جنب عربيته، وخبطت في المراية الجانبية اللي اتكسرت ، متعمدة تغيظه.
هو اتجمد لحظة ، وهو شايفها بتبعد زي الصاروخ بعربيتها ولكن قبلها بصتله نظرة تحدي من مراية عربيتها.
ركب عربيته وقال بغلّ وضرب كفّه في الدركسيون
ورفع نظره في المراية، افتكر شعرها الأشقر وبسبب انهم كانوا واقفين في الشمس كان مائل للبرتقالي،
وقال لنفسه بابتسامة جانبية:
ـ" ماشي يا برتقالة .. ما ابقاش أنا ريان الألفي ، لو ما ندمتك على اللي عملتيه."
( هووب هووب😉 )
***********************
ليلى ابتسمت من غير ما تحس، وقالت بخجل:
ـ "طب وإيه اللي خلاك تفتكر تكلم دلوقتي؟"
ـ "خدت إجازة من الشغل."
ـ "إجازة؟!" قالتها بدهشة.
ـ "أيوه، عشان شهر العسل ،أنا حجزت لينا في فندق في دهب."
اتسعت ابتسامتها غصب عنها، وبصت من الشباك والفرحة مالية عينيها.
ـ "بجد !!!!."
سكتت لحظة، وقلبها بيرقص فرح، وقالت بصوت واطي مليان امتنان:
ـ "شكراً يا يحيى..."
**********************
ـ "صباح الخير يا فندم... أنا لينا الصياد، المهندسة الجديدة."
ريان لف الكرسي بهدوء، وبمجرد ما عينه وقعت عليها...
اتسعت عيناه بذهول.
هي!
نفس البنت اللي خبطت عربيته امبارح
وفي نفس اللحظة، عينيها هي كمان اتسعت بدهشة،
وشها شحب، وصوتها اختفى...
هو... نفس الشاب اللي اتخانقت معاه .
وقف من ورا مكتبه، لابس بدلة رمادي غامقة فخمة،
ملامحه حادة، ونظراته فيها نفس الشرارة اللي كانت في الشارع.
قال بنبرة فيها سخرية لاذعة:
ـ "إنتي... المتدربة الجديدة؟!"
اتجمدت لينا في مكانها، وشها احمر من الإحراج والتوتر، وقالت بصوت متلخبط:
ـ "إنت... إنت فهد الألفي؟!"
رفع حاجبه وهو بيقرب منها بخطوات هادية،
عيناه فيها مزيج من الغضب والتسلية، وقال بنبرة واثقة ساخرة:
ـ " شكلنا هنقضي أيام شبه وشك يا... برتقالة."
************************
البضاعة لازم تتحرك قبل ما الليل يخلص،
ولو حاول يتدخل يبقا هو اللي فتح باب جهنم على نفسه ...
سكت شوية، سحب نفس من السيجار وقال بنبرة أهدى لكنها مليانة تهديد:
ـ وخصوصا إن الصياد بقى عنده نقطة ضعف أنا سمعت إنه اتجوز وواجب عليا أنقطه..
*********************
مسح العرق من على جبينه، وبصّ في الأفق...
بس عقله كان في مكان تاني خالص.
من ساعتها .. المكالمة اللي سمعها بالغلط،
وكلام أم ضحى وهي بتزعق،
مسك إزازة المية تاني،
بس المرة دي ضحك بخفة سخرية وقال لنفسه:
ـ «إيه يا زين؟ إنت من إمتى بتفكر في الحاجات دي؟ مش كنت بتقول الجواز مش للي زيك ؟»
عينه غابت في الفراغ،
وبتلقائية رجع للحادثة اللي غيرت كل حاجة...
من خمس سنين،
اليوم اللي فقد فيه أعز حد في حياته
اللي كانت سبب في إنه يقفل قلبه،
ويتعلم إن "الضعف" أخطر من أي حرب.
من وقتها وهو مش بيثق في أي مشاعر،
بيتعامل مع الناس ببرود مدروس،
كأنه حط بينه وبين العالم كله جدار من الحديد.
لكن دلوقتي...
كل مرة بيفتكر دموع ضحى وصوتها المبحوح،
الجدار ده بيتهزّ من جواه
*************************
في دهب
ويحيى ماسك الموبايل وبيسجل فيديو تذكاري للمكان ،
لكن فجأة الكاميرا جت على ليلي ..
وقف للحظة، وانبهر من جمالها،
ومش قادر يبعد عينه عنها…
ابتسم لنفسه وقال:
ـ "بسم الله ما شاء الله… ."
ابتسم وكمل كلامه :
ـ "خلّيكي لابسه الفستان ..متغيريش ."
ليلى ضحكت بخجل، وقالت:
ـ حاضر .
نسمات الهوا الخفيفة والشمس بدأت تغيب وبتلون السماء بدرجات برتقالية وذهبية.
الهواء محمل بأصوات أغاني شعبية خفيفة من المقاهي القريبة،
فجأة، من بعيد، ظهرت مجموعة من الستات الجميلة من سكان البلد ،
لابسين لبس تقليدي عبارة عن ساري باللون الاسود وفيه خطوط فضي لامعه.
ابتسامتهم كانت مليانة حياة، وعيونهم متلألئة بالبهجة.
واحدة منهم لاحظت ليلى ،
وأشارت لها تيجي ترقص معاهم
ليلى، في البداية خجلت، لكنها ابتسمت بخفة،
وخطت بخطوات رقيقة وسط الستات،
وبدأت ترقص بخفة وخجل ،
والفرحة واضحة على وشها،
الموسيقى في الخلفية كانت لأغنية "عشق البنات " لمحمد منير،
والأجواء بقت مليانة حيوية، والناس حوالينهم بيصفقوا ويضحكوا،
ليلى ضحكت وهي بتلف بخفة وسط المجموعة،
ويحيى واقف مبتسم وعيونه كلها متابعة كل خطوة بتعملها بحب.
<< قالت لي بريدك يا ولد عمي
تعالى ذوق العسل سايل على فمي
على مهلك عليّ ما بحمل الضمي
على مهلك عليّ ده أنا حيلة أبوي وأمي
<< نعناع الجنينة المسقي في حيضانه
شجر الموز طرح ظلل على عيدانه
<< في عشق البنات أنا فقت نابليون
طرمبيلي وقف عجلاته بندريوم
قدمت شكوتي لحاكم الخرطوم
أجل جلستي لما القيامة تقوم
يحيى كان واقف قصادها، متابع كل حركة، كل ابتسامة،
وعيونه مليانة إعجاب وحب،
كأنها الوحيدة اللي في العالم كله بالنسبة له في اللحظة دي.
بعد دقيقة، الموسيقى اتغيرت فجأة لأغنية "حبيبي يا نور العين" لعمرو دياب،
والمكان كله اتملأ بالطاقة الرومانسية،
ليلى ويحيى اتبادلا نظرات، والابتسامة على وجوههم ما نزلتش ثانية.
الستان بدوا يدفعوا يحيى ناحية ليلى ..ويحيى ابتسم ومد إيده لليلى بخفة وقال:
ـ تعالي
ليلى حسّت بالخجل، لكنها قبلت ببطء،
ووضعوا إيديهم مع بعض، وابتدوا يرقصوا مع بعض بخفة،
خطوة يمين، خطوة شمال…
ضحكتها تتناغم مع حركة الموسيقى،
وعيون يحيى ما بطلتش تركز فيها،
كأن كل العالم حوالينهم اختفى، وما فضلش غيرهم الاثنين فقط.
<< حبيبي يا نور العين يا ساكن خيالي
عاشق بقالي سنين ولا غيرك في بالي
حبيبي حبيبي حبيبي يا نور العين (آه
حبيبي حبيبي حبيبي يا نور العين
<< أجمل عيون في الكون أنا شفتها
الله عليك الله) على سحرها)
أجمل عيون في الكون أنا شفتها
الله عليك الله) على سحرها)
<< عيونك معايا، عيونك كفاية
عيونك معايا، عيونك كفاية
تنور ليالي
(حبيبي حبيبي حبيبي يا نور العين (آه
<< قلبك ناداني وقال بتحبني
الله عليك الله) طمنتني)
قلبك ناداني وقال بتحبني
الله عليك الله) طمنتني
كل حركة كانت مليانة دفء وحب،
يحيى حط ايده على خصرها برقة،
وليلى ضحكت بخجل لما قرب منها شويّة،
والأغنية بقيت لحظة خاصة بينهم، مليانة حب وفرحة
**********************
ميادة قاعدة على الكرسي الجلد، رجل على رجل،
وفي إيدها فنجان قهوة بتقلبه بهدوء قاتل.
قدامها عمر، ملامحه باين عليها التوتر والغل،
صوته واطي لكنه حاد:
ـ "أنا مش فاهم، إنتِ متأكدة إن الخطة دي هتنفع؟ يحيى مش سهل يا ماما."
رفعت ميادة عينيها له بنظرة فيها ثقة وغرور:
ـ "مفيش راجل في الدنيا ما يعرفش نكسرله ثقته في مراته،
خصوصًا لما اللي حواليه يبدأوا يزرعوا الشك جواه."
ـ "بس ليلى باين عليها بتحبه بجد."
قالها عمر بنبرة مش واضحة،
نصها حقد ونصها تردد.
ميادة ضحكت ضحكة قصيرة،
حطت فنجانها على الترابيزة وقالت ببرود:
ـ "وهو ده اللي هنسحبه من تحتها.
هتخليه يشوفها بعينه وهي بتتكلم معاك،
هتخليه يسمع كلامك عنها...
لحد ما يبص ليها بنظرة شك "
ـ "تقصديني أكون الأداة؟"
قالها بابتسامة خفيفة فيها سخرية.
ـ "بالظبط يا حبيبي،"
قامت من مكانها وقربت منه،
حطت إيدها على كتفه وقالت:
ـ "أنت الوحيد اللي تقدر تخلّي يحيى يشك في ليلى .
سكت عمر لحظة، عينيه بتلمع بخبث،
وبعدين قال:
ـ "ولينا؟"
ابتسمت ميادة ابتسامة باردة، وقالت بثقة:
ـ "هترجع تحت جناحي، غصب عنها.
هشيلها من الشغل اللي رايحة له،
وهخليها تفهم إنها ولا حاجة من غيري.
أنا اللي ربيتها... وأنا اللي هكسرها ....
