رواية همسات مجهولة الفصل الرابع4والاخيربقلم مريم الشهاوي
-هيام... انا موافق ان سارة تروح لمصحة...
-صدقتني مش كده...
-مكدبتكيش يا هيام... بس مكنتش متصور ان سارة متأثرة لحد دلوقتي...
-انا اثبتلك ده من بدري... سارة لسه بتشوف جدها اللي ميت وعايشة معاه وبتتعامل كإنه عايش..
الذهاب للماضي
هيام: "طب اسألي جدك مين كان ساكن قبلكم...
علي بصلها بذهول ورجع بص لسارة وكان هيتكلم بس اتصدم من سارة انها معقبتش على كلام هيام وبعد ما سارة مشيت اتكلم مع هيام: "افهم من اللي عملتيه ده ايه عايزة تثبتي ايه يا هيام؟؟"
-علي.. سارة بتشوف جدها وبتتكلم معاه... كلمتها كذا مرة علتلفون وكان بتقولي ثواني وتكلم جدها وتهزر معاه وانا بسمعها علتلفون وكمان لما بروحلها البيت بتقولي سلمي على جدو وبنقعد ناكل سوا وبالنسبالها ان احنا التلاتة علسفرة لكن بنكون انا وهي بس...
العودة للحاضر
غمض علي عينيه بوجع: "انا مش عايزها تتعذب."
-مش هتتعذب يا علي... هتتعالج... الطب اتغير كتير عن زمان.
وبعد ساعات جات هيام المستشفى وكان علي بيسند سارة انها تخرج من باب الخروج وسارة اول ما شافتها بصت لعلي: "انت قولتلها؟"
ابتسملها علي: "هي جاية تطمن عليكِ."
بصتلها سارة ومتديتلهاش اهتمام ومشيت من قصادها فهيام قدّرت اللي هي فيه ومزعلتش منها وبعد دقايق وصلت العربية وشافها علي من بعيد فبص لهيام وعرف انها العربية اللي هتاخد سارة بص لسارة اللي كانت واقفة مدية ضهرها للطريق
مسك ايدها بايديه الاتنين ولاول مرة بيبكي: "انا اسف... حقك عليا."
استغربت سارة من دموعه وسألته : "علي مالك؟؟"
علي بعياط وهو مش قادر يتمالك اعصابه: "والله غصب عني يا سارة سامحيني يا روحي... ده لمصلحتك..."
-علي.. علي في ايه؟؟؟ فهمني مالك!
سمعت صوت عربية وقفت ونزل منها كذا ممرض فساب علي ايدها والممرضين مسكوها فبصتلهم سارة ورجعت تبص لعلي وفهمت كل حاجة فعيطت وقعدت تصوت وتحاول تفر من ايديهم بس كانوا قادرين يكتفوها باحكام ويركبوها العربية فاستغاثت بجدها اللي كان واقف بعيد زعلان عليها: "يا جدو... يا جدو الحقني.."
بصت للناحية التانية ولقت هيام اتحركت ووقفت جمب علي وهي بتعيط... ونفسها تروح تحضن صاحبة عمرها بس مقدرتش... بصتلها سارة بعيون كلها استغاثة: "هيام...علي... يا جماعة انا مش مجنونة."
دخلت العربية وقفلت الببان ففضلت تخبط علشباك مستغيثة بعلي وهي بتعيط وعلي واقف عينيه حمرا ووشه احمر من كتر العياط مش بايده حاجة يعملها للأسف.
بعد مرور اسبوع
كان علي واقف قصاد معمل التحاليل واللي حسبه كان.. علي كان عمل تحليل للدم اللي تحت ضوافر سارة وطلع دمها هي وان الخرابيش اللي على رقبتها هي اللي خربشت نفسها.
اتحرك بعربيته وراح لسارة وقف مع الدكتور النفسي برا اللي قدر يشخّص حالتها بعد ما سمع من علي ومن هيام ومن سارة ذات نفسها.
وقف الطبيب وبص لعلي وبدأ يشرحله حالة سارة بعد تشخيصه ليها: "سارة فقدت جميع الأشخاص المقربين منها في فترة قصيرة جدًا: أمها، أبوها، جدتها، وبعدها جدها. الخساير المتتالية دي سببت لها صدمة نفسية شديدة جدًا لأن مفيش وقت كافي للعقل إنه يستوعب فقد قبل ما يدخل في اللي بعده.
عشان كده، سارة بتعاني من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بشكل معقّد.
في الحالات اللي زي حالة سارة، الصدمة ما بتبقاش مجرد حزن، دي بتكسر إحساس الأمان الأساسي عند الإنسان، وبتخلّي العقل يدخل في حالة دفاع قصوى علشان يحمي نفسه من الانهيار.
سارة بدأت تعاني من:
ارتجاع ذكريات ومشاهد ذهنية مش حقيقية لكنها بتبان حقيقية جدًا بالنسبة لها.
هلوسات بصرية زي إنها تشوف جدها وتتعامل معاه كأنه عايش، وده بيحصل لأن الجد كان مصدر الأمان الوحيد في حياتها، فالعقل مسك فيه ورفض فكرة الفقد.
هلوسات سمعية زي سماع أصوات بالليل، وده عرض معروف في PTSD الشديد.
اختلاط بين الخيال والواقع، زي قصة النقاش بين الأب والأم اللي كانت سيناريو اخترعه عقلها نتيجة الخوف العميق من الرفض والتخلّي.
كمان، اللي حصل مع موضوع “البنت اللي شبهها” وتأكد الكاميرات إنها راحت الشركة وهي فاكرة إنها ما راحتش، ده بيشير لوجود نوبات انفصال عن الواقع (Dissociation).
يعني إيه؟
يعني العقل في لحظات الضغط الشديد بيعمل “فصل” مؤقت، والشخص ممكن يعمل تصرفات وهو مش واعي بيها ويفتكر بعدها إنه ما عملهاش.
أما ظهور “الشبيهة” اللي بتقول لها أنا إنتي، ده مش فصام، ده إسقاط نفسي لشخصية داخلية اتكوّنت نتيجة الصدمة، جزء من سارة شايل الألم والغضب والخوف، وجزء تاني رافض يعترف بده، فالعقل جسّد الصراع ده في صورة شخص تاني.
الحادثة بتاعت العربية، وإن المستشفى قالت إنها اتخبطت لوحدها، بتأكد إن اللي حصل كان نتيجة نوبة انفصالية شديدة، مش وجود شخص حقيقي معاها.
انهى الطبيب كلامه بجملة واحدة: "سارة عقلها حاول يحميها من الانهيار بعد الخساير المتتالية، فخلق واقع بديل تقدر تعيش فيه. اللي هي بتمر بيه مش جنان، ده عقل متألم بيحاول يكمّل."
بص علي من الازاز فشاف سارة في البلكونة بتبص للزرع وساكتة فبص للطبيب تاني: "طيب هي هتقعد قد ايه عشان تتعالج."
-علاجها لا يمكن نحدده بميعاد...
-يا دكتور انا وسارة كنا هنتجوز... سارة ملهاش غيري انا عايزها معايا في اقرب وقت. "
-للأسف حالتها غير مؤهلة للزواج في الوقت الحالي... و...
قاطع علي كلامه: "يا دكتور حضرتك فهمتني غلط... انا عايز اتجوز سارة عشان اكون جمبها بقدر المستطاع مش عشان عايزها زوجة تلبيلي طلباتي كزوج ابدا... انا بحب سارة... وعايز اكون جمبها...بس في الحلال. "
ابتسم الطبيب: "مش هقدر احددلك برضو هتقعد قد ايه غير بعد شهر يمكن العلاج ميجيبش نتيجة معاها او جسمها يرفضه."
-طيب ينفع ادخلها؟
سمح الطبيب لعلي انه يدخلها وبالفعل دخل اوضتها ووصل للبلكونة اللي هي قاعدة فيها وكانت مليانة بورد لان سارة بتحب الورد اوي وقف علي ورا ضهرها وإدها بوكيه الورد قدامها واول ما ظهر الورد قصاد سارة فاقت من شرودها والابتسامة ملت وشها وبصت وراها لقت علي كالعادة بيزورها وجايبلها من الورد اللي بتحبه... قعد علي قصادها ومسكها من ايديها: "كلمت الدكتور وقال انك مش هتطولي... هتطلعي ونتجوز."
ابتسمت سارة بهدوء وكانت حالتها على مدار الاسبوع اهدى بكتير لانها اخدت علاج قدر انه يهدي اعصابها ويهديها من حالة التوتر اللي كانت فيها قالتله باندهاش نوعا ما: "هنتجوز بجد! "
-ليه بتقولي كده؟؟
ضمت سارة شفايفها بحزن: "مش خايف تتجوز حد زيي م..."
حط علي ايده على بوقها عشان يسكتها وقال وهو بيهز راسه: "اوعي تقولي كده تاني فاهمة؟.. انا ما صدقت لقيتك يا سارة..اناكل خوفي اني اصحى في يوم عيني متشوفكيش فيه... انا معرفش اتخيل حياتي منغير وجودك معايا هتكون عاملة ازاي..."
سارة عينيها دمعت: "انا محظوظة انك هتكون ابو عيالي وزي ما كنت حنين معايا هتكون حنين معاهم."
ابتسم علي ومسك خدها بصوابعه: "وانا محظوظ انك هتكوني مامتهم."
بصتله سارة بلطف: "بتفكر تجيب كام عيل؟؟
بص علي للسما وهو بيفكر:" امممم... اتنين. "
اتضايقت سارة: "اتنين!!... ايه ده لا."
-انتِ عايزاهم كام؟
لمعت عيون سارة: "عشرة."
فضحك علي: "ايه يا سارة يا حبيبتي ده هصرف عليهم منين؟؟!"
سارة بضحك: "خلاص هعملك تخفيض في تلاتة نجيب سابعة بس."
علي باستسلام: "سابعة سابعة اللي تعوزيه... انا هسيبك كده لحد ما تتلدعي من اول عيل وتعبه وبعديها هسيب القرار ييجي من عندك انتِ. "
ضحكت سارة فافتكر علي حاجة وقالها بحماس: "اه صحيح كنت عايز اوريكي حاجة."
جاب علي موبايله من جيبه: "بصي دخلت بيتنا بقى شكلها عامل ازاي."
وراها فديو وهو بيصور شقتهم اللي جهزوها سوا كانت سارة طلبت من علي انها نفسها في حوض سمك كبير في دخلت الباب وانها بتحب السمك وعلي كان مش حابب الفكرة ورافض لان بيشوف ان تربية السمك صعبة وبيموتوا بسرعة ولكن في اللي حصل لسارة بقى نفسه اي حاجة تفرحها وتخرجها من المود وبالفعل عمل حوض في وش الباب وصوره فديو عشان يوريه لسارة.
سارة اول ما شافت الفديو انبسطت اوي ومكانتش مصدقة: "دي... دي شقتنا.... دي شقتنا يا علي؟؟؟"
فابتسم علي وشاولها براسه اه فاتنطط سارة علكرسي بحماس: "الله... عملت حوض اسماك زي ما كان نفسي فيه.... شكله حلو اوي... بس انت مكنتش موافق."
ابتسملها علي بحب وعيونه كلها بتنطق بحبه ليها: "من هنا ورايح طلباتك مجابة يا اميرة."
وبعد مرور تلت شهور كتبوا الكتاب وكانت دي خطوة كويسة جدا لسارة ولعلي بانه يفضل جمبها وبسبب ده سارة كانت عندها قابلية انها تتعالج وبعد فترة الدكتور وافق ان يجيلها زيارات لناس ازيد لانه كان مانع عنها زيارة غير لشخص واحد وكان علي هو اللي بيزورها وبالفعل في يوم اتفقوا كل صحابها في الشركة انهم يروحوا يزوروها ومكانوش قايلينلها وسايبنها مفاجأة.
كانت سارة قاعدة وعارفة ان علي هيجيلها زي كل يوم لكن بتشوف ان في اصوات كتيرة برا وبيفتح علي الباب وبيكون ماسك تورتة في ايديه لان اليوم ده عيد ميلادها وتمت 27 سنة فاتبسطت سارة بس اتفاجئت ان صحاب الشركة كلهم دخلوا وراه ووقفوا حوالين سارة يغنوا سنة حلوة يا جميل حطوا التورتة على ترابيزة واتجمعوا حواليها وهما بيغنوا ويسقفوا وقف علي جمب سارة وحط ايده على كتفها اخدها في حضنه وهمس في ودنها: "كل سنة وانتِ معايا وان شاء الله السنة الجاية نحتفل بيه في بيتنا."
حضنته سارة وعينيها دمعت من الفرحة بس شافت هيام واقفة برا بتبصلهم ومبتسمة فبعدت سارة عن علي وخرجت برا اوضتها فشافتها هيام واعتدلت في وقفتها وبصتلها بحزن بس سارة اترمت في حضنها وعيطت: "وحشتيني اوي. "
حضنتها هيام اكتر وعيطت هي كمان: "وانتِ اكتر."
وانتهى اليوم بسارة وهي حوالين اكتر ناس بتحبهم وجوزها اللي بتحبه جمبها وفجأة...
شافت امها وابوها وجدها وجدتها قدامها بيسقفوا ويغنوا معاهم...
ابتسمت سارة واتبسطت بوجودهم وبصت لعلي وهمستله: "انا شايفاهم... كلهم."
فهمها علي وحط ايده على كتفها وضمها بحب وهو عارف ان فترة علاجها هتطول لان سارة مش عايزة تقتنع او مش حابة انها تصدق انهم مبقوش موجودين.
