أسألك: لماذا الهوى منك وفيكِ؟ لماذا المشاعر لا تولد الا حين رؤياكيِ ؟ لماذا المحبة والوفاء وأبيات شعري تهواكيِ؟ لماذا أنت الذي أموت بابتسامة من ثغرك ونظرة عيناكي؟
أتعلميِ أنّي عندما أُجبر نفسي علي البعد عنك والحياة بدونك يعنفني قلبي ويعاقبني بترنيمة دقاته تناديكي ِ فانا يا حبيبتي لا ثقة لدي إلا عيناك، فعيناك أرض لا تخون،دعيني أنظر إليهما، لكي أعرف من أكون أنا في جنة عشقك يا ملاكيِ!!!!
دخل فراس علي مهرة بعد ان اعطي لأبيها امانته، واقترب منها وهي مازالت ممددة بلا حراك علي فراشه،تمدد بجوارها وسحبها الي صدره بحنان قائلًا:
حجك عليا في اللي سويته خابر اني خلعتك لكنه امر لبد منيه مكنش حد هيهمل داري ولا حتي بوك غير مع منديلك،
اتتفضت مهرة ودفعته بعيدًا عنه وصاحت فيه بحدة:
مش من حجك تعمل اكده انا عمري ما هكون مرتك ليه تخلي بوي اللي وعدته يظن اني خلفت وعدي معاه ورضيت بيك، انا هخرج ليهم وبحالتي اكده واعرفهم انك كذبت عليهم واصل
غامت عين فراس بشر ورد عليها بنفس الحدة:
اجعدي مكانك لجيب خبرك، مش معني اني جطعت عهد علي حالي ما المسك غير برضاكي ، هاسمحلك تكسري رجولتي وهيبتي جدام الخلج واولهم بوك
وامسكها من ذراعها بحدة ودفعها علي الفراش وقال:
انا عملت اللي عملته لجل اصون كرامتك وشرفك، كنت اجدر اجولهم يمشو وانا حر، لكن بعد ما خطفتك وبوكي وافج علي كتب كتابنا، اكيد ظنو بيكي الشينة وان حصل بينا اللي اجبره علي انه يرضي بيا زوج ليكي
انا حافظت علي شرف بوكي وخيتك وشرفك اللي فديتي حالك عشانهم ، وكمان لاني مجبلش حد يعيب في مرتي، وحاجه كمان انا لو رايدك مرتي مش هتمنعني ولا هتقدري تجولي خدتك غصبانيه، لانك وافجتي وجدام شهود عدول،
والاهم من كل اللي فات، اوعاكي تفكري ان يوم ما فارجك مش هكون راجلك وبينا الحلال
ووضع يده تحت ذقنها ورفع راسها لتنظر الي عيناه وتحداها:
انا لو مش خابر انك عشجاني كي ما انا عاشجك لكنك بتكابر كنت كتبت كتابك وهملتك بدار بوكي لحد ما يحكم الله بقضاه، يكفيني متكونش لراجل غيري وانا حي
لكن واثج ومتوكد اني ساكن جلبك كي ما انت ساكنه جلبي وروحي ونبض كياني كله
ثم تنهد بحرقه واشاح بنظرة بعيدًا عنها وقال بخفوت:
جومي يا مهرة غيري خلجاتك وتعالي في حضني،ومتخافيش علي نفسك معايا، الله يهديكي
ثم عاد ونظر الي عيناها الناعسة وهتف بحرارة:
انا عاشجك بحق الله وعمري ما اجدر ااذيكي لان جبلها هاذي نفسي وهكسر عهدى، واظن انا راجل بيوفي بكلمته زين
وخديها من خشمي كلمة اتحاسب عليها امام الله، يحرم عليا المسك الا برضاكي، اظن اكده خلصنا
يلا غيري وتعالي اخدك بحضني نفسي انعس علي دقات جلبك اظن ده اجل حاجه ترضيني منك لان جوزك تعبان جوي جوي من ليلة اول عشيا ما غمض لي جفن هما يا جليبي
افحمه كلامه ولم تراه غير انه رجل نزيه، خاف عليها وعلي سمعته اكثر من شدة رغبته به وعشقه لها، لهذا اصاب نفسه واعطاهم منديلها دليل عفتها،
وهي شاردة في افكاره عنه، تذكرت رئيسة وما قالت لها عن ما بينهم ، نظرت اليه بغيظ وحدثت نفسها بغيرة،:
لقد زهد فيها لانه يوجد من تعوضه غيابها وتعطيه ما يرضيه، فقالت بغضب انثي شاعرة بالخذلان والخيانه :
مدام تعبان وعايز تنعس ما تروح لرئيسة بنت الغجر هتريحك عني مدام بتخاف عليها وبتحقق ليها امانيها
ضحك بمكر شاعرًا بالغيرة تتاكلها:
بحج الله هي بتريحني بس انا مجدرش الليلة، رايد انعس رغم احتياجي ليها بعد غياب ثلاث شهور، بس النوم سلطان يا جليبي، هما يا مهرة رايدك في احضاني
زادت حدة غضبها حين اكد.لها بانها عشقتها ونظرت اليه بغل:
لاه مهنعسش في حضنك وهما جوم من علي فرشتك لاني مش هنعس جارك حتي لو هتجطعني جطيع
نهض فراس بهدوء فظنت انه سيخرج ويتركها، لكنها قبض علي خصرها ونظر اليها بعيون غائمة :
انا جولت هتنعسي في حضني ومن الليله مش هتفارجيني، ولو رايداني اوفي بقسمي بلاش تعانديني انت اللي هتخسري علي الاجل ليلة العمر بينا تكون عشق وحب مش معركة بينتنا
همهملك تغيري خلجاتك وتجي في حضني بهدوء جد تعبان يا مهرة نفسي احس الراحه لو مره في حياتي معاكي
جعل الاجهاد الواضح علي ملامحه وصوته الهادي الحنون الذي يخصها به تشفق عليه وترضخ لأمره فقالت بحياء:
طيب همل الاوضة لحد ما اغيرخلجاتي، خجلانه اغير جدامك
اخذ نفس عميق وقال لها بحنان:
حاضر يا جليبي وربنا يصبرني، بس شهلي مجدرش واصل
خرج وتركها وحدها لكي تغير ثيابها علي راحتها، فتحت خزنة ملابسها وبحثت عن ما ترتديه، كانت ثيابها غير ما اعتادت عليه في بيت ابيها، واحتارت كيف وافقت عليها، لكن كان الاختيارات عن طريق النسوة ولم تستطيع ان تكسفهم، احتارت ما تختار فارتدت عباءة وعليها طرحه، وحين كانت تثبت طرحتها علي رلسها دخل فراس وابتسم لها قائلًا بتريث:
زين خلجاتك دي يلا هما اتوضي وتعالي نصلي ركعتين لله لجل تبدا حياتي معاكي علي خير
حدقت به مهرة بعدم تصديق وقالت:
تصلي انت بتحدد جد، انت خابر اصلا كيف تركعها ،
زفر بضيق لكنه عاد وابتسم:
همي يا مهرة وبطلي حديت ماسخ العشا اذنت من بدري هصليها علي ما تتوضي انت
خرجت من الغرفة مذهوله وتتسال، هل هذا فراس ابن الليل الذي يهابه الكبير قبل الصغير بالبلد ، ام هو شخص اخر يشبهه في ملامحه فقط، وقفت وسط الدار حائرة تبحث بعيناها عن مكان مرحاضه فشعرت بيده تدفعها اليه وقال :
نسيتي تاخدي معاكي القنديل ينور ليكي جيت ادلك انا،
دلها علي المرحاض واشعل قنديله وقالها:
لما تخرجي اطفيه والحجيني علي اوضيتنا ، ويتركها لكي تتوضئ ويعود هو الي غرفته يؤدي فرضه الي ان عادت تتلمس طريقها في الظلام، ودلها صوته العذب بقراءة القران الي الغرفة فتحتها وكان ضوء القنديل خافت، فنظرت اليه بارتباك، وهو يركع في خشوع ويتضرع الي الله إن يوفقه في حياته وينال مبتغاه الذي يحيا من اجله
تنهدت بحيرة من امر نفسها وارتجف رجاف قلبها فتأكدت أنها تعشقه بجنون وتكابر كم قال فراس ولهذا تغير عليه،لم تلاحظ انه سلم واخذ ينظر إليها بابتسامة حنونه وقال:
لستك مخلوعه،تعالي نصلي وبعديها هتهدي روحك، يمكن ربنا يهديكي عليا وترضي جوزك
ارتعدت بشده وصارت قشعريرة في اوصالها من فكرة ان توهبه نفسها ويكون زوجهم حقيقي فهربت منه وقالت :
انا جاهزة نصلي يلا مش جولت تعبان ورايد تنعس
ضحك وامسك يدها ونظر الي عيناها التي يعشق النظر اليها
وقال بطريقة جعلت قلبها يقف عن النبض من سحر كلماته التي اختطفتها من نفسها وكادت ان توهبه نفسها حين قال:
عيونك شط وجفناها مرساه، عشقت نظراتك وفيهم انا تاه
رأيت في عينيك سحر الهوى، مندفقا كالنور من نجمتين
فبت لا أقوى على دفعه ، من رد عنه عارضا باليدين
يا جنة الحب ودنيا المنى، ما إن الاون ألقاك في مقلتين
ويوم اللقاء اعيش انا هائمًا، متشاقًا الي قبله من الشفتين
صمتت كتيرًا وطال صمتها حتي ظن فراس انها فقدت الاحساس فيما حولها، فهزها برفق قائلًا:
مهرة فينك يا جليبي،،يلا هما نصلي، انا رجلي حملني بالعافية
ابتلعت ريقها وابتسمت له بارتباك وصلت خلفه الي ان انتهي من الصلاة والتفت اليها ووضع يده فوق راسها وقال:
اللَّهم إنِي أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بِك من شرها ومن شرِ ما جبلتها عليه،،
ثم حملها والقاها علي الفراش واطفًا القنديل وقال لها:
دلوج اجدر اجول ان الله راضي عنا لاني هنعس علي دجة جلبك، وضئ عيونك يا جليبي
ولم يمهلها لكي ترد عليه ،ضمها الي صدرها بقوة وحبسها بين ذراعاها واغمض عيناه براحه تامه
فكرت مهرة كثيرا ان تخرج من جوف صدره الذي دفن راسها فيه لكنها خافت ان تقلقه فيغضب عليها، ويفرض عليه حقوقه، لكن بعد إن هدات انفاسه وتاكدت بانه نام اخذت تطالع ملامحه الحادة الوسيمة وتنهدت بقوة وحرقة:
اه لو مكنتش واكل الحرام وجاتل النفس بدون حج، كنت زماني اسعد مخلوجه في الكون لانك حلالي
لتغمض عيناها بقوة علي ملامحه الهادئة حتي تحفظها في مخيلتها وتنام وهو ساكن احلامها كم تسكن هي احلامها
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. ..
استيقظ فراس باكرًا لاطعام حصانه والاطمئنان عليه وقبل ان يغلق الباب وراءه رأي حسبية زوجة العمدة ومعها بعض النساء ياتون وهما يحملون فوق رؤوسهم الصباحية.....
افسح له باب الدار ليدخلو، نظرت اليه النسوة واخذ يباركون
لهم ، فاستاذن منهم فراس ودلف الي مهرة وهزها برفق:
جومي يا مهرة مرت العمدة بره ومعاها خواته وبنات خالتك
فركت عيناه بدهشة، لم تصدق انها نامت بعمق هكذا ونظرت اليه بخجل وانكست راسها وقالت له:
طيب هملني اغير والبس خلجات كي العرايس لجل يصدجو اني مرتك مش ده اللي انت رايده
غامت عيناه بضيق وقال بحسم:
لاه هتخرجي ليهم اكده، مش لما تلبسي لي خلجات العرايس تلبسيهم ليهم، ثم انا مريدش مرتي تنكشف علي حدا سواء حريم ولا رجاله،، يلا همي اخرجي ليهم ، وانا ههملكم واطلع فوج السطح لحد ما يمشو
تركهم وخرج فدخلت عليها حسيبه،واحتضنتها بقوة وحسست جسدها وضحكت:
واه طلعتي من تحت يده سليمه، بينك واعيه لانك متعلمه وجدرتي ترضيه من غير ماياذيك ناصحه يا بت سمعان، المهم دلوج ان ليا عنديك كلمتين حطيهم حلجه في ودنك
طالعتها مهرة باستغراب وسالته:
كلمتين ايه يا عما، وليه حسا انك بتعزي فراس كأنه ولدك
تنهدت حسبية ولاحت لمحة حزن علي وجهه:
انا بحاول اكفر عن ذنبي وبعامله كي ولدى للاحساسي بالذنب في اللي صاب حسنه، لاني هملتها تخدم في دار بوي، وياعالم مين السبب في اللي صابها او ايه خلاها تحرق حالها ، ممكن يكون بوي كسر نفسها وهي كانت عزيزة النفس جوي، ولانه كسرها جدام ولدها هانت عليها روحها وحرقت حالها،واكيد ده سبب كره فراس لابا العمدة ولابوي الحج بدران، ويمكن يكون هو السبب في انه مانع الافراح بالبلد لانه لسته حزين علي امه ورايد يدفع الكل كسرت نفسها والله اعلم
هزت مهرة راسها بتفهم وبدأت تعذر فراس فيما يفعله فاكملت حسبية حديثها بجدية:
مش ده اللي رايدة اجوله ليكي، اسمعيني زين مفتاح فراس بيدك فرحته بيكي وراحته معاكي
بيدك انت تغيره وتخليه يرجع لتربيته الزين ، ويبعد عن الاجرام،ساعديه ينصلح حاله يا مهرة، فراس يستحق يعيش كي كل الناس مرتاح ومتهني بعيد عن الظلم والظلومه
وصدجيني لو فراس متهداش علي يدك ما في حد هيجدر يردعه عن الاذية واظنه ماذكيش في اول ليلة بينتكم
هزت مهرة راسها بخجل وقالت بحياء:
لاه كان حنين جوي جوي يا عما متصورش في رجل زيه في حنانه وخوفي عليا حتي من نفسه
اخذت حسيبة نفس عميق وضمتها بقوة واخرجت لها مبلغ من المال واعطتها له قائلة:
اكده طمنتي جلبي مبارك يا مهرة ، ربنا يصلح حالكم ويبارك ليكم في حياتكم هما بنات خالتك بره ووخوات العمدة
خرجت معها مهرة وافكارها مشتتة بين فراس وافعاله وبين حب البعض له رغم عنفه وشراسته معهم وبين معاملته لها التي تفرق عن الجميع،
لتتسال مع نفسها هل هي فعلا مفتاح صلاحه اما هي مجرد رغبة او امنية يريد تحقيقها، ظلت الافكار ترودها بلا هوادة
الي ان باركو لها النسوة واعطوهم نقوطها وانصرفو ، بعدها نزل فراس ورأها شاردة الذهن ابتسم في وجهها:
واه حبيبة جلبي لفين راحت تعالي ريني جبولك فطور إيه
كشفت احد الصواني فكان عليها طعام كتير مما لذ وطاب
اخذ فراس قطعه من الفطير وغمسها بالقشطه والعسل ومد يده الي فمها وقال:
انت نعستي من غير ما تتعشي يلا كلي من يدى رايد اخد حسنات منك كي ما جال رسولنا الكريم:
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ)(فِيِ امراتك = فم امراتك)
ابتسمت وابعدت يده عن فمها وقالت موضحا :
لما يبجي من تعبك وشجاك ومالك حلال، هو ده المقصود من الحديث بابتغاء وجه الله ،مش بس الاطعام فقط
كل انت وانا هصلي الضحي وبعدها هرتب الدار واكل براحتي
نظر اليه بتكلف وتركها ودخل الي غرفته وارتدي حلبابه وربط شاله علي راسه متهيئًا للخروج من الدار، حين راته مهرة
هكذا سالته بتردد :
علي فين رايح دلوك، هتمل دارك جبل ما تشج ريجك بلجمه
اسبل جفناه ورفعهم اليه وكان الحزن ساكنهم:
لما يبجي من شجايا وتعبي وحلال هبجي اكل، انا مهمل ليك الدار متفتحش لحد ولا تخرجي براتها حتي لو مادعوتش، الا لو كان بوكي وخيتك
لم يطاوعها قلبها ان يغادر بدون ان ياكل لانه مثلها لم يذق طعم الزاد من ليلة أمس ومن الجائز قبلها امسكت يده برجاء:
طيب وحياتي عنديك اجعد كل لجمة شج بيها ريجك
كانت لمستها له كالبلسم الشافي الذي داوي قلبه المجروح من الم كلامها السم الزعاف فابتسم بمكر وقال:
مش هاكل الا لو وكلتيني بيدك غير اكده مش هحط لجمة في خشمي اهني بالدار
حدقت به ورات الجدية في حديثه، وفأستسلمت لرغبته واخذت قطعة من الفطير واغرقتها بالعسل والقشطه كم فعل ومدت يدها الي فمه وتوقعت ان يرفضها رد علي رفضها له:
الا انها التهمها بتلذذ ، ابتسمت وكررت ما فعلت
لكن هذه المره اخذها من يدها ومدها الي فمها وقال:
كي كلت من يدك كلي من يدى لاجل احس بطعم الوكل وانا بشاركه معاكي لاول مره بحياتي
كادت ان ترفض الا انها رفعت عيناها الي عيناه ورات فيهم عشق جارف وحنان لم تكن تتخيل وجوده ممزوج برجاء :
فقربت فمها من قطعة الفطير والتهمتها، علي مهل سحب يده واخذ يقبل مكان شفتاها ،
لاحظت مهرة ما يفعل فنكست راسها بخجل وقالت :
بيكفي دلع وكل يا فراس ،
هز راسه بمرح وضحك وهو يقول :
واه عريس ومن حجي ادلع، ولو مرتي مدلعتني مين يدلعني
يلا وكليني لحد ما اشبع، رغم انا ولو فضلت اكل لبكرة مدام من يدك عمري ما هشبع
ضحكت مهرة واخذت قطعه كبيرة من الفطيرة واعطتها ايه لكي تملاء فمه فلا يستطيع ان يتحدث بعدها:
التهمها فراس بسرعه وابتسم له وهو يفعل مثلها لكنها لم تستطيع ابتلعها بسهوله وكادت ان تختنق وقالت:
كنت هتموتني ينفع اكده،
هز فراس راسه بالرفض وهو هائم في عيناه:
وانا ميردنيش تموتي وتهمليني انا بس حبيت اعرفك اني مستعد اجبل منيكي اي حاجه الا فراجك يا مهرة
وكي ما جالت ليكي حسبية انت مفتاح فراس للخير،
اتصدمت من ان فراس سمع حديث حسيبة معها وقبل ان ترد عليها كان خرج وتركها مع شرودها المستمر من وقت زواجهم
18
إذا لم تكن في العشرين من عمرك قوياً فلا تنتظر القوة بعد ذلك فهي لن تأتي , وإذا لم تكن في العشرين من عمرك ذكياً فلا تنتظر الذكاء بعد ذلك فهو لن يأتي.
امتطي حصانه وذهب الي دار العمدة ، ترجل عن رماح ودلف الي الداخل القي السلام علي اهل بيته وشكر زوجته علي كرمها مع مهرة ووزيارتهم له فقالت حسيبة:
واه في عريس يهمل عروسته وداره ليلة صباحيته، ولا العروسة زمجانه منيك ودفشتك برات الدار،
ضحك فراس بمودة ورد عليها:
لاه لا زمجانه ولا تعبانه اطمني ياخاله،بس انا اللي بكره جعدت الدار وكمان رايد العمدة في حاجه مهمه
ثم رمق العمدة بقوة وحدة:
انا هستناك في الدوار خلص وكلك وحصلني ،
وتركهم حتي يكملو افطارهم وخرج هو الي الدوار ونظر الي الغفر بضيق وقال لجمعهم الذين ينتظرون اوامر العمدة :
اخرجو كلتكم برات الدوار مريدش حدا يكون موجود وانا بحدد العمدة،يلا مشوا من جدامي
انصرف الغفر من امامه مسرعين اثناء دخول العمدة الي الدوار فدنا منه عواد وجلس علي الدكة المقابلة له وطالعه بضيق قائلًا:
وبعدهالك يا فراس كل يوم والتاني تجي داري وتدخلها بلا استأذان وتفرض نفسك علي دواري كانك مالكه، انت اكده بتجل من هيبتي ومجامي جدام الغفر والبلد كلتها بيكفي
لحد اكده انا مريدش اندرك في داري تاني.
ابتسم فراس بتهكم ورد عليه:
جد يا عمدة انت ليك هيبة ومجام،مندرتهاش انا دي فينها
غمغم العمدة بغضب وثار عليه بحدة:
ايوة يا فراس لي مجام وهيبة وانت بأفعالك بتجل منيها، انا بمثل الجانون واجدر اقبض عليك، او اجتلك وهيكون حجي لان ليا تار معاك ولا ناسي انك جتلت بوي
نهض فراس ودنا من العمدة وفتح صدره وقال بتحدى:
وماله حجك وانا مهنكرش اني جتلك بوك،صدري جدامك اهو وبندجيتك جارك، طوخني وخد تارك بس جبليها
رد عليه العمدة بغضب:
جبليها ايه هتفضح مرتي كي ما هدتتتي
ضحك بتهكم وقال:
لاه مجدرش خاله حسيبة حملتني جميل كبير جوي فوج راسي، مجدرش ارفع عيني فيها بعد اليوم، بعد اكرامها لمرتي ومباركتها ليها ومشاركتها فرحتي واعتبري ولدها،انا مش ناكر للجميل كي بوك يا واد عبد الرازق، لكني قصدت بجبليها
قرب راسه من راس العمدة حتي اصبحت انفاس العمدة يستنشقها من انفاس فراس الحارة الغاضبة واكمل:
لول اغسل بوك من عاره، لغدره بحسنه اماي فاكرها اللي انت كنت رايد تكشف سترها وتسرج شرفها كي هو ما عمل، كلتكم انجاس وتستاهلو الحرج،
اسمع يا عمدة لو حد ليه تار عند التاتي فهو انا اللي ليا تار عنديك، لان تاري من بوك مخلصش،بعد ما همل اماي تخدم عنديكم وهي صاحبة حج وسارق مال جدها،ومكفهوش كل ده كمان سرق عزتها بنفسها ودنس توبها الخسيس
بعد عنه ونظر اليه باسمئزاز واكمل تهديد ووعيده:
اوعاك تتحدد تاني معايا عن المجام والهيبة لانها للاشراف وانت دمك نجس كي بوك واللي زيك ملهوش غير المداس مش الاحترام والهيبة ، يا ولد النذل الخسيس
نكس عواد راسه ارضا وتحدث من بخوف وانكسار:
بيكفي يا فراس انت كرهتني في نفسي، ارحمني بوي غلط واتت انتجمت منيه خلصت هو خد جزاءه ،
وانا غلطت بس كنت شاب والحمد لله بوك نجدها مني وصان شرفها، اعتقني لله ، وارحمني الله يرحمك ويرحم امواتك
اخذ فراس نفس عميق وعاد وجلس مكانه وقال:
لو هاخد تاري منيك هيكون كي ما خدته من بوك، ولانه ما يكفيني في شرف اماي اللي دنسه بوك ذريته كلتها ،
المهم دلوج انا مش جاي اتحددت معاك في تاري منيك يا ابو مجام ادني من حشاش الارض ودودها
رفع عواد راسه ونظر اليه بالم وحسرة علي نفسه وما اقترفت يداه وفعل ابيه فاصبح عار ملتصق به حتي الممات وقال:
جول يا فراس رايد إيه وانا اعملهولك،لكن لي طلب عنديك الله لا يسئك لاما تجتلني وتريحني لترحمني انا خلاص توبت لله ونفسي اعيش مرتاح بجيت ايامي مع مرتي وولادى،
رفع فراس حاجباه بتعالي ورد عليه :
اسمعني دلوج في طلبي وبلاشه حديت فاضي، انا رايدك تبني محلج ومطاريد الجبل هيبنوه معاك، اليد البطالة نجسه وانا رايد ليهم الخير كي ما رايده للبلد للبعد عن اذاهم
ولعلمك هما اللي هيشتغلو فيه خليهم يكسبو من الحلال ..
حدق اليه العمدة باستغراب وتملكته الحيرة فقال:
انت رايد المطاريد يتوبو، ويدلو يعيشو معانا، يافراس اعجل دا الحرام واكل ابدانهم واصل، وما ليهم في الحلال
نهض فراس ونظر اليها شزرًا وهتف بحدة:
انا جولتلك حاجه تجول حاضر، الارض ارضي والمال مالي وانا حر فيه احرجه ارميه الكلاب انا حر، انت عليك تنفذ،وبس وحاجه كمان حيازة الارض اللي كان جدي شريها،تفصلها عن ارضك اللي ملكتها من ريعها بس انا مش هاخد العوض، ريع ارض جدى كله تاسس بيه المحلج وبعديها تصرف منيها اجور العمال، انا ماهخدش منيك حاجه بالعكس ريع المحلج هيكون كله ليك ، لكن يوم ما اطلب حجي الارض بالمحلج اللي عليه هتتنازل عنيهم لي ولخيتي وبكيفك ومن غير ما طلب حجي في كل اللي هتكسب ، اظن اكده انا بوكلك مالي بس بكيفي
ضرب العمدة يده كف بكف وقال:
انا مبجتش فاهمك والله، انت شيطان ولا بتزرع الخير،انت جاتل ولا منتقجم لشرفك، انت راجل زين ولا مخادع، انا احترت في امرك، لكن انا هريح ضميري وهغسل مالي من مالك،ويحرم عليا من اليوم امس ميلم من ريع ارض جدك ولا حتي ربح المحلج، وسواء طلبتهم او لاه مش هيدخل في مالي ووكل ولاده منه لانه كلته مال حرام استحله بوي ،وده اللي خلاك كاسر عيني وهيبتي جدام نفسي والخلج
وتنهد بقوة واكمل:
حاضر يا فراس هبني المحلج وكل اللي رايده بمال جدك هعمل بس لاخر مره هطلبها منيك بيكفي ذل وكسرة تفس، انا غلطت واعترفت بغلطتي ومستعد اكفر عنيها بالطريجه اللي ترضيك وتخليك ترحمني جتتي ماعدتش تتحمل حرقة الدم
كل يوم والتاني من حديتك السم اللي بتشربهولي
نهض فراس وعدل من هندامه استعداد للرحيل وقال:
اللي يرضيني اجطعك كي ما جطعت بوك وارمي جتك الرمة للكلاب تاكلها، لكني هفكر اعفو عنيك لو حج رجعت لربك واتقيت الله في افعالك مع الخلق
انا هملك دلوج وجدامك سبوع تكون خلصت فيها تصاريح البنا ، معايزش اطول عليهم في جعدتهم اكده بلا شغله او مشغله، سلام يا عمدتنا يا ابو مجام وهيبه
ضحك بتهكم وانطلق بحصانه الي الجبل ليبلغ المطاريد بما سيفعل لهم حتي لا يعودون الي طريق الحرام مره اخري
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
وصل فراس الي الجبل راه الديب نهض مسرعا مرحبًا به
فسمع الغول صوت فراس وخرج علي اثره واستغرب حضوره اليهم يوم صباحية زواجه وساله بتعجب:
واه يا ابو خالو معجول العريس منورا، توحشتني ولا ايه
يا واد عمي دا مافتش عليك سواد الليل
ضحك فراس وجلس فجلس امامه الغول وقال لاحد رجاله:
الوكل يا بو منك ليه، ولا همو ادبحوله دبيح لعريسنا
اشار له بفراس بيده بالا يفعل وقال:
واجبك وصل يا ريس غول اجعد رايد احددتك معاك انت والرجالة في امر يهمكم
اشار الغوى الي احد رجاله بان ياتي ونظر الي فراس بحزن:
لستك محرم وكلنا، طيب لول وفهمت ليه بترفض لانك كنت خابر انه من مال حرام طيب دلوك رافض ليه وانت خابر زين انه من حلال واصل يا واد عمي
هز فراس راسه وابتسم بمودة:
ليك حج في حديتك، لكن بينك ناسي اني اتجوزت وبجي لي حرمه في داري باكل من يدها، كي ما ريدكم انتو كمان تاكلو من يد حريمكم وبيكفي عليكم عيش الجبل لحد اكده
طالعه الرجال باستغراب ورد عليه الغول سائلًا:
جصدك ايه يا فراس رايدنا نهمل الجبل ونروح فين ، احنا كل سنين عمرنا قضناها اهني بين الوحوش والحجار لللي جست جلوبنا وخليتنا وحوش لا نهاب الموت،
رايدنا ندلو لدرونا ونتسول لجمتنا مين هيشغل في ارضه جاتل ولا جاطع طريج ولا مطارد من الحكومة ولا عليه تار،
كنت بجول عجلك كبير وفكر واعر، فاتت منك دي
اخذ فراس نفس عميق واجابة بهدوء وحكمة:
خلصت حديتك طيب انا هسالك سؤال انت ورجالتك وبعديه هرد علي حديتك،
اانتو رضيتو بالحلال يكون طريجكم حد منيكم هيعاود للحرام تاني ولا خلاص توبتو لله
رد عليه الرجال في نفس واحد :
لاه كلياتنا ريدين الحلال
اخذ فراس نفس طويل ورد قائلًا :
زين مدام رايدين الحلال انا هاساعدكم، مترجعوش للحرام تاني، وربنا يقدرني علي فعل الخير
ساله الغول بحيرة وقال:
كيف هتساعدنا وانت زيك زينا،علي فيض الكريم
ضحك فراس واسبل عيناه بغموض وقال:
ما جولتلك ربنا يقدرنا علي فعل الخير والحمد لله ربنا قدرني
من بكرة العمدة هيبدا في اخراج التصاريح لبناء محلج كبير
انتو اللي هتبنوه وهتشتغلو فيه، لا حد هيعيبكم ولا يتحدد معاهم، هيكون عملكم ورزقكم ورزق العمدة علي الله،بعديها تجدرو تهملو الجبل وتعيشو في دوركم وتراعو اهاليكم، واللي لسته متجوزش نساعده ونجوزه جولت ايه..
نظر الرجال بعضهم الي بعض منهم من شعر بانها مشقة ومنهم من ارتاح قلبه حتي لا يستطيع ان يعول اهله بالحلال، ومنهم من رفض ليس العمل ولكن المغادرة،وكان اولهم الغول:
زين يا واد.عمي اننا نشتغل ونكسب بالحلال، لكن اهمل الجبل كيف وانا لا خابر لا اهل ولا ناس، انا بعد اللي حصل منيك
كنت بتمني الموت لاني مليش حدا يبكي عليا، اللي رايد يدلي
يتفضل انا هكون معاه واشتغل يدى بيدهم لكن الجبل هيفضل مسكني وداري، واللي رايد يجعد.معايا يا مرحبا بيه لكن يكسب قوته بالحلال ده جولي وعنديك الرجالة كل يجول رايه بكيفه وانا معاهم في اللي يختارو
كان حديث كبيرهم قاطع لمن فكر بالرفض او المماطلة، فوافق اكثرهم علي ان يعود الي ديارهم ويعملون بالمحلج الا قليل منهم كانو مطلوبين من الحكومة، او عليهم ثار
فسألهم فراس بحيرة عن سبب رفضهم فاجابه ثلاثة منهم، بان عليهم احكام ولا يستطعون العمل بالمحلج او العودة لديارهم، ربت فراس علي اكتافهم وشد عليها:
خابر انه صعيب عليكم ومش هجدر اجولكم سلمو نفسيكم للحكومة وتضيعو سنين من عمركم في السجون
لكن لو فعلا توبتو وتوعدوني ما تاذو حدا انا هضمن ليكم ان الحكومة متعرفش عنيكم حاجه والعمدة بنفسه، هيحرص علي سلامتكم بس تكونو في حالكم من داركم للمحلج وبس
تهللت اساريرهم ووافقو مرحبين بان بعودو الي حياتهم التي حرمو منها سنين، وكذلك اكثر من واحد مطلوب للثأر الا واحد
قال بالم وحزن يكسر فؤاده:
انا مجدرش ادلي البلد واعيش بيناتكم الموت مستنيني
طالعه الغول وضمه اليه بحنان ،كان شاب صغير لم يتجاوز عمره الثاني العشرين الا بقليل، وقال له:
ولا يهمك يا فيصل خليك معانا اهني انا وجعبل والديب كلتنا مجطوعين لا لينا اهل ولا ناس، ولو رايد تتجوز انا هجوزك وتعيش بينتنا بدل ما عمرك يضيع هدر
شكره فيصل مسلمًا امره الي الله فساله فراس بحيرة:
خايف من ايه يا فيصل لو عليك تار انا هحميك، جولي انت واد مين والتار ليكم عند مين ومن بلدنا ولا كي خواتك من بلد تانية جارنا
رد عليه الديب :
اتت مخبرش فيصل واد مين، ده ولد الجعافرة وتارهم مع عيلة الجبري وانت خابر زين العيلتنين اشد من بعضهم
طالعه فراس وشفق علي حاله وقال :
واه انت واد صفوان الجعافري، يعني الدور عليك انت المجتول مش الجاتل ، فهمت
نظر اليهم فصل بخزن وطاطا راسه وقال:
ايوه التار وقع من نصيبي جبل جوازي من بت عمي بسبوع، اه يجهرة جلبي عليها ، اتغصبت اهملها بدل ما تبجي ارملة جبل ما ادخل عليها
طالعه فراس بحنان واخذه تحت جناحه وهتف له قائلًا:
عاشجها وهي عشجاك ولا العشج ليك لحالك
هز راسه بالم ورد عليه بعيون تفيض عشقًا :
موهوبة لي من صغرها والعشق اتولد جوانا من صغرنا، و كبر معانا يوم بيوم لحد ما ان الاون نتجوز وقع القضا واتفرجنا
ربت علي كتفه وشد عليه بقوة وقال بحسم:
خدها مني كلمة، بت عمك مش هتكون غير ليك وهتتجوزها وتتهني وحكاية التار هملها عليا، بس هملنا يومين وهرد ليك بالخير كله، بس قول يا رب واتوكل علي الله
رفع يده الي السماء ودعا ربه بان يرده الي اهله وحبيبتها ونظر للي فراس وقال :
لو حصل ورجعت لاهلي واتجوزت زينب الله في سماه لو طلبت رجبتي ما هاخرها عليك وهكون تابعك ليوم الدين
ضحك فراس وضمه اليه باخوة:
قول يارب ، وان شاء الله مقضية، ارمي بس انت حمولك علي اللي خلقك وان شاء الله يدبرها من عندها
اؤما له شاكرًا وكذلك الرجال الذي شعرو بانه كبيرهم ليس بالامر او بقوة ولكن بقلبه الكبير الذي يحتوهم فكن له المحبة والاحترام واصبح قدوتهم التي يقتدون بها
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
ترك فراس الجبل بعد ان طمئن المطاريد واراح بالهم، بان ساق اليهم عمل شريف يكسبون منه بالحلال
نزل الي البلد ومر في طريقه علي شيخ الجامع،،وساله عن اصل التار القائم منذ سنوات بين عائلة الجبري والجعافرة
وتاكد ان كثيرًا تدخلو للصلح بينهم لكن لم يتسطيع احد وقف نهر الدم بينهم الذي اخذ اغلي واحسن شبابهم...
وحثه الشيخ علي اجراء محاولة للصلح، لعل وعسي يكون سبب في وقف نزيف دم الشباب الذي لا ينتهي منذ عقود
شكره فراس وانصرف وفكر ان يعود الي داره لكي ينعم بصحبة زوجته، الذي ابتسم له القدر ومنحه اياها فاصبح باستطاعته ان يراها وقتما يشاء وينعم باحضانه كل ليلة،
لكن ما حمل علي عاتقه من وعد قطعه جعله ملزم امام نفسه
لكي ينظر الي مسؤوليته ويهمل رغباته، فحسم امره وذهب الي دروب عائلة الجبري، ودخل علي كبيرهم عثمان الجبري بعد ان طلب الاذن بمقابلته،
طلب منه كبيرهم الجلوس وقال لها باستغراب :
شوجة غريبة يا ولد فودة وحفيد السوالمة خير يا ولدى
طالعه فراس بتعالي وغرور لم يكن من شيمه وقال بحدة:
جيت ابلغك ان من اليوم وطالع فيصل ولد الجعافرة في امانتي واللي يفكر يمسه بسوء هيكون قضاه علي يدي وملوش عندي دية
هب ابنه الصغير سلطان وقال بتهور واندفاع:
وماله يا فراس يا ولد الليل وانا ليك ومدام انت وجفت بينا وبينه انا هتخطاك، واجلك هيكون علي يدى
سحب سلاحه ورفع علي فراس الذي غامت عيناه بشر وقبل ان يسدد طلقته الي صدره جذب فراس منه بندقيته وكسرها
وتقدم منه غضبًا يريد ان يفتك به، الا ان ابيه عثمان الجبرؤ وقف ينهم وقال مهدًأ:
حجك عليا يا ولدى، سلطان غضبه غلب حلمه دا دم خوه اللي رايدخ يفرط فيه، امسحها فيا عصبيته عايك،
لكن لي حج عليك ، مش انا اللي افرط في دم ولدى بالساهل اكده لو جيش جرار هيحمو فيصل، حتي لو كان انتِ
خرج نفسك من دمنا وتارنا سيبني نخلص في بعض وبلاش يا ولدى تفتح باب من الشر بيناتنا مش هيتجفل غير بقضاك
اشرأب فراس براسه ورمقه بثقه قائلًا:
انا جدامك اهو وفي داركم ودربكم، وريني كيف هتقضي علي هما، صدري مفتوح لرصاصكم، بندجني لو تجدر انت، او حد من عيلتك كلتها، ولعلمك انا مش همشي من اهني، غير لما اخد كلمتك ان فيصل ما حدا هيمسه،
ليكون غضبي وابل عليكم وعلي كل عيلتك كلتها وانت خابر مليش اللي هتاخد منيه التار، ده لو بجي منكم راجل بعد ما اخلص علي صغيركم وكبيركم طفلكم وشيبكم ،
جعلت حدة كلمات فراس وتحديه السافر لهم كبيرهم يهادن معه ويسحب ولده من امامه لكي يجلس بجواره حتي لا يطاله بطش فراس وقال :
ايه يرضيك يا فراس غير اني افرط في دم ولدى، لو قصدك الفدوه عمر الجعافرة ما هيجبلو ان ولده يحمل كفنه علي يده ويجدمه لينا ويفدي روحه بكبش، وانا مريدش ديه،
المال كتير والولد كتار والحمد لله،
جلس فراس وعيناه تنضح بالشر والغضب وهو يطالع سلطان
الجاثم بجوار ابيه باستسلام وقال:
لو علي الفدوة انا جادر اقنع الجعافرة بيها، هملو الموضوع ده علي بس جبل ما اعرض الامر عليهم واجيب موافجتهم،
رايد اسمع من مجلس عيلتكم، انكم هتجبلو الفدو والصلح يقام بينكم وينتهي التار بينتكم للأبد
طالع سلطان ابيه برفض وقال غاصبًا:
فدو ايه يا بوي اللي هنجبله في خوي الغالي،لا وبعدها فيصل يعيش حياته واخوي يتحرق بقبره لاه
اسمع يا فراس ،لو رايد الصلح انا موافج لكن بشرط اتجوز بت جابر ولد الجعافرة، لو وافجو انا جابل الصلح
طالعها فراس بريبة واردف قائلًا بحذر ممزوج بالشك:
زين زين النسب، ويكون الجواز بالبدل، انت تتجوز منبهم وفيصل يتجوز منيكم، يرضيني الحل ده المهم مجلس عيلتكم يوافق وانا بانتظاره كلمتك
رمق عثمان الجبري ولده بحيرة وعنفه بضيق:
أيه جولك ده يا سلطان جواز ايه اللي رايده لاجل الصلح، بجولك ايه تعالي بره رايد احددك لحالنا،
ثم طالع الي فراس الناظر اليهم بغموض وجالس بهدوء حذر:
عن اذنك يا فراس، رايد احددت ولدي لحاله
خرج ودفع ولده امامه ليخرج معه ودخل به احد الغرفه وقال له بغضب يتقاذفه :
جواز ايه اللي بتحدد عنيه يا مخبل انت، بجي دم خوك رخيص عنديك لاجل تاخد بداله بت منيهم
ضحك سلطان بشر وقال بخبث:
لاه يا بوي دم خوي مش رخيص عليا لكن غالي جوي وانا بدل الواحد هاخد اتنين ويمكن ثلاثه، فيصل وزينب ويمكن بوها جابر كمان من القهرة عليهم وانت خابر كي هي غاليه عنديه
نظر اليه ابيه بتمعن وظل يفكر فيما قال ورد عليه:
قصدك اننا نوافج علي الصلح وتتجوز انت زينب وفيصل يموت من الجهرة عليها، وبوها يحصله لما بته تموت بحسرتها علي جوزها منيك وفراجها لفيصل حبيب الجلب،
واه تفكيرك كي الابالسة، من فين جتك الفكرة الشيطانية دي
غامت عيناه بشر وهو ينظر الي الغرفة المنتظر بها فراس:
واد الليل السبب، حمايته لفيصل خليتنا اتجنيت وكنت هجتله ولو نفد منيها مكنش هيرحم حدا فينا وبيكفي اللي عمله في العمدة سابج، حتي لو مات المطاريد مش هيهملونا لحالنا وهيصيرو كي الكلاب السعرانه وهيدلو من الجبل ينهشو لحمنا
مكنش جدامي غير اني اجبل بالفدو وده حل ما يرضيني لان فيصل هيعيش متهني وفي سلام مع مرته ويخلف وخوي في جبره انجطع نسله،
لكن بجوازي من بت عمه، اكده هحرمه من حب عمره وعشجه زينب بت جابر الموهوبه ليه واللي فرحه عليها ،اتجلب ميتم بعد موت خوي علي يد عمه اللي غرق وهو بيهرب،
وبكده صار دمه حلالي،ومدام مش قادر اطوله يبجي احرق دمه واموته بحسرته علي عشق عمره زينب،
هز ابيه راسه دهشة دهاء ابنه الذي استطاع ان يتغلب به
علي تحدي فراس لهم وسياخذ ثار اخيه بالمكر وقال:
رغم اني مش راضي علي الصلح ،لكن الحل ده زين ويجنبنا الصدام مع فراس المجطوع اللي ما في حد كاسره ولا جادر عليه، ورامي جتته علينا عافية واقتدار،
هم انت روح لعمامك وبلغهم ان في مجلس للعيله عشيا خلينا نخلص من الوجعه الطين دي اللي طلعنا فيها واد الليل
بعد انصراف ابنه سلطان الي اعمامه عاد عثمان الجبري الي فراس وطمئنه قائلًا بسخرية مبطنا:
انا وافجت لجل مجيتك لداري، واحد غيري كان رفض تحديك لينا وللعيلة كلتها، لكني خابر انك واد اصول وما بترجع في كلمتك واكيد فيصل طلب حمايتك لجل اكده اتحديتنا،
انا موافج علي الصلح والنسب يكون هو العربون، بس بت جابر لولدى وهما يختارو بت لولدهم فيصل وكل ده هتسمعو عشيا في مجلسة رجالة العيلة،زين اكده
نهض فراس من جلسته ،عدل هندامه بكبرياء وتعالي، ونظر اليه شزرا بريبة وابتسم بمكر وغموض وقال:
تكرم يا ابن الاصول، وزين انك حكمت عجلك واتغلب حلمك علي غضبك،انا ههملك دلوك وأجي عشيا اخد كلمة مجلسكم وهيكون معايا العمدة وشيخ الجامع شهورد عليكم جبل عقد الصلح اللي هيحضره المامور وهتكون ليلة عريسنًا وعريسكم
ثم سلم عليه ومال علي اذنه هاتفًا همسًا بغرور :
خابر انك متجدرش تتحداني، بس انا همشيها بمزاجي انك وافجت لجل خاطري مش خوفي مني، بس حذاري مني يا كبير الجبرية تتحداني او تلعب معايا، لاني مش هبقي علي حدا لو كسرت كلمتي يا ابو سلطان....
وخرج وتركه يضغط علي فكه بغيظ شاكرًا ربه ان الحديث بينهم لن يعلمه به احد غيرهم،
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
خرج فراس من دروب عائلة الجبري وهو سعيد بما انجزه وانطلق بحصانه يشق الريح الي دروب عائلة الجعافرة،
فدنا من دار جابر الجعفري وطرق الباب بتراوي،
فتح جابر الباب وحين رأى فراس ابتسم له ببشاشة وقال:
يا مراحب بولد الغالين،انت اللي جاي تزورنا بدل ما احنا نجي نبارك ونجطو عريسنا الزين
ترجل فراس من علي حصانه واحتضن جابر بود وقال له:
اهلا يا خال،
انا لي طلب عنديك،انا جاصدك في خير ان شاء الله،
طلب منه جابر ان يدخل الا انه ابا فساله بحيرة:
خير يا فراس طلب إيه ده يا ولدى وليه مريدش تدخل ونتحدد براحتنا
رفع يده بالرفض والسماح وقال:
سامحتي يا ابو خالو معنديش وجت للحديت كتير، اللي طالبه لازم يتم دلوك وجبل ما حدا ياخد بيه خبر،وياريت متردنيش خايب انا عشمي فيك كبير جوي
رمقه جابر باستغراب وساله بحيرة من امره:
طيب جول يا ولدى ولو في مجدرتي انا مهتاخرش عليك بيه
اخذ فراس نفس عميق وحدبه بنظرة ثاقبه وقال:
بحج النسب اللي كان بين عيلتكم وبين جدي سويلم ،انا رايد جدد النسب بينتنا من جديد
حدق فيه بدهشه وذهول وقال بتعجب:
نسب لمين يا ولدى انت مش اتجوزت عشيا بت الخوجة سمعان معجول رايد تتجوز عليها
ثبسم فراس بمكر واكمل:
واه انا راجل والشرع حلل لي اربعه، المهم يا خال انا جاي دارك طالب يد بتك زينب، ورايد اكتب كتابها دلوك وحياة الغالين ما تجول لاه وتكسر خاطري ....
طالعه جابر بحيرة واستغراب ونظر الي الداخل فرأي ابنته تلطم خداها بعويل ونحيب خافت، خوفًا مما سمعت لطلب فراس لها، وعلمها ان ابيه رغم ما يقال عنه يعزه معزة خاصة،، غير انه اذا رفض ممكن ان يخطفها كم فعل مع مهرة ويتجوزها بالغصب:
لكن جابر فكر بطريقة اخري لقد اتي فراس من الباب طالب النسب كم كان جده نسيب لهم حين تزوج عمته وماتت اثناء الطوفان، وظل سويلم يودهم ويعزهم لاجل خاطرها فقال لها وهو يشعر بالحزن يقتل قلبه علي ابنته الوحيدة الموهوبة لابن عمها الذي يحوم الموت فوق راسه،
مدام حلفتني بالغالين يا فراس انا معزش بتي عليك، هما يا زينب البس خلجاتك وحصليني هنكتب كتابك دلوك،......
