بعد مرور اثنا عشر عامًا
بعد خروجه من اصلاحية الاحداث أصبح فراس الآمر الناهي بالبلد، لا صوت يعلو أمامه يهابه الكبير والصغير حتي مطاريد الجبل الذي لم ينضم إليهم كمطارد بل ظل بالبلد وفي دار أبيه يقودهم ويوجههم كيفما يشاء
لكن ظل قلب الطفل الذي فقده مع موت أمه متعلق بأخته التي فقدها واختفى اثرها بعد إن اخذ ثأر أمه وأبيه وامضى بالسجن ست اعوام لا يرى غير حقده الكامن عن من انقذهم القدر من مذبحته لكي ينهي على كل من اغتال شرف حسنه
خرج فراس من الاحداث وهو حاقد ناقم علي الجميع فطال أذاه كل من يقترب لثلاث عائلات العمدة وقد اصبح عواد هو العمدة بعد ذبح أبيه علي يد فراس، وشيخ الغفر والحج بدران الذي أنقذه القدر هو ومنصور بيه من إنتقام فراس
لهذا سيطر الخوف على الحج بدران خوفًا من بطش فراس به ، لهذا ما إن علم بخروجه من السجن استأجر من يتخلص
منه، ليقتله فراس بيده الخالية من السلاح وسط النهار جهارًا نهارًا وأمام كل من بالبلد ليجعل القاصي والداني يعلم ان بالبلد شيطان لن يستطيع احد مجابهته او تحديه
أربع سنوات مرت وهو يبحث عن أخته ومنصور بيه، حتي يأس من العثور عليهم لكنه لم يستسلم، تاركًا ثأره من بدران الي النهاية لكي يدله علي منصور، فجعله يعيش كالميت الحي
لا يغادر داره ولا يزوره أحد الا اولاده بين الحين والاخر،
حتي انه لم يعد يستمتع بثراءه الذي لا ينفعه او يستفاد منه لكي يهرب من فراس وانتقامه
______
وفي مساء أحد الايام، استيقظ فراس علي صوت طرق عنيف علي باب داره، نهض مضجرًا وفتح الباب بعصبيه ، ووقع نظره على الطارق باستهزاء وسخرية وقال:
رايد إيه يا واد المحروج علي المسا، خابر لو مفيش حاجة مهمة انا هدفنك في ارضك انطج في إيه
تلعثم جعبل بخوف ورد عليه :
مفيش الريس الغول بيجولك ان العمدة كان بالمركز عند المأمور وزمانه جاي بالطريج،نجطعه عليه ولا نتصرف كيف
ضاقت حدقتاه بشدة وقال بتهكم:
لاه همله يعاود داره انا هتصرف معاه لحالي، هم جهز رماح علي ما البس خلجاتي، وبعدها تخفي من جدامي
هرع جعبل يجهز له حصانه رماح كما طلب وانصرف الي الجبل بعدها، خرج فراس من داره وهو يرتدى جلبابة الاسود واحكم ربط الشال علي راسه وامتطي حصانه رماح وانطلق الي بيت العمدة عواد غير عابئ بالغفر وسلاحهم،
وصل عواد الي داره وهو يشعر بالانهاك والخوف مما هو أت بعد إن طلبه المأمور ليرتب معه الهجوم علي الجبل والقبض علي ابن الليل ذلك الشبح الذي يبث الرعب في قلوب الجميع،
كثيرًا فكر البوح باسمه لكنه لم يستطيع خوفًا من البطش به اذا هرب من الشرطة ، فقد يناله ما نال ابيه العمدة علي يده،
خلع عنه عباءته والقاها علي احد المقاعد باهمال، ثم صعد الي الاعلي وهو يجر اقدامه المثقلة لا يعلم من الخوف او من ثقل المسؤولية الملقاه علي كتفه بعد مقتل والده العمدة عبد الرازق
دخل غرفة نومه الغارقة في الظلام، وقبل ان ينير القابس سمع همهمه مكتومه جعلته بنتفض بذعر،
اخرج سلاحه وشهره وانار القابس وتسمر مكانه، فقد كان فراس بجوار زوجته حسيبة علي الفراش
جالسًا بهدوء واضعًا يده علي فمها، غامت عيناه ونظر الي السلاح الذي بيده وقال له بالامر:
نزل سلاحك يا عواد بدل ما تيتم ولادك اب وام دلوك
انزل عواد سلاحه ودنا من الفراش فرأي زوجته بملابس النوم التي لا تسترها فقال له:
جوم من جار مرتي يا فراس خليها تستر نفسها، عيب عليك ده دي في مجام امايتك وده ميرضيش ربنا واصل
ضحك فراس بأستخفاف وشدها الي صدره وقال:
وماله كبيره صوح لكن الشينه تطولها وتمرمغ راسك بالوحل
ارتبك عواد من تطاول فراس علي زوجته، وسعيه لتدنيس شرفه، فثارت ثائرته وصاح فيه بحدة:
انت اتجنيت يا فراس رايد تفضحني بمرتي، انت اكده بتحكم علي نفسك بالموت وانا هجتلك بيدى
غامت عين فراس بحدة وغضب وزاد من جذب زوجته اليه التي لم تستطيع الافلات منه وقال بتحدى:
سلاحك في يدك ريني كيف هتجتلني ده لو قدرت يا واد فوز
رفع سلاحه واشهره بوجهه وقبل ان يطلق رصاصته، اطاحت رصاصة فراس بسلاحه من يده وقال بتهكم:
الرصاصة التانية هعجر رجلك وبعدها هاخد شرفك جدام عينك، وبعدها هفرفط روحها بيدي وههملك تندب نفسك علي شرفك ومرتك الحلوة، جولت إيه يا عمدة اكمل ولا
هز يده بارتجاف وقال برجاء:
لاه ارجوك اللي انت رايده هعمله بس بلاشها الفضايح يا واد الناس، دي مهما كان كانت حبيبة امايتك
تركها بعنوه ونهض من جوارها ورد عليه بقرف:
ما يشفعلها عندى غير انها كانت بتعز امايتي وبتحبها كي ما كانت اماي بتحبها،لكن انت ملكش حاجه تشفع ليك عندى لا انت ولاخواتك ولا اي حدا من نسل عبد الرازق،
ولا الحج بدران اللي لسه دوره جاي وهيبجي مرار طافح وكي المر علجم هو والبية اللي مسيرة يجع في يدى
ابتلع عواد ريقة ونظر الي زوجته التي تلملم نفسها حتي تستر جسدها من عيونه المترصده لها، ورمقت زوجها بنظرة استحقار لعدم استطاعته الدفاع عنها وعن شرفها، ولم ينقذها من غدر فراس بها الا معزة امه لها، انكس العمدة راسه بخنوع وقال:
انت رايد إيه يا فراس لاجل تحل عننا وتهملنا في حالنا دلوك،
مخبرش الشر اللي جواتك كل ده ليه،ابوي وخابر اللي عمله وخد جزاءه علي يدك، لكن عمل إيه شيخ الغفر ولا الحج بدران ولا البية منصور، الي يشوف حقدك عليهم يجول جتلولك جتيل او سرجو مالك او شرفك
ضغط علي فكه بغيظ علي ذكر شرفه المتمثل في شرف امه المغدور بها، تنهد بقوة ثم جلس علي المقعد المقابل للفراش ونظر اليه بتعالي وحقد:
مريدش منيك حاجه، لاني باخد اللي بريده، انا هنا سيد البلد وكلمتي هتمشي عليك وعلي اللي خلفوك،
لو فكرت انك عمدة وليك كلمة مع الحكومة، خلي الحكومة تنفعك لما ادوس علي شرفك ،المرة دي كان التهديد بمرتك، المرة الجاية بتك فوز ،هتكون في معايا وابجي وريني هتغسل عارك كيف يا عمدة وضحك بشر.
انهار العمدة جالسا وهو يعلم ان تهديده هذا ليس حديث فقط لانه علي علم باغتصاب ابيه لامه، وسينتقم منهم جميعًا كما فعل مع ابيه الذي اترحم من الذل بذبحه، وترك له الخوف من العار بان ينتقم فراس كما حدث له ،
وسيكون الانتقام في اخواته او زوجته او ابنته، يعلم جيدا كصعيدى ليس من شيمهم التهديد بالشرف لكن هذا سيكون رد انتقامه وليس لرغبه فيهم،
لهذا رضخ له حين راه قرب زوجته بالفراش يهدد بتدنيسها كما فعل ابيه مع امه ، تنهد بحسرة وقال:
بلاش الشرف يا فراس مش من شيم الرجالة، لو رايد حاجه خدها مني انا وبلاش الحريم دول ملهمش ذنب في انتجامك،وكمان انا مخبرش انت هنا ليه، ورايد مني إيه
ضحك فراس بسخرية وقال:
صوح مش من شيم الرجال، زين انك خابر نفسك مره كي ابوك
لكني مش بهدد انا رايد اوصمكم بعاركم وعار افعالكم
وده مش سبب اني جيت ازورك،انا هنا لجل زيارتك للمركز يا عمدة، وتجهيز حمله لمهاجمة الجبل والقبض عليا،
فانت هتدلي دلوك معايا تلغي كل الترتيبات مع المأمور، ولو كان في فخ او لعبه منيك بألاتفاق معاه ،
اقترب منه وزفر في وجهه بغل قائلًا بوعيد وتهديد:
شوفت اللي حصل لبوك يا عمدة، هيحصلك لكني هدبحك كي الخروف وافصل راسك عن جتتك واعلقها علي باب الدوار عبره لكل من يخالفني او يجي علي حج ليا او يمس حد من طرفي سواء جريب او بعيد او يفكر يلعب معايا
هم ادلي جدامي مش هضيع معاك الليل بطوله انا، بس لول عايز هدية من مرتك الحلوة
واخرج سكينه من حذاءه ومزق قميص نومها فوقع وكشف سترها صرخت بهلع واخذ فراس يضحك بسخرية من صدمة عواد الذي هرع واحتضن زوجته لكي يستر جسدها
وجذب الغطاء من علي الفراش وغطاها به وقال له بغضب:
اكده بتحسب نفسك راجل، لما تكشف ستر حرمه يا واد فودة
غامت عيناه بضيق وحدق به بقوة وجذبه من جلبابه:
علي الباغي تدور الدوائر كيف ما كشفت ستر الشريفة، ربنا بعت ليك اللي يكشف ستر مرتك وجدام عينك، ولا ناسي يا عواد حجرة التبن وبوي اللي شج راسك
اخذ يتشمم قميصها باستهزاء وقال:
حلو منيكي التذكار ده يا مرت العمدة، لكن بحذرك لو فكر جوزك يخالفني المرة الجاي هتكوني لجمة لرجالة الجبل وما اكثرهم، وبجميصك ده هخليكي ترجصي ليهم كي الغواني
ثم دفع عواد امامه مثل الخروف ونزل به الي الاسفل ودخل به حجرة السلاح وقال:
هما اتصل بالمأمور والغي ترتيباتك معاه خليني افارج دارك النتنة، واحذرني يا عواد المرة الجاية لو دخلت دارك هجلبها عليك فوجاني تحتاني، وما هيلجو راس لجتتك الرمة فاهم
هز العمدة راسه بخنوع واستسلام وحسرة، واتصل بالمامور وانتظر الرد عليه، فرد عليه احدهم باستفسار عن من يكون وحين ابلغه بانه العمدة عرفه عن نفسه فسال عواد :
هو المامور مشي ولا لسه حداك يا صول مجاور
رد عليه الصول مجاور:
لاه موجود.يا عمدة بس كان مجتمع مع الضباط ثواني ابلغه
انك رايده
انتظر بضع دقائق علي الهاتف الي ان اتاه صوت المامور:
خير يا عمدة انا رتبت كل حاجه خلاص وعلي الفجر هنكون عندك شد حيلك انت معانا، ولو في جديد بلغنا
ارتبك عواد بذعر وهلع وقال بتردد:
انا متصل بيك علشان اخبرك بلاش الهجوم، رجالة الجبل وصلها خبر بهجومكم هملو مكانهم، وواد الليل معاهم، خليها مره تانية، بس نتاكد ان محدش بيوصل ليهم الاخبار ويهربو
وربنا يستر من الايام الجاية وانتجامهم من الكل بسبب الهجوم اللي كنتم هتعملوه عليهم ،
ضرب المامور سطح مكتبة بغضب وقال:
خلاص يا عمدة مدام مفيش هجوم والمجرمين دول بيهددو روع الناس انا هطلب نزول الهجانة لحفظ الامن والامان، لحد ما نقبض علي ابن الليل
تملك الذعر من العمدة ورفض بشدة اقتراح المامور:
لاه الهجانة لاه، دا معناه اني مليش عازه ومجدرش احكم البلد
هملنا هبابه احاول اتصرف معاهم او اعرف ليهم مكان جره،
ولو مجدرتش اعمل اللي يلد عليك
اخذ المامور نفس عميق وزفره بعصبية ورد بأقتضاب:
ماشي يا عمدة خد وقتك بس انا مش هسكت علي الاجرام اللي بيحصل عندك في البلد، دا محدش سالم منه وكل يوم شكوي وسرقة دي اخر فرصة ليك يا عمدة قبل ما اتدخل
واغلق معه الاتصال علي ذلك،فنظر الي فراس وقال:
انا جدرت اوجف الهجوم دلوك، لكن مش هجدر اسكت كتير علي اللي بيحصل، ولو سكت انا ، المامور مش هيسكت ،
ضحك فراس ورد عليه:
وانا مريدش المامور يسكت بس المهم يشيلك من العمودية اللي فضلت في عيلتكم ببيع شرف اماي
يمكن ناري تبرد هبابه لو انعزلت من العمودية وخرجت من داركم، يلا غور من جدامي وهملني لحالي خلينا افكر لمين هتكون ضربتي الجاية وكيف ،
حدق فيه عواد بذعر وقال بارتباك:
رايدني اهملك في السلحليج لحالك،دي عهده عليا وفيها خراب بيتي لو نجص سلاح
ثم انا مخبرش مال امايتك بالعمودية، انت وراك حاجه كبيرة في اللي عملته وبتعمله يا ولد فودة
ضحك فراس ونهض واخذ سلاح من الاسلحة وقال:
ملكش دخل في اللي بعمله لانه واعر عليك لو عرفت اللي في دماغي وكي هيكون انتجامي مش هتنعس الليل
ثم امسك احد الاسلحة ونظر اليه بتحدى واكمل:
اديني خدت سلاح جولي هتجدر تعمل ايه، يلا مشي يا عواد انا رايد اجعد اهني لحاجة تانية خالص في نفسي ،لا اسرج سلاح ولا عهدة يلا هم فارجني مطايجش اندرك
خرج العمدة مرغمًا وجلس فراس علي مقعده ونظر الي السلاح المصطف امامه وقال:
ياما بوي حمل واحد منيكم وخدم الخسيس عبد الرازق بحياته، وبالاخر جضي عليه وكسر رجله ونهش عرض
بسبب الكرسي ده، ضاعت اماي واتفني شباب بوي، ولاجلهم هيجي يوم ويبجي الكرسي دي مكاني ولي وحدى كسيد البلد
ده عهدي يا بوي انت واماي لاشرفكم وارد كل ظلومه وجعت عليكم واشربهم كاس الذل والعار اللي شربهولكم بالغصب
ونهض وهو ينظر بحدة للمستقبل،ثم غادر دوار العمدة
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
وامتطي حصانه،واقترب بدار من الدور وقف يتاملها بهدوء واخذت انفاسه تتسارع كانه بانتظار شئ ما، لم يدم ترقبه كثيرا واتسعت ابتسامته حين سمع صوت فتاة يقول:
حاضر يا بوى هطلع انشر الخلجات وادلي اعملك الشاي، وتحكيلي عملت ايه مع ناظر الزراعة المفتري
ترجل من علي حصانه وتسلق الجداران بخفه ورشاقة وانتظر صعود الفتاة التي كانت تحمل علي راسها سبت الغسيل،
وضعته ارضا وبدات في النشر ما ان فردت الملاءة جذبها من خلفها وهمس في اذنها وهو يكتم فمها كي لا تصرخ:
اشتجت ليكي يا مهرة،سبوع بطوله غاب القمر عن سمايا يا ست البنات ، سبوع منضرش جمالك ولا اسمع صوتك حرام عليكي فراس ملهوش حاجه بيدج جلبه ليها غيرك
حاولت باستماته تخلص نفسها منه لكنها لم تستطيع الي ان قال بعذوبة وتحدى:
هفلتك لكن لو حسك طلع هكتمه للابد في احضاني وما هتفارجيها تاني لو فيها موتك
هزت راسه بالموافقة ، فاطلق سراحها ورفعت الملاءة ونظرت اليه بحدة وغضب وقالت:
عيب عليك تتهجم علي بت بلدك اكده وفوج دارها كمان،انت خابر لو حد نضرك هيجولو عني ايه ويعيب فيا كيف
ليه اكده حرام عليك عملت فيك ايه انا لاجل تخلي الكل يجول فيا الشينة، دا بوي يروح فيها
غامت عيناه بشكل خطر واقترب منها حتي شعر بهسيس انفاسها الحارة والغاضبة وقال بوعيد:
الله في سماه يا مهرة لو حدا اتحددت عنك بكلمة بالخير او الشر لادفنه بسابع ارض
يا بت انت سرجتي جلبي والنوم من عيني،الوحيدة اللي ليها عليا سلطان هو انت يا مهرة ،
واللي يمس حاجه ملكي ما ليه غير الموت عندي فاهمه
ولو علي تهجمي عليكي انت السبب ليه حرماني من طلتك
سبوع بطوله وحرمتيني منيكي كنت فين يا مهرة
ابتعدت عنه بخوف وقالت بارتباك:
انت ملكش عليا اي حج لاجل تعرف كنت فين ولا تنضرني
امسكها من ذراعها بقوة و غشم وثار عليها قائلًا:
لاه اني، بعتبرك ليا ، وصبري عليكي ليه اخر، اخرك معايا تخلصي دراستك السنادى وهتجدم لبوكي لو رفض هو الجاني علي نفسه،فاهمه انت ملكي يا مهرة ومحدش ليه عليكي حجوج غيري انطجي كنت فين السبوع اللي فات كله
ارتجفت بشدة وخوف وترقرت الدموع في عيناه من شدة قبضته عليه ، رق لها قلبه وتركها وملس علي خدها وانزل طرحتها من فوق شعرها ووضعها في جيبه وقال:
طرحتك هتصبرني علي الليالي اللي بتمناكي فيها جاري يا اغلي عليا من روحي ،انطجي كنت فين طول السبوع اللي فات لا روحتي مدرستك ولا هملتي الدار
ابتلعت ريقها وقالت:
كنت مريضة عندي حمي خلاص ارتحت يلا مشي بقي منجصاش حد ينضرك وتبجي فضيحه انت ليه حططني في راسك ما البنات كتير غيري اشمعنا انا
جذبها بشده لتقع علي صددره من الخضة وقال وهو يتشمم عبيرها ويملس علي شعرها الحريري:
بس مفيش حدا ساكن جلبي غيرك ولا رايده غيرك،فريحي بالك مش ههملك غير لو دفنتك بيدي ويمكن اندفن جارك
انكست راسها واخذ جسدها يتنفض بشدة من عذب كلماته والخوف من مصيرها المجهول معه فقال بحنان:
لو ريداني امشي خلي الجمر يطلع وينور ظلام ليلي من تاني
نزعت نفسها منه بقوة وقالت بتعجب:
الجمر في السما لحاله اطلع عليه اه جدامك اندره مالي انا
هز راسه بالنفي ورمقها بقوة ثم جذب وجهها بين يديه وقال:
فتحي عيونك لاجل الجمر ينور ليلي وحياتي يا جليبي
هزتها كلماته النابعه من القلب واحتارت في امره كيف يهابه كل من يعرفه ويخاف منه ويموت في جلده من نظرة عيناه الا هي الوحيدة الذي يكون معها بهذا الحنان والرقه،
وماذا يريد منها وهي لن تكون له بيوم كما يتمنا؟!
كانت لحظات شرودها هي النعيم الذي عاش بها فراس لدقائق
لينسي نفسه ويدنو منها علي غفلة اخذًا اول قبله من شفتاها
لم يقطعها سوا سماعه لضرب رصاص من حوله
هم ان يبتعد عنها فنظرت اليه بقوة وغامت عيناها قبل ان تهوي بين يداه مغشيا عليها فحملها بين يداه وهاله ما راه
من الدم السائل منها ليصرخ بلوعه:
مهرة لاه.....؟!
8
دنا فراس من مهرة علي حين غفلة ولثم ثغرها ، بعذوبة ليعيش معها احساس لم يتذوق طعمه او يشعر به يومًا، احساس جعل قلبه الذي كان كجبل الجليد، يهفو الي الحياه من جديد بعد ان اذابته بعذوب شفتاها، فازدهرت ارضه القاحلة بالخضرة وترعرت بها اغصان الاشجار ورفرفت عليها الفراشات بالوانها الزاهية، فاخذ ينتهل وينتهل من رحيق شفتاها الذي تدفق في الوديان فروت حياته الجافة بالعشق والحنان،
لم يخرج من التعمق في بحر عشقها ونبع حنانها المتدفق، الا استماعه الي صوت اطلاق عدة اعيرة نارية حمل له الهواء صوت اختراقها احدهم السكون من حوله،
ابتعد عن مهرة مرغما فرأها تترنح ووقعت بين يداه ووجهها
ملطخ بالدم، نظر اليها بلوعه وصاح بغضب وحرقة:
لاه مهرة لاه
حملها بين يداه ومال علي صدرها فسمع انتظام دقات قلبها هدأ روعه قليلًا ، اخذ يفحص راسها وجسدها حتي يتاكد من عدم اصابتها ،وعندما تاكد بأن الرصاصة لم تصيبها، وما حدث لها ما هو الا هلع او صدمه من تقبيله لها،
قربها منه اكثر واراح راسها علي صدره ونزل بها الي الاسفل، فقابل ابيها في وجهه الذي كان يصعد الي الاعلي مفزوع لكي يطمئن عليها بعد سماعه لصوت الرصاص، لكن بدلًا عن ذلك رأي فراس يحملها وينزل بها فصاح فيها بهلع:
بتي مالها جرالها ايه، عملت فيها ايه يا شيطان الليل
غامت عينا فراس بحدة وصاح فيه:
بتك بخير وزينه، مجراش ليها حاجه، بس هي بعادة بتنزف اكده من غير سبب
هز ابيها راسه بقوة ورد عليه بعصبيه وقلق:
لاه مش بعادة لكن من يوم عاودت البلد وانت اتسببت ليها في المرض ووجع الجلب من مراجبك ليها ليل ونهار
ما تبعد عنينا يا واد الناس الطيبين،وهمل بتي لحالها، وجولي ايه طلعك السطح، هي دي الاصول اللي اتربيت عليها،انك تتهجم علي البيوت وتخلع الحريم
غامت عيناه وابتسم علي مضص وبتكلف وقال:
انا متهجمتش علي الحريم ولا خلعتهم، بتك لما سمعت صوت البندجة وجعت من طولها، خفت يكون صابها عيار طايش نطيت علي السطح اطمن عليها والحمد لله لجيتها بخير،
ضغط الاب علي عظام فكه بغيظ وقال له وهو يمد يده لكي يحملها عنه :
طيب شكرا لفيني بتي ويلا مع السلامة، وياريت تهملها في حالها من اليوم كفاية اللي نضرته بسببك من يوم خروجك من السجن ، ولاخر مرة هجولهالك بعد عن بتي يا واد حسنه
ضم فراس جسد مهرة الغائب عن الوعي اكثر اليه بيد واليد الثانية امسك في تلاليب ابيها وثار عليه بغضب :
اسمي واد فودة فاهم فراس واد فودة، حسنه ستك وست البلد كلتها، لكن مينفعش اتنادي بيها لاني مش ولد حرام مش معروف ليها ابو، الراجل بينتسب لأبوه وانا ولد حلال والكل خابر من هو بوي، لو سمعتك بتنادي باسم غير بوي لا هيشفع ليك انك ابو الغالية ولا سنك عندى وهدفنك مطرحك فاهم
ترك جلبابه ونظر اليه شزرًا، فابتلع سمعان ريقه ورد عليه:
حجك عليا بس انا مقصدتش اعيب فيك ولا في امايتك بت الاصول اللي كانت كي النسمه الطيبة، مخبرش انت طالع لمين شيطان ، لا بوك ولا امايتك كانو اكده
عاد فراس وعدل من حمله لمهرة كانه سعيد بحملها هكذا ولا يريد تركها بسهولة، ولم لا وقد اتته الفرصه بان يقترب منها ويملاء عيونه العاشقه بالنظر اليها، تنهد بقوة ورد علي ابيها:
ومين جالك اني مش كي ابوي واماي، لكني انا شيطان مع الشياطين، وملاك مع الملايكة كي بتك، فاحذرني يا سمعان، وبلاش تتحداني وتغضبني لان غضبي واعر عليك جوي ولو بجيت شيطان معاك جول علي نفسك يا رحمن يا رحيم
وبتك انا مش ههملها، لاني ، انا رايدها بالحلال
وجولتهالك سابق وانت رفضت، واللي مصبرني عليك وعليها ان نفسك تفرح بيها لما تخلص دراستها
وعن نفسي شئ يفرحني ان مرتي تتعلم لاجل تعلم ولادي منيها، لكن الله في سماه بعد ما تخلص تفكر ترفضني او توعدها لغيري هتكون حكمت علي نفسك بالموت وهي جبليك لو فكرت تكون لراجل غيري،مهرة ملكي فاهم
ويلا بعد من جدامي ودلني علي اوضتها خليني اممددها
هز ابيها راسه بالرفض وصاح فيه:
لفيني بتي يا فراس واتجي الله فيها وفيا، وخدها كلمة اخيرة مني لو انت اخر راجل في الدنيا كلتها، مش هجوزهالك، عندى تعنس جاري ولا انها تتجوز من ولد الليل، وبيكفي حديت بجي ولفيني البت خليني افوجها واطمن عليها
دفعه فراس بغيظ بسبب رفضه الدائم له، وصمم بعناد:
فين اوضتها يا سمعان انا بنفسي اللي هفوجها،وخلص الحديت ولو رايدني اهملكم خلص نفسك ودلني علي اوضتها
تنهد سمعان بقوة، ولم يري مناص من ان يدله حتي يخلص منه فأشار علي احد الغرف وقال باستسلام:
دي اوضتها ادخل مددها ،وفارجني بيكفي منيك فضايح لحد دلوك مخبرش اخرتها إيه معاك واصل
ضحك فراس بتهكم ودلف الي غرفتها الصغيرة ومددها بجوار اختها الصغيرة التي استيقظت مذعورة، ثم انتفضت بهلع من نظرات فراس اليها، فابتسم في وجهه وقال:
جومي هاتي لي خلجه وشوية ميه لاجل امسح وش خيتك
من الدم همي يا مها
نهضت مها وخرجت مسرعة من الغرفة لترتطم بابيها الذي كان ينتظر خروج فراس لكي يغلق الباب خلفه، الا ان تاخره في الخروج جعله يدخل الي غرفة ابنته ليري ما سبب عدم خروجه، دلف اليهم فرأه جالس امامها يمسح نزيف دمها بشاله الابيض ، فأقترب منه ابيها وقال بحدة:
هي الليلة السودة دي مش هتخلص،ما تهملنا لحالنا يا ولدى وتخرج بيكفي لحد اكده
طالعه فراس ببرود وقال له بالامر:
لفيني فحل بصل افوجها بيه وبعدها ههملكم بس اطمن عليها لاول، ولا مش من حجي اطمن علي مرتي يا عم الحج
ضرب ابيها الحائط بيده بعصبيه وصاح مؤكدًا:
مش هيحصل يا فراس لو حصلت هموتها بيدي،ولا ان اجوزها ليك، واتفضل مع السلامه وهملنا الله لا يسيئك يا ابن الناس
غامت عيناه بحدة وثار عليه صائحًا:
الله في سماه ما تجدر تمسها بسوء وبتك هتبجي مرتي بكيفك او غصب عنيك وبينا الايام، وهم هات فحل بصل
خليني امشي جبل ما اركب شيطاني واخدها داري واحرمك منيها طول عمرك وابجي وريني هتعمل ايه
ضغط سمعان علي قبضة يده واستسلم لأمر فراس وذهب لكي ياتي بما طلب، ليتنهد فراس ويهتف بحرقه:
فتحي عيونك يا مهرة بدي اندرهم وانا جريب منيكي اكده يا قمر ليلي وجليب فراس
كأنها سمعت رجاءه ولم تخيبه، فتحت عيناها بصعوبة ونظرت الي فراس الجالس بجوارها بفزغ وقالت:
يا سواد عيشتي انت بتعمل ايه اهني بأوضتي،وفينه بوي وخيتي، مكفكش اللي عملت واتسببت بنزيف انفي
مسح فراس علي وجهها وقال:
اعمل ايه جلبي عاشجك وبيتمناكي، ومش هاين عليا فارجك
بس مدام فوجتي انا اكده ارتحت ويكفي اني ندرت عيونك الحلوة وسطع قمر ليلي في سماه،
ومال عليها وهمس في اذنها بعشق:
شفايفك كي الشهد يارب صبرني علي حرماني منيها لحد ما تبجي حلالي
احمرت وجنتاها بشدة وانتفضت من جراءة كلماته ودفعته بعيدا عنها، ضحك فراس بشدة وقال وهو يتشمم طرحتها:
طرحتك وطعم شفايفك هيكونو دفي أحضاني وونس ليلي
لحد ما تملي مكانك في داري يا جليبي
وخرج منشرح الفؤاد بعد ان اطمئن علي من عشقها قلبه وبها ينسي احزانه التي سكنت ودمرته وجعلته كجلمود صخر لا يلين الا لها هي فقط مهرة جليبه كم يسميها
دلف ابيها اليها فرأها تتطلع الي الباب بذهول بعد مغادرة شيطان الليل فقال لها:
واخرت واد الليل ، معاكي إيه يا مهرة، لو اعرف سبب تعلجه بيكي أنت بالذات دون عن كل بنات البلد هرتاح
اخذت مهرة نفس عميق وردت علي ابيها بحيرة:
مخبراش يا بوى، لكن فراس عنيد ورفضك ليه بيزيده تمسك بيا كأنه بيثبت لنفسه إن ما حدا يجدر يمنعه عن حاجة رايدها
علي كل حال الايام كفيله تبعده عني وتحميني من غضبه وتهديده اللي لو نفذه يبجي الموت ارحملي
ربت ابيها علي ظهرها وضمها الي صدره بحنان:
ربنا ييسيرلك الحال يا بتي ويبعد عنيكي كل شر واولهم شيطان الليل ويعميه عنك
يلا انعسي وادعي ربنا يكتباك الخير وان شاء الله هو جادر يحميكي ويحفظك من كل شر
اغمضت عيناها ليسيطر علي فكرها وخيالها اقتراب فراس منها واقتناصه اول قبله لها في حياتها لترجف لهذه الذكرة وهي لا تعلم هل كانت سعيده بها او غاضبة منه.؟!.
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. ..
خرج فراس من دار سمعان واطلق صفير عالي منغم فاتي اليه حصانه ووقف امامه، امتطاه وانطلق الي وجهته، التي كانت دار جاره الحج رجب، وقف امام الدار وهو لازال علي حصانه
طرق الباب بحدة وانتظر ان يفتح احدهم
لم يطل انتظاره طويلًا فتح وهيب الباب ونظر اليه بقلق وقال بارتباك بسبب حضوره المتكرر اليهم:
خير يا فراس رايد إيه تاني
ترجل فراس من علي حصانه ووقف امام وهيب بتعالي:
واه هنتحدد علي الباب اكده، مخبراكش واثق من نفسك وهتجدر تصدني لو شجيت راسك او كسرت عضامك جدام الخلج اللي رايح وجاي، وتبجي فضيحه ليك، ادخل ادخل خلينا نتحدد لحالنا وتحفظ كرامتك جدام جيرانك
دفعه الي داخل الدار ودلف وراءه واغلق الباب خلفه،فساله وهيب بحيرة ورهبة:
بتتهجم عليا يا فراس ، انا لا رايد اضيفك ولا برحب بيك في داري، جول اللي عنديك واتوكل علي الله
رمقه بنظرة احتقار شملته من منبت شعره الي اخمص قدماه وابتسم ببرود ثم القي نظرة سريعة علي زوجته التي كانت تحتضن ولدها وتنظر اليه بخوف وقال لها بالامر
همي يا مره ادخلي اوضتك وهمليني مع جوزك لحالنا يلا
سمعت كلامه وهرعت من امامه الي غرفتها ومعها ولده،
ما ان غادرت زوجته ساله وهيب:
انت مين ادلك الحج تحكم علي داري، جول رايده مني ايه
وإيه سبب زيارتك الغريبة في وجت متاخر زي ده خلصني
تنهد فراس بقوة وجلس علي الاريكة وقال:
لو علي اللي رايد فانا رايد منيك كتير جوي، اهمها تجولي سبب هروب خيتي من داركم بعد موت بوك ،وفينه خوك خلدون طفش هو كمان وليه
ضرب وهيب كفاه في بعضهم البعض بقلة حيلة ورد عليه :
كل يومين نفس السؤال،وبردك هيكون ردي هو نفس الرد، خيتك هربت من الدار لما عرفت بخروجك،خافت تاخدها دارك
ويتفرض عليها تعيش مع واحد مجرم حرق امها ودبح العمدة بيده ووجتل شيخ الغفر بدم بارد، اما خوي خلدون سافر بره مصر يشتغل ويسترزق، ها خلاص ارتحت
يارب تهملنا لحالي وملجكش بكرة جاي تسالني نفس السؤال
نهض فراس بهدوء مريب ودنا منه وحدق به بقوة وقال:
حديتك فارغ ميدخلش دماغ عيل صغير، خيتي كانت امانة في داركم،وبعد موت بوك بيومين طفشت،وخوك خلدون هرب بعد ما خرجت انا من الاصلاحية، واكيد في سبب
امسكه من كتفه بعنف واخذه يهزه بقوة وغضب:
انطق يا وهيب، خوك عمل إيه مع خيتي،وليه لما طفشت مدورتش عليها وهملتها، وهي امانة عنديكم يا واد الحج رجب
ولعلمك حسابك كي حساب خوك بس يجع تحت يدي، وانا هندمه علي عمره الباجي لو كان مس خيتي بسوء
لاخر مره هسالك عن مكان خوك لان لو يدي طالته بعد اكده، هتبجي انت الجاني علي روحك وهيتم ولدك
ابتلع وهيب ريقه بصعوبة ورد عليه بتردد:
مخبرش خوي فينه، من يوم ما هج من البلد منضرتهوش واصل، ولو علي خيتك اقسم برب العزة انها طاهرة وخرجت من دارنا وهي بعفتها، لكنها اختفت من يومها ودعبست عنيها كتير ومجدرتش اوصل ليها، لانها كي ما جولت كانت امانة لكن هي اللي طفشت بكيفها والله اعلم بيها او فين اراضيها
اخذ فراس نفس عميق وطويل واغمض عيناه بغموض كامن بداخله يتنازعه بين تصديقه وبين انه يعلم مكان اخيه، وبسبب خوفه عليها من بطشه به يداري عنه مكانه، فتح عيناه ونظر اليه بحدة وقال:
مش ههملك لحالك يا وهيب غير لما اوصل لخيتي او يجيلك خبر خوك علي يدي لو كان اذاها،
سلام يا واد الحج رجب، وانتظرني وخاف علي ولدك ومرتك من بعدك لانك هتقضي علي نفسك لو عرفت انك دسه عني
خرج وتركه يرتجف من الخوف علي نفسه وعلي اخيه الذي قضي علي حاله، بما فعله مع اخته مهجة، انهار جالسًا علي الاريكة الخشبية ووضع رأسه بين كفاه بحزن، اقتربت منه زوجته وقالت له بقلق:
كنت جوله علي مكان خوك وريحتنا من الرعب اللي عايشين فيه بسببه وهو يشيل شيلته عن افعاله الشينة في حج خيته بدل ما يجتلك انت كمان لو اتاكد انك داسس عنه مكانه
انتفض وهيب وهب واقفه وثار عليها:
اتجنيتي يا هبة ريداني اسلمه خوي يجتله كي ما جتل العمدة، انت مخبراش ده وهو صغير شج راسه لاجل كلمه جالها عن خيته، متخيله هيعمل فيه ايه دلوك لو خبر بافعاله معاها
بس اجول ايه لو مكنتش طفشت كان ممكن نلم الموضوع ونكتب كتابه عليها، العيب علي خوي اللي سمح لجمالها يجننه ويعمل اللي عمله معاها وكان سبب طفشانها، وخوها فراس مش هيرحمه ولا يرحمنا لو خبر باللي جري منيه،
ثم تنهد بقوة وقال محدثًا نفسه بصوت عالي:
اه يا وجعتك الطين يا خلدون، بس لو فراس يسمع مني يمكن يهدى علي خلدون، لكن كيف وانا خابر خيته بالنسباله ايه
ادعيله يا هبة ان ربنا يعمي عينه عنيه، او ميعطرش في مهجة ابدا، ليكون نهاية خوي علي يده ويجتله
هزت هبة راسها بحزن والم وقالت:
ربنا يسترها علي خوك وعلينا من شيطان فراس ولد الليل
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .
خرج فراس من عند وهيب وجسده يشتعل بالنار، عدل من هندامة واخرج شاله وطرحة مهرة من جيب جلبابه، فاخد نفس عميق كأنه يتشمم ريحها الطيب، فذهب ضيقه وحلت ابتسامه هادئة علي ثغره وقال:
ما يكمل الليلة الا برؤية رئيسة تفك عني وجعي وتريحني
امتطي حصانه وانطلق الي خيام الغجر، ما ان دخل وسطهم جري الكل من امامه بخوف ورهبة،لتخرج فتاة ذو ملامح خمرية بريئة وتنظر الي القادم وتبتسم بسعادة وتقول:
سيد جلبي وسيد روحي نورت ليلتي،يا فرحة جلبك يا رئيسة
سيد الرجال فراس جاكي ليكي وحدك ولحالك
هز فراس راسه بغموض وترجل من حصانه ودخل الي خيمتها وجذبها الي داخل وقال بالامر:
بلغي اللي معاكي اني مريدش حد منيهم يزعجنا، لجطع خبرك وخبرهم يا بت ود
اغلقت رئيسة باب خيمتها باحكام بعد ان اخبرتهم بالا يزعجهم احد ونظرت اليه باغراء وقالت وهي تنزع عنها ثياب الرقص التي كانت ترتديها ومالت علي صدره:
بت ود وجلب بت ود تحت امرك يا سيد الرجاله، انا خدامة مداسك بس انت تامرها وهتكون طوع ليك
ابعدها فراس عن صدره ونزع جلبابه وقال لها:
مريدش حديت كتير منيكي يا رئيسة، خلصيني رايد ارتاح يا بت ود
تنهدت رئيسة بحرارة وزفرة بقوة وقالت:
هملي حالك وانا هريحك بس انت طاوعني، والله ما هتندم
لم يرد فراس عليها وتمدد علي فراشها المكون من الخيش والخوص الجاف، دنت منه بضيق وقالت له وهي تتلمس خشونة فراشها التي شفقت عليه منها وقالت:
ما تاخدني دارك لجل ترتاح في فرشتك بدل نومتك علي الخيش اللي هيوجع جسمك
زفر فراس بضيق ونهض عن فراشها وثار عليها:
تاني يا رئيسة، موضوع داري، انا جولتلك داري ما هيدخلها مره غير مرتي حلالي،غير اكده لاه وخلصي في ليلتك بدل ما اخرج ادور علي راحتي مع غيرك
عانقته بقوة واراحت راسها علي صدره وقالت:
حاضر يا سيد الرجالة، انا وعدتك اكون طوع ليك،بس سؤال وياريت تجاوبني عليه،انت صح رايد مهرة بت سعفان
ازاحها عن صدره بغشم وامسك يدها بعنف وصاح فيها بغضب:
مفيش فايدة فيكي مصره تعصبيني، لاول واخر مره يا رئيسة تجيبي سيرة مهرة،دي ستك وهي دلوج في حكم مرتي فاهمه
حذاري حذاري يا بت ود تتحدتي عنيها تاني مهما حوصل،
واجولك حاجه مريدش منيكي حاجه، وهملك وامشي
امسكت به بقوة وضمته الي صدرها وقالت برجاء:
خلاص يا سيدى حرمت اوعدك مجيبش سيرتها تاني، وهي ستي وتاج راسي كمان بس ارضي انت عني
سرق ابتسامة حانية وعاد وارح جسده علي فراشها الخشن وترك لها نفسه كما اعتادت ،
وسبح هو في قبلته الي مهرة التي انعشت قلبه وتذكر اول يوم وقعت عيناه فيها علي مهرة التي سرقت قلبه وهزت كيانه وجعلته اسيرها وعشيق هواها ،
كان يوم خروجه من الاصلاحية وعودته الي البلد لكي يكمل انتقامه ممن غدرو بامه وتسببو في موتها حرقًا
ما ان وصل للبلد تلقي رصاصة اخترقت كتفه الايسر، بعيده عن قلبه بسنتيمتر، فتاكد ان من يسعي للأنتقام منهم دبرو لقتله تحامل علي نفسه واكمل طريقة بكل قوة كانه لم يصاب
وقصد مكان القاتل وجذبه بندقيته وامسكه من تلاليبه وساله:
مين اللي كراك عليا يا واد المحروج انطج
حاول الراجل ان يهرب من بين براثن يده القابضة عليه بقوة وعندما يأس وتاكد انه هالك لا محالة اقر واعترف قائلًا:
الحج بدران هو اللي كراني عليك، انا مليش عداوة معاك واصل ارحمني وسامحني يا فراس انا عبد المأمور
غامت عيناه بسخرية وقال:
ارحمك كيف ومحدش رحم اماي ولا بوى ولا انت رحمتني لما كنت رايد تجتلني غدر وطخيتني بالنار ومفيش بينا عداوة
وجره من رقبته امام البلد كلها حتي وصل الي بيت بدران ونادي عليه بقوة حتي خرج وقال له بحقد وغضب:
مش هتهرب من اجلك اللي كتبته ليك غير بموتي يا بدران
وانا جدامك اهوه لو تجدر رد عليا رصاصتك اللي كريت عليا
فتوح يجتلني، بس الاول انقذه من يدي وانا بفرفط روحه نفس نفس جدامك
وضغط بيده علي رقبته بقوة حتي زهق روحه امام بدران ورجاله الذي جرو من حوله خوفًا من انتقامه وبطشه بهم
القي فراس جثة فتوح امام داره وقال:
ابجي جول للحكومة مين جتله لو تجدر، ، اما انت يا بدران من اليوم وطالع لو لمحتك خارج دارك هفرفط روحك كي ما عملت مع اجيرك اللي كريته لجتلي
وامسكه من جلبابة وشده الي امام وجهه بغل وقال:
لو رايد عذابك ينتهي وارحمك بموته سريعه غير موت العمدة او شيخ الغفر، جولي فين الاجي المجرم منصور بيه،
ارتجف بدران بين يداه مثل الفأر المذعور وقال:
مخبرش ليه طريق العمدة عبد الرازق هو اللي كان بيتعامل معاه، انا كنت مجرد ضيف بيناتهم وهو اللي رتب لأمايتك الفخ ليلة موتها،صدقني ما كنت اعرف باللي هيعمله فيها
كان حديثه عن امه سبب لثورة غضبه فبكل قوته اخذ يضربه بقوة وعنف الي ان تشوه وجهه واصبح غير واضح الملامح من كثرة الدم الذي اغرقه والقاه علي جثة القاتل بغل غير عابئ بما سيحدث لاحقًا وتركه ومشي
بعد أن تركه بدأ يشعر بالم الرصاصة الساكنه في كتفه وجسده اصابته الحمي،فا خذ يجر جسده المنهك بصعوبة وفجاة خارت قواه وسط غيطان القصب، وعند الصباح فتح عيناه علي عيون بريئة تنظر اليه وتقول لها بتلقائية:
انت بخير يا.....؟
.
