رواية الجوكر والأسطورة
الفصل الرابع 4 والخامس 5
بقلم أية محمد
جلس لجوارها بعدما حرر أزاز جاكيته الأسود المميز، ليبتسم على عكس عادته! _وأنتِ كمان وحشتيني...
تطلعت له "نجلاء" بحزن_لو كنت وحشتك زي ما بتقول كنت على الأقل رفعت سماعة التلفون وإتطمنت على أمك يا "فريد"..
رفع عيناه بنطراتٍ قاتمة قائلاً بتشديد على كلماته _"رحيم" إسمي" رحيم"..
تحاولت ملامح وجهها للحزن الشديد فحاولت التحكم بذاتها حتى لا تفسد اللحظات الأسبوعية التي تجمعها به فقالت كمحاولة لتغير الحديث_مفيش أخبار عن"فاتن" و" أشجان"...
إنقلبت ملامحه للحزن الذي يظهر ولأول مرة على وجه" رحيم زيدان" نعم لأجل من سكنت القلب ووجدان الروح فقال بصوتٍ فشل بكبت أحزان نغماته _سنين وأنا قالب الدنيا عليها كأن الارض إنشقت وبلعتها...
رفعت يدها على كتفيه كمحاولة لتخفيف أحزانه _معلش يا حبيبي مصيرك هتلاقيها، هي سابت السكن اللي كنا فيه بعد دخولك السجن من غير ما تقولي كانت حاسه بالذنب كمان الناس مسبهمش في حالهم..
رفع عيناه على يدها التي تحاوط كتفيه كمحاولة لبث الطمأنينه له لتتهجم ملامحه سريعاً ليعود لثباته المميت فلاطالما كان قوياً ولم يظهر ضعفه قط حتى لوالدته!!، يرى أن يقتل ذاته على أن يرأه أحداً ضعيفاً، سحب يدها لينهض من جوارها، فجذب علب السجائر من جيب جاكيته لينفثها ببطء غير عابأ بنظرات صدمتها، كبتت شهقاتها بصعوبة لتصرخ بجنون _أنت بتدخن يا "فريد"، وقدااامي كمان!..
إستدار ليقف أمام عيناها ببسمة برود_الجبان اللي بيعمل الخطأ بينه وبين نفسه..
إزدادت صدماتها فكأنما يتعمد تحطيم أفضل القيم التي زراعتها به فصرخت ببكاء_أنت أيه اللي غيرك بالشكل دااا بقيت واحد أنا معرفوش مش إبني اللي ربيته وتعبت عشانه!..
إبتسم بسخرية_قصدك الأبن الغير شرعي...
رمقته بنظرة حادة لتصرخ به بصوتٍ متقطع _مش صحيح أنا و"طلعت" متجوزيين رسمي وعند محامي...
إعجابها بنفس ذات البرود_بدون علم العيلة تبقى بنفس المسمى...
وقفت أمام عيناه لتجذبه من قميصه بغضب_أنت مستحيل تكون إبني مستحيييل تكون "فريد" اللي تراب الأرض بيحبه..
تأملها بعين يسودها النظرات القاتمة فأبتسم بسخرية_وأنا اللي خاليت طوب الأرض دا يكرهني ويعملي ألف حساب...
تحررت يدها بخوفاً من الحالة التي وصل أليها إبنها اقترب منها خطوة مستكملاً حديثه بلهجته الشياطنية_أنا اللي كل أملاك عيلة"زيدان" بقيت تحت رجلي وبقوا بالنسبالي عبيد...
_أنا اللي الشيطان بيتعلم مني قبل ما يخطي خطوة بكون سابقه بعشر خطوات...
_أنا "رحيم زيدان" مجرد نطق الأسم كامل نار بتحرق للي نطقه
_أنا اللي هدمر مملكة "زيدان" وهندم الكل سواء كان واقف معايا أو ضدي...
_أنا اللي هخليهم يكرهوا اليوم اللي دخلت فيه القصر دا وبالأخص "مراد زيدان"..
_أنا الحاقد على أي علاقة حب ومستعد أدمرها طول مأنا مش قادر أوصل الروحي معاها ومستعد أدمرها لو لقيتها في يوم من الأيام وكانت إرتبطت بحد غيري أو بتفكر ترتبط...
تراجعت للخلف بصدمة ودموع متحجرة لتشير لباب الشقة الفاخرة_أخرج من هنا ومترجعش تاني أنا عمري ما هكون أمك أبداً أنا إبني مات في اللحظة اللي دخل فيها السجن القذر دا...
إبتسم بسخرية_إبنك معتش موجود..
ثم بصوت يحمل أوجاع عالم بأكمله قال _مات بس بدل المرة ألف، مات مرة وهو بيحاول يدافع عن نفسه وسط وحوش ميعرفوش يعني أيه إنسانية كانوا بيحاولوا ينتهكوا رجولته.
كبتت شهقاتها بصعوبة فأبتسم ليكمل بنفس ذات السخرية_ومات ألف مرة وهو بيدعي أن الليل ميدخلش عشان ميقضهوش في طلب الرحمة أو الذل عشان الأشكال القدرة اللي مسجون معاهم يتطاولوا عليه...
جلست على المقعد كالجثه الهامدة ليكمل دون توقف _مات لما ملقاش مكنة تصرف عملة الأخلاق والشهامة جوا السجن القذر دا...
ثم أقترب منها ودموعها أوشكت على التجلط_تحبي تشوفي تذكارات إبنك الغالية..
لم تفهم كلماته الا حينما خلع قميصه لتصرخ ألماً من بشاعة ما رأته لتصرخ ألماً ويتعالى بكائها بجنون فأقتربت منه تحاول إحتضانه بألم يصعب وصفه_يا حبيبي ...
تراجع للخلف منعاً إياها من أن تحتضنه ليكمل بنفس الجبروت_لازم تكوني أقوى من كدا رحلة إبنك منتهتش بالسجن وبس رحلة إبنك استمرت طول ما كان في قصر "طلعت زيدان" وسامع بودنه نفورهم منه وكلامهم بالسوء عنك وعن أخلاقك، أغلبهم قال إنه مش متجوز أنك واحدة شمال قضى معاها كام يوم فحملت منه...
جلست أرضاً بصدمه ودموع ليكمل ببسمة ألم _صرخت وأنا بحاول ادافع عنك بس انا نفسي كنت بتحارب من كل إتجاه لحد ما قررت ابقى الأسوء بينهم، أقص لسان اي حقير إتكلم عني بالسوء ومش بس كدا حالياً لازم يمجدوني...
لم تعد قادرة على سماع المزيد ولكنه لم يتوقف أكمل وأكمل كأن صوته كبت دهور من الأزمان_تعرفي "طلعت زيدان" عمل أيه عشان أقبل أعمل عملية تجميل أداري بيها التشوهات دي...
رفعت رأسها إليه بدموع فأكمل ببسمة شيطانية _سبب رفضي بسيط جداً أني حابب شخصيتي الجديدة ومكانتي، أخاف أنسى اللي اتعرضتله فأرجع "فريد" الساذج اللي عايش عشان يحب غيره ويخدمهم على كفوف الراحة ودا مستحيل يحصل..
بكت شفقة على ما مر به إبنها الوحيد فقال بغرور_لا وبعد كل دا يموت إبنه اللي لسه مدخلش الكلية الحربية وأجي أنا أكون بداله وأرجع المكان القذر دا بس وأنا قوي وبرتبة أقوى وأخد حقي من واحد واحد ودلوقتي جيه دور عيلة "زيدان"...
وإنحنى ليجذب قميصه ثم ارتداه على جسده القوى امنحني بالعضلات الصلبة كحال قلبه ليرتدي نظاراته السوداء القاتمة متوجهاً للخروج لتلحق به قائلة بصوت متقطع من البكاء_متقساش على أخواتك البنات يا "فريد" دول من لحمك ودمك..
إبتسم بسخرية قبل أن يغلق الباب خلفه بقوة لتسقط أرضاً ببكاء لا مثيل له...
****************
بقصر الجوكر..
وقف أمامهم بنظراته المتهجمة الذي يطوفها الصمت، إزداد فضولهم لمعرفة سبب التجمع المجهول، خرج الجوكر عن صمته أخيراً قائلاً بعينان تنبعان الثبات_من النهاردة هتكونوا الحرس الخاص للمدام وطبعاً مش مضطر أنبهكم بتعليمات حمايتها..
أسرع أحدهما بالحديث_متقلقش يا باشا عيونا على الهانم محدش هيقرب منها..
أشار له ببسمة رضا، أما بالأعلى..
كانت تجلس أمام الشرفة بحزن يسيطر عليها، بداخلها عواصف متناقضة، خوفاً من القادم ومن حاضرها بعيشها بمثل هذا المكان الذي ظنت بأنه سيكون معتقل أخر لها مثلما كانت بمنزل والدها فكانت لا تفارقه خوفاً من أن يتعرضون لها مجدداً وخاصة بعد قتلهم لأكثر من حارس شخصي يحرسها إلى أن طلب منها والدها بعدم مغادرة المنزل وترك الجامعة من أجل البقاء حياً، قطع شرودها دقات ثابتة على باب غرفتها فرفعت حجابها تخفي خصلات شعرها الحريري، ولجت مدبرة القصر ببسمتها العملية _مساء الخير يا "حنين" هانم...
نهضت عن فراشها ببسمة هادئة يكسوها الطيبة _مساء النور...
إقتربت منها قائلة بثبات_"مراد" بيه بيبلغ حضرتك أن في عربية تحت بأنتظارك عشان توصل حضرتك للجامعة...
فتحت عيناها على مصراعيها بصدمة_الجامعة!....
أشارت لها بتأكيد فطافت عيناها غيمة من الفرحة والأستغراب مما يحدث ولكنه حقق ما كانت تريد، أسرعت للخزانة الخاصة بها فجذبت ثيابها بسرعة لا مثيل لها والفرحة تحاوطها دون توقف، أحكمت حجابها على شعرها بحرفية فكانت جميلة للغاية، إستدارت لتغادر الغرفة بصحبتها فتفاجئت بها تخرج أحد البطاقات من جيبها قائلة بهدوء _"مراد" بيه قالي أعطيها لحضرتك وبيبلغك أن حضرتك تستعمليها من النهاردة.
أشارت لها بأستغراب_بس انا معايا فلوسي الخاصة رجعهاله.
كادت بالمغادرة ولكنها إستدرات لها ببسمة هادئة _أنا حبيت حضرتك جداً على غير عاداتنا أننا نتعلق بحد هنا بس أنا فعلاً حبيتك اوي...
إبتسمت "حنين" بفرحة_ربنا أعلم بالقلوب أنا إستريحتلك جداً وحبيتك والله...
أجابتها "عفاف" ببسمة هادئة_يبقي تسمعي نصحيتي..
أنصاحت لها بأهتمام فأسترسلت حديثها بجدية_متعارضيش أي قرار يأخده الجوكر حتى لو عندك ألف مبرر لأن غضبه مش بيسمحله بيسمع تبريرات.
إزدردت ريقها الجاف بصعوبة بعدما تمكن منها الخوف على أثر كلماتها فرفعت يدها المرتجفة لتجذب بطاقته ثم لحقت بها للأسفل بهدوء لتعد لجامعتها التي إشتاقت للعودة إليها فبعدما تركت جامعتها بالقاهرة توجهت للأمريكا لتستكمل دراستها وهرباً من مقتلهم ولكن لم يجدي الأمر نفعاً، جلست بالسيارة تترقب الحرس من حولها بشرود بكلمات "عفاف" فيبدو أن زوجها المزعوم ذو مركز ومكانة مرموقة بعيداً عن مرتبته بالشرطة فيبدو لها بأنه ذو سلطة أعظم من والدها!!....
******************.
كان يعمل بأحد الورش الخاصة بالخشب، فلم يستمع لصوت هاتفه من شدة الصوت، مرت الساعات إلى أن دقت بموعد الاستراحة؛ فجلس "يوسف" على أحد المقاعد بتعب ثم أخرج هاتفه ليتفاجئ بعدد لا بأس به من رنين رقم مجهول فطلبه بقلق...
حطمها الأحباط بسماع صوته فوضعت الهاتف على طاولة المطعم بحزن لينير بعد دقائق معدودة برقمه فرفعته لتستمع بصوته العميق_أيوا، مين معايا؟..
أغلقت عيناها بأشتياق يكفي عالم بأكمله فكأن صوته منحها أجنحة لتعود للتحليق مجدداً بعدما قصت أجنحتها عنوة، كبتت شهقاتها بدمعة الشوق له فكرر سؤاله مجددًا فخشيت بأن يغلق لذا أسرعت بالرد_أنا "نغم" يا "يوسف".
كانت كلحظة هطول المطر المفاجأ فردد إسمها بأنين_"نغم"!..
كاد بأن يغلق الهاتف لتسرع ببكاء_أرجوك متقفلش أنا محتاجالك أوي، أرجوك يا" يوسف" تسمعني بس لو لدقايق أنا إتعذبت أوي لحد ما عرفت أوصلك..
قال بجفاء جعلها تحبط من فكرة مسامحتها _عايزة تقولي أيه أنا سامعك..
قالت بدموع_مش هينفع بالتلفون لو ممكن بس نتقابل والله ما هعطلك هما ١٠دقايق بس انا موجودة بالمكان اللي كنا بنخرج فيه دايماً..
أجابها بسخرية محفورة بالألم _هشوف لو وقتي يسمح.
أغلقت عيناها بقوة حينما ذكرها بلهجتها وبنفس كلماتها حينما ترجاها بأن يلتقي بها أخر مرة فقالت بلهجة أخافته _وأنا هستناك حتى ولو بعد ميت سنة.
وأغلقت هاتفها لتعود لنوبة بكائها من جديد أما هو فتطلع لهاتفه بأستغراب من لهجتها فأسرع ليبدل ثيابه ثم إستأذن بالأنصراف...
**************
بغرفة "ريم"..
ظلت بغرفتها بخوف من أن تلتقي به فيرى ما إرتكبته بعينها!! ...
خرجت لشرفتها تستنشق الهواء العليل بأنفاساً مكبوتة وعينان أصابتها الأرق، لم ترى من يتأملها بأعين يشوبها العشق والعزيمة لأنتشالها من بؤرة الخوف الذي ستسقط ضحيته لا محالة، همس "سليم" بغموض وعيناه تراقب كل حركة ولو صغيرة صادرة عنها _هتتعبي شوية وهتتعذبي بس بعدها هتكوني واحدة تانية يا "ريم"، هتهزمي خوفك وهتعلني جوازنا أدام الكل وأولهم "رحيم زيدان"... وإبتسم بثقة من الخطط التي دبرها ليكسر حاجز خوفها، جابت شرفتها ذهاباً وإياباً إلى أن إستمعت لصوت هاتفها فأخرجه من جيب بجامتها لتبتسم بتلقائية حينما وجدته يلمع بأسمه لتجيبه بعدما تفحصت الطرقات ليبتسم بسخرية محاولاً التحكم بذاته_الأبيض هيأكل منك حتة...
رفعت عيناها تلقائياً على باب شرفته لتجده يقف أمامها بطالته الساحرة مرتدياً قميصاً أبيض اللون منفتح على مصراعيه دون أن يغلق أزاره، تحاست النظر إليه بوجهاً يكسوه حمرة الخجل القاتمة فأبتسم بعدم تصديق على تلك الفتاة التي ستقوده للجنون حتماً على تصرفاتها العذرية كأنها ترى ما بالحياة لأول مرة!..
قال بتسلية_الأوضة حر فقررتي تباتي على ألتراس؟..
أجابته بأرتباك_مش بالظبط...
إبتسم بخبث _أخدتي بالك أنك واقف بره أنا كمان فخرجتي مثلاً..
رفعت عيناها إليه بتوتر _لا....
تعمد أن يغمز لها بعيناه _أممم طيب على الأقل عرفيني أني متراقب حتى أقف محتشم بدل مأنا متراقب كدا...
وأغلق أزار قميصه بمكر حينما رأي غضبها يشتعل لتصرخ به دون كذب_منزلتش من أوضتي عشان خايفة أشوف "رحيم" فيعرف باللي عملته إرتحت كدا؟..
إبتسم بتسلية_جداً وهرتاح أكتر لما تنزلي تقابليني وحالا..
جحظت عيناها بصدمة فكاد بأن ينفجر ضاحكاً ولكنه بقى ثابت للغاية، قالت بصدمة_أقابلك فييين ورحيم تحت!!..
أجابها بدون إكتثار_ميهمنيش ولا أجيلك أنا..
أشارت له بجنون فهي تعلم بأنه سيتمكن من فعلها _لااا هتصرف..
وأغلقت الهاتف لترمقه بنظرة غاضبة قبل أن تدلف لغرفتها لتفكر في حل لهذة الكارثة...
***************
بحث عنها بطرف عيناه فوجدها تجلس على الطاولة التي كانت ملاذ حبهم لفترة من الوقت، كبت ألمه ليستكمل طريقه ليقف أمامها فقال دون النظر إليها _خير...
قطع صوته جحيم موتها فخلعت نظاراتها السوداء ثم نهضت لتقف أمامه قائلة بفرحة يكسوها الدمع_"يوسف"!...
إنقبض قلبه حينما رأى أثر الضرب الذي يكتسح معالم وجهها فقال بلهفة فشل بأخفائها _ايه اللي في وشك دا؟!..
لم تستمع لكلماته فكانت تتأمل ملامح وجهه بتركيز كأنها تطلع صورة لملامحه علي جدران
القلب المجنون، إنتبه لنظراتها فتأملها بهدوء ليقرأ ترتيل الأشتياق تحفر بعينها فهمس بضعف ومازال يقف أمامها _لسه عايزة أيه تاني يا "نغم"؟
سقطت دمعاتها بألم لتقول ببسمة مخيفة_جاية أعرفك إجابة السؤال اللي حايرك.
ضيق عيناه بعدم فهم_سؤال أيه؟..
أجابته ومازالت عيناها متعلقة بعيناه_سبب تغيري بالفترة الأخيرة وليه بعدت عنك..
عاد الألم لمخالبه فقال بثبات _بس انا ميهمنيش ولو جايباني هنا النهاردة عشان كدا فأنا مش فاضي ورايا شغل.
وأستدار ليغادر لتتمسك بذراعيه ببكاء حارق _لا متمشيش يا "يوسف" عشان خاطري...
تحطم قلبه فلم يعد يشعر به، من تلك الفتاة الهزيلة فحبيبته قوية حادة الطباع، أنصاع لها فجلس أمامها قائلاً بلهفة _أنتِ كويسة؟..
أشارت له بلا ثم تعالى بكائها لتقول بصعوبة بالحديث_صدقني يا "يوسف" أنا محبتش ولا هحب حد زيك..
تابعها بأهتمام _طب ليه جرحتيني كدا؟..
أسرعت بالحديث_عشان خايفة عليك..
_من أيه؟..
قالها بحدة فقالت ببكاء حارق_من "رحيم زيدان"..
ضيق عيناه بأستغراب_مين دا؟!
أجابته ببسمة ساخرة_المفروض انه أخويا..
تطلع لها بذهول فشرعت بقص ما يحدث معهم بأيجاز لتتبدل ملامحه للغضب فقال بعدم تصديق_طيب وحاولتوش تعرفوا عن الشخص دا حاجة إسمه أو أي حاجه..
إجابته بدموع_لا بابا مسمحش لحد أنه يتدخل في اللي ميخصهوش كل اللي احنا واثقين فيه أنه أبنه يعني في الاخر أخونا. .
احتل الحزن ملامحه ولكنه لم يتمكن من كبت فضوله فقال بأستغراب_بس انتوا ليه عايشين معاه هنا وسايبن "مراد" دا!..
قالت بألم لتذكر أخيها_أحنا متحطناش في إختيار عشان نختار "مراد" عارض بابا على إنتحال إبنه دا لشخصية "رحيم" وطلب منه أنه يغير إسمه ويعلن وفأة أخوه للكل بس هو رافض وبالتالي "مراد" كان ضدهم الاتنين فمقدرش يكون معاهم بمكان واحد عشان كدا ساب القصر من سنين طويلة من قبل وفأة بابا الله يرحمه ومن وقتها وهو مش بيظهر كل اللي نعرفه عنه عن طريق أنكل "عباس" المحامي دا....
إستمع لها بقلبٍ ممزق فقوتها نجحت بأخفاء همومها، تطلع لها مطولاً ثم جاهد ليقول بهدوء _ورحيم دا ممكن يعارض جوازنا؟..
رفعت عيناها إليه بصدمة لسماعها كلماته الأخيرة فقالت بصعوبة بالحديث_جوازنا؟..
إبتسم وقد تشكل عشقها بين دفوف الهمسات_لو معندكيش مانع.
أجابته سريعاً _موافقة طبعاً..
إبتسم بمرح_طيب أتقلي شوية أو أي بكش كدا.
تطلعت له بهيام_مش مستعدة أتقل عليك وأفقدك مرة تانيه..
إبتسم بشرود وهو يتأمل نبع عيناها الزرقاء ليقول بجدية لا تضاهيها ثبات_فكري كويس يا "نغم" أنا مش هقدر أعيشك بربع المستوى اللي أنتِ عايشاه وأ...
قطعت كلماته ببسمة ساحرة_انت أغلى من أي مستوى ممكن اعيشه وحبك بالنسبالي ثروة ملهاش تمن، أنا حبيتك لرجولتك وشهامتك اللي متتقدرش بالمال يا "يوسف".
إبتلع ريقه بصعوبة ليردد بهمساً ساخر_يالهوي على "يوسف" واللي هيجراله على إيدك.
كبتت ضحكاتها بصعوبة فأبتسم بعشق وهو يتابع نظراتها...
****************
بقصر "رحيم زيدان"...
كان يجلس بمكتب القصر مستنداً برأسه على مقعده الضخم المخيف، عيناه مغلقة بأسترخاء غريب، معالم وجهها تبدو انها ترى ذكريات تعشقها فبينهم ألفة أعوام!....
##
وقفت تترقب الدرج بضيق إلى أن رأته يصعد للأعلى فأسرعت إليه ببسمتها الفتاكة_"فريد"...
رفع عيناه بأستغراب لسماع صوتها بمثل هذا الوقت فقال بذهول_واقفة كدليه يا" شجن" المغرب أذن أدخلي أفطري..
أجابته بدمعة فتكت بما تبقى بقلبه _أنت أتاخرت كدليه قلقتني عليك..
أجابها بتعب_كان عندنا عربية صاحبها مستعجل عليها فقولنا ننجز فيها قبل أجازة العيد...
أشارت له بغضب فأشار لها ببسمة هادئة_ممكن أصالحك بس بعد الفطار لأني ميت من العطش والجوع..
صعدت الدرج لتجذب الصنية الصغيرة ليجدها تحمل كوباً من العصير وبعض الطعام الذي يكفي بالغرض، تناول العصير ليروي ظمأه ثم جلس على الدرج لجوارها يلتهم ما تقدمه له ببسمة هادئة ليتمتم بخفوت وعيناه على باب شقة والدته_نوجا لو قفشتنا هتعلقني مش بعيد تخليني أغسلها المواعين عقاب للأكل اللي عملته. .
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق_أنت بتغسل المواعين...
أجابها ببسمة مكر_ليكي عليا يا ستي لما نكبر ونتجوز لما تتعبي هنضفلك الشقة كلها مش مواعين بس اشطا كدا...
جذبت الكوب الذي شرب منه لترتشف العصير بتلذذ_أشطا اوي..
تعالت ضحكاته حتى كاد بأن يختنق حينما توقف الطعام بحلقه لتشارك البسمة بسعادة..
##
فتح عيناه الساكنة بمخمل الليل بسكونه حينما يغفل عدد مهول من البشر هتعمه السكينة، عينان من يرأهم يقسم بأنها خارج سيطرة الشيطان، كأنها تعويذة سحرية تتحكم بغضبه فتربطه بمشاعر لا فيض لها، كأنها نسمة عليلة تنعش قلبٍ دفن منذ سنوات أسفل طبقة مهولة من الغبار والأتربة فأتت هي لتزيحهما ببطء، همس من بين جوارحه ورغبات مشاعره الجياشة_وحشتيني يا "شجن".....
كأنه يتعمد لفظ إسمها بترتيل خاص محبب إليه، قطع بحور ذكرياته أعلان هاتفه بأستلام عدة رسائل على رقمه الخاص فرفعه ليبتسم بمكر حينما رأي رسالة من "جان" تنص على موافقته على شروطه أما الرسالة الأخرى فبددت غضبه المهلك حينما رأها تجلس بصحبة ذلك الشاب فأرسل له رجاله صوراً تفصيلية عن المقابلة التي تمت بين "يوسف" و"نغم" فأزداد غضبه أضعافاً مضاعفة حينما رأي صوراً لها وهي تتمسك بذراعيه ببكاء ليقرأ بعينيه عشقها المتربع بعينها فتذكر تحذيره لها من قبل حينما علم بأمرهم أم الأن فقد دقت الدفوف لحرباً لا نهاية لها ليرفع هاتفه ويطلب صاحب الرسالة قائلاً بأعين كاللهيب_عايز كل المعلومات عن الكلب داا في ظرف ساعتين فاهم...
وأغلق هاتفه دون أن يستمع للرد.
**************
وقفت "فاطمة" أمام منزله بأرتباك فحديث صديقتها أستحوذ على عقلها ولكن لا تمتلك الجرأة لأخبره به، حمدت الله أنها لم تقم بضرب جرس الفيلا فأستدرات لتغادر سريعاً ولكن يا للحظ فأذا به يقف خلفها، تطلع لها "يامن" بأستغراب_"فاطمة"!!، بتعملي أيه هنا؟....
فركت يدها بأرتباك_كنت جاية ليك.
تطلع لها بصدمة _ليا أنا!..
أشارت له بخجل ثم قالت بحرج_بس لو ممكن نتكلم في مكان عام أفضل...
أشار لها بتفهم ثم قال _في كافية هنا جانب الفيلا إركبي...
قالت بهدوء _معايا عربيتي بالسواق هحصلك..
إكتفي بأشارة بسيطة لها ثم صعد لسيارته سريعاً...
*************
أعدت "كوثر" الحقائب إستعداداً للرحيل بالسيارة المجهزة بالأسفل الذي بعثها "رحيم" على الفور من إستلام رسالته لنقلها للطائرة، على جوارها بمسافة ليس ببعيدة كان يراقبها وهي تحزم أغراضها، إقترب منها ثم إنحنى ليكون مقابل عيناها مستغلاً إنشغال "كوثر" بحزم الأغراض، طبع قبلة حانية على أصابع يدها ثم رفع يديه يمررها علي وجهها ليغلق عيناه بألم يعصف بعيننه الرمادية ليهوى الدمع من عيناه ليقول بلهجة تخرج لأول مرة _عشت عمري كله بالطول وبالعرض، عرفت ستات بعدد شعر رأسي بس عمري ما اتمنيت حد غيرك يا "سلمي"، أنتِ قدرتي تلمسي روحي وكياني، خلتيني شخص انا نفسي إستغربت أنه كان موجود!!...
غيرتيني للأفضل خلتيني مشفش ست غيرك أنتِ، خاليكِ على ثقة أني مقربتش لست من يوم مأنتِ دخلتِ حياتي.
ثم إبتسم بسخرية_كتير كنت بخاف أن علاقاتي تأثر على علاقتي بيكِ، كنت بدعي أنك تفضلي معايا لأخر أنفاسي، مكنتش اعرف أني هتسببلك بألم جسدي كبير كدا...
جذب حجابها المنسدل خلف رأسها ليعدله على شعرها حتي اخفاه تماماً قائلاً بألم بعدما طبع قبلة على رأسها ممزوجة بالدموع_غصب عني يا روحي، كنت أتمنى مكنش عاجز في يوم من الأيام بس انا حقيقي عاجز مقدرتش أكون على الأقل جانبك، بس انا واثق أنك هترجعيلي تاني وأفضل من الاول...
وهمس بألم مميت_مش عارف هقدر أستحمل أزاي الأيام دي؟....
ثم جلس بجوارها أرضاً يهمس بضعف_أول مرة أحس أني ضعيف بالشكل دا...
جففت "كوثر" دمعاتها حينما إقتربت منهم، إنتبه لوجودها فرفع عيناه إليها برجاء _أنا مش هوصيكي عليها عشان عارف أنها زي بنتك بس أرجوكي متسبهاش لحظة ولو ربنا حقق أمنيتي ورجعت وقفت على رجلها من تاني قوليها "جان" متخلاش عنك أبداً، عرفيها أد أيه أنا حبتها وهحبها لحد أخر يوم بعمري..
جففت دمعاتها قائلة بمجاهدة للحديث _هي حاسة بيك يا حبيبي حاسة وسامعة..
تطلع لسلمى ببسمة هادئة_أتمنى..
جذبتها برفق_هنتأخر كدا..
شدد بيديه بقوة على المقعد المعدني كأن أحداً ينتزع روحه منه فرفع عيناه على كوثر برجاء_دقيقة بس.
قالت ببكاء وهي تتباعد عنه _خد راحتك يا حبيبي.
تأملها بنظرة مطولة ثم إحتضانها بجنون هامساً بدمع يمتزج مع صوته الرجولي _اللحظة اللي أتخليت فيها عن كبريائي كان علشانك أنتِ ومش ندمان بالعكس لو طولت أعمل أكتر من كدا عشانك مش هتأخر يا روحي...
ثم أخرج هاتفه ليلتقط لها عدد من الصور قائلاً بثبات تحلى به بعدما أزاح دموعه_أنتِ هتقاومي وهترجعيلي مقدمكيش حل تاني فاهمه.
ثم أشار لكوثر فأقتربت لتسحب المقعد للخارج فسقط أرضاً بعدما خرجت من الغرفة، سقط كأن قلبه إنشطر لألأف من الشظايا المنكسرة، ضعف، إنكسار يشهدهما لأول مرة ربما لو لحق بها لرأي الدمعة التي تهوى على وجهها ليعلم الأن بأنها تشعر به وتنصت إليه!!!!!...
****************.
بالمطعم...
بقى هادئاً للغاية فقالت بأستغراب_ساكت ليه؟..
أجابها بذهول_والمفروض أعمل أيه؟
قالت برجاد_تساعدني.
صاح "يامن" بسخرية_أساعدك أنك تدمري نفسك؟...
أجابته دون مبالة_بس كدا هيعرف غلطه وهيندم.
_وبعدين؟..
قالها "يامن" بسخرية لتكمل هي بدموع_لازم يعرف الحقيقة..
صاح بغضب _بس كدا أنتِ بتكسري نفسك وأنا مش هسمحلك بدا..
قالت "فاطمة" بغضب وهي تجذب حقيبتها إستعداداً للمغادرة_قول بقى أنك مش عايز تساعدني.
لحق بها سريعاً ليركل باب السيارة بغضب قبل أن تدلف إليها _دي مش مساعدة دا غباء مالوش أخر وأنا من واجبي كاقرب صديق لأخوكي أني أنبهك...
_طب وكأخ وصديق ليا؟.
قالتها بدموع ليبتلع باقي كلماته بضيق فأخذ يزفر بغضب وهو يشدد على خصلات شعره الطويل حتى أستعاد إتزانه فاستدار ليكون مقابلها _أوكي يا فاطمة هطلبك من "جان" في أقرب وقت.
إبتسمت بسعادة لتحقق هدفها للانتقام من من ظنت بأنه معشوقها ولكن ترى ماذا ستكتسب برحلة الأنتقام؟؟! .
************
بقصر "رحيم زيدان"....
عصف غضبه أرجائه فكان كالجحيم الأحمر،صعدت "نغم" لغرفتها فولجت لتشعل الضوء فشهقت فزعاً حينما رأته يجلس على المقعد الذي يتوسط غرفتها بنظرات تكاد تكون شبيهة بالموت!!! ....
ترى هل من مطاف لأنشودات الأنتقام والعشق، ترى هل ستنال القلوب راحة أردتها بشدة أم ستطول رحلة المعانأة؟؟!!!!. .
5
إرتعدت أواصرها حينما رأته يجلس بمنتصف غرفتها بملامح تعرفها جيداً، إبتلعت ريقها بخوفاً شديد ولكن سرعان ما تحلت بالقوة لتقف أمامه بثبات، نهض عن مقعده بحضوره الطاغي المخيف لتتعال صوت خطاه المتزن كأنه يخطو بمسافات متساوية، وقف أمامها واضعاً يديه بجيب بنطاله تحدجها نظراته بثبات وصمت يغلف ملامحه الثابتة ليقطعه بكلماته المحدودة_الهانم كانت فين؟...
أجابته بثبات غير عابئة لخوفها الذي يزلزل قلبها فيكاد يحطم حواجزه_الجامعة...
رفع يديه يحك طرف أنفه بسخرية_أممم...
إرتعبت من هدوئه الغير معتاد وبالفعل أخره عاصفة لا توصف، جذبها بقوة من حجابها لتصرخ بفزع، أخرج يديه من جيب بنطاله ليخرج هاتفه ثم فتحه ببرود غير عابئ بصراخها ولا بمحاولاتها المستميتة لتحرير ذاتها، جذب رسائل الواتساب ليخرج لها عدد من الصور ليسلطهم بعيناها قائلاً بسخرية قاتلة_وهي الجامعة برضو بقيت بمطعم خارجي ومع شباب..
حاولت تحرير ذاتها فقالت بصراخ_أنت بتراقبني..
تعالت بسمته الشيطانية لينخفض لمستواها هامساً بكلمات صدها ببطء عن تعمد لأثارة خوفها_قولتلك قبل كدا النفس اللي داخل بعرف هيخرج أمته..
ضغطت على كف يديه المشددة على خصلات شعرها بألم _بنحب بعض وهنتجوز..
ضيق عيناه بسخرية_أنتِ بتبلغيني قرارك ولا بتأخدي رأيي..
صرخت بألم_مش هتجوز غيره بموافقتك أو من غيرها..
شدد من ضغطه لتزداد ألماً فخرج صوته الغاضب _دانا أفعصه تحت رجلي قبل ما تفكري تتحديني بيه يا "نغم"...
إرتعدت أواصرها حينما رأت بعيناه لهيب تعرفه جيداً، قطع هذة الوهلات القاسية صوت هاتفها الذي على بالغرفة بأكملها، أبعد عيناه المتعلقة بها في جولة للبحث عنه، جذب حقيبتها المتعلقة بذراعيها ليفتحها بعنف ثم أخرج الهاتف ليجده يلمع بأسم "يوسف" إبتسم بسخرية_جاي لقدره برجليه...
أسرعت إليه بخوف_أنت هتعمل ايه؟..
دفشها بقوة أصاحت بها فسقطت على الفراش، إقترب منها فتراجعت للخلف برعباً ليس له مثيل، رفع قدميه ليستند على حافة الفراش ليحدجها بنظرات كالهلاك، خرج صوته الحاد بتحذير من أصابع يديه_صوتك لو طلع هتحصليه...
كبتت شهقاتها بخوف فراقبت ما يفعله بأهتمام، رفع الهاتف على أذنيه ليأتيه صوت "يوسف" قائلاً بنبرة يغلفها الشوق_حبيت أتطمن أنك وصلتي البيت ...
ضيق معالم وجهه بحدة فقال بغموض_ولما أنت يهمك أمرها كدا مش من الرجولة أنك تيجي تطلبها من أهلها؟!!!..
تعجب للغاية ولكن سرعان ما تبدلت ملامحه للين لتخمينه الأن صاحب الصوت فقال بثبات_لو مرحب بيا بظروفي أكيد هطلبها...
إبتسم "رحيم" على دهائه بالحديث فقال بلهجة يشوبها الخبث_شرفني بكرا مع عيلتك هكون بأنتظارك...
وأغلق الهاتف دون أن يستمع للمزيد، إنقبض قلب "نغم" فهي من ترى ملامح وجهه أمام عيناها فلو رأها "يوسف" لما أنحاز لطلبه، إقتربت منه بلهجة متوسلة_بلاش "يوسف" يا "رحيم" أرجوك..
إستدار ليكون أمام عيناها لترى نظراته القامة التي كرهتها على الدوام، رفع الهاتف الذي بيديه يتأمله بنظرات مخيفة وبصوتٍ هادئ قال_أنتِ اللي أختارتي مصيره للموت...
صرخت ببكاء_لأ... لأ..
أقترب ليقف أمام عيناها قائلاً بحدة_خالفتي كلامي مرتين يا "نغم" ودول عقوبتهم الموت عندي بس انا مش هعمل كدا... هديكي فرصة أخيرة...
إثر الصمت عن تعمد لتتطلع له بأهتمام فأكمل بهدوء ومازالت عيناه تتفحص الهاتف_عقابك أكيد محفوظ بس أنتِ بأيدك تختاري عقابه، يا تحكمي عليه بالموت يا نكتفي بكسر كبريائه...
وحطم الهاتف بيديه لتصرخ فزعاً من أثر كلماته وصدمتها تزداد أضعافاً لرؤيتها للهاتف يتحطم بين يديه كأنه صنع من ورق، تركت العنان لقدماها بالأسترخاء فجلست أرضاً بجسد يرتجف خوفاً على معشوقها، حدجها بنظرة أخيرة ثم توجه للمغادرة قائلاً بحدة_فكري كويس في الأختيارين لأن مفيش تالت ومتفكريش تتصرفي أي تصرف غبي لأنك هتدفعي تمنه غالي اوي.
وأغلق الباب بقوة تاركها تبكي بقهر فكلتا الاختيارات أصعب من الاخر...
***********
بالحديقة الخلفية لقصر "رحيم زيدان"..
وقفت "ريم" تترقب الطريق بأرتباك، رجفة يدها كانت تفشي خوفها المميت مما تفعله، شعرت بحركة جوارها فأستدرات لتجده يقف أمامها بسحره الخاص الذي لا يمتلكه سواه أو ربما هو من يلاحقه فيجعله مميز للغاية "سليم زيدان" القلب النابع بالعشق والوجه الناطق بالقوة، عيناه لا تأبى أحداً ولا تخشى بشراً قط، كالفرس الذي يعلو صهله بجدائله العريقة، من كان يعتقد أن يعشق بالنهاية فتاة يهزمها الخوف فيجعله هشة للغاية!!... ربما يخفى خبثه الماكر لتغيرها لما يريدها أن تكون عليه...
إقتربت منه "ريم" وعيناه على شرفة القصر بأرتباك_اديني نزلت أهو قولي بقى عايزني في أيه؟..
لم تستمع لرده فأستدرات بوجهها لتجده يتأملها بثبات، لم تكن فكرة التطلع له بالحسنة بل كانت خطأ لا تعلم منتهاه، يا ويلتها من عين عاشق أبده العشق بأغلال فجعله متوق لحنين اللقاء وشوقاً لدفء النظرات، تحكم بها وبحركة عيناها فجعلها ساكنة لم ترمش لها جفن، نست من حولها!، نست قوانين "رحيم زيدان" فبقت أسيرته، تتراقب حركاته بأهتمام كأنه يحركها بعروس سحري!!....
كان يفصلها بينها وبينه بضعة خطوات، رفع يديه على وجهها بحنان فأغلقت عيناها بقوة وشعور مريب يحطم عذرية قلبها، جذب يديه بخفة ومعه كانت تتبعه بخطاها حتى أصبحت أمام عيناه، وزع نظراته على معالم وجهها ببطء ليخرج صوته الحامل للهيب من طوفان حارق بالمشاعر الجياشة _أستنيت اللحظة دي من سنين طويلة أوي..
ثم إبتسم بعشق_مش مصدق أن أمنيتي أتحققت وبقيتي ملكي وليا ، يعني أقدر أقف أدام الدنيا كلها وأقول أنك حرم "سليم زيدان".
جف حلقها من شدة الحرارة التي لفحت وجهها فخجلها مميت للغاية، إبتسم وهو يتراقب كل تفصيلة تفعلها أمامه بتوتر وإرتباك بادي له، إستند بجبهته على وجهها ليهمس بصوتٍ يكسوه صبر السنوات_طلبتك عشان أحقق أمنيتي
تطلعت له بعدم فهم فتطلع لعيناها بنظرة غريبة ليختمها بجذبها بقوة لأحضانه حتى كادت بالصراخ من فرط تشديده على ذراعيها، همس ببسمة ساحرة ومازالت ساكنة بأحضانه كأنها تحت تأثير منوم مغناطيسي_لما كنت بشوف دموعك أو خوفك من "رحيم" كان بيبقى نفسي أخدك وأخبيكي جوا حضني عشان أحسسك بالأمان اللي دايماً كنت بوعدك بيه لما تختاريني....
شعرت بأن سعادة العالم تطوف بها، أبعدها عن أحضانه ليجدها تبتسم بفرحة فقبل رأسها بهمس جعلها تذوب_أوعدك أن مفيش خوف هيدخل قلبك من النهارده لأني هشيله من جذوره...
لم تفهم كلماته الغامضة ولكن يكفي تعلق العينان ببعضهم البعض فكان كلقاء خالد من نوعه، ترقبها وهي تصعد الدرج للأعلى بخفة لتعود للقصر بترقب من أن يراها أحداً فغادر حينما ولجت للداخل، إستدار عائداً لقصره فالوقت صار متأخر للغاية، كاد بالولوج لداخل حواجز قصره ليلمح "جان" يجلس بحديقة قصره بحالة لا توحي بأنه على ما يرام، ترقبه "سليم" بأستغراب فكاد بأن يكمل طريقه للأعلى ولكنه لم يتمكن من ذلك، إقترب منه ثم جذب المقعد المقابل له ليجلس عليه بهدوء، إستدار "جان" بعينيه ليجده يجلس أمامه فوضع عيناه أرضاً بحزن، قال "سليم" بهدوء _دا كان إختيارك زعلان ليه بقى؟..
رفع عيناه إليه بألم _فراقها عني عمره ما كان ولا هيكون إختياري، فراقها كان بالاجبار إجبار بفرصة للحياة والموت وأنا أخترت ليها الحياة وكتبت على نفسي الموت البطيء..
تطلع له بألم فهو يعلم جيداً كيف يكون شعور العجز تجاه من أحبها فقال بعد تفكير _إيمانك القوى بأنها هترجع هيفيدك في المرحلة اللي جاية، متطلبش منها تكون قوية وأنت ضعيف..
تطلع له "جان" ببسمة هادئة فقال الأخر بأستغراب _بتبصيلي كدا ليه؟..
أجابه "جان" بهدوء _بحب أسمع كلامك ونصايحك جداً رغم أننا مش بنشوف بعض غير بالشهور وبالأخص بالمرات اللي بكون محتاج فيها لدعم بجد، بلاقيك جانبي.
ثم أكمل بأعجاب_وأكتر حاجه بتخليني مندهش أنك منفرد بنفسك لا مع "رحيم" ولا مع "مراد" رغم أني شايف أن الجوكر على حق
إستند بجذعيه على الطاولة قائلاً بلهجة يداثرها الثبات _"مراد"غلط من البداية لما معترفش" برحيم" كأخ رغم أنه على يقين بأنه أخوه بس فكرة أنه من أم تانية عميته عن حقوقه أما" رحيم" كان بالبداية معاه حق بس ضاع بعد ما إتحول على نسخه أسوء منه عشان ينتقم زي ماهو حابب.
ونهض عن مقعده قائلاً بسخرية ويديه تشير على حواجز القصور_ودا نتيجة العداء اللي بينهم..
وتركه "سليم" وتوجه للمغادرة قائلاً بثبات _تصبح على خير..
صفن "جان" بحديثه فظل بالخارج طويلاً يفكر بصدقته المتينة "بريان" وما حطمها
تعالت ضحكاتهم الرجولية بمرح قطعهم ولوج "خالد" للداخل مشيراً لها بفرحة_واقفة ليه إدخلي..
إنصاعت له وولجت لداخل الشقة فتطلعت لها بفضول، رفع "خالد" يديه ببسمة سعادة_دول بقى يا ستي أصدقائي اللي حكيتلك عنهم.
وأشار على كلا منهم بهدوء _دا" ريان" ودا "جان"...
تعلقت نظراتها بجان فطالته المتناسقة تجذب الأنظار وخاصة نظراته العميقة، قطع وابل الصمت قائلاً بحب يلمع بعيناه لتلك اللعينة_ودي بقى "ريناد" خطيبتي...
رفع "ريان" يديه لها بثبات_أهلاً بيكِ..
أكتفت بأشارة بسيطة له ثم رفعت يديها لجان الذي إبتسم بخبث فقال وعيناه ترمقها بنظرات متفحصة_ذوقك حلو...
يعلم لهجته جيداً لذا لم يعلق سوى ببسمة هادئة لا يعلم بأن كلماته ومظهره الوسيم سيتسبب بحطام قلبه! ، تحاولت نظرات "ريان" للغضب حينما لاحظ نظراته لها فجذبه قائلاً برفق_طب يا جماعة إحنا كنا نازلين خدوا راحتكم.
اوقفه "خالد" بضيق_ليه بس يا ابني دانا عامل حسابكم معانا بالعشا...
أجابه ببسمة ساحرة_هنروح من بعض فين؟....
تعالت ضحكاته بسخرية_علي رأيك ..
وتطلع لجان ليغادوا سوياً فوجده مازال يتطلع لها فدقشه برفق حتى لا يشعر "خالد" به_يلا هنتأخر..
كاد بالاعتراض ولكن تحاول من اللطف للقوة فنجح بأخراجه من الشقة ثم دفشه بغضب لداخل المصعد ليقف أمامه بغضب مميت _أيه اللي كان بيحصل جوا دا؟..
عدل من قميصه بعدم إهتمام_أيه اللي حصل؟.
صاح بصوتٍ كالرعد_متصعش عليا، عنيها منزلتش من عليك...
أجابه ببسمة غرور_وأيه الجديد ما دا العادي..
وقف أمامه كالوحش المميت ليرفع يديه أمام عيناه بتحذير_كله الا صاحبك يا "جان" فاهم كله الا الخيانة...
رمقه بنظرة سخرية_وهو ليه يخطب واحدة شمال وعينها زايغة..
_ملناش فيه دا إختياره هو.
قالها "ريان" بحدة ليسترسل حديثه بتحذير_والقرف اللي انت عايش فيه دا بعيد عن حياتك الشخصية وأصدقائك يا "جان"...
عاد من شروده على همس كلمات من ذكريات من حمل يوماً لقب الصديق، خانته الذكريات فلم يشعر بطلوع النهار وسطوع شمسها، فنهض ليستريح قليلاً بعدما قضى ليلاه مع وفود الحزن والأشتياق...
***********
بقصر الجوكر....
صف سيارته أمام الباب الداخلي له ثم هبط ليسرع للداخل، تنقلت عيناه بالأرجاء حتى وجد مبتغاه، وجده يجلس على الطاولة بملامحه الغامضة التي لا تفصح عن كناياتها بشيء، زارته فكرة حمقاء بأخافته حتى يشعر بأنه إسترد جزءاً مبسط مما حدث له على يديه أخر مرة، وبالفعل تسلل "آدم" ببطء لينفذ مخططه..
رغم شروده ببحور ماضيه العميقه ولكنه كالعادة يمتلك حث متقن لأتفه الحركات من حوله، رفع "آدم" يديه وكاد بأن ينفذ ما أملاه عليه عقله ولكن سرعان ما تعال صراخه حينما وجد ذاته معلقاً بالهواء على كف يد من أراد إخافته، أسرع "آدم" بالحديث_طيارتي بعد ساعه من دلوقتي لو عملت حاجة في وشي هيضيع عليا الحجز...
تطلع له "مراد" بنظرة مطولة والصمت يفترس ملامحه ليجذب يديه بخفة فيسقط "آدم" أرضاً كمن سقط من الطابق الخامس من أحدى البنيات، لفظ أنفاسه بصعوبة ونظراته مسلطة عليه بغضب، إنحنى الجوكر أرضاً قائلاً بشفقة على حاله _قولتلك متلعبش معايا عشان هتتعب...
سعل بشدة_لا عايز العب ولا اشوف خلقتك والحمد لله أني نازل مصر وأوعدك مش هتشوف وشي تاني..
جذب حاسوبه ليتابع عمله قائلاً دون النظر إليه_يفضل تلحق طيارتك بدل الاسطوانة البيئة بتاعتك دي..
رمقه بنظرة غيظ_أنا اللي غلطان اني جيت أودعك قبل ما أسافر.
تعالت ضحكات "مراد" بسخرية_مفيش وداع في لقاء وقرب أوي...
تطلع له باستغراب ثم قال بجدية_ناوي على أيه يا "مراد"؟...
أكتفي ببسمة بسيطة يرسمها بحرافية، مخيفة للغاية فتمتم "أدم" بخفوت_ربنا يستر...
************
صفف شعره بحرافية ثم ألقى على ذاته نظرة أخيرة برضا ليتوجه للأسفل، إبتسم "فارس" حينما وجدها تعد الطعام بذاتها فقال ببسمة هادئة_أيه دا كله...
أشارت له الجدة بفرحة _فطارك يا حبيبي...
جحظت عيناه بصدمة _كل دا ليه هتزغطي بط!، وبعدين مش أنا اللي كنت مسافر ركزي يا توتا، طلعي مهاراتك بالطبيخ للجاي من السفر..
تعالت ضحكاته بعدم تصديق ثم قالت بسخرية_لا مانا والطباخ جهزنا كل حاجة هو يوصل بالسلامة بس...
أشار لهابشرود _ وحشني أوي..
إبتسمت بحزن_هانت يا حبيبي.
إكتفي ببسمة مبسطة له فتوجه للخروج ليجد "سما" أمام عيناه، وقفت أمام الباب بترقب فما أن فتح حتى شبت بقدماها تتفحص القاعة من خلف "فارس" الذي يتطلع لها بخبث فقال بسخرية_مش موجود لسه رايح أجيبه..
إعتدلت بوقفتها بغضب وهي تعدل من نظاراتها على عيناها _هو مين؟..
لوي فمه بتهكم_لا بريئة البت ومظلومة..
رمقته بضيق لتصيح بغضب لا مثيل له _ لا بقولك أيه أقف معوج وإتكلم عدل دأنا أ...
قطعت كلماتها حينما سقطت نظاراتها فقالت بأستغراب_هي مالها ضلمت ليه؟!!...
ثم رفعت يديها تتفحص نظاراتها قائلة بصراخ_النضاررررة الحفني يابو الفوارس..
رمقها بنظرة ساخرة فأنحني ليجذبها من على الأرض ليصعها بيديها بسخرية_الله يكون في عونك ياخويا قطعت بحور وعوالم وأماكن لا حصى لها بحريمها اللي أيشي بشعر أصفر وعيون زرقة وطبشت في بسيوني كفة...
أشتعلت عيناها بجمرات الغضب فصاحت بسخرية_حوش أخوك الأبيض أبو عيون رمادي يالا ثم أني أساساً مش موافقة على الجوازة السودة دي.
تعالت ضحكاته ليقول بصعوبة بالحديث_هو فعلاً ابيض وعيونه رمادي يا بسيوني..
رمقته بغضب _أنت مالك ياخويا مسكت في الكلمة اوي كدا.
كبت ضحكاته بمكر _على رأيك..
ثم فعل مفتاح سيارته لتعلو صوتها فكاد بالمغادرة ولكن عاد ليقف أمامها مسرعاً _بقولك هي"منة" فين بكلمها من الصبح مش بترد؟...
أجابته بغضب_لسه نازلة الجامعة من شوية أما عن قلة ردها علي مكالمتك فأكيد من تصرفاتك الواطية، ماسك البت ملطشة تقولش ملهاش أهل يسألوا عليها ويسحلوك أرضاً...
رفع يديه على أذنيه بأزعاج فأسرع بالفرار من أمامها قائلاً بهمس_الله يكون في عونك ويقويك يارب...
وصعد لسيارته ليتوجه للمطار سريعاً ليكون بأستقبال أخيه ولكن ربما قدره سيوصمه برؤية شخص يبغضه بشدة!...
*************
سارت على الطريق بسيارتها لتتفاجأ بها تصدر صوتاً مخيف ينذر بعطلا بها، توقفت عن العمل فزفرت "منة" بغضب_لا مش وقتك بلييز عندي إختبار مهم..
لم تستجيب لها فخرجت لتبحث عن سيارة أجرة تستقلها للجامعة ولكن المنطقة التي تعطلت بها السيارة بمكانٍ راقي للغاية أغلبهم يمتلك سيارة لذا من الصعب الحصول على سيارة أجرة بمثل هذا الوقت البكر، وقفت لدقائق والغضب يخيم على وجهها فبحثت بحقيبتها عن الهاتف لتتحدث مع أخيها ليرسل لها سيارة خاصة، أستندت بالحقيبة على السيارة تبحث عن الهاتف بذهول لتردد بصدمة_مستحيل أكون نسيته!!...
زفرت بغضب _كملت...
أعادت محتويات الحقيبة بداخلها ثم وقفت تنتظر أي من سيارات الأجرة، تراجعت خطوة للخلف بأرتباك حينما توقفت سيارة غريبة الأطوار تقترب منها، تحكمت بأعصابها بأقصى درجة وخاصة حينما هبط منها ثلاثة شباب ليقترب منها أحدهما قائلاً بسخرية_واقفة كدليه يا حلوة..
تراجعت للخلف برعب ليقترب منها الأخر بنبرة مقززة وهو يرمقها بنظرات متفحصة_لو العربية عطلت أحنا موجودين أقصد عربيتنا موجودة...
أزدردت ريقها الجاف بصعوبة _لو سمحتم سيبوني في حالي وإتفضلوا انا مطلبتش مساعدتكم..
جذبها الشاب بعنف _صوتك بيعلي ليه بس...
حاولت تحرير ذاتها قائلة بغضب _أنت مجنون! نزل إيدك...
شدد من جذبها للسيارة بعدم مبالاة_تعال إركبي معانا وأحنا هنريحك على الأخر وهنوصلك مكان ما تحبي.
صرخت بجنون _أركب معاك فيين سيبني يا حيوااان...
على الطرف الآخر، كان "مروان" يقود سيارته متوجهاً لجامعته هو الأخر إلى أن لمحها تقف أمام ثلاثة شباب ويبدو عليها الضجر، إقترب بسيارته لتتضح له الرؤيا ليجدهم يجذبوها عنوة لسيارتهم فغلت الدماء بعروقه حتى كاد بالأنصهار، نعم فهو يتعمد إشعال النيران بغيرة "فارس" عليها ولكنها إبنة خاله بنهاية الأمر فدمائه تزاورها دماء عائلة "زيدان"!...
صاحت بصراخ وهم يحاولون إدخالها السيارة_سيبني بقولك...
وجذبت يدها من بين يديه ثم كادت بالركض ليجذبها الأخر بقوة أسقطتها على مقدمة سيارتهم لتجرح جبهتها فتألمت بضعف، ثم جذبها الأخر ليوي على وجهها بالصفات ولكن شُلت يديه حينما سارت أسيرة بين يد "مروان"؛ فرفع قدميه ليهوي على وجهه بلكمات مميتة جعلت الدماء تنسدل من فمه فأسرع الأخر بالتدخل ليلقي مصيره هو الأخر أما الأخير فهرب خوفاً حينما رأي أمامه زفاف للموت يوصمه "مروان" بيديه...
لم تستوعب ما كان سيحدث لها، فجلست أرضاً تستند على باب سيارتها بألم وصوت بكائها يغزو بلا توقف، أسرع إليها فأنحني لمستواها بقلق _أنتِ كويسة؟..
أشارت له بضعف فأجابها بهدوء _متخافيش محدش هيعملك حاجة...
ثم قال بعد رؤية حالتها _ تعالى هرجعك القصر..
أجابته بصوت مرتجف ودموع لا حصى لها _عندي Test...
أشار لها بتفهم _طب تعالى أوصلك للجامعه..
إنصاعت له فنهضت لتتوجه لسيارته ليجذب حقيبتها ويلحق بها، على مسافة قريبة منهما توجه "فارس" للمطار ليقف على بعداً منهم فصعق محله حينما رأها تقف معه وما زاد لهيب غيرته حينما وجدها تصعد لسيارته التي تحركت بالفعل ، تغلغلت الدماء من عروقه فشعر بأنه سيقتلها بالحال، تتبع السيارة بسرعة قصوى حتى يسبقهم وبالفعل أجتاز الطريق ببراعة ليسد عليهم مطافهم، صرخت "منة" بفزع على أثر توقف "مروان" المفاجأ، تطلعت للسيارة التي تسد طريقهم فقالت بخوف_"فارس"!...
إستمع" مروان" لكلمتها فأبتسم بمكر على الصدف التي تخدمه دون مجهوداً منه، إندفع من سيارته إليهم كأنذار الهلاك، فتح باب سيارتها ليجذبها بقوة صرخت ألماً على أثرها، هبط" مروان" هو الآخر ليستند بجسده على باب سيارته ببرود زاد من غضب الأخر فقال بغضب لمن تقف بين يديه بخوف_بتستغفليني أنا؟!!...
تطلعت له بصدمة فكادت بالحديث ليجذبها بعنف_مش عايز أسمع صوتك دا فاهمه...
ثم دفشها بقوة كبيرة _قدامي....
تحكمت بقدماها حتى لا تسقط أرضاً فقوقفت أمامه بصدمة، سحبت يدها قائلة بخوف مما سيحدث لها أن ذهبت معه وهو بتلك الحالة _مش همشي معاك... "مروان" هيوصلني الجامعة عشان عندي إختبار...
دقت ناقوس الحرب بذاتها فأذا به يهوى على وجهها بصفعة جعلتها تتخشب محلها من هول الصدمة، تعلم بأنه يغار حد الموت ولكن ليس حد إهانتها!!، رفع يديه عليها فكيف ستحتمل تلك الأهانة، أوصم يديه حول معصمها ليجذبها لسيارته عنوة ثم توجه للباب الأخر بعدما رمقه بنظرة شبيهة باللعين، تحرك بها والغضب يشتعل بمقلتيه لتصرخ به بجنون _نزلني هناا....
لم ينصاع لها وأكمل طريقه بثبات فأحجبها الغضب لتفتح باب السيارة فكادت بأن تلقى بذاتها منها لينصاع لها سريعاً ويوقفها، خرجت من السيارة لتوقف سيارة الأجرة التي إستجابت لها على الفور بعدما أصبحت على الطريق العام، كادت بالصعود ليجذبها لتقف أمام لهيب عيناه_فاكراني هسيبك بالسهولة دي تبقي بتحلمي...
رفعت عيناها المتوهجة بالدموع ليرى ما بوجهها، تألم القلب فخرج صوتها المتقطع بالدموع_خلاص مبقاش في شيء يجمعنا من اللحظة اللي مديت ايدك عليا...
وتركته يغلي غضباً مما فعلته وغادرت...
***************
توجهت لتفتح الباب بعدما على الدق عليه لتجده يقف أمامها بطالته الجذابة، مستنداً بذراعيه المفتولين على حافة الباب ليقول ببسمة مهلكة_صباح الخير..
أجابته "سارة" ببسمة هادئة _صباح الخير يا أستاذ "ريان".....
إعتدل بوقفته ببسمته الثابته_أنا قولت أكيد مصر وحشتك بعد الغربة دي فلو تحبي تخرجي معايا أوديكي الأماكن اللي تحبيها..
أجابته ببسمة خجل _عطلت نفسك عشان تخرجني؟!
إكتفي ببسمة هيام بها قائلاً بصوته الرجولي العميق _هنتظرك بعربيتي..
أشارت له بأعجاب فحقاً هذا الشاب يثير إهتمامها حتى أنه فضل الجلوس بالأسفل حتى تأخذ حريتها...
***********.
أمام غرفة "نغم"، مسدت "ريم" على باب الغرفة التي تحوى شقيقتها قائلة ببكاء_متخافيش يا "نغم"... أجابتها من خلف الباب بأنكسار _هيقتل "يوسف" يا "ريم"....
صرخت بصدمة _مش...
خلف الغضب عيناها حينما إقترب منها، فبكت من بالخارج على ما يحدث لها.
***********
بمنزل "يوسف"
أغلق الهاتف بشرود فبعدما حدث بالأمس وهو يحاول التواصل معها ولكن يستمع لسالة واحدة بأن هاتفها خارج الخدمة، تذكر كلمات "رحيم" الغامضة عن زيارته فخشي أن يكون في جعبته شيئاً خبيث لذا أثار الصمت ولم يخبر شقيقته حتى لا تقلق عليه أو تصمم الذهاب معه مساءاً...
أما على مكتب الأسطورة، ولج "عثمان" ليقف أمامه فقال "رحيم" وعيناه مغلقة بعدما تمدد على مقعده _سامعك...
كانت إشارة له بأن يبدأ بالحديث فقال بهدوء_من عيلة بسيطة جداً وعنده أخت واحدة هو اللي بيصرف عليها ، بيشتغل في ورشة خشب والمعروف عنه النزاهة والسيرة الحسنة وأ..
قطعه بأشارة يديه بالخروج فقال بوقار _تحت أمرك يا باشا...
وغادر على الفور لتلمع عين الأسطورة بهلاك لا مثيل له بعدما علم بأن من يمتلكه هي شقيقة واحدة إذن تمسك بنقطة ضعفه بين يديه لا يعلم بأنها نقطة ضعف ولكن للاسطورة بعينه لا يعلم بأنها من سكنت القلب ودفنت بسكنان الروح...
************
عادت من الجامعة ترتجف خوفاً بعدما توصل إليها أحد أبناء عمها ليقدم لها أوراق الملكية بمحاولة لأقناعها بالتوقيع، فعلوا ذلك بأول خروج لها من القصر لتعلم بأنهم يتمكنون من الوصول إليها حتى وإن كانت بالجحيم، جذبت الملفات من حقيبتها ثم هوت للأسفل بأرتباك لرؤية زوجها المزعوم، وقفت أمام باب مكتبه بتوتر حسمته أخيرًا؛ فولجت للداخل بقدماً تقدم خطوة وتأخر ثلاث ؛ فكيف ستخبره بما تحمله بين يديها ! ....
دخاناً متصاعد من خلف المقعد الأسود العملاق ، كثافته صنعت ظلام حالك ورائحة تكبت الأنفاس ، إستدار بمقعده ليجد من تقف أمامه ، تأملها بذهول لبعض الوقت فلم يعلم من تكون ؟ ، لتسرى بسمة سخرية على وجهه حينما تذكر بأنها الزوجة المصون ! ...
زفر براحة فكم كان يود اللقاء بها ليريها جحيمه التى رحبت به بصدرها الرحب لتعلم مع من وقعت تلك الحمقاء ؟ ، ظن والداها بأنه يضعها بأيدي أمينة ولكنه لا يعلم لعنة الجوكر كيف تكون ؟!، وجه مستدير بملامح رقيقة للغاية ، فستانها يتأرجح بفعل هواء الشرفة التى تقف بالمقابل له ، حجاباً موصوم بحرافية فجعلها كالملكة بين بلاد الغرب التى تعيش به ورغم ذلك تمسكت به ! ، عينان غامضتان له لما ترتديه من نظارات طبية تبدي لونهما ! ...
وقفت تتطلع له بأرتباك وخاصة بعد أن أستدار بمقعده له ، علمت من والدها بأنه سيضعها بقبضة رجل كتلة من القسوة وجحيم من الكبرياء ولكنه بنهاية الأمر القادر على حمايتها ممن يريدون فتك أعز ما تملك ! ، رفعت عيناها تتأمله بدهشة فكانت تظن أن الجوكر المزعوم رجل بالعقد الرابع من عمرها ، نهض عن مقعده بنظراته الحادة وجسده الممشق بحرافية تناسب تدريباته العنيفة ، إقترب بخطواته المميتة ليقف على بعد خطوات منها ، النظر إليه أشبه بالتطلع إلي النيران فشعرت بأشتعال وجهها ! ، لا تعلم خوفاً منه أم ماذا ؟! ..
جذب إنتباهها صورة صغيرة موضوعه على طرف المكتب تحوى رجلاً كبيراً بالعمر ومعه الشاب الذي يقف أمامها ، فعلمت بأن الرجل الكهل هو زوجها بالفعل فمن الممكن أن يكون إبنه ؟ ...
_لسه فى حاجه تانية حابة تشوفيها ؟ ..
قالها بلهجة حادة فتملكها الأرتباك مسرعة بالحديث _أنا أسفة ..
ثم أستقامت بوقفتها قائلة بخوف لا تعلم سره فربما لو علمت بأنه المعتاد أمام الجوكر لأعتادت على الأمر
_أنا هنا من أسبوعين تقريباً ومشفتش زوج....
بترت كلماتها بألم لتجاهد بالحديث مجدداً _أنا كنت عايزة أقابله ومش عارفة أشوفه فين وأزاي ؟ ...فلو ممكن تساعدني لأن فى موضوع مهم محتاجاه فيه ..
ضيق عيناه بعدم فهم فأشارت على الصورة التى تجاوره بخجل من نظراته _لو ممكن تديني رقم تلفونه ..
علم بما تظنه تلك الضئيلة فلمعت عيناه ولأول مرة بلمحة المشاكسة لا يعلم بأنها من ستتسلل لمعتقل الجوكر لتخرج قلبه للنور ! ..
تأملها بنظراته الحادة قائلاً بهدوء _تلفون مين ؟ ...
وضعت عيناها أرضاً تجاهد بخروج تلك الكلمة اللعينه بالنسبة لها _زوجي ...
بقى يتأملها بقناعه القاسي ،قلبه يحارب عاصفة قوية على أعذوبة هذا الصوت الرقيق ، خجلها المبالغ به لمس أوتار قلبه بتعمد ! ...
قطع ما به ولوج مدبرة القصر بقهوته المفضلة فتصنمت برعب حينما وجدتها بغرفة مكتبه فكان قد حذرها من السماح لها بالهبوط وها هى تقف أمامه وبغرفته المحظورة للجميع !! ..
إبتلعت ريقها برعب فأفاقت على صوته المتزن بالغموض _أديها رقم الجوكر ..
تطلعت له بذهول ولكنها إنسابت أمام مطلبه ، جذبت الورقة وقدمتها للفتاة التى تناولتها بأرتباك ..
أشار لها بأن تحضر الهاتف ففعلت ثم تطلع لباب الغرفة فغادرت على الفور ، إبتسمت "حنين" بأمتنان _شكراً ..
وكادت بالصعود فأشار له بهدوء _هنا أفضل .. ..
توقفت عن الخطى ثم توجهت للهاتف بأرتباك فقد تسلل لها بتأملها للصورة بأنه إبن زوجها ! ...
وضعت يديها على الأرقام بأرتجاف فلم تعلم بما ستخبره أو ماذا ستقول ؟ ..أنا زوجتك التى تزوجت بها ثم تركتها ! . أما أنا زوجتك التى أن رأيتك مرة لن تستطيع التعرف إليك ! ..
ربع يديه أمام صدره العريض ثم أستند على مكتبه بهدوء ، يتأملها بعيناه الممزوجة بالحدة وشعاع غامض من القادم ، وضعت السماعه على أذنيها ليسود الغرفة رنين هاتف ، تطلعت له بذهول وخاصة بعد أن رأت الهاتف ينير خلفه ..
تأمل تعبيرات وجهها بأهتمام ثم قال بسخرية _باباكِ قالك أن "مراد زيدان" عنده 56 سنه ! ...
جف حلقها من شدة ما تعرضت إليه ، شعور قوي ما بين السعادة بكونه شاباً صغير وما بين الرعب من نظرة عيناه !! ، رجفة فأرتباك فتوتر لم تعد تشعر بما يصيبها ..
تفحصها "مراد" بتسلية ثم عاد لحدته _وأيه الشيء المهم اللي عايزاني فيه ؟ ..
تطلعت له بفماً يكاد يصل للارض فأخرجت بعض الورق المطوي من جيب فستانها بأرتباك ، وقفت أمامه بهما فرفع يديه ومازال ثابتٍ بمحله لتقلص هى المسافة الصغيرة وتقدمها له، تحولت ملامحه لغضبٍ جعلها تود بالركض سريعاً فأن كانت ملامح وجهه بهذا التعبير كيف سيكون تصرفه ؟! ...فربما كان إختيار والدها الأنسب لها... هو المنشود ...
ألقي بالورق على مكتبه قائلاً بعد وقتٍ من الصمت _الورق دا وصلك أزاي ؟ ..
أجابته بأرتباك _معرفش فى حد أدهولي فى الجامعة ..
صاح بصوتٍ كالسهام _والحرس كانوا فين ؟ .
أرتعبت من لهجته وخاصة من نظرة الوعيد بعيناه ، أشار لها بحدة _روحي أنتِ أنا حسابي معاهم بعدين وياريت تلتزمي بالتعليمات ...حدودك متتعداش الدور دا ..
أشارت له برعب ثم أسرعت بخطوات سريعه لتلتقط أنفاسها براحة كمن كانت بلقاء وحشاً ما وكتب لها النجاة أما الجوكر فأطبق على معصمه بوعيد فمن يجرا على فعل ذلك بمن هو تحت حمايته ! . وبالأخص بمن أصبحت زوجته ! ....
... من هنا تبدأ أحداث فريدة من نوعها برحلة عشق كلا من الجوكر والاسطورة، أشد الأعداء وأقربهما بالصلة في صراع سيحتم عليهما التنازل عن العداء ليكونوا حلفاً واحد فكيف ستكون الأمور ؟! ..
لقاء_الشياطين...
رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني من هنا
