رواية أنه أبي الفضل الثالث3 بقلم مريم السيد

رواية أنه أبي الفضل الثالث3 بقلم مريم السيد

𐙚رِسـالة لـ حبيبي الخفي 𐙚
حَـبيبي الأعز، مرحبًا بكَ، ربّما ستقرأ يومًا ما أحرفي وكتاباتي، وربما ستنبهر بتفكير الفتاة العاقلة الناضجة، وربما ستمدح بي سرًّا وتظل تهمس بين نفسك "يا له من محظوظ في حياته هذه الفتاة" ورغم غبائك حبيبي لكنّك أنتَ حبيبي الحظ، أنتَ من أريد اخبر العالم بأكلمه عن رحلتي الفردية بالبحث عن رجلاً غريبًا لكنّه يشبهني ويختلف عنّي في بعض الأحيان!

           ᰔ                     ᰔ                   ᰔ

كَان الهـواء باردًا، يزيحَ الثقل من على فؤادي، ربّما ليواسيه قليلاً، ويهدأ التفكير الذي بداخل عقلي، ربّما لنسيان ما حد منذُ  ثلاث أسابيع… 
«رجوع للحدث» 
-أ.. أنتَ بتقول إيه؟ بتحب مين؟ وإزاي يا آدم؟ 
عندما كان يقترب مني ليهدأ علامات الصدمة من عليّ، إبتعدت غاضبة منه قائلة: 
-أنتَ شايف بتقول إيه؟ ولا أنتَ واعي بتقولي إيه وأنتَ حياتك رابطها مع مين؟ 
اومأ رأسه بنفي قائلا: 
-مش مهم، مش عاوز حاجة غير بنتي يا مريم، مش عاوز غيرك! 
ضحكت بـ سخرية: 
-دلوقتي إتأكدت فعلاً إنك أناني، أنا مش عاوزه حبك ده يا آدم، وعمري ما هقبل على نفسي ولا على قلبي أكـون البنت التانيه إللي في حياتك! 
«عودة للحاضر» 
أيعقل يا قلبي بعد كل هذا يعود حاملاً بأسره جديده، ويطالب بحبي لهُ! 
ما أقساه حينَ قالوا عن الحُـب: 
  " أحـببتَ فؤادك، وهو أحبّني، ولكَن فؤادك لفـؤادي ليسَ وحدهُ "
-"إزيك يا مريوم، طمنيني وحشتيني أوي يا حبيبي، حقك عليا كنت في الشغل النهارده طول اليوم، ولما رجعت لقيتك متصلة بيا، هغير وأكلمك يا مريومي"

حينما وجدتّ إحدى الأشعارات منها، سادتني الفرحة والسعادة، أرسلت لها قائلة: 
-"خلصي وكلميني فيديو كول عاوزه اشوفك وحشتيني "
رُبما عاندتني الدنيا ووضعتني في الكثير من الإختبارات، وربّما أخذت أعز ما أملك، وربما سلبت مني الأمان والطمأنينه، ربما أخذت نفسي القديمه وتاهت منّي، ربّما الدنيا ماذالت قاسية حتّى الآن ولم تجلبلي نفسي القديمه… 
ولكن هناك دائمًا وأبدا شيئّا يختئ لكَ في كُل مكان، حينما قابلتها كنتَ صغيره، وعندما تركتني كنتَ أيضًا صغيرة، لكنّها مازالت معي ولم تتركني بعد، نتحدث كثيرا ونبادل الدردشات كثيرًا، صديقتي العزيزة الغالية، يا من سميتها "مَـلجئي" وهي حقًا ملجئي في كل مكان وأي مكان، وفي كل أوقاتي وأي وقت، صادفت وقابلت الكثير، لكنها دائما ما تخبرني إنني "أنا" الوحيدة التي لها وهي لي. 𐙚

-لا بجد ده بجح يعني متجوز ، وهيبقى أب وبيقولك أنا بحبك! 
أكملت بنبرة سخرية: 
-بصي الحل الوحيد إنك تقربي مني علشان يجيبك القاهره وبعدها تكرفيله وتجيلي. 
لانت مشاعرها وقالت بشوق: 
-وحشتيني أوي يا مريم، مش عارفة أتقبل لحد دلوقتي إننا مش عارفين نتقابل، بعيدا عن إتصالاتنا الدايمه بس ده مش كافي لحبك وحبي ليكي، مش كافي إني أحكيلك حاجات كتيره عاوزه أعملها وأشاركها معاكي، مش كافي تلجئي ليا على التليفون ولا كافي ألجئلك على التليفون. 
أكملت بنبرة حزينة: 
-الصداقة اللي بينا كبيرة أوي على إنها تبقى مجرد إتصال ومسج، وجودك جمبي بيهون كتير ووجودي جمبك بيهون بردوا، بس تخيلي لو كنا جمب بعض، هيبقى حضني وطبطبتي هو ملجئك وملجئي. 
-نفسي أوي أشوفك يا نور، بس وعد مني أخلص الكليه وأبقى في تالته كليه هكون عندك، يارب الدنيا تهون عليا وعليكي وتصبرنا على اللقاء إللي بين بعض. 

إنتهى حديثنا من حيث الشوق بيننا، بيننا الكثير والكثير مجرد ذكريات بيننا عندما كنا صغار، كنّا نتقابل وقت الليل قبل حلول المنتصف، نلعب حتى نلهث ونريد بعض الراحة، ونحزن حين يأمرون الكُباࢪ بأن نأخذ راحه ونتقابل غدًا، منذ كنا صغار وحبنا لبعضنا تجاوز الأخوة والصداقة.. 

الذي بين صديقتي العزيزة وبيني "هي كالجنة والمُـسلم الصالح" 
والفراق بيننا "كـ خـوف المؤمن، بعدم وصولة لجنتهِ" 

كانت الأيام تقسوا عليهِ وتندمه على أيامهِ وسنواته بدونها، كيفَ تجرأ على العيش بدون طفلته وصغيرته الذي رباها وأخبرها بأنه سيكون داعمها، الآن هي كبرت لكن بدونه، أصبحت جافة دون حبًّا لهُ، تراهُ كالغريب، وتعاملهُ كالقريب، ليسَ كأبٍ لها، وليس كحبيبٍ أحبّها. 
أخذَ يلتقط أنفاسه، لقد أشتاق جسده وحواسه لها، لطفلته الصغيره، الذي كان سيكتفي بها، وبعيناها وروحها، وفؤادها له وفؤاده لها، الآن طفلته وصغيرته تتحداه، تريد الزواج من الآخر،يؤلمه كونها كبرت ولم تراه ولم يراها، يؤلمه كونه لمسَ امرأه أخرى وكان يريد أن تكون هي الزوجة والابنة والحبيبة الأولى. 
قاطع شروده عن حبيبته بدلوف الأخرى، الذي سئمَ من وجودها، وسئمَ من العمل مع والده والشراكه بين العائلتين، تظاهر بالود وقال: 
-مرحبًا عزيزتي لما صعدتي باكرًا، هل أزعجك أحد ما؟ 
نفت قوله وقالت بشوق: 
-أنا فقط أشتقت لزوجي الذي أهملني حينما آتى لعائلته! 
أبتسمَ بتصنع وقال: 
-أعذريني عزيزتي، ففي النهاية إنهم عائلتي. 
أبتسمت بودٍّ لهُ ثمّ أردفت بتصنع:
-مـاذا عن الطفل الذي بداخلي ألم تشتاق له حتّى! 
فجأه قهقهَ ضاحكًا، تحت نظراتها المتفاجئة، بعدما صمت، نظرَ لها بخبث قائلاً: 
-على إعتقادك بإنني غبي لـ لعبتك السخيفة هذه، وإنّك أردتي مضايقة أحدهم هُنا! 
تظاهرت بعدم الفهم فأكملَ هو قائلاً بسخرية: 
-لا أنكر تمام يكاد أن يحدث حمل للذي بيننا،لكنّي أضع لكِ بعض الأدويه لمنع حدوث ذلك، فـ أنتِ تعلمين زواجنا هذا ليس لتأسيس عائلة يا آرابيلا! 
نظرتْ له باشمئزاز، لأسباب كثيرة، لمحاولة جذب حبه لها، ولكشف كذبتها، ولإستمراره الدائم تذكيرها على مصدر زواجهم، فهي أرادت التخلص من زواج برجل آخر ضعف عمرها، وهو تزوج لإتمام صفقة والده. 

           ᰔ                     ᰔ                   ᰔ

كَـانت تقفُ على شرفة غرفتها، تتأمل البلدة الصغيرة، التي هاجَرتها منذ صغرها، كانتْ على أملٍ تلتلقي بحبيب طفولتها، على أملٍ أن تجدهُ كما، ليس بزوجٍ وأبٍٍّ لطفل صغير. 
أخذت بنفسٍ عميق، وكإنها كانت في بحرٍ غارقةٍ به، كلما حاولت الصمود تجد أمواج البحر تغرقها من جديد، من حبٍّ قديم هاجرتهُ، ومن طفولةٍ بذكرياتها تركتها. 
-جنى حبيبتي أنتِ كويسه؟ 
التفت لمصدر الصوت الذي أتى من باب الغرفه، من والدتها العزيزه، دلفت والدتها الى الشرفة وهي تربت على كتف أبنتها قائله: 
-بقالك يومين ساكته ومش بتتكلمي، مالك يا حبيبتي؟ 
اومأت رأسها بنفي وأبتسمت بحب: 
-مفيش حاجة يا حبيبة قلبي، أنا بس كنت مستغربه الأجواء، ومستغربه مريم وآدم، مستغربه كل حاجه، بس عادي. 
ابتسمت لها: 
-مستغربه كل ده، وتقوليلى عادي يا جنى؟ 
أكملت بجدية: 
-بالنسبة للأجواء؛ لإنك متربتيش هنا، وبالنسبه لمريم اعذريها مستقبلتكيش زي ما كنتِ متخيله، وبالنسبه لآدم، فأنا زيك مبقتش فاهمه علاقته بمريم متردده وبمراته غريبه. 
ربتت على شعرها بحنان قائلة: 
-كله هيعدي يا حبيبتي، وكلها فترة ونمشي من هنا، بس لازم نبقى مع مريم، علشان جدك مش ناويها على خير. 
اومأت رأسها بإيجاب، وتفهمت أوضاع القصه وبما يدور من حولها. 

                   𐙚       𐙚      𐙚     𐙚

كانَ جالسًا على مكتبهِ بضيق عن ما يحدث، يسب بداخله عن إبن ولدهِ الذي ظهر فجأةً ودمر كل ما يخطط لهُ، لا يريد أن يعلن إفلاسه فخطط بزواج حفيدتهِ لرجل في سنّه، ولكن ما حدث لم يكن من حسبانه. 
فاق من شروده، وعبسَ عندما علمَ من كان يطرق، كان يريد تجاهل من يطرق لكنه استسلم للأمر وسمح لهُ بالدخول، من الطرف الآخر دلفَ هو بغرور جلسَ على الكرسي الأمامي لجدّه دونَ أن يسمع رد السماح من جده بالجلوس، حمحمَ للحديث وقال بجدية: 
-أنا جاي أعمل معاك صفقه تقريبا هتنفعك! 
نظرَ له بعدم فهم فأكملَ آدم برسميه: 
-أنا عارف أنك قربت تفلس أنتَ وعمي وولاده، وعارف كمان إنه البضاعه اللي كنت بتوردها نصها فستك وباظت، وعلشان أنا حفيد أصيل قررت أساعدك، بس مش مساعده انسانيه، زي ما هساعدك هيبقى عندي شرط. 
نظرَ له الجد بتعجب عن ما يتحدث بهِ "آدم"، فهو يعلم كل شئ وأي شئ، عقّب الجد على حديثه قائلاً: 
-وأي هي شروطك يا إبن المدينه؟ 
ضحكَ آدم بسخريه على حديثه وسخريته على نشأته في القاهره، فأضاف آدم برسميه: 
-مريم. 
-مالها؟ 
-لو عرفت إنك بتبيعها لأي راجل تاني، في ثانيه هفلسك أنتَ وعمي، ومش هتردد كمان أمحي وجودكم! 
نهضَ الجد بغضب وهو يضرب بيديه على مكتبهِ قائلا: 
-أنتَ أتجننت يا آدم؟ 
زادت نبرة الآخر مثلهِ وكأنهم ثيران لا يمكن لأحد ما التدخل بينهما: 
-لو على الجنان فأنت مشوفتش أي جنان مني… 
نهض من كرسيه وأقتربَ من جده الواقف أمامه مصدومًا، همسَ لهُ بتحدي: 
-فكر في كلامي كويس. 
أكملَ بنبرة متحدية: 
-أنا بجح ومبفهمش في الأصول يا كبير البلد، وأعتقدي كلامي وصلك لو لمحت بس راجل أقترح عليك! 

لم يترك لهُ مجالٍ للحديث، تركهُ ورحل بينَ غضبهِ وتوترهِ وقلقهِ من حديث حفيده، هذا ليس بحفيد، إنه بعدو، يريد أن ينتقم لأجل صغيرته، يريد تعويضها وأخذها معه في أي مكان. 

عندما خرج وجد الجميع ينظرون لهُ بفضول، يريدون معرفة عما كانت تدور الحرب بالداخل ولأجل من؟ ولماذا؟ 
عندما وقعَ نظرهُ عليها، كانت تقفُ كالجامده باردة المشاعر، ولكن بداخلها كانت خائفه، همسَ بأسمها يكاد يصل لأذين الجميع: 
-مريم عاوزك! 

كما أخبرتكم، يستطيع أن يسيطر علي كاملاً، لا أستطيع المقاومه، لمجرد ذكر أسمي، تخليت عن مبادئي وعن كرهي لوجوده، لإنني كاذبه، ماذلت أحبه، ماذلت أهواه، ماذلت أرغب بوجوده هنا وهناك وفي أي مكان. 

كانَ صامتًا لا يتحدث، كانَ نسيم الهواء ثالثنا، نظرتَ ليديه المرتجفه، كانت ترتجف وهو يقاوم منعها، لم أشعر سوى بيديه الذي لمستني ثمّ همسَ قائل: 
-خليكي هنا المرادي. 
تركت يدي، ليسَ لحاجتهُ لي، وليسَ لرجفة يديه، بل لدفء يدي، وشعورها بالأمان، الراحة، السكينه. 
-مراتك هنا مينفعش! 
كانَ ينظر أمامهُ، شاردًا، لا يهتم بالذي أعينهم علينا وفضولهم يقتلهم. 
-مـش عاوز حاجة غيرك. 

"الحُب رائعًا، ولكنّه بقاسيًا، يحتوي اليوم، ويكسرك غدًا"

أردفتْ كلماتها بغضب أمامه قائله: 
-هذا كثير جدًّا يا آدم، من وسط الجميع تناديها وتجلس معها بالخارج، وليس هذا فقط، بل أيضًا مسكت يديها. 
أكملت بسخرية قائلة: 
-كان ناقصًا، أن تأخذها بين ضلوعك. 
كانت تثرثر، وصوتها يرتفع، فجأة عمّ الهدوء بسبب إلقاءة بالمزهرية على الأرض بغضب: 
-كفى! 
تركها ورحل، على أملٍ  يهدأ قليلاً، سئمَ من هذه الدنيا بدونها، إنها كل شئ بالنسبه لهُ، يريد طفلته حبيبته، ورفيقة أيامه وذكرياته، يريد بقية عمره معها بجانبها. 

𐙚رسـالة لـحبيبي الخـفي. 𐙚

"حبيبي الأعز، أتمنى لكَ يومًا جميلاً ويومًا لطيفا كعيناك، أريد أن أبوحَ لك‌ ببعض الأعترافات، حياتي بائسه، كالبحرُ الميت، عادمي الأسماك والبرمئيات، وكموجَ البحر كلما نهضتُّ للقرب يدلفني للخارج على الشاطئ، حياتي تائه كالمتاهة التي يصعب الفوز بها، وكالبلدة الصغيرة لكن أسرارها كثيرة، يا ليتني لو عدتُّ يومًا وعادت ذكرياتنا معًا، أي ذكرى؟ ذكرى طيفكَ الذي يطوف حولي في كل ركن وكل مكان" 

-وأنتِ بقيتي بجحه أوي يا مريم! 
أأردفت بها وهي تنظر لي بخبث، بادلتها نفس النظره وقلت بغرور: 
-هو للدرجة دي بجاحتي وجعاكي أوي يا أمل؟ 
ضحكت بسخرية فقطعت سخريتها بسخرية قائله: 
-أهو الضحكه دي بقى تثبتلي إنّه من صغري حرقاكي اوي يا أمولتي! 
أقتربت منّي، شعري بداخل الشال بين يديها، صرختُ بألمُ بعدما أبعدتها عنّي وركلتها في معدتها وتظاهرت بالخسارة أمامه حينما دلفَ مهرولاً لمكتب الجد، حينما وقفَ متعجبًّا، هرولت تجاهه تحت نظرات الجميع لي ولها، أحتضنته كالطفله... 
لا أعلمُ حينها من كان ينظر، ولا أعلمُ أيضًا لماذا شعوري بالتظاهر أختفى وشعرتُ حقًّا أريد حمايته لي. 

كانت يديه ترتب الوشاح الذي يغطي رأسي وهو يوقفني خلفهُ قائلاً بجدية: 
-مش هاممني مين غلطان فيكم، إللي يهمني دلوقتي إتجرأتي إزاي تقربي منها؟ 
نَظَرَتْ لهُ بغل، ثم أضافت على حديثه قائلا: 
-وأنتَ دلوقتي هتبقى الهيرو ليها ولا إيه يا آدم؟ 
نظرَ لها بتوعد ثمَ أشاح ببصره نحو جدّه الذي يتابع في صمت قائلاً بنفاذ صبر: 
-تقريبا أنا قلتلك اللي فيها.. 
ثمّ أكملَ بسخرية: 
-غدًا سيعلن إفلاسكم جميعا. 
أمسك بيدي، وقبل دلوفه للخارج همس لجدّهِ قائلاً: 
-كده ليا حقين، حق والدي إللي طردته لما قالك شغله جه في القاهره، والحق الأكبر منه، إنك مجيتش عليا، أنتَ جيت ودوست على كل اللي ليا وإللي ضفرها بيكم كلكم! 
دلفَ بي إلى مرسم بالأسفل، أدخلني وأغلقَ الباب خلفهُ، نظر لي بغضب قائلاً: 
-هتفضلي متاخديش حقك لحد إمتى؟ 
كنت صامته، لا اعلم سبب غضبه، تجرأت للحديث فقاطعني قائلاً: 
-أأنا عارف أستفزيتيها بكلامك، بس ده مش حل للدفاع! 
نظرت لهُ بعدم فهم فأكمل: 
-أنا هاخدك القاهره! 
-بس أنا مش موافقه! 
-بس أنتِ بتحبي القاهره يا مريم إشمعنا دلوقتي لأ؟ 
شِحت بنظري بعيد عنهُ وقلت بعبوس طفولي: 
-دلوقتي مبقتش أحبها. 
فاجئني وهو يقهقه، نظرتُ له بضيق فرفع يديه كإستسلام برئ: 
-أسف! 
تظاهرت بالغرور: 
-قبلت إعتذارك! 
إبتسمَ على ردّي ثمّ أضاف على حديثه بنبرة حنونة: 
-لأجلي تعالي معايا، القاهره فيها حاجات كتيره أوي بتحبيها تقدري تعمليها بدون قيود يا مريم! 
-بس. 
قاطعني قائلاً: 
-مفيش بس! 
أنتِ هتيجي معايا، وكل إللي يخطر في بالك، هنوله ليكي! 
-أنتَ متجوز مش هينفع وجودي معاك! 
تصادمت بالحائط بقربه منّي قائلاً بهمس: 
-عينيا وقلبي مش عاوز غيرك! 
كنت تائهه بين عيناه، بين حديثه، ورموشه، همسه، بين كل شئ يملكه، وفي حينَ الآخر، كان شعور آخر يحبطني بداخلي، إنه وهم، مأذق، خوف، قلق، على الرحيل، البعد، ليس لي، وليسَ لهُ. 
أبتعدت عنهُ، وقبل خروجي قُلت: 
-مينفعش يا آدم نرجع لحاجة آذتنا للمره التانيه! 

كان واقفًا ينظر لأثرها، تركته خائب الأمل، وحيد، كانَ يريد إيقافها، يريد ضمها، إحتواء ألمها، لعلّ يصلح ما أفسده بداخل طفلته، كان يصرخ بالداخل، وكأنّ فؤاده شُقّ شقين، شق يصرخ بحبيبه، والآخر يتألم عن طفلته! 

-أنا كُنت جاي أقولك إني عاوز أتجوز مريم! 

تعليقات



<>